3-1
1
|165ra1|الكتاب الثالث
2
[فى الامراض الجزئية الواقعة باعضاء الانسان عضو عضو من الرأس إلى القدم. وهى
3
اثنان وعشرون فنًا]
4
|165ra1|[الفن الاوّل
5
فى امراض الرأس والدماغ. وهو خمس مقالات]
6
|165ra3|المقالة الاولى فى كليات [احكام] امراض الرأس والدماغ
7
|165ra5|فصل فى منفعة الرأس واجزائه
8
قال جالينوس: ان الغرض فى خلقة الرأس ليس هو الدماغ، ولا السمع،
9
ولا الشم، ولا الذوق، ولا اللمس؛ فان هذه الاعضاء والقوى موجودة فى
10
الحيوان العديم الرأس؛ ولكن الغرض فيه حسن حال العين فى تصرفها الذى
11
خلقت له، وليكون للعين مطلع ومشرف على الاعضاء كلها فى الجهات جميعها؛
12
فان قياس العين إلى البدن قريب من قياس الطليعة الى العسكر. وأحسن المواضع
13
للطلائع واصلحها هو الموضع المشرف. وايضًا لا حاجة إلى خلق الرأس لكل عين
14
على الاطلاق؛ بل للحيوان اللين العين المحتاجة عينه الى فضل حرز، ووثاقة موضع؛
15
فان كثيرًا من الحيوانات العديمة الارؤس خلق لها زائدتان مشرفتان من البدن. وهندم
16
عليهما عيناها، ليكون "كل واحد منهما مطلعًا ومشرفًا" لبصره. ثم لم يحتج فى تصرفات
17
عينه إلى خلق رأس لصلابة مقلته؛ وانما الحاجة إلى الرأس للحيوانات التى تحتاج اعينهم
18
الى كن ووقاء. وتحتاج الى ان تاتيها اعصاب لحركات شتى من حركات المقلة
19
والاجفان، لا يصلح لمثلها عصب واحد متباعد متضائل ونحن نستقصى ذلك فى باب
20
العين. واجزاء الرأس الذاتية وما يليها هى الشعر ثم الجلد، [ثم اللحم]، ثم الغشاء، ثم
3-2
1
القحف، ثم الغشاء الصلب، ثم الغشاء الرقيق المشيمى، ثم الدماغ جوهره وبطونه
2
وما فيه، ثم الغشاء ان تحته، ثم الشبكة، ثم العظم الذى هو القاعدة للدماغ.
3
|165ra45|فصل فى تشريح الدماغ
4
فأما تشريح دماغ الانسان فان الدماغ ينقسم الى جوهر حجابى، وإلى جوهر
5
مخى، وإلى تجاويف فيه مملوءة روحًا. واما الأعصاب فهى كالفروع المنبعثة عنه،
6
لا على انها اجزاء جوهره الخاص به. وجميع الدماغ منصف فى طوله تنصيفًا نافذًا
7
فى حجبه ومخه وفى بطونه، لما فى التزويج من المنفعة المعلومة و
8
ان كانت الزوجية فى البطن المقدم وحده اظهر للحس. وقد خلق جوهر الدماغ
9
باردًا رطبًا. أما برده فلئلا يشعله كثرة ما يتادى اليه من قوى حركات الاعصاب، و
10
انفعالات الحواس، وحركات الروح فى الاستحالات التخيلية والفكرية والذكرية،
11
وليعتدل به الروح الحار [جدًا] النافذ إليه من القلب فى العرقين الصاعدين منه
12
[اليه]. وخلق رطبًا لئلا تجففه الحركات وليحسن تشكله.
13
وخلق لينًا دسمًا. اما الدسومة فليكون ما ينبت منه من العصب علكًا. واما اللين
14
فقد قال جالينوس: ان السبب فيه ليحسن تشكله واستحالته بالمتخيلات فان اللين
15
اسهل قبولًا للاستحالات فهذا ما يقوله. واقول خلق لينًا ليكون دسمًا، وليحسن
16
غذوه للاعصاب الصلبة بالتدريج؛ فان الأعصاب قد يغتذى ايضًا من الدماغ والنخاع.
17
ثم ان جوهر الصلب لا يمد الصلب ما يمده اللين وليكون ما ينبت عنه لدنًا؛ اذ كان
18
بعض النابت منه محتاجًا إلى ان يتصلب عند اطرافه لما سنذكره من منافع العصب.
19
ولما كان هذا النابت عنه محتاجًا الى ان يصلب على التدريج ويكون صلا بته
20
صلابة لدن وجب ان يكون منشأه جوهرًا لدنًا دسمًا، والدسم اللزج لين لا محالة. و
21
ايضًا ليكون الروح الذى يحويه الذى يفتقر إلى سرعة الحركة ممدًا برطوبة. وايضًا
22
ليخف بتخلخله؛ فان الصلب من الاعضاء اثقل من اللين الرطب المتخلخل؛ لكن
23
جوهر الدماغ ايضًا متفاوت فى اللين والصلابة. وذلك ان الجزء المقدم
24
منه ألين، والجزء الموخر أصلب. وفرق [ما] بين الجزئين باندراج الحجاب الصلب
25
الذى نذكره فيه الى قدام. وانما لين مقدم الدماغ لان اكثر عصب الحس؛ وخصوصًا
26
الذى للبصر والسمع ينبث منه؛ لان الحس طليعة، وميل الطليعة إلى جهة المقدم
27
أولى. وعصب الحركة اكثره ينبت من مؤخره. وينبت منه النخاع الذى هو رسوله
28
وخليفته فى مجرى الصلب، وحين يحتاج ان ينبت منه اعصاب قوية. وعصب
3-3
1
الحركة <الذى> يحتاج إلى فضل صلابة لا يحتاج اليها عصب الحس؛ بل اللين أوفق
2
له فجعل منشأه أصلب.
3
وإنما ادرج الحجاب فيه ليكون فصلًا. وقيل: ليكون اللين مبرءًا عن مماسة
4
الصلب، ''ولين ما يغوص فيه جدًا". ولهذا الطى منافع أخرى ايضًا؛ فان الاوردة النازلة
5
الى الدماغ المتفرقة فيه يحتاج الى مستند، وإلى شىء يسدها فجعل هذا الطى دعامة
6
لها. وتحت آخر هذا العطف وإلى خلفه المعصرة، وهو مصب الدماء الى فضاء ما
7
كالبركة. ومنها يتشعب جداول يتفرق فيها الدم، ويتشبه بجوهر الدماغ،
8
ثم تنشفها العروق من فوهاتها وتجمعها إلى عرقين كما سنذكر فى تشريح ذلك. وهذا
9
الطى ينتفع به فى ان يكون مثبتًا لرباطات الحجاب الصفيق بالدماغ فى موازاة الدرز
10
من القحف الذى يليه وفى مقدم الدماغ منبت الزائدتين الحلميتين اللتين بهما يكون
11
الشم. وقد فارقتا لين الدماغ قليلًا ولم يلحقهما صلابة العصب.
12
وقد جلل الدماغ كله بغشائين: احدهما رقيق يليه، والآخر صفيق يلى العظم.
13
وخلقا ليكونا حاجزين بين الدماغ وبين العظم، ولئلا يماس الدماغ جوهر العظم
14
ولا يتأدى إليه الآفات من العظم. وانما تقع هذه المماسة فى احوال تزيد الدماغ
15
فى جوهره، أو فى حال الانبساط الذى يعرض له عقيب الانقباض. وقد يرتفع
16
الدماغ إلى القحف عند احوال مثل الصياح الشديد. فلمثل هذا من المنفعة ما جعل
17
بين الدماغ وعظم القحف حاجزان متوسطان بينهما فى اللين والصلابة. وجعلا اثنين
18
لئلا يكون الشىء الذى يحسن ملاقاته للعظم بلا واسطة، هو نفسه الشىء الذى يحسن
19
ملاقاته للدماغ بلا واسطة؛ بل فرق بينهما. وكان القريب من الدماغ رقيقًا، والقريب
20
من العظم صفيقًا. وهما معًا كوقاية واحدة.
21
وهذا الغشاء مع ما انه وقاية للدماغ فهو رباط للعروق التى فى الدماغ ساكنها
22
وضاربها، وهو كالمشيمة يحفظ اوضاع العروق بانتساجها فيه. ولذلك ما يداخل
23
ايضًا جوهر الدماغ فى مواضع كثيرة ''من زرده"، ويتادى إلى بطونه، وينتهى عند
24
الموخر منقطعًا لاستغناءه بصلابته عنه. والغشاء الثخين غير ملتصق بالدماغ، ولا بالرقيق
25
التصاقًا يتهندم عليه فى كل موضع؛ بل هو مستقل عنه. انما يصل بينهما العروق النافذة
26
فى الثخين الى الرقيق. والثخين مشمر إلى القحف بروابط غشائية، تنبت من الثخين
27
تشده الى الدروز، لئلا يثقل على الدماغ جدًا. وهذه الرباطات تطلع من الشئون إلى
3-4
1
ظاهر القحف، فينبت هناك حتى ينتسج منها الغشاء المجلل للقحف. وبذلك ما يستحكم
2
ارتباط الغشاء الثخين بالقحف ايضًا.
3
وللدماغ فى طوله ثلاثة بطون وان كان كل بطن فى عرضه ذا جزئين. فالجزء
4
المقدم محسوس الانفصال إلى جزءين يمنة ويسرة. وهذا الجزء يعين على الاستنشاق،
5
وعلى نفض الفضل بالعطاس، وعلى توزيع اكثر الروح الحساس، وعلى افعال القوى
6
المتصورة من قوى الادراك الباطن. واما البطن الموخر فهو ايضًا عظيم؛ لانه يملأ
7
تجويف عضو عظيم؛ ولانه مبدأ شىء عظيم اعنى النخاع، ومنه يتوزع اكثر الروح
8
المحرك. وهناك افعال القوة الحافظة لكنه أصغر من المقدم؛ بل من كل واحد
9
من بطنى المقدم. ومع ذلك فانه يتصغر تصغرًا متدرجًا إلى النخاع، ويتكاثف تكاثفًا
10
إلى الصلابة.
11
فاما البطن الوسط فانه كمنفذ من الجزء المقدم الى الجزء الموخر، وكدهليز
12
مضروب بينهما. وقد عظم لذلك وطول لانه مؤد من عظيم إلى عظيم، وبه يتصل
13
الروح المقدم بالروح الموخر، ويتادى ايضًا الاشباح المتذكرة. ويتسقف مبدأ هذا
14
البطن الأوسط بسقف كرى الباطن كالازج، ويسمى به ليكون منفذًا. ومع ذلك متبعدًا
15
بتدويره عن <منال> الآفات، وقويًا على حمل ما يعتمد عليه من الحجاب المدرج.
16
وهناك تجتمع بطنا الدماغ المقدمان اجتماعًا يترايان للموخر فى هذا المنفذ. وذلك
17
الموضع يسمى مجمع البطنين. وهذا المنفذ نفسه بطن. ولما كان منفذًا يودى عن
18
التصور الى الحفظ كان أحسن موضع للفكر والتخيل على ما علمت. ويستدل على
19
ان هذه البطون مواضع [قوى تصدر عنها] هذه الافعال من جهة ما يعرض لها من
20
الآفات فيبطل مع آفة كل جزء فعله، أو تدخله آفة. والغشاء الرقيق يستبطن بعضه فيغشى
21
بطون الدماغ إلى الفجوة التى عند الطاق. فاما ماوراء ذلك فصلابته تكفيه تغشية
22
الحجاب اياه.
23
واما التزريد الذى فى بطون الدماغ فليكون للروح النفسانى نفوذ فى جوهر
24
الدماغ كما فى بطونه؛. اذ ليس فى كل وقت تكون البطون متسعة منفتحة و الروح
25
قليلًا بحيث تسع البطون فقط؛ فلان الروح انما يكمل استحالته عن المزاج الذى للقلب
26
إلى المزاج الذى للدماغ، بأن ينطبخ فيه انطباخًا تاخذ به من مزاجه، وهو اول ما
27
يتادى إلى الدماغ يتادى إلى بطنه الأول، فينطبخ فيه، ثم ينفذ إلى البطن الأوسط
3-5
1
فيزداد انطباخًا، ثم يتم انطباخه فى البطن الموخر. والانطباخ الفاضل انما يكون
2
بمخالطة وممازجة، ونفوذ فى أجزاء الطابخ كحال الغذاء فى الكبد على ما نصفه
3
فيما يستقبل؛ لكن زرد المقدم اكثر [افرادًا] من زرد الموخر؛ لان نسبة الزرد إلى
4
الزرد كنسبة العضو إلى العضو بالتقريب. والسبب المصغر للموخر عن المقدم موجود
5
فى الزرد.
6
وبين هذا البطن وبين البطن الموخر ومن تحتهما مكان هو متوزع العرقين
7
العظيمين الصاعدين إلى الدماغ، اللذين سنذكرهما إلى شعبتهما التى تنتسج منها
8
المشيمة من تحت الدماغ. وقد عمدت تلك الشعب بجرم من جنس الغدد يملأ ما بينها،
9
ويدعمها كالحال فى سائر المتوزعات العرقية؛ فان من شان الخلاء الذى يقع بينها
10
ان يملأ ايضًا بلحم غددى. وهذه الغدة تتشكل بشكل الشعب المذكورة على هيئة التوزع
11
الموصوف. فكما ان التشعب اى التوزع المذكور يبتدئ من مضيق، ويتفرج إلى
12
سعة يوجبه الانبساط؛ كذلك صارت هذه الغدة صنوبرية رأسها تلى مبدأ التوزع من
13
فوق، وتذهب متوجهة نحو غايتها الى ان يتم تدلى الشعب. ويكون هناك منتسج
14
على مثال المنتسج فى المشيمة فيستقر فيه.
15
والجزء من الدماغ المشتمل على هذا البطن الاوسط عامته. واجزاءه التى
16
من فوق دودى الشكل مزرد من زرد موضوعة فى طوله، مربوطة بعضها إلى بعض
17
ليكون له ان يتمدد وان يتقلص كالدود. وباطن فوقه مغشيًا بالغشاء الذى يستبطن
18
الدماغ الى حد الموخر، وهو مركب على زائدتين من الدماغ مستديرتين احاطة
19
الطول كالفخذين يقربان إلى التماس، ويتباعدان إلى الانفراج تركيبًا باربطة
20
تسمى وترات، لئلا يزول عنها، ليكون الدودة اذا تمددت وضاق عرضها ضغطت
21
هاتين الزائدتين إلى الاجتماع فينسد المجرى. واذا تقلصت إلى القصر وازدادت
22
عرضًا تباعدت إلى الافتراق، فانفتح المجرى وما يلى منه مؤخر الدماغ أدق، وإلى
23
التحديب ما هو، ويتهندم فى مؤخر الدماغ كالوالج منه فى مولج. ومقدمه أوسع
24
من مؤخره على الهيئة التى يحتمله الدماغ.
25
والزائدتان المذكورتان تسميان الاليتين. ولا تزريد فيهما البتة؛ بل هما ملساوان
26
ليكون سدهما وانطباقهما أشد، وليكون اجابتهما الى التحريك بسبب حركة شىء
27
آخر اشبه باجابة الشىء الواحد. ولدفع فضول الدماغ مجريان احدهما فى البطن
3-6
1
المقدم، وعند الحد المشترك الذى بينة وبين الذى بعده. والآخر فى البطن الاوسط.
2
وليس للبطن الموخر مجرى مفرد؛ وذلك لانه موضوع فى الطرف، وصغير ايضًا
3
بالقياس الى المقدم. ولا يحتمل ثقبًا. ويكفيه وللاوسط مجرى مشترك لهما؛
4
وخصوصًا وقد جعل مخرجًا للنخاع يتحلل بعض فضوله، ويندفع من جهته. و
5
هذان المجريان اذا ابتدءا من البطنين، ونفذا فى الدماغ نفسه توربا نحو الالتقاء عند منفذ
6
واحد عميق مبدأه الحجاب الرقيق، وآخره وهو اسفله عند الحجاب الصلب، وهو
7
مضيق؛ فانه كالقمع يبتدى من سعة مستديرة إلى مضيق. فلذلك يسمى قمعًا، ويسمى
8
ايضًا مستنقعًا. فاذا نفذ فى الغشاء الصلب لاقى هناك مجرى فى غدة كانها كرة مغموزة
9
فى الجانبين متقابلين فوق وأسفل، وهى بين الغشاء الصلب وبين مجرى الحنك،
10
ثم تجد هناك المنافذ التى فى مشاشية المصفى فى أعلى الحنك.
11
|166rb32|''قول كلى فى امراض الرأس والفاعلة للامراض فيه"
12
يجب ان تعلم ان الامراض المعدودة كلها تعرض للرأس. ولكن غرضنا
13
ههنا فى قولنا الرأس هو الدماغ وحجبه، ولسنا نتعرض لامراض ــ الشعر ههنا
14
فى هذا الوقت فنقول: انه يعرض للدماغ انواع سوء المزاجات الثمانية المفردة.
15
والكائنة مع مادة إما بخارية، وإما ذات قوام. ويكثر فيه امراض الرطوبة. وكل
16
دماغ فيه فى أول الخلقة رطوبة فضلية يحتاج الى ان يتنقى إما فى الرحم، وإما بعده.
17
فان لم يتنق عظم منه الخطب. وكله إما فى جرم الدماغ، وإما فى عروقه، وإما
18
فى حجبه. ويعرض له امراض التركيب إما فى المقدار مثل ان يكون أصغر من
19
الواجب؛ او فى الشكل مثل ان يكون شكله متغيرًا عن المجرى الطبيعى، فيعرض
20
من ذلك آفة فى افعاله؛ او يكون مجاريه وأوعيته منسدة. والسدة اما فى البطن المقدم،
21
واما فى البطن الموخر، واما فى البطنين جميعًا ناقصة أو كاملة، واما فى الاوردة،
22
واما فى الشرائين، واما فى منابت الأعصاب، واما ان ينخلع رباطات حجبه، او يقع
23
افتراق بين جرمه، وتعرض له امراض تفرق الاتصال لانحلال الفرد فيه نفسه، أو
24
فى شرائينه، وأوردته، او حجبه، او القحف.
25
وتعرض له الاورام اما فى جوهر الدماغ نفسه، أو فى غشاءه الرقيق، او الثخين،
26
او الشبكة، او الغشاء الخارج. وكله عن مادة من احد الاخلاط الحارة او الباردة.
27
اما من الباردة العفنة فيلحق بالاورام الحارة. والباردة الساكنة تفعل اورامًا هى التى ينبغى
3-7
1
ان تسمى باردة. وكانك لا تجد من امراض الدماغ شيئًا الا راجعًا إلى هذه، او عارضًا
2
من هذه. وامراض الدماغ تكون خاصية وتكون بالمشاركة. وربما عظم الخطب فى
3
امراض المشاركة فيه حتى تصير امراضًا خاصية قتالة؛ فانه كثيرًا ما يندفع اليه فى امراض
4
ذات الجنب والخوانيق مواد خناقة قتالة. وكثيرا ما تصيبه سكتة قتالة بسبب اذاة
5
آخر فى عضو مشارك له.
6
|166va25|فى الدلائل التى يجب ان يتعرف منها احوال الدماغ
7
المبادى التى منها يصير إلى معرفة احوال الدماغ هى الافعال الحسية، والافعال
8
السياسية ــ اعنى التفكر والتذكر والتصور وقوة الوهم والحدس ــ والافعال الحركية
9
وهى افعال القوة المحركة للاعضاء بتوسط العضل. ومن كيفية ما يستفرغ عنه من
10
الفضول فى قوامه، ولونه، وطعمه ــ اعنى حرافته وملوحته ومرارته وتفهه ــ و من
11
كميته فى قلته وكثرته، او من احتباسه اصلًا. ومن موافقة الاهوية والاطعمة اياه
12
ومخالفتها واضرارها به. ومن عظم الرأس وصغره. ومن جودة شكله المذكور
13
فى باب العظام ورداءته. ومن ثقل الرأس وخفته. ومن حال ملمس الرأس وحال
14
لونه، ولون عروقه، وما يعرض له من القروح والاورام فى جلدته. ومن. حال
15
لون العين وعروقها، و<ما يعرض> من سلامتها ومرضها وملمسها خاصة. ومن
16
حال النوم واليقظة.
17
ومن حال الشعر فى كميته اعنى قلته وكثرته وغلظه ودقته، وكيفيته اعنى
18
شكله فى جعودته وسبوطته، ولونه فى سواده وشقرته وصهوبته، وسرعة قبوله
19
الشيب وبطوءه، وفى ثباته على حال الصحة، أو زواله عنها بتشققه، او انتثاره، او تمرطه
20
وسائر احواله. ومن حال الرقبة فى غلظها ودقتها وسلامتها، او كثرة وقوع الاورام
21
والخنازير فيها وقلتها. وكذلك حال اللهاة واللوزتين والاسنان. ومن حال القوى،
22
والافعال فى الاعضاء العصبانية المشاركة للدماغ، وهى مثل الرحم والمعدة والمثانة.
23
والاستدلال بالمشاركة يكون على وجهين: أحدهما على حال العضو المشارك
24
للدماغ فيما يعرض للدماغ على ما عرض للدماغ، والثانى من حال العضو الذى الم الدماغ
25
بمشاركته اياه انه اى عضو هو، وما الذى به، وكيف يتأدى إلى الدماغ. وهذه
26
الاستدلالات قد يستدل منها على ما هو حاضر من [الافعال و] الاحوال، وعلى ما يكون،
27
ولم يحضر بعد مثل ما يستدل به من طول الحزن، والوجوم على المالنخوليا المطل،
28
والقطرب الواقع عن قريب؛ ومن الغضب الذى لا معنى له على صرع، اوعلى مالنخوليا
29
حار، او مانيا؛ ومن الضحك بلا سبب على حمق، أو على رعونة.
3-8
1
فى كيفية الاستدلال من هذه الدلائل على احوال الدماغ وتفصيل هذه الوجوه المعدودة
2
حتى ينتهى الى آخر تفصيل بحسب هذا البيان
3
|166vb25|فصل فى الاستدلال الكلى من افعال الدماغ
4
اما الدلالة الماخوذة من جنس الافعال فان الافعال إذا كانت سليمة اعانت فى
5
الدلالة على سلامة الدماغ، وإن كانت ماؤفة دلت على آفة فيه. وآفات الافعال كما
6
اوضحنا ثلاثة: هى الضعف، ثم التغير، والتشوش، ثم البطلان. والقول الكلى فى
7
الاستدلال من الافعال ان نقصانها وبطلانها يكون للبرد ولغلظ الروح من الرطوبة،
8
ولا يكون من الحر الا ان يعظم فيبلغ ان يسقط القوة. وأما التشوش اوما يناسب
9
الحركة فقد يكون من الحر ويكون من اليبس.
10
|166vb41|فصل فى الاستدلالات الماخوذة من الافعال النفسانية [الحسية] والسياسية والحركية
11
والاحلام وهى من جملة السياسية
12
هذه الافعال قد تدخلها الآفة على ما عرف من بطلان او ضعف او تشوش؛ مثال ذلك إما
13
فى الحواس فلنبدأ بالبصر فان البصر تدخله الآفة إما بان يبطل، وإما بان يضعف،
14
وإما بان يتشوش فعله، ويتغير عن مجراه الطبيعى فيتخيل ما ليس له وجود من خارج
15
مثل الخيلان والبق والشعل والدخان وغير ذلك؛ فان هذه الآفات اذا لم يكن خاصية
16
بالعين استدل منها على آفة فى الدماغ. وقد تدل الخيالات بالوانها. ولقائل ان يقول:
17
ان الخيال الابيض كيف يدل على البلغم <البارد> الغالب وهو بارد وانتم نسبتم التشويش
18
إلى الحر. فنقول: ان ذلك بحسب المزاج، لا بحسب اعتراض المواد للقوة الصحيحة،
19
الكاملة الحرارة الغريزية.
20
وأما فى السمع فمثل ان يضعف ولا يسمع الا القريب الجهير، او يتشوش فيسمع
21
ما ليس له وجود من خارج؛ مثل الدوى الشبيه بخرير الماء، اوبضرب المطارق، او بصوت
22
الطبول، او بكشكشة اوراق الشجر، او حفيف الرياح، او غير ذلك. فيستدل بذلك
23
إما على مزاج يابس حاضر فى ناحية الوسط من الدماغ، او على رياح وابخرة محتبسة فيه،
24
اوصاعدة إليه، وغير ذلك مما يدل عليه. وأما ان يبطل أصلًا والضعف والبطلان
25
لكثرة البرد، والذى يسمع كانه من بعيد فلرطوبة.
3-9
1
واما <الذى> فى الشم فبان يعدم او يضعف، او يتشوش فيحس بروائح ليس
2
لها وجود من خارج ''منبثة او غير منبثة"، فيدل على الاكثر على خلط محتبس فى مقدم
3
الدماغ يفعله ان لم يكن شيئًا خاصيًا بالخيشوم. واما الذوق واللمس فقد يجريان هذا
4
المجرى؛ الا ان تغيرهما عن المجرى الطبيعى فى الاكثر يدل على فساد خاص فى آلاتهما
5
القريبة، وفى الاقل على مشاركة من الدماغ؛ وخصوصًا مثل ما اذا كان عامًا كخدر
6
جميع البدن.
7
وقد تشترك الحواس فى نوع من الضعف، والقوة تدل على حاله فى الدماغ
8
دائمة، وهى الكدورة والصفاء. وليس كل ضعف كدورة فقد يكون ضعف مع الصفاء؛
9
مثل ان يكون الإنسان يبصر الشىء القريب، والقليل الشعاع ابصارًا جيدًا صافيًا، فيرى
10
الأشياء الصغيرة منها، ثم اذا بعدت، او كثر شعاعها عجز [عن ادراكها]؛ فان الكدورة
11
والصفاء قد يكونان مع الضعف. والصفاء قد يكون لا محالة مع القوة؛ لكن الكدورة
12
دائمًا يدل على مادة، والصفاء على يبوسة. وهذه الكدورة ربما استحكمت بغتة فكان منها
13
السدد، وهو يدل على مادة بخارية فى عروق الدماغ والشبكة.
14
والحكم فى الاستدلالات على هذه الآفات ان ما يجرى مجرى التشوش فهو
15
فى اكثر الامر "تابع للحر، والضعف والبطلان تابعان للبرد"؛ الا ان يكون مع شدة ظهور
16
فساد وسقوط قوة فربما كان مع ذلك من الحرارة. ولكن الحرارة ملائمة للقوى بالقياس
17
الى البرد ما لم يعظم استضرار المزاج بها. وفساده لم يورث فى القوى نقصانًا فيجب
18
ان لا يعول حينئذ على هذا الدليل؛ بل يتوقع الدلائل الاخرى المذكورة لكل مزاج من
19
المزاجين. والبطلان فقد يدل على تاكد اسباب النقصان ان كان بسبب دماغى، ولم
20
يكن بسبب آفات فى الآلات من فساد، أو انقطاع، اوسدة. وبالجملة زوال عن صلوحها
21
للاداء، او لسبب فى العضو الحساس نفسه. ومن الاعضاء الحساسة ما هو شديد القرب
22
من الدماغ فيقل ان لا يكون الآفة فيهما مشتركة مثل السمع والشم. فاكثر آفاته التى
23
لا تزول بتنقية وتعديل مزاج يكون من الدماغ. ولذلك ما يكون سائر الحواس اذا تأذت
24
بمحسوساتها دلت على آفة فيها من حر او يبس لم يبلغا ان يسقط القوة. والسمع
25
ثم الشم ''ففى الاكثر يدلان" على ان ذلك المزاج فى الدماغ.
26
واما الافعال السياسية فان قوة الفهم والحدس دالة على قوة مزاج الدماغ
27
باسره، وضعفه دال على آفة فيه، "ناقصة من قوته" الى ان يتبين اى الافاعيل الاخرى
3-10
1
اختلت. فمنها فساد قوة الخيال والتصور وآفتها؛ فان هذه القوة اذا كانت قوية اعانت
2
فى الدلالة على صحة مقدم الدماغ. وهذه القوة انما تكون قوية اذا كان الانسان
3
قادرًا على جودة تحفظ صور المحسوسات مثل الاشكال، والنقوش، والخلق، والمذاقات،
4
والاصوات، والنغم وغيرها؛ فان من الناس من يكون له فى <مثل> هذا الباب قوة
5
تامة، حتى ان الفاضل من المهندسين ينظر فى الشكل المخطوط نظرة واحدة، فترتسم
6
فى نفسه صورته وحروفه، ويقضى بالمسئلة إلى آخرها مستغنيًا عن معاودة النظر
7
فى الشكل <الاول>. وكذلك حال قوم بالقياس إلى النغم، وحال قوم بالقياس
8
الى المذاقات وغير ذلك. وبهذا الباب يتعلق جودة تعرف النبض؛ فانه يحتاج إلى
9
خيال قوى يرتسم فى النفس من الملموسات.
10
وهذه القوة اذا عرضت لها الآفة إما بطلان الفعل فلا يبقى فيه صورة حال
11
محسوس بعد زواله عن النسبة التى تكون بينه وبين الحاسة حتى يحس بها، واما ضعف
12
ونقصان، واما تغير عن المجرى الطبيعى بأن يتخيل ما ليس [بموجود] "دل ضعفه
13
وتعذره'' وبطلان فعله فى الاكثر على افراط برد، او يبس فى مقدم الدماغ، او رطوبة.
14
والبرد هو السبب بالذات، والآخران سببان بالعرض؛ لانهما يجلبانه. ويدل تغير فعله
15
وتشوشه على فضل حرارة. وهذا كله بحسب اكثر الامر وعلى نحو ما قيل فى القوى
16
الحساسة. وقد يعرض هذا المرض لأصحاء العقل حتى تكون معرفتهم بالجميل
17
والقبيح تامة، وكلامهم مع الناس صحيحًا؛ لكنهم يتخيلون قومًا حضورًا ليسوا
18
بموجودين خارجًا، ويتخيلون اصوات طبالين وغير ذلك كما حكى جالينوس: انه كان
19
عرض لبروقلس الطبيب.
20
ومنها فساد فى قوة الفكر والعقل إما بطلان ويسمى هذا ذهاب العقل،
21
وإما ضعف ويسمى حمقًا. ومبدأهما برد وسط الدماغ، أو يبوسته، أو رطوبته.
22
وذلك فى الاكثر على ما قيل. واما تغير وتشوش حتى تكون فكرته فيما ليس، ويستصوب
23
غير الصواب ويسمى اختلاط العقل، فيدل إما على ورم، وإما على مادة صفراوية حارة
24
يابسة وهو الجنون السعى، ويكون اختلاطه مع شرارة؛ وإما على مادة سوداوية وهو
25
المالنخوليا. ويكون اختلاطه مع سوء ظن ومع فكر بلا حاصل. والمائل من تلك
26
الاخلاق الى الجين ادل على البرد، والمائل منها الى الاجتراء والغضب ادل على الحر
3-11
1
وبحسب الفروق التى بينهما، ونحن نوردها بعد. وربما كان هذا بمشاركة عضو آخر
2
ويتعرف ذلك بالدلائل الجزئية التى نصفها بعد. وبالجملة اذا تحركت الافكار حركات
3
كثيرة وتشوشت وتفننت فهناك حرارة. وقد يقع ايضًا تشويش الفكر فى امراض
4
باردة المادة اذا لم تخلو عن حرارة مثل اختلاط العقل فى ليثرغس.
5
ومنها آفة فى قوة الذكر إما بان يضعف، وإما بان يبطل كما حكى جالينوس:
6
ان وباء حدث بناحية الحبشة، كان عرض لهم بسبب جيف كثيرة، بقيت بعد ملحمة
7
بها شديدة، فصار ذلك الوباء الى بلاد يونان فعرض [لهم] ان وقع بسببه من النسيان
8
ما نسى له الانسان اسم نفسه وابنه. واكثر ما يعرض من الضعف فى الذكر يعرض
9
لفساد فى مؤخر الدماغ من برد، او رطوبة، او يبس، او ان يتشوش فيقع له انه يذكر
10
ما لم يكن له به عهد، فيدل على مزاج حار مع مادة اوبلا مادة. والمادة اليابسة أولى
11
بذلك. كل ذلك اذا لم يفرط المزاج فيسقط القوة.
12
ونقول قولًا مجملًا ان بطلان هذه الافاعيل ربما يكون لغلبة البرد إما على جرم
13
الدماغ فيكون مما يستولى على الايام، او على تجاويفه. وقد يكون لبرد مع رطوبة.
14
وربما جلبه اليبس وكذلك ضعفها. وأما تغيرها فلورم أو مزاج صفراوى، أو سوداوى،
15
أوحر مجرد.
16
والاستدلال من احوال الاحلام مما يليق ان يضاف إلى هذا الموضع؛ فان كثرة
17
روية الاشياء الصفر الحارة تدل على غلبة الصفراء. وكذلك رؤيا الأشياء التى تناسب
18
مزاجًا مزاجًا، ولا نحتاج إلى تعديدها. والاحلام المتشوشة تدل على حرارة ويبوسة.
19
''وكذلك يظهر" فى امراض حادة دماغية. وكذلك الاحلام المفزعة والتى لا تذكر
20
تدل على برد ورطوبة فى الاكثر.
21
|167vb15|فصل فى الاستدلال من الافعال الحركية وما يشبهها من النوم واليقظة
22
واما الدلائل الماخوذة من جنس الافعال الحركية فاما بطلانها وضعفها فيدل على
23
رطوبة فضلية فى آلاتها رقيقة كثيرة، ويدل فى أى عضو كان على آفة فى الدماغ؛
24
الا ان الاخص به ما كان فى جميع البدن كالسكتة؛ أو فى شق واحد كالفالج واللقوة
25
الرخوة. وربما اتفقا اعنى البطلان والضعف من حر الدماغ أو يبسه فى نفسه، أو
26
فى شىء من الاعصاب النابتة عنه، لكن ذلك يكون بعد امراض كثيرة وقليلًا قليلًا
27
وعلى [طول] الايام. والذى فى عضو واحد كالاسترخاء ونحو ذلك فربما كان
3-12
1
لامراض خاصة بذلك العضو، وربما كان عن اندفاع فضل من الدماغ إليه. واما تغيرها
2
فان كان بغتة دل على رطوبة ايضًا، وان كان قليلًا قليلًا فعلى يبوسة اعنى فى الآلات.
3
والذى يخص الدماغ فمثل تغير حركات المصروع بالصرع الذى هو تشنج
4
عام، ولا يكون الا عن رطوبة لانه كائن دفعة؛ او بمشاركة عضو آخر بحسب ما يتبين
5
فيدل على سدة غير كاملة، ومثل رعشة الرأس؛ فان جميع هذه تدل على مادة غليظة
6
فى ذلك الجانب من الدماغ، اوضعف أو يبوسة ان كان بعد امراض سبقت، وكان
7
حدوثه قليلًا قليلًا. وأما ما كان فى اعضاء ابعد من الدماغ فالقول فيه ما قلنا مرارًا،
8
وهذه كلها حركات خارجة عن المجرى الطبيعى. ونقول ايضًا: ان كان الانسان
9
نشيطًا للحركات فمزاج دماغه فى الاصل حار او يابس. وان كان إلى الكسل و
10
الاسترخاء فمزاجه بارد أو رطب. واذا كان به مرض وكانت حركاته إلى القلق فهو
11
حار. وان كانت إلى الهدو ولم تكن القوة شديدة السقوط فهو إلى البرد.
12
ومما يناسب هذا الباب الاستدلال من حال النوم واليقظة. فاعلم ان النوم
13
ابدًا تابع لسوء مزاج رطب مرخ او بارد مجمد لحركة القوى الحسية، او لشدة تحلل
14
من الروح النفسانى مفرط الحركة. او لاندفاع من القوى إلى الباطن لهضم المادة،
15
ويندفع معها الروح النفسانى بالاتباع كما يكون بعد الطعام. فما لم يجر النوم على المجرى
16
الطبيعى، ولم يتبع تعبًا وحركة فسببه رطوبة اوجمود. فان لم يقع الاسباب المجمدة، ولم
17
يدل الدلائل على افراط برد مما سنذكره فسببه الرطوبة. ثم ليس كل رطوبة توجب
18
نومًا؛ فان المشايخ مع رطوبة أمزجتهم يطول سهرهم. ويرى جالينوس: ان سبب
19
ذلك من كيفية رطوباتهم البورقية؛ فانها تسهر باذاها للدماغ؛ الا ان اليبوسة على كل حال
20
مسهرة لا محالة.
21
|168ra24|فصل فى الدلائل الماخوذة من <جنس> الافعال الطبيعية مما ينتفض ومما ينبت
22
من الشعر ومما يظهر من الاورام والقروح
23
اما الدلائل الماخوذة من جنس الافعال الطبيعية فيظهر من قبل الفضول بانتفاضها فى
24
كميتها وكيفيتها، أو بامتناعها. وانتفاضها يكون من الحنك والأنف والاذن. و
25
مما يظهر على الرأس من القروح والبثور والاورام، ومما ينبت من الشعر؛ فان الشعر
26
ينبت من فضول الدماغ. ويستدل من الشعر بسرعة نباته أو بطئه، وسائر ما قد عدد
27
من احواله فلنذكر طريق الاستدلال من انتفاضات الفضول عن المسالك المذكورة. و
28
هذه الفضول اذا كثرت دلت على المواد الكثيرة، ودلت على السبب الذى يكثر له
29
فى العضو الفضول كما علمته، وعلى ان الدافعة ليست بضعيفة. وأما اذا امتنعت
3-13
1
او قلت ووجد مع ذلك إما ثقل، وإما وخز، وإما لذع، وإما تمدد، وإما ضربان، و
2
إما دوار وطنين، دل على سدد وضعف من القوة الدافعة وامتلاء.
3
ويستدل على جنسه بان اللاذع الواخز المحرق القليل الثقل، المصفر اللون
4
فى الوجه والعين يدل على ان المادة صفراوية. فالضربانى الثقيل المحمر اللون فى الوجه
5
والعين، والنافخ للعروق يدل على انها دموية. والمكسل المبلد المغير اللون معه
6
الى الرصاصية، والجالب للنوم والنعاس يدل على انها بلغمية. فان كمد اللون فى
7
تلك الحال وفسد الفكر وكان الرأس اخف ثقلًا، ولم يكن النوم بذلك المستولى،
8
ولم تكن سائر العلامات، دل على انها سوداوية. فان كان شىء من هذه مع طنين
9
ودوار وانتقال، دل على ان المادة تولد ريحًا ونفخًا وبخارًا، وان لها حرارة فاعلة
10
فيها. فاما إن كان احتباس الفضول مع خفة الرأس دل على اليبس على الاطلاق.
11
وهذا الباب الذى اوردناه يختص بكمية الانتفاض والامتناع.
12
واما فى كيفيته فالضارب الى الصفرة والرقة [والمرارة] والحرارة و
13
اللذع يدل على انها صفراوية وإلى الحمرة. والحلاوة <فى الفم> مع حمرة الوجه
14
والعينين، وحرارة <اللمس> ودرور العرق يدل على انها دموية. والمالح اوالحلو مع
15
عدم سائر العلامات، او البورقى البارد الملمس أو الحار الملمس يدل على بلغم فعلت
16
فيه حرارة. فالتفه الغليظ البارد الملمس يدل على بلغم فج. وهذه الاستدلالات
17
من كيفية النفض فى لونه وطعمه ولمسه وقوامه. وأما من الرائحة فعفن الرائحة
18
وحدتها يدل على الحر، وعدم الرائحة ربما دل على البرد ليس كدلالة الأول على الحر.
19
واما ما يتعلق بالأشياء التى تظهر على جلدة الرأس، وما يليها من القروح و
20
البثور والأورام فانها تدل فى الاكثر على مواد كانت وانتفضت، ولا يدل على حال
21
الدماغ فى الوقت دلالة واضحة؛ اللهم إلا ان يكون فى التزيد. ولانك عارف بأسباب
22
الاورام الحارة والباردة، والصلبة منها والسرطانية، والقروح الساعية والساكنة،
23
وغير ذلك فليس يصعب عليك الاستدلال بها على حال الرأس والشعر ايضًا، فقد
24
عرفت فى الكتاب الاول اسباب حدوثه، وعرفت السبب فى جعودته وسبوطته،
25
ورقته وغلظه، وكثرته وقلته، وسرعة شيبه وبطئه، وستعلم سبب تشققه [وتمرطه]
26
وانتثاره فى ابواب مخصوصة، فيعرف منها كيفية الاستدلال من الشعر. ونحن نحيل
27
بذلك إلى ذلك الموضع هربًا من التطويل والتكثير.
3-14
1
|168rb48|فصل فى الدلائل الماخوذة من الموافقة والمخالفة وسرعة الانفعالات وبطئها
2
اما العلامات الماخوذة من جنس الموافقة والمخالفة، وسرعة الانفعال وبطئه،
3
فان الموافقات والمخالفات لا تخلو إما ان تعتبر فى حال لا ينكر صاحبها من صحته
4
التى يحسبه شيئًا، او فى حال خروجه عن الصحة، وتغير مزاجه عن الطبيعة فموافقه
5
فى حال صحته التى يحسبه هو الشبيه بمزاجه، فمزاجه يعرف من ذلك؛ ومخالفه
6
فى تلك الحالة ضد مزاجه. وأما فى حال خروجه عن صحته وتغير مزاجه عنه فالحكم
7
بالضد.
8
وقد قلنا فيما سلف من الاقاويل الكلية ان الصحة ليست فى الابدان كلها على
9
مزاج واحد، وانه يمكن ان يكون صحة بدن عن مزاج يكون مثله مما يجلب مرضًا
10
لبدن آخر لو كان له ذلك المزاج؛ إلا انه يجب ان يعتبر ما يخالفه فى الطرف الآخر
11
ايضًا كما يخالفه فى هذا الطرف حتى يعلم بالحدس المقدار الذى له من المزاج؛
12
فان الافراطين معًا مخالفان موذيان لا محالة. وانما يوافق صحة ما من الخارج عن الاعتدال
13
ما لم يفرط جدًا.
14
والدماغ الذى به سوء مزاج حار ينتفع بالنسيم البارد، والاطعمة الباردة،
15
والروائح الباردة طيبة كانت كالكافورية والصندلية والنيلوفرية ونحوها، او منتنة
16
غير طيبة كالحمائية والطحلبية؛ وينتفع بالدعة والسكون. والذى به سوء مزاج بارد ينتفع
17
بما يضاده. وينتفع بالهواء الحار والروائح الحارة الطيبة <الرائحة>، والمنتنة <الرائحة>
18
ايضًا المحللة المسخنة، وبالرياضات والحركات. والذى به سوء مزاج يابس
19
يتاذى بما يستفرغ منه وينتفض عنه. والذى به سوء مزاج رطب ينتفع بما يستفرغ منه و
20
بما ينتفض.
21
وأما الاستدلالات من سرعة انفعالاته مثل ان يسخن سريعًا أو يبرد سريعًا.
22
والذى يسخن سريعًا يدل على حرارة مزاج على الشريطة المذكورة فى الكتاب الكلى.
23
وكذلك الذى يبرد سريعًا. وكذلك الذى يجف سريعًا فقد يكون ذلك لقلة رطوبته.
24
"وقد يكون <ذلك> لرقة رطوبته'' او لحرارة مزاجه؛ ولكن الفرقان بينهما من ان الأول
25
يوجد معه سائر علامات يبوسة الدماغ مثل السهر وغيره مما نذكره فى باب علامات
26
مزاج الدماغ. وهذا الثانى انما تعرض له اليبوسة فى الاحايين عند حركة عنيفة،
27
أو حرارة شديدة، اوما يجرى مجراهما من اسباب اليبوسة المذكورة. ثم لا يكون له
28
فى سائر الاوقات دليل اليبوسة. والذى لحرارة مزاجه فيكون معه سائر علامات
29
الحرارة فى المزاج.
3-15
1
والذى يرطب سريعًا فقد يكون لحرارة جوهره، وقد يكون لبرد جوهره،
2
وقد يكون لان مزاجه الاصلى رطب، وقد يكون لان مزاج جوهره الأصلى يابس. فان
3
كان من حرارة كانت هناك علامات الحرارة. ثم كان ذلك الرطب ليس مما يكون
4
دائمًا؛ لكنه عقيب حرارة مفرطة وقعت فى الدماغ، فجذبت الرطوبات اليه فملأته.
5
ثم ان بقى المزاج الحار غالبًا اعقبه اليبس بالنفض. فان غلبت الرطوبات عاد الدماغ
6
فصار باردًا رطبًا وان استويا حدثت فى اكثر الامر العفونة، والامراض العفنة، و
7
الاورام؛ لأن هذه الرطوبة ليست بغريزية فتتصرف فيها الحرارة الغريزية تصرفًا نشيئًا؛
8
بل انما تتصرف فيها تصرفًا غريبًا وهو العفونة.
9
واما ان كان لبرد المزاج لم يكن حدوث الرطوبة دفعة؛ بل على الايام ثم يصير
10
الترطب يكون بسرعة، فيكون علامات برودة مزاج الدماغ موجودة. وان كان
11
ذلك لرطوبة الدماغ نفسه فيكون السرعة فى ذلك لاحد شيئين: إما لان الرطوبة
12
يفعل البرد، ويفسد البرد القوة الهاضمة المغيرة لما يصل إلى الدماغ من الغذاء،
13
ويظهر ترطب. فاذا حدث ذلك البرد دفعة كان الترطب بعده دفعة. واذا حدث
14
مع ذلك سدد فى المجارى عرض ان يحتبس الفضول، ثم هذا يكون دائمًا ولازمًا
15
ليس مما يكون نادرًا. واما الكائن ليبوسة الدماغ فسببه النشف الذى يقع دفعة اذا
16
وقعت يبوسة دفعة واحدة، ويكون مع علامات اليبوسة المتقدمة، ويكون شبيهًا
17
بما يقع من الحرارة؛ الا فيما يخلتفان فيه من علامات الحرارة، وعلامات اليبوسة.
18
فهذه الدلائل الماخوذة من سرعة الانفعال. وليس يجب ان يعتبر سرعة
19
الانفعال بحسب ضعف القوى الطبيعية، لا سيما فى الترطيب؛ لان ضعف القوى الطبيعية
20
تابع لاحد هذه الأسباب وليس كل الموافقات والمخالفات ماخوذة من جهة الكيفيات؛
21
بل قد توجد من جهة الهيئات والحركات؛ كما يرى صاحب العلة المعروفة بالبيضة
22
يوثر الاستلقاء على سائر اوضاع ضجعته.
23
|168vb50|فصل فى الاستدلال الكائن من جهة مقدار الرأس
24
"فاما الفرق والتعرف الكائن" بحسب صغر الرأس وكبره فيجب ان تعلم ان صغر
25
الرأس سببه فى الخلقة قلة المادة؛ كما ان سبب كبره كثرة المادة اعنى المادة النطفية
26
المتوزعة فى التوزيع الطبيعى للرأس. ثم ان كان قلة المادة مع قوة من القوة المصورة
27
الأولى كان حسن الشكل، وكان اقل رداءة من الذى يجمع إلى صغر الرأس رداءة
3-16
1
الشكل فى الخلقة التى تدل على ضعف القوة. على انه لا يخلو من رداءة فى بنية الدماغ و
2
ضعف من قواه، وضيق لمجال القوى السياسية والطبيعية فيه. ولذلك ما بت اصحاب
3
الفراسة القضية بان هذا الانسان يكون لجوجًا جبانًا، سريع الغضب، متحيرًا فى الامور.
4
وقال جالينوس: ان صغر الرأس لا يخلو البتة عن دلالة على رداءة هئية الدماغ
5
وان كان كبر الرأس ليس بدائم الدلالة على جودة حال الدماغ ما لم تقترن إليه جودة
6
الشكل، وغلظ العنق، وسعة الصدر؛ فانها تابعة لعظم الصلب والاضلاع التابعين لعظم
7
النخاع، وقوته التابعين لقوة الدماغ؛ فان كثرة المادة اذا قارنتها قوة من القوة المصورة
8
كان الرأس على هذه الهيئة. ومما يوكد ذلك ان تكون هناك مناسبة لسائر الاعضاء
9
فان قارنه ضعف منها كان ردئ الشكل، ضعيف الرقبة، صغير الصلب، أو ماؤف
10
ما يحيط به وينبت عنه. على انه قد يعرض من زيادة الرأس فى العظم ما ليس بطبيعى
11
مثل الصبيان الذين يعرض لهم من انتفاخ الرأس وعظمه ما ليس فى الطبع بل على
12
سبيل المرض. ويكون السبب فيه كثرة مادة تغلى. وكذلك تعرض للكبار أوجاع
13
الرأس الصعبة. وقد يعرض ان يصغر اليافوخ ويلطأ الصدغ عند استيلاء الحمرة على
14
الدماغ. فقد عرف اذًا دلائل صغر الرأس وكبره. ومن علامات جودة الدماغ ان لا
15
ينفعل من ابخرة النبيذ وما سنصفه معها، وينفعل من تلطيفه وحرارته فيزداد دهنه.
16
|169ra39|فصل فى الاستدلال من شكل الرأس
17
أما دلائل شكله فقد عرفناك فى باب عظام القحف ان الشكل الطبيعى للرأس
18
ما هو، والردئ منه ما هو. وان رداءة الشكل اذا وقعت فى جزء من اجزاء الرأس
19
اضرت لا محالة بخواص افعال ذلك الجزء من الدماغ الذى قد قال جالينوس: ان
20
المسفط والمربع مذموم دائمًا، والناتى الطرفين مذموم؛ إلا ان يكون السبب فيه
21
قوة من القوة المصورة اى تكون افرطت فى فعلها، ويدل على قوة هذه القوة شكل
22
العنق ومقداره والصدر.
23
|169ra52|فصل فى الاستدلال مما يحسه الدماغ من ثقل الرأس وخفته وحرارته وبرودته واوجاعه
24
واما الدلائل الماخوذة من ثقل الرأس وخفته فان ثقل الرأس دائمًا يدل على مادة فيه؛
25
لكن المادة الصفراوية تفعل ثقلًا اقل واحراقًا أشد؛ والسوداوية ثقلًا اكثر من ذلك،
26
ويبوسة اكثر؛ والدموية ثقلًا أشد منهما، وضربانًا ووجعًا فى اصول العين لنفوذ
27
الكيموس الحار، وحمرة وانتفاخًا فى العروق اشد؛ والبلغمى ثقلًا اكثر من الجميع، ووجعًا
3-17
1
اقل من الدموى والصفراوى، ونومًا اكثر من السوداوى وبلادة فكر وكسلًا، و
2
قلة نشاط.
3
واما الدلائل الماخوذة من الحرارة والبرودة اعنى ما يلمسه الرأس منهما فى
4
نفسه وما يلمسه غيره من خارج فلا يخفى عليك. اما الحار فدليل على حرارة ان دامت
5
فمزاجية، وان حدثت وآذت فعرضية. وكذلك حكم البارد على قياسه. وكذلك
6
حكم القشف اليابس وعلى قياسه ان لم يكن برد من خارج مخشن مقشف. وكذلك
7
الرطب ان لم يكن حر من داخل معرق.
8
والاوجاع الاكالة التى تخيل ان فى رأس الانسان دبيبًا ياكل واللذاعة فانها
9
تدل على مادة حارة. والضربانية على ورم حار. ويوكد دلالتها لزوم الحمى. والثقيلة
10
الضاغطة على مادة ثقيلة <ضاغطة> باردة. والممددة على مادة ريحية. والانتقال يؤكد
11
ذلك. والوجع الذى كانه يطرق بمطرقة يدل على مثل البيضة والشقيقة المزمنة. والوجع
12
ايضًا يدل بجهته مثل ان الوجع الذى بمشاركة المعدة يكون على وجه، والذى يشاركه
13
الكبد يكون على وجه وعلى هيئة أخرى مما سنذكره. وقد يدل مع ذلك بدوامه فان
14
الوجع اذا دام فى مقدم الرأس ومؤخره انذر بفرانيطس.
15
|169rb33|فصل فى الاستدلالات الماخوذة من احوال اعضاء هى كالفروع للدماغ مثل العين و
16
اللسان والوجه ومجارى اللهاة واللوزتين والرقبة والاعصاب
17
اما الاستدلال من العين من جملتها فمن حال عروقها، ومن حال ثقلها وخفتها. و
18
من حال لونها فى صفرته او كمودته أو رصاصيته أو حمرته او حال ملمسها. وجميع
19
ذلك تقارب جدًا فى الدلالة لما يكون فى الدماغ نفسه. وقد يستدل بما يسيل منها
20
من الدموع والرمص، وما يعرض لها من التغميض والتحديق، واحوال الطرف،
21
ومن الغوور والجحوظ، والعظم والصغر، والآلام والأوجاع؛ فان جفاف العين
22
قد يدل على يبس الدماغ. وسيلان الرمص والدموع اذا لم يكن لعلة فى العين نفسها
23
يدل على رطوبة مقدم الدماغ.
24
وعظم عروق العين يدل على سخونة الدماغ فى الجوهر. وسيلان الدموع
25
بغير سبب ظاهر يدل فى الامراض الحارة على اشتعال الدماغ واورامه، وخصوصًا
26
اذا سالت من احدى العينين. وإذا اخذ يغشى الحدقة رمص كنسج العنكبوت ثم يجتمع
27
"فهو قرب الموت". والعين التى تبقى مفتوحة لا تطرف كما تكون فى فرانيطس،
3-18
1
واحيانًا فى ليثرغس، ويكون ايضًا فى فرانيطس عند انحلال القوة يدل على آفة فى
2
الدماغ. والكثيرة الطرف تدل على إشتعال وحرارة وجنون. واللازمة ينظرها موضعًا
3
واحدًا وهى البرشمة والبرهمة تدل على وسواس ومالنخوليا.
4
وقد يستدل من حركاتها على أوهام الدماغ من اعتقادات الغضب والغم والخوف
5
والعشق. والجحوظ يدل على الاورام اوامتلاء اوعية الدماغ. والغوور والتصغر يدل
6
على التحلل الكثير من جوهر الدماغ؛ كما يعرض فى السهر والقطرب والعشق وان
7
اختلفت هيئاتها فى ذلك كما سنفصله فى موضعه. وكذلك قد يدل على حمرة الدماغ
8
وقوبائه.
9
فاما الماخوذة من حال اللسان فمثل ان اللسان كثيرًا ما يدل بلونه على حال الدماغ؛
10
كما يدل ببياضه على ليثرغس وبصفرته اولًا، او اسوداده ثانيًا عل فرانيطس. وكما
11
يدل بغلبة الصفرة عليه، واخضرار العروق التى تحته على مصروعية خاصة. وليس
12
الاستدلال بلون اللسان كالاستدلال بلون العين؛ فان ذلك شديد الاختصاص بالدماغ.
13
واما لون اللسان فقد يستدل به على احوال المعدة؛ لكنه اذا علم ان فى الدماغ آفة
14
لم يبعد الاستدلال به.
15
وأما الماخوذ من حال الوجه فأما من لونه فانت تعلم دلالة الالوان على الامزجة.
16
وأما من سمنه وهزاله فان سمنه وحمرته يدل على غلبة الدم، وهزاله مع الصفرة يدل
17
على غلبة الصفرآء، وهزاله مع الكمودة يدل على اليبس السوداوى. والتهبج يدل
18
على غلبة ''المائية فى الدم الغالبين'' بعد ان يكون هذه احوالًا عارضة ليست اصلية، و
19
بعد ان تعلم ان لا علة فى البدن تغير السحنة إلا فى جانب الدماغ.
20
واما الماخوذة من حال الرقبة فانها ان كانت قوية غليظة دلت على قوة من قوة
21
الدماغ ووفوره. وان كانت قصيرة دقيقة فبالضد. وان كانت مهيأة لقبول خنازير
22
واورام فالسبب فى ذلك ليس ضعفًا فيها، ولا اذا خلت عن ذلك فالسبب فيه قوة فيها؛
23
بل السبب فى ذلك ضعف القوة الهاضمة التى فى الدماغ لشىء من انواع المزاج
24
الذى نذكره، وقوة من القوة الدافعة؛ فان نواحى العنق قابلة لما يدفعه الدماغ واللحم
3-19
1
الرخو الغددى الذى فيه. وكذلك حال الدلائل الماخوذة من حال اللهاة واللوزتين
2
والاسنان ايضًا.
3
واما الماخوذة من حال الاعضاء العصبانية الباطنة فذلك من طريق احكام المشاركة
4
فانها من الواجب ان تشارك الدماغ والنخاع؛ كما اذا دامت الآفات عليها جلبت إلى
5
الدماغ من المرض الذى بها، او ربما حدث بها ذلك من الدماغ. فالأعصاب اذا قويت
6
وغلظت وقوى مسالكها التى ''تتخلق اصلية دلت'' على قوة الدماغ، ودل ضد ذلك
7
على ضدها.
8
|169vb6|فصل "فى الاستدلال من المشاركات لاعضاء" يشاركها الدماغ ويقرب منها
9
اذا كانت الاعضاء المشاركة للدماغ قوية فالدماغ قوى وان كانت كثيرة الآفات،
10
لا لاسباب ظاهرة يصل اليها؛ فان الدماغ ضعيف أو ماؤف. وربما كانت تلك الآفات فى
11
الاعضاء الأخرى بمشاركة قوى الدماغ؛ مثل ما يتفق ان لا ينهض المريض لبول أو براز يحتاج
12
إليه لعدم الحس؛ كما يتفق فى ليثرغس وفى السبات السهرى، أو لثقل الحركة عليه
13
كما فيهما وفى فرانيطس، ومثل العجز عن الازدراد والغصص، والشرق فى هذه
14
الأمراض، ومثل دلائل النفس؛ فان النفس قد ينقطع ويبطل لسبب آفة فى الدماغ
15
متعدية إلى الحجاب واعضاء النفس، وكما ان كثر النفس وعظمه ادل على صبارا،
16
وضيقه وصغره على السبات السهرى والليثرغس.
17
[وقد يستدل من طرق المشاركات فى الاوجاع ايضًا على احوال الدماغ وعلى
18
النحو المذكور. وقد يستدل من كيفية المشاركة مثل انه ان بلغ الوجع اصول العينين
19
فى الصداع دل على ان السبب ''فى الدماغ والحجب الداخلة وان لم يبلغ دل على
20
ان السبب" خارج القحف. وقد يستدل ايضًا من امتلاء العروق وخلاءها، ومن لون
21
الجلدة وغير ذلك مما سلف بعضه فى خلل ابواب أخرى].
22
|169vb30|فصل فى الاستدلال على العضو الذى يالم الدماغ بمشاركته
23
ان اكثر الاعضاء ايذاءً للدماغ بالمشاركة هى المعدة فيجب ان يستدل على ذلك من حال
24
الشهوة والهضم، وحال الجشاء والقراقر، وحال الفواق والغثيان، وحال الخفقان المعدى. و
25
ينظر فى كيفية الإستدلال ايضًا من هذه على المعدة حيث تكلمنا فى المعدة. ويستدل ايضًا
3-20
1
من حال الخواء والامتلاء؛ فان مشاركات الدماغ للمعدة وهى ممتلئة أو ذات نفخة
2
تظهر فى حال امتلائها. فاما مشاركته اياها بسبب الحرارة، والمرة الصفرآء، واوجاعها
3
التى تكون من ذلك، ومن شدة الحر فتظهر فى حال الخواء. وكثيرًا ما يكون الإمتلاء سببًا
4
ليعدل المزاج، وسادًا بين البخار الحار وبين الدماغ. وأخص ما يستدل به موضع
5
الوجع فى ابتداءه واستقرائه؛ فان امراض الدماغ لمشاركة المعدة قد يدل عليها الوجع
6
[اذا ابتدأ] من اليافوخ، ثم انصب الى ما بين الكتفين، واشتد عند الهضم. فقد
7
تمرض الرأس بمشاركة الكبد، فيكون الميل من الاوجاع إلى اليمين كما اذا كان
8
بمشاركة الطحال كان الميل من الاوجاع إلى اليسار. وقد تكثر مشاركة الدماغ للمراق،
9
وما يلى الشراسيف فيكون الوجع مائلًا إلى قدام جدًا. وقد يشارك الرحم فيكون مع
10
امراض الرحم، ودلائلها المذكورة فى بابه. ويقف الوجع فى حاق اليافوخ.
11
واكثر مشاركات الدماغ للاعضاء تقع بابخرة تصعد إليه. وطريق صعودها
12
اما ما يلى قدام الشراسيف، ويحس هؤلاء بتمددها إلى فوق، وبتوتر وضربان فى
13
العروق التى تليها، ويحس ابتداء الالم من قدام. فاما ما يلى ناحية القفا فيحس ابتداء
14
الالم من خلف، ويتوتر العروق والشرائين الموضوعة من خلف، ويحس هناك
15
الضربان.
16
واذا راعيت اعراض العضو المشارك فيجب ان لا يكون العرض عرض لذلك
17
العضو فى نفسه؛ بل بسبب مشاركته للدماغ لا بمشاركة الدماغ له؛ فانه كما يستدل من
18
الغثيان على ان العلة الدماغية بشركة المعدة، فلا يبعد ان يغلط فيكون العلة فى الدماغ
19
اولًا، ويكون خفية. وانما يظهر الغثيان فى المعدة لمشاركتها للدماغ فى علة خفية
20
بها، فيجب ان ترجع إلى الاصول التى اعطيناك فى الكتاب الاول التى يميز
21
بها الامراض الأصلية من امراض المشاركة.
22
|170ra28|فصل فى دلائل مزاج الدماغ المعتدل
23
فالدماغ المعتدل فى مزاجه هو القوى [فى] الافاعيل الحسية والسياسية و
24
المحركة، المعتدل فى انتقاص ما ينتقص منه، واحساسه القوى على مقاومة الأعراض
25
الموذية، اشقر شعر الطفولة نارية، احمر شعر الترعرع، وإلى السواد عند الاستكمال
26
من الخلقة والنشاء، وسط فى الجعودة والسبوطة، ونباته ومدة شبابه كل فى
27
وقته، وشيبه غير مستعجل، ولا متاخر عن الوقت الطبيعى، ولا يسرع إليه الصلع.
3-21
1
|170ra43|فصل فى دلائل الامزجة الرديئة الواقعة فى الجبلة
2
يرى جالينوس: ان الحرارة تولد اختلاط العقل والهذيان، وليلحق بهذا الطيش و
3
سرعة وقوع البداآت، وافتنان العزائم. وان البرودة تولد البلادة وسكون الحركة، و
4
ليلحق بهذا بطء الفهم، وتعذر الفكر والكسل. وان اليبوسة تفعل السهر ويدل عليها
5
السهر. ويشترط فى هذا ما لم يكن عن الرطوبات البورقية، ولم يكن مع ثقل فى الدماغ، و
6
دوام استفراغ الفضول، وغير ذلك من دلائل الرطوبة؛ فان الرطوبة المالحة والبورقية
7
بشهادة جالينوس نفسه تفعل ارقا كما فى المشايخ. واما الرطوبة فتفعل النوم المستغرق و
8
اشترط مع نفسك الشرط المذكور.
9
ويرى جالينوس: ان الدلالة على ان مزاجًا غالبًا بلا مادة هو عدم سيلان الفضول
10
[مع دلالة سوء المزاج والدلالة على انه غالب بمادة سيلان الفضول]. ونحن نقول:
11
ان لم يكن سدد وضعف من القوة الدافعة. وعلامة ذلك ما ذكرناه وفرغنا عنه.
12
فدلائل المزاج الحار للدماغ سرعة نبات الشعر فى اول الولادة أو فى البطن، وسواده
13
فى الابتداء او تسوده بعد الشقرة سريعًا. وجعودته وسرعة الصلع، وسرعة امتلاء
14
الرأس وثقله من الأسباب الواقعة مثل الروائح ونحوها، وتاذيه بالروائح الحادة.
15
وقلة استعمال النوم مع خفته وظهور عروق العينين، وزكام، وسرعة التقلب فى
16
الآراء والعزائم كحال الصبيان. ويدل عليه اللمس، وحمرة اللون، ونضج الفضول
17
المنصبة والمنتفضة، واعتدالها فى القوام بالقياس إلى غيره.
18
واما دلائل المزاج البارد فزيادة نفض الفضول على ما ذكر من الشرط
19
وسبوطة الشعر وقلة سواده، وسرعة الشيب، وسرعة الانفعال من الآفات،
20
وكثرة النوازل، وعروض الزكام لادنى سبب، وخفاء العروق فى العينين،
21
وكثرة النوم. وتكون صورته مثل صورة الناعس بطئ حركة الاجفان، والثبات على
22
العزائم كحال المشايخ. واما دلائل المزاج اليابس فنقاء مجرى الفضول، وصفاء
23
الحواس، والقوة على السهر، وقوة الشعر وسرعة نباته لدخانية المزاج فى السن الاول
24
وسرعة الصلع، وجعودة الشعر. واما دلائل مزاجه الرطب فسبوطة الشعر وبطوء النبات
25
منه وبطوء الصلع وكدورة الحواس وكثرة الفضول والنوازل واستغراق النوم.
26
واما دلائل المزاج الحار اليابس فعدم الفضول، وصفاء الحواس، وقوة السهر،
27
وقلة النوم، واسراع نبات الشعر فى الاول، وقوته وسواده وجعودته، وسرعة الصلع
28
جدًا. وحرارة ملمس الرأس وجفوفه مع حمرة بينة فيه وفى العين، وتنقل فى العزائم
29
وعجلة فيها، وقوة الفهم والذكر، وسرعة الافعال النفسانية.
3-22
1
واما دلائل المزاج الحار الرطب فانه ان كان ذلك المزاج غير بعيد جدًا من
2
الاعتدال كان اللون حسنًا، والعروق واضحة، والملمس حارًا لينًا، والفضول اكثر
3
وانضج، والشعر اسبط إلى الشقرة، غير سريع الصلع، ويكون التسخن والترطب
4
سريعيين اليه. واما ان يكون بعيدًا منه فيكون مسقامًا قبولًا للنكايات من الحر والبرد.
5
والامراض العفنة فى جوهره سريعًا، وتكون حواس صاحبه ثقيلة كدرة، وعيناه ضعيفتين،
6
ولا يصبر عن النوم، ويرى الاحلام المشوشة.
7
واما دلائل المزاج البارد اليابس فأن يكون الرأس بارد الملمس حائل اللون،
8
خفى العروق فيه وفى العينين، بطىء نبات الشعر اصهبه دقيقة، بطىء الصلع؛
9
خصوصًا ان لم يكن يبسه اغلب من برده، ويكون مستضرًا بالمبردات على الشرط
10
المذكور. وتكون الحواس صافية فى الشبيبة. فاذا طعن فى السن ضعفت بسرعة
11
وهرم، وظهر التشنج والتقبض فى نواحى رأسه، ويكون صحيح الشيخوخة.
12
وتكون صحته مضطربة فتارة يكون خفيف الرأس متفتح المسالك، وتارة يكون بالخلاف.
13
واما المزاج البارد الرطب فيكون الانسان فيه كثير النوم مستغرقًا فيه، ردئ الحواس،
14
كسلان بليدًا، كثير استفراغ الفضول من الرأس. ويدل على ذلك بطوء الصلع، وسرعة
15
وقوع النوازل. واما دلائل الاورام وغيرها فسنقوله بالتفصيل.
16
|170va25|علامات امراض الرأس مرضًا مرضًا
17
هذا الباب والذى قبله كالنتيجة من الاصول التى اعطيناها فى الاستدلال على
18
أحوال الرأس. ويجب ان يحفظ هذه الدلائل، ولا يحتاج ان تعاد فى كل باب من
19
الابواب التى نتكلم عليها فى امراض نواحى الرأس؛ فانا ان اعدناها فى باب ما فانما نعيدها
20
ليكون ذلك معينًا على معرفة كيفية الرجوع إلى هذه القوانين فى ابواب أخرى، قد اقتصرنا
21
فيها على ما يكون اوردناه فى ذلك الباب الواحد. وكذلك يجب ان توطن نفسك عليه
22
من الرجوع الى القوانين الكلية فى المعالجات الجزئية للرأس؛ اللهم الا فيما لا يكون
23
قد ذكر فى الكليات، ووجب تخصيص ذكره فى الجزئيات.
24
|170va44|علامات سوء المزاج الحار بلا مادة
25
يذل عليه التهاب مع عدم ثقل وسهر، وقلق فى الحركات، وتشوش فى
26
التخاييل، واسراع الغضب، وحمرة عين، وانتفاع بالمبردات، وتضرر من المسخنات.
27
|170va52|علامات سو المزاج البارد بلا مادة
28
برد يحس مع عدم ثقل وكسل وفتور، وبياض لون الوجه والعين، و
29
نقصان الخيالات، وميل إلى الجبن، وانتفاع بالمسخنات، وتضرر بالمبردات.
3-23
1
|170vb2|علامات سوء المزاج اليابس بلا مادة
2
خفة وتقدم استفراغات، وجفاف الخيشوم، وغلبة سهر.
3
|170vb6|علامات سوء المزاج الرطب بلا مادة
4
كسل وفتور مع قلة الثقل، وقلة سيلان ما يسيل واعتداله، وافراط نسيان، و
5
غلبة نوم.
6
7
وعلامات الامزجة المركبة التى تكون بلا مادة امتزاج علامتى المزاجين. واستدل
8
على غلبة الحر مع اليبوسة بسهر واختلاط عقل، وعلى غلبة البرد معه بحالة تشبه المرض
9
المعروف بالجمود، وربما تأدت إليه. واستدل على غلبة الرطوبة مع الحرارة بغلبة
10
نوم ليس شديد الاسبات، وعلى غلبة البرودة مع الرطوبة بالنوم السباتى. واضف إلى
11
ما اوردناه سائر الدلالات المركبة من دلائل الافراد.
12
وعلامات غلبة المواد اما الصفراوية فثقل ليس بالمفرط، ولذع والتهاب،
13
واحتراق شديد، ويبس فى الخياشيم، وعطش وسهر، وصفرة لون الوجه والعين. و
14
الدموية يدل عليها زيادة ثقل، وربما صحبه ضربان، ويكون معها انتفاخ الوجه والعينين،
15
وحمرة اللون، ودرور العرق وسبات. وعلامات المواد الباردة ''برد محسوس"، وطول
16
الاذى وازمانه، وقلة حمرة اللون والوجه والعين، وقلة صفرته مع ثقل محسوس؛ لكن
17
ذلك الثقل فى المادة البلغمية اكثر، ومع كسل وبلادة وسبات ونسيان، ورصاصية
18
اللون فى الوجه والعين. واما فى السوداوية فيكون الثقل اقل، ويكون السهر اكثر،
19
ووسواس وفكرة فاسدة، وكمودة لون الوجه والعين [وجميع الاعضاء].
20
واما علامة الاورام الحارة فحمى لازمة، وثقل وضربان، ووجع يبلغ اصل
21
العين. وربما جحظت معه العينان، واختلاط عقل، وسرعة نبض وحرارة. فان كان
22
.فى نفس الدماغ كان النبض مائلًا إلى الموجية. وان كان فى الحجب كان الألم أشد،
23
وكان النبض مائلًا إلى المنشارية. واما علامات الاورام البلغمية فنسيان وسبات،
24
وكثر الثقل، ونبض موجى، ورهل وتهبج. واما علامات الاورام السوداوية فسهر
25
ووسواس مع ثقل محسوس، وصلابة نبض. وقد تركنا مما يجب ان نذكر ههنا دلائل
26
ضعف الدماغ وقوته، وعلامات الخلط الغالب عليه، ودلائل امراضه الخاصية،
3-24
1
والتى تكون بالمشاركة تعويلًا على ما اوردناه من ذلك فى باب الصداع، فيتامل من هناك،
2
فانه مورد فى ذلك الموضع، ولينقل منه إلى سائر الأبواب.
3
|170vb26|فى قوانين العلاج
4
[انا] اذا اردنا ان نستفرغ مادة فان دلت الدلالة على ان معها دمًا وافرًا؛ وليس فى الدم
5
نقصان اى مادة كانت بدأنا بالفصد من القيفال، ومن عروق الرأس المذكورة فى باب
6
الفصد؛ مثل عرق الجبهة والانف، وعروق ناحية الاذن. ويجب ان يقع فصدها
7
فى خلاف جانب الوجع. فان كان الامر عظيمًا، والدم غالبًا فصدنا الوداج؛ وانما
8
نميل الى الفصد وان غلبت الاخلاط الاخرى ايضًا ونبدأ به؛ لان الفصد [استفراغ
9
مشترك للاخلاط فان كانت المادة دمًا فقط كفى الفصد] التام. وان كانت اخلاطًا
10
اخرى نظرنا، فان كان بشركة البدن كله استفرغنا البدن كله، ثم فصدنا الرأس وحده.
11
واستعملنا الاستفراغات التى تخصه. ولا نقدم عليها البتة الا بعد استفراغ البدن كله
12
[ان كان فى البدن خلط]. وذلك ان علمنا ان المادة فيه نضيجة، وذلك بمشاهدة
13
ما ينجلب منه ان لم يكن رقيقًا جدًا، او غليظًا جدًا.
14
وان كان المرض قد وافى المنتهى، وكنا قد تقدمنا بالانضاج بالمروخات
15
والنطولات، والضمادات المنضجة استفرغنا من الرأس خاصة بالغرغرة ان لم نخف
16
آفة فى الرئة، ولم تكن النوازل المستنزلة بالغرغرة من جنس خلط حاد لاذع، ولم يكن
17
الانسان قابلًا لامراض الرئة، وكان يمكنه الاحتراس من نزول شىء ردئ إلى الرئة،
18
أو كان حال الرأس اشد اهتمامًا به من حال الرئة. واستعملنا ايضًا المشمومات المفتحة
19
المعطسة، والسعوطات والنطولات لتجذب المواد من الرأس. وربما ضمدنا الرأس
20
بعد الحلق بأدوية مسهلة لحبس الخلط الذى فيه اذا لم نخف من تلك الضمادات افساد
21
مزاج، وكنا نثق ان المادة منضجة سهلة الاستفراغ. ومع هذا كله فيتوقى فى استفراغات
22
الاخلاط الباردة ان لا تسهل منها الرقيقة، وتحبس الغليظة.
23
وسبيل وصولنا إلى هذا الغرض ان نستفرغ بعد التليين بالملينات المنضجات.
24
فكلما استعملنا استفراغًا اتبعناه تليينًا، ونتوقى فى استفراغات الاخلاط الحادة التى يضطر
25
فيها لا محالة إلى أدوية حارة فى بعض الأوقات مثل الايارج والسقمونيا والتربد و
26
الاسطوخودس ان لا يبقى بعدها سوء مزاج حار؛ بل نجتهد فى ان لا يبقى بعدها ذلك. وذلك
27
بأن يتدارك الاسهال الكائن بها، والاستفراغ الواقع بالغرغرة، وغير ذلك تداركًا بالضمادات
28
المبردة؛ وان نتوقى استعمالها الا بعد ثقة ماخوذة من عادة المريض ان ما يشربه من ذلك
29
يسهله ويستفرغه، حتى لا يكون سقينا اياه سبيلًا لهلاك او فساد.
3-25
1
فان كانت الاخلاط غير نضيجة انضجنا اولًا كلًا بواجبه كما نذكر. فان كانت
2
الاخلاط متصعدة من جانب، او من البدن كله جذبنا إلى الخلاف؛ مثلًا ان كان من
3
اسافل <البدن>، او من البدن كله استعملنا الحقن والحمولات، وعصبنا الاطراف؛
4
خصوصًا الرجل. واستفرغنا العضو مثلًا ان كانت المعدة فبايارج فيقرا، او كان الطحال
5
فبما يخصه. وكذلك كل عضو، ودبرنا كلًا بحسب تدبيره الذى يخصه. فهذه قوانين
6
كلية فى امر المواد. واى مادة استفرغت وجدت بسببها سوء مزاج عالجناه بالضد. ومما
7
يشترك فيه المواد المختلفة فى الرأس من الرطوبات على مذهب اصحاب الكى. وان
8
يكوى حيث ينتهى السبابة والخنصر ممسوحًا من طرف الانف، او حيث ينتهى اليه
9
نصف خيط طوله من الاذن إلى الاذن، وليحلق الرأس اولًا.
10
ولنرجع الآن إلى التفصيل. اما الدم وان كان فى البدن كله، وكان حصل
11
فى الرأس مادة وافرة فصدت القيفال، وان كان بعد لم تحصل وهو فى الحصول فصدت.
12
الاكحل. وان خفت الحصول قبل ان ياخذ فى الحصول مثل ان يقع بسبب جذاب
13
للاخلاط حول الرأس من حر خارجى، أو ضربة، أو غير ذلك، فصدت الباسليق. وان
14
شئت ان تجذب اكثر من ذلك فصدت الصافن، وحجمت الساق فوق الكعب بشبر،
15
وفصدت عروق الرجل. وان كان بمشاركة عضو فصدت العرق المشترك لهما ان اردت
16
ان تستفرغ منهما جميعًا، وكانت المادة قارة.
17
وان اردت الجذب الى ناحية مع استفراغ العضو المشارك فصدت عرقًا يشارك
18
العضو المتقدم بالعلة، ويقع فى خلاف جهة الرأس. ثم اذا توجهت نحو الرأس وحده،
19
اوكان الدم من أول الامر وحده فيه، فما كان واقعًا فى الحجب الخارجة من القحف،
20
على ما سنذكره فى الامراض الجزئية. أو كان الوجع محسوسًا بقرب الشؤون واردت
21
علاجًا خفيفًا، فالحجامة عند النقرة. وان كان غائرًا، او كان لا يرجى انجذابه إلى خارج
22
القحف فصدت عرق الجبهة خاصة ان كان الوجع موخرًا.
23
وبعد اخراج الدم يتناول المستفرغات المتخذة من اهليلج وعصارات الفواكه
24
ان بقيت حاجة، ويستعمل الحقن. وان كانت العلة صعبة مثل سكتة دموية مثلًا فصدت
25
<وداج> من الاوداج. واما المنضجات فان كانت المادة بلغمية وسوداوية فامهات
26
الادوية التى تستعمل فى انضاجها هى ما فيه تلطيف وتقطيع وتحليل؛ مثل المرزنجوش،
27
وورق الغار، والشيح، والقيصوم، والاذخر، والبابونج، واكليل الملك، والشبث،
28
والبسفائج، والافثيمون ــ وهما اخص بالسوداوية ــ، وحاشا وزوفا، والفوذنج، و
29
السذاب، والبرنجاسف. وكل ما كتبناه فى جداول التحليل والانضاج من الأدوية
3-26
1
الحارة وان كان تحصيل التدبير فى البلغمى والسوداوى مختلفًا بما سنذكره. وهذه الأدوية
2
يجب ان تتصاعد فى درجاتها بمقدار المادة.
3
وإن كانت كثيرة الكمية، شديدة الكيفية جعلنا الادوية الحارة قوية حتى فى الدرجة
4
الرابعة؛ مثل العاقرقرحا، والافربيون، وغير ذلك؛ اللهم الا ان يخاف غليان المواد.
5
وذلك ان كانت كثيرة جدًا، وخفنا انها اذا سخنت ازداد حجمها، واوجب تمددًا، و
6
آلم او ورمًا فهنالك يجب ان نبدأ فنستفرغ منها شيئًا، ثم ناخذ فى انضاج الباقى. والاصوب
7
فى انضاج الاخلاط النية الفجة أن يكون العلاج والتضميد بأدوية معتدلة التسخين،
8
ويستعمل الهدو والتعصيب لينضج برفق. وان كانت قليلة الكمية، وكانت ضعيفة
9
الكيفية اقتصرنا من التى لا كثير تسخين فيها على اللطيفة <التى> فى الدرجة الأولى.
10
وان كانت متوسطة فعلى المتوسطة.
11
فاما ان كانت المادة سوداوية لم نقتصر على هذه الأدوية حتى لا يزيد فى التجفيف،
12
سيما ان كانت السوداء غير طبيعية؛ بل احتراقية؛ بل يحتاج فى انضاج المادة السوداوية
13
الى التليين والترطيب لا محالة، ثم يعقب بالمنضجات المحللة اللطيفة التحليل التى فى
14
الدرجة الثانية والثالثة. والاولى ان يجتمع الملينة المرطبة مع الحارة المقطعة المحللة.
15
واما المادة الحارة فانضاجها يجمع قوامها و"تفتيح مع ذلك وتقطيعه". وهذه هى
16
المبردات المرطبة التى فيها جلاء وغسل مثل ماء الشعير، ولبن الماعز الحليب.
17
ويجتنب اللبن من كان به ضعف قوة مع الصداع، والمنضجات التى بهذا الشرط.
18
ويستعمل المياه التى قد طبخ فيها اوراق الخلاف، والبنفسج، والنيلوفر، وعصا الراعى،
19
والبقول الباردة كلها المكتوبة فى جداولها من الادوية المفردة مخلوطة بشىء من الخل
20
ليغوصها، وينفذ قواها. فان كان فيها ادنى غلظ زيد البابونج والخطمى. وان كان
21
صاحب العلة به سهر واريد ان لا يسهر جعل فيها قشور الخشخاش.
22
واقول: ان الخل مشترك لجميع المواد؛ فان تبريده يمكن ان يكسر بادنى شىء،
23
ثم يبقى غوصه بالادوية، وتقطيعه هذا اذا استعمل فى المواد الباردة. واما فى انضاج
24
المواد الحارة فلا ايثار عليه.
25
والادهان الحارة كلها المذكورة فى انقراباذين المتخذ من الرياحين، والزهر،
26
والنبات داخلة فى انضاج المواد الباردة. فان كانت المواد شديدة البرد، أوكثيرة الكمية،
27
أو عسرة الانحلال فالادهان المتخذة بالصموغ الحارة، والافاوية القوية، ودهن البان
28
والزنبق والنرجس والسوسن والأقحوان والغار والمرزنجوش والناردين، أو زيت
29
طبخ فيه سذاب رطب، أو فوتنج، أو شبث رطب، أو بابونج رطب، أو ما اشبهه مما
3-27
1
لم يكن يذكر فى اقراباذين والنفط. واما دهن البلسان فللطفه ينحل بسرعة، فلا ينتفع به
2
فى الاطلية والمروخات انتفاعًا كثيرًا يليق بقوته. ونحن نقابل المادة بالاستفراغ، أو الجذب
3
الى الخلاف، او بهما جميعًا. والجذب إلى الخلاف هو الجذب إلى اليد والرجل.
4
ويعين عليه دلكهما بملح ودهن بنفسج، او دهن بابونج بحسب المزاج.
5
ومما يستعمل فيما نحن فيه الرياضة التى تحفظ فيها الرأس حتى لا يتحرك مع البدن،
6
وانما تتحرك الاسافل وحدها، وهى رياضة يكون الانسان فيها متعلقًا فى حبل، او
7
متدليًا من جدار، ويتماسك عليه اعالى بدنه، ولا يزال يحرك الرجل ويتبعها. وهذا
8
بعد الاستفراغ. ودلك الأطراف، وشدها من فوق الى اسفل من هذا القبيل؛ وخصوصًا
9
عند التغذية. وقد ينقى الرأس وحده بالرياضة الخفيفة كالدلك والغمز حتى المشط،
10
واستعمال الاراجيح من المنقيات الخاصة كما يفعل فى آخر ليثرغس.
11
واما الامر الجامع للتدبيرين جميعًا فالحقن والحمولات والمدرات والمعرقات
12
بحسب المادة والقوة، وكلها معدودة فى اقراباذين. وأما المسهلات التى يستفرغ
13
الرأس بشركة البدن فحب الايارج، وحب القوقاى، وحب اسطوخودس. وهذه هى
14
أوفق للاخلاط المحترقة التى الغالب عليها المرار. وفيها مع ذلك غلظ؛ بل هى
15
كالمشتركة للمرارية والبلغمية. وأقوى من ذلك كله نقيع الصبر المتخذ بماء الهندبا، و
16
خصوصًا الذى هو أقوى منه، وهو المكتوب فى الاقراباذين. او نقيع الايارج والقئ
17
بالسكنجبين مع بزر السرمق. واما طبيخ الاهليلج والاجاص والشاهترج، وشراب
18
الفواكه، وشراب البنفسج، وطبيخ الخيارشنبر، وما اشبه هذه مقواة بالسقمونيا وغيره
19
بحسب حال البدن، وخلوه عن الحمى، او كونه فيها بحسب السن والقوة وامثال هذه
20
فهى موافقة للاخلاط المرارية الرقيقة.
21
واما ايارج اركاغانيس، وايارج روفس، وايارج لوغاذيا، وايارج جالينوس،
22
والحب المتخذ من الحجر اللازورد، والخربق على ما نذكره موافق للاخلاط الغليظة
23
والسوداوية. وذلك كل ما وقع فيه اسطوخودس. ويصلح له ايضًا القىء بشرب السكنجبين،
24
وبزر الفجل، وشحم الحنظل مع سائر الأدوية المخرجة للاخلاط [الغليظة] اللزجة
25
مما حددنا وذكرنا. وسائر المركبات المفصلة فى اقراباذين على ان لها طبقات،
26
الاولى ما كان <منها> بايارج وتربذ وافثيمون وغاريقون وجندبادستر وما اشبهه، ثم
27
الحبوب الكبار، ثم الايارجات، ثم الخربقان، الاسود للسوداء، والابيض للبلغم مع حذر
28
وتقية، واللازورد والحجر الارمنى للسوداء بلا حذر ولا تقية. ويجب ان يبدأ من
29
الأضعف، ويتدرج حتى يعلم من حال العلة انها قد انقطعت.
30
واما المسهلات الرقيقة لتنقية الرأس فهى الشبيارات التى يتخذ منها حب كبار
31
ليفعل الوزن القليل الفعل الكافى باللبث، ولا يضر "لقلته تكريره"، وينام عليه لئلا تبطل
3-28
1
الحركة واليقظة فعله. وكان القانون والخميرة فيها الصبر والايارج، ثم يقع فيها
2
المصطكى لتقوية المعدة، ويقع فيها الهليلج ليمنع البخار الحاد الذى تولد فى المعدة
3
عن الرأس. فان اريد الاخلاط المرارية استعين فيها بالسقمونيا وما اشبهه. وربما كان
4
السقمونيا مع الصبريات المستعملة بسبب تنقية الدماغ نفسه او المعدة ان كان مرض
5
الدماغ بمشاركتها مانعًا لتسخينها المفرط لفضل مكثها، وتهييجها المقصر عن تمام
6
التنقية بما يعين على التنقية. فان اريد المعين فى اخراج الاخلاط البلغمية استعين بشحم
7
الحنظل مع الزنجبيل والتربذ والاسطوخودس. وان اريد الاخلاط السوداوية استعين
8
بالخربق القليل والأفثيمون والبسفائج وما أشبهه. وهى حبوب كثيرة بنسخ مختلفة تجدها
9
فى اقراباذين، وتعرف منافعها واخبارها هناك.
10
واما المنقيات الخاصة بالرأس فمن ذلك الغرغرات وكان المرى يستعمل فى
11
جميعها. فان كانت الاخلاط مرارية صرفة لم يستعمل فى تنقيتها الغرغرة خوفًا من نزولها
12
إلى الصدر. وقد اكتسبت فضل حدة من الادوية المنقية الحادة؛ فان المطلقة للصفراء
13
برفق ولطف واعتدال مزاج لا يوثر فى الغرغرة اثرًا كبيرًا. فان كان شىء من ذلك نافعًا
14
فالسكنجبين البزورى مع الهندباء وحده، والسكنجبين العنصلى، والسكنجبين المتخذ
15
بالسقمونيا، وماء اللبلاب، وماء الاجاص، وشراب البنفسج، والتمرهندى مع قليل
16
سقمونيا، وما جرى هذا المجرى.
17
واما ان كانت الأخلاط مرارية مع غلظ فالغرغرة تكون بالمرى والصبر، اوالايارج،
18
او السكنجبين البزورى العنصلى مع الايارج. ولك ان تقوى ذلك بالسقمونيا، وقليل
19
تربذ ولا تزيد على هذا. واما ان كانت الاخلاط الغليظة بلغمية فزد عليها شحم الحنظل
20
والزنجبيل والاسطوخودس وتربذ وايارج اركاغانيس وبوسطوس. وربما احتجت الى
21
ان تستعمل معها الخردل والعاقرقرحا والفلفل مع المصطكى تريد بذلك تقوية فعل الدواء
22
اذا كانت الاخلاط شديدة القوة. وكذلك ربما مضغت العاقرقرحا والفلفل والزنجبيل
23
والوج حتى الميويزج وما اشبهها. وقد تخلط بها الملطفات مثل الزوفا والدارصينى
24
والسليخة والصعتر وقشور اصل الكبر والفوذنج وما جرى مجراها.
25
وأما العطوسات فللاخلاط المرارية مثل بخار الخل المذاب فيه قليل سقمونيا،
26
وشم الفقاع الحامض الحاد، وللبلغمية الكندس والفلفل والبصل والثوم والحرف
27
والخردل والبزور الحارة وما يجرى مجراها. وقد يتخذ من هذه الادوية ضمادات،
3-29
1
ويتخذ منها اطلية على الاصداغ. فاما السعوطات فمنها ما يراد به التبريد والترطيب.
2
ومنها ما يراد به التحليل، ومنها ما يراد به التقوية. واذا استعملت السعوطات المحللة
3
القوية فتدرج فى استعمالها. واستعملها اول مرة بدهن الورد، او باللبن، او ما يجرى
4
مجراهما. وفى المرة الثانية بعصارة السلق ونحوها، وفى المرة الثالثة بماء المرزنجوش ونحوه.
5
فان كان مبدأ المادة والبخارات انما هو من المعدة فتامل جوهر الخلط الحاصل فى المعدة،
6
وتعرفه بما تعلم فى باب امراض المعدة واستفراغه.
7
واما اذا كانت المادة الراسبة بخارات ورياحًا مختنقة فيجب ان يحلها بماء
8
قد طبخ فيه الشيح والافثيمون والحاشا، والادوية المذكورة فى ابوابه. ويقطر ايضًا دهن
9
الياسمين والغار والمرزنجوش فى الاذن. واما اذا اردت ان تقوى جرم الدماغ، وتمنع
10
الاخلاط المرارية عن الصعود إليه من المعدة وما يليها، فيجب ان تطعمه الفواكه الحامضة،
11
وخاصة الرمان الحامض والتفاح والكمثرى والحصرم، وخصوصًا بعد الطعام.
12
واما معالجتك السدد فبالنطولات المفتحة دائمًا. ويجب ان يكون سكبها، و
13
سكب كل نطول يستعمل فى كل غرض سكبًا من مكان علو ليكون غوص قوتها
14
اكثر. والرأس منتصب ليقع على اليافوخ دون مؤخر الرأس والعظام الصلبة. ويكون
15
ايضًا بالمضوغات، وحبوب الشبيار، والادهان المحللة، وان كان سبب الالم
16
رياحًا فى المعدة نقيت ثم اعطيت دهن اللوز الحلو والمر بماء طبيخ الأصول والحلبة و
17
القردمانا وما أشبهه، او اعطيت دهن الخروع مع نقيع الصبر.
18
واما معالجتك الاورام الحارة فيجب ان تبتدئ فيها اولًا بما يدفع من المبردات
19
المذكورة مخلوطة بالخل وماء الورد؛ الا ان يكون هناك وجع شديد، وحينئذ فاجتنب الخل.
20
وينفع فيها استعمال دهن الورد مبردًا مقدارًا صالحًا غير مفرط، مضروبًا بالخل الكثير او
21
القليل فى الجبهة والرأس. وماء عنب الثعلب والفوفل والزعفران والصندل، وشياف
22
ماميثا، والطين الأرمنى، والعدس المقشر ونحو ذلك. ومياه قد طبخت فيها القوابض
23
الباردة. ومن الحارة القابضة القوية ما فيها تركيب ايضًا فى مزاجها بالبرد كالاثل. و
24
اجتنب الادوية الشديدة البرد المتخذة من مثل الخشخاش والافيون وغير ذلك؛ إلا عند
25
الحاجة الشديدة والوجع الشديد. والبابونج قد يكسر قوة المخدرات فى الأنطلة. والقئ
26
مما لا ينتفع به فى معالجات امراض الرأس؛ إلا ان تكون مشاركة مادة فى المعدة اصلح
27
وجوه دفعها القىء.
28
قال جالينوس: ليس حال الصداع فى شدة الحاجة إلى المخدرات حال القولنج؛
29
فان وجع القولنج قد يبلغ ان يقتل، ولا كذلك الصداع فى اكثر الامر. فان كانت المواد
3-30
1
شديدة الحدة استعملت ماء الفواكه المذكورة، ثم استعمل المنضجات المذكورة للمواد
2
الحادة، ثم تستعمل ما فيه ادنى تحليل مثل مياه قد طبخ فيها الحسك واصول الآس.
3
ومن الادهان دهن البابونج الطرى وحده، أو مخلوطًا بدهن الورد بحسب حدة
4
المرض، وقوام المادة، وقرب العهد من المنتهى وبعده من مياه قد طبخ فيها اصول الكرفس
5
والرازيانج والنخالة ببزورهما والحلبة والخطمى واكليل الملك والاقحوان الابيض.
6
ومن الادهان دهن الشبث ونحوه ايضًا، حتى ينتهى فيتحلل حينئذ. وايضًا ضمادات
7
متخذة من هذه. واما الاستفراغات الواجبة فيتقدم بها بحسب المادة. ويستعمل فى
8
تغذية صاحب [الورم] الصفراوى، وخاصة الاغذية الخفيفة والرطبة.
9
واما الاورام الباردة [فيبتدئ] فيها اولًا كما فى غيرها بالاستفراغ، ويستعمل
10
فيها ما يقع فيه دهن الخروع، ودهن اللوز المر، والفيقرا ونحو ذلك من اصناف الأشربة
11
المعروفة بمياه الأصول. ويقتصر من الرادعات فى ابتداءه على دهن الورد، ويخلط بها
12
الملطفات كالحاشا والفوتنج والجندبيدستر خاصة، ثم يستعمل العنصل وخله ضمادًا
13
أو غرغرة ان امكن ذلك. وربما سقوا من الجندبيدستر ثلثى مثقال، وخصوصًا لاصحاب
14
ليثرغس، ثم تستعمل المنضجات التى فيها ارخاء، وقليل تحليل ما ذكرناه، ثم بعد ذلك
15
وعند الانتهاء فليستعمل فى جميع الباردة والحارة المرخيات. ويكون المستعمل فى
16
الباردة المرخيات التامة، والمحللات القوية من المياه والضمادات والادهان.
17
واعلم ان جميع من يشكو علة مادية فى رأسه فانه يتضرر بالخمر. والابطاء فى الحمام
18
وجميع من به مرض فى حجب الدماغ فانه يتضرر بالماء البارد جدًا.
19
فاما معالجات سوء المزاج الحار وحده فبما فيه تبريد من البقول، والادهان الباردة
20
المبردة كدهن الورد والخلاف والنيلوفر والبنفسج. وخير ذلك [كله] دهن الورد، ودهن
21
حب القرع، ودهن بزر الخس، ودهن بزر الخشخاش. وربما استعملوا دهن بزر البنج
22
عند شدة الوجع. وخير هذه الادهان ما اصله زيت معتصر من زيتون إلى الفجاجة غير
23
مملح. وقد اكثر ورق ما يربى فيه وكان طريًا. واما البقول الباردة وما يجرى مجرى
24
البقول فانت تعرفها كلها؛ وهى مثل الخس والبقلة الحمقاء وجرادة القرع وما اشبه
25
ذلك. وايضًا ورق الخلاف، وورق النيلوفر، وعنب الثعلب، وعصا الراعى وحى العالم،
26
او ماء الخيار والقرع، وسويق الشعير مع الخل، وماء الورد والكافور والصندل،
3-31
1
و"القاقيا الملخلخة" بدهن الورد وبالخل. ولا يتجاوز ذلك إلى ما فيه تخدير واخماد
2
للروح إلا لضرورة شديدة.
3
قالوا: ولا يجب ان يكون الخل شديد الحدة، أو الخمرية فان فيه ضررًا. ومن ذلك
4
لعاب بزر القطونا بالخل وماء الكزبرة واوراقها. ويجب ان يجنب هذه الاضمدة والاطلية
5
مؤخر الدماغ الذى هو منشاء العصب؛ فان هذه الأشياء انما تنفع الدماغ من طريق الشان
6
الذى فى اليافوخ وهو الشان الاكليلى. واما [من] طريق الخلف فلا يصل إلى صميم
7
الدماغ، ويفسد منابت الاعصاب.
8
وايضًا مما يعالجون به ان يتشمموا الروائح الباردة <الطيبة>، ويستعطون بمثل
9
هذه الادهان والعصارات. ويجعل الاغذية من العدس والمج ــ وهو الماش ــ والكشك
10
والاسفاناخ والقطف والطفشيل وما اشبه ذلك. ويفرش هذه البقول والاوراق فى مسكنه
11
حتى يكون فى بيت بارد مفروشًا فيه الأغصان المبردة. وقد امر فيما امر فيها الشاهسفرم
12
وفاغية الحناء. واظن ان الأصوب ان يكون القريب منه من الشاهسفرم <شاهسفرم>
13
مرشوش بالماء البارد. وكذلك ينفعه تقريب الفواكه الباردة، والجمد، والمياه الغزيرة. فان لم
14
يجد مع الحرارة يبوسة بل رطوبة بلا مادة فهذا قليل جدًا فى امراض الدماغ. واجعل الاطلية
15
من مياه الفواكه التى فيها قبض كما ذكرنا، ولا سيما فى ابتداء الاورام الحارة. وجميع
16
هؤلاء يجب ان يمنعوا الحركات النفسانية الباطنة، وترديد الحدقة فى الملامح ويجنبوا
17
النظر فى التباريق والتزاويق؛ وكذلك يخفف عن اسماعهم.
18
واما ان كان سوء المزاج باردًا فاستعمل الضمادات، والمياه المتخذة من الادوية
19
الحارة المذكورة، والادهان المذكورة خاصة دهن السذاب المسخن. وان احتيج فيه
20
إلى زيادة تقوية خلط به فربيون. وكذلك دهن الغار والمرزنجوش ونحوها. وان كان
21
مع ذلك سوداويًا، وكان سوداءً طبيعيًا، او بلغميًا، فسخنه مع ترطيب. واما ان كان احتراقيًا
22
فاجتنب كل ما يجفف او يسخن، واقتصر على المرطبات من الالبان، والادهان، و
23
النطولات، والاضمدة، والأغذية. فان كان مع البرد يبس جمعت ايضًا بين الترطيب
24
والتسخين. وان كان مع البرد رطوبة استعملت الغرغرات المذكورة، والادوية التى فيها
25
نشف مع الحرارة مما ذكر لك فى الجداول.
26
ويجب ان تعلم ان السيالات تستعمل على الرأس قطرًا على ما ذكرناه. وتستعمل
27
[حبسًا] فى محبس من عجين، او من صوف مبلول يكلل به الرأس، ويكون مصبها
3-32
1
مما يلى المقدم من اليافوخ. وما كان منها لبنًا فيجب ان لا يترك عليه اللطخ منه،
2
بل يغسل ولا يترك نفسه فى المحبس الاكليلى مدة كثيرة، بل يجدد؛ فانه سريع التعفن.
3
واجود ذلك ان يستعمل بعد الحلق. وكذلك جميع الضمادات والمروخات. واذا غذوت
4
اصحاب امراض الرأس المادية فادلك الاطراف، وخفف جانب الرأس، وقوه
5
بالرادعات [ثم اغذيه حسب ما ترى من كمية المادة وكيفيتها. وقس على ذلك نظائره].
6
|173rb1|المقالة الثانية
7
فى اوجاع الرأس وهى اصناف الصداع
8
|173rb3|فصل كلام كلى فى الصداع
9
الصداع ألم فى اعضاء الرأس. وكل الم فسببه تغير مزاج [دفعة] و
10
اختلافه، او تفرق اتصال، او اجتماعهما جميعًا. وتغير المزاج هو احد [الاسباب]
11
الستة عشر المعروفة وان كان الرطب هو غير موثر ألمًا إلا ان يكون مع مادة
12
تتحرك فتفرق الاتصال. وتفرق الاتصال معلوم. واصنافه بحسب أسبابه معلومة و
13
"اجتماع سببى'' الالم معًا يكون فى الاورام. والاورام ــ كما علمت ــ معدودة الاصناف،
14
واصنافها اربعة. وجميع ذلك قد يكون فى جوهر الدماغ نفسه. وقد يكون فى الحجاب
15
المطيف به. وقد يكون فى الحجابين المطيفين به. وقد يكون فى العروق. وقد يكون
16
فى الاغشية الخارجة عن القحف لما بينها من العلائق المعروفة فى التشريح الموصوف.
17
وقد يكون السبب الموذى لأى هذه الاعضاء كان ثابتًا فى العضو نفسه. وقد يكون
18
بمشاركة غيره له إما عضو يصل بينه وبين اعضاء الرأس، واشجة العصب؛ مثل المعدة
19
والرحم والحجاب، واعضاء اخرى ان كانت؛ او عضو يصل بينه وبين الدماغ،
20
واشجة العروق من الأوردة والشرايين؛ مثل القلب والكبد والطحال. واما عضو
21
يجاوره مجاورة أخرى؛ مثل الرئة الموضوعة تحته فيودى إليه آفة.
22
وإما عضو مشارك لعضو من جهة، وللدماغ من جهة أخرى؛ مثل مشاركته للكلية
23
فى أوجاعها. وإما بمشاركة البدن كله كما يكون فى الحميات. وما كان بمشاركة
24
فقد يكون بأدوار ونوائب بحسب ادوار ونوائب السبب الذى فى العضو المشارك؛ مثل
3-33
1
ما يكون بمشاركة المعدة اذا كان لانصباب المواد المرارية، او غيرها اليها ادوار وميل ما
2
يكون مع ادوار تزيد أصناف الحميات.
3
والصداع فقد ينقسم من جهة أخرى: فان منه ما سببه صنف من الاسباب
4
البادية، مثل صداع الخمار ما دام صداع خمار، و"لم يرسخ لرسوخ" سبب ازيد من ذلك
5
متولد من ذلك، ومثل صداع [من] اكل شىء حار مثل الثوم وغيره. ومنه ما سببه سابق
6
قد وصل فهو لابث فيلبث هو لا جله، وربما كان عرضًا، ثم صار مرضًا. واذا بقى مرضًا
7
بعد الحميات الحادة انذر بعلل دماغية، ودل على عجز الطبيعة عن دفع المادة بالكمال
8
برعاف او غيره. ومن العلل التى ينذر بها سبات وسكات وجنون، او استرخاء،
9
او صمم بحسب جوهر المادة وبحسب حركتها.
10
والصداع قد ينقسم من جهة مواضعه؛ فانه ربما كان فى احد شقى الرأس. وما
11
كان من ذلك معتادًا [لازمًا] سمى شقيقة. وربما كان فى مقدم الرأس. وربما كان فى
12
مؤخر الرأس. وربما كان محيطًا بالرأس كله. وما كان من ذلك معتادًا لازمًا فانها تسمى
13
بيضة وخوذة تشبيهًا ببيضة السلاح الذى يشتمل على الرأس كله. والصداع قد يختلف
14
ايضًا بالشدة والتوسط والضعف. فمن الصداع ما هو شديد جدًا حتى انه اذا صادف
15
يافوخ صبى لين العظام فرقه وصدع درزه. ومنه ما هو ضعيف مثل اكثر ما يكون فى
16
ليثرغس. ومن الضعيف ما هو لازم. ومنه ما هو غير لازم. وربما كان الصداع الذى
17
سببه ضعيف يعرض لبعض دون بعض؛ فيعرض لمن حس دماغه قوى، ولا يعرض لمن
18
حس دماغه ضعيف. وبالجملة فان من هو قوى حس الدماغ ممنو بالتصدع من كل سبب
19
مصدع وان ضعف. وبالجملة فان الدماغ يكون سريع القبول للمصدعات إما لضعفه،
20
وقد عرف فى الكليات ان الضعف تابع لسوء مزاج. وإما لقوة حسه فيتاذى عن كل سبب
21
وان خف.
22
وايضًا فان من الصداع ما لا اعراض له. ومنه ما يودى الى اعراض تختص
23
بنواحى الرأس، مثل ان "يحدث من شدة الوجع ورمًا" فى نواحى الرأس. ومنه ما يودى الى
24
اعراض تتعدى الى اعضاء اخرى، مثل ان يتادى اذاه واضراره، اوايرامه إلى اصول
25
الاعصاب، فيحدث التشنج. أو يتعدى من ذلك شىء إلى المعدة فيحدث سقوط الشهوة،
26
والفواق، والغثيان، وضعف الهضم، ونحو ذلك.
27
واعلم أن الصداع المزمن إما ان يكون لبلغم، أو لسوداء، او ضعف رأس،
3-34
1
او ورم صلب مبتدأ، أو حار قد صلب وهو الكثير. والصداع وجميع الامراض
2
قد تختلف. فربما كان المرض مسلمًا. والمسلم هو الذى لا مانع عن تدبيره بما يجب له فى
3
نفسه. ومنه ما ليس بمسلم بل هو ذو قرينة ربما منعت عن تدبيره بالواجب؛ مثل ان يكون صداع
4
ونزلة، فتعارض النزلة الصداع فى واجبه من التدبير.
5
والصداع ايضًا قد ينقسم باعتبار آخر فان من الصداع ما يعرض أحيانًا لصحيح
6
لا علة به. ومنه ما [انها] يعرض لذى أورام وأوصاب. ومن الابدان ابدان مستعدة
7
للصداع، وهى الابدان الضعيفة الرؤس الضعيفة الاعضاء الهاضمة، فيتولد فيها بخار كثير، و
8
ينصب إلى معدهم اخلاط مرارية فيصدع.
9
وايضًا فان من المتناولات أشياء مصدعة قد ذكرت فى جداول الادوية المفردة.
10
وجميع الافاوية مصدعة، خصوصًا السليخة والقسط والزعفران والدارصينى والحماما.
11
وجميع المبخرات مصدعة حارة كانت أو باردة؛ لكنها إذا تعاقبت تدافعت، اعنى اذا
12
كان قد تقدم ما آذى بحرارة بخاره، فعقبه ما يبخر بخارًا باردًا وبالعكس. وأما اذا كان
13
الأذى ليس بالكيفية وحدها بل بالكمية، ولا ينفع تعاقبها بل يضر. وقد يكثر الصداع
14
البارد الاحتقانى فى الشتاء. واذا كان الصيف شماليًا قليل المطر، وكان الخريف
15
جنوبيًا مطيرًا كثر الصداع فى الشتاء. وكثيرًا ما يكون الصداع بسبب تأدية الشريان البخارات
16
الخبيثة إلى الرأس.
17
|173vb3|فصل فى اصناف الصداع الكائن من سوء مزاج
18
فلنأت بكلام يفصل كل واحد من هذه الجمل. وهذا هو التفصيل الأول فنقول:.
19
أما الجملة المزاجية فان المزاج الحار، والمزاج البارد، والمزاج اليابس قد يحدث
20
عنها الآلام على نحو ما علمنا فى الأصول الكلية وان كان الحال فى المزاج اليابس
21
على ما علمت من انه قليل التاثير للالم. والمزاج الرطب بما هو مزاج رطب
22
فليس بمولم؛ الا ان يكون هناك مادة رطبة مولمة من جهة تبخير، او إحداث ريح
23
تفعل تفرق الاتصال. والحار اليابس والبارد اليابس يولمان بالكيفيتين، ويولمان ايضًا
24
بالحركة المفرقة للاتصال. واما الحار الرطب [والبارد الرطب] فلا يولمان الا من حيث هما
25
حار وبارد، لا من حيث هما رطبان الا على الجهة المذكورة.
26
والمزاج الحار إما ان يكون سببه مادة حارة دموية، أو صفراوية، أو مركبة محتدة
27
ملتهبة تفعل بكيفيتها التاثير. وإما ان يكون سببه ريحًا او بخارًا حارًا. وإما ان يكون
28
سببه حركة مسخنة بدنية او نفسانية على ما علمت من اقسامها فى الاصول الكلية، او يكون
3-35
1
سببه مثل ملاقاة نار او احراق شمس أو تناول غذاء أو دواء مسخن او مجاورة اعضاء
2
قد سخنت ومشاركتها. واسباب المزاج البارد المصدع مقابلات هذه مما اليك عدها.
3
واسباب اليابس إما مجففات من خارج بالتحليل والاحراق كالسمائم والاضمدة
4
الحارة. او مجمدات طبيعية، أو عارضة، بغتة وغير بغتة، تمنع الغذاء من ان ينفذ إلى
5
الرأس فيجف اعضاءه لانقطاع الشرب، وتحليل الرطوبة الأصلية؛ او مجففات من داخل
6
بتحليلها، أو باستفراغها، أو بان قوتها مجففة، و ان الغذاء الكائن منها يابس، أو قليل
7
الرطوبة، أو مجاورة اعضاء قد يبست ومشاركتها. والحركات النفسانية والبدنية المفرطة
8
مجففات بطريق الاستفراغ والتحليل. وكذلك الجماع والادرار والنزف والرياضة القوية.
9
والاستفراغات منها استفراغات فى اعضاء غير اعضاء الرأس يشاركها الرأس مثل الاستفراغات
10
الكلية من البدن كله، أو الاستفراغات الجزئية من عضو دون عضو. ومنها استفراغات
11
فى اعضاء الرأس مثل الزكام والنزلة والرعاف. واصناف التحلب المكتسب بالسعوطات
12
والعطوسات والغراغر. ومن اسباب اليبوسة انقطاع مواد الرطوبة وان لم يكن باستفراغ
13
مثل الصيام، وترك الطعام وفقدانه.
14
|173vb52|فصل فى اصناف الصداع الكائن بسبب تفرق الاتصال
15
تفرق الاتصال قد يعرض فى حجب الدماغ. وقد يعرض فى جوهره. و
16
قد يعرض فى العروق فتنفتق. وربما كان ــ كما تعلم ــ من حركة البخارات والرياح
17
ابتداء أو لسدة. وربما كان لخلط اكال. وربما كان من ضربة، أوسقطة،
18
أو قطع من خارج. والذى يكون من داخل فربما لم يلتحم، وبقى قرحة
19
توذى الرأس، وتديم التصديع. والضربة والسقطة ربما كانت خفيفة المؤنة فتعالج.
20
وربما بلغت ان يتقلقل لها الدماغ ويتهلهل. وقد ذكر بعض اطباء الهند: انه ربما كان
21
السبب فى الصداع دودًا يتولد فى نواحى الرأس فتوذى بحركتها وتمزيقها واكلها. و
22
قد استبعد هذا قوم، وليس بالواجب ان يستبعد؛ فان الدود كثيرًا ما يتولد فيما بين مقدم الرأس
23
وأعلى الخياشيم، فيجوز ان يتولد عند الحجب وان كان فى الندرة.
24
|174ra12|تفصيل انواع الصداع الكائن عن اورام
25
الورم الذى يحدث عنه الصداع ربما كان فى حجب الدماغ. وربما كان حارًا و
26
يسمى سرسامًا حارًا. وربما كان باردًا ويسمى ليثرغس اى النسيان. وربما كان مركبًا و
3-36
1
يسمى حال صاحبه السبات السهرى. وربما كان صلبًا. وقد يكون فى نفس الدماغ و
2
جوهره فيكون اما حارًا فلغمونيًا أو حمرة. وإما باردًا، وتفصيل جميع ذلك مما ياتيك به
3
عن قريب. وهذه كثيرًا ما تنحل بان يخرج من الرأس فى الاذن وغيره قيح أو صديد،
4
أو مادة مائية.
5
|174ra24|فصل فى كيفية عروض الصداع من المواد
6
نقول: ان المواد يكون سببًا للصداع إما بالذات وإما بالعرض. والذى بالذات
7
فبأن يغير المزاج او يفرق الاتصال. وانما يتغير المزاج بالذات على وجهين إما
8
بالمجاورة وإما بالتخليف. أما [الذى] بالمجاورة فان يكون الخلط المخالط حارًا
9
أو باردًا، "فيسخن <تبريدًا> اويبرد تسخينًا وتبريدًا". فاذا فارق الخلط مما
10
خالطه فنى وتلاشى، ولم يلبث لبثًا يعتد به. وأما الذى بالتخليف فان يكون الخلط
11
قد ارسخ الأثر وثبته. فانه فارق باستفراغ وتحلل بقيت الكيفية راسخة. واما كونها سببًا
12
للصداع بالذات على سبيل تفرق الاتصال فبحركتها ونفوذها و بلذعها وتأكلها واكثر
13
ما يصدع بالتحريك أن يهيج رياحًا واكثر ما يفعل ذلك مواد باردة ضربتها حرارة طارية او
14
اغذية ريحية مخالطة بحرارة. واما اللذاعة الاكالة فهى الاخلاط الحادة.
15
واما الصداع الكائن عنها بالعرض فاذا حدثت سدة ورمية أو غير ورمية. و السدة
16
يتبعها تغير المزاج كما علمت، ويتبعها تفرق الاتصال. وذلك لان المواد التى تحركها
17
الطبيعة فى البدن إما على سبيل نفض، أو على سبيل "تمييز وقسمة" غذاءً فانما يحركها
18
فى منافذ طبيعية اذا سدت منعت، واذا منعت قاومت. والمقاومة توجب التمديد،
19
والتمديد يوجب تفرق الاتصال.
20
والسدد قد يعرض فى جوهر الدماغ. وقد يحدث فى الاوردة التى فيه. و
21
قد يحدث فى شرايينه. وقد يحدث فى ذينك من حجبه. فالسدة تعرض عن الاخلاط
22
إما للزوجتها، وإما لغلظها، و إما لكثرتها. واللزوجة لاتصادف إلا فى البلغم،
23
والغلظ ايضًا فى البلغم والسوداء. والبلغم يسد باللزوجة وبالكثرة وبالغلظ. و
24
السوداء بالغلظ والكثرة. والصفراء يسد بالكثرة، وكذلك الدم. والصداع البحرانى يكون
25
من قبيل الصداع الذى سببه تحريك طبيعى على سبيل النفض. والصداع الذى يكون بعقب
26
انهضام الطعام من قبيل الصداع الذى يكون سببه تحريك طبيعى على سبيل التمييز.
3-37
1
واما حصول المادة الموذية فى العضو فيجب ان تتذكره فى باب الاصول الكلية بعد
2
ان تعلم انها إما ان تكون متقادمة الحصول والاحتباس، وإما ان تكون غذائية، اى
3
تولدت فى الوقت عن غذاء تولد كيموس ردئ فى جوهره، أو كيفيته لفساد فى نفس الغذاء،
4
أو ترتيبه، أو قدره، أو هضمه، أو سائر وجوه فساده المذكورة فى بابه. فمن هذا القبيل
5
صداع اكل الثوم والبصل والخردل. وصداع الخمار، وصداع من تناول الباردات،
6
وحركات المواد فى الاعضاء يجب ان تتذكرها من الاصول الكلية.
7
والريح من جملة المواد المصدعة ويصدع بالتمديد. وذلك اذا ضاق عليه منفذ
8
طبيعى قد خلق أضيق مما ينبغى له فى وقته، أو طلبت ان تحدث منفذًا غير طبيعى. و
9
البخار ايضًا من جملة ذلك فيفعل إما بكيفيته، وإما لمزاحمة الاخلاط فى الامكنة
10
فيحركها. والرياح والبخارات قد تتولد فى البدن وفى الدماغ نفسه. وقد يستنشق من
11
خارج، أوياتى من جهات المسام، ثم يحتقن فى الدماغ فيصدع. ومن هذا القبيل
12
صداع النتن وصداع الطيب. واعلم ان الرياح البلغمية و البخارات البلغمية ثقيلة
13
بطيئة الحركة محتبسة. والسوداوية موحشة ثابتة اقل كمًا واردأ كيفًا. والاخلاط الحادة
14
لا تهيج رياحًا بل ابخرة. والابخرة الدموية عذبة اقل الابخرة ضررًا بكيفيتها بل اكثر بكميتها.
15
والصفراوية حادة ملتهبة.
16
|174rb42|فصل فى اصناف الصداع الكائن بالمشاركة
17
الصداع الكائن بالمشاركة منه ما هو بمشاركة مطلقة، ومنه ما هو بمشاركة غير
18
مطلقة. والمشاركة المطلقة هو ان لا يتادى إلى ناحية الدماغ من العضو المشارك شىء
19
جسمانى البتة إلا نفس الأذى. واما المشاركة غير المطلقة فأن يتأدى الى جرهر الدماغ
20
من ذلك العضو مادة خلطية او بخارية. ومن القسم الأول اصناف الصداع الكائن
21
فى التشنج والكزاز والتمدد، ورياح الافرسة، وأوجاع المفاصل، ومثل ما يكون
22
فى النقرس وعرق النساء القويين. وربما "كان المتادى" من الكيفيات المشاركة
23
كيفية ساذجة من الكيفيات الطبيعية، أو كيفية غريبة لا تنسب إلى حر أوبرد، مثل الكيفيات
24
السمية. فربما يكون فى بعض الاعضاء خلط سمى ردئ الجوهر فيتادى كيفيته، و ربما كان
25
المودى من المواد مواد غير غريبة فى طبايعها، وانما آذت باستبداد كيفياتها او تزايد
26
كمياتها. وربما كان المودى مادة غريبة تولدت فى بعض الاعضاء تولدًا غريبًا فاسدًا؛ كما
27
يكون فى اختناق الرحم أو يكون لمن طال عهده بالجماع؛ أو حدث فى مراقه خلط ردئ،
28
او فى شىء من اطرافه.
3-38
1
وربما صارت الكيفية الموذية المتادية سببًا لحصول مادة موذية ايضًا. وذلك على
2
وجهين: احدهما ان تفسد تلك الكيفية ما تجده فى نواحى الدماغ من المواد الجيدة واما
3
ما يتأدى اليها من الغذاء الجيد. والثانى ان تجعل الدماغ قابلًا للمواد الرديئة. وهذا القبول على
4
وجهين: أحدهما قبول عن جذب منه مثل ان يسخن منه الدماغ فيجذب إليه بالسخونة المواد
5
والثانى قبول عن ضعف مقاومة وقد علمت فى الأصول ان العضو اذا ضعف قبل ما
6
يصير إليه من المواد المشاركة التى تكون مع البدن كله ''إما لكيفية فاشية فى البدن كله،
7
وإما لمادة فاشية فى البدن كله كما تكون فى الحميات، والصداع البحرانى من قبيله''.
8
واذا اشتد الصداع فى الحميات الحادة كان اشتداده علامة رديئة بل قتالة اذا قارنت
9
سائر العلامات الرديئة. فان انفرد دل على بحران برعاف. وربما دل على بحران بقىء.
10
والأعضاء المشاركة للرأس اولها وأولاها المعدة؛ فانه قد يفضل فى المعدة اخلاط،
11
اويتولد فيها، اوينصب اليها مرار على أدوار وعلى غير ادوار، او يكون خلقة المرارة بحيث
12
ينصب المرار من وعاءه الغليظ دون الرقيق إلى المعدة على ما شرحناه فى بابه، أو يحتبس
13
فيها رياح، اويتصعد منها أبخرة فيكون صداع. والخمار يصدع بالتبخير ويسرع إليه البرد
14
لتخلخل اطرافه. والرحم مما يشاركه الدماغ مشاركة قوية؛ والمراق ايضًا، والكبد و
15
الطحال والحجاب والكلية والاطراف كلها وناحية الظهر. واول ما يشارك الدماغ ما
16
يطيف به من الغشاء المجلل للقحف. وكثيرًا ما يكون صداع المشاركة عند انتقال المادة
17
من اورام الأعضاء الباطنة المشاركة اذا تحركت الى فوق.
18
|174va47|قول كلى فى العلامات الدالة على أصناف الصداع وانواعه
19
اما الصداع الكائن عن الأسباب الكائنة من خارج مثل ضربة اوسقطة، وملاقاة
20
أشياء حارة أو باردة، أوسمائم مجففة، اورياح ذفرة طيبة أو منتنة، اواحتقان رياح فى الأنف و
21
الاذن. والاستدلال عليها من وجودها وان غفل عنها رجع الى آثارها، فاشتغل بالاستدلال
22
منها على نحو ما نبين. والذى يكون عن ضعف الدماغ فيدل عليه هيجانه مع ادنى سبب و
23
مع كدورة الحواس ووجود الآفة فى الافعال الدماغية. والذى يكون عن قوة حس الدماغ
24
فيدل عليه سرعة الانفعال ايضًا عن ادنى سبب محسوس فى الدماغ من الاصوات و
25
المشمومات وغيرها لكن الحس يكون ذكيًا والمجارى نقية وافعال الدماغ غير ماؤفة.
26
واما الكائن عن الاسباب المادية كلها فيشترك فى الثقل الموجود ورطوبة المنخر.
27
واذا كانت المادة حارة كان مع الثقل حمرة وحرارة، وخصوصًا فيما هو من المواد اغلظ
3-39
1
وربما صحبها ضربان. وأما رطوبة المنخر فقد تقل اذا كانت المواد غليظة. ولا يكون
2
يبس الخياشيم فى مثل ذلك الصداع دليلًا على عدم المواد اذا صحبه ثقل. والصفراوى
3
يختص باللذع والحرقة الشديدة، والنخس. ويكون ذلك فيه أشد مما فى غيره مع يبس
4
الخياشيم، والعطش، والسهر، وصفرة اللون، ويكون الثقل فيه أقل. والبارد قد يدل
5
عليه البرد والازمان واللون فان كان ذلك الإمتلاء عن تخمة دل عليها ذهاب الشهوة و
6
الكسل. والمواد الرطبة باردة كانت أو حارة فقد يدل عليها السبات. والبلغمى والسوداوى
7
لا يولمان جدًا. والمواد اليابسة يقل معها الثقل ويكثر السهر والباردة تخلو عن الالتهاب
8
ويكثر معها الفكر الفاسد ويكمد اللون.
9
وقد يستدل على كل خلط بلون الوجه والعين. وربما اختلف ذلك فى القليل.
10
والسبب فى ذلك إما اندفاع من الخلط الملتهب فى العمق او احتقان فيه. وإما انجذاب
11
من مواد حادة غير المواد الموجعة الباردة إلى ناحية العينين والوجه بسبب الوجع؛ فان
12
الوجع اذا حل فى عضو جذب إليه وإلى ما يجاوره. واكثر ما ينجذب فى مثل هذه
13
الحال إلى العضو هو الدم. وقد ينجذب غيره احيانًا.
14
واما الكائن عن الرياح فيقل معها الثقل، ويكثر معها التمدد. وربما كان مع نخس.
15
وربما كان لتأكل، ولا يكون فى الريحى ثقل. وقد يدل على الريحى والبخارى الدوى
16
والطنين. وربما در معه الأوداج كثيرًا. وقد يكثر معها الانتقال، اعنى انتقال الوجع
17
من موضع إلى موضع. واذا كثر البخار اشتد ضربان الشرايين، وخيل تخيلات فاسدة،
18
وصحبه سدر ودوار.
19
وأما الكائن عن امزجة ساذجة فعلاماته الاحساس بتلك الامزجة مع عدم ثقل،
20
ومع يبس الخياشيم؛ فان يبس الخياشيم دليل مناسب لهذا. اما الحارة فيحس العليل
21
نفسه. ويحس لامس رأسه حرارة والتهابًا، ويكون هناك حمرة عين، وينتفع بالمبردات
22
والبرد. وأما الباردة فيكون الأمر فيها بالضد، ولا يكون فى وجوههم نحافة الهزال، ولا حمرة
23
اللون، ولا يكون الوجع مفرطًا وان كان مزمنًا. واما اليابسة فيدل عليها تقدم استفراغات،
24
اورياضات، أو سهر كثير، أو جماع كثير، أو غموم. ويكون من شانها ان تزداد مع تكرر
25
شىء من هذه.
26
واما الكائنة بالمشاركة فان تحدث وتبطل، وتشتد وتضعف بحسب ما يحدث
27
بالعضو المشارك من الالم، اويبطل أو يشتد أو يضعف. وان لم يكن بمشاركة كان فى
3-40
1
سائر افعال الدماغ آفة كظلمة فى العين، وسبات وثقل دائم مع صلاح حال سائر الاعضاء.
2
واذا كانت الآفة فى نفس حجب الدماغ وكانت قوية دل على [ذلك] تادى الالم إلى
3
اصول العينين. وان كانت الآفة فى الغشاء الخارج، أو فى موضع آخر لم يتأد الالم إلى
4
العينين، واوجع مس جلدة الرأس.
5
والكائن بمشاركة المعدة فيدل عليه وجود كرب وغثى، أو قلة شهوة أو بطلانها،
6
أو رداءة هضم او قلته، او بطلانه بعد وجود الدليل السابق. واذا كان السبب <السابق>
7
انصباب مرار إليها اشتد على الخوى وعلى النوم ريقًا. وربما كان الصداع بسبب فى الدماغ
8
فاوجب فى المعدة هذه الأحوال والآفات على سبيل مشاركة من المعدة للدماغ، لا على
9
سبيل ابتداء من المعدة، ومشاركة من الدماغ، فيجب أن يتثبت فى مثل هذا، وتتعرف
10
حال كل واحد من العضوين فى نفسه، فيحدس السابق من المسبوق.
11
ومما يدل على ذلك فى المعدة خاصة اختلاف الحال فى الهضم وغير الهضم،
12
واختلاف الحال فى الخوى والامتلاء؛ فان الم المعدة <خاصة> ان كان من صفراء هاج
13
على الخوى، وان كان من خلط بارد كان فى الخوى أقل ويسكنه الجوع. وربما هيج
14
الجوع منه بخارًا فآذى؛ لكنه مع ذلك لا يسكنه الأكل تمام التسكين فى اكثر الامر. وربما
15
سكنه فى الندرة؛ لكن الالتهاب والحرقة والجشاء يفرق بينهما. وأنت ستعرف دلائل
16
الجشاء فى موضعه. وكذلك يفرق بينهما سائر العلامات التى تذكر فى باب المعدة. وقد يدل
17
على ذلك ما يخرج بالقىء. ويدل عليه اختلاف الحال فى الصداع بحسب اختلاف
18
حال ما يرد على المعدة. وكثير من الناس ينصب إلى معدهم مرار بادوار. فاذا هاج
19
الصداع وأكلوا شيئًا سكن، فيكون ذلك دليلًا على أنه بمشاركة المعدة. ولذلك يسكن
20
ان قذفوا مرارًا ويدل ذلك الدليل.
21
وقد يستدل عليه من جهة الالم؛ فان الذى بمشاركة المعدة اكثره يبتدئ فى الجزء
22
المقدم من اليافوخ. وربما كان مائلًا إلى وسط اليافوخ، ثم قد ينزل. والذى يكون من
23
الكبد يكون مائلًا إلى الجانب الأيمن. والذى يكون من الطحال يكون مائلًا إلى الجانب
24
الأيسر. والذى هو بسبب المراق يكون مائلًا إلى قدام جدًا. والذى يكون بسبب الرحم
25
يكون فى حاق اليافوخ، ويكون اكثره مع ولادة، او إسقاط، او احتباس طمث او قلته.
26
وأما علامة ما يدعى من صداع يتولد عن دود قال الهندى: وعلامة الصداع
27
الكاتن من الدود أن يكون <إلى> اكال شديد، ونتن رائحة، واشتداد الصداع مع الحركة،
28
وسكونه مع السكون. والذى يكون من الكلية واعضاء الصلب فيكون مائلًا إلى خلف
29
جدًا. والذى بمشاركة الأوجاع الحادثة فى اعضاء أخر فيكون مع هيجانها واشتدادها.
3-41
1
والذى يكون مع الحميات والبحرانات فيكون معها، ويسكن معها، ويضعف بسكونها
2
وضعفها.
3
وقد يدل عليه ابيضاض البول مع شدة الحمى لميل الاخلاط المرارية إلى فوق.
4
وكثيرًا ما تكون الأشياء الملطفة سببًا للصداع بما يفتح من طريق الابخرة إلى الدماغ وان
5
كانت غير حارة مثل السكنجبين. وكذلك حال الشقيقة. والتدبير اللطيف ضار لمن
6
صداعه يوجب ''العلاج المغلظ للمرار''. وربما زاد الصداع فى نفسه لشده وجعه، فيجلب
7
شدة وجعه مزيدًا فيه.
8
|175rb25|العلامات المنذرة بالصداع فى الأمراض
9
البول الشبيه بابوال الحمير يدل على أن الصداع كان فانحل، أو هو كائن، أو
10
سيكون. وكذلك ابيضاض البول ورقته فى الحميات. وأوقات البحران تدل على انتقال
11
المواد إلى الرأس وذلك مما يصدع لا محالة.
12
|175rb33|تدبير كلى فى الصداع
13
انت تعلم ان الصداع أسوة لغيره من العلل فى وجوب قطع سببه، ومقابلته بالضد. وبعد
14
ذلك فان من الامور النافعة فى ازالة الصداع قلة الأكل والشرب، وخصوصًا من الشراب
15
وكثرة النوم. على ان الافراط فى قلة الأكل ضار فى الصداع الحار مضرة الزيادة فيه فى
16
الصداع المزمن. ولا شىء للصداع كالتوديع وترك كل ما يحرك من الجماع، ومن الفكر
17
وغير ذلك. ويجب ان يجتهد فى علاج الساديات منه فى جذب المواد إلى اسفل و
18
لو بالحقن الحادة. ويجب ان يقوى حتى يمكنها ان يستفرغ من نواحى الكبد والمعدة.
19
ومن الأشياء القوية فى جذب مادة الصداع إلى أسفل والتسليم من الصداع دلك
20
الرجلين؛ فانه كثيرًا ما ينام عليه المصدوع. وقد يلح على الرجل فى دلك إلى ان ينحل الصداع.
21
واذا أردت ان تستعمل الأطلية والضمادات، وكانت العلة قوية مزمنة، حارة كانت او
22
باردة، فيجب ان يحلق الرأس فذلك أعون على نفوذ قوة الدواء فيه. ومما يعين عليه تكليل
23
اليافوخ إما بعجين، أوبصوف ليحبس ما يصب عليه من الأشياء الرقيقة عن السيلان،
24
فيستوفى الدماغ منها الانتشاف، ولا يسلب قوتها الهواء بسرعة.
25
قال فيلغريوس: ان فصد العرق من الجبهة، والزام الرأس المحاجم إلى أسفل، ودلك
26
الأطراف ووضعها فى الماء الحار، والتمشى القليل، وترك الاغذية النافخة، والمبخرة
27
البطيئة الهضم نافعة جدًا لمن يوثر ان يزول صداعه ولا يعاوده. اقول: وربما صببنا الماء
3-42
1
الحار على اطراف المصدوع، ونديم ذلك [فيحس] بان الصداع ينزل من رأسه الى اطرافه
2
نزولًا ينحل معه.
3
واعلم ان الاغذية الحامضة لا تلائم المصدوعين إلا ما كان من الصداع
4
بمشاركة المعدة وكان ذلك الغذاء من جنس ما يدبغ فم المعدة ويقويه، ويمنع انصباب
5
المرار إليه. فاذا صحب الصداع المزمن من الآلام موذ فانح فى تدبيرك نحوه؛ فانه ربما
6
كان ذلك العارض سببًا للزيادة فى الاصل الذى عرض له العارض مثل السهر؛ فانه إذا
7
عرض بسبب الصداع ثم اشتد كان من اسباب زيادة الصداع، فيحتاج ان ينطله بما مثلناه
8
بمثل دهن القرع، ودهن الخلاف، ودهن النيلوفر، ومثل الالبان معطرة بالكافور وغيره.
9
وربما احتجت إلى أن يخدر قليلًا فينوم.
10
وكل صداع صحبته نزلة فلا تمل بتبريد الرأس وترطيبه بالادهان ونحوها؛ بل افرغ
11
إلى الاستفراغ، وشد الاطراف ودلكها، ووضعها فى ماء حار. واذا اردت أن تجعل
12
على الرأس ما ينفذ قوته إلى باطن الرأس فلا حاجة ــ كما علمت ــ الى غير ناحية مقدم الدماغ
13
حيث الدرز الاكليلى، وعند اليافوخ، فعندهما يتوقع نفوذ ما ينفذ. وأما مؤخر الدماغ
14
فان العظم الذى يحيط به أصلب من ذلك، ولا ينفذ ما يحتاج إلى نفوذه إلى الدماغ.
15
فان شدد فى ذلك لم ينتفع به منفعة يزيد على المنتفع بها لواقتصر على ناحية المقدم، و
16
حاق اليافوخ. ومع ذلك فان كان الدواء مبردًا اضر بمبادى العصب واصل النخاع
17
ضررًا عنه غنى.
18
والصداع الضربانى قد يصحب الحار والبارد من الاورام، وهو الذى كانه
19
ينبض. فان كان السبب حارًا فاستعمل المبردات التى فيها لين، واستعمل ايضًا حجامة
20
النقرة، وارسال العلق على الصدغين، وربط الأطراف. فان كان باردًا فمل الى ما يفش،
21
واخلط معه ايضًا ما فيه تقوية وبردما مثل ان تخلط بدهن الورد سذابًا و نعناعًا. فاذا اشتد
22
مثل هذا الصداع حتى يبلغ بالصبيان إلى ان تنفتق دروزهم فقد حمد فى علاجهم العروق
23
المسحوقة ناعمًا المخلوطة بدهن الورد والخل طلاءً بعد ان تغسل الرأس بماء وملح.
24
واذا استعملت السعوطات المحللة القوية فتدرج فى استعمالها على ما قيل فى القانون. و
25
عليك ان لا تميل نحو المخدرات ما امكنك؛ ولكنا سنذكر منها وجوهًا فى باب مسكنات
26
الصداع بالتخدير.
27
واعلم ان القئ ليس من معالجات الصداع وهو شديد الضرر بصاحب الصداع؛
28
الا أن يكون بسبب المعدة ومشاركتها، فينتفع بالقئ. والصداع الذى يكون فى
3-43
1
مؤخر الرأس ان لم تكن حمى كان علاجه الاستفراغ بالمطبوخ أولًا بقدر القوة ثم الفصد.
2
ومن وجد صداعًا ينتقل فى رأسه ويسكنه البرد فلعل الفصد لا بد منه او الحجامة لئلا.
3
تجذب مداومة الوجع فضولًا إلى الرأس.
4
|175vb23|علاج الصداع الحار بغير مادة مثل الاحتراق فى الشمس وغيره وبمادة صفراوية او دموية
5
الغرض <المقصود> فى علاج هذا الصداع التبريد. والمبتدئ منه لا انفع فيه من
6
دهن الورد الخالص المبرد يصب على الرأس صبًا. وافضل ذلك أن يحوط حول اليافوخ
7
الحائط المذكور، ولا يجب ــ كما علمت ــ ان تشتغل بمؤخر الدماغ. وان لم ينفع دهن الورد
8
وحده خلطت به عصارات البقول، واصناف النبات الباردة. ومما يكاد ان لا يكون أنفع
9
منه ان يسعط العليل باللبن، ودهن البنفسج، أو دهن الورد مبردين على الثلج. ويصلح
10
ان يخلط دهن الورد بالخل؛ فان الخل يعين على التنفيذ على الشرط المذكور فى القانون.
11
وربما نفع سقى الخل الممزوج بماء كثير منفعة شديدة.
12
وأما الكائن من هذه الجملة عن احتراق الشمس؛ فان علاجه هذا العلاج ايضًا
13
مع زيادة احتياط فى تعديل الهواء وتبريده، والايواء الى المساكن الباردة، واستعمال
14
الاضمدة والنطولات والمروخات من الادهان كلها باردة بالطبع مبردة بالثلج. وكذلك
15
النشوقات والنطولات والمشمومات وقد عرفت ذلك. ويجب ان تجتنب فى ذلك وفى
16
غيره كل ما يحرك بعنف من صياح، واكثار فكر وجماع وجوع. والذى من احتراق
17
الشمس فانه إذا تلوفى فى ابتداءه سهل تغييره. واذا اهمل وأمهل فلا يبعد ان يتعذر علاجه،
18
او يتعسر، او يصير له فضل شان.
19
وكثيرًا ما يعرض من الشمس صداع ليس من حيث يسخن فقط؛ بل من حيث
20
يثير أبخرة، ويحرك اخلاطًا ساكنة؛ فمثل هذا لا يستغنى معه عن استفراغات على الوجوه
21
المذكورة. وربما احتيج ايضًا فيما لم يثر أبخرة، ولم يحرك اخلاطًا إلى الاستفراغ. وذلك
22
عند ما يحدس بامتلاء، ويخشى انجذاب المادة فيه إلى الموضع الالم على ما علمته من
23
الأصول، فهناك ان اغفل امر الاستفراغ الخلط الغالب لم يومن استفحال الآفة. واذا
24
التهب الرأس جدًا فى انواع الصداع الحار، وسخن جدًا "فجاوز الحد" اخذ سويق الشعير
25
وبزرقطونا وعجنا بماء عصا الراعى، وبرد اوضمد بهما الرأس.
26
وأما الكائن عن مادة حارة دموية فيجب ان يبادر فيها إلى الفصد، واخراج الدم
27
بحسب الحاجة واحتمال القوة. فان لم يكف الفصد من عروق الساعد، ولم تبلغ به المراد،
3-44
1
وبقى الوجع بحاله، ودرت العروق على جملتها، ورأيت فى الرأس والوجه والعين امتلاءً
2
واضحًا فيجب ان يقصد فصد العرق التى يستفرغ فصدها [من نفس] الدماغ كفصد
3
العروق التى فى الانف من كل جانب، وفصد العرق الذى فى الجبهة؛ فانه عرق يستاصل
4
فصده كثيرًا من آلام الرأس. ويجب ان يراعى فى ذلك جهة الوجع فان كان من الجانب
5
الموخر فصد العرق ''الذى يقابله فى الجبهة".
6
واذا اعوز فى الجهة المقابلة عروق اعتمدت الحجامة بدل الفصد. وقد قال
7
اركيغانس: إن ذلك ان لم يغن فالواجب ان يحجم على الكاهل، ويسرح منه دم كثير، و
8
يمسح موضع الحجامة بملح مسحوق، ويلزم الموضع صوفًا مغموسًا فى زيت، ثم يوضع عليه
9
من الغد دواء جراحى. وليس ذلك فى هذا بعينه؛ بل فى جميع انواع الصداع المزمن من
10
مادة خبيثة اية مادة كانت. وقد ينتفع كثيرًا فى هذا النوع من الصداع وما يجرى مجراه
11
بفصد الصافن، وحجامة الساقين، فهذا تدبيرهم من جهة الفصد.
12
واذا احس ان هناك شوبًا من مادة صفراوية فلا بأس باستفراغها بما يلين الطبيعة،
13
ويزلق المادة بما يذكر فى باب الصداع الصفراوى. ويجب ان يداوم تليين الطبيعة بالجملة
14
بمثل المرقة النيشوقية والاجاصية، ومرقة العدس والمج اعنى الماش دون جرمها،
15
وان تغذى المشتكى باغذية مبردة تولد دمًا باردًا إلى اليبس والعلظ ما هو، ويميل إلى
16
القبض مثل السماقية والرمانية والعدسية بالخل والطفشيل؛ الا ان يتوقى يبس الطبيعة.
17
وأنت فى معالجة امراض الرأس كثير الحاجة إلى اللين من الطبع. وفى مثل هذه الحالة
18
فلك ان تعدل هذه القوابض بالترنجبين والشيرخشت، وجميع ما يحلى مع تليين. ويجب
19
ان يكون هذه الأغذية حسنة الكيموس، ويقلل من مقدارها ولا يتملأ منها. واذا استعملت
20
النطولات والمروخات استعملت منها ما فيه تبريد، وليس فيه ترطيب شديد، بل فيه
21
ردع ما وقبض ما مثل ماء الرمان والعصارات الباردة، والقابضة من الفواكه، والأوراق و
22
الأصول، ولعاب بزر قطونا بالخل، وماء عصا الراعى.
23
واما علاج الكائن من مادة صفراوية فان رايت معه ادنى حركة الدم فالعلاج
24
ان يستفرغ الدم قليلًا <قليلًا>؛ وإلا جلت الابتداء من الاستفراغ بمثل الهليلج ان لم تكن
25
حمى؛ وإلا فبالمزلقة، و التى ليس فيها خشونة، وعصر شديد مثل الشيرخشك، وشراب
26
الفواكه، ومياه اللبلاب. وقد يستفرغ بالشاهترج ايضًا والحقن اللينة. وان كانت
27
المواد الصفراوية غليظة، أو كانت متشربة فى طبقات المعدة، لا تنقذف بالقئ، ولا تزلق
3-45
1
بالمسهلات المزلقة، احتجت ان تستفرغ بايارج فيقرا مع سقمونيا على النسخ المذكورة،
2
أو تزيد فيها، او تحملها على المزلقات، او يستفرغ بطبيخ الاهليلج على ما تراه فى
3
اقراباذين.
4
ثم تبدل المزاج بما فيه تبريد وترطيب إما من البدن فبالاغذية والأشربة، وإما
5
من الرأس ان كان السبب فيه وحده فبالمعالجات المذكورة فى القانون، وبكل ما يعالج
6
به سوء المزاج الحار اليابس، وبحسب الأسباب العامية للحر، والعامية لليبس. ومن
7
اللطوخات النافعة من الصداع اقراص الزعفران، وينفع من السهر ايضًا ونسختها: يوخذ
8
من الزعفران سبعة مثاقيل، ومن المر مثقالان، ومن عصارة الحصرم والقلقديس و
9
الصمغ من كل واحد مثقال ونصف، ومن الشب اليمانى ثمانية مثاقيل، ومن القلقطار
10
خمسة مثاقيل، يدق هذه الأدوية دقًا ناعمًا، ويعجن بشراب عفص ويقرص. واذا
11
احتيج إليها ديف الواحد منها بخل ممزوج بماء الورد، ويطلى على الصدغين. والصداع
12
الحار فى الحميات يكره استعمال الأطلية العاطفة للابخرة عليه، ويعافيه كثرة استنشاق
13
الخل وماء الورد.
14
|176rb29|علاج الصداع البارد بغير مادة او بمادة بلغمية او سوداوية
15
ينفع من ذلك التكميد بما هو يسخن بالفعل من الخرق المسخنة، ومن الجاورس
16
المسخن والملح المسخن. والجاورس ألطف وأعدل. وقد ينفع جماعتهم، و
17
خاصة المصرودين منهم اذا كانت ابدانهم نقية، ولم يخش منهم حركة الاخلاط،
18
أن يحسروا رؤسهم فى الشمس مقيمين فى شرقها إلى ان يعانوا، اوينحل صداعهم. و
19
المصرود يجب ان يقلل غذاءه ويسهل طبيعته ولو بالحقن، ويحال بينه وبين
20
الحركات البدنية والنفسانية والفكرية، ويمنع الشراب البارد، ويحرم عليه البروز للبرد.
21
وينفع جميع من به صداع من البرد بعد التنقية ان احتيج إليها المروخات، و
22
السعوطات، والنشوقات، والمشمومات، والنطولات، والاضمدة المسخنة المذكورة.
23
ومما ينفعهم سقى الشراب الريحانى الرقيق القوى مع البزور، أعنى مثل بزر الكرفس،
24
وبزر الرازيانج، وبزر الجزر<والانجرة>، والانيسون، والكمون، ودوقو، وفطراساليون،
25
وما جرى مجرى ذلك. وهذا عند ما يومن حصول اخلاط فى المعدة مستعدة للتثور، وعند
26
ما لا يكون بالعليل حمى فيخاف ان يشتد. وينفعهم ضماد الخردل، وجميع الأضمدة
27
المحمرة؛ خصوصًا اذا وقع فيها خردل وثافسيا. وقد جرب الرماد بالخل طلاءً. وكذلك
3-46
1
العروق <تدهن> بدهن اللوز المر مروخًا، كل ذلك بعد الحلق. وأكل الثوم ايضًا مما
2
ينفع الصداع البارد.
3
فاما علاج الصداع البارد مع مادة بلغمية فهو ان يستفرغ البدن ان كان الخلط
4
مشتركًا فيه، ثم يستعمل تقليل الغذاء وتلطيفه. ويستعمل الأبازير التى ليست مصدعة،
5
ويستعمل المنضجات المذكورة، والاستفراغات المحدودة مبتديًا من الأقل فالأقل،
6
ثم المعالجات الأخرى الموصوفة فى القانون. ويستعمل ايضًا ما يسكن أوجاعها، و
7
جميع ما يجب ان يستعمل فى علاجى البارد والرطب. واستعمال الترياقات من المعاجين
8
فى الاسبوع مرة واحدة نافع ان شاء الله.
9
واما علاج الصداع البارد مع مادة سوداوية فان الواجب فيها ايضًا ان يعمل على حسب
10
ما قيل فى القانون من الفصد ان احتيج إليه لكون الدم غالبًا أو فاسدًا، والاستفراغات
11
بدرجاتها بعد الانضاجات المفصلة، ثم تبديل المزاج بالطرق المذكورة، واستعمال ما يولد
12
دمًا لطيفًا محمودًا رطبًا رقيقًا. وقد وفى الكلام فيه. ومما ينفع فيه جدًا حب القرنفل،
13
ونذكر ههنا ايضًا ما ذكره اركيغانس فى باب فصد الكاهل وقد اوردناه.
14
|176va26|صفة اطلية نافعة للصداع البارد
15
[ينبغى أن] يبدأ بحلق الرأس اولًا، ثم يوخذ مثقال من أوفربيون ومثقال من
16
بورق، ومثقالان من السذاب البرى، ومثقال من بزر الحرمل، ومثقالان من
17
الخردل، يدق ويعجن بماء المرزنجوش، ويطلى به الرأس. ومن الأطلية الجيدة:
18
فلفل مثقال، ثفل دهن الزعفران مثقال وثلث، فربيون حديث مثقال، زبل الحمام مثقالان،
19
يجمع الجميع بعد السحق الشديد بالخل الثقيف، ثم يطلى به موضع التحمير. وايضًا
20
طلاء: مر وفربيون وملح وبورق. وايضًا: فربيون ومر وصبر وصمغ عربى و
21
جندبادستر وزعفران وأفيون وعنزروت وقسط وكندر يتخذ منه طلاء بماء السذاب.
22
|176vb1|ومن الاطلية الجيدة لكل مزمن من الخوذة والشقيقة الباردين
23
أن يطلى بالحجر المصرى، فانه شديد النفع. وايضًا: فلفل ابيض وزعفران من
24
كل واحد درهمان، فربيون درهم، خرء الحمام البرى وزن درهم ونصف، يعجن بخل و
25
يطلى به الجبهة. وايضًا: صبر مر فربيون جندبادستر افيون قسط عاقرقرحا فلفل يطلى
26
بشراب عتيق. وايضًا: دواء زبل الحمام وهو قوى. وايضًا: فلفل وخلط الزعفران،
27
اى قرص الزعفران المذكور من كل واحد مثقالان، فربيون نصف مثقال، زبل الحمام مثقال
3-47
1
<واحد> ونصف، الخل مقدار الحاجة. وهذه الأدوية تارة تستعمل مكسورة بالزنبق،
2
اوبمزاج لبن، أو ببياض بيض، وتارة صرفة، ودرجات ذلك مختلفة.
3
صفة سعوطات نافعة للصداع البارد
4
منها سعوط الشونيز المذكور فى المفردات. ومنها الموميائى مع الجندبيدستر و
5
المسك. وزعم بعضهم: انه اذا سعط بسبع ورقات صعتر، وسبع حبات خردل مسحوقة
6
بدهن البنفسج كان نافعًا. ومما جرب: مسك وميعة وعنبر يوخذ عدسة منه، ويسعط
7
به فى كل وقت. ومما يسعط به لذلك فيسخن ويستفرغ: دهن شحم الحنظل، او دهن
8
اديف فيه عصارة قثاء الحمار.
9
ومما زعم قوم: انه شديد النفع من ذلك أن يوخذ عصارة ورق الحاج معتصرًا
10
بلا ماء، ويسعط منه فى المنخر ثلاث قطرات على الريق، ثم يتبع بدهن البنفسج بعد ساعة،
11
ويحتسى اسفيذباجا كثير الدسم. ومما يمدح لهذا الشان: يوخذ مرارة الثور الأشقر وزن
12
ثلاثة دراهم، ومن الموميائى وزن درهمين، ومن المسك درهم ومن الكافور وزن نصف
13
درهم ويسعط منه. وايضًا: يوخذ ثافسيا مثقال ونصف؛ اصل السوسن مثقال، [فربيون
14
مثقال] ونصف، عسل مصفى مثقال ونصف، يجمع الجميع بعصارة اصل السلق، و
15
يسعط منه حبة جاورس مقطرًا من طرف الميل. وايضًا: فربيون وثلثاه حضض هندى،
16
ويعجن بعصارة السلق ويقطر فى الانف. وايضًا: سعوط نافع: بخور مريم يابس ثمانية
17
مثاقيل، بورق وسماق من كل واحد اربعة مثاقيل يسحق سحقًا ناعمًا، وينفخ فى الأنف
18
بانبوية، ويرفع العليل رأسه ويستنشقه بقوة. وايضًا: شونيز أربعة مثاقيل، وعصارة قثاء الحمار
19
مثقالان، نوشادر مثقالان يعجن بدهن الحناء، أو بدهن قثاء الحمار، ويطلى به داخل
20
الأنف، ويستنشق العليل رائحته بقوة. فاذا نزل من ساعته من رأسه شىء كثير، فحينئذ يغسل
21
الانف بماء حار.
22
|176vb40|صفة ادهان يمرخ بها رأس من به صداع بارد
23
تنفع منه جميع الأدهان الحارة، والادهان التى قد طبخ فيها مثل الشبث و
24
الفوتنج والمرزنجوش والشيح والنمام والسذاب وورق الغار، وما قد ذكرناه فى
25
القانون. واما دهن البلسان فحاله ما قد عرفته هناك. وهذا ايضًا يصلح سعوطات و
26
قطورات فى الاذن.
3-48
1
نفوخ نافع من الصداع المزمن
2
يوخذ عصارة قثاء الحمار وبخور مريم ونطرون يسحق وينفخ فى الأنف. أو
3
شونيز وعصارة قثاء الحمار. أو شونيز وقليل ثافسيا.
4
|176vb54|علاج الصداع اليابس
5
اما اليابس الذى يكون مع مادة صفراوية، أو سوداوية فقد مضى
6
الكلام فيه. وانما بقى الكلام فى الصداع اليابس بلا مادة. فأول علاجه تدبير العليل
7
بالاغذية المرطبة الجيدة الكيموس؛ خصوصًا الكثيرة الغذاء مثل مخ البيض، ومثل
8
مرق الفراريج السمينة والقباج والطياهيج، والاحساء الدسمة بالادهان الرطبة، ثم
9
يمال من جهة الحار والبارد إلى ما هو أوفق. ومما ينتفع به استعمال السعوطات المرطبة
10
بالأدهان المحمودة كدهن اللوز ودهن القرع وغير ذلك. وان احتيج لشىء منها إلى تعديل
11
مزاج بتبريد <كان>، أو بتسخين مزج به من الأدهان ما يعدله.
12
وربما اوقع نقصانًا بينًا فى جوهر الدماغ وهيأ للاوجاع. ويجب هناك
13
ان يستعمل السعوط بالامخاخ المنقاة من عظام سووق الغنم والعجاجيل، وشحوم الدجاج
14
والطياهيج والدراريج والتدارج، والزبد؛ زبد البقر والماعز. ومما ينفعهم تضميد الرأس
15
بالفالوذج الرقيق المتخذ من سميذ الحنطة والشعير بحسب الحاجة، وبالسكر الأبيض،
16
ودهن اللوز، أو القرع، او صب الرقيق منه على اليافوخ. وقد طوق باكليل من عجين
17
يحبس ما يصب على الرأس.
18
|177ra24|<ذكر> علاج الصداع الورمى
19
وأما علاج اصناف الصداع الكائن عن الاورام فنذكر كل واحد فى باب مفرد
20
[فى المقالة التى بعد هذه].
21
|177ra28|علاج صداع السدة
22
واما صداع السدة فعلاجه بالانضاج بما تعلم، ثم بالاستفراغ واستعمال
23
الشبيارات، ثم التحليل بالنطولات والاضمدة والمشمومات والغرغرات، ثم بالانضاج،
24
ثم الاستفراغ، ثم التحليل حتى يزول، وقد علم كيفية ذلك فى موضعه. فان كان المزاج
3-49
1
فى الرأس حارًا، والسدة غليظة، وصعب عليك العلاج فيجب ان تستعمل التفتيح.
2
ثم اذا هاج صداع، او تضرر الرأس بالعلاج الحار تداركت ذلك بالمبردات
3
التى معها ارخاء ولا قبض فيها. ثم اذا سكن عاودت لا تزال تفعل ذلك حتى تفتح السدة،
4
وقد فصلنا كل هذا.
5
|177ra44|فى علاج الصداع الكائن من رياح وابخرة محتقنة فى الرأس ليست من خارج
6
اما الكائن عن رياح غليظة فيعالج أولًا باجتناب كل ما يبخر وينفخ؛ مثل الجوز و
7
التمر والخردل حارًا كان او باردًا. ويستعمل النطولات والضمادات المذكورة، و
8
المشمومات والسعوطات الموصوفة فى القانون، ويشم الجندبيدستر والمسك خاصة.
9
ولدخول الحمام على الريق منفعة فى هذا الباب.
10
وان كان مبدأها من المعدة استعملت فى علاجها الاستفراغات المذكورة، و
11
خاصة النسخ التى يقع فيها دهن الخروع، وبدله الزيت العتيق، واستعملت الكمونى
12
وما يجرى مجراه مما يذكر فى علل المعدة. وقويت الرأس بعد المعالجة بدهن الآس
13
واللاذن، ودهن السوسن، وبعصارة السرو والاثل والسعد، وما فيه تسخين وقبض،
14
وتستعمل ايضًا فى الأطراف ليجذب إلى خلاف.
15
واما الكائن عن الابخرة فان كان تولدها فى الرأس نفسه، ولم يكن العليل يجد
16
فى المعدة نفخًا وقراقر، ولا كان ذلك يزداد وينقص بحسب الإمتلاء والفراغ، وبحسب
17
الاغذية المبخرة، وقليلة البخار، فعلاجهم النطولات المغشية المعروفة، وتقوية
18
الرأس بالاضمدة المحللة، وفيها قبض يسير، والشمومات الملطفة وبها كفاية. وان كان
19
من المعدة فمما ينفعها ما يقوى المعدة كالمصطكى والجلنجبين، ثم الكمونى وما
20
أشبهه. واذا تناول الطعام واخذ يبخر ويصدع فليتناول عليه لعاب بزر قطونا والكزبرة
21
اليابسة مع السكر.
22
وان خاف برد المعدة من لعاب بزر القطونا استعمل لعاب بزر الكتان مع الكزبرة
23
اليابسة، وتقوى الرأس بما عرفناه بعد ان تعالجه، فتسكنه بما يجب من النطولات والمشمومات
24
الموصوفة؛ وخصوصًا المرزنجوش. فربما كان وحده سببًا للخلاص التام، ويستعمل الجذب
25
إلى الخلاف. واذا احسست ان فى المادة البخارية فضل حرارة بما تجد من علامات الحرارة
26
اجتنبت المحللات الكثيرة التسخين كالافربيون وغيره اجتنابًا شديدًا؛ بل ابتدأت أولًا
27
بالجذب إلى الخلاف، والتنقية والغراغر، ثم استعملت النطولات المعتدلة فى الحمام.
3-50
1
|177rb34|علاج الصداع الحادث من ريح تقرب إلى داخل الرأس من خارج
2
"واما صداع الريح الداخلة من خارج فتتامل'' هل كانت الريح حارة صيفية،
3
وباردة شتوية. ثم تأمل موضع دخولها فان كانت حارة، ومدخلها الاذن، قطر فيها دهن
4
البابونج مفترًا ودهن الخيرى، أو دهن الشبث مكسورًا بدهن الورد القليل. وكذلك
5
ان كان مدخلها الأنف قطر ذلك فى الانف، واستعمل التنطيل بما يحلل برفق مما
6
ذكرناه. فان تعقبه سوء مزاج حار عولج بالرفق، وابتدئ بما هو أقل تبريدًا. فان لم ينفع
7
زيد. واما ان كان باردًا جعلت الأدهان من اى الطريقين وجب استعمالها حارة وفيها
8
جندبيدستر ومسك، ويقلل ويكثر بمقدار الحاجة. ويستعمل النطولات والضمادات
9
المذكورة بحسب ذلك محللة حارة، ويجتنب كل ما ينفخ ويلين الطبيعة.
10
|177rb57|علاج الصداع الحادث من ابخرة رديئة اصابت الرأس من خارج
11
وكذلك العلاج للبخارات الرديئة المواصلة من خارج؛ وانما تكون باردة فى الأقل
12
مثل بخارات المواضع المتكرجة الحمائية، وأما فى الاكثر فتكون حارة، وتحللها
13
بالنطولات المعتدلة ان احتبس منها شىء كثير، وتخيل سدر ودوار. ويتشمم الروائح
14
الطيبة المعتدلة مثل ماء الورد ودهنه والنيلوفر والبنفسج. وان احس بحرارة شديدة
15
فالكافور والصندل. ويستعمل تحميم الرأس فى الحمام بالماء الحار والخطمى. و
16
أما الباردة فينتفع منها بشم المسك والجندبيدستر، وذلك كاف.
17
فان كانت الابخرة دخانية احتاج إلى ترطيب شديد بالادهان المذكورة، و
18
بالمرطبات المعدودة. واحتيل فى غسل الأنف بمثل هذه الأدهان، يستنشق منها استنشاقًا
19
شديدًا جاذبًا إلى فوق حافظًا فيه، ثم يخليه لينصب ثم يجدد، يعمل ذلك دائمًا. وكذلك ماء
20
الورد وماء الخلاف، وماء القرع. وليكب على ابخرة هذه المياه انكبابًا كثيرًا. فان تولد
21
منها آفة وسوء مزاج كما يكون عن دخان الكبريت، ودخان الزرنيخ، وما أشبهه، استعمل
22
الكافور فى دهن القرع ليرطب أحدهما ويبرد الآخر. وكذلك يستعمل الكافور فى دهن
23
الخس ودهن البنفسج، ويفرش الموضع كله باوراق الخلاف والرياحين المرطبة.
24
|177va29|علاج الصداع الحادث عن روائح طيبة
25
أما الكائن عن الروائح الطيبة فان كانت حارة، واضرت بحرارتها لا باليبوسة
26
وحدها، عولج بالروائح الطيبة الباردة مثل ما ان الضرر اللاحق من شم المسك و
3-51
1
الزعفران يعالج بالكافور والصندل، واللاحق من الكافور يعالج بالمسك والزعفران. و
2
ان كانت انما تضر مع ذلك بالتجفيف واليبس فالعلاج ان لا يقتصر فى علاج
3
ضرر المسك مثلًا بالكافور، بل ان أمكن ان يتدارك باسعاط الادهان الرطبة مبردة
4
فقد كفى، وإلا فمع الكافور مدوفًا فيها وكذلك بالعكس.
5
|177va44|علاج الصداع الحادث عن روائح منتنة
6
وأما الكائن عن الروائح المنتنة فعلاجه بالطيبة المضادة لها فى المزاج. فان
7
كان لتلك الروائح تجفيف احتيل ان يكون الروائح التى تقابل به مرطبة؛ مثل روائح
8
النيلوفر والبنفسج الذكيين. ولدهن الخلاف الذكى مزية على جميع الروائح المقابلة
9
للروائح الطيبة، والمنتنة الضارة بالحر <بالتعديل والترطيب>.
10
|177va55|علاج الصداع الحادث من الخمار
11
وأما صداع الخمار فاول ما يجب فيه ان تستعمل تنقية المعدة إما بقىء
12
بسكنجبين وبزر الفجل، أو بالسكنجبين وعصارة الفجل، او السكنجبين بماء
13
فاتر. وبالمقيئات اللينة والمتوسطة مما تعلمه فى اقراباذين. وان لم يجب
14
القىء أو اتقى استعماله اسهلت بايارج مقوى بسقمونيا لئلا يطول لبثه. وإن كان هناك
15
مانع عن استعمال ما هو حار من مرض حار اطلقت بطبيخ الاهليلج، أو شراب الفواكه
16
المطلق. وان كرهت النفس امثال هذه الأشياء اطلقت بماء الرمانين مع الشحم على ما نقوله
17
فى اقراباذين مقوى بسقمونيا يسير، ولا تبال بحرارته.
18
وان حال حائل عن الاستفراغات بأى وجه كان، الزمهم النوم إلى ان ينهضم
19
ما فى معدهم من الشراب. ويظهر ذلك بتلون البول وانصباغه. وتدلك منهم الرجل
20
بالملح ودهن البنفسج، ويصب الاطراف منهم نطول البابونج، ثم ليدخلوا الحمام،
21
وليغرقوا رؤسهم بدهن الورد مبردًا غير شديد التبريد. ويغذوا بالعدس والحصرم وما
22
اشبهه، وبالكرنب بخاصية فيه يمنع بها البخار عن الرأس.
23
قال جالينوس: فان غذوته بفراخ الحمام لم تخط، ويشبه ان يكون السبب رقة
24
الدم المتولد منه، وقوته على تحليل الأبخرة. ويجب ان تعطيهم الفاكهة القابضة. وليكن
25
الشراب الماء لا غير؛ إلا ان يكون المعدة ضعيفة، ويخاف استرخاءها، فيمنعه الاستكثار
3-52
1
من شرب الماء البارد. وتسقيه ماء الرمان الحامض، والريباس خاصة وربه، وحماض
2
الاترج خاصة وربه، والسفرجل والتفاح. واستفاف الكزبرة اليابسة مع السكر وزنًا
3
بوزن نافع له. ثم تنومه وتسكنه فهو الاصل فى علاجه. وان لم يسكن بذلك عاودته
4
من يومه ومن الغد. وجعلت غذاءه ما يبرد ويرطب، أو تلطفت له بمثل صفرة البيض، و
5
صببت عليه ماءً حارًا كثير التحليل. واشتغل بتنويمه ما استطعت.
6
ثم اذا زال الغثيان ــ إن كان ــ وبقى الصداع قطعت دهن الورد عنه؛ فانه ضار له
7
بعد ذلك؛ اذ كانت الحاجة إليه أولًا لتقوية الرأس ومنع البخار، وقد زالت الآن. ويجب
8
ان تستعمل الآن دهن البابونج مكانه غرقًا ليحلل، وان لم يزل بذلك فبدهن السوسن؛
9
فانه غاية ومجرب. ثم اذا جعل الخمار يقف، وينحط مشيتهم يسيرًا، ورجحتهم، فاغذهم
10
حينئذ بالسمك الرضراضى، وخصى الديوك، والفراريج، وبالبقول الباردة. وينبغى
11
أن لا يمشى على الطعام، بل بعد ثلاث ساعات. وبالجملة الأولى ان ينتظر الهضم بالنوم،
12
أو بالسكون الطويل حتى تخف معدته قليلًا، ثم يستعمل السكنجبين السكرى ان كان
13
محرورًا، أو العسلى ان كان مبرودًا. ويقبل على دلك قدميه، ثم يمشى مشيًا غير متعب،
14
أويحرك حركة أخرى غير متعبة. وعلى انه ينبغى أن يجتنب الخل الساذج والمرى،
15
وان لم يكن بد فليصطنع بغير الحاذق منه. واذا مشيته قليلًا فاستعمل له الآبزن والحمام
16
ايضًا. ثم يجب آخر الامر ان تنطله بالنطولات المعتدلة التحليل، وتغذوه بما يخف من
17
اللحوم.
18
صفة دواء جيد للخمار
19
يوخذ بزر الهندباء، وبزر الكرنب، والامبر باريس المنقى من حبه، و
20
السماق، والعدس المقشر، والورد، والطباشير بالتسوية يجمع الجميع، ويشرب منه
21
وزن ثلاثة دراهم مع قيراط كافور، وأوقية ماء الرمان، أو ماء الريباس، أوماء حماض
22
الاترج.
23
|178ra20|علاج الصداع الحادث من الجماع
24
هذا الصداع يحدث إما بسبب ما يورثه ذلك من اليبس، وعلاجه ما ذكرناه
25
فى معالجة الصداع اليابس بعد ان يمال بالمرطبات، أو بسبب امتلاء فى البدن يطرأ
26
عليه الحركة الجماعية المركبة من البدنية والنفسانية، فتثير الابخرة الخبيثة. فيجب
3-53
1
لمن يعتريه ذلك عقيب الجماع، وبه امتلاء أن يبدأ بالفصد ثم بالاسهال
2
ان وجب كل واحد منهما أو احدهما. ثم يقوى الدماغ بالادهان المقوية مثل دهن الورد
3
ودهن الآس، والمياه القوية المطبوخ فيها مثل الورد والآس. ويغتذى بما يسرع هضمه
4
ويجود كيموسه، ويهجر الجماع؛ فان لم يجد منه بدًا فلا يجامعن على الخوى.
5
|178ra36|علاج الصداع الكائن من ضربة اوسقطة وتدبيرمن يعرض له زعزعة الدماغ او الشجة
6
يجب ان يكون قصاراك، وغاية قصدك فى معالجة من به صداع حادث عن سقطة أو
7
ضربة أن تسكن الوجع ما امكن، وتبعد المادة عن موضع الالم إما باستفراغ، وإما بجذب
8
إلى الخلاف لئلا يرم. ويعالج الجراحة ان حدثت لتندمل. ولا يمكن ان تندمل وسوء
9
المزاج ثابت، بل يجب ان يعدل فى إدمالها مزاج ناحيتها.
10
واعلم انه اذا ظهرت بصاحب هذه الآفة حمى، فاختلط العقل، فقد اخذ فى
11
النوم، فأول ما ينبغى ان تعمل فى علاجه هو فصد القيفال، اوالاكحل ليمنع التورم.
12
فان كان هناك امتلاء فيجب ان يستعمل الحقن الحادة ولوبشحم الحنظل، إلا أن تكون
13
به حمى فيعدل الحقن. وان لم يجب الحقن وجب ان يستفرغ بمثل حب القوقايا
14
ان لم تكن حمى. وان كان به حرارة مادون الحمى لم يترك سقيه، فلا بد من استفراغ
15
ليومن التورم؛ بل يجب ان تنظر فان كان هناك جراحة عولجت اولًا. ولا بد من تعديل
16
الموضع فى مزاجه حتى يقبل العلاج. وان لم يكن ضمد الموضع بما يقوى مثل اضمدة
17
مياهها مياه الآس والخلاف، وأدهانها ادهان الآس والسوسن والورد، واخلاطها
18
ما فيه قبض لطيف وتحليل يسير؛ مثل الورد واكليل الملك وقصب الذريرة والبابونج
19
والطين الأرمنى والشب اليمانى بشراب ريحانى. وربما اقتصر منها على الأدهان. وقد
20
يصيب من يستعملها مفترة.
21
وربما اوجب الوجع وخوف الورم ان يبرد يسيرًا. ويجب ان يحذر الحمام،
22
والشراب والغضب، والمبخرات، والمسخنات من الاغذية. فان ابتدأ الموضع يرم
23
فلابد حينئذ من استعمال القوابض القوية القبض والتبريد مثل قشرالرمان والجلنار والعدس
24
والورد، وينطل الرأس بمياهها، ويضمد باثفالها. ثم بعد ذلك ينتقل إلى ما فيه مع ذلك
25
تلطيف ما مثل ماء السرو والطرفاء والسفرجل والكندر. واذا كانت الضربة مزعزعة
26
للرأس فينبغى أن يبادر إلى سقى الاسطوخودس بماء أو شراب العسل، فانهم يتخلصون به.
27
واعلم أن الألم اذا وصل إلى حجاب الدماغ كان فيه خطر. واذا خرج بسبب الضربة
3-54
1
دم من الدماغ فيجب ان يسقى صاحبه ادمغة الدجاج ما امكن. ثم يسقى عليه ماء الرمان
2
الحامض. واذا حللت الورم أكثر من سقى الأدمغة إلى اليوم الثالث وبعد الفصد.
3
|178rb36|علاج الصداع الكائن عن ضعف الرأس
4
علاجه تبديل سوء المزاج الذى به، وتقويته بمقويات الرأس من الاغذية
5
العطرية التى فيها تلطيف ''وقبض، وباجتماع الأسباب <المقابلة> للاسباب
6
المحركة''. وكثيرًا ما يكون السبب الفاعل المقارن للسبب المنفعل الضعفى اجتماع
7
اخلاط رديئة حارة، اوغير حارة فى المعدة، فيجب ان يستفرغ بما يليق بها، وأن يورد
8
غذاءً يجمع إلى "حمد ما يتولد عنه'' قوة محللة وقبولًا للانهضام. وإن لم يوجد
9
الخلتان الأخريان فآثر الأولى منهما. واجود وقت يغذى فيه بعد دخول الحمام. ويجب
10
أن يخفف عشاءهم. وان يختموا طعامهم بمثل القسب والزيتون مع الجبن ليقوى فم
11
المعدة منهم. وبقراط: يرخص لهم فى شرب الشراب مطلقًا. وجالينوس: يوثر ان يكون
12
ممزوجًا، أو رقيقًا ريحانيًا، أو جامعًا لذينك، وليتناوله بالخبز.
13
|178va1|علاج الصداع الكائن من قوة حس الرأس
14
علاجه ان تبلد الحس يسيرًا بما يغلظ غذاء الدماغ من الاغذية كالهرائس المتخذة
15
بالحنطة والشعير ولحوم البقر ان كان الهضم قويًا، أو بالاغذية المتخذة بالخس و
16
الفرفخ ولحم السمك. وربما استعمل شيئًا من المخدرات مثل شراب الخشخاش و
17
مثل بزر الخس، وقد يستعمل طلاءً.
18
|178va11|علاج الصداع الكائن عرضًا للحميات والأمراض الحادة
19
من هذا ما يعرض مع إشتداد المرض او النوبة ثم يزول. ومنه ما يبقى بعد زوال
20
المرض، او اقلاع النوبة. والذى يعرض منه فى الحميات فقد يقلق المريض حتى يزيد
21
فى سببه الذى هو الحمى. وقد يدل عليه ابيضاض البول دفعة، واستحالته الى مشاكلة
22
بول الحمير؛ لكن مشابهته لبول الحمير ربما دل على كونه فى الحال، وربما دل على
23
الانحلال، فيجب ان يرجع إلى سائر الدلائل.
3-55
1
وأما صواب علاجه فان تغرق الرأس فى زيت الانفاق متخذًا منه دهن الورد
2
أو بدهن الورد المعتاد وملخلخًا بالخل، مفترًا فى الشتاء وفى لين الحمى مبردًا فى الصيف
3
وفى شدة الحمى. وينفع منه النطول من طبيخ الشعير والخشخاش والبنفسج والورد
4
إن كانت الأبخرة توذى بحدتها. وان آذت بكثرتها فلا تفعل من ذلك شيئًا، بل استفرغ،
5
واستعمل ما يحلل بالرفق مثل زيت قد طبخ فيه النمام وعصا الراعى، ومرزنجوش مع
6
عصا الراعى ان رأيت ان تحلل، وحتى ان بعض القدماء رأى ان يطلى بابونج.
7
وإن اضطررت لشدة الوجع إلى المخدرات والمنومات فعلت مع حذر و
8
تقية. فقد يمنع ارتفاع المواد فيه بالسويق وبزر القطونا فى الابتداء ويسقيان ايضًا. و
9
قد يمنع الكزبرة ودهن الورد. وقد يحتجم فيه. واما ربط الاطراف ودلكها واستعمال
10
المحمرة فصواب جدًا. واذا استعمل ربط الأطراف فيجب ان يضعها عند الحل فى ماء
11
حار. فان لم يسكن بجميع ذلك حلق الرأس وضمد بالبابونج والخطمى والبنفسج
12
والحسك مخبصة، وذلك بعد حلق الرأس. وربما احتجنا إلى الحجامة والعلق. وربما
13
بقى الصداع بعد الحمى وبعد الأمراض الحادة. وعلاجه تبريد الاغذية وترطيبها،
14
وتقوية الرأس بدهن الورد مع دهن البابونج، وأن يصب على اليدين والرجلين ماء حار
15
فى اليوم مرتين غدوة وعشية، ويمرخ بدهن البنفسج، ثم يعان بالملطفات اذا ظهر الانحطاط
16
البين.
17
|178vb1|علاج الصداع البحرانى
18
أما الصداع البحرانى فتنظر هل يجد العليل غثيانًا، وتقلب نفس، واختلاجًا
19
فى الشفة، ودوارًا، وبالجملة علامات ميل الطبيعة بالمادة الى فوق، فيعان
20
على القىء بالسكنجبين المسخن وبالمقيئات الباردة. أو هل يجد قراقر ونفخًا فى
21
الجنبين، وبالجملة علامات ميل الطبيعة بالمادة إلى تحت فيعان على تليين الطبيعة بالمزلقات
22
الخفيفة مثل شراب الاجاص، والإجاص المنقع فى الجلاب بعد غرزه ليربو، وشراب
23
البنفسج،. وشراب التمر هندى، والشيرخشك وزنًا غير كثير، بل مقدار خمسة دراهم،
24
وما يجرى مجرى ذلك. أو هل يجد ثقلًا فى نواحى الكلى وتحت اضلاع الخلف إلى
25
خلف، وبالجملة علامات ميل المادة إلى طريق البول، فيعالج بالادرار بالسكنجبين
26
يلقى عليه وزن درهمين بزر البطيخ، وبزر الخيار مناصفة، ويطعم السفرجل فانه
27
يمنع البخار ويدر. أو هل يجد شعاعًا وحمرة قدام العين، وخيالات صفر ويتطاول،
3-56
1
ولا يرعف، فيعطس بالخل وبخاره، وينفخ فى انفه، ويخلخل انفه ببعض الخشونات.
2
أو يقابل بعينه شعاع الشمس ان امكن مغافصة، ويتاملها ثم يتركه.
3
وان وجد نبضًا موجيًا ووجد لينًا فى الجلد استعمل المعرقات دلكًا وشربًا و
4
[نطلًا] على الرأس، ويجب ان تكون معتدلة. فان وجد شبه لذع، ووجع اعيائى تحت
5
اذنه، أوفى ابطه، أو فى اربيته استعمل عليه الاضمدة الحارة الجذابة كالنعناع والكرفس
6
مع السمن العتيق. وربما احتاج ان يضع المحاجم بلا شرط لتندفع المادة من الدماغ
7
إلى ما مالت إليه وتورم.
8
|178vb41|علاج الصداع الذى يدعى انه يكون بسبب الدود
9
يجب ان يبدأ بتنقية الدماغ والبدن، ثم يسعط بايارج فيقرا قليلًا، ويكزر ذلك
10
فى الاسبوع مرارًا. ويستعمل جميع الأدوية التى تذكر فى باب نتن الأنف، وجميع ما
11
يقتل الدود فى البطن مثل عصارة ورق الخوخ، وعصارة أصل التوث والصبر. و
12
ينتفع بالسعوطات والعطوسات المنقية للدماغ.
13
|178vb52|علاج الصداع الذى يهيج بعقب النوم والنعاس
14
يجب ان ينقى معه البدن والرأس بما قد علمت. وينفع منه ان يضمد الصدغان
15
والجبهة برماد وخل. وافضل الرماد له رماد خشب التين.
16
|179ra1|تدبيرلأصناف الصداع الكائنة بالمشاركة
17
كلام كلى فيها
18
يجب فى جميع اصناف الصداع الكائن بمشاركة اعضاء ان تعتنى بتلك الاعضاء،
19
وان تستفرغها بما يخصها، وان يبدل مزاجها. ومع ذلك يقوى الرأس بالمقويات
20
لئلا يقبل "ان كان فى الإبتداء فبالباردة" كدهن الورد والخل. واما بعد ذلك فان كانت
21
المادة حارة والكيفية حارة عملت ذلك العمل بعينه دائمًا. وان كانت باردة انتقلت إلى
22
دهن البابونج مع دهن الآس، أو دهن ديف فيه صمغ السرو، اواتخذ بورق السرو،
23
وعصارته او الاثل. فاذا فرغت من العضو تأملت هل استحال العرض مرضًا بنفسه،
24
وهل صار سبب الصداع راسخًا فى الرأس، ويتعرف المادة والكيفية فتفعل ما علمته.
3-57
1
والذى يكون بمشاركة الساق، ويحس صاحبه كأن شيئًا يرتفع من ساقه، فيجب
2
اذا كان هناك امتلاء ظاهر ان تفصد الصافن، او تحجم الساقين، وتنقى بدنه بالاصطمخيقون.
3
فان لم يكن هناك امتلاء ظاهر فشد الساقين إلى الاربية، ودلك قدميه بملح ودهن خيرى.
4
وان عرف الموضع الذى يبتدئ منه كواه، او استعمل عليه دواءً مقرحًا ليقرح ويتقيح.
5
واما علاج الصنف الكائن بسبب ابخرة تتصاعد من اعضاء البدن. فان كان
6
السبب بخارات تصعد فيتناول قبل الدور الفاكهة، وان لم يحضر فالماء البارد ولو على
7
الريق. واكثر الفواكه موافقة هو السفرجل. والكزبرة مما ينتفع به، وهو مما يمنع صعود
8
البخارات. وكذلك حال ما يكون بمشاركة الكبد. وينفع من ذلك خاصة الادرار، و
9
تضميد الكبد بالضمادات التى تحبس المادة.
10
واما علاج الصنف الكائن بمشاركة المعدة أما ما يكون بسبب ضعف المعدة؛
11
وخصوصًا ضعف فمها حتى يقبل المواد، ويفسد فيها الكيموسات، وذلك إنما يهيج
12
فى الاكثر على الخوى، فيلقم لقمًا مغموسة فى ماء الحصرم، وماء الريباس، وما اشبه
13
ذلك، أو فى ربوب الفواكه القابضة الطيبة الرائحة. وليحس حساء من خبز أو دقيق
14
الحنطة محمضًا بمثل حب الرمان ونحوه؛ فانما اذا استكثر من هذا قوى فم معدته، وإلى
15
ان يعمل ذلك. فان وجد غثيانًا تقيأ ليقذف الصفراء المنصبة ويستريح. فان كانت
16
المعدة مع ذلك باردة استعملت هذه الأشياء مبزرة بالافاوية الطيبة الرائحة الحادة، واتخذ له
17
جلاب بالافاوية، وليغمس اللقم فيما يتخذ له من ذلك. وان كانت الحموضة و
18
اللذع لا يلا يمها، ويهيج من أذاها اقتصر على لقم فى الجلاب إما ساذجًا، وإما بالافاوية
19
بحسب الحاجة. وهذا الانسان ينتفع جدًا بأن يبادر قبل الصداع فيلقم لقمًا ويتحسى
20
حسوًا. واذا أحس بانحدار طعامه وانهضامه تناول شيئًا مما فيه قبض كلقم خبز فى رب
21
فاكهة، أو نفس الفاكهة، أو خبز بقسب، أو بزيتون.
22
وأما ما يكون بسبب اخلاط فيها فأول ما يجب ان يبادر إليه التنقية، وبعد ذلك
23
مره أن يغتذى بالاغذية اللطيفة المحمودة، الخفيفة الهضم، الجيدة الكيموس، ثم يميل
24
بالكيفية إلى الواجب، فيكون مع ذلك فيه تحليل وهضم واطلاق. وان لم يجد الحمد، و
25
تولد الدم الجيد ''مقارنين" "للجنسين الآخرين" آثر الحمد وتوليد الدم الجيد عليهما. وأحمد
26
ذلك ان يكون بعد دخول الحمام. ويجب لهؤلاء ان يخفف بخارهم. فان كانت الاخلاط
3-58
1
مرارية فعالج بما علمناك فى القانون من المعالجات مع تقوية الدماغ بدهن الورد أو دهن
2
الآس. فان كانت الاخلاط بلغمية باردة يهيج فيها رياح شديدة فالمقيئات التى هى أقوى
3
والملطفات. وان لم يزل فالايارجات الكبار بطبيخ الافتيمون.
4
وينفع فى ذلك قطع شريانى الصدغ، او كيتان خفيفتان على الصدغين بحيث
5
لا يحرق الرأس؛ ولكن يضيق على [الشرايين وكثيرًا ما يسل الشريان اويقطع ويكوى.
6
واصلح الكى أن يكشف عن] الشريان، ثم يكوى الشريان نفسه حتى لا يقع اثره على الجلد.
7
والمكاوى مسلات محماة. فاما ما امكن ان يدافع لا سيما فى الصيف دوفع. ويجب ان
8
يجعل غذاءه أحساء، ولا يمضغ شيئًا إلى عشرة ايام. ويكون وقت تغذيته فى الصيف
9
وقت البرد. ويجب ان لا يكثر الكلام. وكذلك ان يلصق القوابض على الشرائين،
10
ويخلط بها الانزروت والزعفران، ونحن نصفها فى اقراباذين. وقد يوضع عليها الأسرب،
11
ويشد بعصابة لئلا ينبض فيوجع، وكذلك الخشب. وأما الكى القوى المذكور لهذا:
12
فثلثة على وسط الرأس، واثنان على الصدغين، وواحدة فوق النقرة عند مؤخر الرأس.
13
ويجب ان يجتنب الخمر على كل حال. وان كان السبب ابخرة تصعد من المعدة فهو
14
على جملة ما امرنا به فى علاج الصداع الكائن عن ابخرة تصعد إلى الدماغ من الاعضاء
15
الأخرى.
16
ومن هذا القبيل علاج الصداع الذى يهيج مع شرب الماء؛ فان هذا ايضًا يكون
17
لضعف المعدة. وأجود العلاج له ان يسقى صاحبه شرابًا ريحانيًا قليلًا، ويمزج به ايضًا
18
ماءه الذى يشربه لئلا ينكى فم المعدة. فاما الكائن بمشاركة الكلية والمراق والرحم و
19
غير ذلك فيكفى فى تدبيره ما قدمناه فى اول الكتاب، وصداع الحميات، وقد قلنا فيها.
20
|179rb53|فصل فى ثقل الرأس
21
ينفع منه الاستفراغ واستعمال الشبيار. وان كان دمويًا فعلاجه بالفصد،
22
ثم فصد عروق الجبهة؛ خصوصًا ان كان الثقل إلى خلف. وايضًا فصد عروق
23
الخششاء والشريان الذى خلف الاذنين وخصوصًا اذا كان الثقل إلى قدام.
24
|179va3|الصداع المعروف بالبيضة والخوذة
25
هذا النوع من الصداع يسمى بيضة وخوذة لإشتماله على الرأس كله، و
26
هو صداع مشتمل لابث ثابت مزمن، وتهيج صعوبته كل ساعة، ولادنى سبب من
27
حركة، و شرب خمر أو تناول مبخر. ويهيجه الصوت الشديد، وربما هاجه
3-59
1
الصوت المتوسط حتى ان صاحبه يبغض الصوت والضوء، والمخالطة مع الناس، و
2
يحب الوحدة والظلمة والراحة والاستلقاء. ويختلفون فيما يوذيهم من الاسباب
3
المذكورة، فبعضهم يوذيه شىء من ذلك، وبعضهم شىء آخر. ويحس كل ساعة
4
كأن رأسه يطرق بمطرقة، او يجذب جذبًا، أو يشق شقًا. ويتادى وجعه
5
إلى اصول العين. وجالينوس: يجعل الجالب لهذه العلة ضعف الدماغ أو شدة حسه.
6
والسبب المولد لها ''خلطًا رديئًا، اوورمًا حارًا، أو باردًا''. على أنه كثيرًا ما يكون عن ورم
7
سوداوى أو صلب. واكثر ما يكون انما يكون فى وسط الحجاب إما الخارج من القحف و
8
إما الداخل.
9
فقد علمت انه اذا كان السبب ورمًا أو غيره انما هو فى الحجاب الداخل فى القحف
10
أحس الوجع ممتدًا إلى العين؛ ولان ذلك الغشاء يشتمل على العصبة المجوفة، ويمتد
11
جزء منه إلى الحدقة. واذا كان فى الحجاب الخارج أحس الوجع بمس اليد، وكره
12
صاحبه وقوع المس عليه بالعنف. واكثر ما يحدث عن امراض سبقت فاضعفت جوهر
13
الدماغ، وحجبه الداخلة والخارجة، حتى صارت تتأذى بالحركات اليسيرة من حركات
14
البدن الغذائية والبخارية، والحركات الخارجة، ويقبل الفضول الموذية.
15
ومن الاطباء من لا يراعى فى البيضة هذه الشرائط؛ بل يقول: بيضة لكل وجع
16
يشتمل على الرأس كله خارج القحف أو داخلًا. وكان سببه من بخارات فى المعدة،
17
أو بخارات فى الرأس، أو مواد، او فلغمونى فى نفس الدماغ، أو حجبه، فيكون مع
18
ثقل وضربان وحمرة، ويكون مع تلهب ولذع بلا كثير ثقل، أو عن الاخلاط الأخرى
19
ان لم تكن حمرة وكان ثقل، وكان هناك علامات الاخلاط الباردة. ويعالج كلًا
20
بحسبه؛ الا ان اسم البيضة فى الحقيقة مستعمل عند المهرة من الأطباء على ما هو بالشرائط
21
المذكورة.
22
علاجه: ان علمت ان هناك دمًا كثيرًا، وأن سببه الاول، أو سببه المحرك هو الدم
23
فصدت، وأما ان كانت الدلائل على أن الاخلاط باردة، وكانت المدة قد طالت على
24
العلة، وكنت قد استعملت فى الاول ايضًا ما يردع، فاستعمل النطولات بمياه فيها
25
محللات يسيرة مسخنة مع قمع يسير وقبض مثل فقاح الإذخر والبابونج والنعناع، وسائر
26
ما علمته فى القانون، وتدرج إلى القوية، واستفرغ بما يليق به. واستعمال حب
3-60
1
الصبر بالمصطكى مما هو نافع جدًا فيه، وتتعهده كل ثلاث ليال. وتستعمل القوقايا
2
فى استفراغاته ان احتيج [اليها] إلى القوى منها، ثم يسقى طبيخ الخيارشنبر مع اربعة
3
مثاقيل دهن الخروع.
4
واعلم انك اذا استفرغت فقد بقى لك ان تنقى الدماغ وحجبه بالأشياء التى
5
تقويه مما علمته. ومن ذلك شمومات المسك، والعنبر والكافور ايضًا يخلط بهما.
6
وربما خلطوا مع ذلك الصبر ليجمعوا مع التقوية التحليل. والزمه الضمادات الحارة
7
المخدرة التى علمتها. فاذا انحط فاستعمل الحمام، والأضمدة القوية. وأما مادام
8
فى الابتداء، وعلمت ان المواد حارة، فدبر بما تبين لك وعلمته فى قانون تدبير الدماغ.
9
وواتر سقيه لب الخيارشنبر مع دهن اللوز أيامًا متواترة. وقد ينفعهم السعوط بموميائى ودهن
10
البنفسج.
11
واعلم ان البيضة اذا طالت فقد استحالت إلى مزاج البرد وان كان من سبب حار.
12
واعلم ان البيضة المزمنة لا يقلعها الا ما هو قوى التحليل والاسخان. وقد ينفعهم ان
13
يسعطوا باقراص الكوكب، وشليثا، ودواء المسك، وما يجرى مجراها، يداف أى ذلك
14
كان فى لبن مرضعة جارية؛ وخصوصًا عند اشتداد الوجع وغلبة السهر.
15
وأما الفصد وكى الشرائين، وقطعها من الجبهة فى البيضة، فعلى ما كان فى
16
الصداع العتيق. وأما الغذاء فما لا يبخر مما علمت حتى العدس بدهن اللوز الحلو.
17
وكذلك مرق البقول. ولا بأس ان يغذى المبرد منهم بمثل ذلك بسبب قلة بخاره. وأما
18
الاطلية فيجب ان تمال تارة الى ما يخدر قليلًا، ويكون الغرض الاعظم التحليل. ومن
19
هذه الاطلية افيون ودم الاخوين وزعفران وصمغ يطلى به من الصدغ إلى الصدغ
20
عند الضرورة المحوجة إلى التخدير. ومنها الزعفران والعفص وأقراص الكوكب؛
21
فان ذلك اذا طلى بها جميع الجبهة كان نافعًا. وارجع إلى اقراباذين وإلى الواح الادوية
22
المفردة.
23
|179va54|الشقيقة
24
هى وجع فى أحد جانبى الرأس يهيج. ويحدها جالينوس بانها الساترة المتوسطة. وربما
25
كان سببه من داخل القحف. وربما كان فى الغشاء المجلل للقحف. واكثر ما يكون فى
26
عضل الصدغ. وما كان خارجًا فقد يبلغ [إلى] ان لا يحتمل المس، ويكون المواد
27
واصلة إلى موضعه إما من الأوردة والشرايين الخارجة، وإما من الدماغ نفسه وحجبه،
28
فيصعد اكثر ذلك من طريق الدروز. فقد يكون من بخارات تندفع من البدن كله، اوعضو
29
من ذلك الشق. واكثر ما تكون الشقيقة تكون ذات ادوار. وانما تكون على الأغلب من
3-61
1
الاخلاط، ولا تكون شقيقة لها قدر من سوء مزاج مفرد. والتى تكون من الاخلاط
2
فقد تكون من اخلاط حارة، ومن اخلاط باردة، ومن رياح، ومن بخارات. فقد علمت
3
العلامات. وتجد مع البارد سكونًا بالتسخين، وتمددًا قريبًا، ومع الحار سخونة المس،
4
وضربانًا فى الاصداغ، وراحة بالمبردات. وايضًا فان البارد يحس معه ببرد، والحار
5
يحس معه بحر، وذلك عند اشتداد الوجع.
6
العلاج: علاجها الفصد على نحو ما علمت فى البيضة وغيرها؛ وخصوصًا عرق الجبهة
7
والصدغ، والاسهال والحقن والجذب، كل بحسبه على ما حد لك فى القانون. ومما
8
ينفع الحار نقيع الصبر فى الهندباء المذكور فى اقرابادين. والشربة منه ما بين أوقية إلى ست
9
أواقى. وينفع فيها فصد الجبهة، وفصد عروق الأنف جدًا. واذا كان دورًا فيجب
10
أن ينقى البدن قبله، ويبدل المزاج بعد التنقية. فان كانت المادة حارة جعلت المخدرات على
11
الصدغين من الافيون وقشور اصل اللفاح والشبث والبنج والكافور، وبردت الموضع
12
بما تدرى مما ذكر فى القانون. وقد ينتفعون بمداد الكتاب يطلى به الشق الذى فيه الشقيقة.
13
ومن اطلية جباه اصحاب الشقيقة الزعفران. وينتفعون بضماد متخذ من سذاب ونعنع
14
بخبز دهن الورد. وكذلك الطلاء باقراص بولس المذكورة فى اقراباذين، وكذلك استعمال
15
ضمادات حب الغار وورق السذاب جزء جزء خردل نصف جزء ويجمع بالماء و
16
يستعمل. وابلغ منه قيروطى متخذ من الذراريح حتى ينفط الموضع، أو من ثافسيا فهو
17
يقرح ويحاكى <منفعته> منفعة الكى.
18
وان كانت المادة الباردة شديدة البرد جدًا ضمدت بفربيون وخردل وعاقرقرحا
19
وما اشبه ذلك. واما المزمن الذى طالت مدته فهو بارد على كل حال، ويحتاج إلى
20
التحليل، وإلى ما يسخن بقوة. وقد ذكرنا اطلية ونطولات مشتركة، وخاصة بالشقيقة
21
فى اقراباذين فيستعمل ذلك. واذا استعملت الأطلية وكنت استفرغت من البدن و
22
نقيته، فتقدم بتمريخ عضل الصدغ فى جهة الوجع باصابعك وبمنديل خشن عند وقت
23
الدور ثم اطل. واذا احتجت إلى التخدير، واشتد الوجع الضربانى، فقد ينفع ان يطلى
24
على الشريان فى الصدغ الذى يلى الموضع افيون مع الأنزروت والقوابض، وأن يشد
25
الآنك عليه، اوخشبة مهندمة، ليمنع من النبض القوى [المحدث للوجع الضربانى كما
26
قد بيناه فيما سلف من القانون] فى الكى.
3-62
1
وقد ذكر بعض المتقدمين علاجًا للشقيقة المزمنة مجربًا نافعًا ماخوذًا من امرأة.
2
وذلك أن يطبخ اصول قثاء الحمار وافسنتين فى ماء وزيت حتى يتهريا، ثم ينطل الشق
3
الآلم بالماء والزيت حارين، ويضمد بالثفل. وكان كلما استعملت هذا ابرأت الشقيقة
4
كانت بحمى أو بغير حمى. وليس من الأضمدة كضماد الخردل. واذا طالت العلة
5
ضمدت بثافسيا، أو قشور اصول الكبر والعنصل والفربيون مسحوقة معجونة بشراب ريحانى؛
6
فانه علاج عظيم النفع منها. ومما ينتفعون به ان يبتدوا فيدخلوا الحمام، ويكثروا
7
الاكباب على الماء الحار، ثم يسعطوا بدهن الفستق؛ فان ذلك يحدر الوجع إلى العنق
8
من ساعته، ثم التقط النسخ المذكورة فى اقراباذينات، والمفردات والموردة فى الواح
9
الأدوية المفردة <انشاء الله>.
10
|180rb42|المقالة الثالثة فى اورام الرأس وتفرق اتصالاته
11
الكلام فى فرانيطس
12
وهو السرسام الحار. يقال فرانيطس للورم الحار فى حجاب الدماغ الرقيق
13
أو الغليظ دون جرمه وان كان جرمه قد يعرض له ورم. وليس كما ظن بعض
14
المتطببين أن الدماغ لا يرم نفسه محتجًا بأن ما كان لينًا كالدماغ، أو صلبًا كالعظام فانه
15
لا يتمدد، وما لا يتمدد فانه لا يرم، فان هذا الكلام خطأ. وذلك ان اللين اللزج يتمدد،
16
والعظام [ايضًا] ترم، وقد أقر به جالينوس، وسنبين القول فيه فى باب الاسنان؛ بل نقول:
17
ان كل ما يغتذى فهو يتمدد ويزداد بالغذاء. وكذلك يجوز ان يتمدد ويزداد بالفضل. وذلك
18
هو الورم. ولكنه وإن كان الدماغ قد يتورم، فان فرانيطس والسرسام اسم مخصوص بورم
19
حجاب الدماغ اذا كان حارًا، وان كان فى بعض المواضع قد اطلق ايضًا على قدم جوهر
20
الدماغ وهو الاستعمال الخاص بهذا الاسم؛ إلا أنه منقول من اسم العرض الذى يلزمه،
21
وهو الهذيان، واختلاط العقل مع حرارة محرقة. والإسم العامى واقع على هذا العرض،
22
والصناعى على هذا الورم. وهذا النقل شبيه بنقل اسم العرض وهو النسيان إلى مرض
23
يوجبه ويقتضيه وهو السرسام البارد. واذا استعمل السرسام الاستعمال العامى دخل
24
فيه السرسام الدماغى وهو هذا.
3-63
1
ومن الناس من لا يعرف اللغات بحسب ان البرسام <هو> اسم لهذا الورم، وان
2
السرسام اخف منه، وليس كذلك؛ فان البرسام هو لفظة فارسية، والبر هو الصدر، والسام
3
هو الورم. والسرسام هو ايضًا لفظة فارسية: فالسر هو الرأس، والسام هو الورم والمرض.
4
والسرسام الكائن فى الحميات او الكائن لاخلاط فى فم المعدة محرقة. والذى ربما
5
كان لاورام فى نواحى الرأس خارجة إما فى الغشاء الخارج <أو غيره>: والسرسام
6
الكائن مع برسام وهو الذى يكون بمشاركة الحجاب واورامه، وسائر عضلات الصدر. و
7
الكائن مع ورم المثانة والرحم والمعدة.
8
وللاشتباه الواقع فى هذا الاسم يختلف أوصاف المصنفين له كما يختلف
9
أوصاف المصنفين لليثرغس الذى هو السرسام البارد الذى يسمى النسيان؛ لكن السرسام
10
الحقيقى بحسب الاستعمال الصناعى هو ما قلنا. وربما ورم معه جوهر الدماغ ايضًا
11
بمشاركة و انتقال. وذلك شديد الرداءة يقتل فى الرابع، فان جاوزه نجا. واكثر من يموت
12
بالسرسام يموت لآفة فى النفس.
13
ولهذا الورم مواضع مختلفة بحسب اجزاء الدماغ. وربما اشترك فيها جزءان،
14
أو عم المواضع كلها. واكثر ما يكون انما يستقر عموده إلى ما يلى التجويف المقدم
15
وإلى الأوسط. ومبدأه دم، أو صفراء صحيحة، أو حمراء صحيحة، أو محترقة ضاربة
16
إلى السواد وهو ردئ جدًا. وكانه ليس يكون فى الاكثر الا عن دم مرارى دون الدم
17
النقى، أو عن صفراء، وكأنه لا ينقضى الا بعرق أورعاف.
18
وكثيرًا ما يرم الحجاب والعروق التى تخرج من الرأس حتى يكاد ينفتح [معه]
19
الشؤن، وما كان منه مع اختلاط عقل مركب من بكاء وضحك ساعة بعد أخرى فهو ردئ.
20
و[كذلك] اذا كان انتقالًا من ذات الرئة، لانه يدل على شدة حرارة الخلط. وكذلك
21
لو انتقل الى غير الحقيقى. واذا عرض ان دام الثقل فى نواحى الرأس والرقبة، ثم
22
عرض تشنج وقىء زنجارى مات العليل فى ساعته. وأطول مهلته يوم أو يومان ان كانت
23
القوة قوية. وأرجى اصناف فرانيطس ان يذكر العليل ما كان يهذى به بعد خف حماه.
24
واذا عرض لهم امورويدس كان دليلًا محمودًا. واذا شخص المبرسم فتقيأ
25
مرارًا أحمر وهو ضعيف فهو يموت فى يومه، أو قوى فبعد يومين. وما رأى احد به ورم
3-64
1
فى نواحى الدماغ يكون بوله مائيًا فيخلص. وكثيرًا ما ينحل فرانيطس بالبواسير اذا سالت،
2
وقد تبرد وتنتقل الى ليثرغس، وربما تخلص عنه فاوقع فى دق أو فى جنون. وكثيرًا ما
3
ينتقل غير الحقيقى إلى الحقيقى، وقل ما يتخلص المشايخ من علة فرانيطس.
4
وقد زعم بعض المتطببين انه ربما عرض مرض شبيه بفرانيطس من غير حمى،
5
وكونه من غير حمى دليل على خلوه من الورم. قال: لكنه شديد القلق والتوثب، لا يملك
6
صاحبه قرارًا، ويكاد يتسلق الحيطان، ويشتد ضجره، وضيق نفسه، وعطشه. فاذا
7
شرب الماء شرق به وقذفه. قال: وهو قاتل من يومه فى اكثر، وربما امتد إلى أربعة
8
أيام. ولن ينجو منه احد؛ بل يعرض ان تسود وجوههم وألسنتهم، وتكون أعينهم
9
جامدة، وحالهم كحالة الملهوفين، ثم تلين حركاتهم، ويسقط نبضهم ويموتون. واكثر
10
موتهم بالاختناق. وتراه يعدو ثم تراه إثر ذلك قد سقط ومات. اقول: لا يبعد ان يكون
11
السبب فى ذلك بمشاركة الدماغ لعضو آخر كريم؛ مثل عضل النفس اذا عرض لهم تشنج
12
عظيم، أو فساد آخر نحو الخناق، فيتأدى إلى الدماغ فيشوشه ويفسده، ويخلط العقل،
13
و"يعطس بتخفيف" نواحى الرأس والحلق والصدر.
14
علاماته المشتركة: أما علاماته المشتركة لاصنافه الحقيقية فحمى لازمة يابسة، يشتدبه فى
15
الظهائر على الاكثر، وهذيان يفرط تارة، وينقطع أخرى؛ "و كراهة للكلام وكسل عنه"،
16
ويختلط العقل، واكثره بقرب الرابع، وعبث الاطراف، واضطراب، ونفس مضطرب
17
غير منتظم؛ ولكنه عظيم، وامتداد من الشراسيف إلى فوق كثيرًا، واختلاج اعضاء
18
معه وقبله ينذر به. وربما كان معه نوم مضطرب يتنبهون عنه، ويصيحون فتارة ينامون،
19
وتارة يسهرون. ويكون فى الاكثر نومهم مضطربًا متشوشًا مع خيالات، واحلام فاسدة
20
هائلة، وانتباه مشوش مع صياح. ويكون هناك وقاحة وجسارة، وغضب فوق المعهود.
21
ويبغضون الشعاع، ويعرضون عنه. ويضطرب لسانهم اضطرابًا شديدًا ويخشن، و
22
يعضون عليه. وربما ورمت السنتهم. وكثيرًا ما ينقطع صوتهم. ويشتهون الماء،
23
ويشربون منه قليلًا لا يكثرون. وليس ايضًا شهوتهم له كثيرة. وكثيرًا ما يبرد اطرافهم
24
من غير برد من خارج يوجبه. وأما أبوالهم فتكون مائلة إلى الرقة واللطافة.
25
وأما نبضهم فيكون صلبًا بسبب كون الورم فى عضو عصبى، صغير لصلابة العرق
26
وضعف القوة، مضغوط بالمادة. وفى نبضهم قوة ما إلى أن يقاربوا الخطر؛ لان اليبس
27
يجمع ويشد. ويكون آخر الانقباض فيها وأول الانبساط أسرع. ولا تخلو منشاريته عن
3-65
1
موجية ما؛ لان الدماغ جوهر رطب. وقد يعرض لنبضهم ان يعرض مرارًا، و<أن> يعظم
2
للحاجة، وان يتواتر، وان يختلف فى اجزاء الوضع ويرتعش. وذلك مما ينذر بغشى؛
3
اللهم الا ان يكون جنسًا من الاختلاف. والإرتعاش يوجبه صلابة العرق، وقوة
4
<من> القوة فلا ينذر به. وقد يعرض للنبض منهم أن يكون تشنجيًا فينذر بتشنج.
5
واذا رأيت علامات امراض حادة، وحميات صعبة، واعتقلت الطبيعة، فان
6
ذلك ينذر بسرسام، وكانه من المنذرات القوية. ويتقدم فرانيطس نسيان للشىء القريب،
7
وحزن بلا علة، واحلام رديئة، وصداع كثير، وثقل وإمتلاء، ويتقدمه فى الاكثر
8
صفار الوجه، وسهر طويل، ونوم مضطرب. ويشتد هذه الأعراض ما دامت المواد
9
تتوجه إلى الدماغ، وتدور فى عروقه وتترقرق.
10
فاذا قربوا منه وتشرب الدماغ المادة وجدوا ابتداء الوجع من مؤخر الرأس عند
11
القفا؛ وخصوصًا فى الصفراوى. واذا وقعوا فيه وورم الدماغ يبست اولًا أعينهم
12
يبسًا شديدًا، ثم اخذت تدمع؛ وخصوصًا من احد العينين. وكثيرًا ما يعرض ان يحمر
13
عروقها حمرة شديدة. وربما عقبه قطرات دم من الأنف. وكثيرًا ما يدلكون أعينهم.
14
ومالوا إلى سكون وهدؤ فى اكثر البدن الا فى اليدين؛ فانه ربما يعبث بهما ويلقط
15
الزئبر. وقد يكون ذلك فى الأكثر مع تغميض، وقد يكون مع تحديق وقحة؛ وربما
16
كسلوا عن الكلام الفصيح لا يزيدون على تحريك اللسان. وربما حدث بهم تقطير بول
17
بمعرفة منهم أو بغير معرفة، وهو فى الحميات من الدلالة القوية على السرسام الحاضر.
18
ويغفلون عن الآلام ان كانت فى أعضاءهم؛ بل لومس شىء من أعضاءهم الآلمة بعنف
19
لم يشعروا به.
20
ونزيد فنقول: اذا وقع الورم فى الجانب المقدم أفسد التخيل. وأخذوا يلقطون
21
الزئبر من الثياب والتبن، وما اشبهه من الحيطان، وتخيلوا اشباحًا لا وجود لها. و
22
إن كان فى الوسط أفسد الفكر، فخلط فيما يعمله، ويلفظ بالهذيان الكثير. اذا وقع فيما
23
يلى خلف نسى ما يراه. ويفعله فى الحال حتى انه ربما دعا بالشىء فيقدم إليه فلا يذكر انه
24
قد طلبه. <وربما يذكر انه طلبه>. وربما دعا بالطست ليبول فيه فيقدم إليه فينساه. و
25
ان اشتمل الورم على الجهات كلها ظهرت هذه العلامات كلها. وان تورم معه الدماغ احمر
26
الوجه والعين، وجحظت العينان جحوظًا شديدًا، واحمرتا إن كانت المادة المورمة
3-66
1
دمًا، او اصفرتا ان كانت المادة المورمة صفراء كلها.
2
وأما الكائن من الاختلاط بالمشاركة فيدل عليه وقوعه دفعة، وتابعًا لسوء حال
3
عضو آخر، ونائبًا مع نوائب اشتداده؛ ينقص لنقصان فى حال غيره، ويزيد بزيادتها.
4
والكائن عن السرسام الدماغى يحدث قليلًا قليلًا ويلزم. وعلامات السرسام الحقيقى
5
يتقدم ثم يعرض المرض. واما غير الحقيقى فيتقدمه امراض اعضاء أخر ثم تظهر علاماته.
6
وأما الكائن من جهة الحجاب الحاجز وعضلات الصدر فتتقدمه علامات
7
البرسام وذات الجنب مع وجع ناخس فى الجنب عند النفس، وضيق نفس، ونبض
8
منشارى، وسعال يابس أولًا، ثم يرطب فى الاكثر وينفث. ويكون مع حمى لازمة،
9
اكثر حرارتها فى نواحى الصدر. وفى الحقيقى فى نواحى الرأس، ''وكثرة حس تمدد" فى
10
الشراسيف إلى فوق، ويختص به حس وجع فوق الجمجمة غير شامل. ولا تكون
11
العلامات المذكورة <به> فيما سلف قوية <و> كثيرة، ونفسه يكون مختلطًا يضعف مرة
12
فيتواتر ويعظم أخرى، "و الصغير والضعيف" اكثر، ويكون مرة كالزفرة. واما فى فرانيطس
13
الحق فيكون النفس اعظم بل عظيمًا. ويشترك السرسامان فى قوة الاختلاط؛ ولكن
14
يفارق [السرسام التابع] السرسام الحق بانها تتبع فى قوته قوة الحمى، وتخف مع خفة
15
الحمى.
16
وأما الكائن لخلط فى فم المعدة فانه يحس معه بلذع فى فم المعدة، وغثيان و
17
عطس ومرارة فم. والكائن بسبب اورام اعضاء أخر فيعلم بما يظهر من احوالها، فانها
18
ما لم يكن ظاهرة جلية لم تؤد إلى اختلاط العقل والسرسام البين.
19
ولنذكر [الآن] علامات اصناف الحقيقى من السرسام فنقول: أما الكائن عن
20
الدم فاول علاماته ان عامة عوارضه المذكورة المشتركة تعرض مع الضحك، وتعرض
21
له قطرات رعاف، ويعظم نفسه، وتدمع عينه وترمص. ولا يكون السهر الذى يعتريه
22
بذلك المفرط. وتكون خشونة اللسان فيه إلى حمرة، مائلة الى السواد ثم يسود، ويكون
23
اللسان فيه ثقيلًا. وربما كسل عن الكلام لثقل اللسان. وتكون خيالاته التى يتشبح له
24
حمراء، ويكون عروق وجهه وعينه ممتلئة. ويعرض له تواتر قعود وقيام من غير حاجة
25
إليهما.
3-67
1
وأما الكائن من صفراء صحيحة فانه يسهر كثيرًا. وتجف معه العينان شديدًا
2
جدًا، ويخشن اللسان شديدًا، ويصفر اولًا ثم يسود، وتشتد الحمى. ويكثر الولوع
3
بمسح العينين. ويتخيلون أشياء صفر. ويدخل فى أخلاقهم سبعية، وسوء رأى، وحرص
4
على الخصام. وكأنه فى هيئة من يريد ان يقاتل. وتدق آنافهم؛ وخصوصًا فى اطرافها.
5
ويعرض لجباههم انجذاب شديد إلى فوق. وأما الكائن من صفراء محترقة وهو الردئ
6
المهلك، فأول علاماته ان عامة عوارضه تعرض مع جنون وضجر، ونفس عظيم،
7
وعبث؛ ويكون أعينهم كدرة، ويشبه صبارا وكأنه هو.
8
وأما علامات انتقاله فان كان ينتقل إلى ليثرغس ــ وذلك أرجى لهم ــ رأيت العين
9
تغور، والتغميض يدوم، والريق يسيل، والنبض يبطىء ويلين. وأما علامات إنتقاله
10
إلى شقاقلوس و[هو] الورم الدماغى ان تظهر علامات شقاقلوس، ويغيب سواد العين،
11
ويظهر البياض فى الأحيان، ويابى الإضطجاع الا مستلقيًا، وينتفخ بطنه ويمتد شراسيفه،
12
ويكثر اختلاج اعضاءه. وعلامة انتقاله إلى الدق غوور العينين، وهدؤ الحمى، وقحل
13
البدن، وصغر النبض وصلابته. واما علامات انتقاله إلى التشنج فقد اوردناها فى
14
باب التشنج.
15
|181va37|العلاج لاصنافه
16
أما <العلاج> المشترك لأصنافه الحقيقية فالفصد من القيفال، واخراج دم
17
صالح بل كثير جدًا. ويبارد إلى ذلك كما يبتدئ الاختلاط ان لم يمنع من ذلك
18
مانع قوى. ويجب ان يكون فصده مع احتياط فى تعرف حاله من الغشى هل وقع فيه أو
19
قرب منه، ويحبس الدم عند القرب من الغشى، ويحتال فى معرفة ذلك؛ فانه لا يظهر
20
فيهم حال الإفاقة من حال الغشى ظهورًا كثيرًا؛ ولكن النبض قد يدل عليه؛ فانه اذا ارتعش
21
أو انخفض، واختلف بلا نظام حتى تجد واحدة عظيمة، وأخرى صغيرة، دل على قرب
22
الغشى. ويجب ان يحتاط فى عصب العصابة عليه، حتى يكون موثقًا لا تحله حركاته
23
"واضطرابه الذى لا عقل له" معها، فربما حله وارسله بنفسه بخيال فاسد يستدعيه إليه.
24
ثم بعد ذلك يفصد عرق الجبهة ان كانت القوة قوية، وأوجبه الحال وقوة المريض.
25
وأما ان لم تساعد القوة والاحوال على فصده الكلى ومن يده، او لم يمكنك من يده
26
واحوجه ما يراود عليه من ذلك، إلى قلق، وضجر شديد، فافصده من الجبهة، واجعل
3-68
1
على رأسه فى الابتداء دهن الورد مع الخل مبردًا، وسائر ما عددناه لك من العصارات
2
المبردة.
3
وينتفع الصفراوى بتضميد رأسه بورق العليق جدًا. واسكنه بيتًا معتدلًا فى
4
الهواء ساذجًا لا تزاويق فيه ولا تصاوير؛ فان خيالاته تولع فى تاملها. وذلك مما يوذى
5
دماغه وحجب دماغه. ويجب ان يكون فى مسكنه، وبالقرب منه من المشمومات
6
الباردة مثل النيلوفر والبنفسج والورد والكافور، والتى عددناها لك فى القانون. واصحبه
7
أصدقاءه الظرفاء المحبوبين إليه المشفقين عليه، ومن يستحى منه، فيكف بسببه [عن
8
تخليطه]، واضطرابه الضارين. واجتهد فى تنويمه ولو بتقريب شىء من الأفيون من
9
جبينه وانفه ان كانت القوة قوية؛ والا فاياك، وذلك فانه مهلك، "بل استعن بغير
10
الأفيون"، بل استعمل مثل شراب الخشخاش، وضمد رأسه بالخس، واسقه بزر الخشخاش
11
فى ماء الشعير.
12
على ان الأصوب ان <لا> تدافع بالفصد ان احتمله الوقت، ولم يكن فى تاخيره
13
خطر تفعل ذلك فى الابتداء يومين [او] ثلاثة. ثم اذا افتصد لم يبالغ ان امكن حتى يبقى
14
فى البدن دم يقوى به الطبيعة على مصارعة البحرانات، وعلى فقد الغذاء ان اوجبه الوقت،
15
وبعد فصدك اياه. فمن الصواب ان تحقنه بحقنة لينة جدًا مثل دهن ورد مع ماء الشعير
16
والماء والزيت. فان احتجت إلى ما هو أقوى من هذا بعد ان يكون فى درجة اللينة
17
فعلت. واجذب المواد إلى اسفل بكل وجه من دلك الرجلين وغمزهما، وصب الماء
18
الفاتر عليهما؛ بل بالعصب والشد، بل بتعليق المحاجم عليهما؛ وخصوصًا فى حال
19
هبوط الحمى، وقبل اشتدادها ان كان لها ذلك، فربما وجب فى ابتداء العلة ان يلزم
20
المحجمة كاهله، وخذه أولًا بغاية تلطيف الغذاء حتى تقتصر على السكنجبين [السكرى]،
21
ثم بعد ذلك بيوم او يومين فانقله الى ماء الشعير الرقيق مع السكنجبين، ثم الغليظ.
22
وراع فى ذلك القوة والعلة. فكلما رأيت اعراض العلة اشد فخذه فى الإبتداء
23
بتلطيف الغذاء اكثر؛ الا ان تخاف سقوط القوة، فيغذوا. وجنبهم الماء الشديد البرد
24
خاصة ان كان فى الحجاب الحاجز ورم أو فى الاحشاء. وكما ترى العلة تنحط فدرج
25
فى الغذاء وزد فيه، واجعله من القرع، والبقول الباردة، والماش، والحبوب الباردة،
26
إما اسفيذباجة، وإما محمضة بالفواكه الباردة. وفى هذا الوقت ينتفعون بخبز السميذ
27
منقوعًا فى ماء بارد جدًا، وجلاب مبرد بالثلج جدًا.
28
ويجب ان يستعمل فى الابتداء الرادعات الصرفة؛ الا ان يكون من الجنس
29
العظيم الذى ترم فيه العروق التى تخرج من الرأس مشاركة للحجاب، فهناك تحتاج
3-69
1
ان تبتدئ بما فيه قليل ارخاء، وتسكين وجع، ثم القوابض. وتلتجئ إلى الحقن التجاءً
2
شديدًا، ثم استعمل فى الاكثر نطولات مبردة ليست بقابضة، واجعل فيها قليل خشخاش
3
لينوم، وقليل بابونج ايضًا ليقاوم الخشخاش، وتحلل ادنى تحليل.
4
فاذا انتقصت العلة بهذه العلاجات وبقى الهذيان فاحلب على الرأس اللبن
5
من الضرع والثدى. أما ان كانت القوة قوية فلبن الماعز، وان كانت ضعيفة فلبن النساء.
6
وكل حلبة أتت عليها ساعة فاعقبها غسله بالنطولات المعتدلة التى يقع فيها بنفسج،
7
وأصول السوسن، وبابونج مع سائر المبردات كما "قد تقرأه" فى اقراباذين. فان طالت
8
العلة ولم تزل بهذه المعالجات، أو كانت ثقيلة سباتية، وجاوزت حد الإبتداء، وكان
9
السكون فيها اكثر من الحركة فجنبه المبردات الشديدة التبريد، وخاصة الخشخاش،
10
وزده فى النطولات حينئذ بعد السابع نمام وفوذنج وسذاب، وعصارة النعنع، و
11
إكليل الملك. واجعل على الرأس لعاب بزركتان بالزيت والماء. وعرق البدن فى دهن
12
مسخن دائمًا.
13
فاذا اردت ان تحفظ القوة بعد طول العلة، ومجاوزة السابع فما فوقه، فلك
14
ان تسقيه قليل شراب ممزوج. وكثيرًا ما يعرض لهم القئ فينتفعون به. وربما سقى
15
بعضهم ماء ممزوجًا بدهن بارد رطب، فيسهل قذفهم ويرطبهم. واذا لم يبولوا
16
لفقدان العقل، وضعف الحس، مرخت مثانتهم بدهن فاتر، وأفضله الزيت، أو نطلها
17
بدهن طبخ فيه البابونج، ثم غمزت عليها حتى يدر البول. واعتن بهذا منهم كل وقت،
18
واغمز مثانتهم فى كل حين يتوقع بوله فيه. فان لم يجب بذلك استعمل النطولات على
19
ما ذكر.
20
ويجب ان تشدهم رباطًا ان وجدتهم يكثرون التقلب والإضطراب، ويتضررون
21
[به] تضررًا شديدًا، وخاصة اذا [كنت] فصدتهم، ولم يلتحم الشق بعد. ثم اذا أمعنوا
22
فى الإنحطاط، وخرجوا من عمود العلة اكثر الخروج، دبرتهم تدبير الناقهين، والزمتهم
23
الارجوحات الخفيفة، وجنبتهم الأهوية، والرياح الرديئة والحارة، والسموم، والشمس
24
لئلا يتنكسوا. واذا اردت أن تحممهم حممتهم فى مياه عذبة تحميمات خفيفة لتنومهم،
25
ففى تنويمهم منافع كثيرة، وأطعمهم اللحوم الخفيفة. وهذا هو القول الكلى فى علاجهم.
3-70
1
وأما الذى يختلف فيه الصفراوى والدموى فان الصفراوى يحتاج فى علاجه
2
إلى إسهال الصفراء اكثر وفصد أقل، ويكون اسهال الصفراء بما يسهل شربًا من المزلقات
3
اللطيفة المذكورة، والمنقيات للدم. ولك ان تجعل فيها شاهترج ان علمت ان الطبيعة
4
مجيبة على كل حال. وربما جعلوا فيها سقمونيا اذا كانوا على ثقة من اجابة الطبيعة بحسب
5
عادة العليل. ولا يبلغ الصفراوى عند الفصد قرب الغشى، بل يفصد فصدًا صالحًا مع
6
تحرز من ذلك، ثم يستفرغ بالاسهال. وايضًا ليجعل أدويته باردة رطبة.
7
وأما اغذية الدموى فباردة، ويجوز أن تكون قابضة اذا وقع الفراغ من الإسهال
8
والحقن؛ مثل الحصرمية، والريباسية، والرمانية، والتفاحية، والسفرجلية. وأما
9
الصفراوى فلا يصلح له هذه؛ بل مثل القرعية، والقطفية، والكشكية، أعنى المتخذ
10
من الشعير المقشر، والاسفاناخية، والمجية <و هى الماشية>، وما أشبه ذلك. و
11
يكون تحميضها بخل وسكر، او بالنيشوق او بالاجاص، وما أشبه ذلك.
12
واعلم ان الصفراوى محتاج إلى تطفية اكثر. والدموى <محتاج> إلى تحليل اكثر.
13
ولا يحذر فى الصفراوى من التبريد كل ذلك الحذر الذى يحذر فى الدموى. ولا يجتنب
14
الماء البارد كل ذلك التجنب. ويجب ان يعتنى بالتنويم اكثر، وذلك بمثل النطولات
15
المرطبة [و]، باستعمال ادهان الخس والقرع، وما أشبههما سعوطًا. وما كان من
16
الصفراوى صفراءه محترقة كثرت الغاية بالترطيب، واستعملت الحقن المبردة والمرطبة
17
فيهم ما امكن.
18
|182rb39|فى الفلغمونى العارض لنفس جوهر الدماغ
19
اكثرما يعرض [هذا يعرض] من دم عفن يورم الدماغ. وربما فرق الشؤن وخلخل
20
الشكبة. ويكاد الرأس معه يتصدع وينشق، ويشتد معه الوجع، وتحمر العينان و
21
تجحظان جدًا، وتحمر الوجنتان جدًا. "و ربما عرض معه كزاز". وربما عرض قئ وغثيان
22
بمشاركة المعدة، ويميل الى الإستلقاء جدًا على خلاف المعتاد من الإستلقاء، وعلى
23
خلاف النظام. وهو يقتل فى الاكثر فى الثالث. فان جاوزه رجى و علم ان العلة ليست
24
بصعبة جدًا وإلا لما احتملها عضو بهذا القوام وبهذا الشرف. وعلاجه علاج السرسام.
3-71
1
واقوى وينفع منه فصد ''العرق الذى" تحت اللسان منفعة شديدة، وذلك بعد فصد العرق
2
المشترك والعروق الأخر.
3
|182va1|الحمرة فى الدماغ والقوباء
4
ربما عرض ايضًا فى الدماغ نفسه حمرة وقوباء، ويكون الوجع شديدًا، والإلتهاب
5
شديدًا؛ لكن الوجه يعرض فيه برد لكمون الحرارة وصفرة لذلك، وخاصة فى العين،
6
ثم تسخن دفعة وتحمر. وأما فى الأغلب فيكون الى الصفرة والبرد، ويكون اليبس
7
شديدًا فى الفم، ولا يكون معه ''من السبات" كما فى الفلغمونى؛ ولكن الاعراض فيه
8
اهول، والحمى اشد. وعلاجه علاج صبارا، واكثره قاتل فى الثالث، وان لم يقتل
9
نجا. وقد يعرض للصبيان الحمرة فى الدماغ فيغور معه اليافوخ والعينان، وتصفر العين
10
وييبس البدن كله فيعالجون بمح البيض مع دهن الورد مبردًا مبدلًا كل ساعة، و
11
بالعصارات والبقول الرطبة الباردة على الرأس خاصة و القرع وقشور البطيخ والقثاء.
12
|182va21|فى صبارا
13
يقال صبارا لجنون مفرط يعرض مع سرسام حار صفراوى حتى يكون الانسان [مع أنه]
14
مسرسم يهذى "مجنونًا مضطربًا". والفرانيطس الساذج يكون معه هذيان واختلاط عقل،
15
ولا يكون معه جنون. فان كان فهو صبارا. وايضًا كأنه مانيا مركب مع فرانيطس، كما
16
ان فرانيطس كانه مالنخوليا مركب مع ورم وحمى. وكثيرًا ما يتقدم فيه الجنون، ثم
17
يعقبه الورم والحمى. وانما يكون صبارا اذا كان فرانيطس عن الحمراء الصرف والمحترقة؛
18
فانها اذا اندفعت الى الدماغ [و] احدثت جنونًا باول وصولها و احدثت معه او بعده
19
ورمًا كانت سبب صبارا. وفى فرانيطس يكون الجنون عارضًا عن الورم، وفى
20
صبارا الجنون والورم حادثان معًا عن المادة ليس احدهما سبب الآخر وان كان ربما
21
صار كل واحد منهما سببًا للزيادة فى الآخر.
22
واذا جعل صبارا يظهر كان سهر طويل، ونوم مضطرب، وفزع فى النوم و
23
وثب، ونفس كثير متواتر، ونسيان، وجواب غير شبيه بالسوال. واحمرار العينين و
3-72
1
اضطرابهما، وثقل فيهما، وكانهما قذيتان. وربما كان فيهما ــ على نحوما ذكرناه ــ اصفرار. و
2
يكون هناك احساس تمدد عند القفا ووجع لتصاعد البخار، ويكون فيهما ايضًا سيل الدمع
3
من غير ارادة من عين واحدة. ثم اذا استقر المرض صلبت الحمى، وخشن اللسان و
4
يبس، ثم فى آخره تسكن حركات الجفون للضعف، وتثقل الحركة حتى تحريك الجفون.
5
فيبقى من الجنون الهذيان المنقطع مع عجز عن الكلام وقلة منه، ويقبل فى الاكثر على
6
التقاط الزيبر والتبن، [ويزداد النبض] ضعفًا وصغرًا وصلابة لليبس. وقد يقع من
7
صبارا ما ليس بمحض صرف، فتختلف حالاته من الكلام والذكر والحركات، فتكون
8
تارة منتظمة، وتارة غير منتظمة. وعلاجه بعينه علاج السرسام الصفراوى مع زيادة فى
9
الترطيب كثيرة، ويجب ان يدام ربط اطرافه.
10
|182vb5|فى ليثرغس وهو السرسام البارد
11
وترجمته النسيان
12
يقال ليثرغس للورم البلغمى الكائن داخل القحف، وهو السرسام البلغمى.
13
واكثره يكون فى مجارى جوهر الدماغ دون الحجب والبطون وجرم الدماغ؛ لان البلغم
14
قلما ان يجتمع وينفذ فى الأغشية لصلابتها، ولا فى جوهر الدماغ للزوجته؛ كما ان ذات
15
الجنب ايضًا فى الأكثر صفراوية، وقل ما يكون بلغمية لقلة نفوذ البلغم فى جوهر صفاقى
16
عصبى صلب. على انه يمكن ان يكون ذلك الاقل منهما جميعًا، فيمكن ان يقع هذا
17
الورم فى جوهر الدماغ وفى حجبه.
18
وهذه العلة مسماة باسم عرضها لان ترجمة ليثرغس هو النسيان. وهذه العلة
19
يلزمها النسيان. ومن اسمها اخطأ فيها كثير من الأطباء، فلم يعرفوا ان العرض منها هو
20
هو المرض الكائن من ورم بارد؛ بل حسبوا ان هذه العلة هى نفس النسيان. وعلى
21
ان بعضًا من الأطباء يسمى ليثارغوس كل ورم بارد فى الدماغ سوداويًا كان او بلغميًا؛
22
إلا ان الأكثر والمتقدمين يخصون بهذا الاسم البلغمى، ولك ان تسمى به كليهما. و
23
مادة هذه العلة قريبة من مادة السدر؛ ولكنها اشد استحكامًا. وهذه العلة تتولد عن
24
كل ما يولد خلطًا بلغميًا، وفيه تبخير "وتعفين". ولذلك كثيرًا ما يتولد عن اكل البصل،
25
ويتولد عن التخمة الكثيرة وكثرة اكل الفواكه.
26
علاماته: صداع خفيف وحمى لينة؛ فانه لا بد من الحمى فى كل ورم عن خلط عفن.
27
وبذلك يفارق السبات، لكنها تكون لينة لان المادة بلغمية. وهذه الحمى ربما
3-73
1
لم يحس بها، ويكون معها سبات ثقيل؛ كما يفتح صاحبه العينين يغمض، ويكون معها
2
نسيان، ونفس متخلخل بطىء جدًا ضعيف، وكانه مع ضيق يسير وبزاق، وكثرة
3
تثاؤب، وفتح فم وضمه. وربما بقى فمه بعد التثاؤب ونحوه مفتوحًا لنسيانه انه يجب
4
ان يضمه، او لكسله عنه وان اراده، ويكون به فواق لمشاركة المعدة، وبياض فى اللسان،
5
وكسل عن الجواب، وعن حركة الاجفان، واختلاط عقل. ويكون البراز فى الأكثر
6
رطبًا وإن جف جفافًا معتدلًا، والبول كبول الحمير.
7
وربما عرض لهم الإرتعاش وعرق الأطراف. وهم بخلاف اصحاب فرانيطس؛
8
"فانهم ينحدرون فى فراشهم، واصحاب فرانيطس" يصعدون. ويكون نبضهم متفاوتًا
9
بطيئًا دوديًا زلزليًا شبيهًا بنبض ذات الرئة؛ لكنه يكون اقل عرضًا وطولًا وابطاءً، واشد
10
تفاوتًا، واقل اختلافًا؛ لان تاذى القلب به اقل. ويقع فى نبضه الواقع فى الوسط
11
اكثر؛ لان القوة الحيوانية فيه اسلم، والحمى معه اقل لبعده من القلب. وسباته اكثر؛
12
لان المادة ههنا فى نفس الدماغ، وفى ذات الرئة متصاعدة من ورم الرئة.
13
وأما ان قيل للسوداوى انه ليثارغوس فعلاماته ان الوجع يكون اشد، ويكون
14
معه ضجر وهذيان، وتكون العين مفتوحة مبهوتة. واذا كان الليثرغس فى جوهر الدماغ
15
كان السبات اشد، وعسر الحركات اكثر، وبياض اللسان فيه شديد جدًا، والعين
16
الى الجحوظ وعسر الحركة، والوجع الى الرخاوة. وان كان فى الحجاب كان الوجع
17
اشد، والحركات اخف، ويقع فيه كثيرًا احتباس البول للنسيان ولضعف العضل المبولة.
18
ومن علامات مصير الانسان الى ليثرغس كثرة اختلاج رأسه مع كسل وثقل.
19
واذا اشتدت اعراض ليثرغس، وكثر العرق جدًا، فهو قاتل لاسقاط العرق للقوة. و
20
اذا اتسع النفس وجاد وانحطت الأعراض، فهو الى السلامة؛ وخصوصًا ان ظهرت
21
اورام خلف الاذن؛ فان كثيرًا من بحراناته يكون بها.
22
علاجه: ان لم يعق عائق فصدت اولًا، ثم استعملت الحقن الحادة، وجذبت المواد الى
23
اسفل، وقيأته بريشة لطختها خردلًا وعسلًا، واسكنته بيتًا مضيئًا، ومنعته الاستغراق فى
24
السبات ملحًا عليه بالانباه. ومنعت المادة فى اول الأمر بدهن ورد وخل، ثم بعد يومين
25
من ابتدائه يخلط فيه جندبيدستر. ويجعل الخل خل العنصل، ولم يسقه الماء البارد
26
إلا قليلًا، وفى الإبتداء خاصة وعند الإنتهاء، وخاصة فى آخره يمنعه ذلك منعًا. ثم يمرخ
27
البدن بزيت، ونطرون، وبزر الأنجره، وبزر المازريون، وفلفل، وعاقرقرحا، وما اشبهه.
3-74
1
وتستعمل النطولات القوية التحليل، والشمومات والعطوسات، وغراغر ملطفة فيها
2
حاشا وزوفا وفوذنج وصعتر، وغراغر بعسل وعنصل، وسائر ما علمته فى القانون.
3
واذا استعملت العنصل على رأسه، خصوصًا الرطب انفعل به جدًا. ويستعمل
4
أيضًا سائر المحمرات على الرأس ولطوخ الخردل. وتدلك اطرافه وتغمزها حتى تحمر
5
وتتالم؛ فانه عظيم النفع، ''ويدام ذلك". فاذا غرقوا فى السبات مددت شعور رؤسهم، وتنتف
6
بعضها. ويدع أيضًا عند النقرة محاجم كثيرة بنار من غير شرط. وربما احتجت الى شرط
7
عند من كان محتاجًا الى استفراغ دم. واذا غذوت احدًا غذوته مثل ماء الترمس وماء الحمص
8
مع ماء الكشك. واذا غذوته فاقبل على غمز اطرافه ساعات لئلا ينجذب البخار الى فوق.
9
فان احتجت لطول العلة ان تسقيه مسهلًا، وخاصة اذا ظهر به ارتعاش، سقيته
10
ثلثى مثقال جندبيدستر مع قليل سقمونيا دون دانق. فان خفت افراطًا فى الحمى اجتنبت
11
السقمونيا، واقتصرت على جندبيدستر، وعلى تبديل المزاج دون الاستفراغ. واولى
12
الاستفراغات ما يكون بالحقن. فان اضطرت الى غيرها سقيت ايارج فيقرا درهم مع ربع
13
درهم شحم حنظل، وثلث درهم هليلج، ودانق مصطكى ان لم تكن الحمى شديدة
14
الحرارة، وكنت على ثقة من انه يسهل. فان لم تثق بذلك فحمله حمولًا اوشيافة ليتعاون
15
الشيئان على ذلك، ثم نبهه وكلفه ان يتكلف البراز واذا عرض له نسيان البول والبراز
16
نطلت الحالبين والبطن بالمياه المطبوخ فيها بابونج، واكليل الملك، وبنفسج، واصول
17
السوسن؛ وغمزت المثانة ليبول. ثم اذا انتهت العلة استعملت الاراجيح والحمل اولًا،
18
ثم الرياضة اليسيرة وتدبير الناقهين.
19
|183rb25|فصل فى الماء داخل القحف
20
انه قد تجتمع رطوبات مائية داخل القحف وخارجه. فان كان خارج القحف
21
دل عليه ما سنذكره عن قريب. وان كان داخل القحف وموضعه فوق الغشاء الصلب
22
أحس بثقل داخل، وعسر معه التغميض للعين، بل لم يمكن، وترطبت العين جدًا، و
23
دمعت دائمًا وشخصت، ولا حيلة فى مثله.
24
|183rb35|الاورام الخارجة من القحف والماء خارج القحف من الرأس وعطاش الصبيان
25
وقد يعرض فى الحجب التى من خارج الرأس اورام حارة او باردة. وقد يعرض،
26
وخصوصًا للصبيان علة هى اجتماع الماء فى الرأس. وقد يعرض أيضًا للكبار. وهذه
3-75
1
العلة هى رطوبات تحتبس بين القحف وبين الجلد، او بين الحجابين الخارجين مائية،
2
فيعرض انخفاض فى ذلك الموضع من الرأس وبكاء وسهر. وأما الصبيان فيعرض لهم
3
ذلك فى اكثر الأمر اذا اخطأت القابلة، فغمزت الرأس ففرقته، وفتحت افواه العروق،
4
وسال الى ماتحت الجلد دم مائى. وقد يكون اخلاط أخرى غير الرطوبات المائية. فان
5
كان لون الجلد بحاله، وكان الجلد متعاليًا منغمزًا مندفعًا، فهو الماء فى الرأس. فان
6
كان اللون متغيرًا، واللمس مخالفًا، وثم قوة امتناع على الدفع، او يحس بلذع ووجع فهوورم
7
من خارج القحف.
8
وأما فى الصبيان وغيرهم اذا كان فى رؤسهم ماء فان اكثر هذا انما يكون للصبيان،
9
فيجب ان تعرف هل هو كثير، وهل هو مندفع من خارج الى داخل اذا قهر. فان كان
10
كذلك فلا تعالج. وان كان قليلًا ومستمسكًا بين الجلد والقحف فاستعمل إما شقًا
11
واحدًا فى العرض، ''وإما شقين متقاطعين ان كان كثيرًا"، او ثلثة شقوق متقاطعة ان كان
12
اكثر. ويفرغ ما فيه، ثم يشد ويربط، ويجعل عليه الشراب والزيت الى ثلثة ايام، ثم
13
يحل الرباط. وتعالج بالمراهم والفتل ان احتجت اليها، او بالخيط والدرز إن كفى
14
ذلك، ولم يحتج الى مراهم. فان ابطأ نبات اللحم فقد امروا بان يجرد العظم جردًا
15
خفيفًا لينبت اللحم. وان كان الماء قليلًا جدًا كفاك ان تحل الخلط المايع بالأضمدة.
16
وأما الاورام الخارجة فانت تعرف حارها وباردها باللمس واللون، وموافقة
17
ما يصل اليه، وتحس فى كلها بألم ضاغط للقحف. واذا لمست اصبت الألم، و
18
تعالجه باخف من علاج السرسام. على انك فى استعمال القوى فيه آمن. والحجامة تنفع
19
فيه اكثر من الفصد.
20
واما عطاش الصبيان فينبغى ان تسقى المرضع ماء الشعير، اوماء سويقه ان كان
21
بالصبى اسهال، وتسقى حينئذ شيئًا من طباشير مقلو، وبزر بقلة مقلوة؛ فان الاسهال فى
22
هذه العلة ردئ. وتمنع المرضع التخم، وليجعل على يافوخه بنفسج مبرد.
23
|183va28|فى السبات السهرى
24
وقد يسميه بعض الاطباء الشخوص وليس به؛ بل الشخوص نوع من الجمود.
25
[فنقول] هذه العلة سرسامية مركبة من السرسام البارد والحار؛ لان الورم كائن من الخلطين
3-76
1
معًا اعنى من البلغم والصفراء. وسببه امتلاء ولده النهم، واكثار الأكل والشرب
2
والسكر. وقد يعتدل الخلطان، وقد يغلب احدهما، فيغلب علاماته. فان غلب البلغمى
3
سمى سباتًا سهريًا، وان غلب الصفراوى سمى سهرًا سباتيًا.
4
وقد يتفق فى مرضة واحدة بالعدد أن يكون لكل واحد منهما كرة على الأخرى.
5
فتارة يغلب البلغمى فيفعل فيه البلغم سباتًا وثقلًا وكسلًا وتغميضًا، ويشق عليه الجواب
6
عما يخاطب به، ويكون جوابه جواب متمهل متفكر، [وتارة يغلب فيه الصفراوى]، وتفعل
7
فيه الصفراء ارقًا وهذيانًا وتحديقًا متصلًا، ولا تدعه يستغرق فى السبات، بل يكون سباته
8
سباتًا ينتبه عنه إذا نبه. وعندما [يغلب عليه البلغم يثقل السبات وينغمض الجفن اذا
9
فتحه. وعند ما] تغلب الصفراء ينتبه عنه بسرعة إذا نبه. ويهذى ويقصد للحركة، و
10
يفتح العين بلا طرف ولا تغميض، بل ينجذب طرفه الاعلى كما يعرض لاصحاب السرسام؛
11
ويشتهى ان يكون مستلقيًا، ويكون استلقاؤه غير طبيعى. ويتهبج وجهه، ويميل الى الخضرة
12
والحمرة.
13
على انه فى اغلب حالاته ينجذب جفنه الى فوق ويغط. فاذا فتح عينه فتح فتحًا
14
كفتح اصحاب الشخوص والجمود بلا طرف. واذا نطق لم يكن لكلامه نظام. ويشرق
15
بالماء حتى انه ربما رجع الماء من منخره. وكذلك يشرق بالاحساء وهذه علامة رداءته.
16
وكثيرًا ما يعرض فيه احتباس البول والبراز معًا او قلتهما، ويعرض لهم ضيق نفس.
17
وقد يشبه فى كثير من الاحوال اختناق الرحم؛ ولكن الوجه يكون فى اختناق
18
الرحم بحاله، ويكون سائر علامات اختناق الرحم المذكور فى بابه. وههنا يمكن ان
19
يجبر فيه العليل على الكلام بشىء ما، وأن يكلف التفهم. والمختنق رحمها لا يمكن
20
ذلك فيها مادامت فى الأختناق. وهذه العلة تشبه ليثرغس؛ ولكن تفارقه بان الوجه
21
فيها لا يكون بحاله كما فى اصحاب ليثرغس. وأيضًا يعرض لهم السهر "وفتح عين
22
من غير طرف". والحمى فيه اشد ويشبه فرانيطس، ولكن يفارقه بان السبات فيه اكثر
23
والهذيان اقل.
24
واما النبض فسريع متواتر بسبب الورم والاختلاط الحموى، فيخالف [نبض
25
ليثرغس؛ وعريض وقصير بسبب البلغم وورمه فيخالف] فرانيطس، وقصره لعرضه.
26
ثم هو اقوى من نبض ليثرغس، واضعف من نبض فرانيطس. ويكون النبض غير متمدد
27
متشنج متفاوت كما فى اختناق الرحم. "ولا تكون القوة فيه باقية ولا خارجًا عن النظم
28
كل ذلك الخروج كما يكون فى اختناق الرحم"؛ بل تكون القوة ساقطة والنبض متواترًا.
3-77
1
العلاج: أما العلاج المشترك فهو الفصد كما علمت، ثم الحقن تزيد فى حدتها ولينها
2
بقدر ما تجد عليه المادة بالعلامات المذكورة حين يتعرف هل الغالب مرة او بلغم. ويمنع
3
الغذاء أيضًا على ما فى فرانيطس، وخاصة ان كان سببه اكثار الطعام. وكذلك ان كان
4
السبب اكثار الطعام قيأت المريض، ونقيت منه المعدة. وان كان سببه السكر
5
لم يعالج البتة حتى ينقطع السكر، ثم يقتصر على مرطبات رأسه، ثم يعالج اخيرًا بما يعالج
6
به الخمار. وتشترك اصنافه فى النطولات والضمادات والسعوطات المذكورة، و
7
الإستفراغات اللطيفة بما يشرب ويحقن كما علمت. ويكون هذه الادوية فيه لا فى حد ما
8
يومر به فى فرانيطس من التبريد، ولا فى حد ما يومر به فى ليثرغس من السخونة، بل
9
يكون مركبة منهما. ويغلب فيها ما يجب بحسب ما يظهر من ان أى الخلطين اغلب. و
10
قد سبق لك فى القانون جميع ما يجب ان تعلمه فى مثل هذا.
11
ويجب ان تجعل فى نطولاته ــ ان كانت المرة غالبة ــ اوراق الخلاف والبنفسج
12
واصل السوس والشعير مع بابونج واكليل الملك وشبث. وربما سقيت شراب
13
الخشخاش ان لم تخف عليه من غلبة البلغم. والغرض فى سقيه اياه هو التنويم. فان
14
كانت المادتان متساويتين زيد فيه الشيح والمرزنجوش. وان كان البلغم غالبًا زيد فيه
15
ورق الغار والسذاب والفوذنج والزوفا والجندبيدستر والصعتر. وكذلك الحال
16
فى الأضمدة والحقن على حسب هذا القانون، ويمكنك التقاطها له من القراباذين. و
17
أما فى آخر المرض، وبعد ان تنحط العلة، فجنبه النطولات الباردة، واقتصر على الملطفات
18
التى علمتها، ثم حممه ودبره تدبير الناقهين.
19
|184ra19|فى الشجة وقطع جلد الرأس وما يجرى مجراه
20
التفرق الواقع فى الرأس إما فى الجلد واللحم، وإما فى العظم أيضًا موضحة،
21
او هاشمة، أو منقلة، او كائنة سمحاقًا. ومن السمحاق الفطرة وهو ان يبرز الحجاب الى
22
خارج، ويرم ويسمن ويصير كفطرة. ومنها الآمة والجائفة وفيها خطر. ويحدث
23
فى الجراحات الواصلة إلى غشاء الدماغ استرخاء فى جانب الجراحة، وتشنج فى مقابله.
24
واذا لم يصل القطع الى البطون بل الى حد الحجاب الرقيق كان اسلم. فاذا وصل
25
القطع الى الدماغ ظهر حمى وقىء مرار. وليس مما يفلح الا القليل. واقربه الى السلامة
26
ما يقع من الفطرة فى البطنين المقدمين اذا تدورك بسرعة فيضم. واللذان فى البطنين
3-78
1
المؤخرين اصعب. والذى فى الاوسط اصعب من الذى فى المؤخر، وابعد
2
ان يرجع الى الحالة الطبيعية؛ الا ان يكون قليلًا يسيرًا، ويقع المبادرة الى ضمه واصلاحه
3
سريعًا.
4
العلاج: فالمبادرة الى منع الورم بما يحتمل. فاءما تفصيله فقد ذكرنا علاج الجراحة الشجية
5
التى فى الجلد واللحم حيث ذكرنا القروح فى الكتاب الرابع، وذكرنا علاج الكسر منها
6
فى باب الكسروالجبر. وللأطباء فى كسر القحف المنقلع الذى هو المنقلة مذهبان: مذهب
7
من يميل الى الادوية الهادئة الساكنة الشديدة التسكين للألم، ومذهب من يرى استعمال
8
الادوية الشديدة التجفيف، ويستعملون بعد قطع المنكسر، وقلع المنقلع، وجذب
9
انكساره بالادوية الحادة من المراهم وغيرها على الموضع من فوقه من خارج لطخ من خل
10
وعسل. وكانت السلامة على ايدى هؤلاء المتأخرين منها اكثر [منها] على ايدى الاولين،
11
وليس ذلك بعجب. قال جالينوس: فان مزاج الغطاء والعظم يابس.
12
|184rb7|المقالة الرابعة فى امراض الرأس
13
<ان امراض الرأس> اكثر مضرتها فى افعال الحس والسياسة.
14
|184rb10|فصل فى السبات والنوم
15
يقال سبات للنوم المفرط الثقيل، ولا لكل مفرط ثقيل، ولكن لما كان ثقله
16
فى المدة والكيفية معًا، حتى تكون مدته اطول، وهيئته اقوى، فيصعب الإنتباه عنه وان
17
نبه. والنوم منه طبيعى فى مقداره وكيفيته، ومنه ثقيل، ومنه سبات مستغرق. والنوم
18
على الجملة رجوع الروح النفسانى عن آلات الحواس، والحركة الى المبداء، تتعطل
19
معه آلانها عن التروح بالفعل فيها إلا ما لا بد منه فى بقاء الحياة، وذلك فى مثل آلات
20
النفس.
21
والنوم الطبيعى على الاطلاق ما كان رجوعه عن غرور الروح الحيوانى الى باطن
22
لأنضاج الغذاء، ويتبعه الروح النفسانى؛ كما يقع فى حركات الاجسام اللطيفة المتمازجة
23
لضرورة الخلاء، و ما كان أيضًا للراحة؛ وليجتمع الروح الى نفسه ريث ما يغتذى وينمى
3-79
1
ويزداد جوهره، وينال عوض ما تحلل فى اليقظة منه. وقريب من هذا ما يعرض لمن
2
شارفه الاقبال من مرضه؛ فانه يعرض له نوم غرق، فيدل على سكون مرضه، لكنه لا يدل
3
فى الاصحاء على خير. وقد يعرض أيضًا من هذا القبيل لمن استفرغ كثيرًا بالدواء، و
4
ذلك النوم نافع له راد لقوته.
5
وقد يعرض أيضًا نوم ليس طبيعيًا على الاطلاق، وذلك اذا كان الرجوع الى المبدأ
6
لفرط تحلل من الروح لا يحتمل جوهره الإنبساط، لفقد زيادته على ما يكفى الاصول بسبب
7
التحلل الواقع من الحركة فيغور؛ كما يكون فى حال التعب والرياضة القوية، وذلك
8
لإستفراغ مفرط يعرض للروح النفسانى، فتحرص الطبيعة على امساك ما فى جوهرها
9
الى ان يلحقها من الغذاء مدد. والفرق بين هذا وبين الذى قبله كالفرق بين
10
طلب البدن الصحيح للغذاء، ليقوم بدل التحلل الطبيعى منه وطلب البدن المدنف
11
بالإسهال والنزف للغذاء؛ فان الاول من النومين يطلب بدل تحليل اليقظة وهو امر
12
طبيعى، والثانى يطلب بدل تحليل التعب وهو غير طبيعى.
13
وقد يعرض نوم غير طبيعى على الاطلاق أيضًا، وهو ان يكون رجوع الروح النفسانى
14
عن الآلات بسبب مبرد مضاد لجوهر الروح إما من خارج، وإما من الادوية المبردة،
15
فيكتسب الآلات بردًا منافيًا لنفوذ الروح الحيوانى فيها على وجهه، و مخدرًا للنصيب الحاصل
16
فيها من الروح [النفسانى] يفسد المزاج الذى به يقبل القوة النفسانية عن المبدأ، فيعود
17
الباقى غائرًا من الضد، ويتبلد عن الانبساط لبرد المزاج، وهذا هو الخدر.
18
وقد يعرض أيضًا لسبب مرطب للآلات مكدر <للحواس> ولجوهر الروح، ساد
19
لمسالكه، مرخ لجوهر العصب والعضل ارخاء يتبعه سدد وانطباق، فيكون مانعًا لنفوذ
20
الروح؛ لان جوهر الروح نفسه قد غلظ وتكدر، ولان الآلات قد فسدت بالرطوبة، و
21
لاسترخاءهما جميعًا. وهذا نوم السكر. وقريب من هذا ما يعرض بسبب التخمة وطول
22
لبث الطعام فى المعدة. وهؤلاء يزول سباتهم بالقىء وهذان السببان هما بعينهما سببا
23
اكثر ما يعرض من السبات اذا استحكما.
24
وقد يجتمع البرد والرطوبة معًا فى اسبات النوم؛ إلا ان السبب المقدم منهما
25
حينئذ يكون هو البرد، وتعينه الرطوبة كما يجمع فى السهر الحر واليبوسة. ويكون السبب
26
الحقيقى هو الحر، وتعينه اليبوسة. وللسبات اسباب أخر، من ذلك اشتداد نوائب الحمى،
27
واقبال الطبيعة بكنهها على العلة، وانضغاطها تحت المادة، فيتبعها الروح النفسانى كما
28
قيل، وخصوصًا ان كانت مادة الحمى بلغمية باردة، وانما تسخنت بالعفونة. وقد يكون
3-80
1
لرداءة الاخلاط والبخارات المتصعدة الى مقدم الدماغ من المعدة والرئة فى عللهما
2
وسائر الاعضاء. وقد يكون من كثرة الديدان وحب القرع. وقد يكون من انضغاط
3
الدماغ نفسه تحت عظم القحف، او صفيحة منه، او قشره اذا اصاب الدماغ [ضربة].
4
واشد البطون اسباتًا عند القطع هو اشدها اسباتًا عند الضغط.
5
وقد يكون لوجع شديد من ضربة تصيب عضلات الصدغ، او عن مشاركة الاذى
6
فى فم المعدة، او فى الرحم، فينقبض عنه الدماغ، وينسد مسالك الروح الحساس
7
انسدادًا تعسر معه حركة الروح الى بارز. وقد يكون لشدة ضعف الروح وتحلله فيعسر
8
انبساطه. ولان اول الحواس التى تتعطل فى النوم والسبات هو البصر والسمع فيجب
9
ان تكون الآفة فى السبات فى مقدم الدماغ وبمشاركة فساد التخيل؛ فانه لوكان قد سلم
10
مقدم الدماغ، وانما عرض الفساد لمؤخره، لم يجب ان يصيب البصر والسمع تعطل،
11
ولم يكن نوم، بل كان بطلان حركة، او لمس وحده. ولكانت الحواس الأخرى بحالها
12
كما يقع فى امراض الجمود والشخوص، ولم يكن ضرر السبات بالحس فوق ضرره
13
بالحركة؛ فانه يتعطل الحس اصلًا. ولا تبطل الحركة اصلًا؛ فانها تبقى فى التنفس سليمة.
14
ويجب ان تكون السدة الواقعة فى السبات ليست بتامة، ولا بكثيفة جدًا. وإلا اضرت
15
بالتنفس.
16
وكل سبات يتعلق بمزاج فهو للبرد اولًا وللرطوبة ثانيًا. وقد ينتقل الى السبات
17
من مثل ذات الرئة وذات الجنب ونحو ذلك. ومن الناس من تكون اخلاطه مادام
18
جالسًا منتشرة غير موذية فيغشاه النعاس. واذا طرح نفسه غارت الحرارة الغريزية فتثورت
19
وهاجت ابخرة الدماغ فلم يغشه النوم، ولاسيما فى يابس المزاج. واذا كثر غشيان النوم
20
انذر بمرض. ومثل ماء الرمان مما يبطى فى المعدة، ويحبس البخارات، ويخلص
21
من السهر، وقد ذكرنا كيف ينبغى ان تكون هيئة المضطجع على الغذاء، ونقول الآن
22
ان استعمال الاستلقاء [للغذاء] كثيرًا يوهن الظهر ويرخيه. وعلاجه استعمال الانتصاب
23
الكثير. والنوم ''فى الشمس مخوف منه على الرأس، وفى القمر'' مورث لتنخع الدم لما يحرك
24
القمر من الاخلاط. والخرخرة سببها انطباق فم القصبة، فلا يخرج النفس الابصوت رطوبة.
3-81
1
|184vb35|علامات <فى> اصناف السبات
2
أما ان كان السبات من برد ساذج من خارج فعلامته ان يكون بعقب برد شديد
3
يصيب الرأس من خارج، او لبرد من داخل البدن والدماغ، ولا يجد فى الوجه تهبجًا
4
ولا فى الاجفان، و يكون اللون الى الخضرة، والنبض متمددًا الى الصلابة مع تفاوت
5
شديد. وان كان السبات من برد شىء مشروب من الادوية المخدرة، وهو الافيون والبنج،
6
واصل اليبروج، وبزر اللفاح، وجوز ماثل، والفطر، واللبن المتجبن فى المعدة، و
7
الكزبرة الرطبة، وبزر قطونا الكثير، فيستدل عليه بالعلامات التى نذكرها لكل واحد منها
8
فى باب السموم؛ وبأن يكون السبات مع اعراض أخرى من اختناق، وخضرة اطراف
9
وبردها، وورم لسان، وتغير رائحة، ويكون النبض ساقطًا نمليًا ضعيفًا ليس بمتفاوت،
10
بل متواتر تواتر الدودى والنملى. وان كان متفاوتًا لم يكن له نظام ولا ثبات، بل يعود
11
من تفاوت الى تواتر، ومن تواتر الى تفاوت، فيعلم انه قد سقى شيئًا من هذه، او شربها
12
فيعالج كلًا بما ذكرناه فى باب السموم. ومن الناس من قال ان سبات البرد الساذج
13
اخف من سبات المادة الرطبة. وليس ذلك بالقول السديد الصحة، بل ربما كان قويًا
14
جدًا.
15
وجميع اصناف السبات الكائن عن برد الدماغ فى جوهره، او لدواء مشروب
16
فانه يتبعه فساد فى الفكر والذكر. وأما ان كانت السبات من رطوبة ساذجة فعلامته أن
17
لا يرى علامات الدم ولا ثقل البلغم. فاما الكائن من البلغم فيعلم ذلك من تقدم امتلاء
18
وتخمة، وكثرة شرب، ولين نبض وموجية مع عرض، ويعلم باستغراق السبات
19
وثقله، وبياض اللون فى الوجه والعين واللسان، وثقل الرأس، ومن التهبج فى
20
الاجفان، وبرد الملمس، والتدبير المتقدم والسن والبلد وغير ذلك.
21
واما الكائن عن الدم فتعلم من انتفاخ الاوداج، وحمرة ''العينين والوجنتين"،
22
وحمرة اللسان، وحس الحرارة فى الرأس، وما اشبه ذلك مما علمته. وان كان الدم
23
والبلغم مع ذلك مجتمعًا اجتماع الاورام رأيت علامات فرانيطس، او ليثارغس، او السبات
24
السهرى. وان كان السبب فيه بخارات ترتفع من البدن فى حميات، وخاصة عند وجع
25
الرئة والورم فيها المسمى ذات الرئة، والبخارات من المعدة علمت كلًا بعلامته؛
26
فانه ان كان من المعدة تقدمه سدر ودوار، ودوى وطنين، وخيالات، وكان يخف
27
عند الجوع ويزيد مع الامتلاء. وأما ان كان من ناحية الرئة والصدر تقدمه الوجع الثقيل،
28
و الوجع فى نواحى الصدر، وضيق النفس والسعال، واعراض ذات الجنب وذات
3-82
1
الرئة. وكذلك ان كان من الكبد تقدمه دلائل مرض فى الكبد. وان كان من الرحم
2
تقدمه علل الرحم وامتلاؤها، والذى يكون من ضربة على الهامة. او على الصدغ فيعرف
3
بدليله.
4
والفرق بين السكتة وبين السبات ان المسبوت يمكن ان يفهم وينبه، وتكون
5
حركاته اساس من احساسه، والمسكوت متعطل الحس والحركة. وجملة الفرق بين
6
المسبوت والمغشى عليه لضعف القلب ان نبض المسبوت اقوى واشبه بنبض الاصحاء،
7
ونبض المغشى عليه اضعف واصلب. والغشى يقع يسيرًا يسيرًا مع تغيير اللون الى الصفرة،
8
والى مشاكلة لون الموتى، وتبرد الاطراف. واما السبات فلا يتغير فيه لون الوجه إلا
9
الى ما هو احسن، ولا تخف رقعة الوجه والانف، ولا يتغير عن سحنة النوام إلا بادنى
10
تهبج وانتفاخ.
11
والفرق بين المسبوت وبين المختنقة الرحم ان المسبوت يمكن ان يفهم و
12
أن يتكلم بالتكلف، ومختنقة الرحم تفهم بعسر ولا تتكلم البتة. وتكون الحركة خاصة حركة
13
العنق والرأس والرجل اسهل على المسبوت، والحس وفتح الأجفان اسهل على المختنقة
14
رحمها، ويكون اختناق الرحم سببًا يقع دفعة، ويقضى سلطانه، وينقضى اويقتل.
15
والسبات قد يمتد ويكون الدخول فى الاستغراق فيه متدرجًا، ويبتدئ بنوم ثقيل، إلا
16
أن يكون سببه بردًا يصيب دفعة، او دواءً يشرب فيعلم ذلك.
17
|185rb14|علاج السبات والنوم الثقيل الكائن فى الحميات
18
أما السبات الذى هو عرض عن مرض فى بعض الاعضاء فطريق علاجه قصد ذلك
19
العضو بالتدبير لينتفى ويزول ما به، وتقوية الدماغ حتى لا يقبل المادة، وذلك بمثل
20
دهن الورد والخل الكثير لئلا ينوم الدهن اذا انفرد وحده، وبعصارات الفواكه المقوية.
21
وبعد ذلك النطولات المبردة، ثم ينتقل الى المحللة ان كان احتبس فى الدماغ شىء،
22
وقد عرفت جميع ذلك فى القانون. والذى يكون فى الحميات، وفى ابتداء الادوار
23
فيجب ان يبادر الى ربط الاطراف، وتحريك العطاس دائمًا، وتشميم الخل وبخاره،
24
وتغريق الرأس بدهن الورد والخل الكثير، اوماء الحصرم والرمان والقوابض. والذى
25
يكون لشرب المخدرات فيعالج بحسب ذلك المخدر، وسقى ترياقه، وما نقوله فى
26
الكتاب الرابع.
27
وأما السبات الكائن من برد يصل اليه من خارجه فعلاجه سقى الترياق و
28
المثروذيطوس ودواء المسك، وتنطيل الرأس بالمياه المطبوخ فيها سذاب وجندبيدستر
3-83
1
وعاقرقرحا، وتمرخ الرأس بدهن البان ودهن الناردين مع جندبيدستر، ودهن المسك
2
ودهن القسط مع جندبيدستر. وكذلك الضماد المتخذ من جندبيدستر والعنصل و
3
المسك، ومن الجندبيدستر جزءان، ومن العنصل جزء، وقليل مسك. ويشمم المسك
4
دائمًا، ويستعمل ما قيل فى تسخين مزاج الدماغ، وليكن بعنف دون رفق. واما الكائن
5
لغلبة الدم فيجب ان يبادر الى فصد القيفال وحجامة الساق او فصد الصافن، ويستعمل
6
الحقنة المعتدلة، وتلطيف الغذاء، ويستعمل ماء الحمص.
7
وأما الكائن لغلبة الرطوبة الساذجة التى ليست مع مادة فيجب ان يعالج بالضمادات
8
المتخذة من جندبيدستر وفقاح الإذخر وقسط وجوز السرو وابهل وفربيون وعاقرقرحا،
9
ويخفف الغذاء، ويجتنب الادهان والنطولات إلا بالاحتياط؛ فان الترطيب الذى فى
10
الادهان ربما غلب قوة الادوية إلا ان يكون قويًا جدًا. ويجب ان يستعمل تمريخ الرأس
11
وتحميره وتشميم المسك.
12
وان كانت الرطوبة مع مادة بلغم فيجب ان يستفرغ بالحقن القوية اولًا، ويحتال
13
له ليتقيأ. واكثر ما يكون [يكون] عن بلغم فى المعدة أيضًا فيجب ان تنقيه بما يقطع
14
البلغم بما نذكره فى موضعه، ويستعمل النطولات المنضجة القوية، والسعوطات و
15
العطوسات والغرغرات وسائر ما علمت فى القانون كما مضى لك. ومن معالجته
16
ان يسمع صاحبه ويرى ما يغمه؛ فان الغم فى امثال هذه الامراض التى يضعف فيها الفكر،
17
ويخمد، فهو مما يحرك النفس ويرده الى الصلاح. ومن الأدوية المسهرة طلا
18
المنخر بالقلقنت، ومسح الوجه بالخل، وشد الاعضاء السافلة، واستعمال المعطسات.
19
|185va22|فى اليقظة والسهر
20
أما اليقظة فحال الحيوان عند انصباب روحه النفسانى الى آلات الحس والحركة
21
ليستعملها. وأما السهر فافراط فى اليقظة وخروج عن الأمر الطبيعى. وسببه المزاجى وهو
22
الحر واليبس لاجل نارية الروح، فيتحرك دائمًا الى خارج. والحر اشد ايجابًا للسهر
23
واقدم ايجابًا. وقد يكون السهر من بورقية الرطوبة المكتنة فى الدماغ او للوجع اوللفكر
24
الغامة. ومن السهر ما يكون بسبب الضوء واستنارة الموضع اذا وقع مثله للمستعد للسهر.
25
ومن السهر ما يكون بسبب سوء الهضم وكثرة الإمتلاء. ومن السهر ما يكون بسبب ما ينفخ
26
ويشوش الاخلاط والاحلام، ويفزع فى النوم مثل الباقلى ونحوه. ومن السهر ما يكون
27
فى الحميات لتصعد بخارات يابسة لاذعة الى الدماغ، والوجع. والذى يعرض للمشائخ
3-84
1
من السهر فهو لبورقية اخلاطهم وملوحتها ويبس جوهر دماغهم. ومن السهر ما يكون
2
بسبب ورم سوداوى، او سرطان فى ناحية الدماغ. وقد قيل ان من اشتد به السهر ثم عرض
3
له سعال مات. وقد ذكرنا فى باب النوم ما يجب ان يذكر.
4
العلامات: أما [علامة] ما يكون من يبس ساذج بلا مادة ولا مقارنة حر فهى خفة الحواس
5
والرأس، وجفاف العين واللسان والمنخر، وان لا يحس فى الرأس بحر ولا برد.
6
وأما ما يكون من حرارة مع يبوسة فعلامته وجود علامة اليبس مع التهاب وحرقة. وربما
7
كان مع عطش واحتراق فى اصل العين. وما كان من بورقية الاخلاط فعلامته وجود
8
بلة فى المنخر، ورمص فى العين، واحساس ثقل يسير، وسرعة انتباه عن النوم ووثوب؛
9
ويستدل عليه بالتدبير الماضى والسن. وما كان من استضاءة الموضع او من الغذاء
10
فعلامته أيضًا سببه. وأما ما كان عن ورم سوداوى فعلاماته العلامات المذكورة مرارًا.
11
وأما ما كان من وجع <او سرطان>، او افكار غامة، او حميات حادة فعلامته سببه.
12
علاجه: أما ما كان سببه اليبس فينبغى ان يستعمل صاحبه الغذاء المرطب والاستحمامات
13
المعتدلة خاصة. فان لم ينومه الحمام فهو غير معتدل البدن ولا جيد المزاج، وان "هؤلآء
14
فى سلطان" اخلاط رديئة يثيرها الحمام. ويجب ان يهجر الفكر والجماع والتعب،
15
ويستعمل السكون والراحة، وادامة تغريق الرأس فى الادهان المرطبة المذكورة، وحلب
16
اللبن على الرأس. والنطولات المرطبة المذكورة، واستنشاق الادهان واستسعاطها،
17
وتقطيرها فى الاذن، وخاصة النيلوفر لا سيما سعوطًا، ودلك اسفل القدم. وأما ما كان
18
من حر مع ذلك فتدبيره الزيادة فى تبريد هذه الأدوية، واستعمال مثل جرادة القرع،
19
وبقلة الحمقاء، ولعاب بزرقطونا، وعصا الراعى، وحى العالم وما اشبه ذلك. ومن
20
المنومات الغناء اللذيذ الرقيق الذى لا إزعاج فيه، وايقاعه ثقيل او هزج متساو. ولاجل
21
ذلك ما صار خرير الماء وحفيف الشجر منومًا.
22
وأما ما كان من وجع فتدبيره تسكين الوجع، وعلاجه بما يخص كل وجع
23
فى بابه. وأما ما كان فى الحميات فكثيرًا ما يسقى صاحبه الدياقوذ الساذج فينوم. ويجب
24
ان يستعمل صاحبه غسل الوجه والنطولات، وتغريق الصدغ والجبهة بدهن الخشخاش
25
والخس، وان يجعل فى احسائه بزر الخشخاش الأبيض. وربما بخر بالمخدرات التى
26
نسخها فى انقراباذين، واقراص الزعفران المذكورة فى باب الصداع الحار، اذا ديفت
27
فى عصارة الخشخاش، اوماء ورد طبخ فيه الخشخاش، اوماء خس، وطلى على الجبهة
28
كان نافعًا. ومما جرب فى ذلك ان توخذ السليخة والأفيون وزعفران بدهن ورد ويمسح
3-85
1
به الأنف. وكذلك الطلاء المتخذ من قشور الخشخاش واصل اليبروج على الصدغين،
2
والإشتمام منه أيضًا. ومن اخذ من هؤلاء قدر حبة كرسنة من افيون نام نومًا معتدلًا. وان
3
كان الخلط المتصاعد اليه غليظًا ضمدت الجبهة باكليل الملك مع بابونج وميبختج.
4
ومما ينوم اصحاب الحميات وغيرهم ان تربط اطراف الساهر منهم رطبًا موجعًا، ويوضع
5
بين يديه سراج، ويؤمر الحضور بالإفاضة فى الحديث والكلام، ثم يحل الرباط [بغتة]،
6
ويرفع السراج، ويومر القوم بالسكوت بغتة فينام.
7
وأما الكائن من رطوبة بورقية مالحة فيجب ان يجتنب تناول كل حريف ومالح،
8
ويغتذى بالسمك الرضراضى واللحوم اللطيفة شورباجة قليلة الملح، ويستفرغ بحب
9
الشبيار، ويديم تغريق الرأس فى الادهان العذبة المفترة. فاذا عرض هذا النوع من السهر
10
فى سن الشيخوخة كان علاجه صعبًا؛ ولكن ينبغى ان يستعمل صاحبه التنطيل بماء
11
طبخ فيه السعتر والبابونج والاقحوان لا غير كل ليلة؛ فانه ينوم تنويمًا حسنًا. وكذلك ينشق
12
من دهن الاقحوان، او دهن الإيرسا، اودهن الزعفران. وربما اضطررنا ان نسقى صاحب
13
السهر المفرط الذى يخاف انحلال قوته قيراطًا ونحوه من الأفيون لينومه. ومن ليس سهره
14
بذلك المفرط فربما كفاه ان يتعب ويرتاض ويستحم، ثم يشرب قبل الطعام بعض ما
15
يسدر وياكل الطعام؛ فانه ينام فى الوقت.
16
|186ra24|فى آفات الدهن
17
ان اصناف الضرر الواقع فى الافعال الدماغية هى لسببين [وهما الحرارة والبرودة]
18
وتتعرف من وجوه ثلثة؛ فانه اذا كان الحس من الانسان سليمًا، وكان يتخيل اشباح
19
الاشياء فى اليقظة والنوم سليمًا، ثم كان الاشياء والاحوال التى رآها فى يقظته اونومه مما
20
يمكن ان يعبر عنها قد زالت عنه، واذا سمعها وشاهدها لم يبق عنده، فذلك آفة فى
21
الذكر وفى مؤخر الدماغ. وان لم يكن فى هذا آفة، ولكن كان يقول ما لا ينبغى ان
22
يقال، ويحذر ما لا ينبغى ان يحذر، ويستحسن ما لا ينبغى ان يستحسن، ويرجوما لا يجب
23
ان يرجى، او يطلب ما لا ينبغى ان يطلب، ويصنع ما لا يجب ان يصنع، وكان لا يستطيع
24
ان يروى فيما يروى فيه من الاشياء، فالآفة فى الفكر وفى الجزء الاوسط من الدماغ.
25
فان كان ذكره وكلامه كما كان، ولم يكن يحدث فيما يقوله ويفعله شىء
26
خلاف السديد، وكان يتخيل له اشياء محسوسة، فيلتقط الزئبر، ويرى اشخاصًا كاذبة،
27
او كان ضعيف التخيل لاشباح الاشياء فى النوم واليقظة، فالآفة فى الخيال وفى البطن
3-86
1
المقدم من الدماغ. وان اجتمع اثنان فى ذلك او ثلثة فالآفة فى البطنين او الثلاثة.
2
ولأن يمرض الفكر ويقع فيه تقصير بمشاركة آفة فى الذكر اولًا أسهل من ان يمرض الفكر
3
فيتبعه مرض الذكر. وما كان من هذا يميل الى النقصان فهو من البرد. وما كان يميل الى
4
التشوش والاضطراب فهو من الحر.
5
وزعم بعضهم: انه قد يميل الى النقصان لنقصان جوهر الدماغ، وليس هذا ببعيد.
6
وجميع ذلك فاما ان يكون سببه بديًا فى الدماغ نفسه، وإما عن عضو آخر، وقد يكون من
7
خارج كضربة اوسقطة. فأما المعالجات فيجب ان تعول فيها على الاصول التى ذكرت
8
فى القانون، وتلتقط من الواح [أمراض] اعضاء الراس، فى الكتاب الثانى، أدوية
9
نافعة من جميع ذلك؛ لتستعملها عليه ويتامل منها ومن الاغذية ما يضرها فيجتنبها فيه.
10
|186rb10|فى اختلاط العقل والهذيان
11
أما اختلاط الذهن والهذيان من بين ذلك فالكائن بسبب الدماغ نفسه فهو إما
12
مرة سوداء، وإما دم حار ملتهب، وإما مرة صفراء، وإما مرة حمراء، وإما حر ساذج،
13
وإما بخار حار وذلك مما تخف المؤنة فى مثله، وإما يبس لتقدم سهر او فكر، او غير
14
ذلك مما يجفف فيعدم الدماغ مادة روح غريزية بمثلها يمكن ان تحفظ طريقة العقل.
15
والكائن بسبب عضو آخراو البدن <كله>، فذلك العضو هو كالمعدة اوفمها، او المراق،
16
اوالرحم، او البدن كله كما فى الحميات. واكثر ذلك إما لكيفية ساذجة تتادى اليه،
17
كما يرتفع عن الاصبع من الرجل ومن اليد اذا ورمت، ومن الاعضاء الفاسدة المزاج المتورمة،
18
وإما لبخار حاد من مرة وبلغم قد عفن واحتد. واسلم اختلاط العقل ما كان عن ضحك
19
وما كان مع سكون، وأردؤه ما كان مع اضطراب ومع ضجر واقدام.
20
العلامات: اعلم ان كل من به وجع شديد، ولا يشكوه، ولا يحس به فيه اختلاط والبول
21
الدهنى قد يدل فى الحميات على اختلاط العقل. أما الكائن من السوداء فيكون مع غموم
22
وظن سئ، ومع علامات المالنخوليا التى نذكرها فى بابها. وان كانت السوداء صفراوية
23
كان مع سبعية وإقدام. وان كانت السوداء دموية كان هناك طرب وضحك مع درور
24
العرق. وأما الكائن عن الصفراء فيكون مع التهاب وحرارة وضجر، وسوء خلق، و
25
واضطراب شديد، وتخيل نار وشرار، وحرقة آماق، وصفرة لون، وامتداد جلد الجبهة،
26
والتهاب رأس، وغوور عين، ووثب الى المقاتلة. والذى من الحمراء فتكون هذه الأعراض
3-87
1
فيه اشد وأصعب. ومن هذا القبيل اختلاط العقل الذى فى الحميات، واكثر ما يكون
2
فى الوبائيات.
3
وأما الكائن من حر ويبس ساذج فلا يكون معه ثقل ولا علامات المواد، المذكورة
4
فى القوانين وفى الابواب المتقدمة. والكائن من بلغم قد عفن واحتد، فيعرض
5
لأصحابه ان يكون بهم مع الاختلاط رزانة، وان يشيلوا حواجبهم بايديهم كل وقت،
6
وان يثقل رؤسهم، ويسبتون لجوهر البرد، كما تختلط عقولهم لعارض الحرارة، وهؤلاء
7
لا يفارقون ما يمسكونه. وربما عرض لهم ان يتوهموا انفسهم دوابًا وطيورًا. وبالجملة
8
فان اختلاط العقل اذا عرض عن حرارة يابسة فانه يدل عليه السهر، او عن حرارة رطبة
9
من دم، او بلغم عفن فانه يدل عليه السبات. وأما الذى سببه بخار متصاعد من عضو
10
فيعرف من حال ذلك العضو الآلم ان كان عضوًا، والبدن كله ان كان شاملًا كما فى الحميات
11
المشتملة، ويعرف هل هو ساذج او مع مادة او بخار فعلامات جميع ذلك مذكورة فى باب
12
الصداع.
13
العلاجات: أما علاج المالنخوليا فسنذكره فى باب المانخوليا. واما علاج الاختلاط الكائن
14
من الدم فينبغى ان تبادر به الى الفصد، والى جميع ما يعدل الدم ويبرده ويصلح قوامه.
15
وأما الكائن من الصفراء والحمراء فعلاجه ان تبادر فتستفرغ، ويبدل المزاج إما من
16
البدن كله وإما من الرأس خاصة. ويستعمل التبريدات والترطيبات المذكورة فى القانون.
17
ويستعمل اضمدته بعد حلق الرأس. وان اشتد وقوى دبر تدبير مانيا. ومما يصلح
18
لاختلاط الذهن الحار قيروطى متخذ من دهن ورد وخل على اليافوخ، او دهن بنفسج
19
ولبن ان لم يكن حمى، او دهن ورد وخشخاش مع محاذرة انعطاف البخارات. واذا
20
كان سهر فجميع الاطلية غير نافعة. وربما اورثه حقن حادة ولا يسعطن ويزيد فى
21
الجذب بل ليتبع حقنًا لينة.
22
وأما الكائن بسبب شركة عضو فيستعمل فيه تقوية الرأس وتبريده، والجذب
23
الى الخلاف. وقد علم كل هذا فى القوانين الماضية الكلية والجزئية. واذا لم يكن
24
مع الاختلاط ضعف وعلامات اورام فيجب ان يلطم صاحبه لطمًا شديدًا. وربما وجب
25
ضربه ليثوب اليه عقله. وربما احتيج الى ان يكوى رأسه كيًا صليبيًا ان لم ينفع شىء.
26
ومن الاشياء النافعة له ان يصب على الرأس منه طبيخ الاكارع والرؤس. وكثيرًا ما يعافيهم
27
الفاشرا اذا شربوا منه ايامًا كما هو، او فى شىء آخر من الثمار والحلاوى مما يخفيه و
28
يستر فيه.
3-88
1
|186va45|فى الرعونة والحمق
2
الفرق بين اختلاط الذهن وبين الرعونة والحمق ــ وان كانا آفتى العقل، وكان
3
السبب المحدث لهما جميعًا قد يكون واقعًا فى البطن الاوسط من الدماغ ــ إن اختلاط
4
الذهن آفة فى الافعال الفكرية بحسب التغير؛ والرعونة والحمق آفة بحسب النقصان
5
او البطلان. وحاله شبيهة بالخرفية اوالصبوية. وقد عرفت ان اصناف آفات الافعال
6
ثلثة. وأما اسباب هذا المرض فاما برودة ساذجة، او مع يبس مشتمل على البطن الاوسط
7
من الدماغ فى طول الايام والمدد؛ وإما برودة مع بلغمية فى تجاويف اوعيته. وانما
8
كان سبب هذا الضرر من البرودة، ولم يكن من الحرارة، لان هذا ضرر بطلان ونقصان؛
9
لان الحرارة فعالة للفكرة التى هى حركة ما من حركات الروح، يتحرك بها من مقدم الدماغ
10
الى مؤخره وبالعكس. والحرارة تثير الحركة وتعينها، والجمود يمنعها. ولذلك جعل
11
مزاج هذا الجزء من الدماغ مائلًا الى الحرارة، وجعل فى الوسط ليكون له الرجوع من
12
التخيل الى التذكر، وقد عرفت التخيل والتذكر فى موضعه.
13
وهذه العلة تعالج بتسخين الدماغ وترطيبه ان كان مع يبوسة، او بتحليل ما فيه.
14
و الاستفراغات بالأدوية الكبار، والقئ بالسكنجبين العنصلى وبزر الفجل ان كان
15
عن مادة، ومع ذلك فيجب ان يقبل على تنبيه القلب بالأدوية الخاصية به؛ مثل دواء
16
المسك والمثروذيطوس والمفرح وما اشبه ذلك. ولا يجب ان نطول القول فى
17
هذا الباب، فقد عرفت وجه مثل هذا التدبير فى القوانين فيما سلف. ويجب ان يكون مسكنه
18
بيتًا مضيئًا، وبالجملة فان اليقظة والسهر، وتلطيف الغذاء وتقليله، والميل الى مزاج
19
أيبس، والى تلطيف الدم وتعديله، وتقليله وتسخينه بحيث لا يكون شديد الغليان
20
والتبخير؛ بل حارًا لطيفًا غير غال هو مما يذكى الذهن ويصفيه. ولا أغذا للذهن من
21
الامتلاء عن اغذية ورطوبات. واليبس يضر بالذهن لا من حيث النقصان ولكن من
22
حيث الافراط فى سرعة الحركة، او من حيث قلة الروح جدًا، وانحلاله مع ادنى حركة.
23
|186vb35|فى فساد الذكر
24
هو نظير الرعونة الا انه فى مؤخر الدماغ؛ لانه نقصان فى فعل من افاعيل مؤخر
25
الدماغ، او بطلان فى جميعه. وسببه الاول عند جالينوس هو البرد إما ساذجًا، وإما
26
مع يبوسة فلا ينطبع فيه المثل، وإما مع رطوبة فلا يحفظ ما ينطبع فيه. وان كان مع
27
يبوسة دل عليه السهر، وانه يحفظ الامور الماضية، ولا يقدر على حفظ الامور الحالية و
28
الوقتية. وان كان مع رطوبة دل عليه السبات، وانه لا يحفظ الماضية البتة؛ ولعله
3-89
1
يحفظ الوقتية الحالية مدة اكثرمن الماضية. فان كان هناك برد ساذج كان خدر وسدر.
2
وربما كان من يبس مع حر، ويكون معه اختلاط الذهن، وذلك إما فى ذلك الجزء
3
من الدماغ نفسه، أو فى بطن منه، أو فى وعائه. وقد يكون لاخلاط او سوء مزاج
4
فى الصدغين يتادى الى الدماغ. قد ذكر هذا بعض المتقدمين، وهو مما جرب و
5
شوهد. واكثر ما يعرض النسيان وفساد الذكر انما يعرض عن برد ورطوبة. وقد يكون عن
6
اووام الدماغ خصوصًا الباردة. واعلم ان النسيان اذا عرض ع صحة انذر بامراض
7
الدماغ القوية؛ مثل الصرع والسكتة وليثرغس.
8
|187ra6|وعلامات اسبابه واصنافه
9
ينبغى ان تتعرف من القوانين المذكورة ولا نكررها فى كل وقت.
10
علاجه: أما المقارن للحر واليبس فهو اسهل علاجًا، ومعالجته هو بما قيل مرارًا. وأما
11
الكائن عن يبس مجرد فيجب فيه ان يغذى العليل بالأغذية المرطبة المعتدلة، وأن يستعمل
12
رياضة ناحية الرأس بالدلك والغمز، والخرق الخشنة، وتحريك اليدين والرجلين.
13
وبالجملة الرياضة التى ليست بقوية بل بمقدار ما يجيع ويقتضى الزيادة فى الغذاء والدعة
14
والنوم والحمام. ويسخن بالضمادات المسخنة المعروفة التى لا نكرر ذكرها، وبالمحاجم
15
على الرأس بلا شرط، والأدوية المحمرة. وربما احتيج ان يكوى كيتين خلف القفا، و
16
يستعمل مياه طبخ فيها بابونج واكليل الملك وكرعان الماعز. ومن الادهان دهن السوسن و
17
النرجس والخيرى.
18
وأما ان كان من مادة ذات برد ورطوبة فاستفرغه بعد الانضاج بما تدرى، وليسكن
19
بيتًا كثير الضوء، وليبدأ اولًا من الاستفراغات بالتى هى اخف مثل ايارج وشحم الحنظل
20
وجندبيدستر، ثم يدرج الى الايارجات الكبار، ثم استعمل ان امنت سوء المزاج الحار
21
معجون البلاذر؛ فانه اقوى شىء فى تقوية الذهن وافادة الحفظ. فاستعمل أيضًا سائر
22
المسخنات من المحمرات، والغراغر، والشمومات التى تدرى، ولا تستعجل فى تجفيفه؛
23
بل تدرج واحذر ان يبلغ تجفيفك افناء الرطوبات الاصلية، فيتبعها برد المزاج، وذلك
24
مما يزيد فى النسيان. و يجب ان يجتنبوا السكر ومهاب الرياح والامتلاء. ويجتنبوا
25
الاغتسال بالماء اصلًا، أما الحار فلما فيه من الارخاء، وأما البارد قبما يخدر ويضر بالروح
26
الحاس. فان عرض لهم امتلاء لطفوا التدبير بعده. ويجب ان يجتنيوا الأغذية
27
المسكنة المثقلة والمخدرة والمبخرة. وأما الشراب فان الامتلاء منه ضار جدًا. و
28
أما القليل فانه ينشط النفس، ويقوى الروح ويذكيها، ويغنى عن الإستكثار من
3-90
1
الماء؛ والإستكثار منه اضر شىء لهم، والقيلولة الكثيرة. وبالجملة النوم الكثير ضار و
2
خصوصًا على امتلاء كثير.
3
والإفراط من السهر أيضًا يضعف الروح ويحله، ومع ذلك فيملأ الدماغ
4
ابخرة. وقد جرب لهم الوج المربى والدار فلفل المربى، ووجدا يزيدان فى الحفظ
5
زيادة بينة. وقد جرب هذا الدواء: كندر، سعد، فلفل ابيض، زعفران [مر] اجزاء سواء
6
يعجن [بعسل] ويتناول كل يوم وزن درهم واحد. وجرب أيضًا هذا: فلفل جزءان، كمون
7
مثله، سكر طبرزد ثلثة اجزاء <سواء يعجن ويتناول>. وجرب أيضًا ان يسقى كل يوم على
8
الريق مثقال: فيه من الكندر نصف وربع، ومن الفلفل ربع. وأيضًا كمون خمسة فلفل
9
واحد، وج اثنان، [سعد اثنان]، هليلج اسود اثنان، عسل البلاذر واحد عسل ضعف
10
الجميع. ويجب ان يرجع الى الأدوية المفردة المكتوبة فى الكتاب الثانى وموضعها فى
11
الواح علل الرأسن. ويجب ان يكون مسكن [مثله] بيتًا فيه الضوء.، وأما الكائن من اورام
12
الدماغ فيعالج بما قيل فى فرانيطس وليثرغس والسبات السهرى.
13
|187rb17|فى فساد التخيل
14
هو بعينه من الاسباب والعلامات الموصوفة فى الابواب الأخرى إلا انه فى مقدم
15
الدماغ. وفساده إما بان يتخيل ما ليس ويرى امورًا لا وجود لها. وذلك لغلبة مرار على مقدم
16
الدماغ، او لغلبة سوء مزاج حار بلا مادة. وإما ان ينقص التخيل ويضعف عن تخيل
17
الامور التخيلية. ولا يرى الرؤيا والاحلام الا قليلًا، وينساه وينسى صور المحسوسات
18
كيف كانت ولا يتخيلها. ويكون سببه بعينه سبب نقصان الذكر؛ إلا ان فساد الذكر انما
19
يكون اكثره عن البرد والرطوبة، واقله عن اليبوسة. والأمر ههنا بالعكس؛ لان هذه
20
الآلة خلقت لينة ليسرع انطباعها بما تتخيله، وتلك صلبة ليعسر تخليتها عما انطبع فيها
21
فالامور تقع فيها بالضد. وفساد الذكر يقع فى معانى المحسوسات ونسب تركيبها.
22
وفساد التخيل يقع فى مثل المحسوسات واشباحها، وهذا يعلم من صناعة
23
اخرى. وادل ما يدل على ان العلة من رطوبة اويبوسة حال النوم والسهر، وحال جفاف
24
العين والانف ورطوبته، وحال لون اللسان ورطوبته او جفافه. واذا كانت العلة فساد
25
التخيل لا نقصانه فانت يمكنك أن تتعرف أيضًا انه عن سوداء او صفراء، او مزاج حار
26
مفرد بما قيل وعرف. وأما المعالجات فبحسب المعالجات فى العلل الماضية إلا ان
27
العلاج يجب ان يكون فى ناحية مبادى الحس. وان احتيج الى دلوك او وضع حجامة
28
فالى مقدم الدماغ.
3-91
1
|187rb52|فى المانيا وداء الكلب
2
تفسير المانيا هو الجنون السبعى. وأما داء الكلب فهو نوع منه يكون مع غضب
3
مختلط بلعب وعبث فاسد، [وايذاء] مختلط باستعطاف كما هو فى طبع الكلاب.
4
واعلم ان المادة الفاعلة للجنون السبعى هو من جوهر المادة الفاعلة للمالنخوليا؛ لان كليهما
5
سوداويان إلا ان الفاعل للجنون السبعى سوداء محترقة عن صفراء اوعن سوداء وهو أردأ.
6
والفاعل للمالنخوليا سوداء طبيعية كثيرة او احتراقية، ولكن عن بلغم او عن دم عذب،
7
وقليلًا ما يكون عن بلغم محترق وجنون وان كان يكون عنه المالنخوليا. واكثر ما يكون
8
المالنخوليا انما يكون بحصول المادة السوداوية فى الاوعية. واكثر ما يكون المانيا انما
9
يكون بحصولها فى مقدم الدماغ وجوهره؛ لان وصوله الى الدماغ كوصول مادة فرانيطس.
10
ويكون المالنخوليا مع سوء ظن وفكر فاسد، وخوف وسكون فلا يكون فيه اضطراب
11
شديد. وأما المانيا فكله اضطراب وتوثب وعبث وسبعية، ونظر لا يشبه نظر الناس،
12
بل اشبه شىء به نظر السباع. ويفارق صنفًا من فرانيطس يشبهه فى جنون صاحبه بان هذه
13
العلة لا يكون معها حمى فى اكثر الأمر وفرانيطس لا يخلو عنها.
14
وداء الكلب هو نوع من مانيا فيه معاسرة شديدة، ومصارعة مع مساعدة و
15
موافقة معًا، وليس فيه من الاعتقاد للشر كل ما فى المانيا فكانه الى الدموية اقرب. و
16
اكثر ما تعرض هذه العلة فى الخريف لرداءة الأخلاط. وقد يكثر فى الربيع والصيف،
17
ويكون له عند هبوب الشمال هيجان لتجفيف الشمال. وهذه العلة كثيرًا ما يحلها
18
البواسير والدوالى. واذا عرض عقيبها الإستسقاء حلها برطوبته، خصوصًا اذا كان
19
سببها حر الكبد ويبوسته. وكثيرًا ما يحدث هذه العلة بمشاركة المعدة فيشفيه القذف.
20
العلامات: للمانيا جملة علامات، ولأصنافه علامات؛ فعلامات جملته ان تتغير الافعال
21
السياسية والحركية التغير المذكور. والعلامات المنذرة به فمثل الكابوس مع حرارة الدماغ،
22
ومثل ان يمتلى القدمان دمًا ويحمران، او ينعقد الدم فى ثدى المرأة، فيدل على حركات
23
فاسدة للدم، والاول قد يدل على ذلك، وعلى انه سيصير سببًا لفساد الدم فى عضو
24
لا حار غريزى قوى فيه، فيدبر الدم تدبيرًا جيدًا، بل يفسد فيه الدم نوعًا من الفساد يوذى
25
الدماغ. فاذا عرضت العلامة الاولى فى آخر المانيا فربما دل على انحلاله دلالة الدوالى.
26
وكثيرًا ما يعرض المانيا فى الأمراض الحادة دليلًا للبحران. فان شهدت الدلائل الأخر
27
شهادة جيدة دل على ''بحران جيد سيكون". وربما كان اشتداد المانيا دليلًا على بحران
28
المانيا نفسه.
3-92
1
وعلامة الكائن من سوداء محترقة ''عن سوداء" ان جنونه وسبعيته [يكون] مع فكر
2
وسكون يمتد مدة، ثم اذا تحرك وتكلم ابتداء يتعاقل متفكرًا، ثم اذا كرر عليه لم يمكن
3
الخلاص منه ولا اسكانه. وتكون نحافة البدن فيه أشد، واللون الى السواد أميل، و
4
الاحتلام أردأ. وربما تقيأ شيئًا حامضًا تغلى منه الارض. وأما الذى عن السوداء الصفراوى
5
فيكون الإنتقالات الى الشر اسرع، [والسكون عنه اسرع]، ولا يذكر من الشر و
6
الحقد ما يذكره الاول، ويقل سكونه، ويكثر حركته وضجره واضطرابه.
7
علاجه: ان رأيت امتلاءً من الأخلاط فافصد. وان رأيت غلبة مرار فى البدن بالبول
8
وسائر العلامات فاستفرغ بطبيخ الافثيمون، او بطبيخ الهليلج ان كان ''صفراء سوداوية".
9
وان كان سوداء صرفة فربما احتجت ان تستفرغ بالافثيمون الساذج وزن ثمانية دراهم مع
10
سكنجبين، وبحب اللازورد، ثم اقبل على الرأس واستفرغ ان كان به امتلاء دموى، او
11
سوداء دموى من العرق الذى تحت اللسان. وأدم استفراغه بهذا الحب: ايارج وافثيمون
12
واسطوخوذس جزء جزء، سقمونيا نصف جزء، هليلج نصف جزء يتخذ منه حب كبار، و
13
يشرب بعد الاستفراغ الكلى فى ليالى متفرقة كل ليلة درهمين. ومما ينفع فيه حب بهذه
14
الصفة: افثيمون، بسبايج من كل واحد خمسة دراهم، الحجر الارمنى درهم، هليلج كابلى
15
درهم، اسطوخوذس عشرة دراهم، ملح هندى، شحم الحنظل اربعة اربعة، بليلج، آملج،
16
حاشا، خربق اسود، ثلثة ثلثة، تربد عشرون درهمًا، يعجن بسكنجبين عسلى ويستعمل.
17
ويتغرغر بسكنجبين السقمونيائى. ولا يفرط فى استعمال حب الشبيار، بل استعمله مدة
18
ما دمت تجد به خفة.
19
فاذا احسست بسوء مزاج حار فاقطع، وبعد الإستفراغ فاقبل على التبريد والترطيب
20
بالنطولات وغيرها. وربما احتيج الى ان ينطلوا فى اليوم خمس مرات، وتطلى رؤسهم
21
بطبيخ الاكارع والرؤس، "ويحلب عليها اللبن"، وليوضع عليها الزبد. وليكن قصدك
22
الترطيب اكثر من قصدك التبريد؛ إلا انك لا تجد أدوية شديدة الترطيب إلا باردة فاجعل
23
معها بابونج. وربما احتجت فى تنويمه الى سقيه دياقوذا فاسقه مع مآء الرمان الحلو ليرطب،
24
او مع شراب الإجاص ليلين، او مع ماء الشعير. وينطله أيضًا بماء طبخ فيه الخشخاش
25
للتنويم؛ ولكن الأصوب ان يجعل فيه قليل بابونج. ويحلب اللبن على رأسه، والادهان
26
نافعة فى ذلك جيدة. واذا استعملت النطولات والسعوطات المرطبة، والادهان فاحتل
3-93
1
ان ينام بعدها على حال بما ينوم من النطولات، والادهان المسبتة، خاصة دهن الخس.
2
واسقه من الأشربة ما يرطب كماء الشعير، ولا تسقه ما يجرى مجرى السكنجبين، وما فيه
3
تلطيف وتجفيف وتقطيع.
4
وكلما رأيت الطبيعة صلبت فاحقن لئلا ترتفع الى الرأس بخارات موذية من الثقل.
5
ويجب ان يسقوا فى مياههم اصول الرازيانج البرى وبزره، واصول الكرمة البيضاء ــ و
6
هو الفاشرا ــ فانها نافعة. والشربة منه كل يوم مثقال. فان لم يشربوا دس ذلك فى طعامهم. و
7
ليجلس بين يدى العليل من يستحيى منه ويهابه، ويشد فخذاه وساقاه دائمًا ليجذب
8
البخار الى أسفل. وان خيف ان يجنوا على انفسهم ربطوا ربطًا شديدًا، وادخلوا فى
9
قفص، اوعلقوا فى معاليق مرتفعة كالارجوحة. ويجب ان تكون اغذيتهم رطبة على كل
10
حال؛ إلا انها مع رطوبتها يجب ان لا تكون مما يحدث السدد مثل النشاء وما اشبهه؛
11
فان ذلك ضار لهم جدًا. فلا يعطون ما يدر البول كثيرًا، فان ذلك يضرهم. وسائر
12
علاجاتهم فيما يجب ان يتوقوه ويحذروه هو علاج المالنخوليا، ونذكره فى بابه.
13
فاذا انحطوا فلا باس فى ان يسقوا شرابًا كثير المزاج؛ فان ذلك يرطبهم وينومهم. [وعليك
14
ان تجتنب من الاشياء الحارة المسخنة].
15
|188ra21|فى المالنخوليا
16
يقال مالنخوليا لتغير الظنون والفكر عن المجرى الطبيعى الى الفساد والى الخوف
17
والرداءة، لمزاج سوداوى يوحش روح الدماغ من داخل، ويفزعه بظلمته، كما يوحش
18
ويفزع الظلمة الخارجة. على ان مزاج البرد واليبس مناف للروح مضعف؛ كما ان
19
مزاج الحر والرطوبة ملايم مزاج الشراب ملايم للروح ومقو. واذا تركب مالنخوليا
20
مع ضجر وتوثب، وشرارة انتقل فسمى مانيا <وانما يقال مانيا لما كان عن سوداء
21
محترقة>. وانما يقال ما لنخوليا لما كان حدوثه عن سوداء غير محترقة.
22
وسبب مالنخوليا إما ان يكون فى الدماغ نفسه، وإما من خارج الدماغ. والذى
23
فى الدماغ نفسه فانه إما ان يكون من سوء مزاج بارد يابس بلا مادة، تنقل جوهر الدماغ
24
ومزاج الروح النير الى ظلمة؛ وإما ان يكون مع مادة. والذى يكون مع مادة فاما ان
25
تكون المادة فى العروق صائرة اليها من موضع آخر، اومستحيلة فيها الى السوداء باحتراق
26
ما فيها، اوتعكره وهو الأكثرى، او تكون المادة متشربة فى جرم الدماغ، او تكون موذية
27
للدماغ بكيفيتها وجوهرها فينصب فى البطون، وكثيرًا ما يكون انتقالًا من الصرع.
3-94
1
و الذى يكون سببه خارج الدماغ بشركة شىء آخر يرتفع منه الى الدماغ خلط،
2
او بخار مظلم، فاما ان يكون ذلك الشىء فى البدن كله اذا استولى عليه مزاج سوداوى،
3
او الطحال اذا احتبست فيه السوداء ولم يقدر على تنقيتها، او عجز ولم يقدر على جذب
4
السوداء من الدم. وإما لانه قد حدث به ورم او لم يحدث، بل <حدثت به> آفة أخرى،
5
او لسبب شدة حرارة الكبد. وإما ان يكون ذلك الشىء هو المراق اذا تراكمت فيه فضول
6
من الغذاء ومن بخار الامعاء، اواحترقت اخلاطه واستحالت الى جنس سوداوى، فاحدثت
7
ورمًا، او لم يحدث فيرتفع منها بخار مظلم الى الرأس. ويسمى هذا نفخة مراقية،
8
ومالنخوليا نافخًا، ومالنخوليا مراقيًا. وهو كثيرا ما يرتفع عن ورم بواب الكبد فيحرق
9
دم المراق.
10
وهو الذى يجعله جالينوس السبب فى المالنخوليا المراقى ودوقلس "يروى ان
11
سببه" شدة حرارة الكبد والمعا. وقوم آخرون يجعلون السبب فيه السدد الواقعة فى
12
الماساريقا مع ورم. وقوم يجعلون السبب سددًا فى الماساريقا وان لم يكن ورم. واستدل
13
من جعل السبب فى ذلك السدد فى الماساريقا بأن غذاء هؤلاء لا ينفذ الى العروق فيعرض له
14
فساد. واستدل من قال ان ذلك من ورم بطول احتباس الطعام فيهم نيًا "بحاله. وفى
15
الاكثر لا يكون" هذا الورم حارًا؛ لانه لا يكون هناك حمى وعطش وقئ مرار. وربما
16
كان سبب تولده هو من خارج [الدماغ]. ومبدأ تولده هو فى الدماغ، كما اذا كان فى
17
المعدة ورم حار، واحرق بخاره رطوبات الدماغ، اوكان فى الرحم، او فى سائر الاعضاء
18
المشاركة للرأس.
19
والذى يكون عن برد ويبس بلا مادة فسببه سوء مزاج فى القلب سوداوى، بمادة
20
او بلا مادة، يشركه فيه الدماغ؛ لان الروح النفسانى يتصل بالروح الحيوانى ومن جوهره،
21
فيفسد مزاجه الفاسد السوداوى مزاج الدماغ، ويستحيل الى السوداوية. وقد يكون لاسباب
22
أخر مبردة وميبسة لا من القلب وحده، وعلى انه لا يمكن ان يكون بلا شركة من القلب،
23
بل عسى ان يكون معظم السبب فيه من القلب، ولذلك لابد من ان يلزم علاج القلب
24
مع علاج الدماغ فى هذا المرض.
25
واعلم ان دم القلب اذا كان صقيلًا رقيقًا صافيًا مفرحًا قاوم فساد الدماغ
26
واصلحه، بل ولا عجب ان يكون مبدأ ذلك فى اكثر الأمر من القلب. وان كان انما
27
تستحكم هذه العلل فى الدماغ لانه ليس ببديع ان يكون مزاج القلب قد فسد أولًا فيتبعه
3-95
1
الدماغ، او يكون الدماغ فسد مزاجه فيتبعه القلب، وفسد مزاج الروح فى القلب واستوحش
2
ففسد ما ينفذ منه الى الدماغ، واعان الدماغ على الفساد. وقد يعرض فى آخر الأمراض
3
المادية وخصوصًا الحادة مالنخوليا، فيكون علامة موت، وحينئذ يعرض لذلك الانسان
4
ان يذكر الموت والموتى كثيرًا.
5
وبالجملة فان السوداء تكثر فيتولد تارة بسبب العضو الفاعل للغذاء وهو الكبد
6
اذا احرق الدم، او ضعف عن دفع الفضل السوداوى وهو الاقل. وتارة بسب العضو
7
الذى هو مفرغة السوداء وهو الطحال اذا ضعف عن امرين: احدهما جذب ثفل الدم
8
ورماده من الكبد، والآخر دفع فضل ما ينجذب اليه منه الى المدفع الذى له. و
9
قد يتولد السوداء فى عضو آخر إما بسبب شدة احراقه لغذائه، اوبسبب عجزه عن دفع فضل
10
غذائه، فيتحلل لطيفه ويتعكر كثيفه سوداء، او بسبب شدة تبريده وتجفيفه لما يصل اليه.
11
وقد يكون السبب فى تولده أيضًا [الأغذية] المولدة للسوداء. وقد رآى بعض الاطباء
12
ان المالنخوليا قد يقع عن الجن. ونحن لا نبالى من حيث نتعلم الطب ان ذلك قد يقع
13
عن الجن، او لا يقع، بعد ان نقول: انه ان كان يقع من الجن فانه يحيل المزاج الى السوداء،
14
فيكون سببه القريب السوداء، ثم ليكن سبب ذلك السوداء "جنًا اوغير جن" ومن الاسباب
15
القوية فى توليد المالنخوليا افراط الغم والخوف.
16
ويجب ان تعلم ان السوداء الفاعلة للمالنخوليا قد يكون إما السوداء الطبيعية، وإما
17
البلغم اذا استحال سوداء بتكاثف اوادنى احتراق، وان كان هذا يقل اويندر، وإما
18
الدم اذا استحال بانطباخ، او تكاثف دون احتراق شديد، وإما الخلط الصفراوى فانه
19
اذا بلغ فيه الاحتراق الغاية فعل مانيا، ولم يقتصر على المالنخوليا. وكل واحد من
20
اصناف السوداء اذا وقع فى الدماغ الموقع المذكور فعل المالنخوليا، لكن بعضه يفعل
21
معه المانيا.
22
واسلم المالنخوليا ما كان من عكر الدم وما كان معه فرح. وكثيرًا ما ينحل
23
المالنخوليا بالبواسير والدوالى. وقد يقل تولد هذه العلة فى البيض السمان، ويكثر فى
24
"الآدم الأزب القضيف''، ويكثر تولدها فيمن كان قلبه حارًا جدًا ودماغه رطبًا، فتكون
25
حرارة قلبه مولدة للسوداء فيه، ورطوبة دماغه قابلة لتاثير ما يتولد فى قلبه. ومن المستعدين
26
له اللثغ الاحداء الجفاف الالسنة والطرف، الاشد حمرة الوجه، و الادم الأذب، و
3-96
1
خصوصًا فى صدورهم السود الشعر الغلاظها، الواسعوا العروق، الغلاظ الشفاه؛ لان
2
بعض هذه دلائل حرارة القلب، وبعضها دلائل رطوبة الدماغ، وكثيرًا ما يكونون فى
3
الظاهر بلغميين.
4
وهذه العلة تعرض للرجال اكثر وللنساء افحش، وتكثر فى الكهول والشيوخ،
5
ويقل فى الشتاء ويكثر فى الصيف والخريف. وقد يهيج فى الربيع كثيرًا أيضًا، لان
6
الربيع يثور الاخلاط خالطًا اياها بالدم. وربما كان هيجانه بادوار فيها تهيج السوداء و
7
تثور. والمستعد للما لنخوليا يصير اليها بسرعة اذا اصابه خوف اوغم او سهر، اواحتبس
8
منه عادة سيلان الدم، او "قئ سوداء"، او غير ذلك.
9
|188va58|علامات اصنافها
10
علامة ابتداء المالنخوليا ظن ردئ وخوف بلا سبب، وسرعة غضب، [وحب]
11
التخلى، واختلاج، ودوار ودوى، وخصوصًا فى المراق. فاذا استحكم فالتفزع و
12
سوء الظن والغم، والوحشة والكرب، وهذيان كلام، وشبق لكثرة الريح. واصناف من
13
الخوف مما لا يكون او يكون. واكثر خوفه مما لا يخاف فى العادة. وتكون هذه
14
الاصناف غير محدودة. وبعضهم يخاف سقوط السماء عليه. وبعضهم يخاف ابتلاع
15
الارض اياه. وبعضهم يخاف الجن. وبعضهم يخاف السلطان. وبعضهم يخاف اللصوص.
16
وبعضهم يتقى ان لا يدخل عليه سبع. وقد يكون للامور الماضية فى ذلك تاثير، ومع
17
ذلك فقد يتخيلون امورًا بين اعينهم ليست <صحيحة>. وربما يتخيلوا انفسهم انهم صاروا
18
ملوكًا، او سباعًا، او شياطين، اوطيورًا، او آلات صناعية. ثم منهم من يضحك خاصة
19
الذى مالنخولياه دموى؛ لانه يتخيل ما يلذه ويسره. ومنهم من يبكى خاصة الذى ما لنخولياه
20
سوداوى محض: ومنهم من يحب الموت، ومنهم من يبغضه.
21
وعلامة ما كان خاصة بالدماغ افراط الفكرة ودوام الوسواس، ونظر دائم الى
22
الشىء الواحد والى الارض. ويدل عليه لون الرأس والوجه والعين، وسواد شعر الرأس
23
كثافته، وتقدم سهر وفكر، وتعرض للشمس وما اشبهه؛ وأمراض دماغية سبقت؛
24
وأن لا تكون العلامات التى نذكرها للاعضاء الأخرى المشاركة للدماغ حاصلة، وان لا يظهر
25
النفع اذا عولج ذلك العضو ونقى، وان تكون الأعراض عظيمة جدًا. وأما الكائن
26
بمشاركة البدن كله فسواد اللون وهلاسه، واحتباس ما كان يستفرغ من الطحال اوالمعدة
27
وما كان يستفرغ بالادرار، او من المقعدة، او من الطمث؛ وكثرة شعر البدن وشدة
3-97
1
سواده، وتقدم استعمال أغذية رديئة سوداوية مما عرفته فى الكتاب الثانى. والأمراض
2
المعقبة للمالنخوليا هى مثل الحميات المزمنة والمختلطة.
3
وعلامة ما كان من الطحال كثرة الشهوة لانصباب السوداء الى المعدة مع قلة
4
الهضم لبرد المزاج، وكثرة القراقر ذات اليسار، اوانتفاخ الطحال، وذلك مما
5
لا يفارقهم، وشبق شديد للنفخة. وربما كان معه حمى ربع. وربما كانت الطبيعة لينة.
6
وربما اوجب لذع السوداء ألمًا. وما كان من المعدة فعلامته وجود علامات ورم المعدة
7
المذكورة فى باب أمراض المعدة، وزيادة العلة مع التخمة والإمتلاء وفى وقت الهضم.
8
وكثيرًا ما يهيج به عند الأكل الى ان يستمرئ اوجاع ثم تسكن عند الإستمراء. فان كان
9
حارًا دل عليه الإلتهاب فى المراق، وقىء المرار وعطش. واكثر من به مالنخوليا
10
فانه مطحول.
11
وعلامة المراقى ثقل فى المراق، وإجتذاب الى فوق، وتهوع لازم، وخبث
12
نفس، وفساد هضم، وجشاء حامض، وبزاق رطب، وقرقرة وخروج ريح، وتلهب.
13
وان يجد وجعًا فى المعدة، او وجعًا بين الكتفين، وخصوصًا بعد الطعام الى ان يستمرئ
14
بالتمام. وربما قذف البلغم المرارى. وربما قذف الهامض المضرس. وتعرض له
15
هذه الاعراض مع التناول للطعام، بل بعد ساعات فيكون برازه بلغميًا مراريًا، ويخف
16
بجودة الهضم، ويزيد بنقصانه. وربما تقدمه ورم فى المراق اوكان معه. ويجد اختلاجًا
17
كثيرًا فى المراق. وتزداد هذه العلة مع التخمة وسوء الهضم.
18
ونقول: ان السوداء الفاعلة للمالنخوليا اذا كانت مع دم كان مع فرح وضحك،
19
ولم يلزم عليه الغم الشديد. وان كان من بلغم كان مع كسل وقلة حركة وسكون.
20
وان كانت مع صفراء كان مع اضطراب وادنى جنون، وكان مثل مانيا. وان كانت
21
سوداء صرفة فان الفكر فيه اكثر والعادية اقل؛ إلا ان يحرك فيضجر، ويحقد حقدًا
22
لا ينساه.
23
العلاج: يجب ان يبادر بعلاجه قبل ان يستحكم؛ فانه سهل فى الابتداء صعب عند
24
الإستحكام. ويجب على كل حال ان يفرح صاحبه ويطرب، ويجلس فى المواضع
25
المعتدلة، ويرطب هواء مسكنه، ويطيب بفرش الرياحين فيه. وبالجملة ينبغى
26
ان يشم دائمًا الروائح الطيبة والادهان الطيبة، ويتناول الأغذية الفاضلة الكيموس المرطبة
27
جدًا. ويزيد فى تخصيب بدنه بالأغذية الموافقة، وبالحمام قبل الغذاء، ويصب على
28
رأسه ماء فاتر ليس بشديد الحرارة. واذا خرج من الحمام وبه قليل عطش، فلا بأس
29
ان يسقى قليل ماء، ويستعمل الدلك المخصب المذكور فى باب حفظ الصحة. واعن
30
بترطيبه فوق عنايتك بتسخينه ما امكن. وليجتنب الجماع، والتعريق الشديد، ويجتنب
3-98
1
الباقلى والقديد والعدس والكرنب، والشراب الغليظ والحديث، وكل مملح و مالح،
2
وكل حريف، وكل شديد الحموضة؛ بل يجب ان يتناول الدسم والحلو. واذا اريد
3
تنويمهم فلك ان تنطل رؤسهم بماء الخشخاش والبابونج والاقحوان؛ فان النوم من اوفق
4
علاجاتهم. ويتدارك بما يفيده من الصلاح ما يورثه الخشخاش من المضرة.
5
فأما ان كان المالنخوليا من سوء مزاج مفرد، برد او يبس فينبغى ان يشتغل بتسخين
6
القلب وبالمفرحات، وأدوية المسك، والترياق والمثريذيطوس، وما اشبه ذلك.
7
ويعالج الرأس بما مر، وذكر فى باب الرعونة. والقوى منه يعرض عقيب مرض آخر حار
8
فيسهل علاجه حتى انه يزول بالتنطيلات.
9
وأما ان كان من مادة سوداوية متمكنة فى الدماغ فملاك علاجه ثلثة اشياء: اولها
10
استفراغ المادة. وربما كانت بالحقن وبالقىء؛ إلا من كانت معدته ضعيفة، فلا تقيئه
11
فى هذه العلة البتة، حتى ولا فى المراقى أيضًا. والثانى ان يستعمل مع الاستفراغ
12
الترطيب دائمًا بالنطولات والادهان الحارة، ويجعل فيها من الأدوية مثل البابونج و
13
الشبث وإكليل الملك واصل السوسن، لئلا يغلظ الخلط [بتحليل ساذج لا تليين فيه،
14
ولا يغلظ] بما يرطب ولا تحليل فيه. وان كانت السوداء بعيدة من الحرارة فلك ان تزيد
15
الشيح وورق الغار والفوذنج مع الترطيب، ولا تبالى. وتستعمل الأغذية المولدة للدم
16
المحمود مثل السمك الرضراضى، واللحوم الخفيفة المذكورة، وفى الاوقات بالشراب
17
الأبيض الممزوج دون العتيق القوى. والثالث ان تستعمل تقوية القلب ان احس بمزاج
18
بارد فبالمفرحات الحارة. وان احس بمزاج يميل الى الحرارة فبالمفرحات المعتدلة.
19
وان كانت الحرارة شديدة جدًا استعمل المفرحات الباردة غير المفرطة البرد، ويتعرف
20
ذلك من النبض.
21
ولنشرع فى تفصيل هذه التدابير ونقول: أما الإستفراغ فان رأيت العروق ممتلئة
22
كيف كانت وان السوداء دموى فافصد من الاكحل؛ بل يجب على كل حال ان يبتدئ
23
بالفصد؛ إلا ان يخاف ضعفًا شديدًا، او يعلم ان المواد قليلة، وهى فى الدماغ فقط،
24
وان اليبس مستولى على المزاج. ثم ان فصدت ووجدت دمًا رقيقًا فلا تحبس الدم لذلك؛
25
فانه كثيرًا ما يتقدم فيه الرقيق فلذلك يجب ان يوسع الفصد لئلا يتزرق الرقيق، ويحتبس
26
الغليظ فيزيد شرًا. وانظر أى الجانبين من الرأس اثقل، فافصد الباسليق الذى يليه.
27
وربما احتجت ان تفصد "الباسليقين. وقيل ان فصد عروق الجبهة تحرك اكثر.
28
واذا وجدت العلامة عامة"، ثم ان وجدت الخلط سوداويًا بالحقيقة والى البرد
29
فاستفرغ بالحبوب المتخذة بالأفثيمون والصبر والخربق. وابتدئ بالانضاج، ثم استفرغ
3-99
1
فى اول الأمر بأدوية خفيفة يقع فيها افثيمون وشحم حنظل وسقمونيا يسيرًا، ثم بطبيخ
2
الأفثيمون والغاريقون. ثم ان لم ينجع استعملت الأيارجات الكبار، ثم ان احتجت بعد ذلك
3
الى استفراغ استعملت الخربق مع خوف وحذر، وحجر لازورد والحجر الأرمنى والحب
4
المتخذ منهما بلا خوف ولا حذر. وكثيرًا ما ينفعهم استعمال هذه الأدوية المذكورة فى
5
ماء الجبن على المداومة، وتقليل المبالغ من الدواء. فان لم ينجع عاودت من الرأس.
6
ويكون فى كل اسبوع تستفرغ مرة بحب لطيف وسط. وتستعمل فيما بين ذلك الإطريفل
7
الأفثيمونى على هذه الصفة، يوخذ من الإطريفل ثلثة دراهم، ومن الأفثيمون درهم، ومن
8
الأيارج نصف درهم. وفى كل شهر يستفرغ بالقوى من الأيارجات الكبار وبالحبوب
9
الكبار الى ان تجد العلة قد زالت.
10
ويستعمل أيضًا القىء خصوصًا ان رأيت فى المعدة شيئًا يزيد فى العلة ولم تكن
11
المعدة بشديدة الضعف. ويجب أيضًا ان يكون القىء بمياه قد طبخ فيها فوتنج وكنكرزد
12
وبزر الفجل. ويتناول عصارة فجل غرز فيه الخربق، وترك فيه أيامًا، حتى جرت فيه
13
قوته مع سكنجبين، او يتناول هذا الفجل نفسه ومنقعًا فى السكنجبين. وليكن مقدار
14
السكنجبين ثلثة اساتير، ومقدار عصارته استار، ويزيد كذلك وينقصه بقدر القوة. فأما
15
ان خفت ضعف القوة اجتنب الخربق. فاذا نقيت فاقصد القلب بما ذكرناه مرارًا. وهذا
16
الإطريفل الأفثيمونى مجرب النفع فى هذا الباب.
17
واذا ازمنت العلة استعملت القىء بالخربق، واستعملت المضوغات والغرغرات
18
المعروفة، واستعملت المشمومات الطيبة، والمسك والعنبر، والأفاوية والعود. وان
19
كانت المادة الى المرار الصفراوى فاستفرغ بطبيخ الأفثيمون، وحب الأصطمخيقون
20
المعتدل، وبما تستفرغ الصفراء المحترقة، وما يقال فى بابه، وزد فى الترطيب، وقلل
21
من التسخين. على انه لا بد لك من البابونج وما هو فى قوته. فاذا استعملت النطولات فلا سبيل
22
لك الى استعمال المبردات الصرفة على الرأس. وقد حمد بعض القدماء فى مثل هذا
23
الموضع ان يأخذ من الصبر كل يوم شيئًا قليلًا، او يتجرع كل يوم ما طبخ فيه افسنتين
24
ثلث اواقى، او عشرة قراريط من عصارة افسنتين مذوفًا فى الماء. وقد حمد ان يتجرع
25
كل ليلة خلا ثقيفًا، سيما خل العنصل. واما انا فأخاف غائلة الخل فى هذه العلة،
26
إلا ان تكون على ثقة ان المادة متولدة عن صفراء محترقة؛ فانها حارة، فيكون الخل انفع
27
الاشياء له، وخصوصًا العنصلى والسكنجبين المتخذ بخل العنصل. وكذلك الخل الذى
28
جعل فيه جعدة او زراوند. وقد ينفع الخل أيضًا اذا كان المرض بمشاركة الطحال
29
والمادة فيه. ويجب ان يطيب مشمه من التركيبات المعتدلة التى يقع فيها كافور ومسك
30
مع دهن بنفسج كثير غالب برائحته يبوسة الكافور والمسك وسائر الروائح الباردة الطيبة
31
خصوصًا النيلوفر.
3-100
1
وأما ان كان السبب للمالنخوليا ورمًا فى المعدة او الأحشاء، او مزاجًا حارًا محرقًا
2
فيها، تداركت ذلك، وبردت الرأس ورطبته، وقويته لئلا يقبل ما يتادى اليه من غيره وان
3
كان السبب فى المراق ووجد رياحًا وقراقر. فان كان فى المراق ورم حار عالجته، و
4
حللته بما يجب مما يقال فى ابواب الاورام. وقويت الرأس وغرقته فى ادهان مقوية
5
ومرطبات. واستعملت المحاجم بشرط ليستفرغ الدم. ولا تسخن فى مثل هذه الحال
6
الكبد؛ بل عليك ان تبرده اذا وجدته حارًا محرقًا للدم بحرارته. وقو الطحال وضع على المراق
7
المحاجم، ودواء الخردل ونحوه؛ وذلك لئلا يرسل الطحال المادة الى الدماغ. وان
8
كان المراق بارد المزاج نافخه، ولم يكن ثم ورم ولا لهب، سقيته ماء طبيخ الافسنتين
9
وعصارته على ما ذكر، وتنطل معدته بالنطولات الحارة المذكورة، وتضمدها بتلك
10
الضمادات، واستعمل فيها بزر الفنجكشت وبزر السذاب واصل السوسن وشجرة مريم،
11
وتمسك الأضمدة عليها مدة طويلة. ثم اذا نزعتها وضعت على الموضع قطنًا مغموسًا فى
12
ماء حار، او صوفًا منفوشًا، او اسفنجة. وينفع استعمال ضماد الخردل عليه وعلى ما بين
13
الكتفين، وضمادات دروناقس أيضًا المذكورة فى اقراباذين.
14
وينفع ان تستعمل عليها المحاجم بغير شرط؛ الا ان يكون هناك ورم او وجع
15
فيمنع ذلك. "وكثيرًا ما يحتاج ان يسقى فى المالنخوليا النافخ بزر الكرفس والكمون
16
والانيسون، واشربة طبخ فيها هذه البزور والسذاب والشبث؛ بل ربما احتجت الى
17
استعمال بزر السذاب والفنجكشت. وكثيرًا ما يحتاج المراقى المزمن الى القىء
18
بالخربق الابيض. وكثيرًا ما يحتاج فى المالنخوليا المراقى أيضًا الى ان يصلح الكبد
19
لئلا يتولد فيه سوداء". وكثيرًا ما ينتفع اصحاب المالنخوليا المراقى بالاشياء المبردة من حيث
20
[أن] تكون مرطبة مضادة ليبس السوداء، ولانها تكون مانعة من تولد الريح والبخار
21
اللذين يوذيان بتصعدهما الى الرأس وان كان الانتفاع بالبارد ليس انتفاعًا حقيقيًا قاطعًا
22
للمرض، ولكن البارد اذا كان رطبًا لم تتولد منه السوداء، وانحسمت مادته، ولم ينجر
23
أيضًا المادة الحاصلة، ورجى ان يستولى عليها الطبيعة فيصلحها.
24
واعلم ان التدبير المغلظ المولد للبلغم ربما قاوم السوداء. والتدبير الملطف،
25
لما يفعل من الإحتراق بسهولة، ربما اعانه. ولا يغرنك انتفاع بعضهم ببلغم يستفرغه قذفًا
26
او برازًا؛ فان ذلك ليس لأن الإستفراغ للبلغم ينفعه، بل لان الكثرة وانضغاط الأخلاط
27
بعضها ببعض يزول عنهم. وأما النافع بالذات فاستفراغ السوداء.
28
وقانون علاج مالنخوليا ان يبالغ فى الترطيب، ومع ذلك فلا تقصر فى استفراغ
29
السوداء. وكلما فسد الطعام فى بطون اصحاب مالنخوليا فاحملهم على قذفه، وخصوصًا
3-101
1
حين يحسون بحموضة فى الفم، فيجب ان تقيئهم لا محالة حينئذ، وتحرم عليهم ان
2
يأكلوا عليه طعامًا آخر. ويستعمل الجوارشنات المقوية لفم المعدة. وليحذروا ادخال
3
طعام على طعام قد فسد. ويجب ان يشتغل صاحب المالنخوليا بشىء كيف كان،
4
وان يحضره من يحتشمه ومن يستطيبه. والشرب المعتدل من الشراب الأبيض الممزوج
5
قليلًا. ويشتغل أيضًا بالسماع والمطربات. ولا أضر له من الفراغ والخلوة. وكثيرًا ما
6
ينتفعون بعوارض تقع لهم او يخافون امرًا فيشتغلون به عن الفكر ويعافون؛ فان نفس
7
اعراضهم عن الفكرة علاج لهم اصل. فان كان السبب درورًا احتبس من طمث،
8
او مقعدة، او غير ذلك فأدرره. وان حدث سقوط الشهوة فالعلة رديئة والجفاف مستول.
9
وان عرضت فى ابدانهم قروح دلت على موت قريب.
10
ومن كان فى بدنه السوداء منهم متحركة فهو اقبل للعلاج ممن لم تكن سوداؤه
11
كذلك. والذى تكون سوداؤه متحركة فهو الذى تظهر سوداؤه فى القئ، وفى البراز والبول،
12
وفى لون الجلد، والبهق، [والكلف]، والقروح، والجرب، والدوالى، وداء الفيل،
13
والسيلان من المقعدة، ونحو ذلك؛ فان ذلك كله يدل على انه ''قاتل للتمييز" عن الدم.
14
واذا ظهر بهم شىء من هذا فهو علامة خير. واذا عرض لبعضهم تشنج بعد الإسهال
15
والإستفراغ فانهم اولى بذلك من غيرهم ليبسهم، فيجب ان يقعدوا فى ماء فاتر، و
16
يطعموا خبزًا منقوعًا فى جلاب وقليل شراب، ويسقوا ماءً ممزوجًا، ثم ينومون ويحممون
17
بعده، ثم يغذون كما يخرجون.
18
|189ra27|فى القطرب
19
هو نوع من المالنخوليا اكثر ما يعرض فى شهر شباط، ويجعل للانسان
20
فرارًا من الناس الأحياء الى مجاورة الموتى والمقابر مع سوء قصد لمن يغافصه، ويكون
21
بروز صاحبه ليلًا، واختفاؤه وتواريه نهارًا. كل ذلك حبًا للخلوة وبعدًا عن الناس.
22
ومع ذلك فلا يسكن فى موضع واحد اكثر من ساعة واحدة، بل لا يزال يتردد ويمشى
23
مشيًا مختلفًا لا يدرى اين يتوجه مع حذر من الناس؛ بل ربما لم يجذر بعضهم غفلة
24
منه وقلة تفطن لما يرى ويشاهد. ومع ذلك فانه يكون على غاية السكون والعبس
25
والتأسف والتحزن اصفر اللون، جاف اللسان، عطشان، وعلى ساقه قروح لا تندمل؛
26
وسببها فساد مادته السوداوية، وكثرة حركة رجله، فتنزل المواد اليها، لا سيما وهو كل
27
وقت يعثر، وتصاك رجلاه بشىء، او يعضه كلب، فيكون ذلك سببًا لكثرة انصباب المواد
3-102
1
الى ساقيه، فتكون فيهما القروح. ولبقائها على حالها وحال اسبابها لا تندمل. ويكون
2
يابس البصر لا يدمع بصره، ويكون بصره ضعيفًا وغائرًا كل ذلك ليبس مزاج عينه.
3
وانما سمى هذا قطربًا لهرب صاحبه هربًا لا نظام له، ولاجل مشيه المختلف
4
فلا يعلم وجهه، وكما يهرب من شخص يظهر له؛ فانه لقلة تحفظه وعوز صواب رأيه ياخذ
5
فى وجهه، فيلقى شخصًا آخر، فيهرب من رأس الى جهة أخرى. والقطرب [دويبة]
6
تكون على وجه الماء تتحرك عليه حركات مختلفة بلا نظام، وكل ساعة تغوص وتهرب،
7
ثم تظهر. وقيل دويبة أخرى لا تستريح. وقيل الذكر من السعالى. وقيل الذئب الامعط.
8
والأشبه بموضعنا القولان الاولان. وسبب هذه العلة السوداء والصفراء المحترقة.
9
العلاج: علاجه علاج المالنخوليا بعينه اذا كان من صفراء او سوداء محترقة. ويجب ان
10
يبالغ فى فصده حتى يخرج منه دم كثير، ويقارب الغشى. ويدبر بالأغذية المحمودة
11
والحمامات الرطبة. ويسقى ماء الجبن ثلثة ايام، ثم من بعد ذلك يستفرغ بايارج اركيغانيس،
12
ثم يحتال فى تنويمه، ثم يقوى قلبه بعد الإستفراغ بالترياق وما يجرى مجراه؛ ومع ذلك
13
يرطب جدًا. وينطل بالمبردات لئلا يجتمع تسخين تلك الادوية التى لا بد منها مع حركات
14
رياضية؛ بل يحتاج ان يسخن قلبه بما يقويه، ويرطب بدنه وينوم، ويعتدل مزاجه،
15
وتمام علاجه التنويم الكثير. وان يسقى الافثيمون احيانًا لتهدأ طبيعته، ويقطع فكره،
16
واذا لم ينجع فيه الدواء والعلاج أدب واوجع، وضرب رأسه ووجهه، وكوى
17
يا فوخه؛ فانه يفيق فان عاد أعيد.
18
|190ra50|فى العشق
19
هذا مرض وسواسى شبيه بمالنخوليا. يكون الأنسان قد جلبه الى نفسه بتسليط
20
فكرته على استحسان بعض الصور والشمائل التى له، ثم اعانته على ذلك شهوته، اولم
21
تعن. وعلامته غؤر العينين ويبسهما، وعدم الدمع إلا عند البكاء وحركة متصلة للجفن،
22
ضحاكة كانه ينظر الى شىء لذيذ، او يسمع خبرًا سارًا، او يمزح. ويكون نفسه كثير
23
الإنقطاع والإسترداد، فيكون كثير الصعداء، ويتغير حاله الى فرح وضحك، او الى
24
غم وبكاء عند سماع الغزل، ولا سيما عند ذكر الهجر والنوى. وتكون جميع اعضائه
25
ذابلة خلا العين؛ فانها تكون مع غؤر مقلتها كثيرة الجفن سمينة لسهره، ورمزه ''المبخر
26
لرأسه".
3-103
1
ولا يكون لشمائله نظام. ويكون نبضه نبضًا مختلفًا بلا نظام البتة كنبض اصحاب
2
الغموم. ويتغير نبضه وحاله عند ذكر المعشوق خاصة، وعند لقائه بغتة. ويمكن من ذلك
3
ان يستدل على المعشوق انه من هو إذا لم يعترف به؛ فان معرفة معشوقه احد سبيل علاجه.
4
والحيلة فى ذلك ان تذكر اسماءً كثيرًا، وتعاد مرارًا، وتكون اليد على نبضه. فاذا اختلف
5
بذلك اختلافًا عظيمًا، وصار شبيه المنقطع، ثم عاود. وجربت ذلك مرارًا عرفت انه
6
اسم المعشوق. ثم يذكر كذلك السكك والمساكن، والحرف والصناعات، والنسب
7
والبلدان، وتضيف كلًا منها الى اسم المعشوق. وتحفظ النبض حتى اذا كان يتغير
8
عند ذكر شىء واحد مرارًا؛ جمعت من ذلك خواص معشوقه من الاسم والحلية والحرفة
9
وعرفته.
10
فانا قد جربنا هذا، واستخرجنا به ما كان من الوقوف عليه منفعة. ثم اذا لم تجد
11
علاجًا إلا بتدبير الجمع بينهما على وجه يحله الدين والشريعة فعلت. وقد رأينا من
12
عاودته السلامة والقوة، وعاد الى لحمه وكان قد بلغ الذبول، وجاوزه وقاسى الامراض
13
الصعبة المزمنة، والحميات الطويلة بسبب ضعف القوة لشدة العشق، لما احس بوصل
14
من معشوقه [بعد] مطل معاودة فى اقصر مدة قضينا به العجب، واستدللنا على طاعة
15
الطبيعة للاوهام النفسانية.
16
العلاج: "تأمل هذا ان" ادت حاله احتراق خلط بالعلامات التى تعرفها فتستفرغ، ثم تشتغل
17
بترطيبهم وتنويمهم، وتغذيتهم بالمحمودات، وتحميمهم على شرط الترطيب المعلوم،
18
وايقاعهم فى خصومات واشغال ومنازعات، وبالجملة امور شاغلة؛ فان ذلك ربما
19
أنساهم ما ادنفهم او يحتال فى تعشيقهم غير المعشوق ممن تحله الشريعة؛ ثم يقطع
20
فكرهم عن الثانى قبل ان يستحكم، وبعد أن يتناسوا الاول. وان كان العاشق من العقلاء
21
فان النصيحة والعظة، والاستهزاء به وتعنيفه، والتصوير لديه ان الذى به انما هو وسوسة،
22
وضرب من الجنون مما ينفع نفعًا عظيمًا؛ فان الكلام ينفع فى مثل هذا الباب.
23
وأيضًا تسليط العجائز عليه ليبغضن المعشوق اليه، ويذكرن منه احوالًا قذرة،
24
ويخيلن له منه امورًا منفورًا منها، ويحكين له منه الجفاء الكثير؛ فان هذا مما يسكن كثيرًا
25
وان كان قد يغرى آخرين. ومما ينفع من ذلك ان تحاكى العجائز صور المعشوقين بتشبيهات
3-104
1
قبيحة، ويمثلن اعضاء وجهه بمحاكيات مبغضة، ويدمن ذلك ويستهين به؛ فان هذا
2
عملهن وهن احذق فيه من الرجال إلا المخنثين؛ فان المخنثين لهم فيه أيضًا صنعة
3
لا تقصر عن صناعة العجائز. "ولذلك تأمرهن أن يجهدن" فى ان ينقلن هوى العاشق
4
الى غير ذلك المعشوق بتدريج، ثم يقطعن صنعهن قبل تمكن الهوى الثانى.
5
ومن الشواغل المذكورة اقتناء الجوارى، والإكثار من مجامعتهن، والإستجداد
6
منهن، والطرب معهن. ومن الناس من يسليه الطرب والسماع. ومنهم من يزيد
7
ذلك فى غرامه ويمكن ان يتعرف ذلك. وأما الصيد وانواع اللعب، والكرامات
8
المتجددة من السلاطين، وكذلك تنوع الغموم الغليظة فكلها مسل. وربما احتاج
9
ان يدبر هؤلاء تدبير اصحاب المالنخوليا والمانيا والقطرب، وأن يستفرغوا بالأيارجات
10
الكبار، ويرطبوا بما ذكر من المرطبات، وذلك اذا انتقلوا لشمائلهم وصحة ابدانهم الى
11
مضاهاة اولئك.
12
|190vb39|المقالة الخامسة فى امراض دماغية "فى افعال الحركة"
13
|190vb40|الدوار
14
هو ان يتخيل لصاحبه، ان الاشياء تدور عليه، وان دماغه وبدنه يدور، ولا يملك
15
ان يثبت، بل يسقط. وكثيرًا ما يكره الاصوات، ويعرض له من تلقاء نفسه مثل ما
16
يعرض لمن دار على نفسه كثيرًا بالسرعة، فلا يملك ان يثبت قائمًا او قاعدًا، اويفتح
17
بصره. وذلك لما يعرض للروح الذى فى بطون دماغه، وفى اوردته وشرائينه من تلقاء
18
نفسه <مثل> ما يعرض له عند ما يدور دورانًا متصلًا.
19
والفرق بين الصرع والدوار: ان الدوار قد يثبت مدة، والصرع يكون بغتة،
20
فيسقط صاحبه ساكنًا ويفيق. فأما السدر فهو ان يكون الإنسان اذا قام اظلمت عليه عينيه،
21
وتهيأ للسقوط. والشديد منه يشبه الصرع إلا أنه لا يكون مع تشنج كما يكون الصرع.
22
وهذا الدوار قد يقع بالانسان بسبب انه دار على نفسه، فدارت البخارات والارواح كما
23
تدار الفنجانة المشتملة على ماء مدة، وتسكن فيبقى ما فيه دائرًا مدة. فاذا دار الروح
24
تخيل للانسان ان الاشياء تدور، لانه سواء ان يختلف نسبة اجزاء الروح الى اجزاء العالم
25
المحيطة به من جهة الروح، اويختلف ذلك من جهة العالم اذا كان الإحساس بها وهى
26
دائرة يكون بحسب المقابلة. فاذا تحرك الحاس استبدل المقابلات، كما اذا تحرك
27
المحسوس <استبدل المقابلات>.
3-105
1
وفد يكون هذا الدوار من النظر الى الاشياء التى تدور، حتى ترسخ تلك الهيئة
2
المحسوسة فى النفس. ولهذا قيل ان الافاعيل الحسية كلها متعلقة بآلات جسدانية
3
منفعلة، اولها واولاها الروح الحساس، وتبقى فيه عن كل محسوس هيئة بعد مفارقته
4
اذا كان المحسوس قويًا. فان كل محسوس انما يفعل فى الآلة الحاسة هيئة فى مثاله
5
ثم تثبت تلك الهيئة وتبطل بمقدار قبول الآلة وقوة المحسوس. وشرح هذا فى العلم
6
الطبيعى. فكلما كان البدن اضعف كان هذا الإنفعال فيه اشد، كما فى المرضى فانه
7
قد يبلغ المريض فى ذلك مبلغًا بعيدًا حتى انه ليدار به بادنى حركة منهم، لانهم محتاجون
8
فى الحركة الى تكلف شديد ليتمكنوا به من الحركة لضعفهم، فيعرض لروحهم اذى و
9
انفعال وتزعزع.
10
وقد يكون الدوار من اسباب بدنية؛ إما حاضرة فى جوهر الدماغ حاصلة فيه من
11
بخارات حائلة فى العروق التى فيه وفى العصب؛ وإما [من] اخلاط محتقنة فيه من كل
12
جنس فيبخر بادنى حركة اوحرارة. فاذا تحركت تلك الأبخرة حركت بحركتها الروح النفسانى
13
التى انما تنضج وتقوم فى تلك العروق، ثم تستقر فى جوهر الدماغ، ثم تتفرق فى العصب
14
الى البدن. وإما بسبب كثرة بخارات قد احتقنت فيه متصعدة اليه من مواضع أخرى ثم
15
مستقرة فيه باقية عن مرض حاد متقدم، او مرض بارد، فتكون رياحًا فجة تحركها القوة
16
المنضجة والمحللة.
17
وقد يكون لا لحركة بخارات فى الذماغ، ولكن لسوء مزاج مختلف بغتة يلزم منه
18
هيجان حركة مضطربة فى الروح، لا لمحرك جرمانى يخالطه من بخار اوغيره، كما يعرض ذلك
19
من الحركة المختلفة الحادثة فى الماء والنار اذا اجتمعا. وقد يكون من محرك للروح
20
من خارج، مثل ضارب للرأس او كاسر للقحف، حتى يضغط الدماغ والروح الساكن
21
فتتبعه حركات مختلفه دائرة متموجة، كما يحدث فى الماء من وقوع ثقل عليه، او وقوع
22
ضرب عنيف على متنه، فيستدير بموجه ووقوع مثل ذلك فى الهواء اوالجرم الهوائى اولى
23
ولكنه لا يحس.
24
وقد يكون من بخارات متصاعدة الى الدماغ حال تصاعدها، وان لم تكن
25
متولدة فى جوهر الدماغ، ولا محتقنة فيه قديمًا، فاذا تصاعدت حركت؛ ويكون تصاعدها
26
اليه إما فى منافذ العصب، فيكون من المعدة والمرارة بتوسط المعدة والمثانة والرحم
27
والحجاب اذا اصابها امراض، او تحركت الاخلاط التى فيها، واكثر ذلك من المعدة
28
وبعدها من الرحم القابلة للفضول.
29
وأما فى الاوردة والشراين إما الغائرة وإما الظاهرة. ومادة البخار قد تكون صفراء و
3-106
1
قد تكون بلغمًا والدوار البلغمى شبيه بصرع. وكثيرًا ما تكون المشاركة المسدرة والمديرة لا لاجل
2
مادة تصل، بل لاجل تاذ بكيفية تتصل بالدماغ فتورث السدر والدوار؛ ومثل الذى
3
يعرض عن الخوى والجوع لبعض الناس وخصوصًا لمن لا يحتمل الجوع؛ لان فم المعدة
4
منه يتاذى فيشاركه الدماغ. وقد يكون الدوار والسدر على طريق البحران. والدوار
5
المتواتر خصوصًا فى المشايخ منذر بسكتة. وكذلك الدوار الحادث عقيب خدر لازم
6
لعضو. وقد يحل الدوار صداع عارض، وقد يحل الصداع دوار عارض.
7
علاماته: أما الكائن من دوران الانسان على نفسه او من نظره الى الاشياء الدائرة ''و
8
المستضيئة اذا لم يقعد" فمعلوم بنفسه. وكذلك ما كان عن ضربة او سقطة. وأما
9
الذى يكون عن احتقان "رياح بخارية" فى الدماغ، او متولدة فى نفس الدماغ، فيكون
10
العلة دائمة وغير تابعة لمرض فى بعض الاعضاء، ولا هائجة مع الإمتلاء، ساكنة
11
مع الخواء، ويكون قد تقدمه اوجاع الرأس، والدوى، والطنين، والثقل فى
12
الرأس، ويجد ظلمة فى بصره ثابتة، ويجد فى الحواس تقصيرًا، حتى فى الذوق و
13
الشم، ويحس فى الشريانات المتقدمة ضربانًا شديدًا، ويصيب ثقلًا فى الشم.
14
فان كان الخلط الذى فى الدماغ، او فى غيره، الخلط الذى يهيج منه البخارات
15
بلغمًا؛ كان ثقل وجبن وكثرة نوم. وعلامات البلغم المذكورة فى القانون. وان كان
16
صفراء كان سهر والتهاب يحس بلا كثير ثقل، وخيالات صفر ذهبية. وان كان دمًا
17
كانت العروق منفتحة، والوجه، والرأس، والعينين حمرًا حارة، وكان ثقل واعياء
18
ونوم وضربان. وان كان عن سوداء كان ثقل بقدر، [وسهر وتخيل شعر، وصفائح
19
سود، ودخان، وفكر فاسد]، وسائر العلامات المذكورة. وأما ان كان سببه من المعدة،
20
كان مع بطلان الشهوة، وآفة فيها، وفساد فى الهضم، وخفقان، وفتور فى النفس،
21
وتقلب فى المعدة، وميل من الأذى الى مقدم الرأس، ووسطه، ولا يبعد ان يتادى
22
الى مؤخره. واختلاف حال الوجع فتارة يسكن، وتارة يزيد بحسب الإمتلاء والخواء
23
ويكون <بعقب> تخم [قد] سلفت. ويجد أيضًا وجعًا فى المعدة، ونفخًا فى
24
الأحايين، ويكون طريق سلوكه العضب، ويجد قبله وعند اشتداده فى آخره وجعًا
25
خلف اليافوخ عند منبت الزوج السادس، وفى نواحى القفا.
3-107
1
وان كان من الرحم تقدمه اختناق الرحم، او احتباس المنى، او الطمث،
2
او اورام فيه، وكذلك ان كان من المثانة. وان كان المبدأ من الأعضاء كلها، او من
3
ينبوع الغذاء ــ وهو الكبد، او من ينبوع الروح ــ وهو القلب ــ كان نفوذه فى العروق
4
والشرايين النابتين منهما؛ إما الذى خلف الأذن او الذى فى القفا. وعلامة ذلك ان
5
يكون مع ضربان شديد، وتوتر فى العروق التى فى الرقبة، وان لا يجد وجعًا يعتد به فى
6
الرقبة، واعصابه، ولا فى سائر العصب. واذا رأيت الشرايين الخارجة، متمددة عند
7
القفا، وكان <يخف> اذا منعت النبض بيدك، او بالرباط الاعجمى، اوبالاسرب،
8
او طليت عليه القوابض ''المذكورة علمت" ان المسلك فيها والا ففى الآخر. وكذلك جرب
9
فى الآخر فان لم تجد فى الغائرة، والتى تكون عن سوء مزاج مختلف فيعرف بخفة الدماغ،
10
وعدم الاسباب المذكورة، ووقوع برد، او حر مغافص من خارج، او من المتناولات
11
المبردة، والمسخنة، دفعة؛ ويتبعه الدوار. وصاحب السدر لا ينتفع بالشراب، انتفاعه
12
بشرب الماء. واعلم ان السدر والدوار اذا طال فالعلة باردة وعلامة البحرانى ظاهرة.
13
علاجاته: اما الكائن عن دوران الإنسان على نفسه، ونظره الى الدورات، او نظره من
14
مكان عال، فيعالج بالسكون، والقرار، والنوم. فان لم يسكن سريعًا فيتناول القوابض
15
الحامضة؛ ويكسر لقمًا فيها ويتناولها. وأما الكائن عن دم، واخلاط محتقنة فى البدن،
16
فيعالج بالفصد من القيفال، ثم من العرق الساكن الذى خلف الأذن، فانه افضل العلاج
17
لجميع اصناف الدوار المادى. وربما كوى كيًا، وخاصة فيما كان سببه صعود ابخرة من
18
البدن؛ فى أى الطرق صعدت. وتنفع الحجامة على النقرة وعلى الرأس أيضًا.
19
وان كان مع الدم اخلاط مختلفة، او كان سببها الاخلاط، دون الدم، فليبادر
20
بالإستفراغ بحب الايارج او نقيع الصبر ان كانت الأخلاط حارة، او طبيخ الهليلج او طبيخ
21
الافثيمون وحب الاصطمخيقون ان كانت مختلفة. وبعد الإستفراغات تستعمل حقنة
22
بماء القنطوريون والحنظل، ثم يحتجم على الرأس؛ والنقرة، ثم يقبل على الغراغر <و
23
السعوطات> والعطوسات والشمومات التى فيها مسك وجندبيدستر وشونيز ومرزنجوش.
24
واذاها حب النوبة فاستعن بالدلك للاسافل. وان كان السبب فى ذلك من المعدة،
25
واخلاط فيها، فليستعمل القىء بماء قد طبخ فيه شبث وفجل، وجعل فيه عسل، وملح،
26
وسائر المقيئات المعتدلة، ثم استفرغ بالقوقاى ان كانت القوة قوية، اوحب الايارج
27
ونقيع الصبر ان كانت القوة دون القوية. وان علم ان الاخلاط مرة ساذجة، فطبيخ
28
الإهليلج مع الشاهترج، ويعلم ذلك بالدلائل المذكورة فى هذا الباب وفى باب المعدة.
3-108
1
وان كان السبب فى عضو آخر عالجت كلًا بما يجب، وقويت الرأس فى إبتدائه،
2
بدهن الورد مع قليل دهن بابونج، وبعد الإستحكام بدهن البابونج المبرد.
3
واذا علم ان المادة فى الرأس وحده احتجم على الرأس والنقرة، وفصد العرق
4
الذى خلف الأذن، واستعمل الشبيارات والغرغرات والشمومات والنطولات والسعوطات و
5
العطوسات المذكورة وما اشبهها بحسب المواد على ما علمت فى القانون، وان رأى ان السبب
6
سوء مزاج مختلف فيجب ان تعرف سببه وعلامته بما علم، وتعالج بالضد ليستوى مزاجًا
7
طبيعيًا. وان كان السبب ضربة او سقطة عالجتها اولًا بما قيل فى بابه، فان برأت وبقى
8
الدوار عالجت الدوار بما تبين. ويجب ان يجتنب صاحب الدوار النظر الى كل شىء دائر
9
بالعجلة، ويجتنب الإشراف من المغارات ومن القلل والآكام والسطوح العالية.
10
وأما السدر والدوار الكائن بسبب خوى المعدة فيسكنه تناول لقم مغموسة فى رب الفواكه
11
القابضة ومياهها وخصوصًا الحصرم.
12
|191rb24|فى اللوى وهو البيجيذق
13
ويعرض للبدن من جهة تواتر الإمتلاء ونحوه فى العضل والعروق حالة كالاعياء،
14
تتمدد له العروق، ويكثر التثاؤب، والتمطى لكثرة الريح والبخار، ويحمر معه
15
الوجه والعين، ويستدعى التلوى والتمدد. واذا كثر ذلك بالإنسان دل على الإمتلاء
16
فيجب ان يستفرغ الخلط الدموى والصفراوى، ويستعمل الماء البارد، فان ذلك ربما
17
سكنه فى الحال بما يفثؤ الغليان، وللوج خاصية فى ازالته اذا مضغ، او يستف وشرب،
18
ولعله بما يحلل الريح المغلية، وكذلك الكزبرة بالسكر. والحماميون يشفون صاحبه
19
بشد اليد على العرق السباتى حتى يصيب الإنسان كالغشى، و لعله بما يزعج من الروح
20
المتصعد الى الدماغ بجملة عنيفة مستولية على المواد بالتحليل، وفيه خطر. ويجب
21
ان لا يحبس اليد على العروق قدر ما لا يطيق الإنسان ان يمسك معه نفسه.
22
|191vb52|فى الكابوس ويسمى الخانق
23
وقد يسمى بالعربية الجائوم والنيدلان. والكابوس مرض يحس فيه الإنسان
24
عند دخوله فى النوم خيالًا ثقيلًا يقع عليه، ويعصره ويضيق نفسه، فينقطع صوته وحركته،
25
ويكاد يختنق لإنسداد المسام. واذا انقضى عنه، انتبه دفعة. وهو مقدمة لإحدى العلل
26
الثلث؛ إما السكتة، وإما الصرع، وإما المانيا. وذلك اذا كان من مواد مزدحمة،
3-109
1
ولم يكن من اسباب أخر غير مادية، ولكن سببه فى الاكثر بخار مواد غليظة دموية،
2
اوبلغمية، اوسوداوية ترتفع الى الدماغ دفعة فى حال سكون حركة اليقظة المحللة للبخار.
3
ويتخيل كل خلط [بلونه، وعلامة كل خلط] ظاهرة بالقوانين المتقدمة. وقد يكون
4
من برد شديد يصيب الرأس عند النوم دفعة، فيعصره ويكثفه ويقبضه ويخيل منه تلك
5
الخيالات بعينها، ولا يكون ذلك إلا لضعف أيضًا من الدماغ لحرارته اوسوء مزاج به.
6
العلاج: علاجه الفصد والإسهال بما يخرج كل خلط. وان كانت الأخلاط غليظة
7
كثيرة ينتفع بهذا المسهل؛ يوخذ خربق درهم، سقمونيا ثلث درهم، شحم حنظل ربع
8
درهم، انيسون دانقان ــ ان كانت القوة قوية و إلا حب اللازورد اوحب الإصطمخيقون
9
الأفثيمونى، او الأيارجات الكبار مثل ايارج قثاء الحمار وايارج روفس خاصة، ثم يقوى
10
الرأس بما تعلمه من القانون. ومما ينفع فيه أيضًا سقى حب الفاويتا على الإتصال. وان
11
كان السبب فيه بردًا يصيب الدماغ ويوثر فيه هذا الخيال فيجب ان يستعمل الأدهان
12
الحارة المسخنة القابضة والضمادات المحمرة وغير ذلك. ويجب ان لا نطول الكلام
13
فيه فقد تقدم ما يغنى.
14
|192ra37|فى الصرع
15
الصرع علة تمنع الأعضاء النفسية عن افعال الحس، والحركة، والإنتقال،
16
منعًا غير تام؛ وذلك لسدة تقع. واكثره لتشنج كلى يعرض من آفة تصيب البطن المقدم
17
من الدماغ، فيحدث سدة غير كاملة فتمنع نفوذ قوة الحس والحركة فيه وفى الأعضاء
18
نفوذًا تامًا من غير انقطاع بالكلية، ويمنع عن التمكن من القيام، ولا يمكن الإنسان ان
19
يبقى معه منتصب البدن. ولان كل تشنج ــ كما نبينه ــ يكون إما عن إمتلاء، وإما عن
20
يبس، وإما عن تقبض لسبب موذ، وكذلك الصرع إلا أنه لا يكون عن اليبوسة، لان الصرع
21
يكون دفعة، والتشنج اليابس لا يكون دفعة. ولان الدماغ لا يبلغ الامر فى يبسه ان
22
يتشنج له اذ يعطب البدن قبله، فبقى ان يكون سببه إما بقبض الدماغ لدفع شىء موذ هو
23
إما بخار، وإما كيفية لاذعة، او رطوبة رديئة الجوهر، وإما خلط محدث سدة غير كاملة
24
فى بطون الدماغ، او اصول منابت العصب.
25
وقد يكون ذلك من الخلط لحركة موجبة تقع فى الخلط، اولغليان من حرارة
26
مفرطة فيما يقع من السدة، ولاتنفذ قوة الحس والحركة نفوذه الطبيعى، وبما لايتم
3-110
1
ينفذ فيه شىء بمقدار ما فلا يعدم الأعضاء [قوة] الحس وقوة الحركة بالتمام. واما لريح
2
غليظة يحتبس فى منافذ الروح، على ما يرى الفيلسوف الاكبر ارسطوطاليس ويراه احد
3
اسباب الصرع.
4
واذا كان هناك خلط ساد فان الدماغ أيضًا مع ذلك ينقبض لدفع الموذى مثل
5
ما يعرض للمعدة من الفواق، والتهوع، ومثل ما يعرض من الإختلاج اذا كان التقبض
6
والانعصار اصلًا فى دفع الاعضاء ما تدفعه. واذا انقبض الدماغ اختلفت حركاته،
7
وتبعه تقبض العصب فى الوجه وغيره، واختلاف حركاتها. وأما الإفاقة فاما
8
ان يقع لإندفاع الخلط، اولتحلل الريح، اولإندفاع الموذى.
9
وأما التشنج النازل الى الأعضاء ''الذى يصحب" الصرع، فسببه ان المادة التى
10
تغشى الدماغ او الأذى الذى يلحقه يلحق العصب أيضًا، فيكون حالها حاله. وذلك
11
لعلل ثلث: اتباعها لجوهر الدماغ، وتأذيها بما يتاذى به، وإمتلاؤها من الخلط المندفع
12
اليها فى مباديها، ويزداد عرضها، ويتقلص طولها. وانما كان الصرع يجرى مجرى
13
التشنج، ليس مجرى الاسترخاء فيفعل إنقباضًا من الدماغ وتقلصًا ولا يفعل
14
إسترخاء وانبساطًا، لان الدماغ يحاول فى ذلك دفع شىء عن نفسه. والدفع انما يتاتى
15
بالإنقباض، والإنعصار. وكل تشنج مادى فانه ينتفع بالحمى. والصرع تشنج مادى
16
فهو ينتفع بالحمى. والاورام اذا ظهرت به فربما حللته، ونقصت مادته. وكثيرًا ما
17
ينتقل المالنخوليا الى الصرع والصرع للمالنخوليا.
18
وقد ظن بعض الناس انه قد يكون [من الصرع] ما ليس عن مادة، فانه ان عنى
19
بهذا ان السبب فيه بخار او كيفية يضر بالدماغ فيفعل فيه التقلص المذكور فلقوله معنى،
20
وان عنى ان سبب ذلك هو نفس المزاج الساذج اذا كان فى الدماغ فيفعل الصرع،
21
فذلك ما لا وجه له. لان تلك الكيفية اذا كانت قد تكيفت بها الدماغ وجب ان يكون
22
الصرع ملازمًا اياها؛ ولا يكون مما يزول فى الحال؛ بل سبب الصرع هو مما يكون دفعة،
23
ويزول فى الحال، اويغلب فيقتل، ومثل ذلك لا يكون كيفية حاصلة فى نفس الدماغ،
24
بل مادة اوكيفية تتادى اليه وتنقطع. وذلك من عضو آخر لا محالة.
25
والزبد يعرض فى الصرع لإضطراب حركة التنفس [لا] لاختناقه. وذلك الإضطراب
26
لإضطراب التشنج. و يعرض فى السكتة لاختناق ولإستكراه التنفس. وكأن الصرع
27
تشنج يخص اولًا الدماغ، والتشنج صرع يخص اولًا عضوًا ما، وكأن حركة الصداع صرع
3-111
1
خفيف، وكأن الصرع عطاس كبير قوى، إلا ان اكثر دفع العطاس الى جهة المقدم
2
لقوة القوة وضعف المادة، ودفع الصرع الى اى وجه كان امكن واسهل. ويجب
3
ان يحصل مما قيل ان الصرع اذا كان فى الدماغ نفسه فالسبب فيه مادة لا محالة تفعل
4
ريحًا محتبسة فى مجارى الحس والحركة، او تملأ البطنين المقدمين بعض الملأ، وهذه
5
المادة إما دم غالب [وكثير]، وإما بلغم، اوسوداء، اوصفراء، و[هو] قليل جدًا. و
6
بعده فى القلة الدم الساذج. وأما الدم الذى يضرب مزاجه الى مزاج السوداء، او البلغم
7
فقد يكثر كونه سببًا؛ لكن السبب الأكثر هو الرطوبة مجردة، او الى السوداء، فان اغلب
8
ما يعرض الصرع يعرض عن بلغم.
9
وقد قال ابقراط ان اكثر الغنم التى تصرع اذا شرح عن ادمغتها وجد فيها رطوبة
10
رديئة منتنة. وكل سبب للصرع دماغى فانه يستند الى ضعف الهضم فيه، فلا يخلو إما
11
ان يكون فى جوهر الدماغ ومخيته ــ وهو اردأ، وإما ان يكون فى اغشيته ــ وهو اخف. و
12
الصرع السوداوى القوى اردى ــ وان كان البلغمى اكثر ــ فان السوداوى اسد لمنافذ الروح، و
13
المخصوص عند بعضهم باسم ام الصبيان قاتل جدًا. واذا اتصلت نوائب الصرع قتل.
14
وأما الصرع الذى يكون سببه فى عضو آخر فذلك إما بان يرتفع منه الى الدماغ بخارات،
15
ورياح موذية الكمية، ثم يجتمع فيها على سبيل التصعيد، ثم يتكاثف بعده مادة ذات
16
قوام يفعل بقوامها، اوبما يتكون منها من ريح، او بأن يرتفع اليه بخار اوريح مؤذ لا بالكمية
17
بل بالكيفية وإما بالإجماد، وإما بالإحراق، وإما بالسمية، ورداءة الجوهر، وإما
18
ان يرتفع اليه كيفية ساذجة فقط، وإما ان يرتفع اليه ما يوذى من الوجهين.
19
وأما العضو الذى يرتفع منه الى الدماغ بخارات تصرع بكثرتها فهو إما جميع
20
البدن، وإما المعدة، وإما الطحال، وإما المراق. ويقع ذلك أيضًا فى سائر الاعضاء.
21
وأما الموذى ببخار ردئ الجوهر والكيفية، فهو فى جميع البدن أيضًا حتى اصبع اليد
22
والرجل. ويكون سبب ذلك احتباس دم اوخلط فى منفذ قد عرضت له سدة فينقطع
23
عنه الحرارة الغريزية، فيموت فيه ويعفن، ويستحيل الى كيفية رديئة، وينبعث منه على
24
الادوار، اولا على الادوار، مادة بخارية، اوكيفية سمية، او يكون وقع عليها بعض
25
السموم فأثرت فى العصب، كما يؤثر لسع العقرب على العصب فيندفع سميته بوسائط
26
العصب الى الدماغ، فيوذيه فينقبض منه، ويتشنج وتضطرب حركاته، كما يصيب
27
المعدة عند تناول ما له لذع على الخلاء من الفواق، وعند كون فم المعدة قوى الحس.
28
والفواق نوع من التشنج. واذا عرض للدماغ من مثل هذا السبب التشنج وانقباض فانه
29
حينئذ يتبعه انقباض جميع العصب وتشنجه. وحكى جالينوس عن نفسه: انه كان
3-112
1
يصيبه الفواق، عند تناوله الفلافلى، ثم الشرب للشراب بعده، لتأذى فم المعدة بالحدة،
2
وقد شاهدنا قريبًا من ذلك لغيره.
3
وقد حكى جالينوس وغيره، وشاهدنا نحن أيضًا بعده: ان كثيرًا ما كان يحس
4
المصروع بشىء يرتفع من ابهام رجله كريح باردة وياخذ نحو دماغه، فاذا وصل الى
5
قلبه ودماغه صرع. قال جالينوس: وكان اذا <سبق> ربط ساقه برباط قوى قبل النوبة
6
امتنع ذلك، اوخف. وقد شاهدنا نحن من هذا الباب امورًا عجيبة. وقد كوى بعضهم
7
على ابهامه. وبعضهم على اصبع آخر كان البخار من جهته فبرئ.
8
ومن هذا الباب الصرع الذى يعرض بسبب الديدان، وحب القرع. وضرب
9
من الصرع مركب بالغشى، يكاد الأطباء يخرجونه من باب الصرع، وهو فيه، وضرب
10
منه. ومن قبيله يسمى اختناق الرحم: وهو أن المرأة اذا عرض لها ان احتبس طمثها
11
لا فى وقته، واحتقن أو احتبس منيها، لترك الجماع استحال ذلك فى رحمها الى كيفية
12
سمية، وكان له حركات وتبخيرات إما بادوار، وإما بغير ادوار، فيعرض ان يرتفع
13
بخارها الى القلب والدماغ، فتصرع المرأة. وكذلك قد يتفق للرجل ان يجتمع فى
14
اوعية المنى منه منى كثير، ويتراكم، ويبرد، ويستحيل الى كيفية سمية، فيصيبه مثل
15
ذلك. وكذلك يتفق للمرأة الحامل صرع فى الحمل. فاذا وضعت واستفرغت المادة
16
الرديئة الطمثية زال ذلك. وقد حكى لنا صرع يبتدئ من الفقار وصرع يبتدئ من الكتف
17
وغير ذلك.
18
وأما الذى يكون [من المعدة و] من المراق، وبسبب تخم تورث سددًا فى
19
العروق، ولا يقبل الغذاء المحمود، ويفسد فيها الخلط، او يبقى فيها الغذاء المحمود
20
مختنقًا للسدد، فيفسد. وكثيرًا ما يتراجع الى المعدة فاسدًا فيفسد الغذاء الجديد المحمود.
21
وكثيرًا ما يعرض بسبب ذلك القىء لطعام غير منهضم. وعلى كل حال كان الصرع بشركة،
22
او بغير شركة، فان مبدأ الصرع القريب: هو الدماغ، او البطن المقدم منه، والبطون
23
الأخرى معه؛ و لان كل آفة يعتد بها تقع فى حس البصر، والسمع، وفى حركات
24
عضل الوجه، والجفن، وان كان سائر الحواس والاعضاء المتحركة تشترك فى الآفة.
25
ولولا المشاركة فى الآفة لسائر البطون لما بطل الفهم، ولما تضرروا فى التنفس.
26
والصرع فى اكثر الأمور يتقدمه التشنج، ثم يكون بعده الصرع، وذلك لانه
27
اذا استحكم التشنج كان الصرع. فاذا اندفع السبب الموذى، او تحلل الريح، عادت
28
الافعال الحسية والحركية، وربما ظهر الخلط المندفع معاينة فى المنخر، وفى الحلق.
29
وكثيرًا ما يكون الصرع بلا تشنج محسوس؛ وذلك لان المادة الفاعلة تكون رقيقة وتفعل
30
بالإمتلاء، لا بالرداءة الشديدة.
3-113
1
والصرع يصيب الصبيان كثيرًا بسبب رطوباتهم؛ فربما ظهر بهم اول ما يولدون،
2
وقد يكون بعد الترعرع. فان اصيب فى تدبيرهم زال وإلا بقى. ويجب ان يجتهد
3
ان يزال عنهم ذلك قبل الإنبات. وابعد الصبيان من ذلك من يعرض له فى ناحية رأسه
4
قروح، واورام، او يكون سائل المنخرين، وفى الدماغ رطوبة فى اصل الخلقة من
5
حقها ان تتنقى، فربما تنقت فى الرحم وربما تنقت بعد الولادة، فان لم يتنق لم يكن
6
بد من صرع. واكثر الصرع الذى يصيب الصبيان فانه قد يخف علاجه، ويزول بالبلوغ
7
اذا لم يعنه سوء التدبير وترك العلاج. والصرع قد يصيب الشبان فان كان بعد خمسة
8
وعشرين سنة لعلة فى الدماغ، وخاصة فى جوهره كانت لازمة، ولا يفارق. ويكون
9
غاية فعل العلاج فيهم تخفيف من عاديته وابطاء نوائبه. وقد قال ابقراط: ان الصرع
10
يبقى بهم الى ان يموتوا. وأما المشايخ فقل ما يصيبهم السددى.
11
وقد يعين الاسباب المحركة للصرع اسباب من خارج، مثل التعدى فى المطعم،
12
والمشرب، والتخم، ومثل التعريض الكثير للشمس بما يجذب من المواد الى الرأس،
13
وذلك لما يمنع من انتشار المواد فى جهتى البدن فيحركها الى فوق. والجماع الكثير
14
من اسبابه. ومن اسبابه التنعم والسكون وقلة الرياضة. ومن اسبابه الرياضة على
15
الإمتلاء لما يتحرك لها الاخلاط الى تحلل غيرتام، ويملأ التجاويف. ومن اسبابه ما يضعف
16
القلب من خوف لوقوع هدة، وصيحة بغتة. ومن اسبابه الصوم لصاحب المعدة [الضعيفة
17
وشرب الشراب الصرف أيضًا لما يوذى المعدة]. وهذه اسباب بعيدة توجب الاسباب
18
القريبة. ونحن نجعل لهذه الاسباب بابًا مفردًا. وقيل ان المصروع اذا لبس مسلاخ
19
عنز كما يسلخ وشرع فى الماء صرع. وكذلك اذا دخن بقرن الماعز والمر والحاشا.
20
وكثيرًا ما ينحل الصرع بحميات يقاسيها صاحبه، وخصوصًا ما طال، والربع
21
خاصة لشدة طوله، ولإنضاجه المادة السوداوية حتى يتحلل، والنافض القوى، فان
22
النفض يزعج ما يلحج فى الدماغ من الفضول. والعرق الذى يتبع النافض ينفضه.
23
وكما ان السكتة تنحل الى فالج، وكذلك كثير من الصرع ينحل الى فالج. وقد زعم
24
بعضهم: ان البلغمى يصحبه إرتعاش، وإضطراب، لان البلغم لا يبلغ من كثافته
25
ان يسد المجارى سدًا تامًا. وأما السوداوى فقد يسد سدًا تامًا، فيعرض منه قلة الإضطراب.
26
وزعم بعضهم ان الذى يكثر معه الإضطراب فبالحرى ان يكون سببه الخلط الاقل مقدارًا،
27
والاقل نفاذًا فى المجارى، فجعل الامر بالعكس؛ ولا شىء من القولين بمقطوع به. قال
3-114
1
روفس: اذا ظهر البرص بنواحى الرأس من المصروع دل على إنحلال مادة الصرع،
2
وعلى البرء. وكثيرًا ما ينحل الصرع الى فالج، ومالنخوليا.
3
|193rb38|المتهيئون للصرع
4
يعرض الصرع للمرطوبين باسنانهم كالصبيان، والاطفال، والمرطوبين بتدبيرهم
5
كاصحاب التخم، والذين يسكنون بلادًا جنوبية الريح، لانها تملأ الرأس رطوبة.
6
والصرع للنساء، والصبيان، وكل من هو ضيق العروق، قليل الدم، اقتل.
7
علامات اصنافه
8
نقول: ان من العلامات المشتركة لأكثر اصناف المصروعين صفرة السنتهم،
9
وخضرة العروق التى تحتها، وكثيرًا ما يتقدمه تغير من البدن عن مزاجه، وثقل فى الرأس،
10
وخصوصًا اذا غضب، او حدث به نفخ فى البطن، ويتقدمه ضعف فى حركة اللسان،
11
واحلام رديئة، ونسيان، او فزع، وخوف، وجبن، وخبث نفس، وضيق الصدر،
12
و غضب، وحدة؛ وليس كل صنف منه يقبل العلاج. والموذى منه هو الذى يتقدمه
13
هز شديد، وإضطراب قوى كثير، ثم يتبعه سكون شديد، مديد، بازدياد شديد، وضرر
14
فى النفس، فيدل على كثرة مادة وضعف قوة.
15
فاذا اردت ان تعلم ان العلة فى الدماغ، او فى الاعضاء الأخرى، فتأمل هل
16
تجد دائمًا ثقلًا فى الرأس، ودوارًا، وظلمة فى العين، وثقلًا فى اللسان، والحواس؛
17
وإضطرابًا فى حركاته؛ وصفرة فى الوجه، فاذا وجدت ذلك مع إختلاط فى العقل،
18
او نسيان دائم، وبلادة، ورعونة، ولم يكن يقل وينقص على الخلاء، وبما
19
يحدث من لين الطبيعة، والمستفرغات، فاحكم ان ذلك فى الدماغ وحده. ثم ان
20
لم تجد فى الاعضاء العصبية، وفى الطحال، والكبد، ولا فى شىء من الاطراف
21
والمفاصل آفة، ولا احس العليل بشىء يصعد الى رأسه من موضع، صح عندك أن
22
الآفة من الدماغ. وعلامات الصرع السهل ان يكون الاعراض اسلم، وان يكون صاحبه
23
يثوب اليه العقل بسرعة فيخجل كما يفيق، وان يسرع اليه إفاقة بالعطوسات، وبالشمومات،
24
وبما يحرك القئ مما يدخل فى الحلق قيأه، او لم يقيئ. وعلامة الصعب منه عسر
25
النفس، وطول الإضطراب، ثم طول الخمود بعده، وقلة الإفاقة بالتشميم، والتعطيس،
26
ودون هذا ما يطول فيه الإضطراب، ولا يطول الخمود، او يطول فيه الخمود، ويقل
27
الإضطراب.
3-115
1
وعلامة ما كان سببه من ريح غليظة تتولد فيه ان لا يجد معه وقريبًا منه ثقلًا،
2
بل يجد <قريبًا تجدد قئ> وتمددًا، ولا يكون تشنجه شديدًا. وعلامة ما كان منه سببه
3
البلغم فأن يكون الريق حارًا زبديًا، غليظًا كثيرًا، ويكون فى البول شىء كالزجاج الذائب،
4
ويكثر فيه الجبن، والفزع، والكسل، والثقل، والنسيان. وقد يتعرف من القىء
5
أيضًا، ومن اللون الزبد، وأيضًا من لون الدم. وقد يتعرف من السن، والبلد، والاسباب
6
الماضية من الأغذية، والتدابير. ومما يدل عليه السكون، والدعة، ولون الوجه،
7
والعين، وسائر ما علمته فى القانون. فان كان البلغم مع ذلك فجًا باردًا، كان النسيان،
8
والبلادة، وثقل الرأس والبدن، والسبات اكثر، ويكون الصرع اشد ارخاءً واضعافًا.
9
وهذا النوع ردئ جدًا.
10
وأما الكائن عن البلغم المالح فيكون السبات فيه اقل، وبرد الدماغ اخف،
11
والحركات اسلم. واما علامة ما كان سببه السوداء فقىء السوداء، إما الشبيه بالدم
12
الاسود، وإما الحريف المحترق، وإما الحامض الذى تغلى منه الارض، ويكون
13
طباع صاحبها مائلًا الى الإختلاط فى ذهنه، والى حالة كالمالنخوليا، ولا يصفو عقله
14
عند الإفراق. ويستدل على السوداء أيضًا من لون الوجه، والعين، ومن جفاف المنخر،
15
واللسان، والتدبير المولد للسوداء. فان كانت السوداء عكر دم طبيعى كان الصرع مع
16
إسترخاء وقلة كلام، ومع سكون، ويكون صاحبه صاحب افكار ساكنة هادية. فان
17
كانت السوداء من جنس الصفراء المحترقة ــ وهو الحريف ــ فان إختلاطه يكون جنونيًا،
18
ومع كثرة كلام وصياح، ويكون صرعه مضطربًا، وخفيف الزوال. وربما كان مع
19
حمى، ولا سيما اذا كان سوداؤه رقيقًا. وان كان عن سوداء دموى كانت احواله مع
20
ضحك. وأنت تقدر على ان تتعرف جوهر السوداء من القئ، هل هو شبيه بثقل الدم فهو
21
سوداء طبيعى، او شبيه بثقل النبيذ فهو سوداء محترق، او خشن فهو عفص، يخشن الحلق،
22
و يدل على غاية برده ويبسه. اوحامض رقيق مع رغوة فهو يغلى على الارض، اوغليظ
23
لا رغوة له.
24
وأما علامة ما يكون سببه الدم فانا نقول: ان الدم ان فعل الصرع بالغليان،
25
والحركة دون الكمية، ولم يظهر له كثير فعل فى اللون، ودرور الأوداج، ولا حال
26
كالإختناق فى اوقات قبل الصرع، ولكن يظهر منه ثقل، وبلادة، وإسترخاء، وكثرة
27
ريق، ومخاط كما يظهر من البلغم، ولكن مع حرارة، وحمرة فى العين، وبخار على
28
الرأس دموى. فان فعل بالكمية كان مع العلامات درور فى الاوداج، وتقدم حال
29
كالإختناق. وعلامة ما كان من الصرع بسبب مادة صفراوية ــ و ذلك فى الاقل ــ [هو]
3-116
1
ان يكون التأذى، والكرب عنه اشد، والتشنج معه اقل، ومدته اقصر، ولكن الحركات
2
تكون فيه اشد إضطرابًا، ويدل عليه القىء، والإلتهاب، وشدة إختلاط العقل، وصفرة
3
اللون والعين.
4
وأما ما كان سببه من المعدة فعلاماته: إختلاج فى فم المعدة لا سيما عند تأخر
5
الغذاء، ورعدة، وإرتعاش، وإهتزاز عند الصرع، وصياح، وخصوصًا فى إبتداء الأخذ،
6
ويكون معه إنطلاق براز، ودرور بول، وإمذاء، او إمناء، وخفقان، وصداع شديد،
7
وخفة الصرع اوزواله باستعمال القىء، واحوال تدل على فساد المعدة، وزيادة من الصرع
8
ونقصان، بحسب تلطخ المعدة ونقائها. وربما يقتل هذا بتواتر الأدوار. فمن ذلك
9
ان يفعل الخلط الذى فيها بكثرته، وكثرة بخاراته، وهذا هو الخلط البلغمى فى الأكثر.
10
وربما خالطه غيره فعلاماته: ان يعرض الصرع فى اوقات الإمتلاء، والتخمة،
11
ويخف عند الخواء، وعند قوة إستطلاق الطبيعة بالطعام، ويكون على ترادف من التخم.
12
فان كان مع ذلك مخالطًا لمادة صفراوية، وجد عطشًا، ولهيبًا، ولذعًا، وإحتراقًا.
13
فان كان مع ذلك سوداء كثرت شهوته فى اكثر الاحوال، واحس بطعم حامض، وتولد
14
منه الفكر، والوسواس؛ على ان الدلائل البلغمية تكون اغلب. ومن ذلك ان يفعل
15
الخلط الذى فيه، برداءته لا لكثرته، فعلامته: ان يعرض الصرع فى اوقات الخواء،
16
ومصادفة المادة فم المعدة وهى خالية، وانقطاع الصرع مع الغذاء الموافق المحمود.
17
فان كان الخلط حادًا من جنس الصفراء، عرفته بالدلائل التى ذكرناها. وان كان من
18
المراق فعلامته: جشاء حامض، وقراقر، ونفخ موجعة بطيئة السكون، وإلتهاب فى
19
المراق، وربما هاج معه وجع بين الكتفين بعد تناول الطعام بيسير لا يسكن إلا عند
20
هضمه، ثم يعود بعد تناول الطعام، فاذا عرض على الخلاء فانما يعرض مع صلابة الطبيعة،
21
ويبطل بلين الطبيعة، وخاصة ان كان يجد تمددًا فى المراق الى فوق، ورعدة.
22
ويعرض لهؤلاء فى الطعام غير المنهضم لما بيناه من تراجع غذائهم لفساده، وانسداد
23
مسالكه، فمن ذلك ما يكون بخار المراق الفاعل للصرع صفراويًا يعرف ذلك بالإلتهاب
24
الحادث من اللون، وإختلاط العقل المائل الى الضجر، والى التعبث، ومن ذلك
25
ما يكون بخاره سوداويًا؛ فيحدث معه شعبة من المالنخوليا، وجبن، وخبث نفس، و
26
خوف، لظلمة المادة. ويعرض منه حب الموت، او بغض له، وخوف، وسائر ما قيل
27
فى المالنخوليا.
28
وأما ما كان سببه ومبدأه من الكبد، او من جميع البدن، فيدل عليه اللون،
29
والشعر، ويبوسة الجلد، وقحله، او رهله، وسمنه، وهزاله، وكثرة تنديه ببخار الدم؛
30
ويدل عليه النبض، والبول، وحال الأغذية المتقدمة، والتدبير السالف. ويدل
3-117
1
عليه إحتباس ما كان يستفرغ من المقعدة، والرحم، والعروق، وغير ذلك. فان كان
2
دمويًا الى الإحتراق رأيت حمرة لون، وموجية عرق، وضحكًا عند الوقوع. وان كان
3
صفراويًا او بلغميًا، اوسوداويًا، عرفته بعلاماته المذكورة.
4
وأما ما كان سببه الرحم فيكون لا محالة مع إحتباس طمث، او منى، او رطوبات
5
تنصب الى الرحم، ويتقدمه وجع فى العانة، والاربيتين، ونواحى الظهر، وثقل
6
فى الرحم. وأما ما كان سببه الطحال فيعرف ذلك بان العلة سوداوية، ويحس الوجع
7
فى جانب الطحال، ويكون مع نفخة الطحال، اوصلابته، او مع قراقر فى جانبه، و
8
مع مشاركة البدن له فى الأكثر.
9
وأما ما كان من مادة سمية تطلع من بعض الأعضاء بواسطة العصب، فاما
10
ان يكون مبدؤه من خارج؛ وعلامة ذلك ظاهرة مثل لسع عقرب، او رتيلا، او زنبور، واذا
11
وقع شىء من هذا اللسع على العصب. وإما ان يكون من داخل؛ فيحس بارتفاع بخار منه
12
الى الرأس، يظلم له البصر فيسقط، وذلك العضو إما اليد، وإما الرجل، وإما الظهر،
13
وإما العانة، وإما شىء من الأحشاء كالمعدة والرحم. وأما علامة ما يكون من الديدان
14
فسيلان اللعاب، وسقوط الديدان، وحب القرع.
15
|194ra58|فصل فى الاسباب المحركة للصرع
16
الإنتقال الى هواء معين للصرع، كما ان من الاسباب المزيلة له الإنتقال الى هواء
17
معين عليه، وكل حر مفرط شمسى، او نارى، وكل برد، والجماع الكثير. والصرع
18
قد تثيره كثرة الأمطار، وريح الشمال والجنوب معًا؛ أما الشمال [والبلاد الشمالية]:
19
فلحقنه المواد، ومنعها التحلل، وأما الجنوب، والبلاد الجنوبية: فلتحر يكها الأخلاط،
20
وملئه الدماغ، وترقيقها اياها، وتقويتها لها، ويهيج فى الشتاء كثيرًا، كما يهيج فى
21
الشمال، وفى الخريف، لفساد الأخلاط. ويقل فى البلاد الشمالية؛ لكنه يكون
22
قاتلًا؛ لانه لولا سبب قوى لم يعرض. والروايح الطيبة ربما حركته [و] الحركة ومطالعة
23
الحركات السريعة، والدائرة، والإطلاع من الاشراف، وطول اللبث فى الحمام،
24
والحمام قبل الهضم، وصب الماء الحار على الرأس، وتناول ما يولد دمًا بخاريًا عكرًا،
25
او مظلمًا مثل الشراب العكر. والعتيق أيضًا يضره، والذى لم يصف من الحديث، ولم
26
يتروق، والصرف الناكى فى الدماغ، والكرفس خاصة بخاصية فيه، والعدس لتوليده
27
دمًا سوداويًا، اللهم الا ان يخلط بكشك الشعير، والباقلى أيضًا، والثوم لملئه الرأس
3-118
1
بخارًا، والبصل كذلك؛ ولان جوهره يستحيل الى رطوبة رديئة؛ واللبن أيضًا، والحلاوى،
2
وكثرة الدسم فى الطعام، وكل غليظ، ونفاخ، وقباض، وبارد، وكل حاد، وحريف.
3
والهيضة مما يحرك الصرع لتثويرها الأخلاط، وتحريكها اياها، والتخمة،
4
وسوء الهضم، والسهر، والآلام النفسانية القوية من الغضب، والغم، والخوف،
5
والإنفعالات الحسية القوية من سماع اصوات عظيمة؛ مثل الرعد، وصوت الطبول،
6
وزئير الأسد، والأصوات الصلالة مثل صوت الجلاجل، والصرارة مثل صريف الباب
7
الحاد، وكذلك من ابصار انوار باهرة مثل البرق الخاطف للبصر، ونور عين الشمس، و
8
من ملامسة حركات رياح قوية كحركات الرياح العاصفة، وقد يهيج الصرع من الرياضة
9
على الامتلاء اريد بها التحليل او لم يرد.
10
|194rb53|فصل فى الادوية الصارعة
11
قد ذكرنا الأدوية التى تصرع، وتكشف عن المصروع فى جدول امراض الرأس،
12
بعلامته مثل التبخير بالقنة، والمر، وقرون الماعز، واكل كبد التيس، وشم رائحته،
13
وكذلك اذا جعل المر فى انفه.
14
العلاج: أما صرع الصبيان فيجب ان يعالج بان يصلح غذاء المرضعة، ويجعل مائلًا
15
الى حرارة لطيفة مع جودة كيموس، وتجتنب المرضعة كل ما يولد لبنًا مائيًا، او فاسدًا،
16
اوغليظًا، وتمنع الجماع، والحبل، ويجب ان يجنب هذا الصبى كل شىء فيه مغافصة
17
ذعر، وازعاج مثل الاصوات العظيمة، والخشنة كصوت الطبل والبرق والرعد و
18
الجلاجل وصياح الصائحين، وان يجنب السهر، والغضب، والخوف، والبرد
19
الشديد، والحر الشديد، وسوء الهضم، وان يكلف الرياضة قبل الطعام برفق، وتحرم
20
عليه الحركة بعد الطعام. وان احتمل استفراغًا بالأدوية المستفرغة للبلغم رقيقًا فعل ذلك.
21
وينفعهم ان يقيؤا احيانًا بماء العسل، وان يسقوا الجلنجبين السكرى، والعسلى، ويشموا
22
السذاب، وسائر الملطفات؛ فان التشميم بالشمومات التى نذكرها ربما كفى الخطب.
23
ثم يعم المصروعين كلهم ان يستعملوا الأغذية المحمودة التى لها ترطيب محمود
24
غير مفرط، وليحذروا من الإمتلاء، وليحذروا سوء الهضم؛ وذلك بان يكفوا ولم يبلغوا
25
تمام الشبع، ومن لم تجر عادته بالوجبة فيتم غذاءه الذى هو [دون] شبعه ثلثة اقسام
26
يتناول ثلثه غداءً، وثلثيه عشاءً، بعد رياضة لطيفة، ولا يستكثروا من الخمر فانها شديدة
27
الملء للدماغ، ثم ان لم يكن بد من ان يستعملوا من الشراب شيئًا فقليل عتيق مروق،
3-119
1
والى العفوصة. وأضر الاشياء بهم الشرب عقيب الإستحمام، وأيضًا البرد المغافص،
2
بل يجب ان يوقوا الرأس ملاقاة كل حر مفرط، او برد مفرط، ولا يبطؤا فى الحمام.
3
وعلى المصروع ان يجتنب اللحوم الغليظة كلها، والقوية الغذاء، والسمك كله،
4
بل لحوم جميع ذوات الاربع الكبار، ويقتصر على الفراريج، والدراريج والطياهيج،
5
والعصافير الأهلية، والجبلية، والقنابير، والشفانين، والجداء، والغزلان، و
6
الأرانب. وقد قيل ان لحم الخنزير البرى شديد النفع له. وقد يمدح لهم لحوم الماعز،
7
لما فيها من التجفيف، وقلة الترطيب. كما تكره لهم الحلاوات، والدسومات، و
8
نحوها. ويجتنب البقول كلها، وخصوصًا الكرفس فان له خاصية فى تحريك الصرع.
9
فان كان ولا بد فليستعمل الشاهترج، والهندبا. وقد رخص لهم فى الخس، وانا
10
لا احمده لهم كثير حمد. وكذلك قد رخص لهم فى الكزبرة لمنعها البخار من الرأس،
11
وانا اكرهها؛ واستكثارها لهم إلا فى الدموى، والصفراوى. وأما السلق المسلوق
12
فى الماء، ثم المصلح بالزيت، والمرى، وما يجرى مجراه ان قدم تناوله على الغذاء
13
ليلين الطبيعة جاز. والسذاب من جملة البقول نافع برائحته شمًا. واذا وقع الشبث و
14
السذاب فى طعامهم كان نافعًا.
15
ويجب ان يجتنبوا الفواكه الرطبة كلها وجميع الفواكه الغليظة، الا بعض القوابض
16
على الطعام بقدر خفيف يسير جدًا، ليشتد فم المعدة، ويحدر الغذاء، ويلين الطبيعة،
17
ويمنع البخار، ويجب ان يجتنب جميع الأغذية البقلية الجارية مجرى اللفت، و
18
الفجل، والكرنب، والجزر. ويجب أيضًا ان يجتنبوا كل حريف، مبخر. والخردل
19
من جملة ما يوذيه، تبخيره، وارساله الفضول اليه، وتوجيهه اياها نحوه، وبقرعه الدماغ
20
لحرافته، ويجتنبوا [السكر، ومهاب الرياح، والإمتلاء، ويجتنبوا] الإغتسال بالماء
21
اصلًا؛ أما الحار: فلما فيه من الإرخاء. وأما البارد: فبما يخدر فيضر بالروح الحاس.
22
فان عرض للمصروع إمتلاء من طعام قذفه؛ ولطف التدبير بعده. ويجب ان يجتنبوا
23
الأغذية الميبسة، المثقلة، والمخدرة والمبخرة. وأما الشراب فان الإمتلاء منه ضارجدًا.
24
وأما القليل منه فانه ينشط النفس، ويقوى الروح، ويذكيها، ويغنى عن الإستكثار
25
من الماء، والإستكثار منه اضر شىء. والقيلولة الكثيرة؛ وبالجملة النوم الكثير ضار،
26
وخصوصًا على الإمتلاء الكثير. والإفراط من السهر أيضًا يضعف الروح ويحله؛ ومع
27
ذلك فانه يملأ الدماغ ابخرة.
28
واول تدبير الصرع إجتناب الأسباب المحركة للصرع التى ذكرناها. والهدو،
29
والسكون اولى به. فان احتيج الى رياضة بعد الإستفراغ، وتنقية البدن "المتقدم ذكرهما"
3-120
1
فيجب ان يستعمل [لا] على الملاء رياضة لا تبلغ الإعياء، ثم يريح بعدها، ويجهد فى
2
ان يكون رأسه منتصبًا، ولا يدليه ما امكن، ولا يحركه كثيرًا فيجذب اليه المواد. ويجب
3
ان يحرك الأسافل فوق تحريكه الأعالى. ومما يجذب المادة الى اسفل ذلك البدن
4
متدرجًا من فوق الى اسفل، يبتدئ من الصدر وما يليه؛ فيدلكه بخرق خشنة حتى يحمر،
5
ثم ينزل بالتدريج الى الساق، ويكون كل ثان اشد من الاول، ويكون الرأس فى الحالات
6
منتصبًا، وبعد ذلك تكلفه المشى. ويجب ان تريحه فى موضع الرياضة ليعود
7
اليه نفسه، ويهدأ إضطرابه، وانما يفارق موضعه بعد ذلك. فاذا جذب المواد كلها
8
الى اسفل جاز له حينئذ ان يدلك الرأس، ويمشطه ليسخنه بذلك، ويغير مزاجه.
9
ومما تنفعه المحاجم على الرأس، والكى عليه، تسخينًا للدماغ، وبعد التنقية،
10
والإسهال والإراحة أيامًا، لا بأس ان يدخلوا الحمام، وان تضع المحاجم على ما تحت
11
الشراسيف منهم، ويسخن رؤسهم بما علمت. وقد يلقم فى وقت النوبة كرة <ان> تقع
12
بين اسنانه وخصوصًا من الشعر ليبقى فمه مفتوحًا. ويجب ان يبدؤا بالإستفراغ للمادة
13
بحسبها، ثم يقصد تنقية الرأس بالغراغر الجاذبة. وان كان يعتريه ذلك بادوار او يكثر مع
14
كثرة الأخلاط فليستفرغ فى الربيع للاستظهار، [و] ليخرج الخلط الذى يغلب عليه على
15
ما سنذكره. وان كان لا مانع له من الفصد افتصد؛ فان افتصاده فى الربيع وخصوصًا من
16
الرجلين مما ينفعه؛ اذا لم يبلغ به تبريد دماغه وعلى ما سنذكره. واذا حان وقت النوبة،
17
وتمكنت من تقييئته بريشة مدهونة بدهن السوسن يدخلها فى فمه، وخصوصًا ان كان
18
للمعدة فى ذلك مدخل، ليقذفوا رطوبة انتفعوا بها فى الحال. وان كان استعمال القىء
19
الكثير ضارًا بالصرع الدماغى.
20
ومن الوجورات فى حال الصرع وغيره حلتيت، وجندبيدستر، فى سكنجبين
21
عسلى. ومن النفوخات للصرع شحم الحنظل، وقثاء الحمار، وعصارته، والنوشاذر،
22
والشونيز، ونحوه والكندس، والخربق الأبيض، والفلفل، والزنجبيل، والمر،
23
والفربيون، والجندبيدستر، والأسطوخوذس، تفاريق ومركبة، والحلتيت، والزفت
24
والقطران. ومن البخورات الفاوينا. ومن المشمومات السذاب فى وقت الصرع وفى
25
وقت الراحة. ومما اختاره حنين: ثافسيا يعجن بدقيق شعير، وخل خمر، ويتخذ منه
26
تفاحات ويدام شمها. ومن الأشربة السكنجبين العنصلى خاصة يسقاه كل يوم، وكذلك
27
شراب الأفسنتين، وطبيخ الزوفا بالسعتر، و السكنجبين الذى يتخذ منهما، والسكنجبين
28
العنصلى أيضًا يسقى فى الشتاء بماء حار، وفى الصيف بماء بارد.
3-121
1
ومن المروخات الجيدة له مما قيل: مخ ساق الحمل، بدهن الورد على الأصداغ،
2
والشؤن، [والفقار] والصدر. وأما تعليق الفاوينا فقد جرب الاوائل منعه للصرع.
3
ويشبه ان يكون ذلك بالرومى الرطب اخص. ومن الأدوية التى يجب ان يسقى ابدًا
4
الغاريقون، والسيساليوس، وسفندون، واصل الزراوند المدحرج، والفاوينا يسقون
5
منه فى كل وقت بالماء. وقد استوفق ان يشرب كل يوم نبقة من السادريطوس مرتين
6
غدوة، وعند النوم، فانه مما برأ به عالم. واستحب لهم بعضهم ان يسقوا من زبد البحر
7
كل يوم مرتين، ومن الجعدة لخاصية فيها والخنثى أيضًا.
8
ومما ينفعهم دواء الإسقيل بهذه الصفة؛ يوخذ الإسقيل ويجعل فى برنية قد كان
9
فيها خل ويشد رأسها بصمام قوى ثم تغطى بجلد ثخين، ويترك فيه اربعين يومًا، اولها
10
قبل طلوع الشعرى، بعشرين يومًا، وتنصب البرنية [فى الشمس] معترضة للجنوب.
11
ولتقلب فى كل حين قريب ليكون ما يصل من الحر الى اجزائه متساوى الوصول، ثم
12
تفتح البرنية فيجد الإسقيل كالمطبوخ المتهرى، فتعصره، وتاخذ عصارته، وتخلطه
13
بعسل، وتسقى منه كل يوم قدر ملعقة. وان اعجل الوقت طبخ الإسقيل فى ماء وخل،
14
واتخذت منه سكنجبين عسلى. ومن الأدوية الجيدة لهم: ان يوخذ السيساليوس ثلثة
15
مثاقيل، ومن حب الغار ثلثة مثاقيل، وزراوند مدحرج مثقالان، ومن اصل الفاوينا
16
مثقالان، ومن الجندبيدستر مثقال، واقراص الإسقيل مثقال، يعجن بعسل منزوع
17
الرغوة، ويستعمل كل يوم مع سكنجبين.
18
ومما ينفعهم أيضًا الإنتقال، فان الإنتقال فى البلدان، حتى يصادف هواءً ملائمًا
19
ملطفًا مجففًا كالإنتقال فى الأسنان، من الصبا الى الشباب فى المنفعة للمصروعين. و
20
اذا عرض للمصروعين التواء عضو، او تشنجه، سوى بالدلك بالدهن، والماء الفاتر،
21
والغمز القوى. واذا كان الصرع دماغيًا؛ فاولى الإستفراغ به بالخربق وما يجرى
22
مجراه، وشحم الحنظل، وسقمونيا، وايارج فيقرا، وطبيخ الغاريقون إسهالًا بعد
23
إسهال فى السنة.
24
واذا وجب الفصد من اى خلط كان فيجب ان لا يقصر، بل يفصد، ولو من
25
القيفالين معًا، ويتبع بفصد العرق الذى تحت اللسان. وقد يحجم على القفا لجذب
26
المادة فى الأسبوع عن الدماغ، ان لم يكن هناك من مزاج الدماغ وضعفه ما يمنعه.
3-122
1
وربما احتجت ان تكثر الفصد، فاذا فعلت ذلك فالواجب ان تريح اسبوعًا ثم تسهل
2
بمشروبات، وحقن قوية من قنطوريون، وشحم الحنظل، والخروع، وغير ذلك ثم
3
تريح ثم يحجم عند الكاهل، والرأس، ونقرة القفا، وعلى الساق، ثم تريح، ثم تسهل،
4
ولا تزال تستمر على اراحات، وتعاود الى ان يتنقى. وتستعمل بعد ذلك الغراغر، والعطوسات،
5
ومما ينقى الرأس وحده بما علمته. واذا سعطوا بالشليثا، ثم بالشابانك وبماء المرزنجوش
6
كان نافعًا. ويجب ان تتلقى النوبة بنقاء المعدة وان امكن له ان يتقيأ بعد الطعام، و
7
خصوصًا عن مثل السمك المملح وغيره كان موافقًا، وبعد ذلك كله فبدل مزاج الدماغ
8
بالمقويات المسخنة من الأضمدة كالخردل وما يجرى مجراه؛ مما عرفته. واشممه
9
السذاب. ويجب ان لا تحمل عليه بالمسخنات ومبدلات المزاج دفعة؛ بل تتدرج فى
10
ذلك. فان عرض من ذلك ضرر فى افعاله، فارح.
11
وما كان سببه البلغم فافضل ما يستفرغون به ايارج شحم الحنظل، وايارج
12
هرمس. وان استعملوا من ايارج هرمس كل يوم نصف درهم غدوة ونصف درهم عشية عظم
13
لهم فيه النفع. وان كان مع البلغم إمتلاء كلى، فالفصد على ما وصفناه نافع لهم.
14
وكذلك الإستفراغ بالتربد، والغاريقون والأسطوخوذس، وايارج روفس خاصة.
15
وأما السوداوى فيسهل مثل طبيخ الافثيمون، والخربق، وحجر اللازورد، وحجر
16
الارمنى، والأسطوخوذس، والبسبايج، والهليلج. ومن المروخات مخ ساق البقر بدهن
17
الورد على الفقار، والأضلاع، والصدر.
18
و[أما] الصرع الصفراوى: فيجب ان يعتنى فيه بالتبريد، والترطيب وخصوصًا
19
بالحقن. وان كان محترقًا فهم فى حكم السوداوى، او بين السوداوى والصفراوى.
20
والمسمى بام الصبيان عسى ان يكون من قبيل الصفراوى عند بعضهم. ولذلك نأمر
21
فى علاجهم بالآبزن، والسعوطات الباردة الرطبة، وصب اللبن على الرأس، واستعمال
22
الترطيب للبدن. وان كان صبيًا فانا نأمر ان تسقى مرضعته ما يبرد لبنها، ونأمر بان تسكن
23
موضعًا باردًا سردابيًا، ويشبه ان يكون هذا عنده صرع صبارى او مانيا. وليس استعمال
24
هذا الاسم مشهورًا عند محققى الأطباء. واذا عرض لبعض اعضاء المصروع التواء، و
25
تشنج فانه ينفعه الدلك بالدهن، والماء الفاتر، وان يحمل عليه بالغمز.
26
وأما اذا كان الصرع معديًا؛ فاوفق ما يستفرغون به شحم الحنظل، والأسطوخودس،
27
ويستعمل ذلك فى السنة مرارًا. ويجب بعد تنقية المعدة ان يتعهدوها بالتقوية ولا يورد
28
عليها إلا اغذية سريعة الهضم، جيدة الكيموس، ويوردوها على ما نصف فى موضعه،
3-123
1
فتجتهد فى تحصيل جودة الهضم. ويجب ان يتركوا المعدة خالية زمانًا طويلًا. وما
2
كان يهيج من ذلك على الجوع فليتدارك بما قيل فى باب الصداع وغيره.
3
وأما الذى يكون مع تصعد شىء من عضو فيجب ان يربط فوق العضو عند النوبة
4
فربما منع. ويستفرغ الخلط الذى فى العضو إما بالإستفراغات المعروفة ان كانت
5
قد تصل اليها قوة الاستفراغ، او "بالتقريح والتصديد" فى وقت السكون بالأدوية التى تقرح،
6
وتسيل القيح، وباحراق المادة مثل طلاء ثافسيا، وفربيون وغير ذلك. وهذه الأدوية
7
تعرفها فى <المواضع التى فيها> الواح الكتاب الثانى. وربما وجب ان يبلغ فيها درجة
8
استعمال الذراريح، والكبيكج، وخرء البازى، والبلاذر وغير ذلك [وان احتجت
9
الى شرط العضو فاشرطه]. وأما الذى يصعد عن البدن كله قال بعضهم: لو لا الخطر
10
فى فصد شريانى السبات ــ و ان كان يمكن حبس الدم، ولكن بما يحدث من تبريد
11
الدماغ، وانقطاع الروح، فيتبعه من السكتة ــ لكان فيه برءًا تامًا لمن به صرع بمشاركة
12
البدن كله. وبما يتصعد الى الدماغ منه فنقول: ان كان ليس يمكن هذا، فما كان
13
من الشرايين الصاعدة ليس فى قطعه هذا الخطر، ولا يبعد ان يعظم لبتره النفع.
14
|195vb1|فصل فى السكتة
15
السكتة تعطل الأعضاء عن الحس، والحركة، لإنسداد واقع فى بطون الدماغ،
16
وفى مجارى الروح الحساس، والمتحرك. فان تعطلت معه آلات الحركة، والتنفس،
17
او ضعفت، فلم يسهل النفس؛ بل كان هناك زبدًا، وكان ذا فترات كالإختناق، او
18
كالغطيط، فهو اصعب؛ يدل على عجز القوة المحركة لأعضاء النفس. واصعبه ان
19
لا يظهر النفس، ولا الزبد، ولا الغطيط. وان لم تعظم الآفة فى التنفس ونفذ فى حلقه
20
ما يوجر، ولم يخرج من الانف فهو وان كان ارجى من الآخر فليس يخلو من خطر عظيم.
21
وقد قال ابقراط: السكتة اذا كانت قوية لم يبر صاحبها. وان كانت ضعيفة
22
لم يسهل برءه. وهذا الإنسداد يكون إما لإنطباق، وإما لإمتلاء. والإنطباق: هو ان يصل الى
23
الدماغ ما يولمه، او يوذيه فيتحرك حركة الإنقباض عنه، او تكون الكيفية الواصلة اليه قابضة،
24
مكثفة، بطباعها كالبرد الشديد. وأما الإمتلاء فاما ان يكون إمتلاءً مورمًا، او يكون غير
25
مورم. فالإمتلاء المورم: هو ان يحصل هناك مادة فتسد من جهة الإمتلاء، وتسد من جهة
26
التمديد. وهذا من انواع السكتة الصعبة، سواء كانت المادة حارة، او كانت باردة. و
27
الذى يكون بغير ورم ــ وهو الذى يكون فى الأكثر ــ فاما ان يكون فى نفس الدماغ، وبقربه
3-124
1
فى مجارى الروح من الدماغ، وإما ان يكون فى مجارى الروح الى الدماغ، والذى يكون
2
فى مجارى الروح من الدماغ [وفى الدماغ] فاما خلط دموى ينصب الى بطون الدماغ
3
دفعة، وإما خلط بلغمى وهو الغالب الكثير.
4
وأما الذى يكون فى مجارى الروح الى الدماغ، خلط دموى ينصب فذلك عند ما
5
ينسد الشريانات، والعروق من شدة الإمتلاء، وكثرة الدم؛ فلا يكون للروح منفذ، و
6
لا يلبث الى ان يختنق، ويعرض من ذلك ما يعرض عند الشد على العرقين السباتيين من
7
سقوط الحس، والحركة. فان مثل ذلك اذا وقع من سبب بدنى فعل ذلك الفعل. فهذه
8
انواع السكتة واسبابها.
9
وربما قالوا سكتة وعنوا بها الفالج العام للشقين [جميعًا]، وان كانت اعضاء الوجه
10
سليمة. وربما قالوا لإسترخاء شق سكتة ذلك الشق. وقد جاء ذلك فى كلام ابقراط.
11
وقد يعرض ان يسكت الإنسان ولا يفرق بينه، وبين الميت، ولا يظهر منه التنفس، و
12
لا شىء، ثم انه يعيش ويسلم. وقد رأينا منهم خلقًا كثيرًا كانت هذه حالهم. واولئك، فان
13
النفس لا يظهر فيهم، والنبض لا يسقط تمام السقوط منهم، ويشبه ان يكون الحار الغريزى
14
فيهم ليس بشديد الإفتقار الى الترويح، ونفض البخار الدخانى عنه الى نفس كثير لما
15
عرض له من البرد. ولذلك يستحب ان يوخر دفن المشكل من الموتى الى ان يستبرأ
16
حاله. ولا اقل من اثنين وسبعين ساعة.
17
والسكتة تنحل فى اكثر الأمر الى فالج. وذلك لان الطبيعة اذا عجزت عن دفع
18
المادة من الشقتين جميعًا، دفعتها الى اقبل الشقتين للوصب، واضعفهما، ونفذتها
19
فى خلل المجارى، مبعدة اياها عن الدماغ وبطونه. وقد يدل على ان السدة فى السكتة
20
مشتملة على البطون: انها لوكانت فى البطن المؤخر وحده، لما كان يجب ان يتعطل
21
الحس فى مقدم الرأس والوجه. وقد قال بقراط: من عرض له وهو صحيح وجع بغتة
22
فى رأسه ثم اسكت فانه يهلك قبل السابع، إلا ان تعرض به حمى فيرجى، اى <ان>
23
الحمى يرجى معها ان يتحلل الفضلة.
24
واعلم ان اكثر ما تعرض السكتة تعرض لذوى الأسنان، والتدابير، والابدان
25
الرطبة، وخصوصًا ان كان هناك مع الرطوبة برد. فان عرض لحار المزاج، ويابسه،
26
فالأمر صعب، فان المرض المضاد للمزاج لن يعرض إلا لعظم السبب، ويكون المزاج
27
بعيدًا منه غير محتمل له، وقل ما تعرض له سكتة عن حرارة. فاذا انبسطت مادة الفالج فى
3-125
1
الجانبين احدثت سكتة، كما اذا انتقضت مادة السكتة الى جانب احدثت فالجًا، واكثر
2
سبب السكتة فى البطنين المؤخرين. واذا كان مع السكتة حمى فهناك ورم فى الأكثر.
3
والذين يحوجون الى فصد كثير لسوداوية دمائهم فينتفعون بكثرة الفصد، ويخسرون
4
فى العقبى فيقعون فى السكتة ونحوها.
5
|196ra40|فصل فى الاستعداد للسكتة الدائرة
6
تناول الأدوية الحادة، معجل لإستعجال الأخلاط المتواتية، فقد ذكرنا انذار
7
الدوائر بالسكتة فليقرأ من هناك.
8
العلامات: الفرق بين السكتة والسبات: ان المسكوت يغط ويدخل نفسه آفة، [والمسبوت
9
ليس كذلك]. والمسبوت يتدرج من النوم الثقيل الى السبات، والمسكوت يعرض ذلك
10
له دفعة. والسكتة يتقدمها فى اكثر الاوقات صداع، وانتفاخ الاوداج، ودوار، وسدر،
11
وظلمة البصر، واختلاج فى البدن كله، وتصريف الأسنان فى النوم، وثقل، وكسل.
12
وكثيرًا ما يكون بوله زنجاريًا، واسود، وفيه رسوب قشارى ونخالى. أما ما كان ''عن
13
اذى'' وضربة، وسقطة، ومشاركة عضو، فتعرفه من الاصول التى تكررت عليك. وأما ما
14
كان من ورم فلا يخلو من حمى ما، ومن تقدم العلامات التى ذكرناها للاورام. وما كان
15
من الدم فيدل عليه علامات الدم المذكورة مرارًا كثيرة، ويكون الوجه محمرًا، والعينان
16
محمرتين جدًا، وتكون الاوداج، وعروق الرقبة متمددة ممتلئة، ويكون العهد بالفصد
17
بعيدًا، وتناول ما يولد الدم سابقًا. وأما ما كان عن بلغم فتدل عليه السحنة، ولون العين،
18
وبلة الخياشيم وغير ذلك مما قيل. واذا حدث بالشيخ دوار لازم او متكرر فذلك نذير
19
سكتة.
20
العلاج: أما علاج الكائن من اذى من خارج فهو تدبير ذلك السبب البادى، والذى من
21
مشاركة فهو تدبير ذلك العضو الذى يشاركه بما مر لك فى القانون، ومر لك فى ابواب أخر.
22
والذى يكون من الدم فتدبيره: الفصد فى الوقت، وارسال دم كثير، فانه يفيق فى الحال.
23
وبعد الفصد فيحقن بما عرفت من الحقن، لينزل المادة عن الرأس، ويلطف تدبيره، و
24
يقتصر به على الجلاب، وماء الشعير الرقيق، وماء الخبز، ويشمم ما يقوى الدماغ؛ و
25
لا يسخن مما قد عرفت.
26
وأما الكائن من البلغم؛ فان وجد معه علامات الدم فصد أيضًا، ثم حقن بحقن
27
قوية، ثم حمل شيافات قوية، يقع فيها الصموغ، ومرارة البقر، ثم جرع بما يسهل
3-126
1
أن ينفذ فيه من الحبوب المعتمدة فى سقيهم كحب الفربيون، واكب بعد ذلك على رأسه،
2
واعضائه بالضمادات المسخنة، والنطولات المتخذة من مياه طبخ فيها الحشائش
3
المسخنة مثل الشبث، والشيح، والمرزنجوش، وورق الاترج والفوتنج، والحاشا،
4
والزوفا، واكليل الملك، والصعتر، والقيصوم، وبادهان فيها قوة الحشائش، ودهن
5
السذاب، وقد فتق فيها عاقرقرحا، وجندبيدستر، وجاؤشير، وقنة، وادهن بدنه كله
6
بزيت فيه كبريت. وان كان الكماد من القرنفل، والهال، والبسباسة، وجوزبوا،
7
والوج، كان صوابًا. وتدلك رجله بالدهن الحار المسخن، والماء الحار، والملح،
8
ويمرخ الخرز بالميعة، والزنبق، ويجعل على اصل النخاع الخردل، والسكبينج،
9
والجندبيدستر، والفربيون.
10
ومن الادهان الجيدة لهم دهن قثاء الحمار، ودهن السذاب، ودهن الإسقيل
11
المتخذ بالزيت العتيق، إما انقاعًا للترطيب فيه اربعين يومًا، او طبخه اياه فيه بان يوخذ من
12
الزيت العتيق قسط، ومن الإسقيل اوقيتان، يطبخ فيه حتى يتمرس. وكذلك دهن
13
العاقرقرحا على الوجهين المذكورين. واى دهن استعمل عليهم فاصلح ذلك ان تخثر
14
بالشمع حتى يقف؛ ولا يزلق. وينبغى ان يبتدئ بالاضعف من الممرخات، فان انجح
15
وإلا زيد؛ وينتقل الى الأقوى.
16
ولا بأس بعد استفراغه بالحقن وغيره من ان يقرب الى انفه <المعطسات>، و
17
خصوصًا الكندس، والسعوطات القوية، والأدهان القوية، واحم الحديد وحاذى به رؤسهم،
18
وان تضمد رأسه بالضمادات المحللة التى عرفتها، وان امكن تقيئته بريشة تدخل فى حلقه
19
ملطخة بدهن السوسن، والزيت، وخصوصًا اذا حدس ان فى فم معدته إمتلاء، ويكون
20
قد تقدمه تخمة انتفع بها نفعًا شديدًا. وفى القئ فائدة أخرى فان التهوع، وتكلف القىء،
21
يسخن مزاج رأس من به سكتة باردة رطبة. ويجب ان يسهل رياحهم بما يخرجها،
22
فيجدون به خفًا. وقد يبادر الى القامهم ما تقدم ذكره لئلا تفسد اسنانهم بعضهم بعض
23
ببعض.
24
ويجب اذا نقهوا يسيرًا ان يسقوا دهن الخروع المطبوخ بماء السذاب كل يوم درهمين
25
مع ماء الأصول، ويدرج حتى يسقى كل يوم خمسة دراهم. وان امكن بعد الإستفراغ
26
ان يوجروا قدر بندقة من الترياق، ومن المثروذيطوس، ومن الشليثا، والأنقرديا،
27
والشجريتا وما اشبه ذلك. ومن البسيطة: الجندبيدستر مثقال، بماء العسل، والسكنجبين
28
العسلى، والسكبينج. وأيضًا اذا شرب منه باقلاة. وشرابهم ماء العسل الساذج، او
3-127
1
بالافاوية بحسب الحاجة. واذا رأيت خفًا غرغرت، وعطست، ووضعت المحاجم على
2
القفا، والنقرة بشرط، او بغير شرط على حسب المادة، ورجحتهم فى ارجوحة، ثم تحممهم
3
بعد ثلاثة اسابيع، وتمرخهم يوم الحمام بادهان مسخنة.
4
ومن الغراغر النافعة لهم بعد التنقية الكلية طبيخ الحاشا، والفوتنج، والصعتر،
5
والزوفا ونحو ذلك فى الخل؛ يخلط به عسل. وأيضًا ماء سلق [طبخ] فيه العاقرقرحا،
6
والميويزج "والبورق، والورده"، والحاشا، والسماق. واقوى من ذلك ان توخذ الفلافل،
7
والدارفلفل، والزنجبيل، والميويزج، والبورق، والورد، والسماق فيدق، ويعجن
8
بميبختج، وتتخذ منه شيافات؛ ثم تستعمل مضوغات او غرغرة فى طبيخ الزوفاء بالمصطكى.
9
وبما يقرب منه اذا فعل نحو ذلك: الفلفل، والدار فلفل، والخردل، والفوتنج. ومن
10
المضوغات: الفوتنج، والميويزج، والفلفل، والمرزنجوش، والخردل افرادًا، ومجموعة،
11
ويخلط بها مثل الورد، والسماق لا بد منه. والوج مما ينفعهم فى هذا الباب ويقوى
12
تاثيره.
13
وينفعهم التدهن بالادهان الحارة المقوية للروح التى فى الأعصاب، ولجوهر
14
الأعصاب المحللة للفضول التى لا عنف فيها مثل دهن السوسن؛ وبعده دهن المرزنجوش،
15
ودهن البابونج، والشبث، ودهن الإذخر، وخصوصًا على الرأس؛ فانه الذى يجب
16
ان يعتمد عليه فى امر الرأس، وخصوصًا وقد اخذ قوة بالزوفا، والصعتر، والفوتنج،
17
والحاشا ونحو ذلك. وتغذية اصحاب السكتة الطف من تغذية اصحاب الصرع. و
18
الاصوب ان تقتصر بهم فى الغدوات على الخبز وحده. والخبز بالتين اليابس جيد لهم.
19
والشراب على الطعام اضر الأشياء لهم.
20
واذا أرادوا أن يتعشوا فلا بأس ان يقدموا قبله برياضة خفيفة، ويحركوا الاعضاء المسترخية
21
تحريكاما. واذا تناولوه لم يناموا عليه بسرعة، بل يصبرون ريثما ينزل، وينهضم
22
انهضامًا ما. ولا يسهرون أيضًا كثيرًا؛ فان ذلك يعى الدماغ، ويحلل من الأغذية بخارات
23
غير منهضمة يمنعه الهضم. وقوم يستحبون لهم الشعير بالعدس، والزبيب، واللوز، والتين
24
من الأنقال الموافقة لهم. والشراب الحديث لا يوافقهم لما فيه من الفضول، والعتيق
25
لما فيه من سرعة النفوذ الى الدماغ وملئه. بل اوفق الشراب لهم ما بين بين. اذا حم
26
المسكوت فتوقف فى امره حتى ينكشف؛ فربما كان بحرانًا، والمهلة الى اثنتين وسبعين
27
ساعة. فان كان ليس كذلك بل الحمى لورم، وعفونة فهو مهلك. واعلم ان السكتة،
28
والفالج يضيق المجارى اليها فلا تكاد الأدوية المستفرغة تستفرغ من المادة الفاعلة لها خاصة.
3-128
1
|196vb32|الفن الثانى
2
|196vb34|فى امراض العصب، وهو مقالة واحدة
3
|196vb34|فصل فى امراض العصب
4
أما نفس العصب: فقد عرفت منشأه، وتوزعه وشكله وطبعه، وتشريحه.
5
وأما امراضه: فاعلم انها اصناف الامراض الثلاثة؛ اعنى المزاجية، والآلية، وإنحلال
6
الفرد المشترك. وتظهر الآفة فى افعاله الطبيعية، والحاسية، والمتحركة. وللحركات
7
العنيفة فى إحداث علل العصب مدخل عظيم فوق ما فى غيرها؛ فانها آلات الحركات.
8
والحركات المعنفة هى مثل التمديد بالحبل، ورفع الشىء الثقيل، وكل ما فيه تمديد
9
قوى اوعصر وتقبيض. ومأخذ الاستدلال فى احواله من افعال الحس، والحركة،
10
ومن الملمس فى اللين والصلابة، ومن مشاركة الدماغ، والفقار اياه، ومن الاوجاع،
11
والمواد التى تختص بالعصب، واكثر العلامات التى يتوصل منها إلى معرفة احوال الدماغ
12
اكثرها من ضرر الافعال، ومن الملمس. فاذا اشكل فى مرض من امراض العصب انه
13
رطب، اويابس، تامل كيفية عروضه؛ فانه ان كان قد عرض دفعة لم يشك انه رطب،
14
وأيضًا يعتبر إنتشاف العضو للدهن، فانه ان انتشفه بسرعة لم يشك انه يابس، بعد
15
ان لا يكون العضو قد سخن سخونة غريبة.
16
والرياضة بعد التنقية افضل مبدل لمزاجه. ولكل عضو بحسبه. ويجب ان يبدأ
17
بالارفق، ويتدرج إلى ما فيه قوة معتدلة. فأما وجه العلاج فى تنقية الأعصاب وتبديل
18
أمزجتها: فان اكثر ما يحتاج ان يستفرغ عنه بالكلية من المواد انما هو الباردة. ومستفرغاتها:
19
هى الأدوية القوية مثل شحم الحنظل، والخربق وخصوصًا الأبيض اذا قىء به،
20
والفربيون، والأشج، والسكبينج، وسائر الصموغ القوية، والايارجات الكبار القوية.
21
ومن استفراغاتها اللطيفة الحمام اليابس والرياضة المعتدلة. فأما مبدلات
22
أمزجتها فهى المذكورة فى باب الدماغ وخصوصًا ما كان فيه دهنية، او كان دهنًا.
23
فاذا استعملت الشحوم فشحوم السباع، واعكار الادهان الحارة مثل عكر الزيت، وعكر
24
دهن الكتان كان موافقًا لأمراض العصب الباردة، وملائمًا لصلابته. ودهن القسط،
25
<و دهن الجندبيدستر>، ودهن الحندقوقى شديد الإختصاص بالاعصاب، ثم الأنطلة
26
والعصارات بحسب الأمزجة، ولكنها تحتاج ان تكون اقوى جدًا، وان يبالغ التدبير
27
فى تنفيدها بتخلخل البدن وتفتيح المسام مبالغة اشد.
3-129
1
|197rb2|فصل فى اصلاح مزاج العصب
2
واكثر ما يحتاجون اليه من مبدلات ما يسخن مثل ضماد الخردل، والثافسيا، و
3
ضماه الزفت، وإستعمال الزيت المطبوخ فيه الثعالب، الذى نصفه فى باب اوجاع
4
المفاصل. وكذلك المطبوخ فيه الضباع. وينتفعون بصمغ الصنوبر جدًا. واعلم ان اكثر
5
أمراض العصب يقصد فى علاجها فصد مؤخر الدماغ، إلا ما كان فى الوجه، ثم بعد
6
ذلك بمبدأ العصب الذى يحرك ذلك العضو المريض عصبه. والعصب قد يضره اشياء
7
وينتفع باشياء قد ذكرنا كثيرًا منها فى الواح الأدوية المفردة. وانما يعتبر ذلك فى احواله و
8
امراضه التى هى اخص به.
9
فالاشياء المقوية للاعصاب من المشروبات الوج المربى، وجندبيدستر، ولب
10
حب الصنوبر الكبار، ودماغ الأرنب المشوى، والأسطوخوذس خاصة. والشربة كل
11
يوم منه وزن درهم محببًا، او بشراب العسل. وانفع المياه لهم: ماء المطر، وينفعها
12
الرياضة المعتدلة، والأدهان الحارة. والاشياء الضارة بالأعصاب: الجماع الكثير المفرط،
13
والنوم على الإمتلاء، وشرب الماء البارد المثلوج والكثير، والسكر، والشراب الكثير
14
لشدة لذع الشراب، والإستحالة الى الخلية مبرد مع ذلك. ويضرهم كل حامض، ونافخ،
15
ومبرد بقوة. والفصد الكثير يضرهم. ونحن نريد ان نذكر فى هذه المقالة ما كان من
16
امراض العصب مزاجيًا، اوسدديًا، وأما اورامها وقروحها فنحن نوخرهما الى الكتاب
17
الذى يتلو هذا الكتاب. واعلم ان الماء البارد يضر بالعصب لما يعجزه عن هضم الرطوبات
18
فيه فينقلب خامًا. واعلم ان الغاريقون مقو للعصب، مسخن، منق باذن الله تعالى.
19
|197vb49|فصل فى الفالج والاسترخاء
20
الفالج قد يقال قولًا مطلقًا؛ وقد يقال قولًا مخصوصًا محققًا. فاما لفظة الفالج
21
على المذهب المطلق: فقد يدل على ما يدل عليه الإسترخاء فى اى عضو كان. وأما
22
الفالج المخصوص فهو ما كان من الإسترخاء عامًا لأحد شقى البدن طولًا. فمنه ما يكون
23
فى الشق المبتدى من الرقبة، ويكون الوجه، والرأس صحيحًا. ومنه ما يسرى فى جميع
24
الشق من الرأس الى القدم. ولغة العرب تدل بالفالج على هذا المعنى. فان الفلج
25
قد يسمى فى لغتهم الى شق وتنصيف. واذا اخذ الفالج بمعنى الإسترخاء مطلقًا فقد يكون
26
منه ما يعم الشقين جميعًا سوى اعضاء الرأس التى لوعمها كان سكتة، كما يكون منه ما
27
يختص باصبع واحد. ومعلوم ان بطلان الحس، والحركة يكون لان الروح الحساس،
3-130
1
او المتحرك إما محتبس عن النفوذ الى الاعضاء، وإما نافذ؛ لكن الاعضاء لا تتاثر
2
منه لفساد المزاج.
3
والمزاج الفاسد إما حار، وإما بارد، وإما رطب، وإما يابس. ويشبه ان يكون
4
الحار لا يمنع تاثير الحس فيها ما لم يبلغ الغاية كما ترى فى اصحاب الذبول، و
5
المدقوقين؛ فانهم مع حرارتهم لا تبطل حركتهم وحسهم. واليابس أيضًا قريب الحكم
6
منه؛ بل المزاج الذى يمنع عن الحس، والحركة فى الأكثر هو البرد، والرطوبة. وليس
7
ذلك ببعيد؛ فان البرد ضد الروح؛ وهو يخدره. والرطوبة لا يبعد ان يجعل العضو مهيئًا
8
للبلادة؛ فان من اسباب بطلان الحركة برد، ورطوبة بلا مادة؛ ولكن ذلك مما يسهل
9
تلافيه بالتسخين؛ وكانه لا يكون مما يعم اكثر البدن، او شقًا واحدًا منه دون شق، بل
10
إن كان ولا بد فيعرض لعضو واحد فيشبه أن يكون الفالج. والاسترخاء الاكثرى ما يكون
11
بسبب احتباس الروح، وسبب الإحتباس الإنسداد، وافتراق المسام، والمنافذ المؤدية
12
الى الأعضاء بالقطع. والإنسداد إما على سبيل انقباض المسام، وإما على امتناع من
13
خلط ساد، وإما على سبيل امر جامع للامرين وهو الورم؛ فيكون سبب الإسترخاء.
14
والفالج الفاعل لإنقطاع الروح عن الاعضاء ''انقباض من المسام"، او إمتلاء،
15
او ورم، او انحلال فرد. والإنقباض من المسام قد يعرض لربط رابط من خارج؛ بما
16
يمكن ان يزال فيكون ذلك الإسترخاء، وذلك البطلان من الحس والحركة امرًا عرضيًا
17
يزول بحل الرباط. وقد يكون من انضغاط شديد كما يعرض عند ضربة، اوسقطة،
18
وكما يعرض اذا مالت الفقرات، او انكسرت الى احد الشقين يمنة، اويسرة فيضغط
19
العصب الخارج منها فى تلك الجهة إما الى قدام، وإما الى خلف، فيعرض منه فى الأكثر
20
تمديد لا ضغط؛ لان إلتقاء الفقرات فى جانبى قدام وخلف ليس على مخارج العصب؛
21
[لان مخارج العصب] على ما علمت [ليست من جهتى قدام وخلف]. وقد تنقبض المسام
22
بسبب غلظ جوهر العضو. وأما الإمتلاء الساد فيكون من المواد الرطبة السيالة التى ينتقع
23
بها العضو فيجرى فى خلل الأعصاب كلها، او يقف فى مبادى الأعصاب، اوشعب
24
الأعصاب، <وتعوق> وتسد طريق الروح السارى فيها. وأما الورم فذلك ان يعرض
25
أيضًا فى منابت الأعصاب وشعبها ورم؛ فيسد المنافذ. وأما القطع الذى يعرض للعصب
26
فما كان طولًا فلا يضر الحس والحركة، وما كان عرضًا فيمنع الحس، والحركة من
3-131
1
الأعضاء التى كانت تسقى من المجارى التى كانت متصلة بينه وبين الليف المقطوع
2
الآن.
3
واعلم ان النخاع مثل الدماغ فى إنقسامه الى قسمين. وان كان الحس لا
4
يميزه، وكيف لا يكون ذلك وهو ينبت أيضًا عن قسمى الدماغ فلا يستبعد ان تحفظ
5
الطبيعة احد شقيه، ويدفع المادة الى الشق الذى هو اضعف، او الى الذى هو اقبل
6
للمادة اولًا، او الذى عرضت له الضربة، والصدمة، او الذى اندفع اليه فضل من الشق
7
الذى يليه من الدماغ. ولا ينبغى ان يتعجب من اختصاص العلة بشق دون شق؛ فان
8
الطبيعة باذن خالقها قد تميز ما هو ادق من هذا. وتذكرهذا من اصول اعطيناك فى الكتاب
9
الاول. واعلم انه كثيرًا ما تندفع المادة الرطبة الى الأطراف لغلبة حر على البدن، او لحركة
10
مغافصة من خوف، او جزع، او غضب، او لذة، او غم.
11
واعلم انه اذا كانت الآفة، والمادة التى تفعل الفالج فى احد شقى بطون الدماغ
12
عم شق البدن كله، وشق الوجه معه. وكذلك ان كانت فى مجارى الشق الواحد كما
13
انها لو كانت فى شقى بطون الدماغ، او مجاريه كانت سكتة. فان كانت عند منبت
14
النخاع كان البدن كله مفلوجًا، دون اعضاء الوجه. وربما وقع مع ذلك خدر فى جلدة
15
الرأس؛ ان امتنع نفوذ الحس؛ لان جلدة الرأس يأتيها العصب الحاس من العنق كما
16
بينا. وان كان فى شق من منبت النخاع عم الشق كله، دون الوجه. فان كان نازلًا
17
عن المنبت مستغرقًا، او فى شق استرخى، وفلج ما ياتيه العصب منه من الأعضاء. وان
18
لم يكن من النخاع، بل من العصب استرخى ما يخص ذلك العصب؛ ان كان فى كل
19
العصب، او فى نصفه. وبعض منه استرخى ما يتحرك بما ياتيه من ذلك الماؤف بسبب
20
مادة، او انحلال فرد، او ورم.
21
ومن الفالج ما يكون بحرانًا لقولنج. وكثيرًا ما يبقى معه الحس، لان المادة
22
يكون معه فى اعصاب الحركة دون الحس. وذكر بعض الاولين: ان القولنج عم بعض
23
السنين فقتل الأكثر، ومن نجا نجا بفالج مزمن اصابه. كأن الطبيعة نفضت تلك المادة التى
24
كانت تاتى الأمعاء، وردتها الى خارج، وكانت اغلظ من ان ينفذ بالعرق فلحجت فى
25
الاعصاب، وفعلت الفالج. واكثر ما يقع من هذا يكون مع ثبات الحس بحاله. و
26
من الفالج ما يكون بحرانًا فى الأمراض الحادة، تنتقل به المادة الى الاعصاب؛ وذلك
27
اذا لم تقو الطبيعة للسن، او للضعف على الإستفراغ التام؛ فبقيت بواقى من المادة فى نواحى
28
الدماغ فبقى بعد المنتهى صداع وثقل رأس؛ ثم دفعته الطبيعة دفع ثقل، لا دفع
29
استفراغ تام، واحدثت فالجًا ونحوه.
3-132
1
واكثر ما يعرض الفالج يعرض من شدة برد الشتاء. وقد يعرض فى الربيع لحركة
2
الإمتلاء. وقد يعرض فى البلاد الجنوبية لمن بلغ خمسين سنة ونحوه؛ على سبيل نوازل
3
مندفعة من رؤسهم لكثرة ما يملأ المزاج الجنوبى الرأس. ونبض المفلوج ضعيف،
4
بطىء، متفاوت. فاذا انهكت العلة القوة ضعف النبض، وتواتر، ووقعت له فترات بلا نظام.
5
والبول قد يكون فيه على الأكثر ابيض، وربما احمر جدًا؛ لضعف الكبد عن تمييز الدم
6
عن المائية، او لضعف العروق عن جذب الدم، او لوجع ربما كان معه، او لمرض آخر
7
يقاربه. وقد يعرض ان يكون الشق السليم من الفالج مشتعلًا؛ كانه فى نار، والآخر المفلوج
8
باردًا؛ كانه فى ثلج. ويكون نبض الشقين مختلفًا: فيكون نبض الشق البارد ساقطًا الى ما
9
يوجبه احكام البرد، وربما تادى الى ان يصغر العين من ذلك الشق. وما كان من الأعضاء
10
المسترخية والمفلوجة على لون سائر البدن ليس بصغير ولا بضامر فهو ارجى مما يخالفه.
11
وقد ينتقل الى الفالج من السكتة، ومن الصرع، ومن القولنج، ومن اختناق
12
الرحم، ومن الحميات المزمنة، على سبيل البحران أيضًا. والفالج الحادث عن زوال
13
الفقار قاتل فى الأكثر والذى عن صدمة لم يدق العصب دقًا شديدًا قد يبرأ. فان افرط
14
لم يرج ان يبرأ. والذى يرجى منه فيجب ان يبدأ فيه بالفصد. وقد ذكرنا كيف تنبسط
15
مادة الفالج الى السكتة وبالعكس.
16
العلامات: أما ما كان عن إلتواء، اوسقطة، او ضربة، او قطع فالسبب يدلك عليه. وربما
17
خفى السبب فى القطع؛ اذا كان العصب غائرًا فيدل عليه انه يقع دفعة ولا ينفعه تدبير.
18
وأما الذى يقبل العلاج فهو ما ليس عن قطع، بل عن ورم ونحوه. وان كان عن ورم
19
حار فالتمدد والوجع والحمى يدل عليه. فان كان عن ورم صلب فيدل عليه اللمس
20
وتعقد محسوس فى العصب، ووجع متقدم؛ فانه فى الأكثر بعد ضربة، او إلتواء، او ورم
21
حار. وان كان عن ورم رخو؛ فالإستدلال عليه شاق إلا انه على الأحوال لا يخلوا عن وجع
22
يسير، وخدر، وعن حمى لينة، وعن زيادة الوجع ونقصانه بحسب الحركات، و
23
الاغذية، ولا يكون حدوثه دفعة. [و] من جميع هذا؛ فان العليل يحس عند ارادة
24
الحركة كان مانعًا فى ذلك الموضع يمنعه.
25
وأما الفالج الكائن عن الرطوبة الفاشية، فيحس صاحبه بسبب فاش فى جميع
26
العضو المفلوج. وأما الكائن عن غلظ العصب فيدل عليه عسر إرتداد العضو عن قبض
27
يتكلفه العليل ان امكنه، او يفعله غيره الى الإنبساط والإسترخاء، ولا يكون الأعضاء لينة
28
كما فى الفالج المطلق. فان كانت المادة من دم دلت عليه الاوداج، والعروق، والعين،
3-133
1
وإمتلاء النبض، والدلائل المتكررة مرارًا. فان كان من رطوبة مجردة دل عليه البياض،
2
والترهل. وان كان عقيب قولنج، وحميات حادة دلت عليه القولنج، والحميات
3
الحادة. وان كان سببه سوء مزاج مفرد بارد، او رطب فان لا يقع دفعة، ولا يكون هناك
4
علامات أخر، ويحكم عليه باللمس، والأسباب المؤثرة فى العضو. قيل اذا رأيت بول
5
الصبى اخضر فأنذر منه بفالج او تشنج.
6
المعالجات: يجب ان يكون قصدك فى سائر امراض العصب الخمسة: اعنى الخدر، و
7
التشنج، والرعشة، والفالج، والإختلاج قصد مؤخر الدماغ. ولا تعجل باستعمال الأدوية
8
القوية فى اول الأمر؛ بل اخر الى الرابع، او السابع. فان كانت العلة قوية فالى الرابع عشر.
9
وفى هذا الوقت فليقتصر على اشياء لطيفة مما يلين، وينضج، ويسهل. والحقن لا بأس
10
بها فى هذا الوقت. ثم بعد ذلك فاستفرغ بالمستفرغات القوية. وأما تدبير غذائهم فانه
11
يجب ان يقتصر بالمفلوج فى اول ما يظهر على مثل ماء الشعير، وماء العسل، يومين [او]
12
ثلثة. فان احتملت القوة فالى الرابع عشر، وان لم تحتمل غذوته بلحوم الطير الخفيفة.
13
واجتهد فى تجويعه، واطعامه الأغذية اليابسة عليه، ثم تعطشه تعطيشًا طويلًا. وينفعهم
14
الإنتقال بلب حب الصنوبر الكبار لخاصية فيه.
15
واعلم ان الماء خير له من الشراب؛ فان الشراب ينفذ المواد فى الأعصاب، والكثير
16
منه ربما حمض فى ابدانهم فصار خلًا، والخل اضر الاشياء بالعصب. وأما ما كان عن
17
التواء، وإنضغاط فيعالج بما حددناه فى باب الإلتواء والإنضغاط من بعد. وان كان
18
عن سقطة، او ضربة فعلاجه صعب؛ على انه على كل حال يعالج بان ينظر هل احدث
19
ذلك إلتواءً، او ورمًا، اوجذب مادة فتعالج كلًا بواجبه. ويجب ان توضع الأدوية فى علاج
20
ذلك فى اى عرض كان على مواضع الضربة، وعلى المبدأ الذى يخرج منه العصب المتجه
21
الى العضو المفلوج. وأما وضع الأدوية على العضو المفلوج نفسه فمما لا ينفع نفعًا يعتد به.
22
وعليك بمنابت الأعصاب سواء كان الدواء مقصودًا به منع الورم او كان مقصودًا به الإرخاء،
23
او كان مقصودًا به التسخين وتبديل المزاج. وربما احتيج ان توضع بقرب العضو المضروب،
24
والمتورم الآخذ فى الإنحلال محاجم تجذب الدم عنه الى جهة، اوالى ظاهر البدن.
25
واما ان كانت العلة هى الفالج الحقيقى الكائن لإسترخاء العصب، فالذى يجب
26
بعد التدبير المشترك هو استفراغ مادته بما رسمناه وحددناه فى استفراغ المواد الرقيقة
27
بعينه بلا زيادة ولا نقصان. وانفع ما يستفرغون به حب الفربيون، والحب البيمارستانى،
28
وحب الشيطرج، وحب المنتن، وايارج هرمس. والتنقية بالخربق الأبيض بحاله او
29
بعصارة فجل فيه قوية. وكذلك سائر المقيئات نافعة له؛ وربما درج عليه فى ذلك. ويسقى
3-134
1
الترياق من دانق دانق ثم يزيد يسيرًا يسيرًا، ولا يزاد على الدرهم. وقد يخلط بسمسم
2
مقشر، وسكر. وقد يتناول السكبينج بحاله، والجاؤشير بحاله، [والجندبادستر
3
بحاله] بشراب العسل. والشربة مقدار باقلاة وهى نافعة لهم جدًا. ويجب ان يحقنوا
4
بالحقن القوية، ويحملوا الاشيافات القوية، وتمال موادهم الى اسفل، ويمرخ فقارهم
5
بالادهان القوية.
6
وينفعهم المروخات الحارة من الأدهان، والضمادات المحمرة التى تكرر
7
ذكرها مرارًا، وخصوصًا اذا بطل الحس. واصل السوسن من الأدوية الجيدة للتحمير
8
يحكك تحكيكًا مروخيًا. وينفعهم وضع المحاجم على رؤس العضل من غير شرط؛
9
ولكن بعد الإستفراغ، من جهة ما يسخن العضل. وربما احتيج الى شرط ما. ويجب
10
ان تكون المحاجم ضيقة الرؤس، وتلصق بنار كثيرة، ومص شديد، عنيف، وتقلع
11
بسرعة. فاذا استعملت المحاجم فيجب ان تستعمل متفرقة على مواضع كثيرة ان كان الإسترخاء
12
كثيرًا متفرقًا. وان كان غير كثير فيوضع مجتمعًا. ويستعمل عليها بعد ذلك الزفت،
13
وصمغ الصنوبر. ويستعمل عليه الضماد الحار المحمر مثل ضماد دقيق الشيلم، و
14
السوسن بعسل. وضماد الخردل أيضًا مما ينفعهم. ويبدل كلما ضعف الى ان يحمر
15
العضو الى ان يتنفط. وضماد الشيطرج عظيم النفع من الفالج؛ وهو عند كثير منهم
16
مغن عن الثافسيا، والخردل. وضماد الزفت أيضًا نافع لهم. وخصوصًا بالنطرون،
17
والكبريت. والدلك بالزيت، والنطرون، والمياه الكبريتية، وماء البحر، والنطولات
18
الملطفة.
19
واذا كان الحس ضعيفًا فربما نكأ الضماد القوى، ولم يحس به، وتادى ذلك
20
الى آفة وتقريح شديد فيجب ان يتحرز من ذلك كل التحرز. وان يتامل حال اثر الضماد
21
فان حمر ونفخ تحميرًا ونفخًا لا يتعدى الجلد، ويتفرق بغمز الأصابع غمزًا لطيفًا، ويبيض
22
مكانه فالاثر لم يجاوز الجلد. وان كان التحمير اثبت، والحرارة اظهر، فامسك.
23
ووجه تعرف هذا ان يزيد الضماد كل وقت وتطالع الحال، وان اوجبت الإمساك
24
امسكت. وان اوجبت الإعادة اعدت. واعلم ان نفخ الكندس فى آنافهم نافع جدًا.
25
وكذلك ما يجرى مجراه لانه ينقى الدماغ، ويصرف المواد الفاعلة من جهة العلة.
26
والشراب القليل العتيق نافع جدًا من امراض العصب كلها. والكثير منه اضر الأشياء
27
بالعصب. واستعمال الوج المربا مما ينفعهم. وكذلك تدريجهم فى سقى الايارج
3-135
1
خلوطًا بمثله جندبيدستر، حتى يبلغوا ان يسقوا منه ستة دراهم بعد درهم. وكذلك سقى
2
دهن الخروع بماء الأصول نافع جدًا.
3
ومن الناس من عالج الفالج بان يسقى كل يوم مثقال ايارج بمثقال فلفل فشفى.
4
ويجب اذا سقوا شيئًا من هذا ان لا يسقوا ماءً، ليطول بقاؤه فى المعدة. وربما مكث يومه
5
اجمع ثم عمل. وربما سقوهم ليلًا مثقال فلفل مع مثقال جندبيدستر، ولا شيىء لهم
6
كالترياق والمثروذيطوس والشليثا والأنقرديا خاصة. والحلتيت أيضًا شديد النفع
7
شربًا وطلاءً؛ وخصوصًا اذا اخذ فى اليوم مرتين. والرتة عجيبة أيضًا. واذا اقبل
8
العضو فيجب ان تروضه بعد ذلك، وتقبضه، وتبسطه ليعود الى تمام العافية.
9
وقد ينتفعون بالحمى، وينتفعون بالصياح، والقراءة الجهرة، وبعد الإستفراغات
10
والإنتفاع بها يستعملون الحمام الطويل اليابس، اوماء الحمات، وفى آخر الأمر، وبعد
11
الإستفراغات، وحيث يجب ان يحلل ينبغى ان لا يكون التحليلات بالملينة الساذجة؛
12
لكن مع ادنى قبض، ولذلك يجب ان يكون التحليل بمثل الأنيسون، والميعة، و
13
الجندبيدستر، والإذخر، وما اشبهه من الحارة القابضة.
14
وأما الكائن بعد القولنج فينفعهم الدواء المتخذ بالجوز الرومى المكتوب فى
15
انقراباذين. وينفعهم الأدهان التى ليست بشديدة القوة، وكثيرة الترطيب؛ ولكن مثل
16
ادهان السوسن، والناردين، والخروع، والنرجس، والزنبق. وجرب دهن الجوزالرومى،
17
ودهن النرجس المتخذ مع صمغ البلاط، فوجد جميعه نافعًا لخاصيته. وقد انتفع منهم
18
خلق كثير بما يقوى، ويبرد، ويمنع المادة. وكان اذا عولج بالحرارة زادت العلة؛ وذلك
19
لان المادة الرقيقة كان ينبسط بها اكثر. وكان اذا برد العضو يقوى العضو بالبرد، و
20
يصغر حجم المادة، وصار الى التلاشى. ولا يجب ان يبالغ فى تسخينهم؛ ولكن
21
يحتاج ان تكون الأدوية مقواة بمثل البابونج، واكليل الملك، والمرزنجوش، والنعنع،
22
والفوتنج، ويخلط بها غيرها أيضًا مما له ادنى تبريد مثل رب السوس، وبزر الهندباء وغيره؛
23
فهذه الاشياء اذا استعملت نفعت جدًا.
24
وأما الكائن عن قطع فلا علاج له. واما الكائن عن مزاج بارد فبالمسخنات
25
المعروفة. ومن كان سبب مزاجه ذلك شرب الماء الكثير فليستعمل الحمام اليابس. و
26
اعلم انه اذا اجتمع الفالج، والحمى فأخر الفالج. والسكنجبين مع الجلنجبين نعم
27
الدواء لهذا الوقت.
28
|201vb22|فصل فى التشنج
29
التشنج علة عصبية يتحرك لها العضل الى مباديها فيعصى فى الإنبساط. فمنها
3-136
1
ما تبقى على حالها فلا تنبسط. ومنها ما يسهل عوده الى إنبساطه كالتثاؤب والفواق.
2
والسبب فيه إما مادة، وإما سبب غير المادة مثل حر ويبس. ومادة التشنج فى الاكثر
3
تكون بلغمية. وربما كانت سوداوية. وربما كانت دموية. وذلك فى اورام العضل
4
اذا انحلت المادة المورمة <الى> فرج ليف العصب فزادت فى عرضه، ونقصت من طوله.
5
وكل تشنج مادى فاما ان تكون المادة الفاعلة مشتملة على العضل كله، وذلك اذا كان
6
تشنجًا بلا ورم، وإما ان تكون حاصلة فى موضع واحد، ويتبعها سائر الأجزاء كما يكون
7
عن التشنج الكائن للورم عن مادة منصبة لضربة، او لقطع، او لسبب آخر من اسباب
8
الورم. ولا يبعد ان يكون من التشنج ما يحدث عن ريح نافخة كثيفة، وارى
9
انه مما يعرض كثيرًا، ويزول فى الوقت. والتشنج المادى قد يعرض كثيرًا على سبيل انتقال
10
من المادة، كما يعرض عقيب الخوانيق، وعقيب ذات الجنب، وعقيب السرسام.
11
وأما الذى يكون من التشنج لفقدان المادة، والرطوبة، وغلبة اليبس فيعرض
12
من ذلك ان ينتقص طولًا، وعرضًا، وينشوى فيجتمع الى نفسه كحال السير المقدم
13
الى النار. وانت تعلم حال الاوتار انها [لا] تقصر فى الشتاء للترطيب، وتقصر فى الصيف
14
للتجفيف، وكذلك حال العصب. وقد يكون من التشنج الذى لا ينسب الى مادة ما يقع
15
بسبب شىء موذ ينفر عنه العصب، و يجتمع لدفعه. وذلك السبب إما وجع من سبب
16
موجع. وكثيرًا ما يكون من خلط حاد لاذع. وإما كيفية سمية تتادى الى الدماغ، والعصب،
17
كما يعرض لمن لسعته العقرب على عصبه. وإما كيفية غير سمية مثل ما يعرض التشنج
18
عن برد شديد يجمع العضل والعصب ويكثفه، فيقلص الى رأسه. وكما ان الإسترخاء
19
قد كان يختلف فى الاعضاء بحسب مبادى اعصابها فكذلك التشنج. والقياس فيهما
20
واحد فيما يكون فوق الرقبة، وفى قدام، وخلف، وفى جهة اخرى، وفيما يكون دون
21
الرقبة.
22
والتشنج الإمتلائى الرطب سببه الذاتى [إما] الرطوبة، والبرد يعينه على إجماده،
23
وتغليظه فلا ينبسط. وإما اليبوسة فالحر يعين على مبالغته بتحليل الرطوبة. والمادة الفاعلة
24
للتشنج انما تشنج ولا ترخى لغلظها، ولانها غير متداخلة لجوهر الليف مداخلة سائرة
25
منتقعة فيها، ولكنها مزاحمة فى الفرج، وكأن التشنج صرع عضو، كما ان الصرع تشنج
26
البدن كله. والفرق بينهما العموم والخصوص. وان اكثر الصرع ينحل بسرعة، و
3-137
1
قد يكون بادوار وغير ذلك من فروق تعلمها. ومن التشنج الرطب ما يعرض للمرضعات
2
لمجاورة الثدى، وترطيب اللبنية للاوتار، وجمود اللبن فيها، ومنه ما يعرض للسكارى،
3
ومنه ما يعرض للصبيان لرطوبتهم. وكثيرًا ما يعرض لهم فى الحميات الحادة، و عند
4
اعتقال بطونهم، وفى سهرهم، وكثرة بكائهم، ويتشنجون أيضًا فى ''حمياتهم وإن كانت
5
حمياتهم" خفيفة.
6
وبالجملة فان الصبيان يسهل وقوعهم فى التشنج لضعف قوى ادمغتهم، و
7
اعصابهم، وضعف عضلهم، ويسهل خروجهم عنه لقوة قوى اكبادهم، وقلوبهم،
8
ولان اخلاطهم ليست بعاصية شديدة الغلظ، ولذلك يعافون عن التشنج اليابس بسرعة،
9
لرطوبة مزاجهم ورطوبة غذائهم. وأما البالغون فلا يسهل احد الأمرين فيهم على انه
10
قد يعرض للصبيان تشنج ردئ عقيب الحميات الحادة، وتكون معه العلامات التى نذكرها،
11
وقلما يتخلصون منها. وأما من جاوز سبع سنين فلا يتشنج إلا لحمى صعبة جدًا.
12
ومن التشنج ما يعرض للخوف. والسبب فيه ان الروح الباسط يغور دفعة، و
13
يستتبع العضل متحركة الى المبادى على هيئتها. ومن التشنج ما يقع بسبب الإعتماد على بعض
14
الاعضاء، وهو منقبض فتنصب اليه مادة وتحتقن فيه على هيئته وعلى هندام انقباضه.
15
وربما كان عن ضربة فعلت ذلك، او حمل حملًا ثقيلًا، اونوم على مهاد صلب، و
16
هذا مما يزول بنفسه. وربما كان هذا الخدر يصيب العضو لإمتلاء عن مادة منصبة تزاحم
17
الروح المحرك وتمنع نفوذه. ولا يمكن ان يحرك الى الإنبساط. واذا عادت القوة
18
ففرقت المادة انبسط. وقد يكون من الإمتداد مثله، وهذا كثيرًا ما يكون بعد النوم عند
19
الإنتباه اذا بقيت الاعضاء المقبوضة لا تتمدد أيضًا؛ لان الروح أيضًا فى النوم اكسل
20
فلا يلج فى تكليف الإنبساط لميله الى الإستبطان.
21
وأما التشنج اليابس فمنه: ما يكون عقيب الدواء المسهل، وهو ردئ جدًا،
22
وكذلك عقيب كل استفراغ. ومنه ما يكون أيضًا عقيب الحميات المحرقة، وخصوصًا
23
فى حميات السرسام، وعقيب الحركات العنيفة البدنية، والنفسانية كالغم، والسهر،
24
والخوف، وذلك مما يقل التخلص عنه. وقد يكون من التشنج ما يعرض فى الحميات،
25
ومع ذلك فليس بردئ جدًا، وهو الذى يكون من تسييله المواد فى العصب، والعضل،
26
وخصوصًا اذا كان البدن ممتلئًا. وربما عرض ذلك فيها بمشاركة فم المعدة، ويزيله
27
القئ. ومثل هذا التشنج من الحميات ليس بذلك الصعب الردئ. وانما الصعب
28
الردئ ما كان فى الحميات المحرقة، والسرسام التى تجفف العصب [و العضل]
29
ويشوى الدماغ. وما كان فى الحميات المزمنة التى تجفف العضل، والعصب،
30
بل الدماغ، ويفنى الرطوبات الغريزية فتتشنج. وقد يكون من هذا الباب ما يكون، ويبطل
3-138
1
سريعًا. والسبب فيه يبوسة الدماغ للضعف، فتتبعه يبوسة الاعصاب؛ فانه اذا اصاب
2
الدماغ ادنى سبب مجفف استرجع الرطوبة من الاعصاب والنخاع، فانقبضت الاعصاب؛
3
ثم اذا عنيت الطبيعة بافادة الدماغ رطوبة كافية عادت الاعضاء مطيعة للانبساط بتكلف.
4
وكما يقع من شدة برد فانه كثيرًا ما يقع التشنج لبرودة الدماغ ومشاركة العضل له. و
5
التشنج المؤذى هو الكائن عن اليبوسة.
6
ومن التشنج الكائن باليبوسة ما يكون بنوع جمود الرطوبة فيقل حجمها، ويتكاثف
7
جدًا فيتشنج العضو كما يقع من شدة البرد، وكما يقع لمن شرب الأدوية المخدرة و
8
كالافيون. وأما التشنج الكائن بسبب الاذى فكتشنج شارب الحربق؛ فانه يتشنج بعد
9
الإسهال باليبوسة فيتشنج أيضًا قبله لمضادته وسميته؛ فيوذى بالعصب اذى شديدًا ينقبض
10
معه. ومن هذا القبيل تشنج من قاء خلطًا زنجاريًا [نكأ] فى فم المعدة. والتشنج الكائن
11
بسبب قوة حس فم المعدة اذا اندفع اليه مرار. والتشنج الكائن بمشاركة الدماغ للرحم
12
فى امراضها وللمثانة وغير ذلك. والتشنج الكائن عن لسعة العقرب، والرتيلاء، و
13
الحية على العصب او قطع يصيب العصب اواكله، والكائن لعلة فى المعدة والرحم و
14
الاعضاء العصبية، وقريب من هذا التشنج العارض بسبب الديدان.
15
ومن التشنج الردئ ما كان خاصًا فى الشفة، والجفن، واللسان؛ فيعلم ان
16
سببه من الدماغ نفسه. فاذا مال البدن فى تشنجه الى قدام، فالتشنج فى العضلات
17
المتقدمة، او الى خلف فالتشنج فى عضلات الخلف، او مال اليهما جميعًا فالعلة فيهما
18
جميعًا؛ مثل ما كان فى الفالج. وربما اشتد التشنج حتى يلتوى العنق، وتصطك
19
الاسنان. وكل من مات من التشنج مات وبدنه بعد حار. وذلك مما يقتل بالخنق،
20
وانما يقتل بالخنق لان عضل النفس يتشنج وتبطل حركتها. وكل تشنج يتبع جراحة
21
فهو قتال، ومن علامات الموت فى الاكثر.
22
العلامات: نبض المتشنجين متمدد، مختلف فى الموضع، يصعد، وينزل كسهام تنفلت
23
من قوس رام، وتختلف حركات نقراته فى السرعة والبطوء. ويكون العرق حارًا اسخن من
24
سائر الاعضاء، ويكون جرم العرق مجتمعًا لا كاجتماع العروق فى النافض، ولا يكون
25
كالمنضغط، وكما يكون عند صلابة العرق لطول المرض، اوالكائن مع وجع الاحشاء؛
26
ولكن كاجتماع اجزاء مصران يتمدد من طرفيه. وسنذكر امارات الوجع فى التشنج
27
من بعد قليل.
28
وأما التشنج الكائن عن الإمتلاء فعلامته: ان يحدث دفعة، ولا يتشرب سريعًا
29
ما يجعل عليه من دهن، إلا ان يكون اصابته حرارة قريبة العهد. وأما الكائن عن اليبوسة فيكون
30
قليلًا قليلًا، وعقيب امراض استفراغية اى جنس كان، او استفراغ بأدوية، اوهيضة،
3-139
1
او استفراغ من ذاته. وأما الكائن عن الأذى فتعرفه بالسبب الخارج، والمشروبات مثل
2
الأفيون، والخربق وغيره. ومثل انه اذا كان الأذى من المعدة فشاركها الدماغ، ثم
3
العصب احس قبل ذلك بغثى، وكرب، وإنعصار للمعدة. وربما كان يجد ذلك مدة
4
التشنج. وربما كان ذلك التشنج عقيب قئ كراثى، او زنجارى. وكذلك الذى يكون
5
لقوة حس فم المعدة. وكلما انصب اليها مادة تشنج صاحبها، ولكن يتقدمه أذى فى
6
فم المعدة ولذع. وقد يقع مثل ذلك فى أمراض الرحم، والمثانة وغيرها اذا قويت،
7
ويكون مع ألم، ووجع شديد وآفة فاصحة فى ذلك العضو يتقدم التشنج. وأما سائر
8
التشنج فاما ان لا يكون معه ألم اويكون الألم حادثًا عن التشنج، لا التشنج حادثًا عن
9
الألم. وأما الكائن عن التورم فيعرف بما قد قلنا.
10
ومن الدلائل الدالة على حدوث التشنج صغر النبض، وتفاوته اولًا، ثم انتقاله
11
الى ما قيل. وكثيرًا ما تحمر الوجه، ويظهر فى العينين حول، وميلان، وفى التنفس
12
إنقطاع، وإنبهار. وربما عرض ضحك لا على اصل، ويعتقل الطبيعة، وتجف، و
13
البول أيضًا كثيرًا ما يحتبس، وكثيرًا ما لا يحتبس، ويخرج كمائية الدم، ويكون
14
ذا نفاخات. ويعرض لهم فواق، وسهر، وصداع، ورعشة، ووجع تحت مفصل العنق
15
وبين الكتفين وعند مفصل القطن والعصعص ودون ذلك، ويدل على التشنج الواقع
16
لسبب الحمى، وينذر به فى الحميات عوج فى العين، وحمرة فى الطرف، وحول،
17
وتصريف الأسنان، وسواد اللسان، واشتداد جلدة الرأس، وإحمرار البول اولًا ثم
18
إبيضاضه لصعود المادة الى الرأس، وضربان الأصداغ، وعروق الرأس، وربما جف
19
به البطن، وتشنج. وقد قال ابقراط: لان تعرض الحمى بعد التشنج، خير من ان يعرض
20
التشنج بعد الحمى؛ معناه: ان الحمى اذا طرأت على التشنج الرطب حللته.
21
وأما التشنج الذى يحدث من الحمى؛ فهو اليابس الذى قل ما يقبل العلاج،
22
ويعرض قبله تفزع فى النوم، وحؤول من اللون الى حمرة وخضرة وكمودة، وإعتقال
23
من الطبيعة. والبول القيحى فى الحمى، والقشعريرة اذا صحبه عرق فى الرأس، و
24
ظلمة فى العين، دل على تشنج سببه دبيلة فى الأحشاء. فان كان التشنج مع الحمى، ولم
25
تكن من قوة تلك الحمى، وطول مدتها ان يحرق الرطوبات اوتفشها فذلك من الجنس
26
الذى ليس به ذلك اليابس كله.
27
ومن العلامات الرديئة فى التشنج الرطب ان يكثر الريح فى الأعضاء، وخصوصًا
28
اذا انتفخ معه البطن، وخصوصًا اذا كان فى ابتدائه. والبول الحاد فى التشنج، وفى
29
التمدد ردئ يدل على ان السبب حرارة ساذجة.
3-140
1
واذا كان مع التشنج ضربان فى الأحشاء، واختلاج فذلك دليل ردئ؛ فان
2
الضربان يدل على احد امرين: إما ورم فى الأحشاء معظم للضربان، اونحافة فيها؛
3
فيظهر النبض العظيم الذى للضارب الكثير. والخوانيق اذا مالت موادها الى العصب،
4
منتقلة اليه لتحدث التشنج دل عليه ظهور التشنج فى النبض. وذات الجنب اذا مالت
5
مادتها الى ذلك دل عليها شدة ضيق النفس، وان لا يكون الحمى شديدة جدًا. واذا
6
انتقل مادة السرسام الى ذلك ابتدأ بكثرة طرف وتصريف الأسنان ثم احولت العين و
7
اعوج العنق ثم فشا التشنج.
8
العلاج: أما الكائن عن ضربة فيجب ان يستعمل فيه النطولات المرخية المتخذة بكشك
9
الشعير، والبابونج، والخطمى، والحلبة، وما اشبه ذلك. وقد بينا فى القانون موضع
10
استعماله. وأما الكائن عن الأذى فان كان لشرب شيئ: فيعالج بما تعرفه فى ابواب السموم.
11
وان كان لحمى: فيعالج بالترطيب الشديد للدماغ والعصب والعضلات بالمروخات
12
الشديدة الترطيب مما قد عرف، ويلزم البيت البارد. وان كان لوجع: فيسكن الوجع بعد
13
ان ينظر ما هو، ويقطع سببه. وان كان من لسعة فيعالج بما نقوله فى باب اللسوع. و
14
ان كان عن ورم فيعالج بما نقوله فى باب علاج اورام العصب.
15
وان كان عن يبس فعلاجه يصعب. واوفق علاجه: الآبزن، والتمريخ بالدهن
16
الرطب بعده وتكريره مرارًا؛ وذلك ان لم يكن حمى بحيث لا يفتر البتة، ويتعهد المفاصل
17
كلها بذلك. وان امكن ان يجعل الآبزن من لبن فعل؛ وإلا فمن مياه طبخ فيها ورق
18
الخلاف، والكشك، والبنفسج، والنيلوفر، والقرع، والخيار، او اتخذ آبزن كله من
19
عصارة القرع، او عصارة القثاء، او يكون كل ذلك من ماء الورد الذى طبخ فيه شىء من هذه،
20
او ماء البطيخ الهندى، او ماء الخلاف، او ما اشبه ذلك. واذا اتخذ لهم حقن من هذه
21
العصارات، والادهان، والسلاقات المرطبة المدسمة كان شديد النفع، ويستعمل
22
على المفاصل ومنابت العضلات الادهان ''تغريقًا بعد تغريق" مع عناية بالدماغ جدًا،
23
وترطيب على ما علمناك فى ترطيب الدماغ.
24
ويسقى العليل اللبن الحليب شيئًا صالحًا ان لم تكن حمى، وماء الشعير، وماء
25
القرع، وماء البطيخ الهندى والجلاب، كان حمى او لم تكن. فان مزج بشىء من هذه
26
قليل شراب ابيض رقيق لينفذ كان صالحًا. وكذلك يجعل ماؤه ممزوجًا بشىء من شراب.
27
ويجب ان يداوم عليه هذا العلاج من غير ان يحرك، اويلزم رياضة. وان امكن
28
ان يغمس بكلية بدنه فى دهن مفتر فعل. وليسعط بالمرطبات من الادهان، والعصارات،
29
وليرطب رأسه بما عرفته من المرطبات. ويجب ان يبيتوا على بزرقطونا، ودهن الورد.
3-141
1
ومما ينفعهم ان يسقوا الترنجبين، وخصوصًا الأطفال، وان لم يمكن فالمرضعات.
2
وصاحب التشنج الرطب ان كان ضعيف القوة لم يقطع عنه اللحوم؛ ولكن
3
يجب ان يجعل لحمه من اللحوم اليابسة مثل لحوم العصافير، والفراخ، والقنابر، و
4
الطياهيج. وان لم تكن القوة ضعيفة جعل غذاؤه الخبز بالعسل، وماء الحمص بالشبث،
5
وبالخردل أيضًا، والمرى بالزيت، وليجعل فيما تناوله أيضًا الفلفل. وأما غذاء اصحاب
6
التشنج اليابس فكل ما يرطب ويلين، وجميع الأحساء الدسمة اللينة المتخذة من ماء
7
الشعير، ودهن اللوز، والسكر الفائق. وماء اللحم المتخذ من لحوم الخرفان والجداء؛
8
وقد جعل فيه من البقول المرطبة ما يكسر أذى اللحم؛ ان كان هناك حرارة. وان مزج
9
الشراب القليل بذلك لينفذه لم يكن بعيدًا من الصواب؛ وخصوصًا اذا لم يكن حرارة
10
مفرطة. وكذلك اذا مزج الشراب بما يسقونه من الماء.
11
واما العلاج فان الرطب يجب ان يعالج بالإستفراغات، والتنقيات القوية المذكورة
12
عند ذكرنا إستفراغ الخلط الغليظ من العصب بالمسهلات، والحقن الحادة. فان انت
13
رأيت علامات [غلبة] الدم عليه واضحة جدًا؛ فافصد اولًا وخصوصًا ان كان سبب
14
الإمتلاء شرب الشراب الكثير فلا يخرج جميع ما يحتاج الى اخراجه من الدم كان اخراجه
15
بسبب التشنج، او بسبب علة أخرى تقتضى اخراجه؛ بل ابق منه شيئًا ليقاوم التشنج
16
ويتحلل بتحليل حركات التشنج. ومن علاجاته الإنغماس فى مياه الحمات والجلوس
17
فى زيت الثعالب والضباع الذى نذكره فى باب أوجاع المفاصل؛ فانه نافع. وكذلك
18
التمريخ بشحم الضباع وبدهن السوسن؛ ان لم يكن حمى. وكذلك طبيخ جراء الكلاب،
19
والجلوس فى مياه طبخ فيها العصافير الملطفة مثل القيصوم، وورق السعد، وقصب
20
الذريرة، وورق الغار، واللطوخ المتخذ من اصل الشوكة اليهودية وبزر الشوكة البيضاء
21
وبزر الشوكة المصرية وعصارة القنطوريون الدقيق مفردة ومركبة. واعلم ان طول مدة
22
القيام فى الآبزن زيتًا كان او غيره؛ مما يضر بسبب ارخاء القوة فاجعل كثرة العدد بدل
23
طول المدة فاجلسه فى اليوم مرتين.
24
ومما ينفع [من] به التشنج العام المسمى طاطالس والتمدد الكائنان عن
25
مادة ان ينغط دفعة فى الماء البارد؛ على ما ذكره بقراط. فان الظاهر من البدن يتكاثف
26
به، وينحصر الحر الغريزى فى الباطن، ويقوى، وتحل المادة. وليس كل بدن يحتمل
3-142
1
هذا سالمًا عن الخطر بل البدن القوى الشاب اللحيم الذى لا قروح به وفى الصيف.
2
وقد عوفى قوم بهذا. واستعمل المحاجم على المواضع التى تمتد اليها اجزاء الوتر بلا شرط،
3
ان كان الأمر خفيفًا. وان لم يكن كذلك احتجت الى شرط؛ فانك ان لم تشرط حينئذ
4
ربما اضررت بجذب المادة. ومواضع المحاجم: فى الرقبة، وفقار الظهر من الجانبين،
5
والاجزاء العضلية من الصدر، واما قدام المثانة وعلى موضع الكلية فانما نفعل به ذلك عند
6
خوفنا واشفاقنا ان يكون خروج دم. وينبغى ان لا يستعمل المحاجم كثيرة ولا دفعة
7
معًا، وتراعى موضع المحاجم فتحفظ أن لا يبرد فيبرد البدن.
8
ومن علاجه أيضًا ان يسوى ما تشنج بالرفق. ومن علاجه الواقع بالطبع عروض
9
الحمى الحادة؛ فلذك قال ابقراط: لأن يعرض الحمى بعد التشنج خير من ان يعرض
10
التشنج بعد الحمى. والربع ينفع من ذلك لزعزعة نفضها، ولكثرة تعريقها. ومن يعتريه
11
الربع فقل ما يعتريه التشنج؛ فانه فى امان منه. ومن المعالجات العجيبة المخرقة للتشنج
12
ان يلصق على العضو المتشنج الإلية؛ وترك عليه حتى تنتن ثم تبدل بغيرها. والتشنج
13
الذى يعم البدن فقد ينفع فيه قصد الدماغ أيضًا بالتنقية بالعطوسات منفعة عظيمة. و
14
قد جرب عليهم ان يقلدوا قلادة من صوف كثير رخو، ويرش عليها كل وقت دهن حار.
15
والحمام اليابس ينفعهم منفعة عظيمة. وان يكبوا على حجارة محماة يرش عليها الشراب؛
16
وان يعرقوا أيضًا بالتزميل. ومن اضمدتهم الجيدة: مرهم يتخذ من ميعة سائلة،
17
وفربيون، وجندبيدستر، وشمع اصفر، ودهن السوسن؛ ومراهم ذكرت فى انقراباذين
18
وبالشحوم وغيرها. والتمريخ بعكر دهن السمسم، ودهن بزر الكتان، ولعاب الحلبة.
19
ومن كماداتهم الجيدة: الملح المسخن على مخارج العصب. ومما يسقونهم
20
مما يجلب الحمى جندبيدستر، وحلتيت معجونين بعسل قدر جوزة؛ فانه تجلب الحمى
21
ويحلل التشنج على المكان. وكذلك دهن الخروع، وماء العسل بالحلتيت، وطبيخ
22
حب البلسان. ومما ينفعهم جدًا سقى الترياق، والمعاجين الكبار. وقد ينتفع بتناول
23
المدرات. وقد جرب هذا الدواء: يسقى من اصل القطن عشرون درهمًا يطبخ برطلين
24
ماءً حتى يبقى الثلث ويشرب منه اربع اواقى فاترًا بدرهمين، دهن اللوز؛ فذلك نافع؛ و
25
خصوصًا للتشنج الى خلف؛ وقد يطبخ بدل اصل القطن حب البلسان عشرة دراهم؛ و
26
الشربة ثلاث اواقى. وكذلك الفوتنج البرى.
27
ومما هو اشد نفعًا سقى الجاؤشير يسقى منه القوى مثقالًا، والوسط درهمًا، [و
28
الضعيف ما يلى ربع درهم]، وليراع حينئذ المعدة فانها تضعف به شديدًا. والحلتيت
3-143
1
أيضًا قدر حبة كرسنة فى اربع اواقى ونصف عسل، وكذلك الأشق، وقد يسقى ذلك
2
كله فى طبيخ الزوفا، وطبيخ الانجدان. وأما الجندبيدستر فهو اكثر نفعًا واقل ضررًا.
3
والشربة منه قدر ملعقتين الى ثلاث يسقى فى مرار كثيرة يكون مبلغ المشروب فيها القدر
4
المذكور. واقل ما يضر فيه ان يكون بعد الطعام كيف كان ولا خطر فيه.
5
ومن معالجاته ان يمرخ بالادهان القوية التحليل المذكورة؛ كدهن قثاء الحمار،
6
ودهن الخروع، ودهن السذاب، ودهن القسط مع جندبيدستر وعاقرقرحا؛ فانه نافع
7
جدًا. والإلية المذابة، ودهن النرجس، ودهن هذه صفته: يوخذ من دهن الناردين
8
قسط واحد، دهن الحضض قسط، واوقيتان شمع، وجعدة، وحماما، وميعة،
9
ومصطكى، وسنبل، ودهن بلسان من كل واحد اوقية، فلفل اربعة مثاقيل، فربيون
10
مثله ويجمع. ومما ينتفع ان يعمل عليها ضماد الفربيون فانه نافع جدًا.
11
وأما العارض من التشنج للمرضعات فيكفيهن فيه ان تضمد مفاصلهن بعسل
12
قد عجن فيه زعفران، واصل السوسن، وانيسون على ان يكون اصل السوسن اكثرها،
13
ثم الانيسون ويكون فيه من الزعفران يسير، ويدام وضع اعضائهن فى مياه طبخ فيها بابونج،
14
واكليل الملك، وحلبة. وربما نفع دهن البابونج وحده. والشراب القليل نافع
15
لاصحاب التشنج الرطب يحلله كما يحلل الحمى. فأما الكثير فهو اضر شىء به. ويجب
16
ان يسقى العليل <من> العتيق وعلى غذاء قليل.
17
واعلم ان التشنج اذا كان عامًا للبدن دون اعضاء الوجه؛ فان الأطباء يقصدون
18
بالأضمدة، والمروخات فقار العنق. وان كان فى اعضاء الوجه أيضًا قصدوا الدماغ
19
مع ذلك؛ فان كان التشنج من مشاركة المعدة ورأيت العلامة المذكورة فبادر الى تقيئة
20
ذلك الإنسان فانه ربما قاء مرة حادة، اوخلطًا عفنًا، ويبرأ فى الوقت.
21
|202ra37|فصل فى الكزاز والتمدد
22
التمدد مرض آلى يمنع القوة المحركة عن قبض الأعضاء التى من شانها ان تنقبض
23
لآفة فى العضل والعصب. وأما لفظ الكزاز فقد يستعملونه على معان مختلفة: فتارة يقولون
24
كزاز ويعنون به ما كان مبتديًا من عضلات الترقوة فيمددها الى قدام والى خلف. وإما
25
فى الجهتين جميعًا. وربما قالوا كزاز لكل تمدد. وربما قالوا كزاز للتشنج نفسه. وربما
26
قالوه لتشنج العنق خاصة. وربما عنوا به التمدد الذى يكون من تشنجين، او من تمددين
27
من قدام وخلف جميعًا. وربما خصوا باسم الكزاز ما كان من التمدد بسبب برد مجمد.
28
والتمدد بالحقيقة هو ضد التشنج، وداخل فى جنس التشنج دخول الأضداد فى جنس
3-144
1
واحد. واعتزاؤهما الى سبب واحد يقع وقوعًا متضادًا؛ إلا ان التشنج يكون الى
2
جهة واحدة. فاذا اجتمع تشنجان فى جهتين متضادتين صارا تمددًا كمن يعرض له التشنج
3
من قدام وخلف جميعًا فيعرض له من الحركتين المتضادتين فى اعضائه ان يتمدد.
4
ولما كان هذا التمدد تشنجًا متضاعفًا وجب ان يكون أحذ من التشنج البسيط فيكون
5
بحرانه اسرع. وقد يكون هذا المضاعف ليس من تشنجين بل من تمددين. ولا يخلو
6
التشنج فى اكثر الأمر من وجع شديد.
7
واسباب الكزاز شبيهة باسباب التشنج من وجه، ومخالفة لها من وجه. أما
8
مشابهتها لها فلان الكزاز قد يكون من امتلاء. وقد يكون من يبوسة. وقد يكون لأذى
9
يلحق الاعضاء العصبية. وقد يكون من اورام. وأما مخالفتها لها فلان التشنج فى النادر
10
يكون من الريح. والكزاز كثيرًا ما يكون عن ريح ممددة؛ بل الكزاز الذى هو مركب من
11
تشنجين فقد يكون كثيرًا من الريح اذا استولى على البدن، ويكون مع ذلك علة صعبة.
12
وان كان التشنج المفرد العارض فى عضو واحد من الريح قد لا يكون صعبًا؛ وذلك
13
لان هذا يكون لإستيلاء الريح على البدن كله. وقد كان التشنج المفرد اذا غلب معه
14
الريح كان هناك خطر؛ وعلامة موت فكيف المضاعف. ويخالف من وجه آخر:
15
وهو ان السبب فى التشنج المادى كان يقع فى موضع العصب وقوعًا على هيئة تمنع
16
الإنبساط؛ لانه تمدد الليف عرضًا، اويقبضه الى اصله فيشنج.
17
وأما السبب فى الكزاز المادى فان وقوعه بالخلاف؛ فانه إما ان تكون الرطوبة
18
الكازة جرت فى خلال الليف ثم جمدت، وبقيت على الصلابة فيعسر رجوعها الى
19
الإنقباض، اوتكون وقعت دفعة فملأت الليف من غير ان يختلف نسبها من نسب الليف؛
20
بل وقعت على امتداد الليف فعرضت من غير ان نقصت فى الطول نقصانًا <يعتد به>
21
لكنها تحفظ الطول بملئها للفرج.
22
وأما التشنج فان المادة الفاعلة له مختلفة الموضع فى خلل العصب غير نافذة فيها
23
نفوذًا متشابهًا، ولا نفوذًا كثيرًا. ويشبه ان يكون نفوذ مادة الكزاز الذى على هذه الصفة
24
يشبه نفوذ مادة الإسترخاء الإ ان تلك المادة رقيقة مرخية، وهذه جامدة صلبة، لا تدع العضو
25
ان ينعطف وينقبض. وإما ان تكون المادة فى الكزاز لم تقع فى واسطة العضلة، او
26
الوتر، او العصبة؛ ولكن فى مبدأها فحفزت العصب، او الوتر طولًا فهو لا يقدر على ان
27
ينقبض. وإما ان يكون هناك ورم، وإما ان تكون المادة وقعت فى خلال الليف وقوعًا
28
اذا قبض احتاجت الى ان يتضاغط لها الليف ويتادى ويرجع. وإما ان يكون السبب
3-145
1
الموجع والموذى مادة اوغير مادة وقعت فى مبادى العضل او الاوتار فهى تهرب عنها
2
طولًا كما يقع نوع من الكزاز عقيب القئ العنيف والإستفراغ الكثير الأذى كان الأوتار
3
والعصب يتاذى عن المعدة هذا.
4
وان كان السبب فى الكزاز اليبوسة فيكون لان العضل لما انتقص عرضها بانحلال
5
الرطوبات ازداد طولًا، وتقبضت منه المنافذ؛ فيعسر نفوذ القوة المحركة فيها فتضعف
6
عن نقل الاعضاء الى التقبض؛ وخصوصًا اذا اعان التصلب الحادث عن الجفاف
7
على العصيان. فأما مثله من التشنج اليابس: فقد ينقبض من الطول والعرض جميعًا
8
على سبيل الإنشواء؛ فلذلك كان التشنج اليابس اردأ من الكزاز اليابس. وكما ان الإسترخاء
9
ربما وقع للقطع فكذلك التمدد قد يقع للجراحة اذا عرضت فتاذت العضل عن الإنقباض.
10
والكزاز قد يقع منه شىء عظيم قوى بسبب قوى ومادة قوية كثيرة. وقد يقع على نحو
11
وقوع التشنج لخدر امتلائى يسد مسالك الروح؛ فتبقى الأعضاء الممدودة لا تنبسط كما
12
تبقى الأعضاء المقبوضة لا تمتد الى ان تجد الروح سبيلًا ومنفذًا؛ فهذا كثيرا ما يكون
13
بعد النوم؛ لان الروح منه اذهب <فيه> الى الباطن، وكما قلنا فى التشنج. وقد يقع
14
لاجل هيئة غير طبيعية شاقة تعرض للعضل فتقل قوتها، او تصير وجعة غير محتملة للتحريك؛
15
فتبقى على ذلك الشكل كمن مدد بحبل، اورفع شيئًا ثقيلًا، او حمل على ظهره حملًا ثقيلًا،
16
او نام على الارض فآذت الارض عضلاته ورضتها، او اصابته سقطة او ضربة راضة
17
للعضل، اوقطع، او حرق نار توجعت لها فهى عاجزة عن الإنقباض. وربما كان مع
18
ذلك مادة منصبة اليها، او ريح غليظة متواترة فيها او صائرة اليها ممددة.
19
وكما ان التشنج الخاص باعضاء الوجه ردئ؛ كذلك التمدد اذا لحق الجفن، او
20
اللسان او الشفة وحدها. وقد يقع من الكزاز نوع ردئ يبوسى تتقدمه حميات لازمة مع
21
قلق، وبكاء، وهذيان، ويصفر لها اللون، وييبس الفم والشفة، ويسود اللسان، و
22
تعتقل الطبيعة، ويستحصف الجلد، ويتمدد وهو ردئ. وكل كزاز عن ضربة يصحبه
23
فواق، ومغص، واختلاط، وذهاب عقل، فهو قتال يصحب تجفف العضل، وغليان
24
رطوبتها، حتى يمددها طولًا ثم يحفظ ذلك عليه بالجفاف البالغ الحافظ للهيئات. والكزاز
25
يعرض كثيرًا للصبيان ويسهل عليهم كلما كانوا اصغر؛ وعلى ما قيل فى التشنج.
26
وقد يتقدم الكزاز كثيرًا اختلاج البدن، وثقله، وثقل فى الكلام، وصلابة
27
فى العضلات، وفى ناحية القفا الى العصعص، وعسر البلع، واحتكاك اذا حكوه،
3-146
1
ولم يلتذوا به، واذا كان فى البول كالمدة والقيح، وكان قشعريرة، وغشاوة فى البصر،
2
وعرق فى الرأس والرقبة، دل على امتداد سيكون فى الجانبين؛ لان مثل هذه المدة
3
يكثر فيها ان لا يستنقى من اسفل بالتمام بل يصعد منه شيئًا فيما بين ذلك الى الدماغ،
4
ويوذيه، ويكسر البدن. فاذا بدأ الكزاز العام انطبق الفم، واحمر الوجه، واشتد الوجع،
5
وصار لا يسيغ ما يجرعه، ويكثر الطرف، وتدمع العين. [وقد راينا نحن اذ بدأ الكزاز
6
العام بمرأة انطبق فمها، واصفر وجهها، وظهر لها اصطكاك اسنانها، ثم بعد زمان مديد
7
اخضر وجهها، وكانت لا تقدر ان تفتح فاهًا؛ حتى بقيت زمانًا طويلًا ممتدة مستلقية؛
8
بحيث لا يمكن لها ان تنقلب، ثم بعد ذلك انحل عنها الكزاز، وانقلبت الى الجانبين،
9
وتكلمت ونامت الى الغد، فهذا ما شاهدنا من حالها وعالجناها كل مرة وكل مدة].
10
والفرق بين التشنج والتمدد فى ابتدائه ان التشنج يبتدئ فى العضلة بحركة،
11
والتمدد يكون ابتداؤه فى العضلة بسكون. وقد يقع الإنتقال الى التمدد من الخوانيق، و
12
وذات الجنب، والسرسام على نحو ما كان فى التشنج. وقد يكثر فى البلاد الجنوبية
13
للامتلاء وحركة الأخلاط وخصوصًا فى البلغميين. وقد يعرض فى البلاد الشمالية لإحتقان
14
الفضول وخصوصًا فى النساء فانهن اضعف عصبًا.
15
العلامات: أما علامة التمدد مطلقًا فان لا يجيب العضو الى الإنقباض. وأما علامة الكزاز
16
ان كان الى قدام فان يكون الرجل كالمخنوق مختنق الوجه والعين. وربما خيل انه
17
يضحك لتمدد عضل الوجه منه ويكون رأسه منجذبًا الى قدام، بارزًا مع امتداد العنق
18
لا يستطيع الإلتفات. وربما لم يقدر ان يبول لتمدد عضل البطن وضعف الدافعة.
19
وربما بال بلا ارادة؛ لان عضلة المثانة منه تكون متمددة غير منقبضة. وربما بال الدم
20
لإنفجار العروق لشدة الإنضغاط. وربما عرض له الفواق وان كان الكزاز الى خلف و
21
جذب الرأس والكتفين والعضلة منجذبة الى خلف. و<قد> يعرض ذلك لإمتداد عضل
22
البطن الى خلف بالمشاركة، وامتداد عضلة المقعدة، ولا يقدر ان يحتبس ما فى المعاء
23
المستقيم، ولا يقدر ان يشترك ما فى الأمعاء الدقاق. ويشتركان فى الإختناق، و
24
السهر، والوجع، ومائية البول، وكثرة نفاخات فيه للريح، وفى السقوط عن الأسرة.
25
وأما علامة الرطب واليابس والورمى والكائن عن الأذى فعلى قياس ما قيل
26
فى التشنج. وكثيرًا ما يصيبهم القولنج للبرد ان كانت العلة باردة.
27
العلاج: علاجه بعينه علاج التشنج. ويستعمل ههنا من المحاجم على الأعضاء اكثر مما
28
يستعمل فى التشنج. وذلك لتسترجع الحرارة، وان يكون بشرط خاصة على عضل العنق
29
والفقارات والشراسيف. ومما يجب ان يراعى فى المكزوز انه اذا عرق بدنه لشدة الوجع
3-147
1
أو من العلاج لم يترك [أن] يبرد عليه فانه يوذيه، ولكن يجب ان ينشف بصوف مبلول.
2
وربما اجلس فى زيت مسخن فانه قوى التحليل، ويسقى الجاؤشير الى درهم بحسب
3
القوة. ومن الحلتيت أيضًا. والكزاز اولى بأن يبادر الى علاجه من التشنج؛ لأن الكزاز
4
موذ خانق قاتل. ومما ذكر انه نافع جدًا فى علاج الكزاز والتشنج: ان تغلى سلاقة الشبث
5
ويطرح فيه جرو ضبع، اوجرو كلب، اوجرو ثعلب، ويطبخ حتى تهرا، ثم يستنقع
6
العليل فيه مرتين. وكذلك ينفعهم التمريخ بشحم الحمار الوحشى، وشحم الايل،
7
وشحم الأسد والدب والضبع مفردة، او مع الأدوية. وينفعهم الحقنة بدهن السذاب
8
مع جندبيدستر وقنطوريون. وكل الحمولات اللاذعة الحادة التى فيها بورق وشحم
9
الحنظل وما اشبهه. فان احرقت بافراط حقن بعدها بلبن الأتن او السمن او دهن الإلية
10
مفردة او مع شحم من [الشحوم] المذكورة. وانفع الأشياء للتمدد البارد والرطب الجندبيدستر؛
11
فانه يجب ان يتعاهد. واذا غذى اصحاب الكزاز فيجب ان لا يلقموا من الطعام الا لقمًا
12
صغارًا ضعافًا جدًا، وان يوجروا الحسو الرقيق، لان البلع يصعب عليهم، ويرتد فى
13
مناخرهم، ويضطربون فيزيد بذلك فى علتهم. وقد ذكرنا أدوية يسقونها، وتمسح
14
بها اعضاءهم ومقاعدهم فى انقراباذين. وكذلك المروخات النافعة لهم مثل دهن
15
الحناء وغير ذلك مما قيل. وكذلك السعوطات والعطوسات. وخير العطوسات لهم
16
ميعة الموميائى ببعض الادهان. والحمى التى تقع بالطبع خير علاج لما كان منه رطوبيًا.
17
|202rb22|فصل فى اللقوة
18
اللقوة هى علة آلية فى الوجه ينجذب لها شق من الوجه الى جهة غير طبيعية، فتتغير
19
هيئته الطبيعية، وتزول جودة التقاء الشفتين والجفنين من شق <واحد>. وسببه إما
20
استرخاء او تشنج لعضل الأجفان والوجه، وقد عرفتها وعرفت منابتها. وأما الكائن
21
عن الإسترخاء فانه اذا مال شق جذب معه الشق الثانى؛ فارخاه وغيره عن هيئته ان كان
22
قويًا؛ وان كان ضعيفًا استرخى وحده. وعند بعضهم [ان الإسترخاء فى الجانب السليم
23
وهو جذب الأعوج وليس بمعتمد، ومنهم فولس. و] هذا الكائن عن الإسترخاء يكون
24
لأسباب الإسترخاء المعدودة. وأما الكائن عن التشنج وهو الاكثر؛ فلانه اذا تشنج شق
25
جذب الشق الثانى اليه. والسبب فيه هو السبب فى التشنج. ومما قيل فى باب التشنج
3-148
1
اليابس مثل الكائن من حميات حادة واستفراغات من اختلاف، وقىء ورعاف وغير
2
ذلك؛ فانه قاتل ردئ.
3
وقد قال بعضهم: ان الجانب المريض فى اللقوة هو الجانب الذى يرى سليمًا.
4
وان السبب فيه [أن] الجانب الصحيح يحاول جذبه لتسوية. وهذا غير سديد فى اكثر
5
الأمر والتشريح؛ وما علمته من حال عضل فى الوجه يعرفك فساد وقوع. هذا عامًا؛ و
6
لان الحس يبطل لمن يبطل فيه منهم من جانب اللقوة.
7
وكثير من الناس يعرض لهم ورم فى عضل الرقبة، فيكون من جملة الخوانيق
8
فيصيبه من ذلك لقوة، ويصيبهم أيضًا فالج يمتد الى اليدين؛ لان العصب الذى يستقى
9
منه عضل اليدين القوة المحركة منبث أيضًا من فقار الرقبة. وكل لقوة امتدت ستة اشهر
10
فبالحرى [ان] لا يرى <صاحبها> صلاحها. واعلم ان اللقوة قد تنذر بفالج بل كثيرًا ما
11
تنذر بسكتة فتامل هل تصحبها مقدمات الصرع والسكتة، فحينئذ بادر باستفراغ قوى.
12
وقد زعم بعضهم: ان الملقو يخاف عليه الفجأة الى اربعة ايام، فان جاوز نجا. ويشبه
13
ان يكون ذلك بسبب سكتة قوية كانت اللقوة تنذر بها.
14
العلامات: هى ان تقع النفخة والبزقة من جانب ولا يستمسك [الريح ولا يستمسك] الريق
15
من شق. وكثيرًا ما يلحق معها صداع وخاصة فى التشنجية منها. ومعرفة الشق الماؤف من
16
الشقين انه هو الذى اذا مد، او اصلح باليد سهل رجوع الآخر بالطبع الى شكله. وأما
17
علامات اللقوة الإسترخائية فأن تكون الحركة تضعف والحواس تكدر، ويحس فى الجلد
18
لين، وفى العضل [أيضًا] ولا يحس تمدد، ويكون الجفن الأسفل منحدرًا، فيرى نصف
19
الغشاء الذى على الحنك المحاذى لتلك العين مسترخيًا أيضًا رطبًا رهلًا. ويظهر ذلك
20
بان يغمز اللسان الى اسفل ويتامل. والسبب فى ذلك اتصال هذه الصفاق بالصفاق الخارج
21
من طريق الشان القاطع للحنك طولًا، فهو يشاركه ويكون الخد مائلًا عن نواحى الرقبة
22
بتباعد عنها، ويعسر رده اليها. وأما علامات التشنجى فان لا تكون الحواس كدرة فى
23
الأكثر، ويكون جلد [الجبهة] متمددًا تمددًا يبطل معه الغضون، وعضل الوجه صلبة،
24
[ويكون تمدد هذا الشق الى الرقبة]، ويقل الريق والبزاق فى الأكثر، ويكون ميل الجلد
25
الى نواحى الرقبة اكثر، وردها عنه اعسر. وأما علامة الرطب واليابس من التشنجى
26
فبما تعرف. ومن علامات حدوث اللقوة ان يجد الإنسان وجعًا فى عظام وجهه، و
27
خدرًا فى جلدته، وكثرة من اختلاجه.
3-149
1
العلاج: الحزم هو ان لا يحرك الملقو الى الرابع والسابع، ويغذى أيضًا بما يلطف كماء
2
الحمص بزيت، ولا يجفف تجفيف العسل والفراخ. فان كانت الطبيعة يابسة فحرك
3
فى اليوم الثانى بحقنة شديدة اللين فهو موافق. والمبادرة الى الغراغر فى الإبتداء ضارة.
4
وربما جذبت الغريب ولم تحلل الفج القريب. والتشنجى اولى [بأن يستفرغ] بقوى،
5
ولا يستفرغ بضعيف غير كاف الى ان ينضج مرة. والإستعجال الى الدواء الحاد يجفف
6
المادة ويغلظها وييبس العصب فيصعب تاثير الدواء فيه بل الصبر اولى. ويجب ان
7
يعالج بعلاج الفالج والتشنج كما تعرف بحسب ما يناسب. وقد جرب ان الملقو اذا سقى
8
كل يوم درهم من ايارج هرمس شهرًا متصلًا أثر اثرًا قويًا. ومما جرب ان يسقى كل يوم
9
زنجبيلًا ووجًا معجونين بالعسل بكرة وعشية قدر جوزة. ويجب ان لا يقطع عنهم ماء العسل.
10
وقد ذكر بعض اطباء الهند ان ابلغ ما يعالج به اللقوة ان يخبص العضو الآلم
11
والرأس بلحم الوحش مطبوخًا، ويشبه ان يكون اولى الوحش بهذا الأرنب، والضبع،
12
والثعلب، والأوعال، والايل، والحمير الوحشية، دون الظباء، وما يجرى مجراها
13
مما لا تسخين للحمه. ويجب ان كان المرض رطبًا ان يربط الشق الذى فيه مبدأ العلة
14
على الهيئة الطبيعية. وان كان تشنجًا بدأت بتليينه اولًا ثم بتحليله [وعليك ان تغرق
15
مؤخر رأسه بالادهان اللينة الرطبة كدهن البنفسج ودهن اللوز والقرع، ولا بأس بدهن
16
البابونج. ويستنشق بهذه الادهان فى يومه وليلته مرة بعد مرة. ويشرب الشراب الممزوج
17
دون السكر]. وان وجدت علامة دم فصدت العرق الذى تحت اللسان، وحجمت على
18
الفقرة الاولى بلا شرط.
19
ولا شك ان المادة الفاعلة للقوة ناتئة من مبادى العصب وعضل الوجه. ولذلك
20
يستحب ان يستعمل الأدوية المحمرة على فقرات العنق، وعلى الفك أيضًا اذ كان الليف
21
الكثير ياتى منها الى العضل التى فى الوجه. [هذا اذا كان استرخائيًا. وأما إن كان
22
تشنجيًا يابسًا فاياك والأشياء الحارة من الطلاء، والتكميد، والادهان، والمتناولات.
23
وقد شاهدنا نحن من كان به لقوة تشنجية يابسة فعالجه بعض الأطباء بالتكميد والمتناولات
24
الحارة فصار شق وجهه اردأ مما كان، وثقل لسانه عند المكالمة، وقد طال عليه زمان. فلما
25
داويته انا بضد ذلك برئ من ذلك بعد مقاساة فى المعالجة]. وأما عضل الوجه فليست
3-150
1
من تلك الجملة. وتدبيرها تنقية الجزء المقدم من الدماغ، وكذلك التكميد اليابس
2
على هذه الفقرات واللحى، و دلكها ودلك الرأس أيضًا، وخصوصًا على جوع شديد.
3
ومما ينتفع الملقو أيضًا ادامة غسل وجهه بالخل ولطخ المواضع المذكورة بالخل،
4
وخصوصًا اذا طبخ فيه الملطفات، او [كان] خلًا سحق فيه خردل فهو عجيب، [حيث
5
يكون الإسترخاء بخلاف التشنجى]، وان يكب على طبيخ الشيح والقيصوم والحرمل
6
والغار ونحوه، ويوقد تحته بمثل الطرفاء والاثل. فاذا لم تنفعه الأدوية كوى على العرق
7
الذى خلف اذنه. [ويجتنب الحمام اذا كان استرخائيًا، ويواظب عليه كل يوم مرارًا
8
فى التشنجى]. ويجب ان يكلف الغرغرة اكثر من غيرها ويستعمل المضوغات، خاصة
9
الوج وجوزبوا وعاقرقرحا. ومن مضوغاتهم الهليلج الأسود. ويجب ان يمسك المضوغ
10
فى الشق الآلم، ويكن فى بيت مظلم. ويسعط بمرارة كركى، او ذيب، او باشق،
11
اوشبوط، اوعصارة الشهدانج والمرزنجوش، او السلق، او [ماء] السكبينج بدهن السوسن،
12
او فربيون مقدار عدسة بلبن امرأة. ويعالج الرأس بما ينقيه مما ذكرناه فى قانون امراض
13
الرأس من كل وجه.
14
ومن العطوسات المجربة له الرتة، وهو البندق الهندى، وخاصة قشره الاعلى،
15
وآذان الفار، وعصارة قثاء الحمار، والعرطنيثا. فقد يخلط ذلك بما يسخن مع التعطيس
16
مثل جندبادستر وشونيز وغيره. وافضل ما يسعط به ماء آذان الفار. واذا سعط بدرهمين
17
من مائه مع دانق سكبينج ونصف درهم زيت نفع، بل ابرأ فى خمسة ايام وقد يؤمرون
18
بالنظر فى المرايا ليكلفوا دائمًا تسوية الوجه. واوفقها المرآة المشوشة فى ايراء الوجه
19
وهى الصينية. والصبيان اذا ضربتهم اللقوة فى آخر الربيع سقاهم الإطريفل الاصغر
20
ايامًا الى سبعة. والغذاء ماء حمص.
21
فصل فى الرعشة وعلات اصنافها وعلاجها
22
الرعشة هى علة آلية تحدث بعجز القوة المحركة عن تحريك العضل على الإتصال،
23
مقاومة للثقل المعاوق المداخل بتحريكه لتحريك الإرادة، فتختلط حركات ارادية بحركات
24
غير ارادية، اوثبات ارادى بتحريكات غير ارادية. وهى آفة فى القوة المحركة،
25
كما ان الخدر آفة فى الحساسة. وهذا السبب إما فى القوة، وإما فى الآلة، وإما فيهما
26
جميعا؛ فان القوة اذا ضعفت لإعراض الخوف فلوصول شيئ مقطع <مفزع> هائل؛ كالنظر
27
من موضع عال، او المشى على الحائط، او مخاطبة محتشم مهيب، او غير ذلك مما يقبض
3-151
1
القوى النفسانية، او غم او حزن، او فرح مشوش لنظام حركات القوة عرضت الرعشة.
2
والغضب قد يفعل ذلك؛ لانه يحدث اختلافًا فى حركة الروح. ومن اسبابها على سبيل
3
ايهان القوة كثرة الجماع على الإمتلاء والشبع.
4
وأما الكائن عن الآلة فقد يكون بان يسترخى العصب بعض الإسترخاء، ولا يبلغ
5
به الفالج، ولا يتماسك عنه التحريك؛ كما عند الشرب الكثير، والسكر المتواتر، و
6
كثرة شرب الماء البارد؛ او شربه فى غير وقته، اوبان يقع فى الأعصاب سدد لإمتلاء كثير
7
حادث عن الأسباب المعلومة من التخمة، وترك الرياضة، فلا تنفذ لأجلها القوة تمام النفوذ.
8
والمادة السادة إما منفعلة عن المجارى متحركة فيها، تارة تطرق للنفوذ، وتارة
9
تمنع. وإما غير منفعلة البتة. وقد يكون من ان تجف الآلة جفوفًا، ولا تطاوع للعطف مطاوعة
10
مسترسلة. وأما المشتركة فان يصيب الآلة ضرر يتاذى الى الإضرار بقوة؛ كما يصيبها برد
11
شديد من خارج، او لسع حيوان، او من خلط، او من حر شديد؛ كما عند الإحتراق وغيره،
12
فتصيب معها القوة آفة، او تصيب القوة على حدتها آفتها التى تخصها، وتصيب العضو
13
على حدته آفة تخصه، ويتوافى الضرران معًا.
14
والرعشة ربما كانت فى جميع الأعضاء. وربما كانت فى اليدين. وربما
15
كانت فى الرأس وحده بحسب وصول الآفة الى عضل دون عضل. وقد تكون الرعشة فى
16
اليدين دون الرجلين إما لان السبب ليس فى اصل النخاع، بل فى الشعب النافذة
17
الى اليدين من العصب. وإما لان السبب فى اصل النخاع، لكنه ينفضه الى اقرب
18
المواضع واقرب الجوانب. والطبيعة تحوط النخاع عن ان ينفذ ذلك السبب فيه فيبلغ
19
اقصاه. وإما لان الروح المحرك فى اسافل البدن اقوى واشد لحاجة تلك الأعضاء
20
الى مثله، فلا ينفعل عن الأسباب التى ليست بقوية جدًا انفعالًا شديدًا وان انفعلت
21
الآلة قوى على قهرها واليد ليست كذلك.
22
والسبب الغالب احداث الرعشة اليابسة برد يضعف العصب والروح معًا،
23
او رطوبة بآلة مرخية دون ارخاء الرطوبة الفاعلة للفالج. وقد قال ابقراط: من عرضت
24
له فى الحمى المحرقة رعشة فان اختلاط الذهن يحلها. ولم يرض جالينوس هذا الفصل
25
وليس مما لا وجه له. واعلم ان اصعب الرعشة ما يبتدئ ''فى الشتاء". والرعشة فى المشايخ
26
لا تزول بعلاج.
27
العلامة: هى الأسباب المذكورة وهى ظاهرة.
28
العلاج: تفعل [ما قيل] فى سائر الابواب من تفتيح السدد، وابطال الإسترخاء و
29
الإستفراغ، وتقوية العصب والترطيب ان احتيج اليه. و كذلك الإنعاش ان كان لضعف عن
3-152
1
مرض. والتسخين "إن وقع" لبرد مغافص او مشروب. والغمز والدلك والنفض ان وجب،
2
وعلى ما بين فى القانون. والإستحمام بمياه الحمات مثل ماء النطرون او الزرنيخى او
3
القفرى او الكبريتى. وماء البحر نافع أيضًا. وان كان سببه الماء البارد كمد بالنطرون
4
والخردل، ومرخ بدهن القسط. وان كان سببه شرب الخمور الكثيرة استفرغ، واستعمل
5
دهن قثاء الحمار وما يجرى مجراه، واديم التمريخ بدهن. ولدهن الحندقوقى خاصية
6
عجيبة فى ذلك. وكذلك ان ضمد بالرطبة وحدها.
7
وان كان من اخلاط متشربة او غليظة، اورسخت العلة فليستعمل وضع المحجمة
8
على الفقرة الاولى، وليجلس فى آبزن دهن مسخن، وفى مرق الحيوان المذكور فى باب
9
الفالج والتشنج والكزاز؛ وآخر الأمر يسقى جندبيدستر فى شراب العسل، اوبالأيارجات
10
الكبار. ويسقى الحب المتخذ بالسذاب وسقولوقندريون. وينتفعون بدماغ الأرنب
11
جدًا، فلياكلوا منه مشويًا. ومما ينفع المرتعش ان يسقى شراب العسل بماء قد طبخ فيه
12
حب الخطمى وورق امونيون نصف اوقية. وكذلك يسقون عصارة الغافث مع الماء.
13
ويستعملون علاج الإسترخاء بعينه.
14
وان كانت الرعشة خاصة فى الرأس فقد جرب لهم استعمال الاسطوخوذس
15
وزن درهم الى درهمين وحده، [او] مع ايارج فيقرا إما محببًا، وإما فى شراب العسل.
16
وقد جرب لهم شرب حب القوقائى من درهم الى درهم ونصف كل عشرة ايام مرة.
17
ويجب ان يكون الغذاء ما يسرع هضمه. والشراب يضرهم، وكذلك الماء البارد. واسلم
18
المياه لهم، واقلها ضررًا ماء المطر، وكذلك لكل مرض عصبى. ويتضررون بكثرة
19
الفصد.
20
|202va25|فصل فى الخدر
21
لفظة الخدر تستعمل فى الكتب استعمالًا مختلفًا، فربما جعل لفظة الخدر مترادفة
22
للفظة الرعشة. وأما نحن وكثير من الناس فيستعمله على هذا الوجه. والخدر علة آلية
23
تحدث فى الحس اللمسى آفة إما بطلانًا، وإما نقصانًا مع رعشة ان كان ضعيفًا، او
24
استرخاءً ان استحكم؛ لان القوة الحسية لا تمنع عن النفوذ، إلا والحركية تمتنع كما
25
اوضحنا مرارًا وإن كان فى الاحايين قد يوجد خدر بلا عسر حركة لإختلاف عصب الحركة
26
والحس. وسبب الخدر إما من جهة القوة فأن يضعف كما فى الحميات القوية و
27
الحادة المودية الى الخدر، وكما فى الذى يريد ان يغشى عليه، وعند القرب من الموت.
3-153
1
وإما من جهة الآلة فأن يفسد مزاجها ببرد شديد من شرب دواء، او لسع حيوان
2
كالعقرب المائى، او مس الرعادة المسمى بأرقا، او شرب دواء كالافيون، فيحدث
3
ذلك غلظًا فى الروح التى هى آلة القوة، او ضعفًا، او فسد مزاجها بحر شديد كمن لسعته
4
الحية، او بقى فى حمام شديد الحر، او فى الحميات المحرقة، او لغلظ جوهر العصب،
5
ولا ينفذ فيه الروح نفوذًا حسنًا. ولذلك ما يجد فى لمس الرجل بالقياس الى لمس اليد
6
كالخدر. اويكون لسدد من اخلاط غليظة إما دم او بلغم اوسوداء. وقد يمكن
7
ان يكون من الصفراء، او لسدد من ضغط ورم وخراج، او ضغط شديد ورباط اوضغط
8
وضع يلوى العصب، او يعرصه شديدًا؛ ولأجل وضع ينصب الى العصب، ومعه دم
9
اوخلط كثير غيره، فيسد المسالك. وهذا اكثره عن الدم، ولذلك اذا بدل وضعه وزال
10
ورجع عنه ما انصب اليه عاد الحس.
11
وربما عرض ذلك من اليبس والجفاف؛ فيسد المسالك لإجتماع الليف و
12
انطباقه وهذا ردئ. وقد تعرض السدة للاسترخاء الكائن عن رطوبة مزاجية دون مادة
13
تتبع ذلك الإسترخاء انطباق المجارى. واسباب الخدر قد تكون فى الدماغ نفسه فان
14
كان كليًا يعم البدن كله فهو قاتل من يومه. وربما كانت فى النخاع، وربما كان
15
ابتداؤها من فقرة واحدة، وربما كان فى شعبة عصب. فاذا ازمن الخدر البارد وطال
16
ادى الى الإسترخاء. والخدر الغالب ينذر بسكتة، او صرع او تشنج، او كزاز، او فالج عام.
17
وخدر كل عضو اذا دام واشتد ينذر بفالج يصيبه او تشنج. وخدر الوجه ينذر بلقوة
18
وكثيرًا ما يعقب ذات الرئة، وذات الجنب، والسرسام البارد خدرًا. واعلم ان الخدر
19
اذا دام فى عضو، ولم يزله الإستفراغ، ثم اعقب دوار، فهو منذر بسكتة.
20
العلامات: هى نفسها الأسباب، وكما قيل فى الرعشة فيدل على ذلك منها زيادة
21
الخدر بزيادته، ونقصانه بنقصانه.
22
والعلاج: على ما قيل فى الرعشة بعينه؛ الا انه ان كان عن دم غالب، وقامت دلالة من
23
امتلاء العروق، وانتفاح الأوداج، وثقل البدن، ونوم، وحمرة وجه وعين وغير ذلك
24
فينبغى ان يفصد فصدًا بالغًا؛ فانه فى الأكثر يزيل الخدر وحده، ومع اصلاح التدبير و
25
تخفيف الغذاء. فاذا ظهر الخدر بعضو من الأعضاء بسبب سابق اوباد مثل برد او غير ذلك نال
26
مبدأ العصب، فيجب ان لا يقتصر على معالجة الموضع، بل ''يكون وكدك" علاج مبدأ
27
العصب السالك اليه. ومن المعالجات النافعة للخدر رياضة ذلك العضو، ودوام
28
تحريكه. [واعلم ان القرطم الواقع فى الحقن مسخن للعصب].
3-154
1
|203rb29|فصل فى الاختلاج
2
الإختلاج حركة عضلانية. وقد يتحرك معها ما يلتصق بها من الجلد، وهى
3
من ريح غليظة نفاخة. أما الدليل على انها من ريح فسرعة الإنحلال، وانه لا يكون الا
4
فى الأبدان الباردة والأسنان الباردة، وشرب الأشياء الباردة، ويسكنها المسخنات.
5
وأما الدليل على انها غليظة انها لا تتحلل إلا بتحريك العضو. وأما الدليل على انها عضلانية
6
لحمية عصبية أن ما لان جدًا مثل الدماغ؛ فان الريح لا يحتقن فيه، وكذلك ما صلب
7
مثل العظم بل يعرض فى الأكثر لما توسط فى الصلابة واللين. واسباب الإختلاج قوة
8
مبردة ومادة رطبة. وقد يعرض الإختلاج من الأعراض النفسانية كثيرًا خصوصًا فى الفرح.
9
وكذلك يعرض من الغم والغضب وغير ذلك؛ لان الحركة من الروح قد تحلل المواد
10
رياحًا. فاعلم ان الإختلاج اذا عم البدن انذر بسكتة او كزاز. فاذا دام بالمراق انذر
11
بماليخوليا وصرع. واذا دام بالوجه انذر بلقوة واختلاج ما دون الشراسيف ربما دل
12
على ورم فى الحجاب، فان ذلك من توابعه.
13
العلاج: علاج الاختلاج المتواتر <أن> يكمد بالضمادات المسخنة. فان زال وإلا
14
استعملت الادهان المحللة مبتدأً من الأضعف الى الأقوى. وان زال وإلا سقى المسهل،
15
ويدام بعد ذلك تمريخ العضو بالأدوية المسخنة. وللجندبيدستر مع الزنبق خاصية فى
16
هذا الباب. ولا يتناول ماء الجمد، والخمر الكثير، وما له نفخ وتبريد. ويقرب علاجه
17
من علاج اخواته. فلنختم الكلام فى امراض العصب هاهنا، ولنقتصر على الحسية
18
والحركية والوضعية منها. وأما الأورام وتفرقات الإتصال وغير ذلك فلنؤخر الكلام
19
فيه الى الكتاب الرابع.
3-155
1
|203va10|الفن الثالث
2
فى تشريح العين واحوالها [وامراضها]
3
|204ra13|[المقالة الاولى كلام كل فى اوائل احوال العين وفى الرمد]
4
|204rb26|فصل فى تشريح العين
5
قوة الابصار، ومادة الروح الباصرة تنفذ الى العين من طريق العصبتين المجوفتين،
6
اللتين عرفتهما فى التشريح. فاذا انحدرت العصبة، والأغشية التى تصحبها الى الحجاج،
7
اتسع طرف كل واحد منها، وامتلأ، وانبسط اتساعًا يحيط بالرطوبات، التى فى الحدقة
8
التى اوسطها الجليدية، وهى رطوبة صافية كالبرد. والجليد مستديرة، ينقص بفرطحتها
9
من قدامها استدارتها. وقد فرطحت ليكون المتشبح فيها اوفر مقدارًا، ويكون للصغار من
10
المرئيات قسم بالغ يتشبح فيه؛ ولذلك كان مؤخرها يستدق يسيرًا، ليحسن انطباقها فى
11
الأجسام الملتقمة لها، المستعرضة، المستوسعة عن دقة ليحسن إلتقامها اياها.
12
وجعلت هذه الرطوبة فى الوسط؛ لانه اولى الأما كن بالحرز. وجعل ورائها رطوبة
13
اخرى تاتيها من الدماغ لتغذوها، وان بينها وبين الدم الصرف تدريجًا، وهذه
14
الرطوبة تشبه الزجاج الذائب. والزجاج الذائب <صافى> صفاء يضرب الى قليل حمرة.
15
أما الصفاء فلانها يغذوا الصافى. وأما قليل حمرة؛ فلانها من جوهر الدم، ولم يستحل
16
الى مشابهة ما يغتذى به تمام الإستحالة. وانما أخرت هذه الرطوبة عنها؛ لانها من
17
بعث الدماغ اليها بتوسط الشبكى، فيجب ان تلى جهته. وهذه الرطوبة تعلوا النصف المؤخر
18
من الجليدية، الى اعظم دائرة فيها. وقدامها رطوبة أخرى، تشبه بياض البيض ويسمى
19
بيضية، وهى كالفضل عن جوهر الجليدية، وفضل الصافى صاف. ووضعت من قدام
20
لسبب متقدم، ولسبب كالتمام. والسبب المتقدم هو ان جهة الفضل مقابل لجهة الغذاء.
21
والسبب التمامى ان يدرج حمل الضوء على الجليدية، ويكون كالجنة لها.
3-156
1
ثم ان طرف العصبة يحتوى على الزجاجية، والجليدية الى الحد الذى بين الجليدية،
2
والبيضية. والحد الذى ينتهى عنده الزجاجية عند الإكليل احتواء الشبكة على الصيد،
3
فلذلك تسمى شبكية. وينبث من طرفها نسج عنكبوتى، يتولد منه صفاق لطيف تنفذ
4
معه خياطات من الجزء المسمى الذى سنذكره. وذلك الصفاق حاجز بين الجليدية وبين
5
البيضية ليكون بين اللطيف، والكثيف حاجزما؛ ولياتيه غذاء من أمامه نافذ اليه من الشبكى
6
والمشيمى. وانما كان دقيقًا كنسج العنكبوت؛ لانه لوكان كثيفًا، قائمًا فى وجه الجليدية،
7
لم يبعد ان يعرض منه ــ لإستحالته ــ ان يحجب الضوء عن الجليدية من طريق البيضية. وأما
8
طرف الغشاء الرقيق فانه يمتلى، وينتسج عروقًا، كالمشيمة؛ لانه منفذ الغذاء بالحقيقة؛ وليس
9
يحتاج الى ان يكون جميع اجزائه متهيئاة للمنفعة الغذائية، بل الجزء المؤخر ويسمى مشيميًا.
10
وأما ما جاوز ذلك الحد الى قدام، فيسخن صفاقًا الى الغلظ ما هو، ذا لون اسمانجونى
11
بين البياض والسواد؛ ليجمع البصر، ويعدل الضوء، فعل اطباقنا البصر عند الكلال
12
إلتجاءً الى الظلمة، او الى التركيب من الظلمة والضوء، وليحول بين الرطوبات، وبين
13
القرنى الشديد الصلابة، ويقف كالمتوسط العدل، وليغذوا القرنية بما يتأدى اليه
14
من المشيمية، ولا تتم احاطته به من قدام؛ لئلا يمنع تادى الاشباح، بل يخلى قدامه
15
فرجة، وثقبة؛ كما يبقى من العنب عند نزع تفروقه عنه. وفى تلك الثقبة تقع التادية،
16
واذا انسدت منعت الأبصار. وفى باطن هذه الطبقة العنبية خمل حيث تلاقى الجليدية،
17
ليكون اشبه بالمتخلخل اللين، وليقل اذى مماسته. واصلب اجزائه مقدمه، حيث يلاقى
18
الطبقة القرنية الصلبة، وحيث يثقب، ليكون ما يحيط بالثقبة اصلب. والثقبة مملوءة
19
رطوبة للمنفعة المذكورة، وروحًا يدل عليه ضمور ما يوازى الثقبة عند قرب الموت.
20
وأما الحجاب الثانى: فانه صفيق جدًا، ليحسن الضبط، ويسمى مؤخره طبقة
21
صلبة، وصفيقة. ومقدمه يحيط بجميع الحدقة، ويشف لئلا يمنع الأبصار، فيكون
22
لذلك فى لون القرن المرقق بالنحت والجرد، ويسمى لذلك قرنية. واصفق اجزائه
23
ما يلى قدام، وهى بالحقيقة كالمؤلفة من طبقات رقاق اربع كالقشور المتراكبة، إن
24
انقشرت منها واحدة لم تعم الآفة فيها. وسيما ما يحاذى الثقبة؛ لان ذلك الموضع الى
25
السترة والوقاية احوج.
26
وأما الثالث: فيحيط بعضل حركة الحدقة، ويمتلىء كله لحمًا ابيض دسمًا،
27
ليلين العين، والجفن، ويمنعها ان يجف، وتسمى جملته الملتحمة. فأما العضل المحركة
28
للمقلة فقد ذكرناها فى التشريح.
3-157
1
وأما الهدب: فقد خلق لدفع ما يطير الى العين، وينحدر اليها من الرأس،
2
ولتعديل الضوء بسواده، [اذ السواد يجمع نور البصر]. وجعل مغرسه غشاءً يشبه الغضروف،
3
[ليحسن] انتصابها عليه، فلا يضطجع لضعف المغرس؛ وليكون العضلة الفاتحة للعين،
4
مستندًا كالعظم؛ ليحسن تحريكه. واجزاء الجفن، جلد، ثم احد طاقى الغشاء، ثم شحمه،
5
ثم عضله، ثم الطاق الآخر، وهذا هو الأعلى. فأما الأسفل: فينعقد من الأجزاء العضلة.
6
والموضع الذى فى شقه خطر هو مما يلى فوقه، عند مبدأ العضلة.
7
|204va9|فصل فى تعرف احوال العين وأمزجتها والقول الكلى فى امراضها
8
تعرف ذلك من ملمسها، ومن حركتها، ومن عروقها، ومن لونها، ومن
9
شكلها، ومن قدرها، ومن فعلها الخاص، وحال ما يسيل منها، وحال إنفعالاتها.
10
فأما تعرف ذلك من ملمسها: فأن يصبيها اللمس حارة، او باردة، او صلبة يابسة،
11
اولينة رطبة. فأما تعرف ذلك من حركتها: فأن يتامل هل حركتها خفيفة؛ فتدل على حرارة،
12
او على يبوسة يفصل ذلك ملمسها، أم ثقيلة؛ فتدل على برد، ورطوبة.
13
وأما تعرف ذلك من عروقها: فأن يتعرف هل هى غليظة واسعة؛ فتدل على
14
حرارتها، او دقيقة؛ فتدل على برودتها. وأن تعرف هل هى خالية يابسة؛ فتدل على يبوستها،
15
او ممتلية؛ فتدل على كثرة المادة فيها.
16
وأما تعرف ذلك من لونها: فان كل لون يدل على الخلط الغالب المناسب، اعنى
17
الأحمر، والأصفر، والرصاصى، والكمد.
18
وأما تعرف ذلك من شكلها: فان حسن شكلها يدل على قوتها فى الخلقة، وسوء
19
شكلها يدل على ضد ذلك. وأما حال عظمها، وصغرها فعلى حسب ما قيل فى الرأس.
20
وأما تعرف ذلك من فعلها الخاص: فانها ان كانت تبصر الخفى من بعيد، ومن
21
قريب معًا، ولا تتأذى بما يرد عليها من المبصرات القوية، فهى قوية المزاج معتدلة.
22
وان كانت ضعيفة الأبصار على خلاف ذلك، ففى مزاجها، وخلقتها فساد. وان كانت
23
لا تقتصر فى إدراك القريب وإن دق، وتقصر فى ادراك البعيد، فروحها صاف،
24
صحيح، قليل؛ تدعى الأطباء انه لا يفى الإنتشار خارجًا لرقته. ويعنون بذلك الشعاع الذى
25
يعتقدون انه من جملة الروح، وانه يخرج فيلاقى المبصر. وان كانت لا تقصر فى ادراك
26
البعيد: فان ادنى منها الدقيق لم تبصره، وان نحى عنها الى قدر من البعد ابصرته؛
27
فروحها كثير، كدر، غير صاف لطيف؛ بل رطب، ومزاجها رطب، تدعى الأطباء انه لا يرق،
3-158
1
ولا يصفو إلا بالحركة المتباعدة. واذا امعن الشعاع فى الحركة، رق ولطف. وان
2
كانت تضعف فى الحالين فروحها قليل كدر.
3
وأما تعرف ذلك من حال ما يسيل منها: فانها ان كانت جافة، ولا ترمص البتة
4
فهى يابسة. وان كانت ترمص بافراط، فهى رطبة جدًا. وأما من حال إنفعالاتها:
5
قانها ان كانت تتأذى من الحر وتتشفى بالبرد، فبها سوء مزاج حار. وان كانت بالضد،
6
فبالضد. واعلم ان الوسط فى كل واحد من هذه الأنواع معتدل، إلا المفرط فى جودة
7
الأبصار فهو المعتدل.
8
والعين يعرض لها جميع انواع الأمراض المادية، والساذجة، والتركيبية الآلية،
9
والمشتركة. وللعين فى احوالها التى تعرض لها من هيئة الطرف، والتغميض، والتفتيح،
10
واللون، والدمعة، احكام متعلقة بالأمراض الحادة، يجب ان يطلب منها. وامراض
11
العين: قد تكون خاصة، وقد تكون بالمشاركة. واقرب ما يشاركه الدماغ، والرأس،
12
والحجب الخارجة، والداخلة، ثم المعدة. وكل مرض للعين [يعرض] بمشاركة الغشاء
13
الخارج، فهو اسلم.
14
|204vb20|فصل فى علامات احوال العين
15
علامات كون مرض العين بشركة الدماغ ان يكون فى الدماغ بعض دلائل آفاته
16
المذكورة. فان كان الواسطة الحجب الباطنة؛ ترى الوجع، والألم يبتدئ من غور العين.
17
وان كانت المادة حارة؛ وجدت عطاسًا، وحكة فى الأنف. فان كانت باردة؛ احسست
18
بسيلان بارد؛ وقل ما تكون هذه المشاركة بسوء مزاج مفرد. وان كانت المشاركة مع
19
الحجب الخارجة، وكانت المادة توجه منها، احس بتمدد؛ يبتدئ من الجبهة، والعروق
20
الخارجة، وتظهر المضرة فيما يلى الجفن اكثر. وان كانت بمشاركة المعدة، كانت العلامات
21
المذكورة فى مشاركة الدماغ للمعدة. وان كان هناك خيالات بسبب المعدة، قلت فى
22
الخواء، وكثرت فى الإمتلاء.
23
وأما علامات المرض المادى من حيث هو فى نفس العين: فان الدموى يدل
24
عليه الثقل، والحمرة، والدمع، والإنتفاخ، ودرور العروق، وضربان الصدغين، و
25
الإلتزاق، والرمص، وحرارة اللمس، وخصوصًا اذا اقترن به علامات دموية الرأس. وأما
26
البلغمى: فيدل عليه ثقل شديد، وحمرة خفيفة؛ مع رصاصية ما، وإلتزاق، ورمص، و
27
تهيج، وقلة دموع. وأما الصفراوى: فيدل عليه النخس، والإلتهاب؛ مع حمرة الى
28
صفرة ليست كحمرة الدموى، ورقة دمع حاد، وقلة إلتصاق، وحرارة ملمس. وأما
29
السوداوى: فيدل عليه الثقل؛ مع الكمودة، وقلة الإلتصاق. وأما المزاجات الساذجة:
3-159
1
فيدل عليها عدم الثقل؛ مع الجفاف؛ ومع وجود دلائل ما ذكرناه فى باب التعرف.
2
فأما الأمراض الآلية، والمشتركة فياتى لكل واحد منها باب.
3
|205ra24|فصل فى قوانين كلية فى معالجات العين
4
معالجات العين مقابلة لأمراض العين. ولما كانت الأمراض إما مزاجية مادية،
5
وإما مزاجية ساذجة، وإما تركيبية، وإما تفرق اتصال، فعلاج العين إما باستفراغ، و
6
يدخل فيه تدبير الأورام. وإما بتبديل مزاج. وإما اصلاح هيئة كما فى الجحوظ. وإما
7
إدمال، وإلحام.
8
والعين يستفرغ المواد عنها إما على سبيل التصرف عنها، وإما على سبيل التحليب
9
منها، والصرف عنها هو اولًا من البدن؛ ان كان ممتليًا، او من الدماغ بما عرفت من
10
منقيات الدماغ، ثم النقل عنها من طريق الأنف، ومن العروق القريبة من العين،
11
مثل عرقى الماق. وأما التحليب منها: فيكون بالأدوية المدمعة. وأما تبديل المزاج: فيقع
12
بأدوية خاصية أيضًا. وأما تفرق الإتصال الواقع فيها: فيعالج بالأدوية التى لها تجفيف
13
غير كثير، وبعيدة من اللذع. وانت ستطلع على هذه الأدوية من كلامنا فى الرمد، وسائر
14
علل العين.
15
ويجب ان تعلم ان الأمراض المادية فى العين يجب ان يستعمل فيها تقليل الغذاء،
16
وتناول ما يولد الخلط المحمود، واجتناب كل مبخر، وكلما يسوء هضمه. واذا كانت
17
المادة منبعثة من عضو قصدت فصد ذلك العضو. وان كانت المادة تتوجه من الحجاب
18
الخارج استعملت الحجامة، واستعملت الروادع على الجبهة؛ ومن جملتها قشر البطيخ
19
للحارة، والقلقديس للباردة. والعروق التى تفصد للعين: هى مثل القيفال، ثم العروق
20
التى فى نواحى الرأس؛ فما كان من قدام كان انفع فى النقل من الموضع. وما كان
21
من خلف كان انفع فى الجذب.
22
واعلم ان ما يحدث فى العين من المواد ويحتاج الى نقله عنها الى عضو آخر،
23
فاصوب ما ينقل اليه: هو المنخران، وذلك اذا لم يكن فى طريق الإنصباب الى العين.
24
وهذا النقل: انما هو بالعطوسات، والنشوقات المذكورة فى مواضع أخرى حيث ذكرنا
25
تدبير اوجاع الرأس.
26
وادوية العين: منها مبدلات للمزاج إما مبردات مثل عصارات عنب الثعلب،
27
وعصا الراعى، وماء الهندباء، وماء الخس، وماء الورد وعصارته، ولعاب بزرقطونا.
3-160
1
ومنها مسخنات مثل المسك، والفلفل، والوج، والماميران، ونحوها. ومنها مجففات
2
مثل التوتيا، والإثمد، والقليميا. ومن جملتها مقبضات مثل شياف ماميثا، والصبر،
3
والفيلزهرج، والزعفران، والورد. ومنها ملينات مثل اللبن، وحكاك اللوز، وبياض
4
البيض، واللعابات. ومنها منضجات مثل العروق، وماء الحلبة، والزعفران، و
5
الميبختج؛ وخصوصًا منقوعًا فيه الخبز. ومنها محللات مثل الأنزروت، وماء الرازيانج.
6
ومنها مخدرات مثل عصارة اللفاح، والخشخاش، والأفيون.
7
واعلم انه اذا كان مع علل العين صداع فابدأ فى العلاج بالصداع، ولا تعالج
8
العين حتى تزيله. فاذا لم يغن الإستفراغ، والتنقية، والتدبير الصائب؛ فاعلم ان فى العين
9
مزاجًا رديئًا، او مادة خبيثة ملحجة فى الطبقات تفسد الغذاء النافذ اليها. وهناك ضعف
10
من الدماغ [وهو] فى موضع تنقذف منه النوازل الى العين.
11
|205va19|فصل فى ذكر حفظ صحة العين وذكرما يضرها
12
يجب على من يعتنى بحفظ صحة العين: ان يوقيها من الغبار، والدخان،
13
وألاهوية الخارجة عن الإعتدال فى الحر، والبرد، والرياح المعججة، والباردة،
14
والسمومية. ولا يديم التحديق الى الشىء الواحد لا يعدوه. ومما يجب ان ''يتقيه حق
15
الإتقاء": كثرة البكاء. ويجب ان يقلل النظر فى الدقيق، إلا أحيانًا على سبيل الرياضة، ولا يطيل
16
نومه على القفا. وليعلم ان الإستكثار من الجماع اضر شىء بالعين. وكذلك الإستكثار
17
من السكر، والتملى من الطعام، والنوم على الإمتلاء، وجميع الأغذية، والأشربة
18
الغليظة، وجميع المبخرات الى الرأس، ومن جملتها كل ما له حرافة؛ كالكراث و
19
الحندقوقى، وجميع ما يجفف بافراط؛ من جملتها الملح الكثير، وجميع ما يتولد
20
منه بخار كثير؛ مثل الكرنب، والعدس، وجميع ما ذكر فى الواح الأدوية المفردة، و
21
نسب الى انه ضار بالعين. وليعلم ان كل واحد من كثرتى النوم، والسهر: شديد المضرة
22
بالعين، واوفقه: المعتدل من كل واحد منهما.
23
وأما الأشياء التى ينفع إستعمالها العين ويحفظ قوتها؛ فالأشياء المتخذة من
24
الإثمد، والتوتيا، مثل اصناف التوتيا المرباة بماء المرزنجوش، وماء الرازيانج. والإكتحال
25
كل وقت بماء الرازيانج عجيب عظيم النفع. وبرود الرمان الحلو عجيب أيضًا. وأيضًا
26
البرود المتخذة من ماء الرمانين بشحمهما منضجين فى التنور مع العسل، وكما ستقف
27
عليه فى موضعه. ومما يجلو العين ويحدها: الغوص فى الماء الصافى، وفتح العين فيه.
28
وأما الأمور الضارة بالبصر فمنها: افعال، وحركات، ومنها اغذية، ومنها حال
29
التصرف فى الأغذية. فأما الأفعال والحركات: فمثل جميع ما يجفف مثل الجماع
3-161
1
الكثير، وطول النظر الى المضيئات، وقراءة الدقيق قراءة بافراط؛ فان التوسط فيها نافع.
2
وكذلك الأعمال الدقيقة، والنوم على الإمتلاء والعشاء؛ بل يجب على من به ضعف
3
فى البصر ان يصبر حتى ينهضم؛ تم ينام. وكل إمتلاء يضره، وكل ما يجفف الطبيعة
4
يضره، وكل ما يعكر الدم من الأشياء المالحة، والحريفة وغيرها يضره. والسكر يضره.
5
وأما القىء: فينفعه من حيث ينقى المعدة، ويضره من حيث يحرك مواد الدماغ
6
فيدفعها اليه؛ وان كان لا بد فينبغى ان يكون بعد الطعام، وبرفق. والإستحمام ضار، و
7
النوم المفرط ضار، والبكاء الكثير، وكثرة الفصد، وخصوصًا الحجامة المتوالية ضارة.
8
وأما الأغذية: فالمالحة، والحريفة، والمبخرة، وما يوذى فم المعدة، و
9
الكراث، والبصل، والثوم، والباذروج أكلًا، والزيتون النضيج، والشبث، والكرنب،
10
والعدس. وأما التصرف فى الأغذية: فأن يتناولها بحيث لا يفسد هضمها، ويكثر
11
بخارها ــ على ما بين فى موضعه ــ و قد وقفت عليه، وتقف عليه فى مقالات هذا الكتاب
12
الثالث.
13
فصل فى الرمد والتكدر
14
الرمد: هو شىء حقيقى، ومنه شىء يشبهه، ويسمى التكدر، والتخثر. والتخثر:
15
وهو تسخن، وترطب يعرض للعين من اسباب خارجة تثيرها، وتحمرها مثل الشمس،
16
والصداع الإحتراقى، وحمى يوم الإحتراقية، والغبار، والدخان، والبرد فى الأحيان
17
لتقبيضه، والضربة لتهيجها، والريح العاصفة لعصفها. وكل ذلك إثارة خفيفة تصحب
18
السبب، ولا تريث بعده ريثًا يعتد به، ولو أنه لم يعالج لزال مع زوال السبب فى اكثر الأمر،
19
ويسمى باليونانية طاركسيس. فان عاونه سبب بدنى اوباد معاضد للبادى الاول امكن
20
حينئذ ان يستفحل، وينتقل ورمًا ظاهرًا خفيفًا <مثل> انتقال حميات اليوم الى
21
حميات أخر. واذا انتقل فهو فى بدو ما ينتقل يسمى باليونانية انويكما.
22
ومن اصناف الرمد: ما يتبع الجرب فى العين؛ ويكون السبب فيه خدشة
23
للعين. وهو يجرى فى اول الأمر مجرى التكدر؛ وانما يتاتى علاجه بعد حك الجرب.
24
وأما الرمد بالجملة فهو: ورم فى الملتحمة؛ فمنه ما هو ورم بسيط غير مجاوز الحد،
25
و"اكثر ما فيه'' درور العروق، والسيلان، والوجع. ومنه ما هو: عظيم، مجاوز للحد فى
26
العظم، يربو فيه البياض على الحدقة؛ فيغطيها، ويمنع التغميض، ويسمى كيموسيس،
3-162
1
ويعرف عندنا بالوردينج. وكثيرًا ما يعرض للصبيان بسبب كثرة موادهم وضعف اعينهم،
2
وليس يكون عن مادة حارة فقط، بل وعن البلغمية والسوداوية.
3
ولما كان الرمد الحقيقى ورمًا فى الحدقة بل الملتحمة، وكان كل ورم إما
4
ان يكون عن دم، او صفراء، او بلغم، اوسوداء، او ريح؛ فكذلك الرمد لا يخلوا سببه
5
عن احد هذه الأسباب. وربما كان الخلط ''المورم متولدًا فيها''. وربما كان صائرًا اليها
6
من الدماغ على سبيل النزلة من طريق الحجاب الخارج المجلل للرأس، او من طريق
7
الحجاب الداخل، وبالجملة من الدماغ ونواحيه؛ فانه اذا اجتمع فى الدماغ مواد
8
كثيرة، وإمتلاء فاقمن بالعين أن ترمد إلا ان تكون قوية جدًا. وربما كانت الشرايين
9
هى التى تنصب اليها فضولها اذا كانت الفضول تكثر فيها [سواء] كانت الشرايين من
10
الداخلة او الخارجة. وربما لم تكن المادة صايرة اليها من ناحية الدماغ، والرأس،
11
"بل تكون صائرة اليها" من الأعضاء الأخرى، وخصوصًا اذا كانت العين قد لحقها
12
سوء مزاج، فاضعفها، وجعلها قابلة للآفات؛ وهى التى تنصب اليها تلك الفضول.
13
ومن أصناف الرمد: ما له دور، ونوائب بحسب دور إنصباب المادة، ودور
14
وقت تولدها. وإشتداد الوجع فى الرمد إما لخلط لذاع ياكل الطبقات، وإما لخلط كثير
15
ممدد، وإما لبخار غليظ؛ بحسب التفاوت فى ذلك يكون التفاوت فى الألم. ومواد
16
ذلك كما علمت إما من البدن، وإما من الرأس نفسه، وإما من العروق التى تودى الى
17
العين مادة رديئة حارة، او باردة. وربما كان من العين نفسه؛ وذلك ان يعرض لطبقات
18
العين فساد مزاج لخلط محتبس فيها، او رمد طال عليها، فيحيل جميع ما ياتيها من الغذاء
19
الى الفساد. ومن كانت عينه جاحظة فهو اقبل لعظم الرمد، ونتوءه لرطوبة عينه و
20
إتساع مسامها. وقد يكثر الدموع الباردة فى اصناف من الرمد لعدم الهضم. وكثيرًا ما
21
ينحل الرمد بالإختلاف الطبيعى. واعلم ان رداءة الرمد: بحسب كيفية المادة، وعظمه:
22
بحسب كمية المادة.
23
واعلم ان البلاد الجنوبية يكثر فيها الرمد، ويزول بسرعة. أما حدوثه فيهم كثيرًا
24
فلسيلان موادهم، وكثرة بخاراتهم؛ وأما برؤه سريعًا فلتخلخل مسام اعضائهم، وإنطلاق
25
طبائعهم. فان فاجأهم برد، صعب رمدهم لإتفاق طرو مانع، قابض على حركة سيالة من خلط ثائر.
26
وأما البلاد الباردة، والأزمنة الباردة؛ فان الرمد يقل فيها؛ ولكنه يصعب. أما
27
قلته فيها فلسكون الأخلاط فيها، وجمودها. وأما صعوبته فلانها اذا حصلت فى عضو لم
3-163
1
يتحلل بسرعة؛ لإستحصاف المجارى، فمددت تمديدًا عظيمًا حتى يعرض ان يتفطر منها
2
الصفاق. واذا سبق شتاء شمالى، وتلاه ربيع، جنوبى، مطير، وصيف ومد؛ كثر
3
الرمد؛ وكذلك اذا كان الشتاء دفئًا جنوبيًا فملأ البدن اخلاطًا، ثم تلاه ربيع، شمالى،
4
فحقنها. والصيف الشمالى كثير الرمد؛ خصوصًا بعد شتاء جنوبى. وقد يكثر أيضًا فى
5
صيف كان جنوبى الربيع جاف الشتاء، شمالية. وقس الأبدان الصلبة على البلاد
6
الشمالية، والأبدان المتخلخلة اللينة على البلاد الجنوبية، وكما ان البلاد الحارة ترمد؛
7
كذلك الحمام الحار جدًا اذا دخله الانسان اوشك ان يرمد.
8
واعلم انه اذا كان الرمد، وتغير حال العين يلزم مع العلاج الصواب، والتنقية
9
البالغة؛ فالسبب فيه مادة رديئة، محتقنة فى العين؛ يفسد الغذاء، او نوازل من الدماغ،
10
والرأس على نحو ما بيناه فيما سلف.
11
العلامات: اعلم ان الاوجاع التى تحدث فى العين منها: لذاعة، اكالة، و
12
منها ممددة. واللذاعة تدل على فساد كيفية المادة، وحدتها. والممددة تدل على كثرتها،
13
اوعلى الريح. واسرع الرمد منتهى اسيله دمعًا، وأحده لذعًا، وابطأه ايبسه. و
14
للرمص دلالة على النضج، او على غلظ المادة. والذى [يسرع من الرمص مع خفة الأعراض
15
الأثقل العين فهو يدل على غلظ المادة. والذى] يصحب النضج، وتخف معه العين
16
فى الاول قليلًا، وينحل سريعًا فهو المحمود. والذى حبه صغار، اقل دلالة على الخير؛
17
فان صغر الحب يدل على بطوء النضج. واذا اخذت الأجفان تلتصق فقد حان النضج؛
18
كما انه مادام سيلان مائى فهو ابتداء بعد.
19
وبعد هذا فنقول: أما الكدر فيعرف لخفته، وسببه، وفقدان الورم البادى. وما
20
كان من الرمد بمشاركة الرأس دل عليه الصداع، وثقل الرأس. وان كان طريق النزلة
21
من الدماغ الى العي ــ انما هو من الحجاب الخارج المجلل للرأس ــ كانت الجبهة متمددة،
22
والعروق الخارجة دارة، وكان الإنتفاخ يبادر الى الجفن، ويكون فى الجبهة حمرة،
23
وضربان. وان كان من الحجاب الداخل لم يظهر ذلك، وظهر العطاس، وحكة
24
فى الحنك، والأنف. وان كان بمشاركة المعدة واقفه تهوع، وكرب؛ وعلامة ذلك:
25
الخلط فى المعدة.
26
وأما الرمد الدموى: فيدل عليه لون العين، ودرور العروق، وضربان الصدغين،
27
وسائر علامات الدم فى نواحى الدماغ، ولا تدمع كثيرًا؛ بل ترمص، وتلزق عند النوم.
3-164
1
وأما الصفراوى: فيدل عليه نخس اشد، ووجع محرق، وتلهب اشد، وحمرة اقل، و
2
دمعة رقيقة حادة؛ و ربما قرحت، وربما خلت من الدمع؛ خلو الدموى، ولا تلزق
3
عند النوم. وقد يكون من هذا الجنس ما هو حمرة تضرب العين، وهو من جملة الأخرجة
4
الخبيثة. وربما كوت العين، وقرحتها قرحة دابة ساعية. ومن الرمد الصفراوى جنس
5
حكاك، جاف، مع قلة حمرة، وقلة رمص، ولا يظهر للورم منه حجم يعتد به، ولا سيلان،
6
وهو من مادة قليلة حادة.
7
وأما البلغمى: فيدل عليه ثقل شديد، وحرارة قليلة، وحمرة ضعيفة، بل السلطان
8
يكون فيه للبياض؛ ويكون رمص، وإلتصاق عند النوم؛ ويكون مع تهبج، ويشاركه الوجه،
9
واللون. فان كان مبدأه المعدة صاحبه تهوع. وقد يتبع البلغمى ان ينتو فيه الملتحمة
10
على السواد عظمًا من الورم؛ إلا انه لا يكون بين الحمرة شديدها، ولا يكون معه دموع
11
بل رمص.
12
وأما السوداوى: فيدل عليه ثقل مع كمودة، وجفاف، وازمان، وقلة إلتصاق.
13
وأما الريحى: فيكون معه تمدد فقط؛ بلا ثقل، ولا سيلان؛ وربما اورث التمدد
14
حمرة.
15
|205vb28|علاج التكدر
16
التكدر وما يجرى مجراه من الرمد الخفيف: فربما كفى فيه قطع السبب؛ فان
17
كان للسبب معينًا من امتلاء دم، او غيره استفرغ. وربما كفى تسكين حركتها، وتقطير
18
لبن، او بياض بيض وغير ذلك فيها. وان كان التكدر من ضربة قطر فى العين دم
19
حار من حمام، وغيره، او من دم نفسه. وربما كفى تكميدها باسفنجة، او صوفة
20
ممسوحة بمطبوخ، او دهن ورد، وطبيخ العدس، او يقطر فيها لبن النساء من الثدى
21
حارًا، وان لم ينجع ذلك فطبيخ الحلبة، والشياف الأبيض.
22
والذى يعرض من برد: فينفعه الحمام؛ ان لم يكن صار رمدًا، او ورمًا؛ ولم
23
يكن الرأس والبدن ممتلئين، وينفع منه التكميد بطبيخ البابونج، والشراب اللطيف
24
بعد ثلاث ساعات من الطعام. والنوم الطويل على الشراب من علاجاته النافعة، كان من
25
الشمس، او من البرد او من غيره. وما كان من الرمد سببه الجرب ثم كان خفيفًا فليحك
26
الجرب اولًا ثم يعالج الرمد؛ وربما ذال بعد حك الجرب من تلقاء نفسه. فان كان عظيمًا
3-165
1
لا يحتمل مقارنة تدبير الحك؛ استعمل الرفق، والتليين، والتنقية حتى ينقاد، [ويحتمل
2
المقارنة بينه وبين تدبير الحك].
3
|206ra1|فصل فى العلاج المشترك فى اصناف الرمد وإنصباب النوازل الى العين
4
القانون المشترك فى تدبير الرمد المادى وسائر امراض العين المادية: تقليل
5
الغذاء وتلطيفه، واختيار ما يولد خلطًا محمودًا، واجتناب كل مبخر، واجتناب كل
6
سوء هضم، واجتناب الجماع، والحركة، وتدهين الرأس، والشراب، واجتناب
7
الحامض، والمالح، والحريف، وإدامة لين الطبيعة، والفصد من القيفال؛ فانه
8
يوافق جميع انواعه.
9
ويجب ان لا يقع بصر الرمد على البياض، ولا على الشعاع؛ بل يكون ما يفرش
10
له، ويطيف به: اسود، واخضر، وتعلق على وجهه خرقة سوداء تلوح لعينه، فالأسود
11
فى حال المرض، والآسمانجونى فى حال الصحة. ويجب ان يكون البيت الذى يسكنه
12
الى الظلمة. ويجب ان يجلب اليه النوم؛ فانه علاج جيد. ويجب ان لا يترك الشعر
13
يطول؛ فانه ضار بالرمد جدًا؛ إلا ان يكون الشعر مرسلًا فى الاصل، فذلك ينفع؛ من
14
حيث يجفف الرطوبات جذبًا الى غذائه؛ واذا كان البدن نقيًا والخلط الفاعل للرمد
15
فاشيًا فى العروق، ومن جنس الدم الغليظ؛ وخصوصًا فى آخر الرمد؛ فان الإستحمام
16
ليرقق المادة، وشرب الشراب الصرف ليزعجها، ويخرجها، نافعان. والحمام بعد
17
الإستفراغ افضل علاج للرمد؛ وخصوصًا ان كان التكميد يسكن الوجع.
18
ومما يجب ان يدبر فى الرمد، وسائر امراض العين المادية؛ هو''إعلاء الوسادة"،
19
والحذر من طأطأته. ويجب ان يبعد الدهن من رأس الأرمد؛ فانه شديد المضرة له.
20
وأما تقطير الدهن ــ ولو كان دهن الورد ــ فى الأذن؛ فعظيم المضرة جدًا. وربما عظم الرمد
21
حتى يضيق على الطبقات. وان كانت المادة منبعثة من عضو فينبغى ان يستفرغ من ذلك
22
العضو، ويجذب الى ضد الجهة باى شىء كان؛ بفصد، وحقنة، وغير ذلك. وربما
23
لم يغن الفصد من القيفال، واحتيج الى فصد شريان الصدغ، والأذن لينقطع الطريق
24
التى منه تاتى المادة؛ وذلك اذا كانت المادة تاتى العين من الشرايين الخارجة.
25
فاذا اريد سل هذه الشرايين: فيجب ان يحلق الرأس، ويتأمل اى تلك الصغار من
26
الشرايين اعظم، وانبض، واسخن؛ فيقطع ويبالغ فى إستيصاله ان كان مما يستاصل
27
وهى الصغار دون الكبار. وربما سل الذى على الصدغ؛ ويجب ان يخرم اولًا، ثم
28
يقطع بعد ان يختار مما سلف ذكره من ان يكون ما يبتر، او يقطع، اعظم الصغار واسخنها.
3-166
1
ويجب قبل البتر ان يشد ما دونه بخيط ابريسم شدًا شديدًا طويلًا، ويترك الشد عليه،
2
ثم يقطع ماوراءه؛ فاذا عفن جاز ان يبان الشد، ويحتاج اليه فيما هو اعظم. وأما الصغار
3
فيكفى ان يشرط شرطًا عميقًا ليسيل ما فيها من الدم. وقد يقارب ذلك النفع حجامة
4
النقرة، وإرسال العلق على الجبهة. واذا لم يغن ما عمل فصد من الماق، ومن عروق
5
الجبهة؛ على ان حجامة النقرة بالغة النفع.
6
واذا تطاولت العلة استعملت الشياف الذى يقع فيه نحاس محرق، وزاج محرق؛
7
وربما كفى الإكتحال بالصبر وحده. واذا طال الرمد ولم ينتفع بشىء فاعلم ان فى طبقات
8
العين مادة رديئة تفسد الغذاء الوارد عليها، فافرغ الى التوتيا، مغسولًا مخلوطًا بالملينات
9
مثل الإسفيذاج، واقليمياء الذهب المغسول، والنشا، وقليل صمغ. وربما اضطر
10
الى الكى على اليافوخ؛ لتحتبس النزلة؛ فانه ربما كان دوامه لدوام نزلة. فاذا كان المبدأ
11
من الحجب الباطنة كان العلاج صعبًا؛ إلا ان مداره على الإستفراغات القوية مع استعمال
12
ما يقوى الرأس من الضمادات المعروفة لهذا الشان؛ مثل الضماد المتخذ من السنبل،
13
والورد، والأقاقيا بماء الكزبرة الرطبة. والكزبرة الرطبة نفسها، واليابسة مع قليل زعفران،
14
يترك على الموضع ساعة، اوساعتين ثم يبان.
15
وقد تستعمل فيها المغريات، ومعدلات المواد الحادة. والألبان من جملتها.
16
ولا يصلح ان يترك القطور فى العين زمانًا طويلًا؛ بل يجب ان يراق، ويجدد كل وقت.
17
ومنها بياض البيض. وليس من الواجب فيه ان يجدد، بل يترك ساعات لم تضر،
18
وهو احمد من اللبن، وان كان اللبن احلى. وبياض البيض يجمع مع تليينه وتمليسه
19
ان لا يلحج، ولا يسد المسام. وطبيخ الحلبة يجمع مع تحليله، وإنضاجه ان يملس،
20
ويسكن الوجع. ودهن الورد من هذا القبيل. وبالجملة يجب ان يكون الدواء المستعمل
21
فى العين، وخصوصًا فى الرمد، الذى لا خشونة فيه، ولا كيفية طعم، كمر او حامض،
22
وحريف. ويجب ان يسحق جيدًا لتذهب الخشونة. وما امكنك ان تتحرى بالمسيخة
23
العديمة الطعم فذلك خير.
24
وقد تستعمل فيه السعوطات السلقية وما يجرى مجراها مما يخرج من الأنف بعض
25
المادة وذلك عند ما لا يخاف جذبها الى العين مادة أخرى. وقد تستعمل فيها الغراغر.
26
ومن المعالجات النافعة: التكميد بالمياه الفاترة باسفنجة، اوصوفة؛ فربما اغنى استعماله
27
مرة، او مرتين غنى كثيرًا. وربما احتاج الى تكرير كثير بحسب قوة الرمد، وضعفه.
28
واذا كان الماء المكمد به طبيخ إكليل الملك، والحلبة كان ابلغ فى النفع. وقد
29
يطلى على الجبهة الروادع، وخصوصًا اذا كان الطريق لإنصباب المادة هو الحجاب
30
الخارج؛ وهذه الروادع مثل قشر البطيخ خاصة، ومثل اشياف ماميثا، والفيلزهرج،
3-167
1
والصبر، وبزر الورد، والزعفران، والأنزروت، والمياه؛ مثل ماء عنب الثعلب، وماء
2
عصاالراعى، وكذلك العوسج، وسويق الشعير، والسفرجل.
3
وان كانت الفضلة شديدة الحدة والرقة استعملت اللطوخات الشديدة القبض؛
4
كالعفص، والجلنار، والحسك. وللتضميد به لمجارى النوازل تاثير عظيم؛ هذا اذا
5
كانت المادة حارة. وان كانت باردة فيما يجفف، ويقبض. ويقوى العضو مع تسخين
6
مثل اللطخ بالزئبق، وبالكبريت، وبالبورق. ويجب ان يدام تنقية العين من الرمص
7
بلبن يقطر فيها فيغسلها، او بياض البيض. وان احتيج الى مس فيجب ان يكون برفق.
8
ويجب ان كان الرمد شديدًا ان يفصد الى ان يخاف الغشى؛ فان ارسال الدم الكثير
9
يبرئ فى الوقت.
10
ويجب ما امكن ان يؤخر استعمال الشيافات الى ثلاثة ايام؛ وليقتصر على التدبير
11
المذكور من الإستفراغات، وجذب المواد الى الأطراف، ولزوم ما ذكرناه من الأماكن
12
والأحوال. ثم ان استعمل شىء بعد ذلك فلا بأس به؛ فكثيرًا ما يبرئ الرمد بهذه الأشياء؛
13
من غير علاج آخر. وأما لين الطبيعة فامر لا بد منه؛ بل لا بد من الإسهال للخلط المستولى
14
على الدم بعد الفصد. ولا خير فى التكميد قبل التنقية، ولا فى الحمام؛ فربما صار ذلك
15
سببًا لجذب مادة كثيرة يفطر طبقات العين. ويجب ان لا تستعمل فى الإبتداء المكثفات
16
القوية، والقابضة الشديدة؛ فتكثف الطبقة، ويمنع التحليل، ويعظم الوجع؛ خصوصًا
17
[اذا] كان الوجع شديدًا. والضعيفة القبض أيضًا فى الإبتداء لا تغنى فى منع المادة؛ و
18
تضر بتكثيف الطبقة، وتحقن فيها المادة. فان اتفق شىء من هذا تدورك بالتكميد بالماء
19
الحار دائمًا، والإقتصار على الشياف الأبيض محلولًا فى ماء إكليل الملك فصواب؛ فان
20
الأقوى مع ذلك مع إمتلاء الرأس ربما اضر.
21
وأما المحللة فاجتنبها فى اول الرمدْ اجتنابًا شديدًا. وربما احتيج بعد استعمال
22
هذه المقبضات، وخصوصًا اذا خالطها المخدرات الى تقطير ماء السكر، وماء العسل
23
فى العين؛ فان حدث هيجان للعلة بردته بما لا تكثيف فيه لتداركه. ويجب ان
24
يعنى بما قلنا قبل هذا بتنقية الرمص برفق، ولا يؤذى العين؛ فان فى تنقية الرمص تخفيفًا
25
للوجع، وجلاءً للعين، وتمكينًا للادوية من العمل. وربما احوج اشتداد الوجع الى استعمال
26
المخدرات مثل عصارة اللفاح، والخس، والخشخاش، وشىء من السماق، فدافع
27
بذلك ما امكنك. فان استعملت شيئًا من ذلك للضرورة: فاستعمله على حذر؛ وما امكنك
28
ان تقتصر على بياض بيض مضروب بماء قد طبخ فيه الخشخاش فافعل. وربما وجب
3-168
1
ان تجعل معه الحلبة لتعين فى تسكين الوجع من جهة التحليل. ويحلل أيضًا ويزيل آفة
2
المخدر.
3
فأما ان كانت المادة رقيقة اكالة؛ فلا بأس عندى باستعمال الأفيون، والمخدرات؛
4
فانه شفاء، [ولا يعقب وجعًا؛ وان كان يجب ان يعتقد انه من حيث يضر بالبصر مكروه؛
5
ولكن للافيون، فيما حدث من الأوجاع عن مادة اكالة ليست ممددة، شفاء] عاجل.
6
وعلاج اللذع التغرية، والتبريد، والتلطيف. وعلاج التمديد ارخاء العين، والتحليل،
7
بما يذكر كلًا فى مكانه، ونقل المادة. فاذا ازمنت العلة ففصد الماقين وفصد الشريان
8
الذى خلف الأذن. ويجب ان يجتنب اصحاب الرمد، واصحاب النوازل الى العين ــ
9
كما قلنا مرارًا ــ تدهين الرأس، وتقطير الدهن فى الأذن.
10
وجملة علاج الرمد كعلاج سائر الاورام من الردع اولًا، والتحليل ثانيًا، إلا
11
انه يستدعى لاجل العضو نفسه فضل رفق، وهو ان يكون ما يقمع، ويردع، او يلطف،
12
او يحلل، ويجلو، ليس بعنيف المس، مولم للحس، محدث للخشونة؛ وذلك لا يتم
13
إلا ان يكون قبض ما يردع معتدلًا، ولذع ما يحلل خفيفًا؛ بل الأولى ان يكون فى
14
ذلك تجفيف بلا لذع، وان يكون مكسور العنف بما يخالط مثل بياض البيض، ولبن المرأة،
15
محلوبًا على محك الشياف الذى يكتحل به.
16
واذا كانت المادة قد استفرغت؛ ولم تكن الأوجاع فى غاية العنف، فاستعمل
17
الشياف المعروف باليومى مخلوطًا بمثل صفرة البيض. ولا يبعد ان يبرئ العليل من يومه،
18
ويدخل الحمام من مسائه، ويكون الذى يفى التحليل لبقية مادة بمثل الشياف السنبلى.
19
وربما اوجب الوقت ان يشمه من شياف الأصطفطيقان فى اليوم [الاول] شيئًا يسيرًا،
20
ويزيده فى اليوم الثانى منه، فيكون معه البرء. واذا استصعبت المادة فى الرمد المتقادم
21
على التحليل فربما احتجت الى مثل عصارة قثاء الحمار.
22
|206vb44|علاج الرمد الحار الصفراوى والدموى والحمرة
23
التدبير المشترك لما كان من الرمد سببه مادة صفراوية او دموية: الفصد، و
24
الإستفراغ. فان كان الدم دمًا حارًا صفراويًا، او كان السبب صفراء وحدها، نفع مع الفصد
25
الإستفراغ بطبيخ الهليلج؛ وربما جعل فيه تربد. وان كان فيه ادنى غلظ، وعلمت
26
ان المادة متشربة فى حجب الدماغ، قويته بايارج فيقرا. وربما اقتصر فى مثله على نقيع
27
الصبر. فان كان هناك حرارة كان الماء الذى ينقع فيه ماء الهندباء، او ماء المطر. و
28
جميع ذلك يجب ان يبتدأ فيه: بتضميد العين بالمبردات من العصارات؛ مثل عصارة
3-169
1
لسان الحمل، وعصارة ورق الخلاف، واللعابات، وتقطيرها، ثم بياض البيض بلبن
2
الأتن مفردًا، ثم الشياف الأبيض، وسائر الشيافات التى نذكرها فى الروادع، ولا يبلغ
3
بها مبلغًا تتكثف له الطبقات، وتحتقن المواد، ويشتد الوجع.
4
فاذا ارتدعت المادة بالاستفراغ، والجذب، والروادع؛ فيدرج الى المنضجات؛
5
ولتكن اولًا مخلوطة بالروادع، ثم يصرف، ولتكن اولًا مرققة، مخلوطة بمثل ماء الورد،
6
والألبان؛ فيها قوة إنضاج. وفى لعاب بزرقطونا مع الردع انضاج ما. ولعاب حب
7
السفرجل اشد إنضاجًا منه. وماء الحلبة جيد الإنضاج، مسكن للوجع؛ وهو اول ما يبدأ
8
به من المنضجات، وليس فيه جذب. فان احتيج الى تغليظ شىء من ذلك فباللعابات،
9
او الى تبريده فبالعصارات. وقد جربت عصارة شجرة تسمى باليونانية اطاطا وبالفارسية
10
اشك فى ابتداء الرمد الحار، وانتهائه؛ فكان ملايمًا بالخاصية القوية. وقد تعقد هذه
11
العصارات، وتحفظ، ثم تتخطى امثال ذلك الى طبيخ اكليل الملك مدوفًا فيه الأنزروت
12
الأبيض، خصوصًا المربى بلبن النساء، والأتن.
13
واذا اخذ ينحط زدت فى استعمال المحللات بما هو اقوى كالأنزروت فى ماء
14
الحلبة، والرازيانج، والتكميد بماء قد طبخ فيه الزعفران، والمر. واستعملت الحمام
15
ان علمت ان الدماغ نقى. وسقيته بعد الطعام القليل بساعات شيئًا من الشراب الصرف
16
العتيق قليل المقدار. فان استحم بعده بماء حار، او كمد كان ذلك انفع. واستعمل
17
أيضًا الشيافات المذكورة الموصوفة فى الأنقراباذين لإنحطاط الرمد، واخره. فان كانت
18
المادة دموية حجمت بعد الفصد، وادمت دلك الأطراف، وشدها اكثر مما فى غيرها.
19
واستعملت فى اول الأمر العصارات المذكورة، ثم خلطت بها لباب الخبز، ثم نقعت ذلك
20
الخبز فى الميبختج وخلطته. وربما وجب ان يخلط بذلك قليل افيون؛ ان اشتد الوجع.
21
وان كانت المادة صفراوية استفرغت بعد الفصد بما يخرج الصفراء، واستعملت
22
الإستحمام بالماء العذب. وربما وافق صب البارد منه على الرأس، والعين. وربما غسل
23
الوجه بماء بارد مع مزج قليل من الخل ينفع.
24
ويجب ان يكون فى الصفراوى اجتراءً على استعمال القابضات فى الاول بلا إفراط
25
أيضًا. وتستعمل الشيافات القابضة محلولة فى العصارات.
26
وأما الحمرة من جملة ذلك [فيجب] ان يستعمل عليه بعد الإستفراغ بالمسهلات،
27
والحقن، والضمادات المتخذة من قشور الرمان مطبوخة على الجمر، ومسحوقة بميبختج،
28
اوعسل؛ اويدام تكميده باسفنج حار. والتضميد بدقيق الكرسنة، او الحنطة مطبوخًا
29
بشراب العسل، او باصل السوسن المدقوق ينفعه. ويجب ان يدام غسل العين باللبن،
3-170
1
ويدام تبريدها وترطيبها لكن الإقتصار على التبريدات مما يبطى ويبلد. واذا تحللت
2
العلة وبقيت الجراحة ضمدت بصفرة البيض المشوية، مسحوقة بزعفران، وعسل،
3
وبسائر ما كتب للحمرة فى انقراباذين.
4
|207rb7|علاج الرمد البارد
5
[أما الرمد الكائن] عن المواد الباردة: فيجب ان يستفرغ الخلط البارد. وربما
6
احتيج الى التكرير مشروبًا كان، او محتقنًا، او غرغرة؛ وأن يكون اول العلاج بالرادعات
7
التى ليست بالباردة جدًا؛ ولكن التى فيها تلطيف ما؛ مثل المر، والأنزروت. فان استعملت
8
السنبل مع بعض المياه المعتدلة كان صالحًا. وان لم تكن فى طبقات الحدقة آفة
9
اكتحلت بماء اغلى فيه زعفران، وقلقديس، وعسل؛ ويجب ان تلطخ الجبهة فى الإبتداء
10
بقلقديس؛ وخصوصًا اذا كان طريق المادة من الحجاب الخارج. وكذلك لا بأس
11
بغسل الوجه بماء اديف فيه القلقديس.
12
وان لطخت الأجفان فى الإبتداء بالترياق، وبالكبريت، والزرنيخ كان جيدًا.
13
وشرب الترياق أيضًا نافع. وقد جرب فى ذلك ورق الخروع [مدقوقًا] مخلوطًا بشبث،
14
وورق الخطمى مطبوخًا فى شراب. ونحن نذكر <ذلك> فى الأنقراباذين اقراصًا صالحة
15
لأن تلطخ الأجفان بها. وماء الحلبة، ولعاب بزركتان مما ينفع تقطيره فى عين صاحب
16
الرمد البارد؛ وبعد ذلك الشياف الأحمر اللين، والشياف الأحمر الأكبر، وشياف
17
الأحيانا، والأنزروت مذوفًا فى عصارة اوراق الكبر. والتضميد باوراق الكبر وحدها.
18
وينفع هؤلاء كلهم التدبير اللطيف، واستعمال الحمام، والشراب الصرف الأبيض.
19
|207rb36|فصل فى علاج الوردينج
20
وما كان من الرمد قد صار وردينج فعلاجه: الإستفراغ، والفصد، والحجامة؛
21
وربما احتجت الى سل الشريان. فان كان من رمد حار، واستفرغت من جميع الوجوه،
22
ومن عروق الرأس، وحجمت، فيجب ان يستعمل مثل الشياف الأبيض من الرادعات،
23
ومثل العصارات الباردة اللينة. وأما الأضمدة من خارج فمثل الزعفران، وورق الكزبرة
24
<الرطبة>، واكليل الملك بصفرة البيض، والخبز المنقوع فى رب العنب. وربما احتيج
25
ان يخلط به من المخدرات شىء؛ والأطلية أيضًا من مثل ذلك. ومن الماميثا، والحضض،
3-171
1
والصبر ومما جرب له: صفرة البيض مع شحم الدب يجعل منهما كالمرهم، ويجعلان
2
على خرقة؛ وتوضع على العين، [وكذلك الورد] ينقع فى عقيد العنب؛ ثم يسخن
3
مع صفرة البيض؛ وتوضع على العين.
4
واذا اشتد الوجع ينفع زعفران مسحوق بلبن، وعصارة الكزبرة، ويقطر فى العين. و
5
يستحب فى الوردينج ان يشغل بالعلاجات الخارجة، ويقتصر على تقطير اللبن فى العين
6
ثلاثة ايام ان احتمل الحال. وقد جرب الكحالون فى الوردينج الوجع المتقرح ان يكحل
7
بالأنزروت، والزعفران، وشياف ماميثا، والأفيون. فان كان الوردينج بعد الرمد الغليظ
8
البارد استفرغت بالأيارجات ضرورة، واستعملت اللعابات اللينة ماخوذة بعصارة الكرنب،
9
اوسلاقته. وربما احتجت ان تمزجها بماء عنب الثعلب. وربما احتجت ان تمزجها
10
بالمر، والزعفران.
11
|207va9|علاج الرمد الريحى
12
وأما الرمد الريحى: فيعالج بالأنطلة، والتكميدات، والحمامات، والتكميد
13
بالجاورس انفع التكميدات له. وربما اقدم المخاطرون على استعمال المخدرات عند
14
شدة الوجع؛ وذلك وان سكن فى الوقت فانه يهيجه بعد ساعة تهييجًا اشد مما كان لمنعه
15
الريح عن التحليل.
16
|207va19|فصل فى كلام قليل فى ادوية الرمد المستعملة
17
أما الشياف الأبيض فانه مغر مبرد، مسكن للوجع، مصلح للخلط اللذاع. وقد
18
يخلط به الأفيون فيكون اشد اسكانًا للوجع؛ لكنه ربما اضر بالبصر، وطول العلة للتخدير،
19
والتفجيج. ومما يجرى مجراه القرص الوردى؛ فانه عظيم المنفعة فى الإلتهاب، والوجع؛
20
وهو كبير، وصغير. وتجد فى انقراباذين اقراصًا، وشيافات من هذا القبيل؛ وتجد فى
21
جداول العين من الأدوية الرادعة مثل المرداسنج، والكثيراء، والحضض، والورد،
22
والإثمد الإصفهانى، واقاقيا، وماميثا، وصندل، وعفص، وطين مختوم، وسائر
23
العصارات، والصمغ، وغير ذلك من المفردات التى تخص المواد الغليظة؛ مثل المر،
24
والزعفران، والكندر، والسنبل، والجندبيدستر، وقليل من النحاس الأحمر <المحرق>،
25
والصبر خاصة، وحماما، وقرن ايل محرق. وأما التقدير والخلط بما هو ابرد وبما هو
3-172
1
اسخن، فذلك فى الحدس الصناعى فى الجزئيات. وأما سائر المختلطات المجربة فنذكرها
2
فى انقراباذين.
3
ومن الرادعات المجربة لشدة الوجع، والمادة غليظة، سواد الأساكفة بعسل
4
خالص، وماء الحلبة يجعل فى الماقين بميل. وأما من المركبات فمثل: شياف اصطفطيقان،
5
والأحمر اللين، وشياف الشادنج الأكبر، واقراص البزور من جملتها جيد.
6
|207va48|المقالة الثانية
7
فى امراض المقلة
8
واكثره فى العلل التركيبية والإتصالية
9
|207va51|فصل فى النفاخات
10
تحدث فى العين نفاخات مائية؛ فى بعض قشور القرنية التى هى اربع طباق،
11
فتحتقن هذه المائية ما بين قشرين من هذه الأربع، وتختلف لا محالة مواضعها، واغورها
12
اردأها. وقد تختلف بحسب زيادتها، ونقصانها فى المقدار. و[قد] تختلف من قبل
13
لونها، وقوامها. وقد تختلف من قبل عذوبتها، وحدتها، وأكالها. وما كان منها الى
14
القشرة الأولى رؤى اسود؛ لان ذلك لا يعوق البصر عن ادراك العنبية. والغائر يمنع عن ادراكه؛
15
لانه ابعد من تشفيف الشعاع اياه فيرى ابيض. والكثير المائية الحاد ردئ؛ لانه يولم
16
بتمديده، وبتاكيله جميعًا. وكلما كان اغور كان اكثر تمديدًا، واكثر انتشارًا، وتاكلًا، و
17
ما يحاذى الثقبة منه يضر الأبصار خصوصًا اذا أكل وقرح.
18
العلاج: علاجها مادامت صغيرة: بالأدوية المجففة، وبمثل دواء طين شاموس، وهو
19
ان يوخذ طين شاموس مقلى ثلاث اواقى، وتوتيا اوقية واحدة، واقليميا مغسول اوقيتين،
20
وكحل مغسول اوقيتين، توبال النحاس المغسول فى نسخة اربع اواقى؛ وفى بعض
21
النسخ اوقية، افيون ثلث اواقى، صمغ اربع اواقى، ويسحق بماء المطر، ويعمل منه
22
شيافات تستعمل بماء الحلبة. واذا كبرت: تعالج بالحديدة. [وقد عالجت انا بالمبضع
3-173
1
من به هذه العلة؛ فخرجت المائية المجتمعة تحت القرنية، واستوى سطح القرنية، و
2
عالجت بعد ذلك باللبن، واشياف الأيارج فبرأ].
3
|207vb21|فصل فى قروح العين وخروق القرنية
4
قروح العين تتولد فى الأكثر عن اخلاط حادة محرقة، وهى سبعة انواع: اربعة
5
فى سطح القرنية يسميها جالينوس قروحًا، وبعض من قبله خشونة. اولها: قرح شبيه
6
بدخان على سواد العين، منتشر فيه، ياخذ موضعًا كثيرًا، ويسمى الخفى. وربما سمى
7
قتامًا، ثم صنف آخر: وهو اعمق، واشد بياضًا، واصغر حجمًا، ويسمى السحاب؛
8
وربما سمى قتامًا أيضًا. والثالث: الإكليلى؛ ويكون على إكليل السواد. وربما اخذ
9
من الملتحمة شيئًا فيرى على الحدقة ابيض، وما على الملتحمة احمر. والرابع: يسمى
10
الإحتراقى؛ ويسمى أيضًا الصوفى، ويكون فى ظاهر الحدقة كانه صوفة صغيرة عليه.
11
وثلاثة غائرة. احداها: لوثوبون [اى] العميق الغور، وهى قرحة عميقة، ضيقة،
12
نقية. والثانية: تسمى لولوما اى الحافر؛ وهى اقل عمقًا، واوسع اخذًا. والثالث:
13
افيقراما اى الاحتراقى أيضًا؛ وهى وسخة ذات خشكريشة فى تنقيتها مخاطرة؛ فان
14
الرطوبة تسيل لتاكل الأغشية، وتفسد معه العين. والقروح تحدث فى العين: إما عقيب
15
الرمد، وإما عقيب بثور، وإما بسبب ضربة. وكثيرًا ما يكون مبدأ القرحة من داخل،
16
فينفجر الى خارج، وبالعكس من ذلك أيضًا.
17
العلامة: علامة القرحة فى المقلة نقطة بيضاء؛ ان كانت على الحدقة، وحمراء؛
18
ان كانت فى الملتحمة، ويكون معها وجع شديد، وضربان. وان كانت المادة التى
19
توجد بالرفاد بيضاء، دلت على وجع صعب، وضربان قوى. واذا كانت صفراء، او
20
كمدة، او رقيقة كانت فى ذلك اخف. وأما اذا كانت حمراء؛ فالوجع اخف جدًا.
21
العلاج: متى كانت القرحة فى العين اليمنى نام على اليسرى، او فى اليسرى نام
22
على اليمنى. ويجب ان يلطف تدبيره. فاذا انفجرت القرحة نقل التدبير الى الأطراف،
23
والى الفراريج، لئلا يضعف فلا تندمل قرحته، وتكثر فضول بدنه. ويجب ان لا يمتلىء،
24
ولا يصيح، ولا يعطس ما امكن، ولا يدخل الحمام إلا بعد نضج العلة. فان دخل لم
25
يجب له ان يطيل المكث. والعمدة تنقية الرأس بالإستفراغات الجاذبة الى اسفل. وكذلك
3-174
1
ينفع فيه الإحتجام على الساق كثيرًا، وفصد الصافن، وادامة الإسهال لكل اربعة ايام
2
بما يخرج الفضل الحاد الرقيق؛ من الأطبخة، والنقوعات.
3
فان كان هناك رمد؛ عولج اولًا بالإستفراغ المذكور فى بابه، وبادوية تجمع بين
4
تسكين الوجع، وادمال القروح؛ مثل الشياف النشاستجى، والكندرى، والإسفيذاجى،
5
وتقطير لبن النساء فى العين. وان كان هناك سيلان خلط به ما له قوة مانعة. وبالجملة
6
فان قانون اختيار الأدوية فيه ان يختار كلما يجفف بلا لذع. واذا اشتدت الحرارة، و
7
استعملت شياف الشاذنج اللين، والشياف الكندرى كان نافعًا جدًا.
8
ومن الشيافات النافعة: شياف سقلينون، وفونيس، وان كان سيلان: فشياف
9
دريوس، وامالوروسدن. وان كان السيلان مع حدة: فشياف سارقالون. و
10
ان كان بلا حدة فالشيافات التى يقع فيها مر، وناردين. وان كان فى القروح
11
وسخ نقى بشراب العسل، [او بماء الحلبة مع شىء من هذه الشيافات المذكورة]، او بلعاب
12
بزر كتان، او بألبان النساء. فان كان تاكل شديدًا اضطررت الى استعمال طرخماطيقون.
13
فاذا تنقت القرحة فاقبل على المجففات بلا لذع؛ مثل الشيافات الكندرية، ومثل الكندر
14
نفسه، والنشاستج، والإسفيداج، والرصاص المحرق المغسول، والشياف الأبيض،
15
واشياف الآبار خاصة، وكذلك رماد الصدف المغسول ببياض البيض، او رماد الصدف
16
الكبير المغسول بمثله شادنج.
17
|207vb58|نسخة شياف لونابيس وهو قوى
18
اقليميا ستة عشر مثقالًا؛ اسفيداج مغسول اوقية، نشا، وافيون، وكثيراء من كل
19
واحد مثقالان يدق، ويلت بماء المطر، ويعجن ببياض البيض.
20
آخرباسمه وهو قوى جيد
21
اقليميا محرق مغسول، واسفيذاج مغسول ثمانية ثمانية، مر ستة، كحل مغسول
22
محرق واحد، نشاستة، رصاص محرق مغسول، طلق، من كل واحد ثلاثة مثاقيل، كثيراء
23
ثمانية، يسحق بالماء، ويعجن ببياض البيض.
3-175
1
|208ra53|فصل فى خروق القرنية
2
قد يكون عن قرحة نفذت، وقد يكون عن سبب من خارج؛ مثل ضربة، او صدمة
3
خارقة، فحنيئذ تظهر العنبية. فان كان ما يظهر منها شيئ يسير سمى النملى، والموسرج،
4
والذبابى؛ وذلك بحسب العظم، والصغر. وان كان ازيد من ذلك حتى تظهر حبة
5
العنبية سمى العنبى، وما هو اعظم سمى التفاحى. فان خرجت العنبية جدًا حتى حالت
6
بين الجفنين، والإنطباق، سمى المسمارى. واذا ابيضت العنبية فلا برء له.
7
واعلم ان القرنية اذا انخرقت طولًا لم ير بياض؛ ولكن يرى صدع. وكان
8
الناظر قد طال. وقد يمكن ان يبين هذا بوجه اوضح فيقال: ان الخرق قد يكون فى
9
جميع اجزاء القرنية، وقشورها؛ فيكون النتوء من جوهر العنبية. وقد يكون فى بعض
10
اجزاء القرنية؛ ويكون الناتى منها نفسها، ويكون عند تاكل بعض قشورها؛ ويشبه
11
النفاخة، ويفارق النفاخات، والنفاطات؛ فان النفاخات، والنفاطات تكون معها
12
فى بياض العين حمرة، ودمعة، وضربان، وتنكبس تحت الميل؛ وليس كذلك هذا
13
[واذا كان النتوء من جهة القرنية اى من نفسها؛ تكون صلبة جاسية، ولا تنكبس تحت
14
الميل]. وأما النتوء الذى يكون سببه انخراق القرنية فى جميع قشورها، وبروز العنبية كلها،
15
او بعضها؛ فاصنافه اربعة:
16
الصغير الذبابى، او النملى؛ وقد يشبه اذا صغر، النفاخة والنفاطة، ويفارقها
17
بأنها تكون على لون العنبية فى السواد، والزرقة، والشهلة. فان فارق لونها لون الطبقة
18
العنبية فهى نفاخة. وقد يحقق الحدس فى امرها: ان يرى مطيفًا فى اصلها شيئ ابيض
19
كالطراز؛ وانما [يكون] ذلك حافة خرق القرنية؛ وقد ابيضت عند ادمالها. والثانى
20
الذى رسمناه العنبى. والثالث اكثر من ذلك، ويمنع الإنطباق؛ ويقال له التفاحى،
21
والمسمارى. والرابع كانه من جنس التفاحى إلا انه مزمن، ملتحم بما يخرج مى القرنية،
22
بارز عنه؛ ويقال له الفلكى، وهو الشبيه بفلكة المغزل [الملتحمة بالمغزل].
23
العلاج: مادام فى طريق التكون فعلاجه: علاج القروح والبثور؛ على ما قلنا من انه يحتاج
24
الى تنقية البدن ــ كيف كانت العلة ــ إستفراغًا يالفصد والإسهال، وبعد الاستفراغ يستعمل
25
الإستحمام بالماء العذب؛ وخصوصًا اذا كان فى المزاج حدة؛ من غير ان يلبث فى هواء
26
الحمام إلا قليلًا. ولا يكثر أيضًا غمس رأسه فى ماء الآبزن حارًا، او باردًا، ولا يستعمل
27
الأدهان على الرأس؛ فان بعض ذلك يرسل المادة الى العين بتحليل المادة الموجودة فى
3-176
1
الدماغ، ويجذب ما ليس فيه [اليه]، وبعضه بتكثيف مسام التحلل. واذا لم يجد
2
تحللًا سالت الى اطراف الدماغ. ويجب ان تكون الأغذية جيدة الكيموس، معتدلة،
3
باردة، رطبة. وسائر التدبير <كله> كذلك. ومادام بثرًا أنضج وعولج علاج القروح؛
4
فاذا تقرح استعمل عليه اولًا الأضمدة القابضة الجالية: مثل السفرجل، والعدس مطبوخين
5
بعسل، ومثل نور الرمان، والزيتون، ومح البيض، والزعفران، او رمان مز مطبوخ مع
6
يسير من الخل، وماء الحصرم مهرًا، ثم يتخذ ضمادًا. وان احتمل قطر فى العين مع نشا
7
ونحوه. فاذا صار خرقًا عالج بعلاج الخرق.
8
وأما النملى فيعالج: بالمائعات القابضة، والتكميد بالخل، والماء، والخمر
9
العفص، او بماء اغلى فيه ورد؛ ويكحل بالشيافات القابضة. ومن النافعة فيها:
10
عصارة ورق الزيتون، وعصارة عصا الراعى. ومن الأدوية المفردة القابضة: السنبل،
11
والورد، والرصاص المحرق، والقيموليا، والطين المختوم، والإسفيذاج. ومن
12
الأكحال عفص جزآن، كحل عشرة اجزاء. ومن الشيافات "شياف حنون"، واغردينون،
13
وبادرطيون، ودنانلياس، والشياف العربى، ولما هو [اقوى] شياف بردنطوسلين،
14
واذا قطر فيها شياف عصب، ونام مستلقيًا.
15
|208rb37|شياف قوى لذلك
16
رماد المسبك الذى يخلص فيه النحاس، والزعفران، والنشاء، والكثيراء، و
17
يعجن بياض بيض دجاج بيض من يومه؛ وربما جعل فيه الحجر اليمانى.
18
شياف جيد
19
وهو شياف بادربيون ينفع من جميع انواع البثور: يوخذ كحل محرق مغسول اربعة
20
مثاقيل، اسفيداج محرق مغسول ستة، حضض هندى ستة عشر، سنبل ثمانية، اقاقيا اصفر
21
عشرون مثقالًا، جندبيدستر ستة، صبر مثله، صمغ عشرون مثقالًا يسحق بماء المطر و
22
يشيف. واعلم ان الواجب عليك اذا اخذت القرحة فى النتوء ان تلزم العين الرفادة، و
3-177
1
الإستلقاء. وأما المسمارى فلا علاج له. وقوم لأجل الحسن يقطعون النواتى من الموسرجات؛
2
والأصوب ان لا [يقطع ولا] يحرك؛ فربما انصبت المادة، وانتقلت الى العين
3
الأخرى.
4
|208va36|فصل فى البثور فى العين
5
ما كان على القرنية يكون الى البياض، وما كان على الملتحمة يكون الى الحمرة.
6
علاجه: الفصد، ويقطر الدم فى العين على ما يذكر فى باب الطرفة، وتضميد
7
العين بصوفة مغموسة فى بياض البيض مضروبًا بالخمر، ودهن الورد، ويقطر لبن نقع فيه
8
بزر المرو، وشياف الآبار، وشياف حافيون.
9
|208va47|فصل فى المدة تحت الصفاق
10
هذه مدة تحتبس تحت القرنية إما فى العمق، وإما فى القرب، ويشبه موضع
11
القرنية الظفرة. واذا تاكلت معه شظية سمى قلقطانا.
12
العلاج: قال بولس: يعالج بمثل شراب العسل، وعصارة الحلبة [اذا ازمن
13
وغلظ] وشياف الكندر، اويفتح باكليل الملك، ولعاب بزر كتان، والفجل الرطب
14
المطبوخ ان لم يمنع رمد، وينقى مثل شياف المر، والشاهترج. فان لم تكن قرحة استعملت
15
هذا الشياف: قلقديس، زعفران اوقية اوقية، مر درهم ونصف، عسل رطل. و
16
أيضًا: دواء المغناطيس المتخدة للظفرة. وأيضًا: دواء طين شاموس المذكور
17
فى باب النفخات.
18
|208vb7|فصل فى السرطان فى العين
19
اكثره يعرض فى الصفاق القرنى.
20
علامته: وجع شديد، وتمدد فى عروق العين، [ونخس قوى يتعدى الى
21
الأصداغ؛ وخصوصًا كما يتحرك صاحبه، وحمرة فى صفاقات العين]، وصداع، و
22
سقوط شهوة الطعام، والتالم بكل ما فيه حرارة. وهو مما لا يطمع فى برئه، وان طمع
23
فى تسكينه. وليس يوجع السرطان فى عضو من الأعضاء كايجاعه اذا عرض فى العين.
24
واستعمال الأدوية الحادة مما يوذى صاحبه، ويثير وجعًا لا يطاق.
3-178
1
العلاج: ان لم يكن بد من علاجه فليكن الغرض: تسكين الوجع بان ينقى البدن،
2
وناحية الرأس من الخلط [العكر]، ويغتذى بالأغذية الجيدة الكيموس الحنطية التى
3
لا تسخين فيها. وشرب اللبن نافع منه. ويجب ان يستعمل فيه بياض البيض مع اكليل
4
الملك، وشىء من زعفران، والشياف الأبيض، وكل شياف يتخذ من مثل النشا، و
5
الإسفيذاج، والصمغ، والأفيون، وجميع اللاتى تقع فيه سائر الملينات، والمخدرات،
6
واشياف سمرديون، وشياف مامون، والقيروطى المتخذ من مح البيض، ودهن الورد.
7
|208vb32|فصل فى الغرب وورم الموق
8
انه قد يخرج فى موق العين خراج: فربما كان صلبًا؛ يتحرك باللمس، و
9
لا ينفجر، ويكون من جنس الغدد. واكثر عادته ان يرى نتوأً فى الموق، ويزلق بالغمز،
10
ويوجع غمزه، ويكثر معه الرمد. وربما كان خراجًا بثريًا يجتمع وينفجر. و
11
اذا انفجر فعل ناصورًا فى اكثر الأمر. ويشتركان فى كل واحد منهما يتزعزع تحت المس،
12
ويغيب بالغمز، [وينتو] بالترك. وربما كان جوهر هذا البثر، ونتوءه فى الغور؛ فلا
13
يظهر نتوءه من خارج؛ ولكن تدل عليه الحكة. وربما اصابته اليد عند الغمز البالغ.
14
والغرب ناصور يحدث فى موق العين الانسى؛ واكثره عقيب خراج، وبثر يظهر
15
فى الموضع، ثم يصير ناصورًا. وذلك الخراج قبل ان ينفجر يسمى اخيلوس؛ ولان ذلك
16
العضو رقيق الجوهر يودى من باطنه الى ظاهره كالجوبة يحدها من جانب عظم الأنف،
17
و من جانب المقلة. واذا انفجر ترك بعدًا، وعسر إلتئامه؛ لان العضو رطب، ومع
18
رطوبته يتحرك دائم الحركة، وكذلك ما يصير ناصورًا. وربما كان انفجاره الى [خارج،
19
وربما كان انفجاره الى داخل يمنة ويسرة، وربما كان انفجاره الى الجانبين جميعًا.
20
وكثيرًا ما يتطرق انفجاره الى] الأنف فيسيل اليه. وقد يبلغ خبث صديده العظم فيفسده،
21
ويسوده، ثم يوكله؛ ويفسد غضاريف الجفن، ويملأ العين مدة تخرج بالغمز.
22
العلاج: الغرب مرض مزمن، وأخفه الحديث. ويعالج الحديث منه بأدوية
23
سهلة نذكرها. وأما المزمن فان علاجه الحقيقى: هو الكى الذى نصفه، اوما يقوم
24
مقامه؛ مثل الديك برديك [يبدأ فيحك الناصور بخرقة، ثم يتخذ فتيلة بديك برديك]. ويحشى.
25
و[قد] زعم بعضهم انه اذا نقى واخذ عنه للحم الميت، وغمست قطنة فى ماء الخرنوب
3-179
1
النبطى، وجعلت فيه، نفعت نفعًا شديدًا. وان اريد استعمال دواء غير الكى فافضله:
2
ان يعصر حتى يخرج ما فيه، ثم يغسل بشراب قابض يقطر فيه؛ فان كان قليلًا لا يخرج
3
ترك يومين وثلثة معصوبًا، حتى يجتمع شىء له قدر، ثم يعصر، ثم يقطر فيه شياف الغرب
4
الذى نسبه محمد بن زكريا إلى نفسه، وخصوصًا المذوب منه فى ماء العفص. وافضل
5
التقطير أن يقطر قطرة بعد قطرة بين كل قطرتين ساعة. ومن افضل تدبيره: ان يسبر غوره
6
بميل؛ ثم يلف على الميل قطنة تغمس فى الأدوية، ويجعل فيه، سواء ان كان الدواء
7
سيالًا، أو ذرورًا. ويجب اذا استعمل الدواء ان يشد بعصابة، ويلزم السكون.
8
ومن الشيافات المجربة: أن يوخذ زرنيخ أحمر، وزاج، وذراريح، وكلس،
9
ونوشادر، وشب اجزاء [سواء] تجمع [سحقًا] ببول صبى، وييبس، ويستعمل يابسًا.
10
وقد ينفع فى ابتداءه، وقبل الإنفجار: ان يجعل عليه زاج، ويجعل عليه أشق، وميويزج،
11
وكذلك الجوز السنخ، وكل ما هو قوى التحليل. واذا سحق ورق السذاب البستانى
12
بماء الرماد، وجعل على اخيلوس قبل بلوغه العظم، وبعده؛ يدمله ويصلح اللحم؛ لكنه
13
يلذع فى أول وضع ثم لا يلذع. واذا صار غربًا فاعلم أن القانون فيه: ان ينقى أولًا،
14
ثم يعالج. ومما ينقيه ان يوخذ <من> [غرقى] القصب الموجود فى باطنه، وخصوصًا
15
القريب من أصله الذى له غلظ ما، ويغمس فى العسل، ويلزم الغرب فينقيه، ثم يغسل
16
الموضع باسفنج مغموس فى ماء العسل. وربما اتبع ايداعه غرقى القصب يابسًا وحده،
17
بلا دواء آخر مجفف فيكفى.
18
ومن المجربات للغرب: شياف ماميثا، وزعفران بماء الطلحشقوق، ولا يزال
19
يبدل. ومنها ان يسحق الحلزون بجرمه، ويخلط به مر، وصبر، ويستعمل. وهو
20
مما ينتفع به فى العلة. وهى بعد تبثره، ولم يجتمع. وقد ينتفع به فيه وهو قرحة.
21
ومنها ودع محرق، وزعفران، وطرخشقوق يابس بماء السماق المشمس. ومن العجب
22
فيه: ورق السذاب بماء الرمان؛ ويجعل عليه. ومن خصوصيته أنه يمنع ان يبقى <له>
23
اثر فاحش. ويجب ان لا يبالى بلذعه. ومما يفجر الخراج [الحارج]: ضماد من خبز
24
مع بزر مرو، أوكندر بلبن امرأة، اوزعفران بماء الجرجير، او مر بثلاثة صمغ أعرابى يعجن
3-180
1
بمرارة بقر، ويلزق عليه، ولا يحرك حتى يبرئه. من أدوية الغرب أن تتخذ فتيلة من
2
زنجار معقود بالكور، والأشق. وزعمت الهند: ان الماش الممضوغ يبرئه. وزعم
3
بعضهم: ان المر وحده يبرئه؛ اذا وضع عليه. ومن الذرور المجرب فيه: أن يوخذ
4
عروق جزء، نانخواه ثلثا جزء، يسحقان ذرورًا؛ ويذران فيه. وأيضًا الدواء المركب من
5
برادة نحاس، وشب، ونوشادر نافع له مبرئ.
6
ومن الأدوية النافعة: ان يوخذ زاج، وصبر وانزروت، وقشور الكندر محرقًا،
7
وماميثا اجزاء سواءً؛ ويجعل فى المأق. والصبر وحده مع قشار الكندر أيضًا. ويتامل
8
الأدوية المذكورة فى الانقراباذين؛ وخصوصًا الدواء الحاد الأخضر، ويتامل الواح الأدوية
9
المفردة. واذا بلغ العظم ولم ينتفع بالأدوية فلا بد من شقه، والكشف عن باطنه،
10
واخذ اللحم الميت؛ ان كان حتى يبلغ العظم، ثم تدبيره بعد ذلك على ثلاثة أوجه:
11
ان كان العظم صحيحًا حك سواد ان ظهر به، وملىء دواء من الأدوية المدملة،
12
وشد، وترك مدة. وان كان الامر أعظم من هذا فلا بد من كى. وربما احتيج الى
13
أن يثقب العظم الفاسد ثقبًا نافذًا، ويقصد بذلك ان يكون اغور ما يكون فى اسفل الجوبة
14
لا يميل إلى الأنف، ولا يميل إلى العين، فتشيل الملتحمة، [بل] إلى جانب الأنف
15
فى الغور، حتى اذا ثقب الموضع ثقبًا واحدًا، او ثلاثة ثقوب صغار، ونفذ، وسال
16
الدم إلى ناحية الفم، والأنف؛ يكوى حينئذ كية بالغة مع تقية ان يصيب ناحية المقلة.
17
بل تجب أن تضبط المقلة ضبطًا بالغًا؛ ثم يكوى؛ وتذر فيه الأدوية، ويعصب. وربما
18
اغنى الكى عن الثقب، وليقتصر عليه ما امكن. والدواء الراسى من الأدوية الجيدة فى
19
ذلك. ويجب اذا كوى وذر عليه الدواء ان يوضع على نفس العين اسفنج مبلول بماء
20
مبرد، أوعجين دقيق [مبرد] بالثلج؛ [اسرع عجين مبرد بالثلج] كلما كاد ان يسخن بدله.
21
|209va3|فصل فى زيادة لحم الموق ونقصانه
22
قد تعظم هذه اللحمة حتى تمنع البصر. وقد تنقص جدًا حتى تختفى حتى لا
23
تمنع الدمعة. واكثره عند خطأ الطبيب فى قطع الظفرة.
24
<العلاج>: أما الزيادة: فتعالج بأدوية يسيرة، ولا يستاصل؛ فيحدث الدمعة.
25
وأما النقصان الحادث عن القطع فلا علاج له. فان كان من جهة أخرى فربما امكن
26
ان يعالج بالأدوية المنبتة للحم التى فيها قبض، وتجفيف كالأدوية المتخذة [من
27
الماميثا، والزعفران، والصبر بالشراب. والأدوية المتخذة] بالصبر، [والبنج بالشراب، و
3-181
1
الصبر وحده اذا ذر على الموق نفع]. والشراب نفسه نافع؛ خصوصًا اذا طبخ فيه ماله
2
قوة مقبضة.
3
|209va20|فصل فى البياض فى العين
4
اعلم ان البياض فى العين منه رقيق، حادث فى السطح الخارج يسمى الغمام.
5
ومنه غليظ يسمى البياض مطلقًا [كلاهما يحدثان عن اندمال القرحة، او البثرة اذا
6
انفجرت واندملت].
7
العلاج: أما الرقيق منه الحادث فى الأبدان الناعمة: فيجب ان يدام تبخيره
8
بالمياه الحارة، والإستحمام بالماء الحار؛ ثم يستعمل اللحس دائمًا. وقد ينفعه عصارة
9
شقائق النعمان، وعصارة قنطوريون الدقيق. وأيضًا عروق جزء، نانخواه ثلثا جزء يتخذ منه ذرورًا.
10
وأقوى منه أنزروت، سكر طبرزد، زبد البحر، زراوند، بورق يكتحل به. ومما ينفع منه
11
كحل اسطوماخس، وكحل الآبار القوى، واصطفطيقان، وطرخماطيقون. وأما [البياض]
12
المزمن الغليظ، والكائن فى ابدان غليظة: فيجب ان يستعمل تليين البياض بالتبخيرات،
13
والإستحمامات المذكورة. ويكون الشيافات المذكورة التى يكتحل بها مدوفة فى ماء
14
الوج، أو فى ماء الملح الدرانى المحلول، ومكتحلًا بها فى الحمام. فان لم تنجع الحمامات
15
استعمل الإكتحال بالقطران مع نحاس محرق يتخذ منهما كالشياف. وأيضًا شياف قرن
16
الإيل. وأيضًا الإكتحال ببعر الضب وحده، أو مع مشحقونيا، ونحاس محرق، او [مع]
17
ملح درانى مقلو. واقوى من هذا خرء الخطاطيف بشهد او بعسل، او زبل سام أبرص،
18
يكتحل به بكرة، وعشية. ومما هو معتدل: شيح محرق، مع سرطان بحرى، وقليميا
19
الذهب.
20
واذا كان للبياض تقعير استعمل ماميران، وأشج، ومر، وبعر الضب سواءً.
21
ودواء المغناطيس المذكور فى باب الظفرة. وقد يستعمل اصباغ <الأثر> بصبغ البياض؛
22
منها ان يوخذ المتساقط من ورد الرمان الصغار، وقاقيا، وقلقديس، وصمغ من كل واحد
23
أوقية، إثمد ثلاثة دراهم، عفص مثله، يذاب بالماء. فان لم يوجد ورد الرمان فقشره،
24
اواقماعه، او الغشاء الشحمى الذى بين حبه. وأيضًا عفص، وقاقيا من كل واحد درهمان،
25
قلقديس درهم؛ يتخذ منه صبغ. ومن الأصباغ كحل بهذه الصفة: رصاص محرق
3-182
1
مغسول، وزعفران، وصمغ [من كل واحد مثقالان]، ورماد بيوت سبك النحاس مغسولًا
2
بماء المطر [مثقالان، توبال النحاس مغسولًا نصف مثقال، ويستعمل منه. كحل آخر
3
جيد فى الغاية: قلقطار، عفص اخضر،] من كل واحد اربعة مثاقيل. يحل بالماء و
4
يستعمل دفعات كثيرة. آخر: عفص جزء، قاقيا جزء، قلقند نصف جزء يسحق بماء شقائق
5
النعمان.
6
|209vb15|فصل فى السبل
7
السبل غشاوة تعرض للعين من انتفاخ عروقها الظاهرة فى سطح الملتحمة، و
8
القرنية، وانتساج شىء فيما بينها كالدخان. وسببه إمتلاء تلك العروق؛ إما عن مواد
9
يسيل إليها من طريق الغشاء الظاهر، او من طريق الغشاء الباطن لإمتلاء الرأس، وضعف
10
العين. وقد يعرض من السبل حكة، ودمعة، وغشاوة، وتأذ من ضوء الشمس، وضوء
11
السراج، فيضعف البصر فيها؛ لانه متأذ قلق فيوذيه ما يحمل عليه. وقد يعرض للعين
12
السبلة: ان يصير أصغر، وينقص جرم الحدقة. والسبل من الأمراض التى تتوارث وتعدى.
13
العلامات: علامة السبل الذى مبدأه الحجاب الخارج: ما ذكرناه مرارًا من
14
درور العروق الخارجة، وحمرة الوجه، وضربان شديد فى الصدغين، وفى عروق القرنية.
15
وعلامات الأخر ما تعرفه مما هو خلاف هذا مما قد بين لك فى القانون.
16
علاجه: يجب ان يهجر معه جميع ما يهجره صاحب النوازل إلى العين، ومما
17
ذكرناه، ولا نعيده الآن. وان يستعمل من الإستفراغات، والمنقيات ما ذكرناه، وان
18
يجتنب الأدهان، والأضمدة على الرأس. والسعوط فقذ ذكر فيه أيضًا. وأنا لا أرى بأسًا
19
باستعماله اذا كان الرأس نقيًا. وقد رخص جالينوس فى سقيه شرابًا، وتنويمه عقيبه
20
اذا كان نقيًا؛ ولا مادة فى بدنه، ورأسه. ويشبه ان يكون هذا موافقًا فى السبل الخفيف،
21
والقوى منه لا يستغنى فيه عن اللقط. وأحسن اللقط ان ينفذ خيوط كثيرة تحت العروق،
22
فاذا استوفيت جذبت الى فوق <و إلى اسفل> [ليشيل] السبل ثم يلقط بمقراض حاد
23
الرأس لقطًا لا يبقى منه شيئًا، [اذ لو ابقى شيئًا لرجع الى ما كان، بل اردأ] ثم يستعمل
24
تدبير منع الإلتزاق المذكور فى باب الظفرة.
25
واذا وجعت العين من تاتى اللقط، لم يقطع عنها صفرة البيض فذلك شفاءه.
26
وبعد ذلك يستعمل الشياف الأحمر، والأخضر؛ ليحلل بقايا السبل، وينقى العين.
3-183
1
وأجود الأوقات للقط الربيع، والخريف؛ ولكن بعد التنقية، والإستفراغ؛ وإلا أمال
2
الوجع الفضول إلى العين.
3
وأما الأدوية [النافعة] من السبل فانما [تنفع] الحديث [منه] فى الأكثر. فمما جرب:
4
قشر البيض الطرى كما يسقط من الدجاجة يغلى فى الخل عشرة أيام، ثم يصفى، ويجفف
5
فى كن، ويسحق ويكتحل به. ومما جرب فى كحل العين بالرمادى مضافًا إليه [مثله]
6
مرقشيشا. ومما جرب كحل العين ببول ترك فيه برادة نحاس قبرسى يومًا. ومن المركبة:
7
شياف اصطفطيقان، والأحمر اللين، والأحمر الحاد، والأخضر، وطرخميطيقان، وشياف
8
روسختج. ودواء مغناطيس، المذكور جميع ذلك فى انقراباذين، وشياف الشب، و
9
الجلنار. واذا قارن السبل جرب فقد جرب له شياف السماق وحده. وربما جعل فيه
10
قليل انزروت، او صمغ، ويكتحل به؛ فانه يقطع السبل ويزيل الجرب.
11
|210ra28|فصل فى الظفرة
12
هى زيادة من الملتحمة، او من الحجاب المحيط بالعين، يبتدئ فى اكثر الأمر
13
من الموق، ويجرى دائمًا على الملتحمة، وربما غشيت القرنية؛ وتعدت [عليها] حتى
14
تغطى الثقبة. [ومنها ما هو أصلب]؛ ومنها ما هو ألين. وقد يكون اصفر اللون؛ وقد
15
يكون احمر اللون؛ وقد يكون كمد اللون. ومن الظفرة ما مجاورته الملتحمة، مجاورة
16
إلتزاق، وهو ينكشط بسرعة، وبأدنى تعليق. ومنه ما مجاورته مجاورة اتحاد؛ وتحتاج
17
إلى سلخ.
18
العلاج: افضل علاجه: الكشط بالحديد، وخصوصًا لما لان منه. وأما الصلب:
19
فان كاشطه اذا لم يرفق أدى إلى ضرر. ويجب ان يشال بالصنارات. فان تعلق سهل
20
قرضه، وان امتنع سلخ بشعرة، او ابريسم ينفذ تحته بابرة، او باصل ريشة لطيفة. و انما
21
يحتاج إلى ذلك فى موضع، أو موضعين. فان لم يغن احتاج إلى سلخ لطيف بحديد
22
غير حاد. ويجب ان يستاصل ما امكن من غير تعرض للحمة الموق؛ فيعرض الدمعة،
23
واللون يفرق بينهما. واذا قطعت الظفرة قطر فى العين كمون ممضوغ بملح، ثم يتلافى
24
لذعه بصفرة البيض، ودهن الورد، والبنفسج. فاذا لم يستعمل تقطير الكمون الممضوغ
25
بالملح، التزقت الملتحمة بالجفن. ولذلك يجب أيضًا ان يقلب المريض الحدقة كل
26
وقت. ثم [بعد ثلاثة ايام] يستعمل الشيافات الحارة ليستأصل البقية.
3-184
1
وأما استعمال الأدوية <العنيفة> عليه، فالأمر لا كثير غناء له فيما غلظ من الظفرة،
2
ومع ذلك فانها لا تخلو من نكاية الحدقة لحدتها؛ فانه لا بد ان يكون شديدة الجلاء،
3
مخلوطة بالمعفنة. ومن الأكحال المجربة له: شياف طرخماطيقون، وقلقطارين، و
4
شياف قيصر وباسليقون الحاد، وروشنائى، ودينارجون. وهذه كلها مكتوبة فى انقراباذين.
5
وقد جرب له: ان يوخذ نحاس محرق، وقلقديس، ومرارة التيس، اجزاء سواءً، و
6
يتخذ منه شياف. وأن يوخذ قلقديس، وملح درانى جزء جزء، صمغ نصف جزء يشيف
7
بالخمر، اونحاس محرق، وقلقند، وقشور أصل الكبر، ونوشادر، ومرارة التيس،
8
أو البقر مع عسل، او عسل وحده مع مرارة ماعز، أو مغناطيس، وزنجار، ومغرة، و
9
أشق من كل واحد جزءان، زعفران جزء للاوقية من <كل> ذلك، قوطولى عسل. و
10
أيضًا قلقند، ونوشادر <و مرارة التيوس> يتخذ منه كحل فهو عجيب <جدًا>.
11
ومما جرب للظفرة وهو يقرب من تاثير الكشط: أن يوخذ خزف الغضار،
12
ويحك عنه التغضير، ويسحق [سحقًا] ناعمًا، وبعد ذلك يخلط بدهن حب الخروع،
13
ويسحقان معًا ثم يدخل ميل فى جلد، ويوخذ به الدواء، ويحك به الظفرة دائمًا كل يوم
14
مرارًا؛ فانه يرققها، ويذهب بها. ويجب ان يكب قبل استعمال الأدوية على بخار ماء حار
15
حتى يسخن العين، ويحمر الوجه، أو يدخل الحمام. وقد ينفع فى الظفرة الخفيفة:
16
ان يسحق الكندر، وينقع فى ماء حار حتى ياتى عليه ساعة، ويصفى، ويكحل به؛ نافع
17
ان شاء الله.
18
|210rb36|فصل فى الطرفة
19
هو نقطة من دم طرى أحمر، أو عتيق مائت، أكهب أو أسود قد سال عن بعض
20
العروق المنفجرة [فى العين بضربة مثلًا، اوبسب آخر مفجر للعروق] من امتلاء، وورم
21
حتى يعتق فيه. ومن جملته الصيحة، والحركة العنيفة. وربما كان عن غليان الدم
3-185
1
فى العروق. وربما حدث عن الطرفة الضربية خرق دقيق فى الحدقة. والذى فى
2
الملتحمة من الخرق أسلم.
3
العلاج: يقطر عليه دم الحمام، أو الشفانين، والفواخت، والوراشين، وخاصة
4
من تحت الريش. فان كان فى الإبتداء خلط به شىء من الرادعات؛ مثل طين قيموليا،
5
والطين الأرمنى. وأما فى آخره فيخلط بالمحللات؛ حتى الزرنيخ مع الطين المختوم.
6
وقد يعالج بلبن امرأة مع كندر، والماء المالح، وخصوصًا المدوف فيه ملح درانى [او
7
نوشادر] وخصوصًا اذا جعل فيه ذلك مع الكندر، قطر على العتيق منه. وشياف دينارجون
8
نافع جدًا. ودواء متخذ من حجر الفلفل، والأنزروت اجزاء سواءً، زرنيخ مثل الجميع.
9
وقد يخلط بذلك ملح اندرانى، ويتخذ منه شياف.
10
وقد يضمد من خارج بقلى محرق بالخمر، أو بالخل. وكذلك ذرق الحمام بخل،
11
أو بخمر، أوزبيب منزوع العجم ضمادًا وحده؛ او بخل، وبسائر ما قيل؛ وخصوصًا
12
اذا كان ورم. وكذلك الجبن الحديث، والقليل الملح، والجبن الحديث، وقشر الفجل،
13
واكليل الملك مع دم الأخوين، أو أصل السوسن. وزعفران، وعدس، بدهن الورد،
14
وصفرة البيض. والإكباب على ماء طبخ [فيه زوفا، وسعتر اوالتكميد به، اوخل طبخ]
15
فيه رماد، أو نقيع اللبان مع صبر، او ماء عصفر [برى]، أو نقيع الزعفران، او ماء طبخ
16
فيه بابونج، واكليل الملك، او عصارتهما، أو سلاقة ورق الكرنب، او التضميد بورق
17
الكرنب مطبوخًا مدقوقًا. وللقوى المزمن خردل؛ مخلوط بضعفه لحم التين ضمادًا أو زرنيخ
18
محكوك بلبن، اورماد مطبوخ فى شراب يضمد به، أو نانخواه، وزوفا؛ بلبن البقر.
19
فان حدث مع الطرفة خرق فى الملتحمة مضغت الملح، والكمون، وقطرت الريق
20
فيه. وورق الخلاف نافع منه جدًا اذا ضمد به.
21
|210va27|فصل فى الدمعة
22
هذه العلة هى ان تكون العين دائمًا رطبة برطوبة مائية. فربما سالت دمعة، ومنه
23
<ما> مولود، ومنه عارض. ومن العارض لازم فى الصحة، ومنه تابع للمرض؛ ان زال
24
زال؛ كما يكون فى الحميات. والسبب فى العارض ضعف الهاضمة، او الماسكة
25
المنضجة، او نقصان فى الموق فى الطبع، او بسبب استعمال دواء حاد، او عقيب
26
قطع الظفرة. ومبدأ تلك الرطوبات الدماغ، ويسيل منه إلى العين فى احد الطريقين
27
المتكرر ذكرهما مرارًا. وما كان مولودًا، او مع استيصال قطع الموق؛ فلا يبرأ.
3-186
1
وسيلان الدمع إن يكن فى الحميات والأمراض الحادة؛ ويكون بلا علة؛
2
فيكون لآفات دماغية، واورام دماغية؛ وقد يعرض فى الحميات السهرية فى حميات
3
اليوم. وأما فى حميات العفنية الدموية؛ فيكثر سيلان الدمع فى التمدد. وهذا كله
4
من جنس ما هو عارض، سريع الزوال، تابع لمرض ان [زال] زال معه.
5
العلاج: القانون فى علاجها: استعمال الأدوية المعتدلة القبض. فأما الكائن
6
عقيب قطع الظفرة، او تاكيلها بدواء؛ فعلاجه: الذرور الأصفر، واقراص الزعفران،
7
وشياف الصبر، وشياف الزعفران بالبنج. وأن يكحل على الماق نفسه بالكندر
8
أو بدخانه خاصة، وبالصبر، والماميثا، والزعفران. وان كانت قد فنيت،
9
واستوصلت؛ فلا تنبت البتة. والكائن لا عن قطع الظفرة؛ فالتوتيا، و
10
الأكحال التوتيائية خاصة الكحل التوتيائى المذكور فى باب البياض. والشيافات اللزجة
11
كلها كشياف الأبيض الأنزروتى، وشياف اصطفطيقان، وبسائر ما ذكر فى انقراباذين.
12
ومما جرب فيها: الدواء المتخذ من ماء الرمان الحامض بالأدوية، وصفته:
13
ان يطبخ الرطل منه على النصف، ثم يلقى فيه صبر اسقوطرى، وحضض، وفيلزهرج،
14
وزعفران، وشياف ماميثا، من كل واحد مثقال، مسك دانقان، ويشمس اربعين يومًا
15
فى زجاج مغطى. ومما جرب فيه دخول حمام على الريق، والمقام فيه، وتقطير الخل،
16
والماء فى العين كثيرًا. وأما المولود منه فعسير؛ ما يقبل العلاج بسرعة.
17
|210vb21|فصل فى الحول
18
قد يكون الحول لإسترخاء بعض العضل المحركة للمقلة؛ فيميل عن تلك الجهة إلى الجهة
19
المضادة لها. وقد يكون من تشنج بعضها؛ فتميل المقلة إلى جهتها. وكيف كان
20
فقد يكون عن رطوبة. وقد يكون عن يبوسة؛ كما يعرض فى الأمراض الحادة. وما يكون
21
السبب فيه تشنج العضل؛ فانما يكون عن تشنج العضل المحركة؛ فان تشنجها هو الذى
22
يحدث فى العين حولًا، وآفة. وأما تشنج العضل الماسكة فى الأصل فلا تظهر آفة؛ بل
23
ينفع جدًا.
24
وكثيرًا ما يعرض الحول بعد علل دماغية؛ مثل الصرع، وفرانيطس، والسدر،
25
ونحوه للإحتراق، واليبس، او لإمتلاء أيضًا. واعلم ان زوال العين إلى فوق، وأسفل؛
26
هو السبب فى روية الشىء شيئين . وأما الى الجانبين فلا يضر البصر ضررًا يعتد به.
27
العلاج: أما المولود [منه] فلا يبرأ اللهم إلا فى حالة الطفولية الرطبة جدًا؛
28
فربما رجى ان يبرأ، خصوصًا اذا كان حادثًا؛ فينبغى فى مثله: أن يسوى المهد، ويوضع
3-187
1
السراج فى الجهة المقابلة لجهة الحول؛ ليتكلف دائمًا الإلتفات نحوه. وكذلك ينبغى
2
ان يربط خيط أحمر بشىء يقابل ناحية الحول، اويلصق شىء احمر عند الصدغ المقابل،
3
والأذن. وكل ذلك بحيث يلحقه فى تامله، وتبصره ادنى كلفة. فربما نجع ذلك التكليف
4
فى تسوية العين، وارسال الدم مما يجعل النظر مستقيمًا. وأما الذى يعرض لهم ذلك
5
بعد الكبر، وللمشايخ، ويكون سببه استرخاء، او تشنج رطب؛ فيجب ان يستعملوا
6
تنقية الدماغ بالإستفراغات التى ذكرت بالأيارجات الكبار ونحوها، و يلطفوا التدبير،
7
ويستعملوا الحمام المحلل.
8
ومن الأدوية النافعة فى الحول: ان يسعطوا بعصارة ورق الزيتون. فان كان
9
عروضه عن تشنج من يبس؛ فيجب ان يستعملوا النطولات المرطبة. واذا لم تكن حمى
10
سقوا لبن الأتن مع الأدهان المرطبة جدًا. وبالجملة يجب ان يرطب تدبيرهم، ويجب
11
ان يقطر فى العين دم الشفانين، وان يضمد ببياض البيض، ودهن الورد، وقليل
12
شراب. يفعل ذلك أيامًا.
13
|211ra10|فصل فى الجحوظ
14
قد يقع الجحوظ: إما لشدة انتفاخ المقلة لثقلها، وامتلاءها. وإما لشدة انضغاطها
15
إلى خارج. وإما لشدة استرخاء علاقتها، والعضلات الحافظة لعلاقتها المذكورة.
16
والواقع لشدة انتفاخ المقلة، وثقلها، وامتلاءها؛ فاما ان تكون المادة فى نفس العين
17
ريحية، أو خلطية رطبة. وربما كان الإمتلاء خاصًا بها. وربما كان بمشاركة الدماغ،
18
أو البدن؛ مثل ما يعرض عند احتباس الطمث للنساء. والذى يكون لشدة انضغاطها إلى
19
خارج؛ فكما يكون عند الخنق، وكما يكون عند الصداع الشديد، او كما يكون بعد القىء
20
<و الصداع>، والصياح، وللنساء بعد الطلق الشديد، والتزحر. وربما كان ذلك
21
مع مادة مالت إلى العين أيضًا اذا لم يكن النفاس نقيًا. وربما كان من فساد مزاج
22
الأجنة، أو موتها، او تعفنها.
23
وأما الكائن لإسترخاء العضلة: فلأن العضلة المحيطة بالعصبة المجوفة؛ اذا استرخت
24
لم تقل المقلة، ومالت إلى خارج. والجحوظ قد يكون من استرخاء العضلة فقط؛ فلا
25
يبطل البصر. وقد يكون مع انهتاكها؛ فيبطل البصر. وقد يجحظ العينان فى مثل الخوانيق،
26
واورام حجب الدماغ، وفى ذات الرئة؛ ويكون السبب فى ذلك انضغاط. وقد يكون
27
السبب فى ذلك امتلاء <العين> أيضًا. واكثر ما يكون مع دسومة ترى، وتورم فى القرنية.
3-188
1
العلامات: ما كان من مادة كثيرة مجتمعة فى الحدقة؛ فيكون هناك مع الجحوظ
2
عظم. وما كان من انضغاط؛ فربما كان هناك عظم ان اعانته المادة، وربما لم يكن
3
عظم. وفى الحالين يحس بتمدد دافع من خلف، ويعرف من سببه، وما كان
4
لإسترخاء العضلة؛ فان الحدقة لا تعظم معها، ولا يحس بتمدد شديد من الباطن، و
5
تكون الحدقة مع ذلك قلقة.
6
العلاج: أما الخفيف من الجحوظ: فيكفيه عصب دافع إلى باطن، ونوم
7
على الإستلقاء، وتخفيف غذاء، وقلة حركة، وادامة تغميض. فان احتيج إلى معونة
8
من الأدوية؛ فشياف السماق. وأما القوى منه: فان كان هناك مادة احتيج إلى تنقيتها
9
من البدن والرأس بما تدرى من المسهلات، والفصد، والحجامة فى الأخدعين،
10
والحقن الحادة. وبالجملة فان الإسهال من انفع الأشياء لأصنافه؛ وكذلك وضع
11
المحاجم على القفا. ويجب ان يدام التضميد فى الإبتداء بصوف مغموس فى خل،
12
وتنطيل الوجه بماء بارد، وماء ملح بارد؛ وخصوصًا مطبوخًا فيه القابضات مثل قشور الرمان،
13
والعليق، ومثل الخشخاش، والهندباء، وعصاالراعى. فان لم يكن عن امتلاء انتفع
14
[الجميع] بهذا التدبير فى كل وقت.
15
وان كان هناك امتلاء فيجب بعد الإبتداء ان تحلل المادة. وان كان عن
16
الإسترخاء فيجب ان يستعمل الأيارجات الكبار، والغراغر، والشمومات، والبخورات المعروفة؛
17
وبعد ذلك يستعمل القابضات المسددة. وأما الذى عند الطلق فان كان عن قلة سيلان دم
18
النفاس، أو فساد الجنين، فادر الطمث، واخرج الجنين. وان كان عن الإنضغاط
19
فقط فالقوابض. ومن الأدوية النافعة فى الجحوظ والنتو: دقيق الباقلى بالورد، والكندر،
20
وبياض البيض يضمد به. وأيضًا نوى التمر المحرق مع السنبل جيد للنتو، و
21
الجحوظ.
22
|211rb21|فصل فى غؤور العين [وصغرها]
23
يكون ذلك فى الحميات؛ وخصوصًا فى السهرية، وعقيب الإستفراغات، والأرق،
24
والهم، والغم. والأرقية منها يكون العين فيها نعاسية، ثقيلة، عسرة الحركة فى الجفن
25
دون الحدقة، وفى الغم ساكنة الحدقة. وقد يحكى انه عرض لبعض الناس اختلاف
26
الشقين فى برد شديد، وحر شديد؛ فيعرض للعين التى فى الشق البارد غوور، وصغر.
3-189
1
|211rb33|فصل فى الزرقة
2
ان الزرقة تعرض إما لسبب فى الطبقات، وإما بسبب فى الرطوبات. والسبب
3
فى الرطوبات انها ان كانت الجليدية فيها كثيرة المقدار، والبيضية صافية؛ وقريبة الوضع
4
الى خارج؛ ومعتدلة المقدار؛ او قليلته كانت العين زرقاء بسببها ان لم يكن من الطبقات
5
منازعة. وان كانت [الرطوبة كدرة، والجليدية قليلة، والبيضية كثيرة يظلم اظلام
6
الماء الغمر، او كانت الجليدية غائرة كانت] العين كحلاء. [والسبب فى الطبقات هو
7
فى العنبية فانها ان كانت سوداء كانت العين بسببها كحلاء]. وان كانت زرقاء صيرت
8
العين زرقاء.
9
والعنبية تصير زرقاء إما لعدم النضج من النبات؛ فانه اول ما ينبت لا يكون ظاهر
10
الصبغ؛ بل يكون إلى البياض؛ ثم انه مع النضج يخضر. ولهذا السبب تكون عيون
11
الاطفال زرقاء، وشهلاء، وهذه زرقة تكون عن رطوبة بالغة. وإما لتحلل الرطوبة التى
12
يتبعها الصبغ اذا كانت نضيجة جدًا مثل النبات عند ما يتحلل رطوبته؛ يأخذ يبيض.
13
وهذه زرقة عن يبس غالب. والمرضى يشهل أعينهم، والمشايخ لهذا السبب؛ لان
14
المشايخ تكثر فيهم الرطوبة الغريبة؛ ويتحلل الغريزية. وإما ان يكون لون وقع فى الخلقة
15
ليس لان العنبية صار اليها بعد ما لم يكن. [وقد يكون لصفاء الرطوبة التى منها خلقت].
16
وقد يكون لاحدى الآفتين اذا عرضت فى أول الخلقة، وتعرف ذلك بجودة البصر
17
وردائته.
18
فالزرقة منها طبيعية، ومنها عارضة. والشهلة "تجتمع من'' أسباب الكحلة،
19
واسباب الزرقة فيركب منها شىء بين الكحل، والزرقة وهو الشهلة. ولو كانت الشهلة
20
للنارية على ما ظنه أنباذقلس لكانت العين الزرقاء مضرورة لفقدانها المائية التى هى آلة
21
البصر. وبعض الكحل يقصر عن الزرق فى الأبصار؛ اذا لم يكن الزرقة لآفة. والسبب
22
فيه ان الكحل الذى يكون بسبب [كدورة] البيضية يمنع نفوذ أشباح الألوان بالبيان؛
23
لمضادته للإشفاف. ومثل الذى يكون لكدورة الرطوبة. وكذلك ان كان السبب كثرة
24
الرطوبة؛ فانها اذا كانت كثيرة أيضًا لم يجب إلى حركة التحديق، والخروج إلى قدام؛
25
اجابة يعتد بها.
26
واذا كانت العين زرقاء بسبب قلة الرطوبة البيضية كانت أبصر بالليل وفى الظلمة
27
منها بالنهار لما يعرض من تحريك الضوء للمادة القليلة؛ فيشغلها عن التبين؛ فان مثل
3-190
1
هذه الحركة تعجز عن تبين [الأشياء كما تعجز عن تبين] ما فى الظلمة بعد الضوء. وأما
2
لكحلاء بسبب الرطوبة فيكون بصرها بالليل أقل؛ بسبب ان ذلك يحتاج الى تحديق،
3
وتحريك للمادة إلى خارج. والمادة الكثيرة يكون أعصى من القليلة. وأما الكحلاء
4
بسبب الطبقة فتجتمع البصر أشد.
5
العلاج: قد جرب الإكتحال ببنج مجفف يطبخ فى الماء حتى يصير كالعسل؛
6
ويكتحل به. ويوخذ اثمد اصفهانى ثلاثة دراهم، لولو درهم، مسك دانق، كافور دانق،
7
دخان سراج الزيت، او الزنبق درهم، زعفران درهم، ويجمع الجميع بالسحق؛ ويستعمل.
8
والزعفران نفسه، ودهنه مما يسود الحدقة. وكذلك عصارة عنب الثعلب. او يوخذ
9
عصارة الحسك درهمان، عفص مسحوق درهم، دهن نوى الزيتون المسود على الشجر
10
درهم، دهن سمسم غير <المحرق> المقشر درهم، يطبخ بنار لينة حتى يسود ويكتحل
11
به؛ نافع عجيب.
12
ومما جرب: ان يحرق البندق ويخلط بزيت، ويمرخ يافوخ الصبى الأزرق.
13
وأيضًا يدخل الميل فى حنظلة رطبة، ويكتحل به حتى قيل ان ذلك يسود حدقة السنور، و
14
كذلك قشور الجلوز مسحوقة. او يوخذ أقاقيا ''جزء مع سدس جزء من عفص" يجمع بماء
15
شقائق النعمان، و عصارته؛ ويتخذ منه قطور. وكذلك عصارة البنج، وعصارة قشور
16
الرمان.
17
|211vb3|المقالة الثالثة
18
فى احوال الجفن وما يليه
19
|211vb5|فصل فى القمل فى الأجفان
20
مادة القمل رطوبة عفنة دفعتها الطبيعة إلى ناحية الجلد، والقوة المهيئة لتولدها
21
حرارة غير طبيعية. واكثر من يعرض له ذلك من كان كثير التفنن فى الأطعمة، قليل الرياضة،
22
غير متنظف، ولا يستعمل الحمام.
23
العلاج: تبدأ بتنقية البدن، والرأس، وناحية العين بما علمت؛ وخصوصًا
24
بغراغر متخذة من الخل، والخردل؛ ثم يستعمل غسل العين، ونطلها بماء البحر، و
25
المياه المالحة والكبريتية، ويلطخ شفر الجفن بدواء متخذ من الشب، ونصفه ميويزج.
26
وربما زيد عليه من الصبر، والبورق، من كل واحد نصف جزء. والأحسن ان يكون
27
ما يعجنه به خل العنصل. وأما الميويزج مع البورق فدواء جيد.
3-191
1
|211vb25|فصل فى السلاق وهو باليونانية أنبوسيما
2
السلاق غلظ فى الأجفان عن مادة غليظة، رديئة، أكالة، بورقية تحمر لها الأجفان،
3
وينتثر الهدب، ويودى إلى تقرح أشفار الجفن، و يتبعه فساد العين. وكثيرًا ما يحدث
4
عقيب الرمد. ومنه حديث، ومنه عتيق ردئ.
5
العلاج: أما الحديث فينتفع بضماد من عدس مطبوخ بماء الورد، أو بضماد البقلة الحمقاء،
6
والهندباء مع دهن الورد، وبياض البيض، يستعمل ذلك ليلًا؛ ويدخل الحمام بعده؛
7
أو يوخذ عدس مقشر، وسماق، وشحم الرمان، وورد، يعجن ذلك بميبختج ليلًا؛
8
ويستحم بكرة. وادمان الحمام من انفع المعالجات.
9
وأما العتيق المزمن فيجب فيه: ان يحجم الساق، ويفصد عروق الجبهة،
10
ويدام استعمال الحمام. وأما الأدوية الموضعية فمنها: ان يوخذ نحاس محرق نصف
11
درهم، زاج ثلاثة دراهم، زعفران درهم، فلفل درهم، يسحق بشراب عفص حتى يصير
12
كالعسل الرقيق؛ ويستعمل خارج الجفن. وأما الكائن عقيب الرمد فقد جرب له شياف
13
على هذه الصفة: زاج الحبر المحرق، وزعفران، وسنبل، من كل واحد جزء، شادنج عشرة
14
اجزاء؛ يشيف، ويحك به الجفن.
15
|211vb56|فصل فى جسأ الأجفان
16
هو ان يعرض للاجفان عسر حركة إلى التغميض عن انفتاحها، وإلى الإنفتاح عن
17
تغميضها مع وجع، وحمرة بلا رطوبة فى الأكثر. ويلزمه كثيرًا ان لا يجيب إلى الإنفتاح
18
عند الإنتباه عن النوم. واكثره لا يخلو عن تفاريق رمص يابس صلب، ولا يكون معها
19
سيلان إلا بالعرض؛ لانه عن يبس، اوخلط لزج مائل إلى اليبوسة جدًا؛ ولكن
20
قد يكون وجع وجمرة. وأما اذا كانت حكة بلا عادة تنصب اليها فتسمى يبوسة العين. و
21
كثيرًا ما يكون هناك مزاج حار، ومادة كثيرة غليظة تحتاج ان يستفرغ.
22
العلاج: يجب ان يدام تكميد العين باسفنجة مغموسة فى ماء فاتر، ويدمن
23
الإستحمام بالماء العذب المعتدل، ويوضع على العين عند النوم بياض البيض مضروبًا
24
بدهن الورد، ويدام تغريق الرأس بالمرطبات، والأدهان، والنطولات، والسعوطات
25
المرطبة بدهن البنفسج، والنيلوفر وغيره.
26
وان دلت الأحوال على ان مع اليبس مادة صفراوية؛ استسهل باللبلاب؛ فان فيه
27
خاصية. فان ظن ان هناك مادة <ما> غليظة، محتقنة تحتاج ان تحلل؛ حللت بلعاب الحلبة،
3-192
1
ولعاب بزر الكتان الماخوذين باللبن؛ فان هذين اذا جعلا على العين أزالا الجسأ؛ و
2
استفرغا الخلط الردئ. ومما جرب له شحم الدجاج، ولعاب بزر الكتان، وشمع،
3
ودهن الورد، يجعل عليه دائمًا. وفى الأحيان يستعمل ما يجلب الدموع مثل أشياف
4
اراسسطراطيس؛ فانه قد ينتفع فى المادى المزمن منه باستعمال الأكحال المدمعة؛
5
فانها تحلل المادة الغليظة وتسيلها، وتجلب من الرطوبات الرقيقة ''ما يليها، ويحللها".
6
|212ra38|فصل فى غلظ الأجفان
7
هو مرض يتبع الجرب. وربما أورثه الأطلية الباردة على الجفن. وعلاجه الأكحال
8
المتخذة من اللازورد، ومن الحجر الأرمنى، ومن نوى التمر محرقًا، ومن الناردين،
9
واستعمال الحمام دائمًا، واجتناب النبيذ. وقد يحك كثيرًا بالميل بالشياف الأحمر
10
اللين. وأما الحك بالسكر فربما هاج، وجرب.
11
|212ra48|فصل فى تهبج الأجفان
12
يقع لمواد رقيقة، وبخارات؛ ولضعف الهضم وسوءه؛ كما يكون فى السهر،
13
والحميات السهرية. وقد يكون فى اوائل الإستسقاء، وسوء القنية؛ ولأورام رطبة؛
14
مثل ذات الرئة، ومثل ليثرغس. فاذا حدث بالناقهين انذر كثيرًا بالنكس؛ وخصوصًا
15
اذا أطاف بها من سائر الأعضاء ضمور، وبقيت هى متهبجة، منتفخة. والعلاج قطع
16
السبب، والتكميد.
17
|212rb2|فصل فى ثقل الأجفان
18
قد يكون للتهبج، وأسبابه. وقد يكون لضعف القوة، وسقوطها؛ كما فى الدق.
19
وقد يكون للغلظ، وللشرناق، ونحوه. وقد يعرض ثقل، واسترخاء فى ابتداء نوائب
20
الحميات.
21
|212rb9|فصل فى إلتصاق الجفنين عند الموق وغيره
22
قد يعرض للجفن ان يلتصق بالمقلة إما بالملتحمة، وإما بالقرنية، وإما بكليهما.
23
وقد يكون فى احد جانبى الموق. وقد يكون إلى الوسط؛ كما قد يكون شاملًا. والسبب
3-193
1
فيه إما قروح حدثت، وإما خرق [من] الكحال؛ اذا لقط من المقلة سبلًا، او كشط ظفرة،
2
أو حك من الأجفان جربًا، ثم لم يكوه بالكمون، والملح، ونحوه ــ كما ذكرنا ــ كيًا بالغًا.
3
ولم يراع كل وقت ما يجب ان يراعى فيه حتى التصق.
4
<التدبير و> العلاج
5
ان كان عند الموق؛ فالأصوب ان ينكأ، ثم يعالج بعلاج الغرب، او يكحل
6
بباسليقون، وبالذرور البنفسجى، وادوية الظفرة، وخصوصًا الشياف الزرنيخى. و
7
ان كان مع البياض، والسواد؛ فعلاجه: علاج الظفرة.
8
|212rb22|فصل فى انقلاب الجفن وهو الشترة
9
اصنافه ثلاثة: احدها ان يتقلص الجفن، ولا يغطى البياض؛ وذلك إما خلقة،
10
وإما لقطع أصاب الجفن، ويسمى عين مثله العين الأرنبية. والثانى الصنف الوسط
11
وهو ان لا يغطى بعض البياض، ويسمى قصر الجفن. وسببه سبب الأول؛ الا أنه
12
أقل فى ذلك. والثالث وهو ان لا ينطبق الجفن الأعلى على الأسفل؛ وذلك يكون إما من
13
غدة، وإما من نبات لحم زائد كان؛ او ابتدأ، او تشنج عرض للجفن من قرحة اندملت
14
عليه لا يدع، ايها كان، الجفن الأعلى ان ينطبق على الأسفل. وقد يكون جميع ذلك
15
من تشنج العضل المطبقة للجفن.
16
العلاج: أما الذى عن قصر الجفن فعلاجه: ان يشق جلدته، ولايخاط ليطول
17
الجفن، ويندمل بعد نشوء مثل لحم جلدى. وهذا للصنف الأول، والثانى بالأكثر،
18
والأقل. وأما الذى عن غدة، ولحم زائد؛ فباخذهما بالحديد. وكذلك الذى عن
19
أثر قرحة اندملت مقصرة للجفن علاجه [بالحديد] ويفتق ويدمل، والذى عن تشنج
20
علاجه: علاج التشنج بنوعيه.
21
|212rb45|فصل فى البردة
22
هى رطوبة تغلظ، وتتحجر فى باطن الجفن، ويكون فى البياض يشبه البرد.
23
العلاج: يستعمل عليه لطوخ من وسخ الكوائر، وغيرها. وربما زيد عليه دهن
3-194
1
الورد، وصمغ البطم، وأنزروت؛ او يطلى باشق مسحوق بخل وبارزد، او حلتيت، وطلاء
2
اريباسيوس المذكور فى باب الشعيرة.
3
|212rb55|فصل فى الشعيرة
4
الشعيرة ورم مستطيل يظهر على حرف الجفن؛ يشبه الشعيرة فى شكله. ومادته
5
فى الأكثر دم غالب.
6
العلاج: يعالج بالفصد. والاستفراغ بالأيارج على ما يدرى. ثم يوخذ شىء من
7
سكبينج؛ ويحل بالماء، ويلطخ به الموضع؛ فانه جيد جدًا. وينفعه الكماد بالشحم
8
المذاب، أو دقيق الشعير، وقنة، اوجبن مسخن يردد عليه. والكماد بزيت الذباب،
9
والذباب المقطوف الرأس، أو بماء اغلى فيه الشعير، او دم الحمام، أو دم الوراشين،
10
والشفانين. او يوخذ بورق قليل، وقنة كبيرة فيجمعان؛ ويوضعان على الشعيرة، وطلاء
11
اريباسيوس هوان يوخذ من الكندر، والمر من كل واحد جزء، لاذن ربع جزء، شمع وشب،
12
وبورق أرمنى، من كل واحد نصف جزء يجمع بعكر دهن السوسن، ويطلى.
13
|212va19|فصل فى الشرناق
14
زيادة من مادة شحمية؛ تحدث فى الجفن الأعلى؛ يثقل الجفن عن الإنفتاح؛
15
ويجعله كالمسترخى؛ ويكون متلحجًا؛ ليس متحركًا تحرك السلعة. واكثر ما يعرض
16
للصبيان، والمرطوبين، والذين تكثر بهم الدمعة، والرمد. ومن علاماته انك اذا
17
كبست الإنتفاخ باصبعين؛ ثم فرقتهما؛ نتأ فى وسطهما.
18
العلاج: علاج اليد وصفته: ان يجلس العليل، ويمسك رأسه جذبًا إلى خلف،
19
ويمد منه جلدة الجبهة عند العين، فيرتفع الجفن؛ فياخذه المعالج بين سبابته ووسطاه،
20
ويغمز قليلًا، فتجتمع المادة منضغطة إلى ما بين الإصبعين، ويجذب ممسك الرأس
21
الجلدة من وسط الحاجب. واذا ظهر النتو قطع الجلد عنه قطعًا شاقًا رقيقًا غير غائر؛
22
فان الإحتياط فى ذلك واجب. ولأن تشرح تشريحًا بعد تشريح؛ احوط من ان يغوص
23
دفعة واحدة. فاذا ظهر بالتشريحة الأولى فبها، ونعمت؛ وإلا زاد فى التشريح حتى يظهر.
24
فان وجده مبرأً لف على يده خرقة كتان، وأخذ الشرناق، واخذه مخلصًا اياه يمنة، و
25
وان بقيت بقية لا تجيب، ذر عليه شىء من الملح لياكلها. وان كانت فى غلاف،
26
وشديدة الإلتصاق أخذ المبترى عنها، وترك الآخر لا يتعرض له، ويفوض أمره إلى
3-195
1
تحليل الملح الذى يذره عليه؛ ثم يضع عليه خرقة مبلولة بخل. واذا اصبح من اليوم الثانى،
2
وامنت الرمد؛ فعالجه بالادوية الملزقة؛ ويكون فيها حضض، وشياف ماميثا، و
3
زعفران.
4
وربما تعرض للمتخذ الذى لا تبرأ فيه بكشطه وسلخه بشعيرات، وينفذ بالصنانير تحته،
5
ويحرك يمنة، ويسرة؛ حتى يتبرأ، أو يفعل ذلك باسفل ريشة. ويحتاج ان يحتاط فى
6
البط عنه حتى لا ياخذ فى الغور؛ فان الباط إن مدد الجفن بشدة، وأمعن فى البط حتى
7
قطع الجلدة والغشاء الذى تحته، ضربة واحدة، طلع الشحم من موضع القطع اذا ضغطه
8
بالأصابع التى أدارها حول الجلدة الممتدة؛ فيحدث وجع شديد، وورم حار؛ ويبقى
9
بقية صلبة فيعوقه؛ وهى أشر من الشرناق. وربما انقطع من العضلة المشيلة للجفن
10
شىء صالح؛ فيضعف الجفن عن الإنفتاح. وأما الحديث الضعيف منه فكثيرًا ما يشفى
11
منه الأدوية المحللة؛ دون عمل اليد.
12
|212vb21|فصل فى التوثة
13
هى لحم رخو يحدث فى باطن الجفن، فلا يزال يسيل منه دم أحمر، وأسود،
14
وأخضر. وعلاجها: التنقية بالمجففات الأكالة، والشيافات الحادة. فاذا اكلت التوثة
15
استعمل حيئنذ الذرورات، والشيافات التى تنبت اللحم مما يقال فى القروح الأجفان؛
16
وبالجملة علاجات الحكة، والجرب القويين.
17
|212vb32|فصل فى التحجر
18
ورم صغير يزمن، ويتحجر. وقد يخلص عنه عمل اليد، ثم استعمال أدوية
19
قروح الأجفان.
20
|212vb37|فصل فى قروح الجفن وانخراقه
21
العلاج: يستعمل عليها ضماد من عدس، وفستق، وقشور رمان مطبوخة بالخل.
22
فاذا سقطت الخشكريشة؛ وبطل التأكل، استعملت عليها صفرة البيض مع الزعفران؛
23
فانه يدمل. وان شئت استعملت عليها شياف الكندر، وشياف الآبارمع شياف اصطفطيقان،
24
والأحمر اللين. وأما انخراق الجفن: فيقبل الإلتحام، ويعالج بعلاج انخراق الجلود،
25
المذكورة فى بابه.
3-196
1
|212vb50|فصل فى الجرب والحكة
2
سببه مادة مالحة، بورقية من دم حاد، اوخلط آخر حاد؛ يحدث حكًا ثم يجرب.
3
واكثره عقيب قروح العين. ويبتدئ العلة اولًا حكة يسيرة؛ ثم يصير خشونة؛ فيحمر
4
الجفن، ثم يصير تينيًا متقرحًا، ثم يحدث المحبب الصلب؛ عند اشتداد الشقاق فى الحكة
5
والتورم.
6
العلاج: اذا قارن الجرب رمد؛ فعالج الرمد أولًا، ثم اقبل على الجرب بعد ان
7
لا تهمل أمر الجرب. وكذلك الحال والحكم ان كان مرض آخر، فالواجب ان تراعى
8
أشدهما اهتمامًا. واذا رأيت تقرحًا، وورمًا، فاياك ان تستعمل الأدوية الحادة، و
9
نحوها؛ إلا بعد التوصل بالرفق الى امكان؛ فانك تجلب بالأدوية ألمًا شديدًا. وأما
10
الثانى، والثالث من الأنواع المذكورة؛ فلابد فيه من الحك إما بالحديد، أو بالأدوية
11
يتخذ محاكًا مثل زبد البحر؛ وخصوصًا الجنس المعروف منه بقيشور، أو بورق التين؛
12
أو يتخذ محكًا من شادنج، وزعفران، ومارقشيشا يتخذ منه اشياف؛ ويحك به.
13
وأما الذى يقبل العلاج بالأدوية؛ وهو لم يبلغ درجة الثانى، والثالث؛ فاول
14
علاجه ادامة الإستفراغ، والفصد؛ ولو فى الشهر مرتين، وفصد الماقين بعد الفصد
15
الكلى، ومداومة الإستحمام، واجتناب الغبار، والدخان، والصياح، والتحرز من
16
شدة زر الأزرار، وضيق قوارة الجيب، والغضب، والحرد، وكثرة الكلام، ولطؤ المخدة،
17
وطول السجود؛ وكلما يصعد المواد إلى فوق؛ ويجذبها إلى الوجه. وينفع فى ابتداءه
18
الشياف الأحمر، وبعده الشياف الأخضر اللين. فان كان أقوى من ذلك فالحاد من
19
كل واحد منهما، وطرخماطيقون، وكحل اراسسطراطيس، وشياف الزعفران. وقد
20
يعالج بمرارة العنز، ومرارة الخنزير، وبالنوشادر، والنحاس المحرق، والقلقديس،
21
مجموعة، وافرادًا، والباسليقون، والشياف الرمادى جيد. ودواء اراسسطراطيس جيد جدًا.
22
ومن الأدوية النافعة: دواء هذه صفته: يوخذ كهربا جزء، وقشور النحاس
23
جزءان يعجن بعسل، أوصبر جزء، نوشادر نصف جزء يعجن بعسل، ويستعمل. وأيضًا:
24
يوخذ من النحاس المحرق ستة عشر مثقالًا، ومن الفلفل ثمانية مثاقيل، ومن الأقليميا
25
أربعة مثاقيل، ومن المر مثقالان، ومن الزعفران مثقالان، ومن الزنجار خمسة مثاقيل،
26
ومن الصمغ عشرون مثقالًا، ويدق، ويجمع ــ كما تدرى ــ بماء المطر.
27
|213ra48|فصل فى الإنتفاخ
28
ورم بارد مع حكة، وقد يكون الغالب عليه الريح. وقد يكون فضلة بلغمية،
29
رقيقة. وقد يكون فضلة مائية. وقد يكون فضلة سوداوية.
3-197
1
العلامات: الريحى <منه> يعرض بغتة. وقد يكون مائلًا إلى ناحية المأق؛
2
فيكون كمن عضه الذباب فى ذلك الموضع. ويعرض فى الصيف، وللمشائخ؛ ولا يكون
3
ثقل. والبلغمى يكون أبرد، وأثقل، ويحفظ أثر الغمز ساعة. والمائى لا يبقى أثر الغمز
4
فيه، ولا وجع معه.
5
والسوداوى فى الأكثر يعم الجفن، والعين، ويكون معه صلابة، وتمدد يبلغ
6
لحاجبين، والوجنتين، ولا يكون معه وجع يعتد به، ويكون لونه كمدًا. واكثره يعرض
7
بعد الرمد، وبعد الجدرى.
8
العلاج: يجب ان يبدأ فيستفرغ البدن، وينقى الرأس. فما كان منه إلى البلغم
9
أميل؛ استعمل التضميد بالخطمى، وأقوى منه ورق الخروع مدقوقًا؛ مخلوطًا بالشب.
10
والتكميد باسفنجة مبلولة بخل، وماء حار. وأيضًا يتخذ لطوخ من صبر، وفيلزهرج،
11
وشياف ماميثا، وفوفل، وزعفران، بماء عنب الثعلب.
12
|213rb20|فصل فى كثرة الطرف
13
كثرة الطرف يكون من قذى فى العين خفيف؛ ويكون من بثر. وقد يكثر فى
14
أصحاب التمدد؛ وللمتهيئين له. وينذر فى الأمراض الحادة بتمدد، وتشنج.
15
|213rb26|فصل فى انتثار الشعر
16
ينتثر شعر العين إما بسبب المادة، وإما بسبب الموضع. والمادة إما بان تقل مثل
17
ما يكون فى آخر الأمراض الحادة الصعبة، وإما بان تفسد بسبب ما يخالطها عند المنبت؛ مثل
18
ما يقع فى داء الثعلب، وهو ان يكون فى باطن الجفن رطوبة حادة، أو مالحة، أو بورقية
19
لا تظهر فى الجفن آفة محسوسة؛ ولكنها تضر بالشعر. وأما الذى بحسب الموضع فأن
20
يكون هناك آفة ظاهرة، إما صلابة، وغلظ؛ فلا يجد البخار المتولد عنه الشعر منفذًا،
21
وإما ورم، وإما تأكل، ويدل عليه حمرة، ولذع شديد.
22
العلاج: ما كان من ذلك بسبب الموضع فيعالج الآفة التى بالموضع؛ على حسب
23
ما ذكر من علاج كل باب منه فى موضعه. وما كان سببه عدم المادة فيعالج البدن بالنعش،
24
والتغذية، ويستعمل الأدوية الجاذبة لمادة الشعر إلى الأجفان، مما نذكره، ومما هو
25
مذكور فى انقراباذين، وفى الواح الأدوية المفردة. وما كان بسبب رطوبة فاسدة اشتغلت
3-198
1
فيه بتنقية الرأس، وتنقية العضو، ثم عالجت علاج الشعر. وأما الأكحال النافعة من ذلك:
2
فالحجر الأرمنى، واللازورد.
3
ومن المركبات: كحل نوى التمر باللازورد المذكور فى انقراباذين. أو يوخذ
4
نوى البسر محروقًا وزن ثلاثة دراهم، ومن الناردين درهمان، يتخذ منهما كحل. ومما
5
جرب ان يسحق السنبل الأسود كالكحل، ويستعمل بالميل. وأيضًا يكتحل بخرء الفار
6
محروقًا، أو غير محروق؛ بعسل؛ وخصوصًا السلاقى؛ أو يوخذ تراب الأرض التى ينبت
7
فيها الكرم، مع الزعفران، والسنبل الرومى ــ وهو الإقليطى اجزاء سواءً ويستعمل منه كحل.
8
ومما جرب لما كان من ذلك مع حكة، وحمرة، وتأكل ان تطبخ رمانة بكليتها، واجزاءها
9
فى الخل إلى ان تتهرى، وتلصق على الموضع. وجميع اللازوقات نافعة. وأيضًا
10
لذلك بعينه: قلقطار، زاج، اقليميا؛ اجزاء سواء، يسحق، ويستعمل.
11
ومما جرب: ان يوخذ خرء الأرنب محرقًا وزن ثمانية دراهم، وبعر التيس ثلاثة
12
دراهم، ويكتحل بهما؛ أو يكتحل بذباب منزوعة الرؤس مجففة، أو يحرق
13
البندق ويسحق، ويعجن بشحم العنز، أوشحم الدب، ويطلى به الموضع؛ فانه
14
ينبت الشعر؛ ومع ذلك يسوده. وأيضًا يوخذ من الكحل المشوى جزء، ومن الفلفل
15
جزء، ومن الرصاص المحرق المغسول اربعة اجزاء، ومن الزعفران أربعة، ومن الناردين
16
ثلاثة، ومن نوى التمر اثنان، يتخذ كحلًا.
17
|213va15|فصل فى الشعر المنقلب
18
وبالجملة فان علاج هذا الشعر احد وجوه خمسة: الإلزاق، والكى، والنظم
19
بالإبرة، وتقصير الجفن بالقطع، والنتف المانع. فأما الإلزاق فان يشال، ويسوى
20
بالمصطكى، والراتينج، والصمغ، والدبق، والأشق، والغراء الذى يخرج من بطون
21
الصدف، والصبر، والأنزروت، والكثيرا، والكندر المحلول بياض البيض. ومن
22
الإلزاق الجيد: ان يلزق بالدهن الصينى؛ وأجود منه بغراء الجبن، وقد ذكرناه فى
23
انقراباذين.
24
وأما علاج الإبرة [فان تنفذ إبرة] فى باطن الجفن إلى خارجه بجنب الشعر، ثم
25
يجعل الشعر فى سمها، ويخرج إلى الجانب الآخر، ويشد. وان عسر ادخال الشعر فى
26
سم الإبرة؛ جعل فى سم الإبرة طرفا شعر امرأة؛ وأخرجت؛ الإبرة من ذلك الجانب [بالشعر]
27
حتى يبقى مثل العروة من الجانب الباطن؛ فيجعل فيها الشعر، ويخرج. فان اضطرت
28
إلى اعادة الإبرة فاطلب موضعًا آخر فان تثنية الغرز توسع الثقبة، ولا تضبط الشعر.
3-199
1
وأما القطع فان يقطع منبته من الجفن. وقد امر بعضهم ان يشق الموضع المعروف
2
بالإجانة؛ وهو عند حرف الجفن، ثم يدمل فينبت عليه لا محالة لحم زائد فيسوى الشعر؛
3
ولا يدعه ينقلب. وأما الكى فاحسنه ان يكون بابرة معقفة الرأس؛ يحمى رأسها، ويمد
4
الجفن، ويكوى بها موضع منبت الشعر؛ فلا تعود. وربما احتيج إلى معاودات مرتين،
5
أو ثلاثة؛ فلا تعود بعد ذلك البتة. وأما النتف المانع فأن ينتف، ثم يجعل على الموضع
6
الأدوية المانعة لنبات الشعر؛ وخصوصًا على الجفن؛ مما قيل فى باب الواح الأدوية
7
المفردة؛ ونقوله فى باب ألواح الشعر الزائد.
8
|213vb12|فصل فى الشعر الزائد
9
يتولد من كثرة رطوبة، عفنة تجتمع فى اجفان العين.
10
العلاج: علاجه تنقية الرأس، والبدن، والعين؛ بما علمت؛ ثم استعمال
11
الأكحال الحادة المنقية للجفن؛ مثل الباسليقون، والروشنائى، والشياف الأحمر الحاد،
12
والأخضر الحاد، والشياف الهليلجى؛ وخصوصًا ان كانت هناك دمعة، أو عارض
13
من اعراض الإختلاط. فان لم يغن عولج بالنتف؛ ينتف، ويطلى على منبته دم قنفذ،
14
ومرارته، ومرارة خمالاون، ومرارة النسر، ومرارة الماعز. وربما خلطت هذه المرارات،
15
والدماء؛ بجندبادستر، واتخذ منها شياف كفلوس السمك، ويستعمل عند الحاجة محلولة
16
بريق الإنسان، ويصبر المستعمل عليه نصف ساعة.
17
ومن المعالجات الجيدة: ان يوخذ مرارة القنفذ، ومرارة خمالاؤن، و
18
جندبادستر بالسوية، يجمع بدم الحمام، ويقرص. ومما وصف دم القراد؛ وخصوصًا
19
قرادة الكلب، ودم الضفادع؛ ولكن البحرية ثم تحققه. ومن الصواب فيما زعموا أن
20
يخلط بالقطران. ومما وصف أيضًا ان يستعمل مرارة النسر بالرماد، أو بالنوشادر، او
21
بعصير الكراث؛ وخصوصًا اذا جعلا فى مقلى فوق نار؛ حتى يمتزجا، وينشا. وان كان
22
رماد صدف فهو أفضل. وسخالة الحديد المصدى بريق الإنسان غاية؛ وان اوجع.
23
ومما جرب: الارضة بالنوشادر؛ وخصوصًا مع حافر حمار محرق بخل ثقيف. وكذلك
24
زبد البحر بماء الأسفيوش؛ فانه اذا خدر، وبرد الموضع لم ينبت الشعر.
25
|213vb52|فصل فى التصاق الأشفار
26
يكون ذلك فى الأكثر بعد الرمد فيجب ان يستعمل انزروت، وسكر طبرزد اجزاء
27
سواء، زبد البحر [ربع جزء]؛ يسحق، ويذر على الموضع.
3-200
1
|213vb57|المقالة الرابعة فى أحوال القوة الباصرة وافعالها
2
|214ra1|فصل فى ضعف البصر
3
ضعف البصر، وآفته إما ان يوجبه مزاج عام فى البدن من يبوسة غالية [او رطوبة
4
غالبة] خلطية؛ اومزاجية بغير مادة؛ او بخارية ترتفع من البدن، والمعدة خاصة؛ او
5
برد ذى مادة؛ أو غير ذى مادة؛ او لغلبة حرارة مادية، أو غير مادية. وإما ان يكون تابعًا
6
لسبب فى الدماغ نفسه من الأمراض الدماغية المعروفة كانت فى جوهر الدماغ، أو كانت
7
فى البطن المقدم كله؛ مثل ضربة ضاغطة تعرض له؛ فلا تبصر العين، أو فى الجزء المقدم
8
منه. واكثر ذلك رطوبة غالبة، أو يبوسة تعقب الأمراض، والحركات المفرطة
9
البدنية، والنفسانية، والإستفراغات المفرطة يسقط لها القوة، وتجف المادة.
10
وإما ان تكون الأمر يختص بالروح الباصر نفسه، وما يليه من الأعضاء؛ مثل العصبة
11
المجوفة، ومثل الرطوبت، والطبقات. والروح الباصر قد يعرض [له] ان يرق، و
12
يعرض له ان يكثف، ويعرض له ان يغلظ، <و يعرض له ان يكثر>، ويعرض
13
[له] ان يقل.
14
واما الكثرة فافضل شىء وانفعه، واكثر ما يحدث الرقة تكون من يبوسة؛ وقد
15
يكون من شدة تغريق يعرض عند النظر إلى الشمس، ونحوها من المشرقات. وربما
16
ادى الإجتماع المفرط جدًا إلى احتقان محلل، فيكثف به اولًا، ثم يرق جدًا ثانيًا. وهذا
17
كما يعرض عند طول المقام فى الظلمة. والغلظ يكون لرطوبة، ويكون من اجتماع شديد؛
18
ليس بحيث يودى إلى اشتعال مزاج مرقق. وقد يكون السبب فيهما واقعًا فى اصل
19
الخلقة.
20
والقلة قد تكون فى اصل الخلقة. وقد تكون لشدة اليبس، وكثرة الإستفراغات،
21
او لضعف المقدم من الدماغ جدًا، وصعوبة الأمراض، ويقرب الموت اذا تحللت الروح.
22
وأما الضعف والآفة التى تكون بسبب الطبقات فاكثرها سبب الطبقات الخارجة، دون
23
الغائرة، فاما ان تكون بسبب جوهر الطبقة، او تكون بسبب المنفذ الذى فيها. والذى
24
يكون بسبب الطبقة بعينها فيكون لمزاج ردئ؛ واكثره احتباس بخار فيها، أو فضل رطوبة
25
يخالطها، او جفاف، أويبس، وتقشف، وتحشف يعرض لها؛ وخصوصًا للعنبية،
26
والقرنية، أو فساد سطحها بآثار قروح ظاهرة، اوخفية، اومقاساة رمد كثير؛ يذهب اشفافها،
27
اولون غريب يداخلها كما يصيب القرنية فى اليرقان من صفرة، "أو فى الطرفة من حمرة"،
28
او انسلاخ لون طبيعى. <و> مثل ما يعرض للعنبية فيزداد إشفافًا، وتمكنًا لسطوة
29
الضوء من البصر، ومن تفريقه الروح الباصر.
3-201
1
وربما احدث تجفيفًا، وتسخينًا لتمكن الهواء، والضياء من الرطوبات، أو ترقق
2
منها بسبب تاكل عرض؛ فلا يتدرج الضوء فى النفوذ فيها؛ بل ينفذ دفعة نفوذًا حاملًا
3
على الجليدية، اولنبات غشاء عليها كما فى الظفرة، اوانتفاح، وغلظ من عروقها كما فى السبل.
4
وأما العارض للثقبة، والمنفذ؛ فاما ان يضيق فوق الطبيعى؛ لما تذكره من الأسباب
5
فى بابه. وإما ان يتسع. وإما ان ينسد سدة كاملة، او غير كاملة [كما] عند نزول الماء.
6
[او عند القرحة الوسخة العارضة للقرنية؛ حيث تمتلى ثقب العنبية من الوسخ]؛ ونحن
7
نذكر هذه الأبواب كلها بابًا بابًا. وأما الكائن بسبب الرطوبات: فأما الجليدية منها فبأن
8
تتغير عن قوامها المعتدل؛ فتغلظ، او تشتد رقتها [اوتزول عن مكانها الطبيعى] فتصير
9
متاذية عن حمل الضوء والألوان الباهرة عليها. أما البيضية فان تكثر جدًا او تغلظ فيكون
10
ذلك سببًا لقلة اشفافها، [او لرطوبات، وابخرة تخالطها، وتغير اشفافها]؛ فان الأبخرة و
11
الأدخنة الغريبة الخارجة توذيها فكيف المداخلة.
12
وجميع الحبوب النفاخة المبخرة مثقلة للبصر. وأما الزجاجية فمضرتها بالأبصار
13
غير اولية؛ بل انما تضر بالأبصار من حيث تضر بالجليدية؛ فتحيل قوامها عن الإعتدال؛
14
لما تورده عليها من غذاء غير معتدل. وأما الآفة التى تكون بسبب العصبة فان يعرض لها
15
سدة، أو يعرض لها ورم، وانهتاك.
16
العلامات: أما الذى بشركة من البدن: فالعلامة فيه ما اعطيناه من العلامات
17
التى تدل على مزاج كلية البدن، والذى يكون بشركة الدماغ فان يكون هناك علامة
18
من العلامات الدالة على آفة فى الدماغ؛ مع ان يكون سائر الحواس ماؤفة مع ذلك؛ فان
19
ذلك يفيد الثقة بمشاركة الدماغ. وربما اختص بالبصر اكثر اختصاصه؛ وبالشم، دون
20
السمع؛ مثل الضربة الضاغطة اذا وقعت بالجزء المقدم من الدماغ جدًا؛ فربما كان
21
السمع بحاله، وتبقى العين مفتوحة؛ ولا يمكن تغميض الجفن عليها؛ ولكن لا تبصر.
22
وعلامة ما يخص الروح [نفسه] انه ان كان الروح رقيقًا؛ وكان قليلًا، رآى
23
الشىء من القرب بالإستقصاء، ولم ير من البعد بالإستقصاء. وان كان [رقيقًا] كثيرًا ''رآى
24
بالإستقصاء" للقريب، والبعيد؛ لكن رقته اذا كانت مفرطة لم يثبت الشىء المنير جدًا؛
25
بل يبهره الضوء الساطع، ويفرقه. وان كان غليظًا كثيرًا لم يعجزه استقصاء تامل البعيد،
26
ولم يستقص روية القريب.
3-202
1
والسبب فيه عند اصحاب القول بالشعاع؛ وان الأبصار انما يكون بخروج الشعاع،
2
وملاقاته المبصر؛ ان الحركة المتجهة إلى مكان بعيد يلطف غلظها، ويعتدل قوامها،
3
كما ان مثل تلك الحركة تحلل الروح الرقيق فلا يكاد يعمل شيئًا. وعند القائلين بتادية
4
المشف شبح المرئى غير ذلك، وهو ان الجليدية يشد حركتها عند تبصر ما بعد؛ وذلك
5
مما يرق الروح الغليظ المستكن فيها، ويحل الروح الرقيق؛ خصوصًا القليل. و
6
تحقيق الصواب من القولين إلى الحكماء، دون الأطباء. وأما تعرف ذلك من حال الطبقات،
7
والرطوبات الغائرة؛ فمما يصعب؛ اذا لم يكن شىء آخر غيرها؛ ولكن قد يفرغ إلى
8
حال لون الطبقات، وإلى حال انتفاخها، وتمددها، أو تحشفها، وذبولها، وحال صغر
9
العين لصغرها، وحال ما يترقرق عليها من رطوبة، ويتخيل من شبه قوس قزح، أويرى
10
فيها من اليبوسة، والكدورة التى تشاهد من خارج؛ ويكاد لا يبصر معها انسان العين،
11
وهو صورة الناظر فيها؛ وربما دلت على حال القرنية. وربما دلت على حال البيضية؛
12
وصاحبها يرى دائمًا بين عينيه كالضباب. فان رويت الكدورة بحذاء الثقبة فقط؛ ولم
13
يكن سائر اجزاء القرنية كدرًا؛ دل على ان الكدورة فى البيضية؛ وانها غير صافية. وان
14
عمت الكدورة اجزاء القرنية؛ لم يشك انها فى القرنية؛ وبقى الشك انها هل هى كذلك
15
فى البيضية ام لا.
16
وقد يعرض للبيضية يبس، وربما عرض من ذلك اليبس ان اجتمع بعض أجزاءها؛
17
فلم يشف فرأى حذاه كوة، اوكوى. وربما كان ذلك لآثار يكون فى القرنية خفية تخيل
18
خيالات. فربما غلط فيها؛ فظن انها خيالات الماء ولا تكون. وأما الضيق، والسعة،
19
والماء، وأحوال العصبة؛ فلنؤخر الكلام فيها. فاعلم ان كل فساد يكون عن اليبس؛
20
فانه يشتد عند الجوع، وعند الرياضة المحللة، وعند الإستفراغات، وفى وقت الهاجرة،
21
والرطب بالضد.
22
المعالجات: ان كان سبب الضعف يبوسة انتفع بماء الجبن، والمرطبات،
23
وحلب اللبن، وشربه، وجعل الأدهان المرطبة على الرأس؛ وخصوصًا اذا كان ذلك
24
فى الناقهين. وينفعه النوم، والراحة، والسعوطات المرطبة؛ وخصوصًا دهن النيلوفر.
25
وما كان من ذلك فى الطبقة فيصعب علاجه. وأما ان كانت عن رطوبة؛ فاستعمال
26
ما يحلل بعد الإستفراغات. وأما القىء فالرفيق منه مما ينفع؛ وخصوصًا للمشائخ، و
27
العنيف يضر جدًا. والغراغر، والمخوطات، والعطوسات نافعة.
3-203
1
ومن الإستفراغات النافعة فى ذلك [شرب] دهن الخروع بنقيع الصبر، واستعمال
2
ما يمنع البخار من الرأس كالإطريفل؛ وخصوصًا عند النوم نافع أيضًا. وينتفع برياضات
3
الأطراف؛ وخصوصًا الأطراف السفلى. وكذلك يجب ان يستعمل دلكها. وان كان
4
السبب غلظًا فيعالج بما يجلو من الأدوية المذكورة فى لوح العين. ويجب اذا استعملت
5
الأدوية الحارة ان تستعمل معها أيضًا الأدوية القابضة. ومن الأشياء النافعة فى ذلك
6
التوتيا المغسول المربى بماء المرزنجوش، او بماء الرازيانج، اوماء الباذروج، وعصارة
7
فراسيون. وادامة الإكتحال بالحضض ينفع العين جدًا، ويحفظ قوتها إلى مدة طويلة.
8
والإكتحال بحكاكة الهليلج؛ بماء الورد ينفع جدًا؛ اذا كانت الرطوبة دقيقة، مع حرارة،
9
وحكة.
10
ومن الأكحال النافعة فى مثل ذلك المرارات كانت مفردة مثل مرارة القبج،
11
ومرارة الرق، والشبوط، والرخمة، والثور، والدب، والأرنب، والتيس، والكركى،
12
والخطاف، والعصافير، والثعلب، والذئب، والسنور، والكلب السلوقى، والكبش
13
الجبلى. ولمرارة الحبارى خاصية عجيبة جدًا، <مفردة> أو مركبة. ومن الأدهان النافعة
14
دهن الخروع والنرجس، ودهن حب الغار، ودهن الفجل، ودهن الحلبة، ودهن
15
السوسن، ودهن المرزنجوش، ودهن البابونج، ودهن الأقحوان. والإكتحال بماء
16
الباذروج نافع.
17
ومن الأدوية الجيدة المعتدلة: ان تحرق جوزتين، وثلاثين نواة من نوى الإهليلج
18
الأصفر؛ ويسحق، ويلقى عليه مثقال فلفل غير محرق ، ويكتحل به. ومن الأدوية
19
النافعة: ان يوخذ عصارة الرمان المز، ويطبخ إلى النصف ويرفع، ويخلط به نصفه
20
عسلًا، ويشمس، ويستعمل. وكذلك ان اخذ ماء الرمانين، وشمس شهرين فى القيظ،
21
وصفى، وجعل فيه من الصبر، ودار فلفل، ونوشادر؛ وقد يكون بلا نوشادر ينعم سحق
22
الجميع، ويلقى على الرطل منه ثلاثة دراهم، ويحفظ؛ وكلما عتق كان اجود. ومن
23
النوافع مع ذلك الوج، مع ماميران اذا سحق كالأكحال. والإكتحال بماء البصل مع
24
العسل نافع وشياف المرارات قوى. والمرارات القوية هى مثل مرارة البازى والنسر.
25
او يوخذ صلاية، وفهركل من النحاس؛ ويقطر عليه قطرات من خل، وقطرة من لبن،
26
وقطرة من عسل، ثم يسحق حتى يسود ذلك، ويكتحل به.
27
واعلم ان تناول الشلجم دائمًا مشويًا، او مطبوخًا مما يقوى البصر جدًا؛ حتى
28
انه يزيل الضعف المتقادم. ومن قدر على تناول لحوم الأفاعى مطبوخة على الوجه يطبخ
29
فى الترياق؛ وعلى ما فصل فى باب الجذام؛ حفظ صحة العين حفظًا بالغًا. ومن
3-204
1
الأدوية الجيدة للمشائخ، ولمن ضعف بصره من الجماع و غير ذلك: توتيا غير مغسول
2
ستة، وشراب مقدار الحاجة، ودهن بلسان اكثر من التوتيا بقدر ما يتفق، ويسحق التوتيا،
3
ثم يلقى عليه دهن البلسان، ثم الشراب، ويسحق كما ينبغى، ويرفع.
4
دواء ذكر أنه عظيم النفع؛ حتى انه يجعل العين بحيث لا يضرها النظر فى
5
جرم الشمس: يوخذ حجر ماسقيوس، وحجر مغناطيس، وحجر اخاطيس، و هو
6
الشب الأبيض، والشاذنج، والبابونج، <و الفوذنج>، وعصارة الكندس؛ من كل واحد
7
جزء، ومن مرارة النسر، ومرارة الأفعى؛ من كل واحد جزء؛ يتخذ منه كحل. واستعمال
8
المشط على الرأس [نافع]؛ وخصوصًا للمشائخ؛ فيجب ان يستعمل كل يوم مرات؛ لانه
9
يجذب البخار إلى فوق، ويحركه عن جهة العين. وشروع الماء الصافى الأزرق؛ و
10
الإنغطاط فيه، وفتح العينين قدر ما يمكن؛ ذلك مما يحفظ صحة العين، ويقويها؛ و
11
خصوصًا فى الشباب. ويجب خصوصًا لمن يشكو بخارات المعدة؛ ومضرة الرطوبة:
12
ان يستعمل قبل الطعام طبيخ الأفسنتين، وسكنجبين العنصل، وكل ما يلين، ويقطع
13
الفضول التى فى المعدة.
14
|215ra12|فصل فى ذكر الأمور الضارة بالبصر
15
وأما الامور الضارة بالبصر: فمنها افعال، وحركات. ومنها أغذية. ومنها
16
حال التصرف فى الاغذية. وأما الافعال الضارة، والحركات: فجميع ما يجفف؛
17
مثل الجماع الكثير، وطول النظر إلى المشرقات، وقرأة الرقيق بافراط، والتوسط
18
فيه نافع. وكذلك الاعمال الدقيقة، والنوم على الامتلاء والعشاء؛ بل يجب على من
19
به ضعف فى البصر ان يصبر حتى ينهضم. وكل امتلاء يضره. وكل ما تجفف الطبيعة،
20
وكل ما يعكر الدم؛ من الأشياء المالحة، والحريفة، وغيره يضره. والسكر
21
يضره.
22
وأما القىء فينفعه من حيث ينقى المعدة، ويضره من حيث يحرك مواد الدماغ،
23
ويدفعها إليه. وان كان لابد فينبغى ان يكون بعد الطعام، ويرفق. والإستحمام ضار.
24
والنوم المفرط ضار. والبكاء الشديد، وكثرة الفصد، وخاصة الحجامة المتوالية. فأما
25
الأغذية الحريفة، والمبخرة، وكل ما يوذى فم المعدة، والشراب الغليظ الكدر، و
26
الكراث، والبصل، والباذروج اكلًا؛ والزيتون النضيج، والشبث، والكرنب،
27
والعدس.
3-205
1
|215ra36|فصل فى العشاء
2
هو ان يتعطل البصر ليلًا، ويبصر نهارًا، ويضعف فى آخره. وسببه رطوبة [من]
3
رطوبات العين، وغلظها، او رطوبة الروح [الباصرة] وغلظه. واكثر ما يعرض للكحل،
4
دون الزرق؛ ولصغار الحدق، ولمن يكثر الالوان، والتعاريج فى عينيه؛ فان هذه تدل
5
على قلة الروح الباصرة فى خلقته. وقد تكون هذه العلة لمرض فى العين نفسها. و
6
قد تكون بمشاركة المعدة، والدماغ. ويعرف ذلك بالعلامات التى عرفتها.
7
العلاج: ان كان هناك كثرة فليفصد القيفال، والماقين، ويستعمل سائر
8
المستفرغات المعروفة، ويكرر. وربما استفرغ بسقمونيا، وجندبادستر؛ فانتفع به.
9
ويسقون قبل الطعام شراب زوفا، أو زوفا، وسذاب يابس سفوفًا. ويسقون بعد الهضم
10
التام قليلًا من الشراب العتيق.
11
ومن الأدوية المجربة: سيالة كبد الماعز المغرز بالسكين المكببة على الجمر،
12
فاذا سالت اخذ مما يسيل، وذر عليه ملح هندى، ودار فلفل، واكتحل به. وربما
13
ذر عليه الأدوية عند التكبيب، والإنكباب على بخاره؛ والأكل من لحمه المشوى
14
كل ذلك نافع جدًا. وربما قطع قطعًا عريضة؛ وجعل منها شياف. [ومن دار فلفل
15
شياف] وجعل الشياف الأسفل، والأعلى من الكبد، وشوى فى التنور ولا يبالغ، ثم
16
يوخذ، ويصفى عنه المائية، ويكتحل به. وكذلك كبد الأرنب؛ وكذلك الشياف
17
المتخذ من دار فلفل، والذى على هذه النسخة: [دار فلفل]، فلفل، قنبيل، اجزاء سواءً،
18
يكتحل به. والمرارات أيضًا نافعة؛ خاصة مرارة التيوس، والكباش الجبلية. وكذلك
19
الإكتحال بدهن البلسان مكسورًا بقليل افيون.
20
والإكتحال بالفلافل الثلاث مسحوقة كالغبار نافع جدًا. وكذلك الشب المصرى.
21
والإكتحال بالعسل، وماء الرازيانج تغمض عليهما العين مدة طويلة نافع جدًا. وأقوى
22
منه العسل [بالماء] اذا كان فيه قوة من الشب، والنوشادر. ودماء الحيوان الحارة المزاج
23
ينفع الإكتحال بها. وينفع الإكتحال بعصارة قثاء الحمار مكسورًا ببزر البقلة الحمقاء،
24
وشياف القلى، وشياف الزنجار ينفع منه. وخرء الورل، والأسقنقور؛ أو يوخذ مرارة الجداء
25
جزء، فلفل جزءان، وأشج ثلاثة اجزاء، يعجن بعسل، ويستعمل. وينفع منه فصد عروق
26
المأقين.
27
|215rb27|فصل فى الجهر
28
وهو ان لا يرى <الانسان> نهارًا. سبب الجهر ــ وهو ان لا يبصر فى النهار ــ
29
رقة الروح، وقلته جدًا، فيتحلل مع ضوء الشمس، ويجتمع فى الظلمة. وربما كان
3-206
1
سبب الجهر قليلًا؛ فيرى فى الظلمة، والظل ليلًا، ونهارًا، ويضعف فى الضوء.
2
العلاج: الزيادة فى الترطيب، وتغليظ الدم.
3
|215rb36|فصل فى الخيالات
4
الخيالات هى الوان يحس أمام البصر كانها مبثوثة فى الجو. والسبب فيها
5
وقوف شىء غير شفاف ما بين الجليدية وبين المبصرات. وذلك الشىء إما ان يكون مما
6
لا يدرك مثله فى العادة أصلًا؛ وانما يدركه القوى البصر الخارج من العادة ادراكًا؛ وإما
7
ان يكون مما يدركه الأبصار اذا توسطت؛ وان لم يكن فى غاية الذكاء؛ بل كانت على
8
مجرى العادة. ومعنى الاول ان البصر اذا كان قويًا ادرك الضعيف الخفى من الامور
9
التى تطير فى الهواء قرب البصر من الهيآت التى لا يخلو منها الجو، وغيره فتلوح له، و
10
لقربها، اولصغرها لا يحققها. وكذلك اذا كانت فى الباطن من آثار الأبخرة القليلة التى
11
لا يخلو عنها مزاج، وطبع البتة؛ إلا ان هذين يخفيان عن الأبصار؛ التى ليست فى
12
غاية الذكاء؛ وانما يتخيلان لمن هو شديد حدة البصر جدًا؛ وهذا مما لا ينسب إلى
13
مضرة.
14
وأما القسم الآخر: فاما ان يكون فى الطبقات؛ وإما ان يكون فى الرطوبات.
15
والذى يكون فى الطبقات فهو ان يكون على الطبقة القرنية آثار خفية جدًا؛ قد بقيت عن
16
الجدرى، أو عن رمد وبثور، أو غير ذلك؛ فلا يظهر للعين من خارج، ويظهر للعين من
17
باطن؛ من حيث لا يشف المكان الذى هو فيه؛ فيخفى تحته من المحسوس. ومن
18
الهواء الشفاف اجزاء ترى كثيره بمقدارما، لو كانت بالحقيقة موجودة من خارج، لكان
19
يكون ذلك الجزء الصغير قسط شبحها من الثقبة العنبية.
20
وأما التى تكون فى الرطوبات: فهى على قسمين: لانها إما ان يكون قد استحال اليها
21
جوهر الرطوبة نفسه، او تكون قد وردت على جوهر الرطوبة مما هو خارج عنها. والتى تكون
22
قد استحال اليها جوهر الرطوبة نفسه فاما ان يعرض لجزء منها سوء مزاج يغير لونها، ويزيل
23
شفيفها؛ فلا يشف ذلك القدر منها لبرد، او رطوبة، او لحرارة؛ فيغلى ذلك القدر؛ فيثير فيه
24
هوائية. ومن شان الهوائية اذا خالطت الرطوبة الرقيقة الشفافة؛ ان يجعلها كثيفة اللون،
25
زبدية غير شافة؛ أو ليبوسة مكثفة جماعة جدًا.
26
و التى يكون الوارد عليها مما هو فى غيره فلا يخلو إما ان يكون عرضًا غير متمكن،
27
وهو من جنس البخارات التى تصعد من البدن كله، أو من المعدة، أو من الدماغ؛
3-207
1
اذا كانت لطيفة تحصل وتتحلل؛ وكما يكون فى البحرانات، وبعد القىء، وبعد الغضب.
2
وإما أن يتمكن فيها؛ وينذر بالماء.
3
وقد تختلف هذه الخيالات فى مقاديرها؛ فيكون صغيرة، وكبيرة. وقد تختلف
4
فى قوامها؛ فيكون كثيفة، رقيقة خفية. وقد تختلف فى أوضاعها؛ فيكون متخلخلة.
5
وقد تكون متكاثفة، ضبابية. وقد تختلف فى اشكالها؛ فتكون حبية، وتكون بقية،
6
وذبابية. وقد تكون خيطية، وشعرية بالطول.
7
|215va31|الفروق والعلامات
8
فعلامة ما يكون من ذكاء الحس ان يكون خفيًا؛ ليس على نهج واحد، وشكل
9
واحد؛ ويصحب الانسان مدة صحة بصره من غير خلل يتبعه. والذى يكون بسبب
10
القرنية؛ فيدل عليه اسبابه المذكورة، وأن يثبت مدة لا يتزايد، ولا يودى الى ضرر فى البصر
11
غيره. والذى يكون من سبب فى البيضية؛ فأن يكون مدة طويلة؛ ولم يود إلى آفة
12
عظيمة؛ ويكون إما عقيب رمد حار، وإما عقيب سبب مبرد، او مسخن؛ وهو مما يعلم
13
بالحدس؛ وخصوصًا اذا وجدت القرنية صقيلة، صافية؛ لا خشونة فيها بوجه، ثم كان
14
شيئًا ثابتًا لا يزيد، ولا يتأدى إلى ضرر عظيم.
15
وأما الذى يكون سببه بخارات معدية، وبدنية؛ فيعرف بسبب انها تهيج مع
16
البخارات، وعند الإمتلاء، والهضم، وعند الحركات، والدوار، والسدر؛ ولا يثبت
17
على حالة واحدة؛ بل يزيد، وينقص؛ ولا يختص بعين واحدة؛ بل يكون فى العينين.
18
واذا كان معه الغثيان صحت دلالته. واذا كان القئ، والإستفراغ بالأيارج، وتلطيف
19
الغذاء، والعناية بالهضم تزيله أو تنقصه، [فيتم الدلالة على كونه من المعدة]. وقد
20
علمت فى باب ضعف البصر علامات ما سببه يبس البيضية أو غيره.
21
واذا استمرت صحة العين والسلامة بصاحب الخيالات ستة أشهر؛ فهو على
22
الاكثر فى أمن. والذى هو من الخيالات مقدمة للماء؛ فانه لا يزال يتدرج فى تكدير
23
البصر إلى ان ينزل الماء، أو ينزل بعده الماء دفعة؛ وقلما يجاوز ستة أشهر. فاذا رأيت
24
الخيالات تزول، وتعود، وتزيد، وتنقص؛ فاعلم انها ليست مائية. واذا رأيت الثابتة
25
تطول مدتها؛ ولا تستمر فى اضعاف البصر؛ فاعلم انها ليست مائية.
26
|215vb9|العلاج للخيالات ولإبتداء الماء
27
اولى الخيالات بان يقبل على علاجه ما كان منذرًا بالماء. وأما سائر ذلك فما
28
كان منه من يبوسة؛ فربما نفع فيه المرطبات المعلومة. وان كان عن رطوبة وغير ذلك
3-208
1
مما ليس عن يبوسة؛ نفع منه كل ما كان يجلو من الاكحال. وأما المنذرة بالماء فيجب
2
ان تبدأ؛ فتنقى البدن؛ وخصوصًا المعدة، ثم تقبل على تنقية الرأس بالغرغرات، والسعوطات،
3
والمضوغات. وأما العطوسات فمن جهة ما ترخى، وتبقى؛ فيرجى منها التنقية ويتقى
4
من جهة عنف تحريكها؛ فيخاف منها تحريك الماء؛ وخصوصًا ان كان واقعًا دون العصبة،
5
وبقربها.
6
واعلم ان ايارج الفيقرا جليل النفع فيه؛ وكذلك حب الذهب. وما يقع فيه
7
من الأدوية القنطوريون، والقثاء المر. وقد علمت فى ابواب علاج الرأس، وتنقيته
8
ما ينبغى ان تعتمده. ويجب ان تكون التنقية بايارج فيقرا، وحب الذهب على سبيل
9
لشبيار؛ متواترة جدًا. ولا يستعمل الأدوية الملطفة، والجلاءة اكحالًا إلا بعد التنقية.
10
وينفع فى ابتداء الماء فصد شريان خلف الأذن. وينبغى ان تبدأ بالأدوية اللينة؛
11
مثل الرازيانج بعسل، وزيت؛ ومثل ما قيل، من ان شم المرزنجوش نافع لمن يخاف نزول
12
الماء إلى عينيه. وكذلك ينشق دهنه.
13
وقد قيل ان ارسال العلق على الصدغين ينفع فى ابتداءه. وقد مدح الإكتحال
14
ببزر الكتم؛ وذكر انه يزيل الماء ويحلله؛ وانه غاية. ثم يتدرج إلى الأدوية المركبة من
15
السكبينج وامثالها؛ من ذلك: السكبينج ثلاثة اجزاء، الحلتيت، الخربق الأبيض عشرة
16
عشرة، العسل ثمانية قوطوليات. ومما هو مجرب جدًا: رأس الخطاف المحرق بعسل
17
يكتحل به. وشياف اصطفطيقان، وجميع المرارات المذكورة فى باب ضعف البصر.
18
وأقوى منه شياف المرارات المارستانى. وأيضًا كحل اوميلاؤس، والكحل المذكور
19
فى انقراباذين بمرارة السلحفاة، اودواء اريباسيوس بماء الرازيانج، اوشياف المرزنجوش،
20
والساروس، والمرخومون، ودهن البلسان نافع فيه.
21
ومما ينفع فى ابتداء الماء: ان توخذ مرارة ثور شاب صحيح البدن، فيجعل فى
22
اناء نحاس، ويترك قريبًا من عشرة ايام إلى اسبوعين، ثم يوخذ من المر، والزعفران
23
المسحوقين، ومن مرارة السلحفاة البرية، ومن دهن البلسان، من كل واحد وزن درهمين،
24
وينحل الجميع، ويخلط خلطًا بالغًا؛ ويكتحل به. وأيضًا يوخذ من الخربق جزء،
25
[ومن الحلتيت جزء]، ومن السكبينج خمس وعشر جزء، وهو ثلاثة أعشار جزء،
26
ويتخذ شيافًا؛ ويكتحل به. وأيضًا خربق أبيض، وفلفل جزء، أشق ثلث جزء، يتخد
27
منه شياف بعصارة الفجل؛ ويستعمل. ويجب ان يجتنب السمك، والمغلظات
3-209
1
من الأغذية، والمبخرات، والشرب الكثير من الماء، والشراب أيضًا، ومواترة الفصد
2
والحجامة؛ بل يوخر ذلك ما امكن [إلا] ان يشتد امتساس الحاجة إلى ذلك؛ والثقة
3
بان الدم حار، وكثير.
4
|216ra17|فصل فى الإنتشار
5
الإنتشار هو ان تصير الثقبة العنبية اوسع مما هى فى الطبع. وقد يكون ذلك عقيب
6
صداع، أوسبب باد من ضربة، أو صدمة. وقد يكون لأسباب فى نفس الحدقة؛
7
وذلك إما فى البيضية، وإما فى العنبية؛ فان البيضية إن رطبت، وكثرت فزحمت
8
العنبية؛ [و] حركتها الى الإتساع. وأما يبوسة البيضية؛ فلا توجب الإتساع بالذات؛ بل
9
بالعرض؛ من حيث تتبعها يبوسة العنبية. والعنبية نفسها إن يبست، "أو تمددت اطرافها"
10
تمدد الجلود المثقبة عند اليبس؛ عرض لها ان تتسع؛ كما يتسع ثقب تلك
11
الجلود؛ وخصوصًا اذا زوحمت من الرطوبات. وقد يعرض لها ذلك من رطوبة؛ تداخل
12
جوهرها، وتزيد فى ثخنها وتمددها إلى الغلظ فيعرض للثقبة ان تتسع. وقد يعرض
13
ذلك لورم ممدد؛ يحدث فيها.
14
وقد تكون سعة العين طبيعية، وتضر بالبصر؛ فانه يرى الأشياء أصغر مما يجب
15
ان يرى. وقد يكون عارضًا؛ فيكون كذلك. وربما بلغ ان لا يرى شيئًا فانه كثيرًا ما تتسع
16
العين؛ حتى تبلغ السعة الإكليل، ولا يبقى من البصر شىء يعتد به. وما كان من صدمة،
17
أو ضربة فلا علاج له.
18
العلامات: قد ذكرناها فى باب ضعف البصر.
19
العلاج: ما كان من ذلك طبيعيًا فلا علاج له. وما كان من يبوسة فينفع فيه
20
ترطيب العين بالمرطبات المذكورة. وما كان من رطوبة فينفع فيه الفصد؛ ان كان فى
21
البدن كثرة. وأيضًا فصد عروق الماقين يستفرغ من الموضع، وينفع منها. وكذلك
22
فصد عروق الصدغ، وسلها، والإستفراغات التى علمتها، وصب الماء المالح، و
23
المملح على الرأس؛ خصوصًا ممزوجًا بالخل. ولا ينبغى ان يكثر الإستفراغات بالمسهلات؛
24
فيضعف القوة، ولا يستفرغ المطلوب؛ بل ربما كفاه الإستفراغ كل عشرة ايام بدرهم و
25
نصف من حب القوقيا. والغذاء ماء حمص بشيرج؛ ويكتحل العين الأخرى بالتوتيا؛
3-210
1
لئلا تنتشر كالأولى. ويجب ان يستعمل الاكحال المذكورة فى باب الخيالات والماء.
2
وينفع منه النوم على القفا؛ لما فيه من الجذب إلى خلف.
3
وأما الكائن عقيب ضربة: فمما يتكلف له فى علاجه ان يفصد، ثم يحجم الرأس،
4
ثم يستعمل المبردات، ويضمد بدقيق الباقلى من غير قشره، او دقيق الشعير [مبلولًا]
5
بماء ورق الخلاف، اوبماء الهندباء، اوبصوفة مبلولة بمح بيض [مضروب] بدهن ورد،
6
وقليل شراب. ويقطر فى العين دم الشفانين، والفراخ، وفى اليوم الثالث يقطر فيها
7
اللبن؛ والاكحال التى هى أقوى. وبالجملة فان اكثر علاج هذا من جنس علاج الورم
8
الحار؛ وبعد ذلك فيستعمل شيافًا متخذًا من كندر، وزعفران، ومر من كل واحد جزء،
9
ومن الزرنيخ نصف جزء.
10
|216ra46|دواء نافع من اموروثاسيس وهو الإتساع
11
مرارة الجدى، ومرارة الكركى مثقالان مثقالان، زعفران درهم، فلفل مائة و
12
سبعون عددًا، رب السوس خمسة مثاقيل وثلث، أشج مثقالان، عسل مقدار الحاجة،
13
ويستعمل منه كحل؛ ويسحق بماء الرازيانج، ويخلط بالعسل. والكائن من ضربة
14
نصف مثقال يسحق بعصارة الفجل؛ الى ان يجف، ويستعمل يابسًا. وأيضًا مرارة التيس
15
مثقال واحد، بعر الضب، اوالورل يابسًا مثقال ونصف، نطرون نصف مثقال، فلفل
16
مثقالان، مرارة الكركى مثقالان، زعفران مثقال، أشج نصف مثقال، خربق أبيض مثقال،
17
يسحق أيضًا بماء الرازيانج، ويخلط بالعسل.
18
|216rb36|فصل فى الضيق
19
الضيق هو ان تكون ثقبة العنبية اضيق من المعتاد. وإن كان طبيعيًا فهو محمود.
20
وان كان مرضيًا فهو اردأ من الإنتشار؛ وربما أدى إلى الإنسداد. واسبابه إما يبس
21
من العنبية محشف يجمعه؛ فيقبض الثقبة، ويحدث الضيق اوالسدة؛ وإما رطوبة ممددة
22
للعنبية من الجوانب إلى الوسط؛ فتتضايق الثقبة مثل ما يعرض للمناخل اذا بلت واسترخت،
3-211
1
وتمددت من الجهات. وإما يبس شديد من البيضية فيقل، ويساعدها الطبقة إلى الضمور،
2
والإجتماع المخالف لحال الجحوظ. واكثر ما يعرض هذا يعرض من اليبوسة.
3
العلامات: قد ذكرناها فى باب ضعف العين.
4
العلاج: أما اليابس منه فعلاجه: بالمرطبات من القطورات، والسعوطات،
5
والنطولات، ومن العصارات الرطبة، وغيرها كما تعلم، والأغذية اللبنية، والدسمة.
6
وفى الأحيان لا يجد بدًا من استعمال شىء فيه حرارة ما؛ ليجذب المادة الرطبة إلى العين.
7
ويجب ان يستعمل دلك الرأس، والوجه، والعينين دلكًا متتابعًا قصير الزمان؛ وذلك
8
كله ليجذب؛ فان استعمال المرطبات الصرفة قد تضر أيضًا. واذا استعملت اكحالًا
9
جاذبة فعاود المرطبات.
10
وأما الرطب منه فبالا كحال المعروفة المذكورة فى باب ضعف البصر، والماء،
11
والخيالات. ومنها شيافات بهذه النسخة: زنجار، اشق، من كل واحد جزء، زعفران جزء
12
وثلث، صبر خمسة أجزاء، مسك نصف جزء يتخذ منه شياف. وأيضًا اشج مثقالان،
13
زنجار اربعة مثاقيل، زبل الورل ثلاثة مثاقيل، زعفران مثقالان، صمغ مثقال واحد؛ يعجن
14
بعسل ويستعمل. وأيضًا فلفل، وأشج، من كل واحد جزءان، دهن البلسان تسع جزء،
15
زعفران جزء، يحل الاشج فى ماء الرازيانج؛ ويلقى عليه دهن البلسان؛ ويعجن بعسل؛
16
فان هذا جيد جدًا.
17
|216va20|فصل فى [نزول] الماء
18
نزول الماء مرض سدى؛ وهو رطوبة غريبة؛ تقف فى الثقبة العنبية بين الرطوبة
19
البيضية، والصفاق القرنى؛ فيمنع نفوذ الاشباح إلى البصر. وقد يختلف فى الكم،
20
ويختلف فى الكيف، واختلافها فى الكم أنه ربما كان كثيرًا بالقياس إلى الثقبة؛
21
فيسد جميع الثقبة؛ فلا ترى العين شيئًا. وربما كان قليلًا بالقياس إليها؛ فيسد جهة، و
22
تخلى جهة مكشوفة. فما كان من المرئيات بحذاء الجهة المسدودة لم يدركه البصر. و
23
ما كان بحذاء الجهة المكشوفة ادركه.
24
وربما ادرك البصر من شىء من الأشياء نصفه، اوبعضه؛ ولم يدرك الباقى
25
إلا بنقل الحدقة. وربما ادركه بتمامه تارة، ولم يدركه بتمامه أخرى؛ وذلك بحسب
3-212
1
موضعه؛ فانه اذا حصل بتمامه بازاء السدة لم يدرك [منه] شيئًا. واذا حصل بتمامه بازاء
2
الكشف ادرك جميعه. وهذه السدة الناقصة قد يقع إلى [موق] فوق، أو إلى [موق] اسفل.
3
وقد يتفق ان يكون ذلك فى حاق واسطة الثقبة، وما يطيف بها مكشوفًا. وحينئذ انما
4
يرى من كل شىء جوانبه، ولا يرى وسطه؛ بل يرى فى وسطه ككوة، أو هوة؛ ومعنى ذلك
5
انه لا يرى فيتخيل ظلمة.
6
وأما اختلافه فى الكيف فتارة فى القوام؛ فان بعضه رقيق صاف لا يستر الضوء
7
والشمس، وبعضه غليظ جدًا؛ وفى اللون فان بعضه هوائى اللون، وبعضه ابيض جصى
8
اللون، وبعضه أبيض لولوى [اللون]، وبعضه ابيض إلى الزرقة، والفيروزجية، والذهبية،
9
وبعضه اصفر، وبعضه اسود، وبعضه أغبر. وأقبله للعلاج من جهة اللون الهوائى،
10
والأبيض اللولوى، والذى إلى الزرقة قليلًا، وإلى الغبرة الفيروزجية. وأما الجبسى
11
الجصى، والأخضر، والكدر، والشديد السواد، والأصفر؛ فلا يقبل القدح.
12
ومن اصناف الغليظ صنف ربما صار صلبًا جدًا؛ حتى يخرج من ان يكون ماءً،
13
ولا علاج له. وأقبله للعلاج هو الرقيق الذى اذا تأملته فى الفىء النير؛ فغمزت عليه
14
باصبعك؛ وجدته يتفرق بسرعة، ثم يعود فيجتمع؛ فهذا يرجى زواله بالقدح؛ على ان
15
مداومة هذا الإمتحان مما يشوش الماء، ويعسر القدح. وربما جربوا ذلك بوجه آخر:
16
وهو ان يوضع على العين قطنة؛ وينفخ فيها نفخًا شديدًا؛ ثم تنحى؛ فينظر بسرعة هل
17
يرى فى الماء حركة؛ فان رؤى فهو صنف يتقدح. وكذلك ان كان التغميض لعين يوجب
18
اتساع الأخرى، وما كان بعد سقطة أو مرض دماغى يحدث بعد عسر برؤه.
19
العلامات: العلامة المنذرة بالماء الخيالات المذكورة؛ التى ليست عن أسباب
20
اخرى؛ وقد شرحنا أمرها فى باب الخيالات؛ وأن يحدث معه كدورة محسوسة؛ خصوصًا
21
اذا كان فى احدى العينين؛ وأن يتخيل له الأشياء المضيئة كالأسرجة مضاعفة. وقد
22
تفرق بين الماء، والسدة الباطنة؛ بأن احدى العينين اذا غمضت اتسعت الأخرى [فى
23
الماء]. وذلك لان سبب ذلك الإتساع اندفاع الروح الذى كان فى العين المغمضة إلى
24
الأخرى بقوة. واذا اصابت سدة من وراء لم ينفذ؛ وهذا فى اكثر الأمر، [وفى آخر الأمر]
25
يتسع الأخرى؛ إلا ان يكون الماء شديد العلظ؛ وان لم تكن سدة. وفى الإنتشار
26
لا يكون شىء من هذا.
27
العلاج: انى قد رأيت [رجلًا] ممن كان يرجع إلى تحصيل، وعقل كان قد
28
حدث به الماء؛ فعالج نفسه بالإستفراغات، والحمية، وتقليل الغذاء، واجتناب الامراق،
29
والمرطبات، والإقتصار على المشويات، والقلايا، واستعمال الاكحال المحللة
3-213
1
الملطفة، فعاود اليه بصره عودًا صالحًا، وبالحقيقة فانه اذا تدورك الماء فى أوله
2
نفع فيه هذا التدبير؛ واما اذا استحكم فليس [له] الا القدح، فيجب ان يهجر صاحبه
3
الإمتلاء، والشرب، والجماع، ويقتصر على الوجبة نصف النهار، ويهجر السمك،
4
والفواكه، واللحوم الغليظة خاصة.
5
وأما القىء فانه وان نفع من جهة تنقية المعدة فهو ضار فى خصوصية الماء. و
6
قد عرفنا قانون علاجه الدوائى فى باب الخيالات؛ فلنذكر اشياء مجربة. منها: يوخذ
7
حب الغار المقشر عشرة أجزاء، والصمغ جزء واحد، يسحقان ببول صبى غير مراهق،
8
للماء ولضعف البصر بالماء الساذج ويستعمل. [قال] اطيوس الآمدى: يعجن مرارة الافعى
9
بالعسل، ويكتحل به جيد جدًا. أقول: وقد جرب ناس محصلون مرارة الأفعى فلم يفعل
10
فعل السموم البتة، وهذه التجربة مما ينقض وجوب الإحتراز منها. آخر مجرب جيد:
11
عصارة الحب المنسوبة إلى جزيرة قنيدس، وكما ذريوس، وبسد، من كل واحد مثقال
12
يعجن بماء الرازيانج.
13
وأما التدبير بالقدح: فيجب ان يتقدم قبله بتنقية البدن، والرأس خاصة، ويفصد
14
ان كان يحتاج إليه، ثم يراعى ان لا يكون المقدوح مصدوعًا؛ فيخاف ان يحدث فى
15
الطبقات ورم، او مبتلى بسعال، أو شديد الضجر، سريع الغضب؛ فان الضجر، والغضب
16
كلها مما يحرك إلى العود. ويجب ان يهجر الشراب، والحمام، والجماع؛ ومع
17
هذا فلا يجب ان يستعمل القدح إلا بعد ان يقف الماء، وينزل ما يريد ان ينزل منه،
18
ويغلظ قوامه قليلًا، وهذا يسمى الإستكمال <الصغير>، ''وهو المعتدل منه". والفصد
19
ضار. وغذاءه ماء الحمص؛ ليلزم الموضع الذى يحركه إليه المقدحة من اسفل العين؛
20
ولذلك فقد يوخر ذلك من المبدأ. واذا اريد ان يقدح يقدم إلى صاحب الماء؛ بان
21
يغتذى بالسمك الطرى، والأغذية المرطبة المثقلة للماء، ويستعمل شيئًا مما هو مقو لمضرة
22
الماء؛ ثم يقدح.
23
وبالجملة فان الماء ان كان رقيقًا جدًا، اوغليظ جدًا، لم يطع القدح. واذا
24
اريد ان يقدح الزم العليل النظر إلى الموق الانسى، وإلى الأنف، ويحفظ على ذلك
25
الشكل، ولا يكون بحذاء الكوة، ولا فى موضع شديد الضوء جدًا؛ ثم يقدح يبتدىء فيثقب
26
بالمقدحة، فيمر بين الطبقتين إلى ان يحاذى الثقبة، ويجد هناك كفضاء، وجوية،
27
ثم من الصناع من يخرج المقدحة، ويدخل فيها ذنب المهت، وهو الإقليد، إلى موافاة
28
الثقبة، ليهيء للطرف الحاد من المهت مجالًا، وليعود العليل الصبر، ثم يدخل المهت
29
إلى الحد المحدود يعلو به الماء، ولا يزال يحطه حتى تصفو العين، ويكبس الماء خلف القرنى
3-214
1
من تحت، ثم يلزم المهت موضعه زمانًا صالحًا؛ ليلزم الماء ذلك المكان؛ ثم يشيل عنه
2
المهت، وينظر هل عاد، فان عاد اعاد التدبير حتى يأمن. وان كان الماء لا يجيب إلى
3
ناحية حطه، وامالته؛ بل إلى ناحية أخرى دفعه إلى النواحى التى يميل إليها، وفرقه
4
فيها. فان رأيت الماء عاد فى الأيام التى تعالج فيها العين؛ فاعد المهت فى ذلك الثقب
5
بعينه؛ فانه يكون باقيًا لا يلتحم.
6
واذا سال إلى الثقبة دم، فيجب ان يكبس أيضًا، ولا يترك يبقى هناك فيجمد،
7
فلا يكون له علاج. واذا قدحت فضع على العين المقدح بمح بيض مضروبًا بدهن
8
البنفسج بقطنة. ويجب أن يشد الصحيحة أيضًا لئلا تتحرك؛ فتساعدها العليلة. و
9
يلزمه النوم على القفا ثلاثة ايام فى الظلمة. وربما احتيج إلى معاودات كثيرة لهذا التضميد،
10
ومحافظة هذه النصبة، والإستلقاء اسبوعًا؛ وذلك اذا كان هناك ورم، أو صداع، أو غير
11
ذلك؛ لكن الورم يوجب حل الرباط القوى، وارخاءه.
12
وبالجملة: فالأولى ان يحفظ العليل نصبته [الى] ان يزول الوجع؛ فلا يحل
13
الرباط إلا فى كل ثلاثة أيام، ويجدد الدواء. ويجوز ان يكمد عند الحل بماء ورد،
14
وماء خلاف، أو قرع، أو ماء عصاالراعى، وما أشبه ذلك. وللناس طرق فى القدح
15
حتى ان منهم من يخرق اسفل القرنية يخرج منها الماء، وهذا فيه خطر؛ لان الماء اذا
16
كان أغلظ خرجت معه [الرطوبة] البيضية.
17
|217rb37|فصل فى بطلان البصر
18
بطلان البصر قد يقع من اسباب ضعف البصر؛ اذا افرطت، فلينظر من هناك؛
19
ولكنا نقول من الرأس، ولنترك ما يكون بمشاركة الدماغ وغيره؛ فان ذلك مفهوم من
20
هناك. [فاعلم] ان بطلان البصر إما ان يكون واجزاء العين الظاهرة سليمة فى جواهرها،
21
أويكون ذلك وقد أصابتها آفة مخسفة، اومسيلة، وما يجرى مجراها. فكلامنا [فى]
22
الأول. فان كانت اجزاء العين الظاهرة سليمة فى جواهرها، ولكنها قد اصابتها آفة من
23
جهة أخرى غير ظاهرة للجمهور، والعامة؛ فاما أن تكون الثقبة على حال صحتها، أو لا تكن.
24
فان كانت الثقبة على حال صحتها فاما ان تكون هناك سدة مائية، أو تكون السدة
25
ليست هناك؛ بل فى العصبة المجوفة؛ إما لشىء واقف فى أنبوبتها، وإما لإنطباق عرض
26
لها من جفان، او استرخاء، أو ورم فيها، أو ورم فى عضلاتها ضاغط فى نفسها، أو
3-215
1
تابع لضغط فى مقدم الدماغ على ما فسرناه فيما سلف؛ أو عرض لها انهتاك، أو تكون
2
الجليدية اصابها زوال عن محاذاة الثقبة؛ أو يكون فسد مزاجها فلم يصلح ان يكون آلة
3
للابصار.
4
واكثر ما يعرض ذلك لرطوبة تغلب عليها جدًا، أو ليبوسة تغلب عليها؛ فيجتمع
5
إلى ذاتها، ويستحصف، ويسمى هذه العلة علقومًا، ولا دواء لها، ويصير لها العين
6
منخسفة شهلاء. وأما ان تكون الثقبة سليمة فاما ان تكون قد بلغ بها الإتساع الغاية القصوى،
7
أوبلغ بها الضيق الإنطباق.
8
العلامات: أما علامة الماء، والإتساع، والضيق، وغير ذلك فهو مما ذكرناه
9
فى بابه. وأما السبب فيما يكون للعصبة المجوفة فذلك مما يسهل الإحاطة به جملة بالعلامة
10
المذكورة فى باب الماء. وأما تفصيل الأمر فيه فيصعب، ولا يكاد يحاط به علمًا. وان
11
كان هناك ضربان، وحمرة؛ فاحدس ان فى العصبة ورمًا حارًا. فان كان ثقل، وقلة
12
حرارة؛ فاحدس ان هناك ورمًا باردًا. وان كان الثقل شديدًا والعين رطبة جدًا
13
فالمادة رطبة. وان كانت العين يابسة فالمادة سوداوية.
14
واذا عرض على الرأس ضربة، اوسقطة اجحظت العين اولًا، ثم يتبعه غور منها،
15
وبطلان العين؛ فاحدس ان عصبة العين قد انهتكت.
16
|217va32|فصل فى بغض العين للشعاع
17
ذلك مما يدل على تسخن الروح، وإشتعاله، وترققه، وينذر كثيرًا بقرانيطس
18
إلا ان يكون سببه جرب الأجفان، وعلاجه ما تعرف.
19
|217va38|فصل فى القمور
20
قد يحدث من الضوء الغالب، والبياض [الغالب] اذا اديم النظر فى الثلج،
21
فلا يرى الأشياء، أو يراها من قريب، ولا يراها من بعيد لضعف الروح. واذا نظر إلى
22
الألوان تخيل ان عليها بياضًا.
23
العلاج: يؤمر بادامة النظر إلى الألوان الخضر والآسمانجونية، وتعليق الألوان
24
السود أمام البصر. فان كان قد اجتمع مع آفة الثلج ببياضه آفة برده قطر فى العين ماء
25
طبخ فيه تبن الحنطة فاترًا لا يوذى. وقد يكتحل بالعسل، وبعصارة الثوم. وأيضًا فقد
26
يفتح العين على بخار نبيذ مقطور على حجر رحى محماة، أو تكمد العين بنبيذ صلب، أو
27
يكب على بخار ماء طبخ فيه الحشائش المحللة الملطفة المعروفة كالزوفا، واكليل الملك،
28
والبابونج، ونحو ذلك.
3-216
1
|217vb2|الفن الرابع
2
من الكتاب الثالث من القانون فى احوال الأذن
3
وهو مقالة واحدة
4
|217vb4|فصل فى تشريح الأذن
5
الأذن [عضو] خلق للسمع. وجعل له صدف معوج ليحبس جميع الصوت،
6
ويوجب طنينه؛ وثقب يأخذ فى العظم الحجرى ملولب معوج، ليكون تعويجه مطولًا
7
لمسافة الهواء إلى داخل مع قصر ثخنه، الذى لو جعل الثقب نافذًا فيه نفوذًا مستقيمًا،
8
لقصرت المسافة. وإنما دبر لتطويل المسافة إليه؛ لئلا يغافص باطنه الحر والبرد المفرطان،
9
بل يردان عليه متدرجان إليه. وثقب الأذن يؤدى إلى جوبة، فيها هواء راكد. وسطحها
10
الأنسى مفروش بليف العصب السامع، الوارد من الزوج الخامس من أزواج العصب
11
الدماغى. وصلب فضل تصليب؛ لئلا يكون ضعيفًا منفعلًا عن قرع الهواء وكيفيته.
12
وإذا تادى الموج الصوتى إلى [ما] هناك أدركه السمع. وهذه العصبة فى أحوال السمع
13
كالجليدية فى أحوال الأبصار. وسائر أعضاء الأذن كسائر ما يطيف بالجليدية من الطبقات
14
والرطوبات، التى خلقت لأجل الجليدية؛ لتخدمها، أو تقيها، أو تعينها. والصماخ
15
كالثقبة العنبية.
16
وخلقت الأذن غضروفية؛ فانها لو خلقت لحمية أو غشائية، لم تحفظ شكل
17
التقعير والتعريج الذى فيها. ولو خلقت عظمية، لتأذت ولآذت فى كل صدمة. بل
18
جعلت غضروفية، [ليكون] لها مع حفظ الشكل لين إنعطاف. وخلقت الأذن فى
19
الجانبين، لأن المقدم كان أوفق للبصر لما علمت، فاشتغل بالعين. وخلقت تحت قصاص
20
الشعر فى الإنسان، لئلا يكون تحت ستر الشعر وستر اللباس. وهذا العضو يعرض له أصناف
21
الأمراض. وربما كانت أمراضها قاتلة؛ وكثيرًا ما يعرض من أمراضها حميات صعبة.
3-217
1
|217vb47|فصل فى حفظ صحة الأذنين
2
يجب أن يعتنى بالأذن فتوقى الحر، والبرد، والرياح، والأشياء الغريبة؛ لئلا
3
يدخلها شىء من المياه والحيوانات؛ وأن ينقى وسخها. ثم يجب أن يدام تقطير دهن
4
للوز المر فيها، فى كل أسبوع مرة، فانه عجيب. ويجب أن يراعى لئلا يتولد فيها أورام،
5
وبثور، وقروح؛ فانها مفسدة للأذن. وإن خيف أن يحدث بها بثور، استعمل فيها
6
اقطور من شياف ما ميثا فى خل. وفى تقطير شياف ماميثا فيها فى كل أسبوع مرة أمان
7
من النوازل أن تنزل إليها. ومما يضر الأذن وسائر الحواس التخمة والإمتلاء، وخصوصًا
8
النوم على الإمتلاء.
9
|218ra6|فصل فى آفات السمع
10
إن آفات السمع كآفات سائر الأفعال. وذلك لأن آفة كل فعل هو [إما] أن يبطل
11
الفعل، فيكون نظيره هاهنا بطلان السمع. أو ينقص، فيكون نظيره هاهنا ثقل السمع،
12
فلا يستقصى ولا يسمع من بعيد. أو يتغير، ويكون نظيره ههنا أن يسمع ما ليس مثل ما
13
يعرض فى الأذن من الدوى، والطنين والصفير.
14
وأعلم أن آفة السمع إما أن تكون أصلية فيكون صمم، أو طرش، أو وقر ولادى؛
15
وإما أن تكون عارضة. ومعنى الصمم غير معنى الطرش. فان الصمم أن يكون الصماخ
16
قد خلق باطنه أصم، ليس فيه التجويف الباطن، الذى ذكرناه، الذى هو كالعنبية،
17
المشتملة على الهواء الراكد، الذى يسمع الصوت بتموجه.
18
وأما الطرش والوقر فهو أن لا تبلغ الآفة عدم الحس منها، ولا يبعد ان يكون الوقر
19
كالبطلان العام للصمم، فلا يكون هناك تجويف، لكن العصبة ليست تؤدى قوة الحس.
20
والطرش كالنقصان من غير بطلان، أو]ان] يتواطى على العكس فى الدلالة. والطرش
21
كثيرًا ما يعرض عقيب القذف، وهو سهل الزوال. وفقدان السمع منه مولود طبيعى، لا
22
علاج له؛ وكذلك سائر أصناف الوقر. والطرش منه مولود طبيعى أيضًا، ولا علاج له؛
23
ومنه حادث، لكنه إذا طال عهده فهو مزمن. وذلك أيضًا قريب من الياس، أو
24
عسر العلاج. وأما الحادث القريب العهد من الطرش فقد يقبل العلاج.
25
وأما أسباب ذلك فقد يكون من مشاركة عضو؛ مثل ما يكون من مشاركة الدماغ؛
26
أو بعض الأعضاء المجاورة له، كما يقع عند أول نبات الأسنان، وكما يقع عند أوجاع
3-218
1
الأسنان. وقد يكون لآفة خاصة فى السمع إما [فى] العصبة، وإما [فى] الثقبة. أما
2
الآفة فى عصب السمع فقد تعرض لجميع أسباب الأمراض المتشابهة الأجزاء منها، و
3
الآلية، وإنحلال الفرد.
4
أما الأمراض المتشابهة الأجزاء فيها [فكل واحد من أصناف سوء المزاج المفرد
5
والمركب]، وأكثره من برد. وقد يكون كل واحد من ذلك بغير مادة، وقد يكون مع
6
مادة صفراوية، أوسوداوية، أو بلغمية من بلغم فج، أو ريحية. وكثيرًا ما يحتبس إسهال
7
مرارى فيعقبه صمم. ولا يبعد أن يكون كذلك فى إسهالات أخر، وقعت بالطبع، فحبست
8
ومنعت فى غير الوقت.
9
وأما الآلية فى العصب فمثل سدة يوجبها خلط، أو مدة، او ورم من دبيلة، اوورم
10
حار، أو صلب، أو غشاوة من وسخ، أو رهل أو نفخة. وإنحلال الفرد فيها فقد يكون
11
من قرحة، أو من تأكل.
12
فأما الكائن بسبب المجرى فأكثره عن سدة بسبب بدنى، أو بسبب من خارج.
13
والبدنى مثل ثؤلول، أوورم، أو لحم زائد، أو دود، أو كثرة وسخ، أو خلط غليظ، أو
14
صملاخ، أو جمود مدة من ورم انفجر، أو دود. وأما الخارجى فمثل رمل، أو حصاة،
15
أو نواة يدخلها، أو جمود دم سال عن الأذن بعضه [وبقى بعضه] وذلك قد يقع بغتة،
16
وقد يعرض قليلًا قليلًا.
17
وقد تعرض آفة للسمع على سبيل البحران، وعلى سبيل إنتقال المادة فى آخر
18
الأمراض الحادة، وعند ما يبقى بعد زوال الحمى ثقل الرأس. وقد تكون الآفة، التى
19
هى من هذا الباب، إما على سبيل عرض يزول؛ كما يكون عند حركات البحران، وإما
20
على سبيل عارض ثابت، بأن يكون هو [من] نفس دفع البحران؛ أعنى أن يكون البحران
21
قد دفع المادة إلى ناحية الأذن، فأقرها فيها ليس إنما تحيزها ]فيه] على سبيل المجاورة.
22
وكثيرًا ما تنذر هذه العرضية بقىء، أو رعاف. وكثيرًا ما يبطله الإسهال.
23
|218rb29|العلامة
24
أما الكائن بشركة الدماغ فيدل عليه الحال فى الحواس الأخرى، ومشاركتها
25
السمع فيه، ومشاركة قوى الحركة أيضًا إياه. وأدل الدلائل عليه مشاركة اللسان، و
3-219
1
خصوصًا إذا كان عقيب السرسام، وعقيب إختلاط العقل، وبعد آفات دماغية مزاجية
2
وغيرها مما قيل فى باب الدماغ.
3
وأما إذا كان خاصًا بالعصب فيستدل عليه بسلامة الدماغ والثقبة، وسلامة
4
منافذ السمع، والعهد باستمرار سلامة السمع من قبل. وإن كان السبب دبيلة،
5
أو ورمًا حارًا فى نفس العصب، دل عليها حميات يكون معها نافض وقشعريرة؛ ويلزمها
6
حمى، وإختلاط عقل، وهذيان. وفيه خطر، إلا ان يتقيح. فان لم يكن الورم فى
7
نفس العصبة، لم يجب أن يكون حمى، إلا على حكم حمى يوم، وكان تمدد، ووجع،
8
وثقل وضربان. وأما الوجع والثقل فيشترك فيه جميع ما كان من ورم ومادة حيث كان.
9
وإن كان السبب رياحًا دل عليها دوى وطنين، غير مقارن للثقل. وإن كان قرحة
10
وبثورًا، فيدل عليها حكة مع الوجع.
11
وأما السدة فقد تكون كثيرًا بلا ثقل. وقد تكون مع ثقل. وإذا لم يكن ثقل،
12
وكانت آفة، ولم يكن هناك سوء مزاج قاهر، فهو من السدة. والتدبير المتقدم قد يدل
13
[عليه]. وإن كانت السدة من دمل ونحوه، دل عليها الضربان. وإن كانت من دم،
14
دل عليها سيلان الدم المتقدم. وما كان من سوء مزاج مفرد، فيدل عليه وجع فى العمق
15
بلا ثقل، ولا تمدد.
16
فان كان باردًا تأذى بالباردات، واشتد فى أبرد أجزاء النهار. وإن كان حارًا
17
كان بالضد، وأحس بالتهاب ولدع. فان كان هناك مادة أحس مع ذلك بثقل، و
18
خصوصًا عند السجود. وما كان من يبس فعلامته أن يكون بعد السهر والصوم، ومع
19
ضمور الوجه والعين. وما كان سببه الدود، دل عليه دوام الدغدغة مع خروج الدود فى
20
الأحيان.
21
العلاج: نقول أولًا: إنه يجب أن يكون جميع ما يقطرفى الأذن فاترًا، غير بارد ولاحار.
22
هذا قول كلى. و تفصيل الأمر فيه: أما المرارى منه فيجب أن يستفرغ فيه المرار بالمسهل؛
23
فانه كثيرًا ما يقع فيه إسهال [مرارى] بالطبع، فيزول معه الصمم؛ كما أنه كثيرًا ما يعرض
24
إختلاف مرارى فيحبس، فيعرض صمم. فأما إن كان هناك حرارة فقط، فالمبردات
25
من الأدهان وغيرها. أو تعصر رمانة، ويعاد عصيرها فى قشرها مع شىء من خل، وكندر،
26
ودهن ورد، ويطبخ حتى يتقوم، ويقطر فيها. [اويقطر فيها] ماء الخس أو ماء عنب الثعلب.
27
وأما الكائن عن برد ومادة باردة، فينفع منه جميع الأدهان الحارة، والمفتوق
28
فيها جندبيدستر، وخاصة دهن البلسان والقسط، او دهن اللوز المر، وعصارة الأفسنتين،
3-220
1
ودهن البابونج مع شحم البقر، ومرارة الثور؛ أو دهن حل مطبوخ فيه شحم حنظل أو
2
أصوله.
3
وقد ينفع فيه بول الثيران إذا أديف فيه المر، وجعل قطورًا؛ أو عصارة قثاء الحمار.
4
وذلك كله بعد إستفراغ المادة الباردة إن كانت محتقنة، بما تعلمه من الإستفراغات العامة.
5
للبدن، والخاصة لناحية الرأس، وبعد إستعمال النطولات التى تعرفها لها، وخصوصًا
6
ما يقع فيه ورق الدهمشت وحبه. والرياضة شديدة المنفعة فى ذلك؛ وكذلك الصياح
7
الشديد فى الأذن، وأصوات البوقات ونحوها. وربما جعل القمع فى الأذن ليصل
8
إليها البخار من المطبوخات المحللة.
9
وينفع من جميع ذلك عصارة السذاب مع عسل أو جندبيدستر، ودهن الشبث،
10
وبول المعز، ومرارة المعز خصوصًا مع القنة. ومما جرب فى ذلك أن يوخذ جندبيدستر
11
ثلاثة دراهم، نطرون درهم ونصف، خربق درهم ونصف، ويتخذ منه كالأقراص،
12
ويستعمل قطورًا. وفى نسخة: خربق نصف وربع درهم، نطرون ثلث درهم. و
13
أيضًا يؤخذ كندس، وزعفران، وجندبيدستر جزء جزء، خربق أربعة، بورق أربعة، يذاب
14
بالشراب ويستعمل. أو شحم حنظل، وصبر، وجندبيدستر، وفربيون بمرارة البقر.
15
وقد جرب دهن الفجل، ودهن الميويزج، فكان شديد النفع. أو عصارة الأفسنتين،
16
أو طبيخه، أو عصارة الفجل بالملح، وخصوصًا إذا كانت بلة وسدة.
17
وقد جرب فى ذلك أن تتخذ فتيلة من خردل مدقوق بالتين؛ وربما زيد فيه نطرون.
18
وتقطير ماء البحر فيه حارًا نافع. والخربق الأسود والمرارات نافعة، وخصوصًا مرارة
19
العنز بدهن الورد. وقد زعم بعضهم أنه إذا غلى الأبهل فى دهن الحل فى مغرفة مقدار
20
ما يسود الأبهل، كان قطورًا نافعًا من الصمم. ومما ينفع من ذلك دهن الشبث، أو
21
الغار والسوسن، أو الناردين بجندبيدستر، أو رغوة الأفسنتين، أو عصير السذاب.
22
والكائن بسبب اليبس فالعلاج الزام الحمام، والغذاء، والشراب المرطب،
23
وصب الدهن المعتدل، والماء الفاتر على الرأس، والسعوط بمثل دهن النيلوفر و
24
الخلاف، وحب القرع وغيره. والكائن بسبب السدة فيعالج بما ذكر فى باب
25
السدة. وينفع منه عصارة حب الشهدانج، وعصارة الحنظل الرطب، منفعة جيدة.
26
"و أما الكائن بسبب الأورام فيعالج الحار منها والبارد بما علمت". وإذا وقع
27
الطرش بغتة، فقد ينتفع فيه بماء طبخ فيه الأفسنتين أو عصارة الأفسنتين، وخلط به
28
مرارة الثور، او مرارة الشبوط، او مرارة السلحفاة، أو مرارة الثور بدهن <الورد>، أوخربق
3-221
1
مع خل، أو سلخ الحية مع الخل. والكائن عقيب الصداع فينفع فيه ماء الفجل، ودهن
2
الورد او جندبيدستر مع حب الغار بدهن الورد. والكائن عقيب السرسام فيجب أن
3
يبدأ فيه بالاستفراغ بايارج فيقرا، ثم يقطر فيه جندبيدستر بدهن الورد، اودهن القسط
4
وحده او دهن اللوز الحلو، أو ماء الفجل ودهن الورد، او جندبيدستر مع <حب> الغار
5
بدهن الورد.
6
ومن الحبوب المجربة لما يكون من سدة، أو من خلط أو ريح، أن يؤخذ تربذ
7
عشرون درهمًا، شحم حنظل عشرة دراهم، أنزروت درهمان ونصف، كثيراء سبعة دراهم،
8
هليلج عشرة دراهم، يتخذ منه حب شبيار، والشربة منه درهم.
9
ونقول كالعائدين إلى رأس الكلام: ان جميع ما هو كائن من ثقل السمع،
10
وأوجاعه ورياحه، ودويه، وطنينه بسبب مادة باردة وبرد. فمن الأدوية المشتركة
11
لجميع ذلك بعد تنقية الرأس أن يقطر فى الأذن بورق بخل، وعسل، ومرارة الضأن
12
مع زيت وشراب، أو مع دهن لوز مر، وماء الكراث وماء البصل بعسل، أو لبن إمرأة
13
وأدوية مشتركة ذكرت فى باب الأوجاع.
14
وقطرتان من القطران غدوًا، وعشيًا، أو خربق أبيض وأسود بعض الأدهان،
15
وخصوصًا بدهن السوسن، أو بالأفسنتين وماء قشور الفجل. وكذلك دهن طبخ فيه
16
سلخ الحية، أو حب الغار، أو فربيون، وجندبيدستر بدهن، أو دهن البلسان، أو النفط.
17
أو يوخذ من علك الأنباط أوقية، ومن دهن الخيرى أوقيتان، دهن لوز مر نصف أوقية
18
يغلى الجميع معًا ويستعمل منه ثلات قطرات بكرة [وثلاث قطرات] وعشية، وكذلك عسل
19
لبنى بدهن الخيرى، وكذلك ماء ورق الحنظل الطرى، وعصارة اللوف وهزارجشان
20
شديدة القوة جدًا. وأدوية مشتركة ذكرت فى باب الأوجاع. وإن عرض مثل هذا
21
للصبيان، انتفعوا بدهن الداذى المطبوخ فيه السذاب، والمرزنجوش، أو بزاق من مضغ
22
الصعتر بملح اندرانى وحده.
23
ومن الكمادات النافعة ما كان بطبيخ البابونج، والشبث، والمرزنجوش،
24
و ورق الغار، والحبق اليابس، وعاقرقرحا، يكمد به العنق وأسفل الأذنين. وكدلك
25
النطولات المذكورة فى باب الرأس، وتجعل فى بلبلة، وتحاذى ببزالها الأذن ليدخل
26
منه بخاره.
27
والإستفراغ لأهل الطرش الأوفق فيه أن يكثر عدده، ويقلل مقداره كل مرة
28
ليتحفظ القوة، ويوافى النضج، وأما الكائن بسبب الأورام فيعالج الحار منها. والبارد
29
بما علمت، [ولا حاجة بنا ان نكرر].
3-222
1
|219ra14|فصل فى وجع الأذن
2
وجع الأذن إما أن يكون من سوء مزاج، أو يكون بسبب ورم، أو بثر،
3
أو يكون بسبب تفرق إتصال. وسوء المزاج إما حار بلا مادة؛ [بل] مثل ما يكون
4
بسبب هواء حار وريح حارة، وخصوصًا إذا انتقل إليه عن البرد دفعة، أو إغتسال
5
بماء حار دخل فى الأذن، أو <دخل فى الأذن> ماء من المياه التى تغلب عليه
6
قوة حارة. وإما حار بمادة دموية أو صفراوية، وإما بارد بلا مادة؛ بل بسبب من الأسباب
7
المضادة للاسباب المذكورة من هواء أوريح باردين، وخصوصًا إذا انتقل إليهما عن حر
8
فجأة؛ أو ماء بارد، أو ماء يغلب عليه <قوة> شىء بارد [و