221
1
رسالة في الأدوية القلبية
2
من تأليف الشيخ الرئيس ابي علي الحسين بن عبد الله بن سينا
3
بِسم الله الرحمن الرحيم
4
«ربّ سهل وتمّم»
5
الحمد لله رب العالمين، وصلواته على أنبيائه الطيبين الطاهرين.
6
كتب الشيخ الرئيس، أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا، إلى الشريف السعيد
7
أبي الحسين بن علي بن الحسين الحسيني، رضي الله عنه:
8
ورد عليّ أمر السيد أن أجمع لمجلسه مقالة تشتمل على احكام الأدوية القلبية،
9
اتحرّى فيها الاختصار. فتلقيته بالطاعة، وسألت الله التوفيق والعصمة.
10
«الفصل الأول»
11
إن الله تعالى خلق التجويف الأيسر، من تجويفي القلب، خزانة للروح،
12
ومعدنًا لتولده. وخلق الروح الحيواني مطية للقوى النفسانية، تسري بها
13
في الأعضاء الجسدانية.
222
1
وجعل التعلق الأول، من القوى النفسانية، مختصًا بالروح، وفائضًا ثانيًا
2
بتوسطه في الأعضاء البدنية. وخلق الروح من لطيف الاخلاط وبخاريتها. كما خلق
3
الجسد من كثيف الاخلاط وارضيتها، فنسبة الروح إلى صفوة الاخلاط كنسبة البدن إلى
4
الاخلا ط.
5
وكما ان الاخلاط انما تتجوهر منها الأعضاء، لامتزاج بينها يؤدي إلى
6
صورة واحدة مزاجية، يستعد بها الممتزج لقبول الأحوال التي لم تستفد من البسائط.
7
كذلك الصفوة من الأخلاط إنما تتجوهر منها الروح، لا متزاج بين أربعة اصنافها،
8
يؤدي إلى صورة واحدة مزاجية، تستعدّ بها الروح لقبول القوى النفسانية، التي لم نستفد
9
من البسائط، بل مبدؤها من الفيض الإلهي، المخرج لكل ما بالقوة إلى الفعل،
10
إذا تم استعداده لكماله، من غير فتورٍ ولا بخل.
11
وكما أن لكل عضو مزاجًا خاصًا، وان كان من اخلاط بأعيانها في الجوهر،
12
وإنما يحدث لكل منها مزاج خاصّي، بسبب نسب مقادير الأخلاط، وهيئة كيفية
13
الاختلاط. كذلك أيضًا لكل واحد من الأرواح، التي فينا، الحيوانية والنفسانية
14
والطبيعية ورواضعها، مزاج خاصي، وإن كانت من صفوات خلطية
15
بأعيانها في الجوهر.
16
وإنما يحدث لكل منها مزاج خاصي، بسبب نسب مقادير صفوات
17
الأخلاط، وهيئة كيفية الاختلاط.
18
وكما أن الأعضاء المتكونة كثيرة العدد، والعضو، الذي هو أول متكون (أي
19
القلب) واحد بالعدد، ويتصل بتكون تكون سائر الأعضاء.
223
1
(و) بحسب اختلاف المذاهب في ذلك الواحد، كذلك الأرواح فينا متكثّرة
2
بالعدد. والروح، التي هي أول الأرواح المنكونة، على رأي أجل الحكماء،
3
واحدة، وتتكون في القلب، ثم تسري وتفيض وتنفذ في سائر الأعضاء الرئيسية.
4
وإذا استقرت (الروح) في كل واحد منها، استفاد هنالك مزاجًا خاصًا:
5
ـــ أما في الدماغ فيستفيد المزاج الذي يستعد لقبول قوى الحس والحركة.
6
ـــ وأما في الكبد فيستفيد المزاج الذي به يستعد لقبول قوى التغذية والتربية.
7
ـــ واما في الانثيين فيستفيد المزاج الذي به يستعد لقبول قوى التوليد.
8
وإن كانت مبادىء هذه القوى، عند هذا الحكيم من القلب(*).
9
كما أن مبادىء قوى البصر والسمع والذوق وغير ذلك، عند مخالفيه في
10
الدماغ.
11
لكن الروح إنما تستعد عندهم لقبول هذه القوى بالحقيقة وبالكمال عند
12
عضو آخر.
13
ـــ أما للبصر فبمزاج الرطوبة الجليدية، إذا خالط مزاج الروح.
14
ـــ واما للسمع فبمزاج العَصَبة المفروشة في سطح الصماخ.
15
ـــ واما للذوق فبمزاج الرطوبة، الي يولدها اللحم الرخو، الذي تحت
16
اصل اللسان.
224
1
ـــ وقوم من هؤلاء المخالفين راموا أن يقولوا ان القوة تحملها الروح من الدماغ، من
2
غير حاجة إلى مزاج العضو الذي تصير اليه، بل ذلك العضو نافع في فعل القوة لافي
3
جوهرها.
4
لكن البحث المستقصي أفسد عليهم هذا المذهب. وصحح ان هذه القوة
5
التامة إنما تكسبها الروح عند عضو العمل، أي الآلة.
6
على ان مثل هذا (القول) قد قاله قوم، من اصحاب الحكيم الأجل أيضًا، في
7
القوى النفسانية: إنها كلها تفيض في الأرواح من القلب، من غير حاجة للروح، في
8
الاستعداد لقبولها، إلى الأعضاء الأخرى، كالدماغ والكبد. لكن الانصاف لم
9
يسوّغ هذا المذهب وأبطله.
10
«الفصل الثاني»
11
قال الشيخ:
12
ليست الحياة، ولا شيء من الكمالات والخيرات، منحولًا بها من لدن
13
الحق الأول تعالى. والفيض الأول(*)، بل القوابل قد تكون خالية عن الاستعداد
14
لقبولها، إذ ليس كل قابلٍ قابلًا لكل شيء. ولذلك ليس يمكن أن يقبل الصوف
15
صورة السيف وهو صوف، والماء حقيقة الانسان وهو ماء. وجميع اجسام
16
العالم قد قبلت صورة الحياة، الا مايقل عدده وقدره منها.
225
1
أما العدد فلأن الأجسام الغير الحيّة هي العناصر الأربعة، وما يقرب منها في الطبيعة.
2
واما القدر فلأن جملة العناصر الأربعة تكاد أن لا يكون لها عند الكل قدر محسوس.
3
وهي أصغر من كل فلك من أفلاك التداوير كثيرًا. ولا يبعد ان يكون في
4
الكواكب الثابتة ماهو أعظم منها.
5
والقياس يوجب أن تكون هذه الجملة، بالقياس إلى فلك زحل، كنقطة من
6
دائرة، فكيف بالقياس إلى مافوق فلك زحل (*).
7
ثم عند المحققين ان السبب الذي لأجله لم تقبل هذه الأجسام (أي العناصر
8
الأربعة) صورة الحياة، وهو ماخالفت به سائر الأجسام البسيطة والمركبة الحية،
9
هو كونها متضادة الطبائع، إذ لطبيعة كل واحد منها ضد.
10
وبسبب ذلك بَعُدت عن مجانسة الأجسام السماوية جدًا، فكانت الأجسام
11
السماوية مستعدة باشرف أنحاء الحياة الجسمانية، وهذه العنصرية بعيدة جدًا عن الحياة.
12
وأما المر كبات فلأن الامتزاج يكسر منها كنه التضاد، ويحدث فيها صورة المزاج،
13
والمزاج وسط بين الأضداد، والوسط لاضد له، فتستعد لذلك لقبول الحياة.
226
1
وكلما أمعن المزاج في جنبه للوسط ازداد الممتزج قبولًا لزيادة كمالٍ من
2
معنى الحياة. واذا اعتدل جدًا، حتى تكافأت الأضداد فيه، وتباطلت على السوية،
3
استعد الممتزج لاستكمال الحياة النطقية، المشاكلة لحياة السماوية.
4
وهذا الاستعداد هو في الروح الانساني.
5
فالروح بالجملة جوهر جسماني، يتولد من امتزاج العناصر، ضاربًا،
6
إلى شبه الأجسام السماوية، ولذلك يحكم عليه أنه جوهر نوراني، ولذلك قيل
7
للروح الباصر أنه شعاع ونور. ولذلك تهش النفس إذا ابصرت النور وتستوحش في الظلمة،
8
لأن ذاك مناسب لمركبها، وهذه مضادة.
9
«الفصل الثالث»
10
يُشبه أن يكون الحكماء، وأتباعهم من الأطباء، قد اتفقوا على أن الفرح والغم
11
والخوف والغضب، هي من الانفعالات الخاصة بالروح الذي في القلب.
12
ثم ان كل انفعال، مما يشتد ويضعف، لابسبب الفاعل، فإنما يتبع في اشتداده
13
وضعفه اشتداد استعداد الجوهر المنفعل وضعفه.
14
وقد فرق بعض الحكماء بين القوة والاستعداد بفرق لطيف، وهو أن
15
القوة تكون على الضدين بالسوية، والاستعداد لا يكون على الضدين بالسوية:
227
1
ـــ فإن كل انسان يقوى على أن يفرح ويحزن، الا أن منهم من هو مستعد للفرح فقط،
2
ومنهم من هو مستعد للحزن (فقط).
3
ـــ وكذلك الحكم في الغضب والخوف وسائر الانفعالات، فإذن كون الروح فرحة
4
ومغتمة بالقوة، غير كونها مستعدة لأحدهما دون الآخر.
5
ـــ ويُشبه أن يكون الاستعداد إذًا مستكملًا للقوة، بالقياس إلى أحد المتقابلين.
6
فقد ظهر من هذا انه، وان كانت الروح لها من حيث هي بالقوة ان تفرح وان تحزن
7
معًا، فليس لها من حيث نفس الاستعداد الا أحدهما.
8
ـــ ثم من الظاهر أن القوة على هذين الأمرين، يلزمها كيما تتجوهر. وان
9
الاستعداد المعتبر لأحدهما ليس يلزمها، وإنما يَعْرُض لها بسببٍ وعلة.
10
«الفصل الرابع»
11
الفرح لذة ما. وكل لذّة فهي إدراك لحصول الكمال الخاص بالقوة المدركة،
12
مثل الاحساس بالحلو، والعرف الطيب، (للقوة) الحاسة ـــ والشعور بالانتقام للقوة
13
الغضبية ـــ والشعور بالمتوقع النافع، وهو الأمل، للقوة الظانّة أو المتوهمة.
14
وكل كمال فهو أمر طبيعي ومنعكس، وكل شعور بأمر طبيعي لقوة ما
15
فهو التذاذ لها. وربما انفق في بعض القوى ان لايُلْتَذ الا عند مفارقة الحال
228
1
الغير طبيعية، فيظن أن اللذة خروج عن الحالة الغير الطبيعية، وكأن الثبات على
2
الحالة الطبيعية لا يجوز ان يكون لذيذًا.
3
وإنما وقع هذا السهو بسبب أخذ مابالعرض مكان ما بالذات. [وقد عُرف
4
في كتاب سوفسطيقا أن هذا احدى المغالطات.
5
واما بيان هذا في مسألتنا هذه فهو ان من المدركات ما لا يدرك
6
الا عند الاستحالة، وهو مثل الملموسات. فان الكيفية إنما يحس بها مادام العضو
7
اللامس مضادًا لها في الكيفية وينفعل منها. فاذا انفعل واستقر صارت الكيفية
8
مزاج العضو، فلم يحس بها ذلك، اذ كل حس فهو استحالة ما، والشيء
9
لا يستحيل عن نفسه]. [فلهذا لا يتأذى صاحب (حمى) الدق بالحرارة الشديدة،
10
الي هي أشد من حرارة الحمى المحرقة. ويتأذى صاحب المحرقة (أي الحمى) بما هو دون
11
ذلك.
12
وذلك لأن حرارة الدق متمكنة من الأعضاء، كالمزاج لها. وحرارة الحمى
13
المحرقة طارئة على الأعضاء، ومزاج الأعضاء يخالفها. والأطباء يخصون مايجري مجرى
14
الدق باسم سوء المزاج المستوي. وما يجري مجرى الحمى المحرقة باسم سوء المزاج المختلف].
15
فقد تبين أن السبب في عدم الالتذاذ، بما يستقر من الكمالات المحسوسة، هو عدم
16
الادراك. وسبب اللذة، عند ابتداء الخروج إلى الحالة الطبيعية، هو حصول الادراك.
229
1
ولما عرض ان كان حصول الادراك مع الخروج عن الحالة الغير طبيعية
2
عرض ان كانت اللذة مع الخروج عنها، فظن ان ذلك سببها، وليس الأمر كذلك.
3
بل السبب ادراك حصول الكمال لاغير، فهذا هو سبب اللذة.
4
واما سبب الاستعداد لها فهو كون الملتذ على افضل أحواله، في الكم والكيف،
5
حتى لا يكون في جوهره نقصان، وحالة غير طبيعية مما هو فيه.
6
أما في الكم فأن تكون الروح الملتذة كثيرة المقدار، فيشتد بذلك قوتها، لأن
7
زيادة الجوهر في الكم توجب زيادة القوة في الشدة، على ماتبيّن في الأصول الطبيعية.
8
وأيضًا فإنها تفي بكثرتها لبقاء قسط وافر منها في المبدأ، وذهاب قسط وافر منها في
9
الانبساط، الذي يكون عند الفرح واللذة، فإن القليل تنحلُّ به الطبيعة، وتضبطه عند
10
المبدأ، ولا تمكِّنه من الانبساط.
11
وأما في الكيف فأن يكون مزاجُها فاضلًا جدًا، ويكون قوامها فاضلًا
12
جدًا. والنورانية التي لها وافرة جدًا، فتكون مشابهتها جوهر السماء شديدة جدًا.
13
فهذه هي أسباب الاستعداد للّذة والفرح، واضدادها (هي) أسباب الاستعداد
14
للألم والتَرَح. فإذا عُرف هذا في اللذة، وهي كالجنس، عُرف في الفرح، الذي
15
هو كالنوع.
16
والروح التي في القلب، إذا كانت كثيرة المقدار، كثيرة المادة التي
17
تتولّد عنها، على قُرب من الاتصال، معتدلة في المزاج وفي القوام، ساطعةَ النُورانية،
18
كانت شديدةَ الاستعداد للفرح.
230
1
وإذا كانت (الروح قليلةَ المقدار، قليلةَ المادة، كما للناقهين، والمنهوكين
2
في الأمراض، والمشايخ، غيرَ معتدلة المزاج، كا للمرضى، كثيفةً غليظة القوام
3
جدًا، كما للسوداوين والمشايخ، فلا تَنْبسطُ لكثافتها.
4
أو (كانت الروح) رقيقة القوام جدًا، كما للمنهوكين والنساء، فلا تفي بالانبساط،
5
أو (كانت) مظلمةً، كما للسوداويين، كانت شديدةَ الاستعداد للغَمَ.
6
«الفصل الخامس»
7
المستعد للشيء يكفيه أضعفُ أسبابه، مثل الكبريت في الاشتعال، فإنه
8
يشتعلُ بأدنى نار، ولا يشتعلُ بأضعافها الحطبُ. فإذا كانت النفسُ ذات
9
رُوح، مستعدةٍ للانفعال من المُفرِّحات. فرحت بأدنى سبب. ولهذا يكثُر الفرحُ
10
لشارب الخمر، حتى يُظن أنه يفرحُ لذاته. و(الأمرُ) ليس كذلك، فإنه يستحيلُ
11
أن يَحْدُثَ بالشيء أثرٌ الا عن مؤثِّر. بل الخمرُ، إذا شُربت باعتدالِ، ولّدت
12
رُوحًا كثيرة، معتدلة المزاج والقوام. شديدةَ النورانية ساطعتَها. فاستعدت الروحُ
13
للفرح، وفرحت بأدنى سبب من الأسباب المفرحة. ويكون تأثرها من الأسباب
14
النافعة، في الحاضر من الوقت، أكثَر من تأثُّرها من الأسباب النافعة في المستقبل.
15
وكذلك تأثرها من النافعة في اللذة أكثر من تأثرها من الأسباب النافعة في الجميل.
16
وكذلك تأثرها من الذي يكون بحسن الظن أكثر من الذي يكون بحسب العقل.
231
1
والسبب في ذلك أن القوى النفسانية التي في الدماغ، المحتاجة روحها إلى اعتدال
2
من الرطوبة، لتطيع الحركة الفكرة، ولاستعمال العقل عند الانتشار، تكون
3
شديدة الترطب، فلا تذعن للعقل. ومع ذلك تكون كثيرة الحركة،
4
لما يخالطها من البخارات المتصعدة المتموجة. فلرطوبتها لاتذعن للتحريك،
5
الا ماكان من التحريك القسري الجسماني، دون اللطيف الروحاني.
6
وباضطرابها (أي الروح) لاتذعن للتشكيك الروحاني أيضًا،، بل
7
للتشكيك الجسماني القسري، فيصعب على الفكرة الحقيقية استعمالها، فتُعرِض
8
القوة العقلية عنها إعراضًا بقدر مقتضى حالها، ريثما يعتدل مزاجها ويسكن
9
تموجها.
10
ثم ان القوة الحيوانية، التي في القلب، تكون عند الانتشار شديدة
11
الاستعداد للفرح، ولا يتأدّى إليها المفرحات الفكرية المحضة، لما اوضحناه من
12
العذر، بل تتأدى اليها المفرحات المتصرفة فيما بين الحس والوهم، التابع له
13
(و) المتقوي به، او فيما بين الحس والفكر المعاضد له، في استعمال القوى النفسانية،
14
المتقوى به، فان الحس اقهر للروح الباطن واقوى على تحريكه من العقل.
15
والعقل، إذا استعصى ذلك الروح الباطن عليه، أعين بالحس، فيتمكن
16
منه كما في العلوم الهندسية وسائر العلوم أيضًا. فإذا كان كذلك قل تأثير المفرحات
232
1
المستقبلة والجميلة والعقلية في نفس الشارب، واستولى عليه تأثير المفرحات اللذيذة والطيبة،
2
وخصوصًا الوقتية.
3
ولأن (الشارب)، استعداده شديد، فيكفيه منها (أي المفرحات) أضعف
4
أسبابها، كما للصبي، فيُظن أنه يفرح بلا سبب، وذلك محال. لكن أسباب الفرح
5
والغمّ منها قوية ومنها ضعيفة. وأيضًا منها معروفة ومنها غير معروفة. ومما لا يُعرف
6
ماقد اعتيد كثيرًا، وكل مااعتيد كثيرًا سقط الشعور به.
7
والأسباب المفرحة والغامّة ماكان منها قويًا وظاهرًا فلا حاجة إلى ذكره،
8
وأما (الأسباب) الأخرى فمثل تصرف الحس في العالم، والدليل على تفريحه
9
وإلذاذه إيحاشٌ ضده، وهو الإقامة في الظلمة. ومثل مشاهدة الشكل، والدليل على
10
تفريحه غم الوحدة. ومثل التمكن من المراد في الوقت، والاستمرار على مقتضى
11
القصد من غير شاغل. وكذلك العزائم والآمال، وذكر ماسلف، ورجاء ما يستقبل.
12
وتحدّث النفس بالأماني، والمحادثة، والاستغراب، والاعراب والتعجب
13
والاعجاب، ومصادفة حسن الاصغاء من المُحاور. والمساعدة، والخديعة،
14
والتلبيس. والغلبة في أدنى شيء. وغير ذلك من الأمور المُحصاة في كتاب
15
ريطوريقا، أي كتاب الخطابة. وهذه تختلف بحسب الأهواء والعادات.
16
والإنسان لا يخلو منها البتة. ولا أيضًا من الأسباب الغامّة التي تجري، في
17
ضعف التآثير، مجراها.
233
1
الا ان الاستعداد إذا ما اختص باحدى الجنبتين لم ينفعل المستعد عن
2
أسباب الجنبة الأخرى، مالم تكن قوية، وانفعل عن أسبابها، وان كانت ضعيفة.
3
فالسكران يدوم فرحه بشيء من هذه الأسباب وصاحب المزاج السوداوي، المظلم
4
الروح، يدوم غمّه لما يقابل هذه الأسباب، من أسباب الغمِّ والوحشة: مثل تذكر
5
الأخطار التي عرضت له، والآلام التي قوسيت، والأحقاد، وما غلظ من المعاملات
6
والمعاشرات. ومثل توهم المخاوف في المستقبل، وخصوصًا الواجب من مفارقة هذه
7
الدار الدنيا، التي يصرف عنها قناعة العاقل بما لابد منه. والفكر في غيره من المهمات
8
الي يجب السعي فيها، ومثل الانقطاع عن السعي فيها ومثل الانقطاع عن الشغل
9
والفكر لعارض، والقصور عن المراد. وامور اخرى مما لا يحصى.
10
فهذه وأمثالها من العوارض، ترد على نفس المستعد للغم فتغمه. ثم التخيل،
11
لقوته في السوداوي، يعينه بايراد الأشباه والمحاكيات لما يُوحِشُ ويَغمّ.
12
والتخيل يقوى في السوداوي، ليبس مزاج الروح الموضوعة له، فتخف
13
حركتها، ولاعراض العقل عن القوى الباطنة من قوى الحس والوهم، لفساد مزاج
14
الروح الذي فيها، وباختصاص حركاتها على مقتضى مايعد له ذلك المزاج والكيفية
15
الرديئة المظلمة.
234
1
«الفصل السادس»
2
قال الشيخ:
3
ليس كل أسباب الاستعداد للفرح والغم هي الأسباب التي تصل بجوهر
4
الروح، في كيفيته وكميته. بل قد تعرض أسباب أخرى نفسانية تعدّ الروح لأحد
5
هذين الأمرين.
6
ويشبه أن يكون اعدادها للروح لذلك أيضًا بتوسط حدوث شيء من تلك
7
الأسباب، التي هي داخلة في كيفية الروح وكميتها. أعني بأن يعتدل بها مزاج
8
الروح أو قوامها، ويكثر مقدارها، وتتصل طبيعتها، فتُعدّ
9
للفر ح.
10
أو يعرض شيء من الأسباب المضادة لها، فتعدّ للغم، فتكون تلك
11
الأسباب الخارجة أسبابًا أولى، وهذه الجوهرية، أعني العارضة لجوهر الروح،
12
(تكون) أسبابًا ثانية وقريبة.
13
وهذه الأسباب، العارضة البعيدة، تكاد لاتنحصر في عدد، أو يشق
14
تعديدها. لكن كافتها كما أظن ينحصر في معى واحد، وهو ان كل فعل ذي
15
ضد يتكرر فان القوة على ذلك الفعل تشتد. وكل قوة تشتد تصير استعدادا.
235
1
والأولى أن نوضح هذا المعنى بالاستقراء فنقول: كما أن الجسم إذا سخن
2
مرارا متوالية استعد لسرعة التسخن، وكذلك اذا برد، وكذلك إذا تخلخل،
3
وكذلك إذا كثف.
4
والقوى الباطنة يصير لها، عند نكرر أفعالها وانفعالاتها، ملكة قوية. والأخلاق
5
بمثل هذا تكتسب. وتكاد أن تكون العلة في هذا هو: (ان كل انفعال مؤد إلى فعل
6
فهو مناسب له). والمناسب للشيء معاند لضده، والمعاند للضد إذا تمكن مرارًا نقص
7
من استعداد المقابل له، فزاد في استعداد ضده الذي هو مباينه.
8
وهذا هو بيان هذا المعنى، بالاستقراء والقياس، المأخوذ عن المشهورات.
9
وإذا كان كذلك فتواتر الفرح يعد للفرح، وتواتر الغم يُعد للتوحش والغم.
10
وأما التحقيق البرهاني له فالكلام فيه ممل وطويل.
11
وأما النظر في هذا الأمر، الذي هو أشبه بالبحث الطبيعى، فلأن الفر ح
12
يلزمه أمران:
13
أحدهما) تقوية القوة الطبيعية. والثاني) تخلخل الروح، لما يكلفها الفرح من الانبساط.
14
ويتبع تقوية القوة الطبيعية ثلاثة أمور، هي من أسباب الفرح، وهي:
15
1 ـــ اعتدال مزاج الروح 2 ـــ كثرة توليد بدل ما يتحلل منها (أي الروح)
16
2 ـــ حفظها عن استيلاء التحلل عليها.
236
1
ويتبع تخلخل الروح أمران:
2
ـــ أحدهما الاستعداد للحر كة والانبساط، للطف القوام.
3
ـــ والثاني انجذاب المادة الغاذية اليها، لحركتها بالانبساط إلى غير جهة حركة
4
الغذاء إليها.
5
ومن شأن كل حركة بهذه الصفة ان تستتبع ماوراءها اليها، لأمور لاحاجة بنا
6
إلى ذكرها. ويتبع في ذلك انجذاب المياه المتآخرة عند سيلان (المياه) المتقدمة،
7
وكذلك (انجذاب) الرياح، وكذلك الجلود في المحاجم. والمياه في الزراقات.
8
فتكرر الفرح في هذا المعنى يعد للفرح. وأما الغم إذا تكرر اشتدت القوة
9
عليه، لأن الغم يتبعه أمران:
10
ـــ أحدهما) ضعف القوة الطبيعية.
11
ـــ والثاني) تكاثف الروح، للبرد الحادث عند انطفاء الحرارة الغريزية، لشدة الانقباض
12
والاحتقان من الروح.
13
ويتبع ذلك ضد ماذكرنا، فتبين أن تواتر الفرح يعد الروح للفرح، وتواتر
14
الغم يعد الروح للغم. والفرح لايعمل فيه من الغامّات الا القوي، ويعمل فيه المفرحات
15
الضعيفة، والممنو بالغموم حالة بالضد.
16
«الفصل السابع»
17
هاهنا حالةٌ هي ضَعْف القلب، وأخرى هي التوحّش وضيق الصدر، وتتشابهان
18
وبينهما فرقـــ كذلك هاهنا حالة هي قوة القلب، وأخرى هي النشاط
237
1
وانشراح الصدر، وتتشابهان وبينهما فرق. ويشكل (أي يلنبس) الفرق بينهما
2
لتلازمهما في أكثر الأمر. ولأن الأوَّليتين يُظن بهما أنهما حالتان انفعاليتان، والثانيتان
3
يُظن بهما انهما حالتان فاعليتان. وبين طرفيّ كلِّ واحدٍ من القسمين فرقٌ ظاهر:
4
ـــ أما أولًا) فليستا بمتلازمتين: فليس كلٌّ ضعيف القلب مِحْزانًا، ولا كلُّ
5
محزان متوحشًا ضعيفَ القلب. وأيضًا ليس كلُ قويِّ القلب مِفْراحًا، ولا
6
كلُّ مفراحٍ قويَّ القلب.
7
ـــ وأما ثانيًا) فلأن الحدود متحالفة: فإن ضعفَ القلب حالةٌ، بالقياس إلى
8
الأمر المخوف (منه)، من جهة قلة احتماله. وضيقُ الصدر والتوحش
9
فهو بالقياس إلى الأمر الوحش، من جهة قلة احتماله. والمخوفُ هو
10
المؤذي البدني، والموحشُ هو المؤذي النفساني.
11
ـــ وأما ثالثًا) فلأن اللوازم النفسانية متخالفة: لأن ضَعْف القلب يُحرِّك إلى الهرب.
12
والتوحُّش وضيقُ الصدر قد يحرِّك إلى الدفَعْ والمقاومة، ويرغب (صاحبه) كثيرًا
13
في ضد الهرب، وهو البطش.
14
ـــ وكذلك فان ضَعْف القلب إذا عَرَضٌ عارضه فتَّر القُوى المحرِّكة. ـــ وضِيْقُ
15
الصدر كثيرًا ماأهاجها وحركها.
16
ـــ وفي ضعف القلب انفعالان: انفعالٌ بالتأذِّي، وانفعال بالشوق إلى الحركة
17
المباعدة.
238
1
ـــ وفي ضيق الصدر انفعال واحد، وهو بالأذى. وليس يلزمه ذلك الشوق على
2
سبيل الطبع، بل ربما اختاره لغرض آخر، دون نفس الشوق إلى المباعدة، فيكون
3
ذلك شوقًا اختياريًا، لاشوقًا حيوانيًا. وربما اختار البَطْشَ والمقاومة.
4
ـــ وأما رابعًا) فلأن اللوازم البدنية متحالفة:
5
ـــ لأن ضعف القلب يلزمه، عند حصول المؤذي الذي يخصه، خمودٌ من الحرارة
6
الغريزية، واستيلاء من البرودة.
7
ـــ وضيق الصدر، يلزمه كثيرًا، عنا حصول المؤذي الذي يخصّه، اشتعالٌ من الحرارة
8
الغريزية.
9
ـــ وأما خامسًا) فلأن الأسبابَ الاستعدادية متخالة:
10
ـــ فإن ضَعْفَ القلب يتبع لامحالة رقّة الروح، بإفراط بَرْد مزاجه.
11
ـــ وضيقُ الصدر قد يتبع كثافة روحه وسخونة مزاجه.
12
«الفصل الثامن»
13
ـــ الدم الوافر الصافي، المعتدل القوام والمزاج، لكثرة ما يتولد منه من الروح الساطع
14
النقي، المعتدل القوام والمزاج، يَعُد(أي يهيىء) للفرح.
15
ـــ والدم الصافي الزائد في السخونة، لكثرة اشتعاله وسرعة حر كته، يَعُد للغضب.
16
ـــ والدم الرقيق المائي، البارد الصافي، يعد لضعف القلب والجبن، لأن الروح الذي
17
يتولد منه يكون ثقيل الحركة إلى خارج، قليل الاشتعال، لبرده ورطوبته،
18
فيقل فيه الاستعداد للفرح والغضب. ويكون أيضًا لرقته سهل التحلل، ولبرده قليل
19
التولد.
239
1
والدم الغليظ الكدر، الزائد في الحرارة، يُعدّ للغم والغضب الثابت الذي لا ينحل.
2
ـــ واما الغم فلما يتولد منه من الروح الكدر، واما الغضب فلسرعة اشتعاله
3
لحرارته.
4
ـــ واما ثبات الغضب فلأنه كثيف: والكثيف إذا سخن لم يبرد بسرعة.
5
ـــ واما غضب (صاحب) الدم الصفراوي الرقيق فيكون أسرع هيجانًا
6
وأسرع انحلالًا، لأن الروح المتولدة عن ذلك الدم أشد حرارة، وهو مع ذلك غير
7
كثيف، فإذا كان دمه صافيًا مشرقًا مع ذلك كان مفراحًا.
8
ـــ والدم الغليظ، غير الكدر، إذا كان زائدًا في الحرارة، وهو في النوادر،
9
يكون صاحبه غير محزان، ويكون شجاعًا قوي القلب. ويكون غضبه
10
أقل، لأن المفراحية تكسر من الغضب، والمحزانية تهيء للغضب، لأن الغضب
11
حركة إلى الدفع.
12
والمفراحية مناسبة للذة، واللذة تكون الحركة فيها نحو الجذب والطلب.
13
وهذا الانسان (أي صاحب الدم الغليظ، غير الكدر والحار) يكون غضبه في
14
الأمور عظيمًا، ويكون شديدًا. لثخن روحه. ولذلك بعينه يكون قليل
15
الخوف.
16
ـــ والدم الغليظ، الغير الكدر، الزائد في البرودة، يكون صاحبه لامحزانًا
17
ولا مفراحًا، ولا يشتد غضبه. ويكون جبنه إلى حد، ويكون بليدًا في كل أمر،
18
ساكنًا، لأن روحه تكون شبيه دمه.
240
1
ـــ والدم الغليظ الكدر، الزائد في البرودة، يكون صاحبه متوحشًا محزانًا، ساكن الغضب،
2
الأعن أمر عظيم. ويثبت غضبه دون ثبات الحار المزاج، الذي يشاكله في سائر
3
الأوصاف، وفوق ثبات (صاحب الدم) الرقيق القوام، ويكون حقودًا.
4
«الفصل التاسع»
5
الحقد يكون لتقرر صورة المؤذي في الوهم، وتقرر خيال الشوق إلى الانتقام
6
منه. ويكون ذلك (أي الحقد) لأن الغضب يكون له ثبات ما، ولكن حركته
7
إلى الانتقام تكون غير شديدة جدًا. ويكون الغضب ليس على قوي جدًا ولا على
8
ضعيف جدًا.
9
واعلم ان الغضب اذا كان سريع الزوال لم تتقرر صورته في الخيال، بل
10
انفسحت، ولم تحدث حقدًا. وإذا كان الشوق والحركة إلى الانتقام شديدين
11
جدًا عرض منهما أمران مانعان عن اشتداد الحقد:
12
ـــ احدهما: انجذاب النفس كلها إلى جهة الحركة النازعة إلى الانتقام، وشغلها الخيال عن
13
التصرف في المعنى المؤذي، وايراد توابعه ولواحقه، وتاكيد ارساخه في الذكر.
14
فإن من شأن القوى المحركة ان تشغل النفس عن القوى المدركة وبالعكس. ومن
15
شأن الظاهر ان يشغل عن الباطن وبالعكس.
16
ـــ والثاني: ان الشوق (إلى الانتقام) اذا اشتد جدًا، ولم يكسر منه خوف، بلغ
17
من تأكيده ان صار كالمدرك لمطلوبه عند الحيال، فإن الصورة التي تشتد
18
اليها الحركة، وتسرع نحوها جدًا، يتخيلها الخيال كالموجودة. فإذا ارتسم في
241
1
الخيال صورة المطلوب، كصورة الموجود، حصل في الخيال صورة كصورة
2
الشيء الذي عنده تنتهي الحركة، فيبطل الشوق (إلى الانتقام) عن الخيال،
3
ولا تتراءى فيه صورته، فلا تستقر في الذكر، فلا يكون حقدًا.
4
واما المؤذي، إذا كان عظيمًا ومهيبًا مثل الملوك، فإن اليأس عن الانتقام
5
منه والخوف يمنعان ثبات صورة الشوق إلى الانتقام في النفس، فلا تتراءى
6
صورة الشوق اليه، ولا صورة الأذى في الوهم والخيال. وإنما يتراءى الخوف، الذي
7
يسوقه إلى الهرب لا إلى البطش، فلا تستقر حينئذ صورة الحقد في النفس.
8
واما الصبيان والضعفاء فلأن سهولة إمكان الانتقام منهم، وقلة الخوف عنهم،
9
فيكون كأن الأمر (أي الانتقام) قد وقع. فان السهل جدًا يكاد يشبه، عند الخيال،
10
الواقع والموجود. والخيال إنما يجري على مايقع له لاعلى ماالأمر تحسبه.
11
وإذا كان السهل عنده كالحاصل يكون الانتقام من الضعفاء كالموجود،
12
فيسقط الشوق اليه أول وهلة، فلا يتراءى ولا يكون الحقد.
13
والدليل على أن حال الخيال، في باب الرغبة والزهد، مبني على المحاكمات لاعلى
14
الحقائق، تقزّز الإنسان عن العسل، إذا شُبِّه بمرَّةٍ مقيّئة، و(نفور الانسان) عن
15
سائر الطعوم المستطابة، اذا كانت ألوان أجسامها وأشكالها شبيهة بألوان أجسام مُستقذرة
16
أشكالها، وان كان التصديق لا يقع بها.
242
1
ولذلك أيضًا إذا شبّه أمر ما، لشدة حركة الشوق (إلى الانتقام)، وإما لسهولة
2
الوصول إلى الحاصل الموجود، انفعل الخيال عنه، انفعاله عن الحاصل الموجود،
3
فلم يكن (هنالك) حقد.
4
وقد ظهر أن المزاج الأخير، مما ذكرناه قبل هذا الفصل، مستعد للحقد
5
جدًا.
6
«الفصل العاشر»
7
إن الأدوية التي تفرّح:
8
ـــ إما أن تفرح بشيء من العلل المعروفة، مثل تربية الروح، كالشراب، الذي
9
هو اكسير السرور ومغناطيس الفرح.
10
ـــ أو تنويرها (أي الروح) أو تسطيعها، كاللؤلؤ والابريسم، بما فيهما من
11
الشفّ.
12
ـــ أو جمعها ومنعها من أن يسرع اليها التحلل، مثل البليلج،
13
والهليلج الكابلي، والكهرباء، والبسد، بقبضها.
14
ـــ وإما لتعديل مزاجها بالتسخين، مثل الدرونج، أو بالتبريد، مثل ماء
15
الورد والكافور.
243
1
ـــ وإما لتقوية مزاجها بالملائمة الطبيعية الملّذة، و(ذلك) مثل العقاقير الطيبة
2
الرائحة والحلوة.
3
ـــ وإما لنفضها (أي العقاقير) البخار السوداوي المكدِّر عنها (أي عن الروح)، مثل
4
لسان الثور وحجر اللازورد.
5
ـــ واما لاجتماع أسباب من هذه، كما في البسد والدرونج ولسان الثور، على مانذكره
6
في الفصول المتأخرة.
7
ـــ وإما لخاصية وحدها مجهولة، مثل الياقوت.
8
ـــ وإما لخاصية مقارنة لشيء من العلل المذكورة، مثل المسك والعنبر، فإنهما يفرحان
9
بخاصية، مع علة مقارنة لهما، وهي الرائحة الغاذية للروح.
10
ـــ ومثل رب التفاح، فإنه يفرح بالخاصية. وإذا كان مزاج الروح حارًا جدًا فرّح، مع
11
الخاصية المجهولة، بعلة معلومة، وهي التبريد.
12
ومثل الدرونج أيضًا، فإنه يفرح بالخاصية. وإذا كان مزاج الروح باردًا
13
فرّح، مع الخاصية، بتعديله مزاجها (أي الروح) وتسخينه إياها. وربما
14
اجتمعت الخاصية مع علل من المعروفة فوق واحدة.
15
والعلل المقارنة للخاصية إما أن تكون كليّة وإما أن تكون جزئية.
16
ـــ فإن كانت تلك العلل كلية لم تحتج إلى اصلاح البتة، في جميع علل ضعف القلب
17
وتوحشه، وذلك مثل طيب الرائحة.
244
1
ـــ وإن كانت جزئية احتيج في بعض الأحوال إلى أن تصلح: مثل تبريد شراب
2
التفاح، فإنه علّةٌ مفرحة، بحسب مزاج دون مزاج. فإذا أردنا أن نستعمل شراب
3
التفاح، لخاصيته من التفريح، في مزاج بارد، كسرنا تبريده بما يسخن.
4
وأصوب ما يصلح به العلة الجزئية ماكان له مع الكيفية المطلوبة، خاصية أيضًا في
5
التفريح: مثل خلطنا بشراب التفاح شيئًا من المسك للتفريح، إذا أردنا أن نعالج به
6
من مزاجه باردًا.
7
والكيفيات الملائمة لجوهر الروح تميل اليها القوى الحاسة لها بالشهوة،
8
وسائر جوهر الروح بالطبع: مثل طيب الرائحة، ومثل الحلاوة، فإن قوة الشم وقوة
9
الذوق تشتهيانهما، والقوة الطبيعية والقوة الحيوانية تميل اليهما بالطبع.
10
فيكون الدواء، المساوي لدواء آخر في قوته. إذا كان أحلى وأطيب رائحة أنفع. لأن القوة
11
الجاذبة التي في الكبد والأعضاء تقبلها أشد. والروح تغتذي بهما، إذا كانا غذاءين،
12
و تنفعل عنهما إذا كانا دواءين أسرع.
13
لكن الرائحة محلها جوهر لطيف، بخاري أو دخاني، والحلاوة محلها جوهر
14
كثيف وأرضي، فلذلك الرائحة الطيبة أغذى للروح، والحلوة أغذى للبدن.
15
ـــ والأدوية القلبية يراعى فيها من أمر طيب الرائحة مالا يراعى من أمر الحلاوة.
16
ـــ والأدوية الكبدية يراعى فيها من أمر الحلاوة مالا يراعى من أمر طيب الرائحة، لأن
17
القلب معدنٌ يولّد غذاء الروح، والكبد معدن يولّد غذاء البدن. وما يراعى في
18
الكبد من أمر الرائحة أكثر مما يراعى في القلب من أمر الطعم، لأن الكبد معدن الروح
19
الطبيعية، لامعدن تولد عند المحققين بل معدن الاستقرار، الا عند الذين
20
نظروا في الطب وحده.
245
1
والروح الطبيعية نازعة إلى الرائحة الطيبة، ومتقوية بها، ومتغذية منها. والقوى
2
الطبيعية تقوى بقوة الروح لامحالة.
3
«الفصل الحادي عشر»
4
الخاصية ليست في الحقيقة شيئًا غير الطبيعة. وحدُّ الطبيعة (أي تعريفها) هو:
5
انها مبدأ لحركة ماهي فيه، وسكونه بالذات، وسائر أفاعيله بالذات، مقول على
6
الخاصية.
7
لكن الخاصية في الحقيقة تخالف الطبيعة، مخالفة الأخص للأعم. وتخالفها عند
8
العامة مخالفة المباين للمباين.
9
أما في الحقيقة، فلأن العنصر الموضوع للأجسام الطبيعية العامة، القابلة
10
للكون والفساد، تحدث فيه بعض القوى الفعالة أولًا، وفي حال البساطة، مثل
11
قوى النار والأرض والماء والهواء. وبعضها، ثانيًا، إذا حدث فيها المزاج،
12
فاستعدت به لقبوله على أحد المذهبين، اللذين هما:
13
ـــ مذهب من يرى أن بعض الصور إذا حصل في الهيولى افاده استعدادًا لم يكن.
14
ـــ ومذهب من يرى أن الاستعدادات كلها لازمة للهيولى من أول الأمر.
15
لكن من الصور ماذا حدث منع بعض الاستعدادات، فإذا جاءت صورة أخرى،
16
مبطلة لتلك الصورة، بطل مع بطلانها منعها، فعادت الهيولى إلى مالها بالطبع من
17
الاستعداد.
246
1
وكيف كان فإن من الصور والقوى مالا يوجد في حال البساطة،
2
وإنما يتم الاستعداد له بعد البساطة، وذلك مثل القوة التي في المغناطيس،
3
لجذب الحديد. وليس، ولا وجود، لإحدى قوتي العنصر من ذاته، بل من خارج.
4
وهو من الفيض الإلهي الساري في الكل، المخرج لكل قوة إلى الفعل، على أحد
5
الوجهين:
6
ـــ أما الأولى منهما فبالاستعداد الأول.
7
ـــ وأما الثانية منهما فبالمزاج، والمزاج معدٌّ لقبولها فقط، لاهو هي ولا
8
فاعل لها.
9
ومنتهى الجواب عن السؤال في الخاصية كمنتهى الجواب عن السؤال في
10
الطبيعة المعروفة:
11
ـــ وكما أن السائل إذا سأل عن لميّة (سبب) إحراق النار، لم يكن الجواب شيئًا غير كونها
12
حارة. وليس معنى هذا الجواب الاكونها ذات قوة محرقة بطبعها.
13
ـــ كذلك إذا سأل سائل عن لميّة (سبب) جذب المغناطيس للحديد، لم يكن الجواب شيئًا
14
الاكونه ذا قوة جذابة بطبعه.
15
ـــ وكما أن العالم بأن النار تحرق بالحرارة، عالم بحقيقة الحال، غير منسوب إلى الجهل.
16
ـــ كذلك العالم بأن الحجر (المغناطيس) يجذب الحديد، لما فيه من قوة جاذبة. وطبع
17
تلك القوة (الموجودة في المغناطيس) أن تجذب، كما أن طبع تلك القوة،
247
1
المسماة حرارة أن تحرق. ولكن القوة المحرقة (أي الحرارة) مسمّاة، وهذه (أي
2
المغناطيسية) غير مسماة. وتلك (أي الحرارة) مشهورة، وهذه (أي المغناطيسية)
3
غريبة. وليس الاسم للمعنى مما يجعله معلومًا، حتى إذا لم يكن للمعنى اسم لم يعلم
4
بوجه. ولا الشهرة تزيل جهلًا توجبه الغرابة.
5
وإنما لا يقنع العامي بهذا الجواب، لأن عنده ان كل فعل يصدر عن الجسم فصُدوره عن
6
حرٍ أو برد، أو رطوبة أو يبوسة، أو ثقل او خفة او حركة، أو شيء من الأمور
7
الموجودة في البسائط. فإذا لم تضف الفعل إلى شيء من تلك (القوى)، أو لم تبيّن وجه
8
كونه عنها، حسب أنه (أي الفعل) مجهول المبدأ، وليس كذلك. بل الفعل إنما يعلم
9
وجه كونه بان يعلم أنه (ناجم) عن قوة طبيعية أو نفسانية أو عقلية أو عرضية.
10
وأما سائر مايتكلف من أمر المغناطيس، في أنه يجذب الحديد بحرِّه أو برده أو
11
لنفسٍ فيه، أو بخروج أجسام كالصنانير عنه، أو لأن طباعه مشاكلة لطباع
12
الحديد، أو لسبب الجلاء الذي فيه، فباطل، (و) ينكشف بطلانه بأدنى سعي.
13
والحق أنه قد استفاد بالمزاج قوة جاذبة، كما استفاد النبات بالمزاج قوة غاذية
14
(مغذية) واما الجهل، بأن تلك القوة لِم وجدت في هذا الجسم دون جسم آخر؟،
15
فهو جهل في أمر غير الذي فيه الكلام.
16
وهذا الجهل على صنفين:
17
ـــ أحدهما بالقياس إلى المبدأ الفاعل، وهو الجهل بالمبدأ الذي يفيد وجود هذه
18
القوة. أو الجهل بحال المبدأ الذي عنده يفيد وجود هذه القوة. وهذا الجهل
19
غير مختص بالخاصية دون الطبيعة المعروفة.
248
1
ـــ والثاني بالقياس إلى القابل، وهو القياس إلى العلة التي لأجلها استعد هذا الجسم لقبول
2
هذه القوة، دون جسم آخر. وهذا الجهل أيضًا غير مختص بالخاصية، بل هذا الجهل
3
منا موجود في الألوان والروائح والقوى النفسانية وغير ذلك.
4
فانا نعلم، من جملة هذه الأمور، انها إنما حصل لها الوجود بالفعل من
5
المبادىء الفاعلة، التي سببها الله تعالى، ونعلم أن ذلك لاختصاص المادة باستعداد تابع
6
لمزاج.
7
ـــ ولكنا نجهل نسبة بسائط ذلك المزاج، مادمنا في عالم الكون والفساد. وليس
8
جهلنا بسبب حصول هذه القوة في المغناطيس بأعجب من جهلنا بالسبب الذي يستعد
9
به الشيء للحمرة والصفرة، بل البدن للنفس.
10
ـــ لكن الأمور المعتادة المشهورة يسقط عنها التعجب، وتغفل عن موضع البحث
11
فيها النفس. والنادر يجلب التعجب، ويستدعي إلى البحث والروية
12
في سببه.
13
ـــ والحاصيّة بالجملة (أي بصورة مختصرة) طبيعة (أي صفة) موجودة بالاجرام
14
المركبة من العناصر، من الفيض الالهي العلوي، لما يحدث لها من الأمزجة الخاصة،
15
المفيدة لاستعدادات خاصة.
16
هذا هو الكلام في الخاصية، بحسب التحقيق، وأما بحسب المعتاد فيظن أن الخاصية
17
تفارق الطبيعة (أي تخالفها)، بسبب أنها قوة موجودة في بعض الأجسام المتكونة
18
بالامتزاج، يصدر عنها، في جسم آخر، فعل خارج عن المعتاد في الطبيعة المشهورة.
249
1
والطبيعة هي قوة تفعل بها الأجسام البسيطة أفاعيلها بالذات. وإلى هذا يذهب
2
الجمهور والضعفاء من أهل النظر. ولو كانت النار مما يعزّ وجوده، ويجلب من بلاد
3
قاصية، لكان الجمهور يقدمون خاصيتها على سائر الخاصيّات. ولكان بحثهم
4
عن سبب خاصيتها يكون أشد من بحثهم عن أسباب سائر الخاصيّات.
5
ـــ فإن الأفعال الكائنة عن النار عجيبة جدًا، وكيف لا وهي تخرج الإبصار من القوة
6
إلى الفعل، وتمتنع عن الجاسّ، وتُرى متصعِّدة إلى فوق، ومُصعِّدة لكل
7
ماتقوى عليه. ويتولد من قليلها في ساعة واحدة شيء عظيم. وتُفسد كلَّ مايُلاقيها،
8
وتحيله إلى جوهرها، ولا يُنقصها الأخذ منها.
9
ولعمري أن هذا لأعجب كثيرًا من جذب المغناطيس للحديد، ومن سائر
10
الخواص. إلا أن الشهرة، وكثرة المشاهدة، اسقطتا التعجب عنها والبحث
11
عن سببها. وندور فعل المغناطيس أوجب التعجب ودعا إلى البحث عن سببه.
12
«الفصل الثانى عشر»
13
يجب علينا في بحثنا، عن أحوال الأدوية القلبية، أن نذكر أفعال كل صنف من الأدوية
14
المشتركة في معنى (أي في التأثير) ومنافعه في هذا الباب.
15
وقبل ذلك يجب أن نعدَّ الصفات التي للأدوية كلها، على سبيل الوضع،
16
فنقول:
250
1
ـــ إن صفات الأدوية بعضها للأدوية في ذاتها، سواء كان وجودها (أي الصفات)
2
فيها قبل فعل (البدن فيها أو لم يكن. وبعضها للأدوية، بالقياس إلى الأبدان
3
التي تفعل الأدوية فيها، وما يتصل بالأبدان.
4
فصفات الأدوية في أنفسها هي) مثل: الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة،
5
ثم اللطافة والكثافة، والجمود واللزوجة، والسيلان والهشاشة. ومثل الطعوم
6
والروائح.
7
ـــ ونعني بالدواء الحار ماكان من الأدوية، إذا فعلت فيه القوة الطبيعية التي فينا،
8
سخن أولًا، فيعرض من ذلك أن تسخن أبداننا. وكذلك نعني بالدواء
9
البارد والرطب واليابس.
10
ـــ ونعني باللطيف ما من شأنه، إذا فعلت فيه تلك القوة، أن ينقسم في أبداننا سريعًا إلى
11
أصغر الأجزاء التي يمكن (ان يصل اليها) مثل الدارصيني والزعفران ـــ ونعني
12
بالكثيف ماليس ذلك من شأنه ـــ ونعني بالجامد كل دواء عَقَده البرد والحر
13
يسيِّله، أو الحر يعقده والبرد يسيِّله.
14
ـــ ونعني بالجامد كل دواء يعسر أن تتحرك أجزاؤه عن الوضع الذي يقع له.
15
ـــ ونعني بالسائل كل دواء يسهل أن تتحرك أجزاؤه عن أي موضع وقع له.
251
1
ـــ ونعني باللزج كل دواء من شأنه أن يقبل الامتداد ولا ينقطع.
2
ـــ ونعني بالهش كل دواء يمكن أن ينقسم إلى أجزاء صغار بسبب ضعيف. وأما الطعوم
3
والروائح فمعروفة.
4
وأما الصفات التي للأدوية، بحسب أفعالها في أبداننا، فمنها صفات لها مطلقة،
5
ومنها صفات لها بحسب أفعالها في عظائم الأمور البدنية.
6
أما صفاتها، التي بحسب أفعالها المطلقة، فمثل قولنا: دواء ملطف ـــ محلل ـــ جال ـــ
7
مخشن ـــ مفتح ـــ مرخ ـــ غسال ـــ مقطع ـــ جاذب ـــ لاذع ـــ محمر ـــ مقرِّح ـــ محكِّك
8
ـــ محرقـــ أكال ـــ معفن ـــ كاوٍ ـــ منضج ـــ هاضم ـــ منفخ ـــ كاسر للرياح.
9
وطبقة أخرى: مغلّظ ـــ مغرّي ـــ مملّس ـــ مزلّق ـــ مقبض ـــ عاصر ـــ
10
مسدد ـــ رادع ـــ متدر ـــ مقو ـــ مفجج.
11
وطبقة أخرى: قاتل ـــ سم ـــ ترياق ـــ بادزهر.
12
وأما صفاتها، بحسب أفعالها في عظائم الأمور البدنية، فمثل قولنا: مسهل ـــ
13
مدر للبول والعرق والدم ـــ مسقط ـــ منفث ـــ مقيء ـــ حابس للدم ـــ عاقل ـــ
14
ماسك للبول ـــ مدمل للقروح ـــ منبت للحم ـــ موسخ للقروح ـــ منق لها ـــ قاشر ...
15
ولنذكر الآن معنى هذه الألفاظ، لنفهم كل واحد من هذه الصفات
16
على حدته، ونفهم الفرق بينه وبين غيره:
252
1
الملطف: هو الدواء الذي يجعل قوام الخلط أرق، بتحليل، (و)بحرارة معتدلة،
2
(مثل الزوفا والحاشا والبابونج).
3
المحلل: هو الدواء الذي يفرق الخلط، بتبخيره إياه، وإخراجه عن الموضع الذي
4
اشتبك فيه، جزءًا بعد جزء، حتى يفى لفرط حرارته (مثل الجندبيدستر).
5
الجالي: هو الدواء الذي يفي، من الرطوبات الجامدة واللزجة، ما كان على سطح
6
العضو وفوهات المسام.
7
المخشِّن: هو (الدواء) الجالي. إذا جلا عن عضو متين القوام، مثل العظم والغضروف
8
والعصب، إذا كان وضع أجزاء العضو مختلفًا، وقد جرى عليه رطوبة سلبت
9
له ملاسته فاعادته إلى خشونته.
10
المفتَّح: هو الدواء الذي يحرك المادة الواقفة في تجويف المنافذ، ويخرجها لا عن فوهاتها
11
فقط.
12
المرخي: هو الدواء الذي يجعل قوام الأعضاء المتكثفة المسام ألين، لرطوبته وحرّه.
13
فيعرض من ذلك أن تصير المسام أوسع، واندفاع ما فيها من الفضول أسهل.
14
الغسّال: هو الدواء الذي يجلو لا بقوة فاعلة، بل بقوة منفعلة فيه، وهي الرطوبة،
15
بأن يجري على فوهات المسام فيليّن ماعليها من الأخلاط اللزجة والجامدة، برطتوبته
16
وسيلانه ومخالطته إياها. ثم يزيلها بعد ذلك عنها بحركته على سطوحها، مثل ماء
17
الشعير، بل مثل ماء القراح. فإن كان هناك قوة قوة جالية كان الغسل أقوى، وذلك
18
مثل ماء الصابون وماء الأشنان.
253
1
المقطِّع: هو الدواء اللطيف الذي يمكنه أن ينفذ ما بين سطح العضو وسطح الخلط اللزج،
2
الملتزق به حتى يبرئه عنه. وكذلك ينفذ فيما بين أجزاء الخلط، حتى يفرق بينها
3
ويفقدها الاتصال، ويصغّر أحجامها، لا من جهة ترقيق القوام وإفناء الجوهر
4
بالتحليل. والمقطِّع بازاء (أي يعاكس أو ضد) الملزق (اللزج)، كما أن الملطف بإزاء
5
المكثف.
6
الجاذب: هو الدواء الذي له كيفية نفاذه جدًا ـــ فيحرك الخلط نحو السطح الذي
7
يماسه، إما بخاصية وإما بتسخين. والتسخين يجذب لأنه يحلل، فيحتاج إلى بدل ما يحلل،
8
لضرورة الخلاء، ولأنه يخلخل محتاج أن يملأ القروح.
9
ولأنه يوجع، وكل عضو يتوجع تنصب اليه المواد لأمرين:
10
ـــ أحدهما أنه تضعف قوة العضو، فيقبل فضول الأعضاء الأخرى، التي تدفعها قواها
11
الدافعة.
12
ـــ والثاني لأن الروح الطبيعية تتوجه إليه لمقاومة السبب المؤذي، ويصحبه دم كثير.
13
اللاذع: هو الدواء الذي له كيفية لطيفة نافذة. يُحدث في الاتصال تفرقًا كثير
14
العدد، متقارب الوضع، صغير المقدار، موجع.
15
المحمِّر: هو الدواء الذي يسخن العضو الذي يماسه تسخينًا قويًا، حتى يجذب اليه لطيف
16
الدم جذبًا قويًا، يبلغ ظاهره فيحمّره. ومثل هذا الخردل والتين والفودنج.
17
والأدوية المحمرة يقوم فعلها مقام الكي للجلد.
18
المقرِّح: هو الدواء الذي يفرط تحميره، حتى يحلل الرطوبة الواصلة بين أجزاء
19
ما يلاقيه، فيحدث فيها خراجات، ويجذب اليها فضولًا، فتصير قرحة، وهذا مثل
20
البلاذر.
254
1
المحكِّك: هو الدواء الذي يبلغ من جذبه وتسخينه أن يجذب إلى المسام أخلاطًا
2
لذاعةً، ولا يبلغ إلى أن يقرح، مثل الكبيكج.
3
المحرِّق: هو الدواء الذي يبخر رطوبة الأخلاط، وينقي مادتها، مثل الفربيون
4
والحلتيت.
5
الأكّال: هو الدواء الذي يبلغ من تحليله وتقريحه إلى أن ينقص من جوهر اللحم، مثل
6
الزنجار.
7
المعفِّن: هو الدواء الذي يفسد اتصال العضو، بتحليل بعض رطوبته. ويحلل
8
حرارته الغريزية بتحليل ما فيه من الروح الطبيعية. ولا يبلغ إلى أن يأكله أو يشويه أو
9
يحرقه، بل يبقي فيه رطوبة تعمل فيها حرارة غريبة. وكل رطوبة تعمل فيها حرارة
10
غريبة تُسمى حالُها تلك عفونة. وهذا مثل الزرنيخ والتافسيا.
11
الكاوي: هو الدواء الذي يحرق الجلد احراقًا يفني رطوبته، إلا ما يجمع أجزاءه، فيصلبه
12
كالحممة (أي الجمرة)، فيصير جوهر ذلك الجلد سد المجاري، خلط سائل (مثل الزاج
13
والقلقطار).
14
المنضج: هو الدواء الذي يصلح قوام الخلط، إن كان غليظًا، فيرققه باعتدال. وإن
15
كان رقيقًا يغلظه، حتى يصلح للاندفاع.
16
وقد يفعل ذلك بقوامه، بأن يكون رقيقًا، فيرقق برفق الخلط
17
الغليظ جدًا، أو غليظًا، فيغلظ (الخلط) الرقيق جدًا.
255
1
وقد يفعل بكيفيته، فإن الحار ينضج بالذات، والبارد قد ينضج
2
بالعرض.
3
ـــ أما الحار فلأنه يلطف (الخلط) الغليظ، ويفرق بالطبع بين البدن والشيء
4
الغريب.
5
ـــ واما البارد، فلأنه يفيد(الخلط) الرقيق جدًا قوامًا صالحًا، والحار جدًا مزاجًا معتدلًا.
6
وكل ما سيّله الحر جمده البرد وبالعكس.
7
وإذا كانت رقته من الحرارة الغريبة، فتتمكن الحرارة الغريزية من
8
دفعه، (و) لأنه يكسر حدة الحرارة الغريبة المضادة للحرارة الغريزية، فتستولي الحرارة
9
الغريزية.
10
الهاضم: هو الدواء الذي يحيل الغذاء إلى مشابهة الأخلاط المحمودة التي تغذو البدن،
11
و(يحيل) الأخلاط إلى مشابهة البدن.
12
والمنفخ: هو الدواء الذي في جوهره رطوبة غليظة غريبة. فإذا فعلت فيها الحرارة
13
الغريزية، المعتدلة المقدار، استحالت ريحًا ولم تتحلل، مثل اللوبيا.
14
ومنه ما نفخه في المعدة، ومنه ما نفخه داخل العروق، لأن الرطوبة مخالطة له مخالطة
15
شديدة، فلا تتحلل ريحًا شديدًا إلا عند شدة تفرق أجزاء الدواء. الذي يكون في
16
العروق لا في المعدة.
17
وهذا مثل الزنجبيل ومثل الجرجير، وهذه الأدوية تصلح لتهيج الباه.
18
كاسر الرياح: هو الدواء الذي يتدراك، بحرارته اللطيفة النافذة، ماقصّرت فيه الحرارة
19
الضعيفة، إذا أحالت الرطوبة إلى الريحية، ولم تتحلل.
256
1
وربما كان يبلغ بتحليله أن يحلل ما في العروق النائية من نفخ الأدوية والأغذية،
2
مثل بزر السذاب والبنجكشت، وجميع ما كان كذلك ضار بالباءة.
3
الدواء المغلِّظ: هو ضد الملطف.
4
المغرّي: هو الدواء اللزج، الذي ينبسط على فوهات المجاري فيسدها.
5
المملِّس: هو (الدواء) المغرّي، الذي ينبسط على وجه العضو، المختلف الأجزاء في
6
الوضع، أعني الخشن، مثل المعدة والرحم وقصبة الرئة، فيحدث عليها سطحًا
7
غريبًا أملس.
8
المزلِّق: هو الدواء الذي يبل سطح جسم محتبس في مجرى، فيبرئه (أي يخلصه) عما
9
احتبس فيه، ثم يتحرك ذلك الجسم بثقله الطبيعي، فيكون محركًا له بالعرض. وهو
10
مثل الإجاص واللعابات.
11
المقبض: هو الدواء اليابس، الذي يحدث في العضو يبسًا، واجتماعًا إلى ذاته، فيسدّ
12
لذلك المجاري.
13
العاصر: هو الدواء الذي يبلغ من تقبيضه وجمعه أجزاء العضو، بعضها إلى بعض،
14
(إلى) أن تضطر الرطوبات الرقيقة، التي تقيم في خللها، إلى الانضغاط والحركة
15
المباينة له.
16
المسدِّد: هو الدواء الذي، إذا جرى وحصل في المنافذ، استعصى على القوة
17
المحركة، فوقف عند كل مضيق، وملأ الفرجة، (وذلك) مثل الطين المأكول.
18
الرادع: هو الدواء البارد، الذي يحدث في العضو بردًا فيكثفه، ويضيق مسامه، ويجمد
257
1
(الخلط) السايل اليه، ويختّره بإطفاء حرارته، فيمنعه ويحبسه. وخصوصًا إذا كان (الدواء)
2
غليظ القوام، مثل: دهن الورد المبرّد، ولعاب بزر قطونا وغير ذلك.
3
المخدِّر: هو الدواء البارد، الذي يبلغ من تبريده العضو، إلى أن يحيل جوهر
4
ما ينفذ فيه من الروح إلى مزاج بارد، خارج عن مزاجه الذي به يقبل القوى الحساسة
5
والمحركة، ويحيل مزاج العضو كذلك، فيُبطل الحس.
6
المقوِّي: هو الدواء الذي يعدّل قوام العضو ومزاجه، حتى يمتنع عن قبول الآفات،
7
إما لخاصية فيه، مثل الطين المختوم والترياق، وإما لاعتدال مزاجه، فيبرد
8
ماهو أسخن (منه)، ويسخن ماهو أبرد (منه)، على ما حكم به جالينوس في دهن الورد.
9
الدواء المفجِّج: هو المانع من النضج والهضم لبرده، مثل الماء البارد، إذا شرب في
10
ورم المعدة.
11
الدواء القاتل: هو الذي يفسد مزاج الروح والبدن، إما لجوهره وصورته، التي
12
هي نوعه، مثل السموم. وإما لغلبة الكيفية الفاعلة فيه، مثل الأفيون ببرده،
13
والفربيون بحرّه.
14
السم: هو (الدواء) الذي يُفسد مزاج الروح، بمضادة جوهره ونوعه، لجوهر الروح
15
ونوعه، مثل البيش.
16
الترياق والفادزهر: هو الدواء الذي يحيل مزاج الروح، العارض عن دواء سمي، إلى
17
مزاجه الطبيعي، ويحفظ عليه بخاصيّة فيه.
258
1
وأما الدواء المدر للبول والعرق، والمسهل، ومسيّل الدم وحابسه، فسائر
2
ذلك معناه مفهوم، لا يحتاج إلى تحديد.
3
«الفصل الثالث عشر»
4
قال الشيخ: ومن الأدوية، الموصوفة بهذه الصفات، بعضها يدخل
5
في أدوية القلب، وبعضها لا يدخل. ولنذكر ما يدخل منها فيها:
6
الأدوية المسهلة: تدخل في تقوية القلب على وجهين:
7
ـــ أحدهما بأن يقصد منها الاسهال للخلط المؤذي، من البدن كله، أو من
8
ناحية الدماغ والقلب، مثل طبيخ الافتيمون، ومثل الشبيار، المتخذ بالأفتيمون.
9
ـــ والثاني بأن لا يقصد منها الاسهال المذكور، ولكن تنقية الدم الذي في القلب
10
خاصة، ليتولد الروح نقيًا، وذلك مثل إلقاء حجر اللازورد. والحجر الأرمني،
11
في أدوية القلب. حتى إذا حصلت قوتها في القلب استفادت منها طبيعة القلب
12
قوة ناقصة للخلط السوداوي عن الدم الذي يصير اليه، والبخار السوداوي عن الروح الذي
13
يتولد فيه، وتلك المنفعة تسري من القلب إلى الدماغ.
14
والأدوية المسهلة تضر بالقلب، من جهة أن كل استفراغ يجحف بالطبيعة من
15
وجهين:
259
1
ـــ أحدهما أنه قد يستفرغ ما هو ملائم للطبيعة مع ما ليس ملائمًا لها.
2
ـــ والثاني لأنه يحمل على الأعضاء وعلى الطبيعة، بما يستجلب من الأعضاء. ويقهر
3
الطبيعة، لأن الطبيعة تجذب الأخلاط إلى مقارها، وتمسكها هناك.
4
والدواء المسهل يفعل ضد ذلك، وما لم يحدث ضعفًا في القوة الطبيعية وعجزًا
5
لم يتمكن منه.
6
والترياق يحبس الاسهال والقيء، بتقويته للطبيعة، وتسليطه إياها على ما هو سمّي
7
الجوهر، وبسميته يستفرغ. ونعم ما قال ابقراط الحكيم «إن الدواء ينقي وينكي».
8
ثم الاسهال منفعته في التوحش، لما فيه من تنقية الروح، أكثر من منفعته في
9
ضعف القلب، لأنه يقلل مادة الروح، وينهك مزاج القلب.
10
الأدوية المدرّة للبول والعرق: نافعة من ضعف القلب، الذي يكون من رقة الدم ومائيته.
11
وهي ضارة في التوحش والغمّ، الذي يكون من كدورة الدم وسوداويته، لأنها تزيد
12
الدم غلظًا وظلمة وكدورة سوداوية و(تزيد المزاج) يبسًا.
13
في إخراج الدم: اخراج الدم ضار جدًا لضعف القلب، الذي يكون لبرد الدم ونزارته
14
ورقته، نافع لضعف القلب، الذي يكون لاختناق الحرارة الغريزية في كثرة
15
المواد الدموية. مثل الخفقان الدموي.
16
الأدوية الملطفة: تقع في أدوية القلب، إذا كان توحشه من عكر الدم، أو كان ضعفه من
17
غلظ الدم وبرده، فلا يتولد منه روح، لا كثير ولا معتدل.
18
وكذلك (الأدوية) المحلّلة والجلاّءة والمفتّحة، تقع فيها (أي من جملة الأدوية
19
القلبية) لتنفيذ تفتيحها (المنافذ).
260
1
الأدوية القلبية الثقيلة: مثل الكهربا، والطين المختوم، و(كذلك) الأدوية المنفخة:
2
ضارة جدًا بأصحاب التوحش وضعف القلب، وذلك لأنما تملأ جوهر
3
الروح من أبخرة غير مشاكلة ولا مستحيلة اليه، فنسبتها إليه نسبة الفضول إلى
4
الأعضاء، فتظلم الروح، وتثقل وتضعف عن أفعاله، فيكون ذلك سببًا
5
للتوحش وضعف القلب معًا.
6
الأدوية المقبِّضة والمغرِّية: تدخل في أدوية القلب، حتى تفيد جوهر الروح متانة واتصالًا
7
صالحًا، فلا يسرع اليه التحلل عند أدنى حركة. ومنفعتها في ضعف القلب أكثر
8
من منفعتها في التوحش، لأن ضعف القلب أكثر ما يعرض من رقة الروح والدم.
9
والتوحش أكتر ما يعرض من غلظ الدم وكدورته.
10
الأدوية الرادعة: تدخل في الأدوية القلبية، إذا كان القلب ضعيفًا، لسوء مزاج
11
حار، وكان يقبل الآفات.
12
الأدوية الخدّرة: تدخل في أدوية القلب، لتحفظ قوتها في طريقها إلى القلب، فلا
13
تفسد. ولتحفظ قوتها في القلب أيضًا، (حتى تبقى) زمانًا تؤثر فيه آثارها، وهذا
14
مثل الأفيون في معاجين القلب.
15
الأدوية المقويّة، التي لها ترياقية: تدخل كلها في أدوية القلب، لأنها ملائمة
16
لطبيعة الانسان بالخاصية، ومبدًا طبيعة الانسان القلب، ولتقويتها القلب
261
1
لا ينفعل عن السموم. وهذا مثل الدرونج والزرنباد والمسك. وجميع الأدوية المفرحة
2
للقلب، المقوية له، ترياقية.
3
و(لكن) ليس كل دواء ترياقي بمفرح، لأن كثيرًا منه شديد الحر،
4
كالجندبيدستر، أو شديد البرد، مثل الكافور وبزر الخس والبقلة الحمقاء.
5
وتكون ترياقيته محتاجة إلى تلك الكيفية (أي الحرارة أو البرودة)، لأمور منها:
6
ـــ ان السم الذي تقابله (تلك الترياقية) تكون مضادته لجوهر الروح، معانةً
7
بكيفية مضادة لتلك الكيفية، وربما كانت سميته (بسبب) تلك الكيفية لاغير.
8
ـــ ومنها انه ربما احتيج في مقاومة السموم، الحارة والباردة معًا، إلى حرارة شديدة،
9
لأمور: أحدها) لتكون الروح قوية الحركة والثاني) لتنبسط (الروح) انبساطًا
10
شديدًا، وتلاقي السم بما معها من السلاح التّرياقي من بعيد، فيقاومه ويدفعه،
11
قبل أن يصل إلى القلب. والثالث) ليقوى على احراق السم وافساده.
12
ويُحتاج، لهذه الغلبة، (إلى) مدة يسيرة، تحفظ الروح فيها مع
13
ذلك على سلامة الخاصيّة الترياقية،.
14
الأدوية المنقيّة: تدخل في القلبيات، لتسهيلها النَفَس، والترويح عن
15
القلب.
262
1
الأدوية المحلِّلة: رديئة جدًا، لضعف القلب والتوحش، إلا أن يكون ضعف القلب بسبب
2
غلظ الروح، مع بردها، ويكون في البدن أخلاط فجة.
3
وضررها في ضعف القلب بسبب أن الروح اليسيرة أو الرقيقة، تتحلل
4
بها (أي بالأدوية المحللة)، لأن أول ما يتحلل (من المود) ما كان جوهره من
5
جنس البخار والريح.
6
وضررها (أي الأدوية المحللة) بالتوحش هو بسبب أن التوحش، إن كان لقلة
7
الروح، زاده قلة بالتحليل، أو لعكر الروح، حلل اللطيف وزاد الباقي كثافة.
8
فإذا أوجبت الضرورة استعمالها فيجب أن يخلط بها من الأدوية المقوية، الجامعة
9
الحافظة للاتصال، ما كان أيضًا مناسبًا للقلب، مثل النعناع ومثل الهليلج
10
الكابلي.
11
«الفصل الرابع عشر»
12
قال الشيخ: وإذ قد تكلمنا في الأحكام القلبية للأدوية، وعرفنا بوجه
13
كلي ما يدخل منها في معالجات القلب وما لا يدخل، وأوضحنا العلة في ذلك،
14
فبالحري أن نتكلم في الأحكام الجزئية المفصلة للأدوية القلبية المفردة والمركبة.
15
ولنبدأ منها بذكر الأدوية المفردة على ترتيب حروف المعجم:
263
1
ـــ حرف الألف ـــ
2
إبريسم: هو من المفرحات، المقوية للقلب، وأفضله الخام منه. وقد يستعمل
3
المطبوخ منه، خصوصًا إذا لم يكن به صبغ. وهو حار يابس في الأولى، ولذلك
4
فيه تلطيف وتنشيف، وفيه أيضًا بريق وشفّ. وله خاصية تفريح القلب وتقويته.
5
ويعين في ذلك تلطيفه، فيبسط الروح، وتنشيفه فيمتنها، وشفّه
6
فينورها.
7
وليس تختص تقويته بروح دون روح، بل هو ملائم لجوهر الروح
8
كله، حتى انه ينفع الروح الذي في الدماغ، لما شهدته من تقوية البصر،
9
إذا اكتحل به. ومنفعته في الحفظ والروح، الذي في الكبد أيضًا، لما شهدته من
10
تسمينه.
11
ومعلوم أن تسمينه ليس من جهة اغتذاء البدن منه، فبقي أن يكون لتقويته الروح
12
الطبيعية على التصرف في الغذاء، وهو مما يستعمل بلا تعديل.
13
أملج: لقد اختلف الناس في مزاجه، فقال الأكثر انه بارد، وهذا هو الأصح،
14
لكن اليهودي، صاحب الكنتاش، زعم كما ظن أنه حار مسخن. واختلف الذين
264
1
قالوا ببرده: فمنهم من جعل برده في الأولى، ومنهم من جعل بردد في الثانية. ويُشبه
2
أن يكون في آخر الأولى.
3
وأما يبسه فهو في الثانية، فلذلك هو من الأدوية المقوية القابضة. وله
4
خاصية في تقوية القلب وتفريحه، ويعينها تقويته وقبضه. ويُعدّل برده، في
5
الأمزجة الباردة، بأدنى شيء، فيكون دواء ممتنًا للروح.
6
ومنفعة الأملج في تقوية القلب أكثر من منفعته في التوحش. وإنما ينفع
7
من التوحش، إذا كان، بسبب رقة الدم وقلته وسرعة تحلله. ولما كان من
8
الأدوية النافعة للقلب، بخاصيته وتنقيته، مع ذلك فهو من الأدوية الشديدة المنفعة
9
للذهن والحفظ. وبالجملة هذا الدواء من (أفضل) الأدوية المقوية للأعضاء كلها.
10
أترج: قشره من المفرحات الترياقية، التي حرارتها تعين خاصيتها.
11
وهو حار يابس في الثالثة. ويقرب منه ورقه وفقاحه، وهما ألطف منه.
12
وحمّاضه أيضًا من المقويات للقلب الحار المزاج، والنافعات في الخفقان الحار. وفيه
13
ترياقية تنفع كذلك من لسع الجرارات وقملة النسر والحية أيضًا، وهو
14
بارد يابس في الثالثة.
265
1
وبزره ترياق مشترك للسموم، ويشبه أن يكون من مقويات القلب، بتمتين
2
جوهر الروح، لأنه بارد يابس في الثالثة، ولا يبعد أن يكون من منوراته.
3
آس: مزاج الآس، كما يظهر، غير مستحكم الامتزاج، حتى يعود بطباعه إلى
4
قوة واحدة هي الغالبة. بل يشبه أن يكون فيه جوهران: أحدهما الغالب فيه البرد،
5
والآخر الغالب عليه الحر، ولم يستحكم فيما بينهما الامتزاج، والفعل والانفعال،
6
حتى يستقر المزاج على الغالب منهما.
7
قال الشيخ: وللآس في هذا الحكم نظائر كثيرة. ويشبه أن يكون ما فيه
8
من الجوهر اللطيف، الذي الغالب فيه الحر أقل، والكثيف الذي الغالب فيه البرد أكثر.
9
ولم يبلغ من تأكد امتزاجهما أن لا يفرق بينهما الحار الغريزي، الذي في أبداننا، بل يفرق
10
بينهما، فينفذ أولًا الجوهر الحار الذي فيه فيُسخّن، ثم يأتي بعده البارد فيقوّي
11
ويشدّ.
12
ولهذا تعظم منفعته في انبات الشعر، لأن الجوهر الحار يجذب المادة، ويوسع
13
المسام أولًا. ثم الجوهر البارد منه يشد العضو ويقبض المسام، وقد انجذبت إليه
14
المادة التي يتكون منها الشعر فتنعقد شعرًا. والعطرية التي فيه مركبها الجوهر الحار
15
الذي فيه، والعفوصة مركبها الجوهر البارد (الذي فيه). فإذا اعتبر الآس، بمزاجه
16
الأغلب الأقوى، كان باردًا في الأولى يابسًا في الثانية، وله مع ذلك تلطيف. فهو لعطريته
17
ملائم للروح، ولما فيه من القبض مع التلطيف ممتن لها منقّ لجوهرها، باسط
18
لها. ولاجتماع هذه المعاني هو من الأدوية النافعة في الخفقان وضعف القلب.
266
1
أشنة: حار في الأولى، يابس في الثانية. ولعطريته يلائم جوهر الروح،
2
ويقوّيه ويقبضه و يمتنه. وللطافته ينفذ إليه، فهو لهذا نافع من الخفقان، مقو
3
للقلب.
4
أسطوخوذس: حار في الأولى، يابس في الثانية. خاصيته اسهال الخلط السوداوي، وخصوصًا
5
من الرأس والقلب. فهو يفرح ويقوي القلب، بتصفيته جوهر الروح، في
6
القلب والدماغ معًا من السوداء. وفيه قبض يسير، فهو لذلك يمتن جوهر الروح في
7
القلب.
8
ويشبه أن يكون له خاصية خارجة عن هذه الوجوه في تقوية القلب. ولذلك كان
9
شديد المنفعة من السموم المشروبة، ومن اللدوغ. وشديد المنفعة في تقوية القلب
10
وتذكية الفكر.
11
أرماك: خشبة عطرية، تشبه القرفة. يقال انها تجلب من اليمن، ويقال انها
12
تجلب من الهند. وهي حارة في الثانية يابسة في الأولى، وهي قوية جدًا في منفعة
13
الروح بخاصية فيها. ويعينها العطرية والقبض مع اللطافة، على نحو ما سلف لنا
14
ذكره مرارًا. فهي تقويّ القلب والدماغ والأحشاء كلها بالجملة، وتعين في
15
أفعال القوى كلها.
16
آذريون: حار يابس في الثالثة، فيه ترياقية، ويقوي القلب. إلا أنه يميل
17
بمزاج الروح إلى جنبة الغضب دون الفرح.
267
1
أنفحة: حارة في آخر الثالثة، يابسة فيها، ترياقية جدًا، إلا أنها لا تدخل في
2
التفريح، لافراط تسخينها.
3
ـــ حرف الباء ـــ
4
باذرنجبوية: حار يابس في الثانية. له خاصية عجيبة في تفريح القلب، وفي تقويته
5
معًا. وعطريته وتلطيفه وتفتيحه، مع قبض فيه، يعين خاصيته. وهو مع ذلك
6
ينفع الأحشاء كلها. وفيه طبيعة اسهالية خفية، تنقّي بأن تسهل عن الروح
7
البخار السوداوي، وعن الدم الذي في القلب، ولا تنقي بمثله عن الأعضاء
8
والبدن كله.
9
بادروج: حار يابس في الأولى، وفيه عطرية، وفيه قبض مع تسخين، وفيه رطوبة
10
فضلية. ويفرِّح بخاصية تعينها العطرية، التي يصحبها قبض مع تلطيف.
11
إلا أن عاقبته في التفريح غير محمودة، وذلك لأن الجوهر الغذائي الذي فيه
12
مضاد للجوهر الدوائي الذي فيه. (و)لأن الجوهر الدوائي يفعل ما ذكرناه،
13
والجوهر الغذائي الذي فيه يتولد منه دم عكر سوداوي. والرطوبة الفضلية التي فيه تحدث
14
منها النفخة في العروق. وقد عرفت مضرة هذين المعنيّين (بالروح والفرح)
268
1
بسّد: بارد في الأولى، يابس في الثانية. يقوي القلب ويفرح بخاصيّة فيه، يعينها
2
تنويره بشفِّه، وتمتينه بقبضه.
3
بهمن: حار في الثانية، يابس في الأولى. ومنه أبيض ومنه أحمر، والأحمر
4
أشد حرارة. وفيهما جميعًا قبض مع تلطيف وتفتيح. ولهما خاصية قوية في تقوية القلب
5
وتفريحه معًا. وتعينها الطبيعة المذكورة، أعني القبض مع التلطيف.
6
بيض: البيض وإن لم يكن من الأدوية المطلقة، فإنه مما له مدخل في تقوية
7
القلب جدًا. وأعني بذلك الصفرة من بيض الحيوان، المحمود اللحم،
8
كالدجاج والتدرج والدراج والقبج. وهذه الصفرة معتدلة المزاج، وتجمع ثلاث
9
معان: سرعة الاستحالة إلى الدم ـــ وقلة الفضل الذي لا يستحيل منها اليه ـــ وكون
10
الدم الذي يتولد منها مجانسًا للدم الذي يغذوا القلب، خفيفًا فيندفع اليه بعجلة.
11
فلذلك كان أوفق ما يتلافى به عادية الأمراض. المحللة لجوهر الروح، المقللة
12
لمادتها، وهو الدم الذي في القلب.
13
بسفايج: مفرّح، لا بالذات بل بالعرض. لأنه يستفرغ الخلط السوداوي من
14
(دم) القلب والدماغ والبدن كله.
269
1
ـــ حرف الجيم ـــ
2
جدوار: هو من المفرحات والمقويات العظيمة للقلب. وهو اجل ترياق للبيش وللدغ
3
الأفاعي. وليست حرارته بمفرطة، فلذلك مع أنه ترياق فهو أيضًا مفرح مقوٍ.
4
وهو شجرة تشبه الزراوند، تنبت مع البيش. وأي بيش جاورها لم يفرِّع
5
ولم يثمر. و أظن أنه الذي يسمى يتوعًا، لأن له هذه الصفة، ولكني
6
لا أقطع به.
7
ـــ حرف الدال ـــ
8
درونج: حار يابس، في أول الثالثة. إلا أن خاصيته في تقوية القلب وتفريحه شديدة
9
جدًا، لا يقاومها افراط حره، ويعينها ترياقية، وما فيه من القبض
10
اللطيف.
11
فهو لذلك ترياق من السموم كلها، قوي ومفرح قوي. وقد
12
يكسر شدة تسخينه بما يمزج به من شراب التفاح. وان أريد (استعماله) لخفقان
13
حار جدًا خلط به قليل كافور، فتبقى خاصيته وتنكسر كيفيته.
14
دارصيي: حار في آخر الثانية، يابس في الثالثة، وفي طبيعته قبض يسير. وله
15
خاصية تفريح، تعينها عطريته، و(هما) تقاومان شدة حرارته، وتنصرانه في
16
المنفعة الترياقية.
270
1
ـــ حرف الهاء ـــ
2
هليلج كابلي وهندي: (كلاهما) بارد في الأولى، يابس في الثانية. وفي طبيعته
3
القبض، يدل عليه عفوصته. وإما يسهل بخاصيّة يعينها العصر واسهاله للسوداء.
4
والهندي أشد اسهالًا من الكابلي. ويشتركان في تنقية دم القلب، مع تمتين وتقوية.
5
ولذلك يفرحان، ويشبه أن يكون لخاصية (فيهما) أيضًا.
6
ـــ حرف الواو ـــ
7
ورد: امتزاج جوهره (متخلخل) غير مستحكم، على (نحو) ما قلناه في
8
الآس. ففيه جوهرٌ مزاجه البرد في الثانية، وجوهر مزاجه الحر في الأولى. وفيه جوهر
9
ملين مرطب، وفيه جوهر مكثف يابس.
10
وهو بعطريته ملائم لجوهر الروح، وخصوصًا إذا سخن مزاجه، فينفعه
11
ببرده ويمتنه بقبضه. فلذلك هو نافع جدًا من الغشي والخفقان الحارين، إذا جُرع ماؤه
12
يسيرًا يسيرًا. وهو نافع للأحشاء كلها.
13
ـــ حرف الزاي ـــ
14
زعفران: حار في الثانية، يابس في الأولى. فيه قبض وتحليل قويان، يتبعهما
15
لا محالة انضاج. وله خاصية شديدة في تقوية جوهر الروح وتفريحه، لما يحدث
271
1
فيه من نورانية وانبساط، مع متانة. ويُعينها العطرية الشديدة مع الطبيعة المذكورة.
2
فإذا استكثر منه أفرط في بسط (جوهر) الروح وتحريكه إلى خارج، حتى يعرض
3
منه انقطاعه عن المادة الغاذية، ويتبعه الموت. وقد قُدِّر لذلك وزنٌ والأولى أن
4
لا يُذكر.
5
زرنب وزرنباد: حاران يابسان في الثانية، وفيهما قبض مع تلطيف. ولهما خاصية
6
في التفريح وتقوية القلب. ويشبه أن يكون في الزرنباد أكثر كثيرًا منها في الزرنب.
7
لأن الزرنب يشيه أن يكون تفريحه وتقويته للقلب بسبب طبيعته وكيفيته، أكثر منها بسبب
8
خاصيته. وكيفيته هى العطرية التى فيه، وقبضه مع تلطيفه.
9
وأما الزرنباد فالفعلان منه لخاصية قوية (فيه) يعينها قبضه وتلطيفه. وهو يجعل
10
في الترياقات الكبار. ولشدة ملائمته لجوهر الروح يقوي الروح التي في الكبد،
11
حتى (انه) يقع في المسمنات.
12
ـــ حرف الحاء ـــ
13
حجر أرمني: يقوي القلب ويفرحه بخاصيّة فيه، مع نفضه عن الروح الدخان
14
السوداوي، وتنقيته البدن من الخلط السوداوي.
15
ـــ حوف الطاء ـــ
16
طباشير: له خاصية في تقوية القلب وتفريحه، والمنفعة في الخفقان والغشي الحارين.
17
ويُعينها قبضه، وفي الأمزجة الحارة تبريده في الثانية، وقد يُعدّل بالزعفران في الأمزجة
18
الباردة. ويشبه أن يكون تفريحه وتقويته باحداث نورانية في الروح مع متانة.
272
1
طرخشقون: هو الهندباء البرّي. وهو بارد يابس في الأولى. وله خاصيّة ترياقية
2
تدخل في تقوية القلب شربًا وضمادًا.
3
طين مختوم: هو معتدل المزاج في الحر والبرد، مشاكل لمزاج الإنسان.
4
إلا أن يبسه أكثر من رطوبته. وفيه رطوبة شديدة الامتزاج باليبوسة، فلذلك فيه لزوجة
5
وتغرية. ولأن اليبوسة فيه أكتر ففيه مع ذلك نشف. وله خاصية عجيبة في تقوية
6
القلب وتفريحه. ويخرج إلى حد الترياقية المطلقة، حتى (أنه) يقاوم السموم
7
كلها.
8
وإذا شرب على السم أو قبله حمل الطبيعة على قذفه. ويشبه أن تكون خاصيته
9
تنوير الروح وتعديلها، ويعينها (أي الخاصية) ما فيه (أي الطين) من اللزوجة
10
والقبض، فيزيد الروح مع ذلك متانة، فيجمع إلى التفريح التقوية.
11
ـــ حرف الياء ـــ
12
ياقوت: أما طبعه فيُشبه، أن يكون معتدلًا. واما خاصيته في التفريح، وتقوية
13
القلب، ومقاومة السموم، فأمر عظيم. ويشبه أن تكون هذه الخاصيّة قوة غير مقتصرة
14
على جرمه، بل فائضة منه فيضانها من المغناطيس.
15
ومما يقنع في هذا الباب، من أمر الياقوت، أنه يَبْعُدان نقول ان حرارتنا الغريزية
16
تفعل في الياقوت المشروب احالة وتحليلًا، وتمزيجًا لجوهره بجوهر البخار الروحي،
17
كما تفعل بالزعفران وغيره.
273
1
وبالجملة يبعد أن نقول أن الياقوت ينفعل في صورته عن الحار الغريزي،
2
(مما) يحدث منه فعله، فإن جوهره كما يظهر جوهر بعيد عن الانفعال، فيشبه
3
أن يكون فعل الحرارة الغريزية غير مؤثر في جوهره، ولا في أعراضه اللازمة لصورته،
4
لكن في أينه أو مكانه وفي كيفيته العرضيين.
5
أما في أينه فبأن ينفذه مع الدم إلى ناحية القلب، فيصير أقرب من المنفعل،
6
فيفعل فعله أقوى. وأما في كيفيته، فبأن يسخنه، ومن شأن السخونة أن تثيرالخواص
7
وتنبه القوى، مثل الكهرباء، فإنه إذا قصّر في جذب التبن حكّ حتى يسخن، ثم قوبل
8
به التبن فيجذبه. فيشبه أن يكون غاية تأثير طبيعتنا في الياقوت هذا، ويكون
9
فعلها زيادة إفاضة لما يفيض (منه) طبعًا وزيادة تقريب.
10
وما شهد به الأولون من تفريح الياقوت بامساكه، وخصوصًا في الفم، دليل
11
على أنه ليس يحتاج في تفريحه إلى استحالة في جوهره وأعراضه اللازمة، ولا إلى
12
مماسّة المنفعل عنه. بل قوته المفرِّحة فائضة عنه. الا أنها تقوّي فعلها بالتسخين
13
وبالتقريب، كما في سائر الخواص. ويشبه أن يعين فعل هذه الخاصية ما فيه (أي
14
الياقوت) من التنوير بشّفه والتعديل للمزاج.
15
ـــ حرف الكاف ـــ
16
كندر: حار في الثانية، يابس في الأولى. مقو للروح الذي في القلب والذي في
17
الدماغ، فهو لذلك نافع من البلادة والنسيان. وحاله مناسب لحال البهمن، الا أنه
274
1
أضعف منه في تقوية القلب، وأقوى عطرية. وللترياقية التي فيه تنفع دخنته
2
في الوباء.
3
كهربا: حار في الأولى، يابس في الثانية، وقد ظن أنه بارد. له عطرية كافورية، وله
4
شفافية يسيرة. وخاصيته في تقوية القلب، وتفريحه وإزالة الخفقان، معانة
5
بتعديله وتمتينه الروح.
6
كافور: بارد يابس في الثالثة، وله خاصية قوية في ملاءمة جوهر الروح. يغللب تبريده
7
إذا اعتدل مقداره. وربما أعانها تبريده، في الأمزجة الحارة، إذا كان سوء
8
المزاج سببه ضعف جوهر الروح وتحلله.
9
وأما عطريته فهي معينة للخاصية معونة مطلقة، لا بحسب مزاج دون مزاج.
10
وقد يعدّل تبريده بالمسك والعنبر، وتجفيفه بالادهان العطرة الرطبة، مثل دهن الخيري
11
والبنفسج. وهو ترياق، وخصوصًا للسموم الحارة، وتستفيد منه الروح لطافة
12
ت
13
ونورانية شديدة، وبذلك تُقوّي وتفرح. والكهربا يشاكله في هذا المعنى
14
مشاكلة ما، إلا أن الكافور أقوى خاصية وأشد ملاءمة.
15
كزبرة يابسة: هي باردة في الثانية، يابسة في الثالثة. لها خاصية تقوية القلب
16
وتفريحه، وخصوصًا في المزاج الحار. ويعينها عطريتها وقبضها (الممتن لجوهر الروح).
17
كمثرى: فيه عطرية وقبض، ومتانة جوهر. وهو إلى البرد، وفيه خاصية تقوية القلب.
18
ويعينها ما ذكرناه، والتفاح خير منه.
275
1
ـــ حرف اللام ـــ
2
لسان الثور: هو حار رطب في الأولى. خاصيته في تفريح القلب وتقويته عظيمة حدًا.
3
ويعينها ما فيه من اسهال السوداء الرقيق، فينقي بذلك جوهر الروح ودم القلب.
4
والجيد منه ما يجلب من خراسان، ويكون ورقه أثخن، وزغبه أكبر حجمًا، وشكله بعد
5
الجفاف غير متشنج ولا يابس.
6
وأما الموجود في هذه البلاد فهو جنس من المرو، ويؤخذ على أنه لسان الثور
7
لمشابهته إياه، وليس به. وقد جمع هذا الدواء قوة الخاصية، مع قرب الطبيعة من
8
الاعتدال، فلا إيثار عليه.
9
لازورد: شبيه الحكم بما قيل في الحجر الأرمني، وأضعف منه يسيرًا.
10
لولو: يشبه الكهربا في الطبع والنورانية. إلا أن الكهربا لا يلحق شأوه، وخاصيته
11
عظيمة جدًا.
12
لحم: اللحم، وإن كان غذاء صرفًا، فبما أن ماءه يدخل في معالجة ضعف
13
القلب، فلا بأس لو تكلمنا فيه، فنقول:
14
إن ماء اللحم، إذا كان اللحم محمودًا، إما لحم الحولي من الضأن والثني، وإما
15
لحم الحملان والجداء، وإما لحوم الطير المحمودة، أنفع شيء لضعف القلب.
16
وإن كان (ضعف القلب)، من رقة الروح، فلحم الحولي من الضأن والثني منها.
17
وإن كان لغلظه وكدورته، مع قلته، فالتي هي أخف منه. وأكثر أطباء زماننا يظنون أن
276
1
ماء اللحم هو المرقة التي يطبخ في مائها اللحم. و(الأمر) ليس كذلك، بل ماء اللحم هو
2
ما يخرجه الطبخ من اللحم المدقوق، حتى يسيل منه رشحًا، وينقلي فيه اللحم، ثم يصفى ويشرب.
3
ـــ حرف الميم ـــ
4
مسك: حار يابس في الثالثة. يشبه الزعفران ولا يبلغ شأوه، فانقل ما قيل في الزعفران
5
إلى هذا الموضع. وهو اجل ترياق للبيش والهلهل وقرن السنبل. ويعدّل حره
6
بالكافور، ويبسه بالادهان المرطبة، مثل دهن البنفسج والورد.
7
مومياي: حار في آخر الثانية، يابس كما أظن في الأولى. له خاصية تقوية
8
الروح كله، ويعينها لزوجته الممتنة.
9
ـــ حرف النون ـــ
10
نمام: إذا عدّل حره ويبسه بدهن البنفسج، وبقيت عطريته ونفوذه، كان نافعًا في تعديل
11
الروح التي في الدماغ، وخاصة إذا كان بلغمي المزاج. فحينئذ لا يحتاج ان يعدّل.
12
ولم أسمع له في الروح الذي في القلب كثير فعل. ويشبه أيضًا أن يكون له فيه فعل، لما
13
ذكر من أوصافه.
14
نيلوفر: يقرب في أحكامه من الكافور، إلا أنه أرطب. ورطوبته تحدث في جوهر
15
الروح الذي في الدماغ كلالًا وفتورًا، الا أن يكون محتاجًا إلى ترطيب وتبريد ليعتدل.
277
1
وأما الروح، الذي في القلب، فيشبه أن لا ينفعل عن المعنى الضار الذي فيه انفعال
2
الروح الذي في الدماغ، حتى تفوته منفعته. بل الخاصيّة التي في عطريته تقوّي
3
الروح الذي في القلب، ويكون ضرر برده ورطوبته بها إلى حدّ يُعدّل بالزعفران
4
والدارصيي.
5
نعنع: فيه عطرية لطيفة، وحلاوة تختلط بمرارة وعفوصة، اختلاطًا لذيذًا. وفيه
6
قبض صالح.
7
وهذه المعاني، كما ذكرنا مرارًا كثيرة مُعينة جدًا لخاصيته في التفريح.
8
وأما مزاجه فيشبه أن تكون حرارته في آخر الأولى ويبسه في أول الثانية.
9
ـــ حرف السين ـــ
10
سوسن ازاد: قريب الطباع من الزعفران، قريب الأحكام من أحكامه. لكنه
11
انقص حرًا ويبسًا منه، وهذا اصلح لتقوية القلب، وذاك للتفريح. فإن في
12
السوسن، من تمتين الروح، قريبًا مما في الزعفران. وليس فيه من البسط الشديد،
13
والتحريك العنيف للروح إلى خارج، ما في الزعفران.
14
فالزعفران لا ينفع في الغشي منفعته، لأن السوسن يحرك الروح تحريكًا أنقص،
15
مع ضبط وامساك أشد. وذلك يحرك تحريكًا أشد وامساكًا أقل.
16
سليخة: قريبة الطباع من الدارصيني وليست في لطافته.
278
1
سنبل ـــ سعد ـــ سادج: هي متقاربة الطباع، ويشبه أن تكون في الثانية من الحرارة
2
واليبوسة. وأحكامها أحكام العقاقير العطرة، التي فيها قبض مع تلطيف. وخاصيتها
3
تقوية القلب وتفريحه، فليعلم ما قيل في تلك في هذه.
4
ـــ حرف العين ـــ
5
عنبر: حار يابس في الثانية، مع متانة ولزوجة. وخاصيته شديدة في التقوية والتفريح معًا.
6
يعينها العطرية القوية، فهو لذلك مقو لجوهر كل روح في الأعضاء الرئيسية،
7
ممكِّن له، واشتد عتدالًا من المسك، وقد عرف موجب هذه الخصال، التي هي
8
عطرية مع تلطيف، ولزوجة ومتانة.
9
عود: يقارب العنبر في أحكامه، ولكنه يقصر عنه. ومزاجه أقرب إلى المعتدل، وهو
10
يقوي كل عضو.
11
ـــ حرف الفاءـــ
12
فضة: باردة يابسة قليلًا، وفعلها على حكم فعل الياقوت، ولكنه أضعف منه
13
كثيرًا.
14
فلنجمشك: هو في أحكام الباذرنجبوية، وأضعف قليلًا.
279
1
فاونيا: وهو عود الصليب. معتدل في الحر والبرد، ولكنه قوي التجفيف والقبض، مع
2
تلطيف. وهذان المعنيان (أي الصفتان) يعينان خاصيته في تقوية الروح الذي في الدماغ،
3
ونفض الفضول عنه، مع مافيه من إسهال السوداء والبلغم، عن جرم الدماغ وحده.
4
وإفادة الدماغ خاصيةً مقاومةً لقبول ذلك. ويشبه أن يكون له أيضًا في القلب تأثير شبيه
5
بذلك ولم يذكر.
6
فستق: له عطرية وقبض مع لزوجة، فيشبه أن يكون لذلك مفرحًا، مقويًا للقلب،
7
ولذلك عدّ في الترياقات.
8
ـــ حرف الصاد ـــ
9
صندل: فيه خاصيّة تفريح القلب وتقويته، ويعينها عطريته وقبضه، وتلطيف لطيف
10
فيه، وفي الأمزجة الحارة ببرده. والأبيض أشد بردًا و أقل يبسًا (من
11
الأحمر)، على أن كل ذلك في الثانية.
12
ـــ حرف القاف ـــ
13
قاقلة ـــ قرفة الطيب ـــ قرفة الدارصيي:
14
طبايعها متقاربة، وحرّها ويبسها في آخر الثانية. ولها، وخصوصًا للقاقلة
15
(خاصية) تقوية القلب وتفريحه. والعطرية، مع القبض والتلطيف، تعينها.
280
1
ـــ حرف الراء ـــ
2
ريباس: قريب الأحوال من حمّاض الأترج، وليس يضعف عنه في الطبيعة،
3
ويضعف عنه كثيرًا في الخاصيّة.
4
رمان: الحلو معتدل، موافق لمزاج الروح، بشفِّه وحلاوته، وخصوصًا
5
لروح الكبد.
6
ـــ حرف الشين ـــ
7
شقاقل: يُظن انه لتسخينه اللطيف وترطيبه يزيد في قوة الروح.
8
ـــ حرف التاء ـــ
9
تفاح: هو بارد يابس في الأولى. وله خاصية عظيمة في تفريح القلب وتقويته، يعينها
10
عطريته وحلاوته، ولأنه، مع أنه دواء، هو أيضًا غذاء، فينفع الروح،
11
بما يغذوه وبما يعدله وينفعه بخاصيته.
12
تمر هندي: بارد يابس في الثانية. ويظن أنه يقوي القلب، ويُشبه أن يكون ذلك خاصًا
13
بمن ساء مزاجه، ومال إلى الصفرة لونه، فهو يعدّ له بتبريده وتنقيته، بما فيه من
14
الطبيعة الاسهالية.
15
ـــ حرف الثاء ـــ لم يوجد
281
1
ـــ حرف الخاء ـــ
2
خيربوا:هو القاقلة الصغيرة، وألطف من الكبيرة.
3
ـــ حرف الذال ـــ
4
ذهب: أحكامه بين أحكام الياقوت وأحكام الفضة، فهو دون الياقوت وفوق
5
الفضة. ومزاجه معتدل إلى حرارة، وفعله بالخاصيّة.
6
ـــ حرف الضاد والظاء ـــ لم يوجدا
7
ـــ حرف الغين ـــ
8
غاريقون: حار في الأولى، يابس في الثانية. له خاصية الترياقية، من السموم كلها.
9
وهو للطافته، مع حرارته، مفتّح. وهو مسهل للخلط الكدر، وجميع ذلك مفيد
10
لخاصية تقوية القلب وتفريحه.
282
1
«الفصل الخامس عشر»
2
قد استوفينا الكلام، بحسب هذا العرض، في الأدوية المفردة القلبية، فلنتكلم
3
الآن في المركبة، وأولى ما نبدأ به هو:
4
الترياق الفاروق، والمعجون المعروف بمتروذيطوس: فإنهما اللذان لا يبلغ شيء من
5
الأدوية المركبة مبلغهما، في ملايمة مزاج الانسان وموافقته، وتقوية القلب، وازالة
6
التوحش، ومقاومة السموم.
7
وعلل هذه المعاني، في هذين الدوائين، منها ما هو معلوم، ومنها ما هو مجهول.
8
فالمعلوم، ما حصل لها من البسائط، والمجهول ما حصل لها بعد الامتزاج.
9
مثال الأول: انا نعرف ان الترياق والمتروذيطوس ينفعان من سم الأفاعي، لما
10
فيهما من الأدوية النافعة منه. وكذلك من سم العقرب، وكذلك من الخفقان، وكذلك
11
من ضعف القوة التي في الكبد.
12
مثال الثاني: إن أشرف فعلهما إنما هو بما حصل لهما من بعد الامتزاج، من
13
طبيعة ملائمة لطبيعة الانسان جدًا، واستعدا بالمزاج لقبولها ومبداها من خارج.
14
ونحن لا نعرف العلّة في استجابة النسبة، التي لمقادير الأدوية البسيطة فيهما،
15
لهذا الاستعداد، كجهلنا بما يحدث مثله لا بالصناعة بل بالطبيعة. والعقلاء من أهل النظر
283
1
يجزمون على أن الاهتداء إلى تأليف هذين الدوائين كان بارشاد إلهي وعناية الهية،
2
وأمر هو وحي أو شبه وحي. وأن القياس لا يبلغ كنهه، وإنما يبلغ القدر الذي
3
ذكرناه.
4
ولو كان فعل الترياق كله، إنما هو من جهة بسائطه، لا من جهة ما استفاده
5
بمزاجه، لكان الطري أفعل وأنفع من المخمّر، والأمر بخلافه.
6
إذ الطري لا منفعة له، الا بقدر يسير. وانما المنفعة الخاصيّة التي فيه
7
موجودة في المدرك المتخمر لا غير. ويستحكم تخمره، عند المتأخرين، مع بلوغه
8
عشرًا من السنين. وعند جالينوس عشرين سنة. وإنما ترجّى فيه المنفعة،
9
عند المتأخرين، بعد ستة أشهر. وليس هاهنا قياس عندنا ولا عند جالينوس، و(لا) من
10
قبله من الأطباء، يوجب حدوث هذه الخاصيّة فيما بعد الامتزاج.
11
نعم قد كان يرجّى أن يحدث فيهما، بعد التخمير والامتزاج، خاصية
12
جامعة لخواص البسايط، أضعف منها. ويخشى مع ذلك أن يكون الامتزاج يسقطها.
13
لكن الالهام الالهي والعناية ساقا إلى ذلك. فلما جُرِّب (الترياق) خرج أضعاف
14
المأمول فيه، وحقق الظن لا اليقين.
15
ثم المتخلفون من المتطببين يعتقدون أن في الترياق والمتروديطوس حرارة مجاوزة
16
للحد، فيتوقفون في استعمال مقدار نصف مثقال منه، ولا يتوقفون مثله في استعمال
17
أربعة مثاقيل من الكموني والفلافلي. والذي يوجب القياس هو أن الحرارة في الشربة من
284
1
هذين المعجونين أكثر كثيرًا منها، فيما يسقونه من سائر المعاجين. فإن في نصف مثقال
2
منهما دانقين وطسوج عسل، وثلاثة طساسيج أدوية. وإنما نفذت في العسل
3
قوة هذا القدر، وفيها أدوية باردة، وكفاك بالأفيون باردًا.
4
نعم، الشيء المتخمر تتضاعف قوته، كيف كانت حارة أو باردة. وأيضًا التخمر
5
يوجب زيادة التسخّن في الجوهر الرطب المتعجّن. والترياق تقبله الطبيعة،
6
أكثر مما تقبل المعجونين الآخرين المذكورين (أي الكموني والفلافلي) فيكون تأثيره،
7
إذا كانت قوته مساوية لقوة مثله، فيها (أي الطبيعة) أشد.
8
ولكن لا نبلغ أن نَجْبن عنه جبنًا عظيمًا، عندما نجسر على ذينك
9
جسارة شديدة.
10
والمعنيان الأولان قد يوجدان في ذينك الدوائين إذا تخمرا، فلا نجبن على تخمرهما،
11
ونجسر على استعمال طريهِّما. ومثله الحال في جسارة هؤلاء المتخلفين
12
على سقي مثل حب قوقايا، وحب المنتن، وحب السورنجان، وحب الصموغ.
13
وجبنهم عن أيارج لوغاذيا، وأيارج اركاغانيس، (علمًا بأن) الأدوية المجففة
14
في هذين (الدوائين الأخيرين) أقل وزنًا، وتقارنها مصلحات كثيرة.
15
ولما تأملت أنا فيما بيني وبين نفسي، وحسبت حرارة الترياق
16
والمتروديطوس وجدت حرارة الترياق في آخر الثانية، وحرارة متروديطوس
17
دونه بقليل، وهذا بحسب قوى بسائطهما وأوزانهما.
285
1
وأما ما يتوهم ان المزاج والتخمر فد يكون اكتسبهما من الحرارة الواردة
2
من خارج، فأمر غير مدرك بالقياس، بل بالتخمير الصناعي التجريبي.
3
والتجربة ليس ترينا من الترياق والمتروذيطوس تسخينًا لا تريناه من
4
الكموني والفلافلي شيئًا يعتد به.
5
وأما الأفعال الشريفة القوية، التي تظهر عن الترياق والمثروذيطوس، فليس
6
لشدة حرارة أو برودة، بل لخاصية شريفة، اما حاصلة من خواص البسائط،
7
واما من خارج. وإذا كان الأمر على هذا فليس استعمال الترياق والمثروذيطوس، على
8
ما يظن بهما أنهما يوجبان (أي يحدثان) من التسخين والإحراق أمرًا لا توجبه
9
أدوية أخرى، ومعاجين مما يستعمل.
10
فالإنسان، المعتدل المزاج، إذا استعمل من أيهما كان، في أوقات معتدلة أو
11
باردة، شيئًا معتدل المقدار، ولم يواتر ولم يكثر، انتفع بهما في تقوية القلب،
12
منفعة عظيمة. وحفظت عليه صحته، وأمن غوائل العفونات الوبائية،
13
والحركات الردية من الأخلاط، ولم تنكا فيه السموم، وقويت فيه القوى كلها، وطال
14
عمره.
15
وأما الذي به سوء مزاج حار، وفي الفصول والبلدان الحارة، فلا رخصة له
16
فيهما، ولا في سائر الجوارشنات والمعاجين الحارة، الا عند ضرورة ظاهرة.
17
ويلي الترياق والمثروذيطوس، من الأدوية، في هذا الباب، دواء المسك
18
المر، ودواء المسك الحلو. والمرأ قوى وأوفق لمن مزاجه معتدل أو إلى البرد، والحلو
19
لمن به سوء مزاج حار.
286
1
ودواء المسك لا يُقصِّر عن الترياق في التفريح كثيرًا، ويقصر عنه في التقوية
2
للقلب، قصورًا معتدلًا، وفي التقوية لسائر الأعضاء قصورًا شديدًا. وأكثر عنايته
3
في أمر القلب هو التفريح، وانعاش الروح. ولا يقاوم جميع السموم، بل ما جرى
4
مجرى البيش. وفائدته في اللدوغ أقل من فائدته في السموم المسقيّة. والترياقان
5
نافعان في الجميع.
6
ودواء المسك، قد يمكن أن يعدَّل المرُّ منه، بأن يؤخذ منه عشرة مثاقيل،
7
ومن عصارة التفاح المز، وعصارة الرمان الحلو، وعصارة السفرجل المز، من
8
كل واحد وزن خمسين مثقالًا. ويطبخ حتى يتقوم، ثم يستعمله حار المزاج.
9
وإن كان المزاج أسخن مزج (دواء المسك) بالمياه، مثل عصارة الريباس،
10
وماء حماض الاترج، ثم يكون الشربة مقدار ما يحفظ فيها الشربة من دواء المسك،
11
مع ثلاثة أمثاله مما دخل عليه. مثلًا تكون الشربة من هذا الرب ثلاثة مثاقيل أو
12
أربعة مثاقيل، فتحصل من دواء المسك الكبير منفعته، التي بحسب خاصيته، وينكسر
13
تسخينه المفرط. وكذلك الكلام في المفرِّحين الكبير والصغير، (الذي يسمى الحلو)
14
وأما معجون النجاح، الذي للكندي، فإنه نافع جدًا من ضعف القلب السوداوي
15
ومن علة الماليخوليا. لكن منفعته بالتصفية أكثر من منفعته بالتقوية. ومنفعة
16
دواء المسك والمفرّح، بالتقوية، أكثر من منفعتهما بالتصفية. فلذلك معجون
17
النجاح أوفق للتوحش السوداوي والماليخوليا، ودواء المسك والمفرّح أوفق للخفقان والغشي.
287
1
«الفصل السادس عشر»
2
وأما الأدوية، المختصة بهذا الشأن، مما جربناه نحن، ووقع تأليفها في
3
(هذا) الزمان، بعد تأليف ما سلف ذكره، فمن ذلك:
4
سكنجبين ألفته لأصحاب التوحش السوداوي والصرع: ينقي العلة بالرفق، و
5
وينضجها، ويستفرغها بأدنى مسهل. ونسخنه: افتيمون عشرة دراهم ـــ
6
بسفايج ستة دراهم ـــ لسان الثور خمسة عشر درهمًا ـــ حاشا وزوفا وكمافيطوس،
7
من كل واحد أربعة دراهم ـــ برسياوشان خمسة دراهم ـــ تربد ستة دراهم ـــ بزر
8
الباذرنجبوية، وبزر الباذروج، وبزر الفلنجمشك، زرنباد، درونج، بهمن أبيض،
9
بهمن أحمر، ساذج هندي، سنبل، قاقلة، من كل واحد ثلاثة دراهم ونصف ـــ
10
بزر الكشوت، بزر الهندبا، أصل السوس، أصل الهندبا، من كل واحد اثنا
11
عشر درهمًا، جلنجبين سكري وزن الجميع.
12
ينقع ذلك كله في الخل الثقيف، يومًا وليلة، ويكون الخل غمرها. ثم يصب
13
عليه المساء، سبعة ارطال، ويطبخ بالرفق، إلى أن يبق نصف الخل. ثم يصفى
14
الخل، ويلقى عليه من السكر ما يمززه، إن احتيج اليه ولم يكف الجلنجبين.
15
ويقوّم على النار ويرفع. الشربة منه من خمسة عشر درهمًا إلى عشرين درهمًا.
16
ويستعمل عشرة أيام، فيظهر منه نفع عظيم.
288
1
هذا إن كان هناك مادة كثيرة سوداوية. واما ان كانت المادة قليلة، لكن
2
الأعضاء الرئيسية مستعدة لأن يتولد فيها هذا الخلط، ويكون المقدار اليسير منه راسخًا في
3
الأوردة والشرايين، فقد جربت له هذا الشراب:
4
ونسخته: بزر الهندبا ـــ بزر الباذرنجبوية ـــ بزر الفلنجمشك، من كل
5
واحد عشرين درهمًا ـــ لسان الثور ثلاثون درهمًا ـــ ورق الباذرنجبوية وزن خمسة
6
عشر درهمًا ـــ أصل السوسن الاسمانجوني وزن خمسة دراهم ـــ اصل السوس
7
عشرة دراهم ـــ بسفايج وبزر الرازيانج، من كل واحد سبعة دراهم. يطبخ
8
جميع هذا في سنة أضعافه ماء الورد، وضعفه عصارة التفاح الحلو، حتى يبقى
9
من الجملة ثلاثة أضعافه. ويُصفى ويلقى عليه السكر، ويطبخ منه الجلاب. ويجوز
10
أن يطبخ منه انسكنجبين على قياس ما طبخ من الأول.
11
تركيب آخر: شريف جدًا، جربته معجونًا وأقراصًا. وزدت ونقصت فيه،
12
بحسب مزاج مزاج. فكان نفعه في تقوية القلب نفعًا شديدًا، وهذه خميرته:
13
لولو ـــ كهربا ـــ بسَّد، من كل واحد درهم ونصف ـــ ابريسم
14
مقرّض ـــ سرطان نهري محرّق، من كل واحد مثقال ودانق ـــ لسان الثور خمسة دراهم ـــ
15
سحالة الذهب وزن دانقين ـــ ياقوت مسحوق درهم ـــ بزر الفلنجمشك ـــ
16
بزر الباذروج ـــ بزر الباذرنجبوية، من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ـــ بهمن أحمر ـــ
17
بهمن أبيض ـــ عود هندي ـــ حجر أرمني مغسول ـــ حجر اللازورد مغسول
289
1
ـــ مصطكى ـــ سليخة ـــ دارصيني ـــ زعفران ـــ هيل بوا ـــ قاقلة كبار ـــ كبابة،
2
من كل واحد مثقالـــ افتيمون وزن درهمين ونصف ـــ اسطوخودس وزن
3
ثلاثة دراهم ـــ جدوار مثقال، فإن لم يوجد فبدله زرنباد مثقالان ـــ درونج روي
4
مثقالان ـــ بزر الهندبا وزن خمسة دراهم ـــ بزر القثاء أربعة دراهم ـــ
5
ترنجبين عشرة دراهم ـــ ورد احمر أربعة دراهم ـــ مسك مثقالان ـــ كافور مثقال ـــ
6
عنبر مثقال ـــ سنبل وساذج هندي، من كل واحد وزن درهمين.
7
فهذا هو الأصلوالخميرة. وقد يقرّص وقد يجمع بالعسل، وكلاهما قد
8
يعمل بحسب المزاج المعتدل، فلا يغير منه شيء. وقد يعمل لمن به سوء مزاج حار،
9
أو لمن به سوء مزاج بارد. اما للمعتدل (المزاج) فيترك على حاله، ويجعل
10
ما قرّص منه، كل قرص مثقالًا واحدًا. أو تعجن الجملة بثلاثة أمثالها عسل.
11
وإن أريد أن يخمر ثم يستعمل فيجب أن يلقى فيه من الأفيون وزن خمسة دراهم، ومن
12
الجندبيدستر مسحوقًا مثله. ولا يستعمل الا بعد (مرور) ستة أشهر أقله، أعني
13
إذا ألقي فيه الأفيون والجندبيدستر.
14
وأما من يغلب عليه سوء مزاج حار فيجب أن يجعل زعفرانه ومسكه نصف
15
مثقال، وينقص منه الأفتيمون، ويجعل بدله خمسة دراهم شاهترج، وأربعة دراهم
16
سنامكي، ويلقى فيه من الورد وزن عشرة دراهم، بزر البقلة الحمقا
17
ثمانية دراهم، طباشير خمسة دراهم، بزر الحس درهمان، صندل ثلاثة دراهم.
18
وتحفظ الأدوية الأخرى بحالها.
290
1
تقرِّص، كما ذكرنا، أو تعجن بعسلٍ منزوع الرغوة بالاستقصاء.
2
وأما من يغلب عليه سوء مزاج بارد فيجب أن يزاد في الأدوية: قشور جوزبوا
3
قشور الاترج ـــ عود البلسان ـــ زنجبيل ـــ فلفل، من كل واحد ثلاثة دراهم ـــ
4
جندبيدستر مثقالان، ويقتصر من الكافور على نصف مثقال.
5
ويُجزي صاحب المزاج الحار أن يتناول نصف الشربة منه مع مثقال
6
طباشير في رب التفاح. وصاحب المزاج البارد أن يتناول الشربة منه مع
7
وزن طسوجين جندبيدسّر.
8
وقد عالجت بعض من يجري مجرى الملوك عن ماليخوليا صعب، يضرب إلى
9
ألمانيا، وهو الجنون السَبْعي، لهذا أوردت في النسخة المعتدلة وزن درهم
10
ياقوت، مستقصى السحق، وكان رمانيًا نفيسًا، فانتفع به انتفاعًا شديدًا بعد اليأس.
11
وأما التركيب الخاص بأصحاب الأمزاج الحارة، التي إنما يصيبهم الخفقان
12
وضعف القلب، بسبب سوء مزاجهم الحار، فمنه تركيب بهذه الصفة:
13
بزر الخس ـــ بزر البطيخ ـــ بزر القرع ـــ بزر القثا مقشر ـــ من كل واحد
14
وزن خمسة دراهم ـــ بزر بقاة الحمقا، وزن اربعة دراهم ـــ لولو ـــ
15
بسد ـــ كهربا ـــ سرطان نهري محرق ـــ ابريسم مقرّض، من كل واحد مثقال
16
رُب الكندر مثقال، فان لم يوجد فخشب الكندر ثلاثة مثاقيل ـــ عود هندي ـــ
291
1
درونج ـــ زرنباد ـــ بهمن أبيض، من كل واحد وزن درهمين. طباشير
2
وقاقلة صغار، من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ـــ ورد احمر منزوع الأقماع،
3
مجفف في الظل، وزن سبعة دراهم ـــ زعفران نصف مثقال ـــ كافور مسحوق،
4
مع عشره مسك، سحقًا شديدًا، وسدسه عنبر، من الجملة وزن مثقال ونصف ـــ
5
لسان الثور خمسة مثاقيل.
6
يقرَّص جملة ذلك على ما بينا، أو يعجن برب التفاح ورب السفرجل ورب
7
الرمان، أجزاء سواء، بمقدار ما تعجنه.
8
ـــ ومنه جلاب يتخذ بعصارة لسان الثور، مع مثله عصارة الهندبا، وأربعة أمثاله
9
عصارة التفاح. ومثل الجمع مرتين ماء الورد، وسدس ما اجتمع سكر طبرزد. ويطبخ
10
بالرفق حتى يتقوّم.
11
ـــ و(منه) الجلاب المتخذ بورق الباذرنجبوية، مطبوخًا في ماء الورد، حتى يأخذ
12
قوته. ـــ أو تلقى عصارته في ماء الورد ثلث وثلثين. نافع لجميع من
13
به ضعف القلب، وخصوصًا إن كان معه لسان الثور. وأما اليابس فيطبخ
14
معه في ماء الورد. وأما الرطب فيمزج بعصارته، فإن كان المزاج شديد الحرارة
15
قلل من عصارة الباذرنجبوية، وزيد في عصارة لسان الثور، والا أخذا متساويين.
16
وأما الاستفراغات، لأصحاب السودا، فيجب أن تستعمل بعد
17
نضج وتليين. ثم إن كان في البدن كله امتلاء، من الخلط المؤذي، بديء بدء
18
باستفراغ البدن كله.
292
1
وأوفق ما يستفرغ به أن يحل وزن ستة دراهم ايارج اوغاذيا مدرك، في
2
وزن ثلاثين درهمًا طبيخ الأفتيمون مع الزبيب، على هذه الصفة:
3
وهو أن يؤخذ من الافتيمون، ومن الزبيب أوقيتان، ومن الماء رطلان.
4
بطبخ بالرفق حتى يبقى ما إذا صُفيِّ خرج منه وزن ثلاثين درهمًا. فإن لم يستفرغ بهذا
5
استفرغ بطبيخ الأفتيمون المعروف، و بوزن ثمانية دراهم افتيمون حديث اقريطي في
6
السكنجبين، بعد انضاج العلة بالسكنجبين، الذي قدمنا ذكره، إلا أن يخاف السحج،
7
فينصح بالجلاب الذي ذكرناه بعد السكنجبين الأول.
8
ومن الحبوب القوية حب بهذه الصفة:
9
ـــ ايارج فيقرا ـــ افتيمون، من كل واحد ثلثي درهم ـــ اسطوخودس ـــ بسفايج
10
غاريقون، من كل واحد وزن نصف درهم ـــ شحم الحنظل ربع درهم ـــ سقمونيا ـــ
11
مقل ـــ ملح دانق دانق.
12
ـــ آخر أفضل منه: ايارج ـــ افتيمون ـــ اسطوخودس، من كل واحد نصف درهم
13
حجر أرمني ولازورد مغسولين ـــ غاريقون ـــ شحم الحنظل ـــ ملح، من
14
كل واحد ربع درهم ـــ عود هندي ـــ مصطكى ـــ نعناع من كل واحد دانق
15
دانق ـــ خربق اسود طسوج ـــ سقمونيا طسوجان. واعلم أن الخربق في
16
المطبوخ، وزن درهم، وفي الحب نصف دانق، لا يضر شيئًا، ويقوّي عمل
17
الأدوية.
18
فاما اذا كان مع السوداء بلغم، وكان السودا بلغميًا، فيجب أن يستفرغ بهذا
19
الحب، وصفته: تربذ ـــ افتيمون، من كل واحد وزن درهم ـــ حاشا ـــ شحم
293
1
الحنظل ـــ غاريقون ـــ حجر أرمني مغسول، من كل واحد ربع درهم ـــ سقمونيا
2
وزن دانق ـــ مقل وزن دانق ـــ ملح نفطي دانق ـــ اسطوخودس دانقـــ
3
خربق نصف دانق. يحبب بماء الكراث، فهذه هي الحبوب القوية لهذا الشأن.
4
وأما الحبوب التي دون هذه فالأصوب أن لا يغير لأجلها التر كيب والأدوية،
5
لكن يقلل وزن الشربة، بحسب التخمير الصناعي، ما بين النصف والثلثين. وإذا
6
لم يقصد بالاستفراغ البدن كله، بل ناحية الرأس والقلب، فيجب أن يستعمل
7
حب الشيبار، ونسخته لمن به سوء مزاج سوداويًا محضًا: افتيمون ـــ
8
اهليلج كابلي، من كل واحد جزء ـــ ايارج جزء ونصف ـــ اسطوخودس ثلثي جزء ـــ
9
خربق سدس جزء ـــ مصطكى ـــ عود خام ـــ بسفايج، من كل واحد نصف جزء ـــ
10
حجر أرمني مغسول ثلث جزء، شحم الحنظل ثلث جزء.
11
يدق هذا كله، ويجمع بعصارة التفاح، ويتخذ منه حب كبار كالحمص
12
والشربة من درهم إلى مثقال، يشرب ليلًا. ويتغرغر نهارًا بسكنجبين طبخ من خل
13
الكبر.
14
ولمن مزاجه بلغمي سوداوي: تربذ ـــ افتيمون ـــ غاريقون ـــ اسطوخودس ـــ
15
هليلج كابلي، من كل واحد جزء ـــ صبر جزء ونصف ـــ عود هندي نصف جزء ـــ
16
مصطكى جزء ـــ مقل نصف جزء ـــ حاشا نصف جزء، يحبب كذلك.
294
1
ولمن مزاجه سوداوي صفراوي: تربذ ـــ افتيمون ـــ سنامكي ـــ شاهترج ـــ
2
من كل واحد جزء ـــ هليلج أصفر جزء وثلث ـــ صبر جزوان ـــ لازورد مغسول
3
ثلثي جزء ـــ مصطكى جزء وثلث ـــ ورد ثلثي جزء، يحبب كذلك.
4
فهذا ماحضرنا من الكلام في الأدوية القلبية على أقصى ما يمكن من الاختصار.
5
وقد حان لنا أن نتمم المقالة حامدين، لواهب القوة على تتميمها. ولله الحمد
6
والمنة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.