41
1
كتاب المدخل الكبير الی علم
2
احكام النجوم لابي معشر البلخي
42
1
|I.1.1| بسم اللّه الرحمن الرحيم
2
|I.1.2| الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض بما فيها من عجائبها وجعل الكواكب زينة ومصابيح
3
وجعلها دلائل وهداية يهتدي بها وجعل الأرض مهادا وقدّر فيها أقواتها فلا إله إلّا اللّه وحده
4
لا شريك له وصلّى اللّه على محمّد النبيّ عبده ورسوله وآله وسلّم كثيرا
5
|I.1.3| القول الأوّل من كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم
6
|I.1.4| هذا كتاب ألّفه جعفر بن محمّد المعروف بأبي معشر الخراساني البلخي المنجّم في صناعة المدخل
7
إلى علم أحكام النجوم وهو ثماني مقالات وسنذكر عند كلّ مقالة عدد فصولها
8
|I.1.5| فأمّا الآن فنذكر فصول القول الأوّل وهو ستّة الفصل الأوّل في صدر الكتاب والرؤوس
9
السبعة الفصل الثاني في وجود علم أحكام النجوم الفصل الثالث في كيفية فعل الكواكب في
10
هذا العالم الفصل الرابع في الصور والطبائع والتركيب والمطبوع الفصل الخامس في الاحتجاج
11
على تثبيت الأحكام والردّ على كلّ من زعم أنّ الكواكب لا قوّة لحركاتها ولا دلالة لها على
12
الأشياء الكائنة في هذا العالم الفصل السادس في منفعة علم الأحكام وأنّ تقدمة المعرفة بالأشياء
13
الكائنة في هذا العالم من قوّة حركات الكواكب نافعة جدّا
44
1
|I.1.6|
الفصل الأوّل في صدر الكتاب والرؤوس السبعة
2
|I.1.7a| قال جعفربن محمّد المعروف بأبي معشر المنجّم إنّ السبب الذي دعاني إلى تأليف كتاب المدخل إلى
3
علم أحكام النجوم أنّي رأيت المحبّين للعلم إنّما قصدهم لمعرفة الأشياء واستنباط العلوم وتأليفها
4
فإذا تهيّأ لهم ذلك فقد تمّت بغيتهم لأنّ تمام غرض العلماء بتمام المعرفة لما له يقصدون وإنّي
5
وجدت كتبا كثيرة قد ألّفها المتقدّمون من أهل صناعة الأحكام ولم أر كتابا منها فيه تثبيت
6
هذه الصناعة بالحجج المقنعة ولا فيه ابتداء ما يحتاج إليه الناظر في هذا العلم ورأيت قوما قد
7
اختلفوا في ذات الأحكام فقال قوم إنّه ليس لقوّة حركات الكواكب فعل في هذا العالم البتّة
8
وقال قوم آخرون إنّ لها فعلا في الأجناس والأنواع والأركان الأربعة لا في شيء آخر|I.1.7b| وقال
9
قوم إنّ لها فعلا في انتقال الزمان وتغييره فقط وقال قوم آخرون في دفعة أقاويل مختلفة إنّ لها
10
فعلا في كلّ شيء في هذا العالم وهذا هو قول أصحاب صناعة النجوم ولم أر أحدا منهم احتجّ
11
على قوله بحجّة واضحة يقبلها الحكماء فرأيت أن أؤلّف هذا الكتاب في المدخل إلى علم الأحكام على
12
نحو ما كانت العلماء تؤلّف كتبها في شرح ما يحتاجون إليه في كتبهم وتقديم ما ينبغي أن يقدّم
13
وتأخير ما ينبغي أن يؤخّر وإني أبدأ فيه بذكر الرؤوس السبعة التي كانت الحكماء تبدأ بها في
14
كتبهم تشبّها بهم وسلوكا لمسلكهم وقصدا لسبيلهم
15
|I.1.8| فأمّا أوّل الرؤوس السبعة فغرض الكتاب والثاني منفعته والثالث اسم الواضع للكتاب والرابع
16
اسم الكتاب والخامس في أيّ وقت يقرأ قبل أيّ كتاب أو بعد أيّ كتاب والسادس من أيّ
46
1
الأجزاء هو من جزء العلم أو من جزء العمل والسابع في قسمة أجزاء الكتاب بالمقالات
2
والفصول
3
|I.1.9a| فأمّا غرضنا في كتابنا هذا فأن نبيّن فيه علّة كلّ شيء يحتاج إليه المبتدئ في تعليم أحكام
4
النجوم وإنّما فعلنا ذلك لأنّا وجدنا كتبا كثيرة قد كان ألّفها قوم من أهل هذه الصناعة في هذا
5
المعنى فلم نر لأحد منهم كتابا واحدا فيه جميع ما يحتاج إليه في هذه الصناعة وكان يظنّ كثير
6
من الناس أنّ أحكام النجوم إنّما هي شيء وجده الناس حدسا وتخمينا من غير أن يكون لها
7
أصل صحيح يعمل عليه أو يقاس به وإنّه لا علّة لها ولا برهان عليها ولا تثبّت على الحتجاج|I.1.9b| وإنّ كلّ
8
الناس من أهل هذه الصناعة تبع للأوائل الذين كانوا في قديم الدهور في كلّ شيء من هذا العلم
9
وإنّه إن لم يكن تقدّم قول بعض الأوائل على معنى من المعاني فإنّه لا يمكن علماء هذه الصناعة
10
أن يستنبطوا علم ذلك الشيء فألّفنا كتابنا هذا في تثبيت الأحكام بالحجج والبراهين المقنعة وبيّنّا
11
فيه علّة حالات الكواكب والبروج وطبائعها ودلالاتها المفردة والمركّبة على الاستقصاء الذي
12
يحتاج إليه في هذا الكتاب فإن ما كان من علمها غير موجود فإنّ استنباطه ممكن للعلماء بأصول
13
هذه الصناعة
14
|I.1.10| فأمّا منفعة هذا الكتاب فظاهرة بيّنة لأنّ كلّ من يريد أن يبتدئ في تعليم الأحكام فإنّه يستغني
15
بقرائته وفهمه بهذا الكتاب عن قرائة كلّ كتاب في المدخل إلى معرفة الأحكام ويستدلّ بقرائته
16
هذا الكتاب وحده على الأشياء التي لا يستدلّ عليها من قرائة كتاب أحد من المتقدّمين لأنّي قد
17
جمعت فيه أصول هذه الصناعة وأظهرت من أسرار علمها ما كان خفيا على كثير من متقدّمي
18
علماء هذه الصناعة وكشفت من باطنها ما لا يخفى على أحد ممّن يقرأ شيئا منها ممّا يحتاج إليه من
19
أصول علم الأحكام
48
1
|I.1.11| فأمّا لمن هذا الكتاب فقد ذكرنا في أوّل كتابنا أنّه لجعفربن محمّد المعروف بأبي معشر المنجّم
2
وإنّما احتاجت الحكماء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما معرفة اسم الواضع للكتاب لأنّه إذا علم القارئ له أنّ واضع الكتاب عالم
3
بمذهب الكتاب صادق القول فيه قبل قوله ووثق بصواب ما يقرأ وأيضا فلأنّ لا يجد الجهّال
4
كتابا لا يعرف صاحبه فينسبونه إلى أنفسهم ليتّخذوا به ذكرا ومكسبا
5
|I.1.12| فأمّا اسم هذا الكتاب فهو كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم وإنّما احتيج إلى اسم الكتاب
6
لأنّه ربّما دلّ اسم الكتاب على غرضه
7
|I.1.13| فأمّا في أيّ وقت يقرأ قبل أيّ كتاب أو بعد أيّ كتاب فإنّه يقرأ قبل كلّ كتاب من كتب
8
الأحكام لأنّه المدخل إلى معرفة علم الأحكام وإنّما احتيج إلى معرفة هذا لأنّه ربّما قرأ الإنسان
9
بعض الكتب فلا يفهمه إلّا بأن يقرأ قبله كتابا آخر
10
|I.1.14| فأمّا من أيّ جزء هو من أجزاء هذه الصناعة فهو من جزء العلم وإنّما فيه من الجزء العلمي
11
الشيء الذي يحتاج إليه صاحب المدخل إلى علم الأحكام
12
|I.1.15| فأمّا لكم مقالة ينقسم فإنّه ينقسم لثماني مقالات
13
|I.1.16| أمّا المقالة الأولى ففيها ستّة فصول في وجود الأحكام وتثبيتها بقوّة حركات الكواكب وكيفية
14
فعلها في هذا العالم والردّ على من قال بإ بطالها بالحجج والبراهين المقنعة والمنفعة بتقدمة معرفة
15
الأشياء من علم النجوم
16
|I.1.17| وأمّا المقالة الثانية فإنّ فيها تسعة فصول في عدد صور الفلك وأسمائها وحالات البروج
17
وطبائعها المفردة
18
|I.1.18| وأمّا المقالة الثالثة فإنّ فيها تسعة فصول في العلّة في استعمال المنجّمين الكواكب السبعة
19
دون غيرها في الأشياء السريعة التغييرات ودلالاتها على حالات الأركان الأربعة وتحديد
20
أحكام النجوم والمنجّم في أيّ شيء ينبغي أن ينظر صاحب علم الأحكام وخاصّية دلالات
21
الشمس والقمر ومشاركة الكواكب لهما على ما يحدث في هذا العالم
50
1
|I.1.19| وأمّا المقالة الرابعة ففيها تسعة فصول في ذكر طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها على ما
2
ذكره عامّة الأوّلين وما كان من ردّنا عليهم قولهم وما ذكرنا نحن من سعود الكواكب ونحوسها
3
واختلاف حالاتها وطبائعها
4
|I.1.20| وأمّا المقالة الخامسة فإنّ فيها اثنين وعشرين فصلا في حظوظ الكواكب في البروج كالبيوت
5
والأشراف والحدود وسائر حظوظها
6
|I.1.21| وأمّا المقالة السادسة فإنّ فيها ثلاثة وثلاثين فصلا في حالات البروج وخاصّية دلالاتها على
7
الأشياء
8
|I.1.22| وأمّا المقالة السابعة فإنّ فيها تسعة فصول في حالات الكواكب وخاصّية دلالاتها على
9
الكائنات
10
|I.1.23| وأمّا المقالة الثامنة فإنّ فيها تسعة فصول في استخراج السهام وعللها
11
|I.1.24| وإنّما يقسم الكتاب بالمقالات والفصول لأنّ الكتاب إذا كان فهمه عسرا ثمّ فصّل وجزّأ
12
كان أقرب إلى فهم القارئ وأسهل عليه
52
1
|I.2.1|
الفصل الثاني في وجود علم أحكام النجوم
2
|I.2.2| إنّ في النجوم وحركاتها نوعين من العلم عجيبين في الفكرة عظيمين في القدر فالنوع الأوّل يقال له
3
علم الكلّ وهو علم كيفية وكمّية الأفلاك العليا وأفلاك الكواكب كلّ فلك على حدته وبعد كلّ
4
فلك من صاحبه وميل بعضها عن بعض وعظمها وقدر كلّ فلك في نفسه وبعده من الأرض
5
وإنّ الأرض مستديرة وإنّ الأفلاك مستديرة محيطة بها وإنّ الفلك الأعلى يدوربذاته ويدير هذه
6
الأفلاك وما فيها من الكواكب على الأرض في اليوم والليلة من المشرق إلى المغرب دورة واحدة
7
|I.2.3a| وإنّ الشمس تطلع على قوم دون قوم وإنّه يكون في وقت واحد على قوم نهار وعلى قوم آخرين
8
ليل وإنّ الأجرام العلوية كلّها تتحرّك حركتين فأمّا كثير من الأفلاك فإنّها تسير سيرا موافقا
9
لسير الفلك الأعلى من المشرق إلى المغرب فأمّا الكواكب فإنّها تسير من المغرب إلى المشرق
10
مخالفة لسير الفلك الأعلى وإنّ كثيرا من الأفلاك يكون سيره موافقا لسير الكواكب|I.2.3b| وقد ذكرنا
11
جميع ذلك في زيجنا الكبير وفيه ذكر أنواع حركات الأفلاك والكواكب كلّ فلك وكلّ كوكب
12
على حدته وما خاصّة كلّ واحد منها وأيّها أسرع حركة وأيّها أبطأ وأيّها أعلى من صاحبه وإنّ قدر
13
الأرض في الصغر عند الفلك الأعلى كقدر النقطة عند الدائرة ومعرفة كسوف الكواكب بعضها
14
لبعض وكسوف النيّرين فمعرفة هذا وكلّ شيء يحتاج إليه من هذا الجنس من كيفيات الأفلاك
15
وكمّياتها وكمّية حركات الكواكب وحالاتها فهو يقال له علم الكلّ|I.2.3c| فأمّا كثير من كيفية ظاهر علم
16
الكلّ وكمّيته فهو موجود بالعيان وما لا يوجد من ذلك عيانا فالقياس عليه هو المضطرّ إلى قبوله
54
1
لأنّ الدلالات والبراهين عليه من أسباب بيّنة واضحة متّفق عليها من علم الحساب والهندسة
2
والمساحة التي لا يخالطها شكّ ولا تمتنع العقول من قبولها ولا يدفع هذا العلم إلّا معاند للحقّ
3
وقد ألّف بطلميوس الحكيم كتابا يقال له كتاب المجسطي فيه جميع ما يحتاج إليه من علم حالات
4
الأفلاك والكواكب على الاستقصاء
5
|I.2.4| والنوع الثاني علم الأحكام وهو معرفة طبيعة كلّ كوكب وكلّ فلك وخاصّية دلالاتها وما
6
يتولّد ويحدث من قوى حركاتها المختلفة وطبعها في هذا العالم الذي هو دون فلك القمر من
7
اختلاف الأزمنة وتغيير الطبائع التي هي النار والهواء والماء والأرض وفي الأشياء التي تحدث
8
من هذه الطبائع من أشخاص الحيوان والنبات والمعادن وبالنوع الأوّل من علم النجوم الذي هو
9
علم الكلّ يستدلّ على هذا النوع الثاني الذي هو علم أحكام النجوم
10
|I.2.5| فأمّا كثير من علم الأحكام فهو ظاهربيّن موجود وما كان منه غير ظاهر فإنّه يستدلّ عليه
11
بالقياسات الواضحة من علم طبائع الأشياء وما يظهر من قوى حركات الكواكب على هذا العالم
12
في وقت مسامتتها بعض المواضع وبعدها عن الأرض وقربها منها ولا يدفع هذا النوع الثاني من
13
علم النجوم إلّا القوم الذين بعدوا عن المعرفة والتمييز والفكرة في حالات الأجرام العلوية
14
|I.2.6a| فمن القياسات التي توجد ما ذكرنا من تصحيح الأحكام على النجوم أشياء كثيرة بعضها ظاهرة
15
عند العامّة وبعضها غير ظاهرة عندهم فمن الأشياء الظاهرة التي تعرفها العامّة بظاهر تجاربهم
16
أنّهم يجدون الأزمنة كالربيع والصيف والخريف والشتاء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما يكون بانتقال الشمس في أرباع الفلك
17
ويجدون الطبائع إنّما تتغيّر وتنتقل من بعضها إلى بعض ويقوى بعضها ويضعف بعض بالأزمنة
18
وبموافقتها لها وبمخالفتها إ يّاها|I.2.6b| فإذا كانت الطبائع إنّما تتغيّر بالأزمنة والأزمنة إنّما تتغيّر بانتقال
56
1
الشمس في أرباع الفلك فانتقال الطبائع بعضها إلى بعض إذا إنّما يكون بانتقال الشمس في أرباع
2
الفلك فقد نجد للشمس أيضا في كلّ يوم وفي كلّ وقت فعلا في تغيير الطبائع خلاف فعلها
3
في الوقت الآخر|I.2.6c| وذلك لأنّها كلّما صارت إلى مشرق موضع من المواضع أو ارتفعت عليهم
4
أو انخفضت عنهم تغيّرت طبائعها ومزاجاتها وحدث في هواء ذلك الموضع من الحارّ أو
5
البارد أو الرطب أو اليابس في حيوانها ونباتها ومعادنها في كلّ وقت من اليوم والليلة من
6
التغيير والكون والفساد شيء من الأشياء خلاف ما كان عليه في الوقت الآخر وذلك كما نرى
7
في ابتداء حركة الناس وسائر الحيوان عند بلوغ الشمس إلى مشرقهم|I.2.6d| فما دامت الشمس
8
صاعدة إلى وسط سمائهم فإنّ حركتهم في زيادة وقوّة فإذا مالت الشمس عن وسط السماء فإنّ
9
حركتهم تضعف وتقلّ إلى غيبوبة الشمس فإذا غابت الشمس عنهم كان الليل وهدن فيه
10
الأبدان وسكنت وضعفت واسترخت للنوم والهدوء وأوت عامّة الحيوان إلى بيوتها وأجحرتها
11
فإذا طلعت الشمس عليهم ثانية في اليوم الآخر رجعوا إلى الحال الأولى من الحركة
12
|I.2.7| فأمّا النبات فإنّ فعل الشمس ظاهر فيه لأنّ كثيرا منه يظهر ويقوى وينمو ويزيد فيها
13
عند طلوع الشمس مثل الريحان الذي يقال له النيلوفر والآذريون والخبّاز وورق الخروع
14
وأشياء أُ خر كثيرة من النبات التي تتحرك وتنموا مع حركتها فإذا غابت الشمس مالت هي وضعفت
15
واسترخت وأظهر من هذا من فعل الشمس أنّ الزروع والنبات لا تنمو ولا تنشؤ إلّا في
16
المواضع التي تطلع عليها الشمس أو يصيبها فيها قوّة حرّها
17
|I.2.8| فأمّا المعادن فإنّما يتولّد فيها الجواهر على قدر قربها من مدار الشمس أو بعدها عنه لأنّ
18
الشمس إذا سامتت موضعا من المواضع كان هناك حرّ وإذا تنحّت عنه كان هناك برد
19
فهذا وكثير من هذا الجنس من ظاهر فعل الشمس قد تعرفه العامّة وقد يوجد للقمر أيضا
58
1
فعل ظاهر في كثير من الأشياء لأنّه كلّما تغيّر القمر من حال إلى حال يحدث تغييرات كثيرة
2
في الحيوان والنبات والمعادن وفي ماء البحر وفي مسقط النطف وتولّد الحيوان وابتداء النتاج
3
واللقاح ويكون ذلك على قدر زيادته في ضوئه ونقصانه منه وسائر اختلاف حالاته
4
|I.2.9| وقد يعرف أيضا كثير من الأمم المختلفة ما يحدث في أيّام السنة من الحرّ والبرد والرياح
5
والأمطار وأصناف تغيير الهواء من حلول القمر في كلّ منزلة من المنازل الثمانية والعشرين وكثير
6
منهم إذا رأوا كلّ واحد من هذه المنازل في المغرب بالغدوات فإنّهم يقولون إنّ الهواء يتغيّر في
7
هذا اليوم بالريح أو بالغيم أو بالحرّ أو بالبرد على قدر ما تقدّمت تجربتهم له وقد يوجد للكواكب
8
كلّها أفاعيل مختلفة في هذا العالم إلّا أنّ أفاعيلها عند العامّة أخفى من أفاعيل الشمس والقمر
9
|I.2.10| وممّا تستدلّ به العامّة من فعل الكواكب في هذا العالم ما تجد من اختلاف حالات الأزمنة
10
بالكيفية الزائدة أو الناقصة لأنّ اختلافها في الزيادة والنقصان إنّما يكون بمشاركة الكواكب
11
للشمس والقمر عند حلولهما في بعض مواضع الفلك ولولا مشاركة الكواكب لهما فيه لكان لا
12
يكون صيف أحرّ من صيف ولا شتاء أ برد من شتاء
13
|I.2.11| وقد تجد وتعرف ما ذكرنا من تغيير الطبائع وانتقالها من حال إلى حال العامّة من جميع
14
الأمم والأقاليم ممّن لهم تجربة قليلة ويصحّ عندهم من هذه الجهة الظاهرة أنّ النشوء والفساد
15
إنّما يكونان على قدر تغيير الأزمنة والطبائع وإنّما يكون تغيير هذه الأشياء بالشمس وبسائر
16
الكواكب فأمّا القوم الذين تقدّمت تجربتهم وطالت أيّامهم وسنوهم فيها وتعلّموا بعض ذلك من
17
أسلافهم فإنّهم حين قاسوا على هذه الأشياء الظاهرة التي وجدوها من فعل الكواكب في
18
الأزمنة وفي هذه الطبائع من التغيير عرفوا منها أشياء غامضة لطيفة
19
|I.2.12| وقد يعرف الصنّاع المختلفو الصناعات أعني المستعملين لصناعات التدبير والعلوم من جميع
20
الأمم مثل أصحاب الزروع والغرس ورعاة الدوابّ والغنم وسائر الحيوان ومدبّري السفن وسائر
21
الصناعات التدبيرية كلّ واحد من هؤلاء يعلم من التجارب اللطيفة بمجاري الكواكب أيّ
60
1
الأوقات والأحايين أفضل وأيّها أردأ لكلّ شيء يريدون فعله من ابتداء الزرع والغرس وإرسال
2
الفحولة للنتاج وتوالد سائر الحيوان
3
|I.2.13| فأمّا الزرّاع فإنّهم يعرفون الوقت الذي يكون فيه الزرع أحسن نباتا وأكثر ريعا وزكاء
4
فيزرعون في ذلك الوقت وأمّا أصحاب الغرس فإنّهم يعرفون الوقت الذي يصلح فيه غرس
5
أصناف الغروس والوقت الذي لا يصلح فيه ذلك وكلّ نوع من الغرس في أيّ زمان يكون
6
أعلق وأجود وأحسن نشوءا وأقوى فيغرسون كلّ نوع منه في زمانه الذي يصلح له
7
|I.2.14| وأمّا أصحاب النتاج فإنّهم يعرفون الزمان الذي يصلح فيه إرسال الفحولة على الإناث للتوالد
8
فيقصدون لإرسالها في الوقت الصالح ليتمّ حملها وتكون ولادتها في وقت يحسن نشوئها وتربيتها
9
|I.2.15| والملّاحون ومدبّرو السفن فقد يعرفون الوقت الذي يهيج فيه البحر لهبوب الرياح والأمواج
10
والوقت الذي يسكن فيه وكلّ ريح في أيّ وقت تهبّ من أوقات السنة فيمتنعون من ركوب
11
البحر في الوقت الذي يعرفون أنّه يهيج فيه البحر بالرياح والأمواج الرديئة ويركبونه من أوقات
12
السنة في الوقت الذي يعلمون أنّه يكون الريح معهم ولا يؤذيهم
13
|I.2.16a| وكلّ هؤلاء يتقدّمون في القول بما يكون منه من الجيّد والرديء ويعلّمون ذلك من لا يحسنه
14
ولا يتفقّده ولا عنى به مثل عنايتهم به ويخبرون أنّهم علموا ذلك بطول تفقّدهم وتجربتهم
15
لفصول السنة وأحوالها ومجاري الشمس والقمر وكون القمر في بعض المنازل الثمانية والعشرين
16
ومن قبل زيادة القمر في ضوئه ونقصانه منه ومن تشريق الكواكب وتغريبها في ذلك الوقت|I.2.16b|
17
وقد يستدلّ أيضا كثير من هؤلاء على أشياء غامضة ممّا يجدونها في ذلك الوقت من قبل هبوب
18
بعض الرياح وتغيير الهواء بزيادة الحرّ أو البرد أو الاعتدال حتّى أنّه ربّما قال الراعي في يوم
19
إرسال الفحولة على الإناث إنّ صفاء الجوّ وقوّة هبوب الشمال أو من هبوب ريح أخرى يدلّ
20
على أنّ أكثر الغنم التي تعلق في هذا اليوم تلد الذكور أو الإناث وأنّ أكثر ألوانها يكون كذا
21
وكذا على قدر ما تقدّمت معرفتهم بالتجارب|I.2.16c| وأيضا فإنّهم عند ولادتها يخبرون بأنّها تسلم أو لا
62
1
ويسرع نشوئها أو يموت وربّما قالوا إنّ هذه السنة يقع الموت في جنس كذا وكذا من الدوابّ
2
أو الغنم أو البقر أو سائر الحيوان على قدر ما وجدوا في تجاربهم من مجاري القمر وتغيير الهواء
3
وكذلك مدبّرو السفن فإنّ ذوي التجارب منهم يقولون إنّ الريح التي تهبّ قبل زوال الشمس
4
فإنّها تتغيّر عند زوال الشمس أو تسكن
5
|I.2.17| وكذلك أصحاب الغرس فإنّهم يقولون في النوع الواحد من الغرس الذي قد غرس في زمان
6
واحد إنّ هذه الشجرة تحمل أسرع من هذه أو أبطأ منها على قدر ما يرون في كلّ واحدة
7
من الخاصّية بطول التجارب وكذلك جميع الصناعات فإنّ لهم في صناعاتهم أشياء لطيفة قد
8
عرفوها بطول التجارب فلا يخطؤون فيها ويقولون إنّ الأسباب التي بها يعرفون هذه الأشياء
9
ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما هي بطول تجاربهم لتغييرات الهواء واختلافه ومنازل الشمس والقمر
10
|I.2.18a| وقد يدرك الناس بالتجارب من غير دلالات النجوم أشياء كثيرة أيضا وذلك كالنساء القوابل
11
فإنّهنّ يعرفن بالتجارب هل حملت المرأة أو لا وذكر الحمل أو أنثى ويعرفون أيضا من مولود البكر
12
هل تلد المرأة بعد ذلك أو لا وعدد الذي تلد ويقلّ خطاؤهم فيما يخبرون من هذه الأشياء
13
لطول تجاربهم ولكثرة ما سمعوا من الأسلاف الذين كانوا جرّ بوا هذه الأشياء على قديم الدهور|I.2.18b|
14
فأمّا معرفتهنّ بالمرأة أحاملة هي أم لا فإنّهنّ ينظرن إلى المرأة التي يتوهّمون بها الحمل فإن رأوا
15
رأس ثديها قد انبسط أو تغيّر عن اللون الذي كان عليه علموا أنّها حبلى وممّا يستدلّون به أيضا على
16
الحمل أنّهم ينظرون إلى عيني تلك المرأة فإن رأوهما قد غارتا وكان في جفنيها استرخاء ورأوها
17
حادّة النظر صافية الحدقة ممتلئة بياض العين غليظة علموا أنّها حبلى
18
|I.2.19a| فأمّا معرفتهم بالتذكير والتأنيث فإنّهم ينظرون إلى بطن المرأة فإن رأوه ممتلئا مستديرا خشنا
19
فيه صلابة ورأوها نقية اللون علموا أنّ الحمل ذكر وإن كان بطن المرأة فيه طول واسترخاء
64
1
وسماجة وظهر في لونها نمش وكلف علموا أنّ الحمل أنثى|I.2.19b| ثمّ ينظرون بعد ذلك إلى رأس ثديها
2
فإن كان تغيّرهما إلى السواد علموا أنّ الحمل أنثى وإن كان تغيّرهما إلى الحمرة علموا أنّ الحمل ذكر
3
على أنّ هذه الدلالة الواحدة ربّما تكذب في الواحدة بعد الواحدة من النساء وأيضا فإنّه يؤخذ من
4
لبن المرأة الحامل بين الإصبعين وينظر فإن كان في اللبن غلظ ولزوجة شديدة علموا أنّ الحمل ذكر
5
وإن كان ذلك اللبن مسترخيا إلى الرقّة ما هو ولا يكون فيه لزوجة علموا أنّ الحمل أنثى
6
|I.2.20a| وأيضا فإنّه يقطر من لبن المرأة الحامل على مرآة حديد ويوضع في الشمس وضعا رفيقا كي
7
لا يتحرّك ثمّ يترك ساعة فإن اجتمع حتّى يصير شبه حبّة لؤلؤ علموا أنّ الحمل ذكر وإن انبسط علموا
8
أنّها أنثى فأمّا معرفتهم بما يكون بعد الولادة فإنّها حين تلد المولود ويقع إلى الأرض ينظرون إلى
9
رأسه ذكرا كان المولود أو أنثى فإن كان على رأسه شبه إكليل من رقّة الشعر علموا أنّ المولود
10
الذي تلده المرأة بعد ذلك يكون ذكرا أيّ وقت ولدت بعد سنة أو أكثر|I.2.20b| وإن كان على رأسه
11
إكليلين علموا أنّها تلد بعده غلامين في بطن واحد ويتبرّك بكلّ مولود أو مولودة فيكون على
12
رأسها إكليل في وقت ولادتها وممّا يتبرّك بالمولود أيضا أن تكون غشاوته حين تلده أمّه صحيحة
13
لأنّ غشاوة المولود ربّما تقطّعت قبل أن يخرج من بطن أمّه
14
|I.2.21| فأمّا معرفة عدد الولد الذي تلده المرأة فإنّهم ينظرون إلى المرأة البكر إذا ولدت أوّل ولدها فإذا
15
وقع المولود إلى الأرض فإنّه يكون في طول سرّته المتّصلة بالمشيمة تعجير وعقد فإنّهم ينظرون
16
كم فيها من التعجير والعقد فيقولون إنّ تلك المرأة تلد بكلّ تعجير وعقدة في طول تلك السرّة
17
ولدا واحدا وإن لم يروا فيها تعجيرا يقولون إنّها لا تلد بعد ذلك شيئا وإن كانت المرأة أسقطت
18
بكرها ثمّ ولدت بعد ذلك فربّما بطلت هذه الدلالة
66
1
|I.2.22| وأيضا فإنّ لذوي التجارب من رعاة الغنم وأنواع الدوابّ علامات في كلّ جنس يعرفون بها
2
حمل ذلك النوع وتذكيره وتأنيثه وألوانه وقلّ ما يخطؤون فيه وإنّما عرف هؤلاء القوم هذه
3
الأشياء لطول تجاربهم فيما هم فيه
4
|I.2.23a| فأمّا الأطبّاء فإنّهم يعرفون ما يحدث في فصول السنة في أبدان الإنس من غلبة الحارّ أو
5
البارد أو الرطب أو اليابس فأمّا العلماء الحذّاق من الأطبّاء فإنّهم يتقدّمون بالقول فيما يكون
6
في كلّ فصل في أبدان الحيوان من أصناف الأمراض والحمّيات والأورام واختلاف حال كلّ
7
علّة ومرض من قوّته أو ضعفه وزيادته أو نقصانه وطول مكثه أو سرعة ذهابه وسليم هو
8
أو غير سليم على قدر ما يرون من اختلاف هواء البلدان وأسنان الحيوان وغلبة بعض الطبائع
9
على الأبدان|I.2.23b| ويقولون إنّما يستدلّ على هذه الأشياء من قبل مزاج السنة واختلاف الهواء في
10
صلاحه أو فساده عند انتقال الزمان وتغيير الطبائع وهذه الأشياء التي استدلّت بها الأطبّاء من
11
اختلاف فصول السنة وهواء البلدان وتغيير الطبائع إنّما يكون بقوّة حركة الكواكب كتسخين
12
قوّة الشمس وترطيب قوّة القمر وما يظهر من أفعال الكواكب عند امتزاجها مع الشمس
13
والقمر في كلّ فصل|I.2.23c| والأطبّاء أعلم بالعلل وأسبابها ومعرفة الطبائع من أصحاب النتاج والرعاة
14
وغيرهم وصناعتهم أقرب إلى صناعة النجوم من الصناعات التي ذكرناها قبل لأنّ صناعة الطبّ
15
إنّما هي معرفة طبائع الأركان الأربعة وأبدان الحيوان والنبات والأحجار والمياه وامتزاجها ومعرفة
16
خاصّيتها وما يتّفق من ذلك ويختلف في البلدان
17
|I.2.24a| وأمّا صناعة النجوم فإنّما هي معرفة ما ينفعل من حركات الكواكب في اختلاف هواء
18
البلدان وفي حالات أهلها وتغيير الطبائع وانتقالها من شيء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى شيء وتركيبها في أشخاص الحيوان
19
والنبات والجواهر ومعرفة قواها في الزيادة والنقصان فللعلل التي ذكرناها صارت صناعة الطبّ
20
أقرب إلى صناعة النجوم وأشرف من الصناعات التي تقدّم ذكرنا لها|I.2.24b| وإنّما عرفت الأطبّاء طبائع
68
1
الأشياء وما فيها من القوى العامّة والخاصّة بما يظهر من أفعالها وتغييرها للأبدان ثمّ نسبوا كلّ
2
شيء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى طبيعته التي وجدوها له بالقياس على ما ظهر من قواها وفعلها في الأبدان فقالوا هذا
3
حارّ وهذا بارد وهذا رطب وهذا يابس وخاصّة كلّ واحد أن يفعل كذا وكذا فمن هذه الجهة
4
عرفت الأطبّاء طبائع العقاقير والأدوية وخاصّيتها وطبائع العلل والأمراض ثمّ أخبروا بما يكون
5
ويحدث في كلّ واحد من ذلك قبل كونه بزمان|I.2.24c| وأمّا المنجّمون فإنّهم عرفوا قوى الكواكب
6
بما يظهر من فعلها في هذا العالم فقالوا الشمس حارّة لما رأوا من تسخينها والقمر رطب لما رأوا
7
من قوّة فعله في ماء البحر وسائر المياه وكذلك عرفوا قوى سائر الكواكب المتحيّرة والثابتة
8
بالقياس على ما ظهر من قوى حركاتها على هذا العالم وأخبروا من هذه الجهة بما يكون ويحدث
9
في هذا العالم من العامّ والخاصّ واستدلّوا على ذلك بقوى حركات الكواكب الفاعلة في الطبائع
10
والمغيّرة لها|I.2.24d| فكلّ من ذكرنا من جميع أصحاب هذه الصناعات كالفلّاحين ومدبّري السفن
11
وسائر الصناعات المختلفة فإنّ صناعتهم جزئية لأنّها تستعمل في صناعتها نوعا واحدا وإنّما عرفوا
12
كثيرا من علوم صناعتهم وتدبيرها بالتجارب بمجاري بعض الكواكب
13
|I.2.25a| فأمّا الأطبّاء والمنجّمون فإنّ صناعتهم كلّية لأنّها تستعمل كلّ الأنواع الموجودة وإنّما عرف
14
هؤلاء علم صناعتهم بكنهها بما ظهر لهم من فعل الكواكب في الطبائع وفعل الطبائع في
15
الأشخاص المفردة وبالقياس بما وجدوه على ما غاب عنهم من سببه إلّا أنّ علم النجوم أشرف
16
وأعلى وأجلّ من علم الطبّ لأنّ الأطبّاء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما يستدلّون على الصحّة والعلل والأمراض وحالاتها من
17
قبل الطبائع وتركيبها وامتزاجها وتأليف القوى التي في الحيوان والشجر والمعادن|I.2.25b| فأمّا المنجّمون
18
فإنّما يستدلّون على ما يكون ويحدث في هذا العالم بحركات الكواكب وفعلها في هذه الطبائع
19
وتغييرها أو نقلها إ يّاها من حال إلى حال فالكواكب بحركاتها علّة لتغيير الطبائع والطبائع تتغيّر
20
بحركات الكواكب|I.2.25c| والمنجّم يستدلّ بالكواكب وبقوى أفاعيلها في الطبائع والطبيب يستدلّ
70
1
بقوى الطبائع وتغييرها وانتقالها من حال إلى حال وإنّما يكون تغيير الطبائع وانتقالها بفعل
2
الكواكب فيها فصناعة النجوم إذا أعلى من صناعة الطبّ ومن جميع الصناعات وممّا يستدلّ به
3
أيضا على شرف صناعة النجوم أنّ صناعة النجوم صناعة علوية وموضوعها الكواكب التي لا
4
تتغيّر ولا تقبل الكون والفساد إلى الوقت الذي يشاء اللّه
5
|I.2.26a| وصناعة الطبّ وسائر الصناعات صناعة أرضية وموضوعها الأبدان والأشخاص الزائلة
6
المتغيّرة القابلة للزيادة والنقصان والكون والفساد فصناعة النجوم إذًا أشرف الصناعات كلّها
7
قدرا وأجلّها مرتبة فإذ كان علم النجوم كما ذكرنا وكان في ظاهر علم حركات الكواكب ومعرفة
8
قواها التي تظهر في هذا العالم ما وصفنا من استدلال كثير من العامّة والصنّاع بقليل تجاربهم
9
ومعرفتهم على كثير ممّا هو كائن في جميع هذه الصناعات بما يحدث في كلّ زمان وفصل من
10
فصول السنة بشدّة حرّ أو برد أو رطوبة أو يبوسة من قبل اختلاف حركات الكواكب في ممرّها
11
ومسيرها وانتقالها في أرباع الفلك|I.2.26b| فما ينكر على العالم بحركات الكواكب وطبائعها وطبائع
12
الزمان الكثير التجارب الذي قد انتهى إليه ممّا جرّ به العلماء بصناعة النجوم على قديم الدهور وما
13
استخرجته العلماء والفلاسفة بحكمتها وعلمها ولطيف أفكارها أن يقول إذا رأى الزمان معتدلا
14
بحسن المزاج هذا زمان صحّة الأبدان وبقائها واعتدال طبائعها والدالّ عليه كوكب كذا وكذا|I.2.26c|
15
وإذا كان الزمان غير معتدل بغلبة بعض الطبائع عليه أن يقول هذا زمان مرض الأبدان
16
وثقلها وفسادها وضعف طبائعها والدالّ عليه كوكب كذا وكذا ويكون ذلك الكوكب
17
المنسوب إليه ذلك الشيء من الجودة والردائة هو المعروف عند كلّ من تقدّم من أهل صناعة
72
1
النجوم والمتّفق عليه عندهم بتقديم المعرفة وطول التجارب وظاهر الدلالة وباطنها أنّه الدالّ على
2
ذلك الشيء الذي نسبوه إلى ذلك الكوكب من الصحّة والمرض أو الخير أو الشرّ|I.2.26d| ثمّ ينظر إلى
3
ذلك الكوكب الدالّ على فساد الزمان أو صلاحه فإذا انفرد بالدلالة على بعض أشخاص الحيوان
4
وكانت حاله مثل الحال التي دلّت على صلاح الزمان أو فساده إن يقول إنّ ذلك الشخص يكون
5
حاله كذا وكذا من البقاء أو التلف أو الصلاح أو الفساد ويستدلّ على كلّ حالات ذلك
6
الشخص من الخير أو الشرّ على قدر ما يستدلّ به على حال الزمان من الاعتدال أو غيره لأنّ
7
الكواكب التي تدلّ على الكلّ وحالاتها تدلّ على جزء ذلك الكلّ فإذا كان الكوكب يدلّ
8
على الزمان وعلى أحواله وما يكون فيه من الأشخاص وحالاتها فقد يدلّ على الشخص الواحد
9
وعلى حالاته أيضا|I.2.26e| ولأنّ الأبدان والنفوس والخلق والأخلاق وسائر الأشياء تختلف على قدر
10
اختلاف قوى حركات الكواكب في أحوال السنة وفي أحوال الزمان وفي المكان يترقّى من هذا
11
العالم على مثل هذه المراتب إلى أن يصف من اختلاف قوى حركات الكواكب في الزمان
12
والمكان وفي أحوال السنة ومن مسقط النطفة ومن ابتداء مولد الإنسان وخلقه وخلفه ومكانه
13
وغذائه ونشوئه وانتقاله وقوّته وضعفه وشجاعته وجبنه وسخائه وبخله وغير ذلك من حالاته ويعرف
14
من مثل هذه الجهة حالات سائر الحيوان والنبات والمعادن ثمّ يستدلّ بجميع حركات الكواكب
15
على جميع أحوال الأشخاص من البقاء أو التلف أو الصلاح أو الفساد أو الجودة أو الردائة وسائر
16
الأشياء
17
|I.2.27a| فإذا تقدّمت معرفته بحركات الكواكب وحالاتها تقدّم هو أيضا بالاستدلال على حالات
18
الأشخاص والقول فيها بما يكون من جميع أحوالها قبل كونها بزمان من الأزمنة فأحكام النجوم
19
إنّما قدر على علمها الأوّلون من مثل هذه الجهة التي ذكرنا فإن عرض فيه الخطاء فليس ذلك من
74
1
قبل هذه الصناعة بل إنّما ذلك من تقصير علم كثير من أهل النظر في هذه الصناعة عن الإحاطة
2
بعلمها وضعفهم عن فهم لطائف الأسباب والعلل التي يقاس عليها بكنهها وقلّة حذقهم بتأليف
3
قوى حركات الكواكب وطبائعها في اتّفاقها واختلافها في هذا العالم|I.2.27b| وذلك لأنّ صاحب هذه
4
الصناعة يحتاج إلى أن يكون عالما بمجاري الكواكب ومسيرها وحالاتها ودرجها ودقائقها من
5
برجها على الحقيقة في كلّ وقت يحتاج إليه وبمعرفة طبائع الكواكب وقواها الفاعلة في هذا العالم
6
في أحوال السنة وتركيب الطبائع واتّفاقها واختلافها وطبائع الأشياء وتركيبها وامتزاجها وكيفية
7
النشوء والتوالد واختلاف أحوال الحيوان والنبات والمعادن وما يحدث في كلّ واحد منها عند
8
تغيير الأزمنة في الأقاليم كلّها وأشياء سنذكرها فيما يستقبل|I.2.27c| فإن قصر عن معرفة شيء ممّا ذكرنا
9
أحد من أصحاب هذه الصناعة كان غير كامل لما يحتاج إليه في صناعة أحكام النجوم ولأنّ كثيرا
10
ممّن يستعمل هذه الصناعة لا يقدر أن يحيط علما بهذه الأشياء كلّها للطافتها وغموضها واختلاف
11
أسبابها وقواها فهم لا يسلمون في بعض الأوقات من الخطاء والزلل في بعض ما يحتاجون إلى
12
النظر فيه
13
|I.2.28a| وربّما عجز أيضا بعض علماء هذه الصناعة في وقت نظرهم في بعض الأشياء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى أن يبلغوا
14
من حقيقته والإحاطة به ما لا يخطؤون فيه لعجزهم في ذلك الوقت عن استعمال الفكرة في كلّ
15
شيء يحتاجون إلى معرفته في ذلك المعنى بعينه وربّما كان ذلك الخطاء لاشتباه دلائله وعسر تمييز
16
بعضها من بعض وكذلك كلّ العلوم اللطيفة الغامضة|I.2.28b| فإنّه ربّما عجز كثير من الناس أن يحيط بها
17
علما وربّما لم يأمن علماؤها في بعض الأوقات الخطاء والزلل وخاصّة إذا كان على مثل ما ذكرنا من
76
1
علم هذه الصناعة فإذا كان علم هذه الصناعة وسائر الصناعات التي يحتاج فيها إلى تقدمة المعرفة
2
على ما ذكرنا من الغموض وبعده من الحواسّ فلا ينبغي أن يبطل ما يدرك من علمها لمكان ما
3
لا يدرك منه ولا يحمل جهل من جهلها أو حرّفها عن موضعها على من علمها وصدق عنها|I.2.28c| ولا
4
يرفض ما قوي عليه من ذلك زهدا فيه إذ لم يقدر على أكثر منه ولا يمنعه ضعفه عمّا لا يعلم منه من
5
استعمال ما يعلم منه ولا يصدّه خوف ما يعرض فيه من الخطاء عند ضعفه عن أن يستمتع
6
بما يقوى عليه منه فيقضي به حاجته فإنّ قليل العلم كثير النفع ولا سيّما تقدمة المعرفة بما هو كائن
7
وعلم ما هو آت
8
|I.2.29a| وقد نرى الأطبّاء وغيرهم من أصحاب الصناعات قد يخطؤون في تقدمة المعرفة بالأمراض
9
والعلل عند ما يخبرون به عمّا يكون ويحدث بالمريض من شدّة علّته أو خفّته وسرعة بروئه أو
10
طول مرضه وسلامته أو موته وسائر حالات الأمراض ممّا يحدث فيها ويؤول إليه حاله منها فلا
11
يمنع الأطبّاء قليل خطائهم من الرغبة في صناعتهم والتزيّن بها واستعمالها|I.2.29b| ولا يشتدّ إنكار الناس
12
ذلك عليهم ولا يمنعهم ما رأوا من قليل خطاء هؤلاء في صناعتهم من طلب الانتفاع بعلاجهم
13
والاستراحة إلى مداواتهم والسرعة إلى تصديقهم في إخبارهم عمّا هو كائن من الصلاح والفساد
14
في أبدانهم بما تقدّمت لهؤلاء عندهم من المنفعة والصواب الذي كانوا قد عرفوه منهم في قديم
15
الأيّام بطول التفقّد والتجارب|I.2.29c| وكذلك مدبّرو السفن فإنّه لا يدع الملّاح ملاحته ولا يدع الناس
16
ركوب الماء بقليل خطاء الملّاح وكذلك سائر العلوم والصناعات لا يكاد أهلها يسلمون من عارض
17
خطاء أو حادث آفة يتهيّأ لهم ولا تبطل صناعتهم لذلك
18
|I.2.30a| وكلّ من ذكرنا فخطاؤه أكثر ضررا من خطاء صاحب صناعة النجوم لأنّ الطبيب إذا أخطأ
19
في تقدمة معرفة الأمراض والأدوية والعلاجات فربّما كان خطاؤه سببا لقتل الناس وموتهم
78
1
وإذا أخطأ الملّاح فربّما كان ذلك سببا لغرق الناس وتلفهم وإذا أخطأت الرعاة وأصحاب النتاج
2
فربّما كان ذلك داعيا إلى فساد وتلف ذلك الجنس من الحيوان وإذا أخطأ صاحب الغرس
3
والزرع فربّما كان ذلك سببا لفساد الزرع والغرس|I.2.30b| وإذا أخطأ صاحب صناعة النجوم فإنّما يكون
4
فيه أكثر ذلك أن يجهل صاحبه تقدمة المعرفة بالشيء الذي يحدث ويكون فيدع أن يتقدّم في
5
التحرّز من الأذى والمكاره قبل حلولها به فربّما كان تركه للتقدمة في التحرّز داعيا للمكروه والزائل
6
وربّما كان فيه التلف وربّما لم يكن فيه واحد ممّا ذكرنا ولا يضرّ صاحبه ذلك الخطاء
7
|I.2.31a| فأمّا سائر الصناعات الآخر ففي خطاء أهلها أكثر ذلك التلف والفساد والبوار لا محالة فهذا
8
الذي ذكرنا أيضا من فضيلة صناعة النجوم فإذ كان علم صناعة النجوم أشرف هذه الصناعات
9
وسبيل أهله في الخطاء في بعض الأوقات دون سبيل غيرهم من أصحاب سائر الصناعات
10
وخطاؤهم أسلم وأقلّ ضررا وصوابهم عظيم المنفعة فما أحقّ الناس من ذوي التمييز والمعرفة
11
بالقبول والاستماع منهم وتصديقهم فيما يقولون واستعمالهم لهذه الصناعة في كلّ شيء يريدون
12
عمله وتقديمه على غيره من العلوم والتدابير الدنياوية|I.2.31b| وما أحقّ أصحاب هذا العلم النجومي
13
باستعمال ما أدركوا منه والكفّ عمّا خفي عليهم وترك التعرّض لما لم يبلغه فهمهم لأنّ أكثر
14
ما يلزم العيب علماء هذه الصناعة إنّما هو بسبب قوم جهلة يقصدون بالنظر فيه طلب الكسب
15
والنيل والزيادة في الجاه والقدر فيدعون من علم هذه الصناعة ما قصروا عنه ولم يمكنهم الإحاطة
16
به ولا طاقة لهم بمعرفته فيجد بهذا السبب كثير من العامّة السبيل إلى دفع هذا العلم والتكذيب به
17
والتقصير بعلمائه وأهله وقد يعرض مثل هذا العارض الرديء في كلّ الصناعات
80
1
|I.3.1|
الفصل الثالث في علّة كيفية فعل الكواكب فيما يكون ويفسد في هذا العالم
2
|I.3.2a| إنّ كلّ واضع كتاب يجب عليه أن يبيّن معنى كتابه في أوّل ما يبتدئ به فأمّا نحن فإنّما قصدنا في
3
هذا الكتاب للإخبار عن دلالات الكواكب على الأشياء التي تكون وتفسد في هذا العالم ثمّ نخبر
4
بعد ذلك عن طبائعها وسائر حالاتها وقد حدّ الحكيم لنا في معرفة الأشياء حدّا يجب على كلّ من
5
أراد معرفة شيء من الأشياء التمسّك به|I.3.2b| وهو أربعة الأوّل أن يعلم الشيء المسؤول عنه والمطلوب
6
هل هو موجود أو لا والثاني ما هو والثالث كيف هو والرابع لم هو والأشياء الطبيعية إنّما تدرك
7
بحاسّة من الحواسّ الخمس التي هي البصر والشمّ والسمع والذوق واللمس فأمّا الكواكب فهي
8
موجودة بحاسّة البصر وليس يقدر أحد من ذوي التمييز أن يجحد وجودها|I.3.2c| فأمّا ماهية الكواكب
9
فكلّ الأوائل من الفلاسفة ممّن تكلّم على الأشياء العلوية متّفقون على أنّ ذاتها من طبيعة خلاف
10
هذه الطبائع الأربع التي هي دون فلك القمر أعني النار والهواء والماء والأرض لأنّها لو كانت
11
من هذه الطبائع الأربع للزمها ما يلزم هذه الطبائع من استحالة بعضها إلى بعض ومن الكون
12
والفساد والزيادة والنقصان|I.3.2d| ولذلك قالت الحكماء أنّ ذات الفلك وما فيه من الكواكب من
13
طبيعة خامسة فأمّا كيفية الكواكب فإنّ الفلاسفة ذكرت أنّها أجرام كريات نيّرات متحرّكات
14
حركة طبيعية فأمّا لم هي فلينفعل عن حركتها الطبيعية على هذا العالم الاستحالات طبيعية بهذه
15
الأركان الأربعة من بعضها إلى بعض لاتّصال هذه الأركان بها بالطبيعة
16
|I.3.3a| ولذلك قالت الفلاسفة إنّ العالم الأرضي متّصل بالعالم السماوي وبحركاته اضطرارا فلذلك
17
صار من قوّة العالم السماوي والحركات السماوية ينفعل في هذا العالم الأرضي الأشياء الكائنة
82
1
والفاسدة بإذن اللّه وذلك لأنّ الفلك الأعلى محيط بهذا العالم ويتحرّك على هذا العالم بما فيه من
2
الكواكب حركة مستديرة دائمة فبتحريكه الدائم للكواكب وبحركة الكواكب على هذا العالم
3
ينفعل في هذا العالم الأرضي المتّصل بها الحرارة ويحمى|I.3.3b| فإذا حمي هذا العالم لطف وتحرّك وحدث
4
بحركتها في هذه الأجسام الاستحالة من بعضها إلى بعض وصار فيها الكون والفساد بإذن اللّه
5
تعالى فعلى هذه الجهة يكون للأجرام العلوية فعل وتدبير في هذا العالم الأرضي وأيضا فلأنّه
6
ليس في الحركات حركة تامّة ما خلا الحركة المستديرة لأنّ المتحرّك حركة مستديرة لا تسكن
7
لأنّه لا ابتداء ولا نهاية لحركته|I.3.3c| والأشياء التي تتحرّك حركة مختلفة غير تامّة لها غايات فإذا انتهت
8
إلى غاية المكان الذي تتحرّك فيه سكنت وهي بعضها منفردة من بعض لحال غاياتها ولأنّ لحركتها
9
نهاية فبالاضطرار أن يكون لها ابتداء|I.3.3d| فلمّا كانت الأجرام العلوية أعني الفلك والكواكب محيطة
10
بهذا العالم وتتحرّك على هذا العالم حركة مستوية مستديرة تامّة على نضد وترتيب معلوم معروف
11
وكانت هذه الأجسام التي هي دون فلك القمر لها حركتان أحدهما مستقيمة غير تامّة بها تطلب
12
الغايات والمكان فإذا انتهت إلى غاياتها سكنت وذلك كحركة النار والهواء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى فوق وكحركة الأرض
13
والماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى أسفل والأخرى حركة مستديرة بها تستحيل وتنتقل بعضها إلى بعض فلذلك كانت
14
تلك الأجرام العلوية المحيطة بهذا العالم التي تتحرّك حركة تامّة تحرّك هذه الأجسام الأرضية التي
15
تتحرّك حركة مختلفة|I.3.3e| وصارت علّة حركة هذه الأجسام الأرضية من قبل حركة الأجرام السماوية
16
والقوّة التي تصل إلى هذه الأجسام الأرضية هي من قبل تلك الأجرام السماوية ومن تحريك
17
الأجرام العلوية للأجسام الأرضية صارت الأجسام الأرضية تنتقل وتستحيل بعضها إلى بعض
18
لأنّ بعضها في بعض بالقوّة وباستحالة بعضها إلى بعض يحدث الكون والفساد في هذا العالم بإذن
19
اللّه
84
1
|I.3.4| وقياس ذلك ما نرى من فعل النار فإنّ النار إذا فعلت بحركتها وخاصّيتها في الحطب الإحراق
2
والإحالة من شيء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى شيء فإنّه ينفعل من الرطوبة التي في الحطب الدخان لأنّ الدخان في
3
الحطب بالقوّة فبحركة النار فيه يخرج إلى الفعل فكذلك ينفعل عن حركات الكواكب في الأركان
4
الأربعة التغيير والانتقال من بعضها إلى بعض فيحدث منه الكون والفساد لأنّ الكون والفساد
5
في الأركان الأربعة بالقوّة فبتحريك الكواكب لها تخرج إلى الفعل
6
|I.3.5a| وكلّ جسم من الأجسام الأرضية فإنّما يكون فعله في غيره بأحد شيئين إمّا بالمماسّة وإمّا
7
بمتوسّط فالذي يكون فعله في غيره بالمماسّة هو كفعل النار في الحطب الإحراق بمماسّتها إ يّاه
8
وكفعل الثلج التبريد بمماسّته لبعض الأجسام القابلة للتبريد|I.3.5b| والذي يكون فعله في غيره بمتوسّط
9
فهو على ثلاث جهات إحداها ما يحدث عن فعل الإنسان بإرادته في جسم آخر بمتوسّط يكون
10
بينهما وهو كتحريكه جسما من الأجسام فيتحرّك عن تحريك الإنسان لذلك الجسم جسم آخر
11
أو أجسام كثيرة أو كرمي الإنسان جسما من الأجسام منه على بعد معلوم فيحدث من تحريكه
12
للجسم المرمي به في المرمي فعل من الأفاعيل فقد حدث عن تحريك الإنسان للشيء المتوسّط الذي
13
بينه وبين جسم آخر فعل في ذلك الجسم الآخر البعيد منه|I.3.5c| والثاني ما يفعل بعض الأجسام بطبعه
14
في غيره بمتوسّط قريب وهو كفعل النار في الماء التسخين بتوسّط الآنية التي يكون فيها الماء أو
15
كفعل الثلج في الماء التبريد بتوسّط الآنية التي يكون فيها الماء والثالث ما يفعل بعض الأجسام
16
بطبعه في غيره بمتوسّط بعيد وهو مثل حجر المغناطيس الذي بطبعه يحرّك الحديد ويجذبه إليه من
17
بعد معلوم بتوسّط الهواء لما في ذلك الحجر من الطبع المحرّك للحديد والجذب له ولما في طبع الحديد
18
من قبول الحركة من الحجر والانجذاب إليه لاتّصاله به بالطبيعة وقد يحرّك|I.3.5d| هذا الحجر أيضا الحديد
19
بسائر الأنواع التي ذكرنا آنفا لأنّه إذا كان بينهما متوسّط قريب كالنحاس أو الشبه فإنّه يحرّكه
20
ويجذبه إليه وإذا ماسّه أيضا حرّكه ولصق به وربّما يحرّك الحديد الذي يلي الحجر للذهاب إليه فحرّك
21
وجذب معه ما اتّصل به أو قرب منه من جنسه بما صار فيه في ذلك الوقت من قوّة طبع ذلك
86
1
الحجر وقد توجد أشياء كثيرة من الجواهر والعقاقير تفعل بطبعها في غيرها من الأجسام الحركة
2
والجذب إليها عن القرب منها والبعد
3
|I.3.6| فعلى هذا النحو الثالث يكون تحريك الأجرام السماوية للأجسام الأرضية وتغييرها إ يّاها
4
وإحالتها لبعضها إلى بعض وذلك لما في الأجرام السماوية من القوّة المحرّكة المغيّرة المحيّلة
5
للأجسام الأرضية ولما في الأجسام الأرضية من قبول الحركة والتغيير والاستحالة من حركة
6
الأجرام العلوية لاتّصالها بها بالطبيعة وإذا كانت بقوّة حركات الأجرام السماوية تنتقل هذه
7
الأجسام الأرضية بعضها إلى بعض ويحدث فيها الكون والفساد فقد انفعلت عن حركاتها
8
الطبيعية على هذا العالم في هذه الأركان الأربعة الاستحالات الطبيعية والكون والفساد وإذا
9
انفعل عن حركاتها الكون والفساد في هذا العالم فقد صارت لها الدلالة على ما يكون ويفسد
10
|I.3.7a| وقد ظنّ قوم أنّ المفعول عن غيره والمنفعل عن غيره واحد وأنّه لا ينفعل في الشيء عن
11
غيره الحركة والتغيير وهو منه على بعد معلوم وقد غلط هؤلاء لأنّ الأشياء في هذا المعنى على
12
ثلاث جهات إحداها فعل الشيء والثاني المفعول عن الشيء والثالث المنفعل عن الشيء فأمّا
13
فعل الشيء فهو على جهتين إحداهما بالإرادة وهو ما يفعل الإنسان بإرادته من الحركة والقيام
14
والقعود والأخرى بطبيعته وهو كفعل النار الإحراق بطبيعتها لبعض الأجسام القابلة للإحراق|I.3.7b|
15
وأمّا المفعول عن غيره فهو على جهتين أيضا إحداهما بالإرادة وهو كالحائط المبني والباب المنجور
16
والخطّ المكتوب فإنّ هذه مفعولات بحركة الإنسان عن إرادته والثانية بطبيعته وهو كالمحرق بالنار
17
فإنّ المحرق بها مفعول عن فعلها فيه بطبيعتها|I.3.7c| فأمّا المنفعل عن غيره فهو على خلاف هاتين الجهتين
18
وهو ما يحدث في الشيء عن غيره من الحركة والتغيير وهو منه على بعد معلوم وذلك كانفعال حمرة
88
1
الخجل من الخجل وصفرة الفزع من الفزع وكما ينفعل عن غناء المغنّي الحاذق بالنغم في الإنسان
2
حركة النفس والأعضاء وفي العاشق عند رؤيته المعشوق الحركة والرعدة والدهش والحيرة وفي
3
المعشوق إذا رأى عاشقه الخجل وكانفعال الحركة والانجذاب في الحديد من حجر المغناطيس|I.3.7d| فهذا
4
وكثير من هذا الجنس قد ينفعل في كلّ واحد منها عن غيره حركات مختلفة لاختلاف أسبابها
5
وهو منه على بعد معلوم ثمّ تنفعل عن تلك الحركات المختلفة في أشخاص الإنسان كيفيات
6
مختلفة على قدر اختلاف تلك الحركات واختلاف حال الأشخاص القابلات لها
7
|I.3.8| وكذلك كلّ كوكب من الكواكب إذا تحرّك على هذا العالم حركة طبيعية فإنّه ينفعل عن
8
حركته الطبيعية في هذه الأركان الأربعة الحركات والتغيير الطبيعي الذي به تتكيّف وتمازج
9
بعضها بعضا بحال تكون من ذلك التكييف والممازجة في أشخاص الأنواع المختلفة بما في كلّ شخص
10
من الكيفيات المختلفة ممّا ليس في غيره من شخص ذلك النوع وإنّما يكون اختلاف الأشخاص
11
وكيفياتها على قدر حركة الكواكب وعلى قدر قبول هذه المنفعلات منها
12
|I.3.9a| ونجعل في ذلك مثالا من الشمس لأنّها إذا صارت في الربع الأوّل من الفلك وسارت فيه
13
لتقطعه فإنّه ينفعل عن حلولها فيه وحركتها الطبيعية علينا وما يوجد من سيرها المختلف عندنا
14
أن تتشكّل طبيعة ذلك الزمان والأركان الأربعة بحال تكون فيه أشياء طبيعية مختلفة الأنواع
15
من توريق الشجر ونموّها ونبت الأعشاب والزروع وأنواع كثيرة من الرياحين والفواكه والشجر
16
والجواهر والحيوان وكون شيء وفساد شيء آخر|I.3.9b| وليس عن اختيار الشمس كان حلولها في هذا
17
الربع ولا كون تلك الأشياء وفسادها ولكنّ لبلوغها بالحركة الطبيعية إلى هذا الربع ومن حركتها
18
علينا كان انفعال هذه الأشياء الطبيعية المختلفة الأنواع وعلى هذا النحو يكون انفعال الأشياء
19
الكائنة والفاسدة في هذا العالم من حركات الكواكب ومن بلوغها إلى كلّ موضع من مواضع
90
1
الفلك بإذن اللّه|I.3.9c| ولأدلّ على أنّ حركة الفلك عن قوّة العلّة الأولى أذكر قول الفيلسوف حيث
2
قال لمّا كان الفلك متحرّكا فباضطرار أن تكون حركته من شيء غير متحرّك لأنّه إن كان المحرّك
3
متحرّكا لزم أن يكون ذلك إلى ما لا نهاية والفلك دائم الحركة فقوّة المحرّك له غير ذات نهاية وإذا
4
كانت قوّته غير ذات نهاية فليس يمكن أن يكون جسما بل يجب أن يكون محرّكا للأجسام
5
ولأنّ قوّته غير ذات نهاية فليس هو إذا بزائل ولا فاسد فانظر كيف أدركنا الخالق المحرّك للأشياء
6
من الأشياء الظاهرة المعروفة المدركة بالحواسّ وإنّه أزلي ذو قدرة غير ذات نهاية ولا متحرّك ولا
7
مكوّن ولا فاسد تبارك وتعالى علوّا كبيرا
92
1
|I.4.1|
الفصل الرابع في الصور والطبائع والتركيب والمطبوع
2
|I.4.2| قد ذكرنا فيما تقدّم من كيفية فعل الكواكب في الأشياء التي تكون وتفسد في هذا العالم من هذه
3
الأركان الأربعة ونحن نذكر الآن الصور والطبائع الأربعة التركيب الطبيعي والمطبوع
4
|I.4.3| فأقول كالعادة الجارية عند الفلاسفة إنّا نسمّي الصور الإنسانية التي يقال على كلّ شخص من
5
أشخاص الناس والفرسية التي يقال له على كلّ فرس من الأفراس والحمارية التي يقال على كلّ حمار
6
من الحمر وما كان من الأشياء هكذا فإنّا نسمّيه صورا ونسمّي الطبائع الأربعة النار والهواء والماء
7
والأرض ونسمّي التركيب الطبيعي تأليف أجزاء الأشخاص الطبيعية وتركيب كلّ شخص على
8
حدته ونسمّي المطبوع ما ينطبع من الطبائع الأربعة من جميع أشخاص الحيوان والنبات والمعادن
9
فالمطبوعات إذا أعني الأشخاص الطبيعية المرئية المحسوسة يوجد فيها أربعة أشياء أوّلها وجود
10
ذات المطبوع والثاني التركيب والثالث الطبائع الأربعة والرابع النوع الذي هو منه
11
|I.4.4| فإذ قدّمنا هذه الأشياء التي نحتاج إلى ذكرها فيما يستقبل فإنّا نذكر قول الفيلسوف حيث قال
12
إنّ كلّ معلول علّته أقدم منه بالمرتبة والمعلول أدّانا إلى العلّة والعلّة عرفناها بالمعلول والمطبوع أدّانا
13
إلى الطبائع والطبائع عرفناها بالمطبوع وكلّما كان حادثا من شيء فإنّ الشيء الذي منه حدث
14
أقدم من الحادث وذلك كالحامل والمحمول فالحامل الأرض والمحمول الحيوان فالأرض أقدم
15
من الحيوان بالمرتبة من أجل أنّ الحيوان محمول وقد كانت الأرض ولا حيوان فوقها
16
|I.4.5| وكذلك يقال أيضا إنّ الطبائع أقدم من المطبوع بالمرتبة وقد كانت الطبائع ولا مطبوع وكانت
17
أنواع الحيوان والنبات والجواهر في الطبائع بالقوّة إذ لا مطبوع ولا يكون قوام المطبوع إلّا باعتدال
94
1
الطبائع ولا قوام الطبائع في المطبوع إلّا باعتدال التركيب ولا يكون تركيب إلّا بمركّب ولا مطبوع
2
إلّا بعلّة وإنّه ممتنع أن يكون المركّب هو ركب ذاته أو يكون المطبوع هو علّة طبع ذاته وإن كان
3
ذلك كذلك فلا بدّ من أن يكون علّة طبعت المطبوع من الطبائع وركّبت المركّب وفصلت بين
4
أنواع الحيوان والنبات والجواهر من الطبائع والصور
5
|I.4.6| فتبيّن الآن أنّ اللّه الخالق البارئ تبارك وتعالى جعل للكواكب دلالات وحركات طبيعية
6
وأنّه بما ينفعل عن قوى حركاتها الطبيعية في الأركان الأربعة يكون تركيب المطبوعات وتفصيل
7
جميع الأنواع من الطبائع والصور بما في الأنواع من الفصول ثمّ تبيّن فيما يستقبل أنّ ما ينفعل
8
فيها عن قوّة الشمس هو أقوى على تركيب الأشخاص الطبيعية وتفصيل جميع الأنواع بعضها من
9
بعض واتّفاق النفس الحيوانية والبدن بإذن اللّه
10
|I.4.7| أمّا المطبوعات فهي ما ينطبع من هذه الطبائع الأربعة من جميع الأشخاص والصور هي التي
11
تترأّس على الطبائع وتشكّلها إلى جوهريتها وتجتلب وتتّخذ من الطبائع أدوات تلائمها حتّى يظهر
12
ما في الطبائع بالقوّة إلى الفعل فهذا فعل الصور في جميع الحيوان والنبات والمعادن
13
|I.4.8a| وكذلك مثّلت الفلاسفة لأنّها شبّهت الصور بالصنّاع والطبائع بالأدوات وقالت إنّ الصور
14
صنّاع حذّاق والطبائع أدوات مختلفة والصنّاع مختلفون أكّار وحدّاد وصائغ ونجّار وليس منهم
15
صانع إلّا وأداته خلاف أداة الآخر ولا يصلح عمله إلّا بأداته التي تلائم صناعته لأنّ الأداة
16
التي تصلح للصائغ خلاف الأداة التي تصلح للنجّار|I.4.8b| وليست تنسب الصناعات إلى الأدوات بل
96
1
إنّما تنسب إلى الصنّاع لأنّه ليس من أجل أنّ النجّاريضطرّ في صناعته أن ينشر بالمنشار وينحت
2
بالقدوم تنسب الصناعة إلى المنشار والقدوم بل إنّما تنسب الصناعة إلى النجّار وكذلك الصور
3
مختلفة إنسان وبهيمة وسبع وطائر فالذي يصلح من الطبائع للإنسان لا يصلح للبهيمة والذي يصلح
4
للسبع لا يصلح للطائر
5
|I.4.9a| فالصور تتّخذ من الأدوات ما يلائمها لأنّها تتّخذ الإنسانية أعني النوع من الطبائع الحارّة الرطبة
6
وسائرها أدوات لطيفة تصلح لقبول النفس الحيوانية والناطقة وتلائم الاضطجاع والانتصاب
7
والاتّكاء وسائر الحركات ويتّخذ نوع السبعية من الطبائع الحارّة اليابسة ومن سائرها أدوات تصلح
8
للبرا ثن الأنياب والخشونة والبطش والقوّة ويتّخذ نوع البهيمة من الطبائع الغليظة اليابسة ما يصلح
9
للحوافر والأظلاف والقوائم ويتّخذ نوع الطير من الطبائع الخفيفة اللطيفة ما يصلح للريش والأجنحة
10
والطيران|I.4.9b| وكذلك كلّ نوع منها يستعمل من الطبائع ما يصلح له وليس ينسب ذلك الفعل إلى
11
الطبائع وإنّما ينسب إلى الصور لأنّها هي التي تترأ ّ س على الطبائع وتفعل فيها وتتّخذ منها ما يلائمها
12
فلذلك نسبوا الفعل إلى الصور وشبّهوها بالصنّاع وجعلوا الطبائع مثل الأدوات
13
|I.4.10| وسنذكر الآن خاصّية الطبائع والصور ليتبيّن لنا ما الذي يعرض في المطبوع منها ونعلم أنّ كلّ
14
شيء فيها ممّا ليس هو من خاصّيتها فهو ما ينفعل في المطبوعات عن قوّة حركات الكواكب بإذن
15
اللّه
16
|I.4.11| أمّا خواصّ الطبائع الأربع المعروفة فثلاث فالخاصّة الأولى أنّها يضادّ بعضها بعضا لأنّ الحرارة
17
واليبس اللتان في النار تضادّان البرودة والرطوبة اللتين في الماء والخاصّة الثانية أنّها تستحيل بعضها
18
إلى بعض لأنّ الأرض إذا لطفت استحالت فصارت ماء والماء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا ئذا [*]ئذا corrupt for إذا لطف استحال فصار هواء
19
والهواء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا لطف استحال فصار نارا والنار إذا غلظت استحالت فصارت هواء والهواء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا غلظ
20
استحال فصار ماء والماء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا غلظ استحال فصار أرضا والخاصّة الثالثة أنّها تقبل الزيادة والنقصان
98
1
لأنّه يكون هواء أرطب من هواء وأرض أيبس من أرض وماء أ برد من ماء وحرارة دون حرارة
2
وكلّ الطبائع الأربع يقبل الزيادة والنقصان
3
|I.4.12| وأمّا الصور فإنّ لها ثلاث خواصّ خلاف خواصّ الطبائع فالخاصّة الأولى أنّها لا تضادّ بعضها
4
بعضا لأنّ الإنسان لا يضادّ في جوهريته ونطقه شيئا من الأشياء والخاصّة الثانية أن لا يستحيل
5
بعضها إلى بعض لأنّه لا يستحيل الإنسان من الإنسانية إلى غيرها والثالثة أن لا تقبل الزيادة
6
والنقصان لأنّه ليس إنسان في الحياة والنطق بأكثر أو أقلّ من إنسان آخر
7
|I.4.13a| فهذه خواصّ الطبائع والصور وهي كلّها تجتمع في كلّ المطبوعات مع أشياء آخر فكلّ شيء
8
في أشخاص المطبوعات من أجل الطبائع فهو يقبل الزيادة والنقصان ويستحيل من شيء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى
9
شيء ويضادّ بعضها بعضا وما كان فيها من أجل الصورة فإنّه لا يكون في شخص دون آخر من
10
نوعه ولا يضادّ بعضها بعضا ولا يستحيل من شيء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى شيء ولا يقبل الزيادة والنقصان|I.4.13b| وما لم
11
يكن للصورة ولا للطبيعة فلا بدّ له من علّة وعلّته القوّة السماوية وذلك كالإنسان فإنّ الذي فيه
12
من خاصّية الطبائع الأربع أن يكون في وقت حارّا وفي وقت باردا وفي وقت صحيحا وفي وقت
13
سقيما وكلّ واحدة من هذه تضادّ الأخرى والثانية التي يستحيل بعضها إلى بعض أنّه ينتقل من
14
الصحّة إلى السقم ومن السقم إلى الصحّة|I.4.13c| والثالثة التي يقبل الزيادة والنقصان أنّه يكون الإنسان
15
في بعض الأوقات أكثر أو أقلّ حرارة منه في وقت آخر فهذه هي الأعراض التي تعرض في
16
الإنسان المطبوع من أجل الطبائع وأمّا ما كان في الإنسان من الخاصّة من أجل الصورة فإنّه لا
17
يقبل الزيادة والنقصان لأنّه ليس إنسان في الحياة والنطق والموت بأكثر أو أقلّ من إنسان آخر
18
ولا يستحيل من الإنسانية إلى غيرها ولا يضادّ في جوهريته ونطقه شيئا من الأشياء فهذا ما في
19
الإنسان المطبوع من خواصّ الصورة وخواصّ الطبائع
100
1
|I.4.14a| فأمّا الذي ينفعل منه من قوى حركات الكواكب بإذن اللّه ممّا ليس للطبائع ولا للصورة فإنّ
2
ذلك بيّن وهو دلالتها على تفصيل نوعه وأشخاصه من سائر الأنواع والأشخاص ودلالتها على تركيب
3
كلّ شخص طبيعي وامتزاج الصورة والطبائع في المطبوعات واتّفاق النفس الحيوانية والناطقة
4
مع البدن وأشياء أُ خر مثل حسن الصورة وقبحها والطول والقصر والتذكير والتأنيث والألوان
5
والحركة والشجاعة والجبن وحسن الخلق والسمن والهزال والغلظ والرقّة وسائر ما يشبه هذا|I.4.14b|
6
فقد ظهر لنا أنّه قد اجتمع في الشخص الواحد الأشياء الأربعة لأنّه شخص من أشخاص النوع الذي
7
هو منه ومركّب من الطبائع الأربعة وتبيّن لنا ما في كلّ شخص من خاصّية الطبائع وخاصّية الصور
8
وما فيه ممّا ينفعل عن قوى الكواكب بإذن اللّه|I.4.14c| وإنّ كلّ شيء ينطبع من هذه الطبائع الأربعة
9
وتفصيل جميع الأنواع والأشخاص من الطبائع والصور وتركيب الأشخاص الطبيعية بكيفياتها
10
المختلفة واتّفاق النفس الحيوانية والناطقة في البدن وسائر حالاتها إنّما هو عن ما يدلّ عليه قوّة
11
حركات الكواكب بما جعل لها الخالق البارئ من الحركات التي تنفعل عن قواها هذه الأشياء
12
|I.4.15a| والكواكب السبعة كلّها باتّفاق حالاتها واختلافها تشترك في الدلالة على حالات كلّ شخص
13
في هذا العالم صغر ذلك الشخص أو كبر إلّا أنّ لبعضها في بعض الأجناس أو الأنواع أو الأشخاص
14
من الدلالة أكثر ممّا للكواكب الأُ خر وذلك كدلالة الشمس على الحياة الجنسية التي هي لكلّ
15
حيوان متنفّس نام منتقل ودلالة عطارد على نوع الناس|I.4.15b| فإذا كان لكوكب من الكواكب
16
الدلالة العامّية على شيء من الأشياء ثمّ تمّم دلالته على ذلك الشيء في بعض الأشخاص اشترك هو
17
بعد ذلك مع باقي الكواكب في الدلالة على تمام أجزاء ذلك الشخص وذلك كالشخص الواحد
18
من الناس الذي تمّمت الشمس دلالتها الحيوانية فيه بالحياة الجنسية التي له ثمّ تمّم عطارد دلالته
102
1
النوعية فيه بالإنسانية والنطق اللذين له ثمّ اشتركا هما الكواكب بالدلالة في تمام أعضائه وكيفياته|I.4.15c|
2
فللشمس من شخص الإنسان الدلالة المنفردة على الحياة العامّية التي هي الجنس والدلالة على
3
الدماغ والقلب بمشاركتها للكواكب ولعطارد الدلالة المنفردة بالإنسانية التي هي النوع والدلالة
4
على اللسان والفم بمشاركته للكواكب ولزحل دلالة الطحال وللمشتري دلالة الكبد وللمرّيخ دلالة
5
الدم وللزهرة دلالة الكليتين ومجرى المنى وللقمر دلالة المعدة وكذلك تكون دلالة كلّ واحد منها
6
على جزء من أجزاء البدن حتّى يتمّ جميع أجزائه
7
|I.4.16a| فربّما صار للكوكب الواحد الدلالة على عدّة أجزاء من أجزاء شخص الإنسان بكيفياتها
8
لاشتراكها كلّها فيه على النحو الذي وصفنا ويصير لكلّ عضو مكان من البدن وطبيعة وفعل
9
وحال ليست لغيره من الأعضاء وكذلك الأ ترجّة الواحدة لها شكل ولها جلد ولحم وحمّاض
10
وحبّ ولحبّها قشران وفي جوف ذلك الحبّ حبّ آخر ولكلّ واحد منها طبيعة خاصّية فعل|I.4.16b|
11
فلبعض الكواكب دلالة الريحان الذي هو جنسه ولآخر دلالة الأ ترجّية التي هو نوعها ثمّ يشترك
12
بعد ذلك كلّها في الدلالة كلّها في أجزائها فيكون لبعضها دلالة الجلد ولبعضها دلالة اللحم حتّى تتمّ
13
دلالتها كلّها في تمام أجزائها بكيفياتها باشتراكها كلّها فيها|I.4.16c| وكذلك الياقوتة الواحدة لها طبيعة وكمّية
14
وشكل ولون وصفاء ولها إنّها أشدّ صلابة واسترخاء من جوهر آخر من جنسها ولها خاصّية فعل
15
فلبعض الكواكب دلالة الجوهر الذي هو جنسها ولآخر دلالة نوع الياقوت ولكوكب آخر دلالة
16
شيء من الأشياء حتّى تتمّ أجزاؤها باشتراك الكواكب فيها
17
|I.4.17a| ولولا اشتراك دلالات الكواكب كلّها في الشخص الواحد لكان لا يكون له أجزاء وكيفيات
18
وحالات مختلفة وليست هذه الأجزاء بكيفياتها إنّما يكون جزءا بعد جزء ويكون اشتراكها فيها
19
مرّة بعد مرّة ولكنّها تشترك كلّها في الدلالة على أجزاء الشخص الواحد وكيفياتها وحالاتها دفعة
104
1
واحدة|I.4.17b| وكذلك كلّ شخص من أشخاص الحيوان والنبات والمعادن يكون لبعض الكواكب فيه
2
دلالة الجنس ولآخر دلالة النوع ثمّ يشتركان هما والكواكب كلّها بعد ذلك في الدلالة على تمام
3
أجزائه بكيفياتها وهي وإن اشتركت كلّها في الدلالة على الشخص الواحد فإنّ لكلّ واحد منها من
4
خاصّية الدلالة على كلّ واحد من أشخاص النوع الواحد خلاف ما له من الدلالة على الشخص
5
الآخر وذلك لاختلاف حالاتها وقوّتها وضعفها في كلّ وقت من الأوقات ولاختلاف حال
6
هذه الأركان القابلات لقواها
7
|I.4.18a| فلهذه العلّة نرى الغالب على بعض الأشخاص خلطا من الأخلاط ونرى لكلّ شخص كيفيات
8
وخاصّيات ليست لغيره من الأشخاص التي من نوعه وكلّ الأشخاص الطبيعية إنّما تركّب من
9
الأركان الأربعة على إحدى جهتين إحداهما من استحالة الموادّ التي من جنسها فلينفعل منها
10
عند استحالتها شيء آخر|I.4.18b| وذلك كانفعال الإنسان من النطفة والسنبلة من حبّة الحنطة والشجرة
11
من غصن من أغصان الشجر الذي هو من جنسها والأخرى كانفعال بعض الحيوان والنبات
12
والجواهر من الأركان الأربعة لا من شيء آخر مثله وذلك كالأعشاب وكثير من النبات
13
والأشجار فإنّها تكون من غير شيء آخر من جنسه والجواهر المعدنية تكون من البخارات المختلفة لا
14
من شيء مثلها|I.4.18c| وكثير من الحيوان في البرّ والبحر كالذباب والبقّ والضفادع والبعوض والديدان
15
وأنواع كثيرة من السمك وحيوان الماء والحيّات التي توجد في شجر الخلاف بين اللحاء والخشب
16
وبعض العقارب وخرشة الأرض والحيوان الطيّار قد يكون في بعض أوقات السنة من الأركان
17
الأربعة من غير توالد وفي هذه الجهة الثانية الردّ على من قال إنّه لا يكون شيء ئلّا [*]ئلّا corrupt for إلّائلّا من شيء من
18
جنسه ودليل على أنّ ذلك إنّما يكون بتقدير العزيز العليم وتدبيره
106
1
|I.5.1|
الفصل الخامس في الاحتجاج على تثبيت الأحكام والردّ على كلّ من
2
زعم أنّ الكواكب لا قوّة لحركتها ولا دلالة لها على الأشياء الكائنة في هذا العالم
3
|I.5.2| إنّ قوما ردّوا علم أحكام النجوم وهم عشرة أصناف فأمّا الصنف الأوّل فقالوا إنّ الكواكب
4
لا دلالة لها على شيء ممّا يكون ويفسد في هذا العالم الذي دون فلك القمر فقلنا إنّ كلّ الحكماء
5
يتّفقون على أنّ كلّ جوهر يتحرّك حركة طبيعية فإنّه ينفعل عن حركته الطبيعية في غيره من الأشياء
6
المتّصلة به بالطبيعة الاستحالات الطبيعية وإذا انفعل عن حركته الطبيعية في غيره من الأشياء
7
المتّصلة به بالطبيعة الاستحالات الطبيعية فالمتحرّك علّة لتلك الاستحالات وهي معلولة منه
8
|I.5.3a| والقياس على ذلك ما يوجد من حركة النار فإنّه ينفعل عن خاصّيتها وحركتها الطبيعة في الأشياء
9
المتّصلة بها بالطبيعة الاستحالات الطبيعية أعني الإحراق فالنار علّة لحرق الأشياء التي تحترق
10
بها والأشياء المحترقة معلولة منها وأشياء كثيرة موجودة من هذا الجنس فكذلك هذه الأجرام
11
السماوية إذ هي طبيعية الحركة على هذا العالم فإنّه ينفعل عن حركتها الطبيعية في هذه الأركان
12
الأربعة المتّصلة بها بالطبيعة الاستحالة من بعضها إلى بعض وعند استحالة أحدهما إلى الآخر يكون
13
الكون والفساد بإذن اللّه|I.5.3b| فيصير إذا استحالة بعضها إلى بعض والكون والفساد الذي يكون منها
14
معلولا من الأجرام العلوية المتحرّكة وتكون هي علّة لها وحركتها التي للكون هي التي للفساد إلّا
15
أنّها من جهة الكون محمودة ومن جهة الفساد مذمومة وذلك كالخشب الذي يحترق فيصير فحما
16
فهو وإن فسد عن طبيعة الخشبية بحركة النار فيه فإنّ بتلك الحركة صار كون الفحم لأنّ فساد
17
شيء من الأشياء هو كون شيء آخر فلذلك قال عامّة قدماء الفلاسفة إنّه ينفعل عن حركات
18
الكواكب الطبيعية الدائمة الكون الطبيعي الدائم إلى الوقت الذي يشاء اللّه ذلك
108
1
|I.5.4a| الصنف الثاني وأمّا الصنف الثاني فإنّهم ذكروا أنّ للكواكب دلالات على الأشياء الكلّية
2
كالأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض وعلى استحالة بعضها إلى بعض وعلى
3
الأجناس والأنواع الكلّية كدلالاتها في معنى الجنس على الحيّ العامّي الذي يقال على كلّ جسم
4
من الأجسام الذي له الحياة وكما يدلّ في معنى النوع على الإنسان والفرس والحمار وسائر الأنواع
5
العامّية|I.5.4b| فزعموا أنّها إنّما تدلّ على الأركان الأربعة واستحالة بعضها إلى بعض وانتقالها من حال إلى
6
حال وعلى الأجناس والأنواع الكلّية فإنّها لا تدلّ على الأشخاص الوحدانيات التي تكون من
7
هذه الأركان الأربعة كسعيد وخالد وفرس واحد وحمار واحد ولا تدلّ على أجزاء الأشخاص
8
أيضا كالرأس واليد والرجل وسائر الأعضاء ولا على حالاتها كالقيام والقعود والمرض والصحّة
9
وسائر الحالات المختلفة الكلّية والجزئية التي لكلّ شخص من أشخاص العالم
10
|I.5.5a| فرددنا عليهم قولهم بحجّتين إحداهما أنّ الأصل المتّفق عليه عند الفلاسفة أنّ كلّ شخص في
11
هذا العالم من الأشخاص الطبيعية هو مركّب من الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء
12
والأرض لأنّ هذه الأركان موجودة في كلّ شخص في هذا العالم وأنّ البارئ جعل الأجناس
13
والأنواع هي الفاعلة في هذه الأركان بعلّة حركات الكواكب عليها لأنّ كلّ شخص يكون أو يفسد
14
في هذا العالم فإنّما يكون بحركة الأركان وانتقال بعضها إلى بعض وعن حركة الشمس والكواكب
15
عليها تنفعل فيها تلك الحركة التي هي الانتقال والاستحالة|I.5.5b| فالكواكب إذا هي علّة لحركات
16
هذه الأركان ولاستحالة بعضها إلى بعض ولها الدلالة على الأجناس والأنواع كما زعموا فهي
17
إذا علّة الكون والفساد اللذين يكونان من هذه الأركان بإذن اللّه ولأنّ الجنس والنوع والأركان
18
الأربعة والكون والفساد موجود في كلّ شخص من الأشخاص والكواكب دالّة على الأجناس
19
والأنواع وعلى الأركان الأربعة واستحالة بعضها إلى بعض وعلى الحركات التي هي ابتداء الكون
20
والفساد فالكواكب إذا دالّة على الأشخاص المفردة وإذ دلّت على الأشخاص المفردة فهي دالّة
21
على أجزاء الأشخاص وعلى حالاتها أيضا
110
1
|I.5.6a| والحجّة الثانية أنّ الكلّيات إنّما يقال لها كلّيات بأجزائها والأجزاء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما هي أجزاء للكلّ والشخص
2
الواحد إنّما هو جزء من أجزاء كلّ النوع والنوع إنّما هو نوع بالأشخاص المفردة التي تحته فإن كانت
3
الكواكب تدلّ على النوع فهي أيضا تدلّ على الشخص الواحد الذي لذلك النوع لأنّها إذا دلّت
4
على نوع الإنسان الكلّي الذي يقال على كلّ شخص من أشخاص الناس وعلى نوع الفرس الذي يقال
5
على كلّ واحد من الأفراس فهي أيضا تدلّ على الأشخاص الوحدانيات التي هي إنسان واحد
6
كسعيد وخالد وفرس واحد|I.5.6b| وإذا دلّت على الأشخاص المفردة فهي تدلّ إذا على أجزاء تلك
7
الأشخاص التي هي الرأس واليد والرجل وعلى كيفياتها التي هي البياض والسواد وغيرهما من
8
الكيفيات وعلى حالاتها التي هي المرض والصحّة والقيام والقعود وسائر الحالات فالكواكب إذا
9
لها الدلالة على الأشخاص المفردة وعلى أجزاء الأشخاص وعلى كيفياتها وحالاتها الكلّية والجزئية
10
|I.5.7| الصنف الثالث وأمّا الصنف الثالث فهم قوم من أهل النظر والجدل ردّوا علم أحكام النجوم
11
وقالوا إنّ الكواكب لا دلالة لها على شيء ممّا يكون في هذا العالم واحتجّوا على ذلك بأن قالوا إنّ
12
النجوم لا تدلّ على الممكن فنذكر الآن حجج بعض الأوّلين الذين دفعوا الممكن ثمّ نثبت الممكن
13
ثمّ تبيّن أنّ الكواكب تدلّ على الممكن
14
|I.5.8| إنّ القوم الذين دفعوا أحكام النجوم لعلّة الممكن احتجّوا بأن قالوا إنّ الفيلسوف ذكر أنّ أحوال
15
الأشياء في العالم ثلاثة واجب كالنار حارّة وممتنع كالإنسان يطير وممكن كالإنسان كاتب والنجوم
16
إنّما تدلّ على عنصرين الواجب والممتنع فأمّا الممكن فإنّها لا تدلّ عليه فصناعة النجوم باطلة
112
1
|I.5.9a| فأمّا قوم من أصحاب النجوم وكثير من المتفلسفين الأوّلين الذين كانوا يثبتون دلالات النجوم
2
على الأشياء الكائنة في هذا العالم تثبيتا واجبا فإنّه لمّا وردت عليهم هذه المسئلة العو يصة وعجزوا عن
3
الجواب فيها ردّوا الممكن وقالوا إنّ العناصر إنّما هو اثنان الواجب والممتنع فقط لأنّا إنّما نعرف
4
شيئين نعم أو لا ومعناهما الوجود والعدم فأمّا نعم فإنّها تدلّ على الوجود وأمّا لا فإنّها تدلّ على
5
العدم والوجود هو العنصر الواجب والعدم هو العنصر الممتنع|I.5.9b| وهذه تسمّى القضية المتناقضة لأنّه
6
إذا صدق جزء واحد كذب الجزء الآخر ولا يمكن أن يصدقا جميعا في شيء واحد في وقت واحد
7
وذلك كرجلين قال أحدهما غدا يكون مطر وقال الآخر غدا لا يكون مطر فلا بدّ من أن يصدق
8
أحدهما وهو الواجب ويكذب الآخر وهو الممتنع وكذلك إذا قال قائل في يومنا هذا إنّه يحدث
9
غدا شيء من الأشياء فإذا حدث ذلك الشيء في غد فإنّما حدث لأنّ حدوثه كان واجبا|I.5.9c| وإن
10
قال لا يحدث فلم يحدث فإنّما لم يحدث لأنّ حدوثه كان ممتنعا وإذا صدق أحدهما كذب الآخر
11
وكذلك إن قال فلان يمشي فمشى فإنّما مشى لأنّه كان واجبا أن يمشي فإن قال لا يمشي فلم يمش
12
فإنّما لم يمش لأنّه كان ممتنعا أن يمشي|I.5.9d| وقالوا إنّ الناس مجبرون على أفاعيلهم للأشياء فإذا فعلوا
13
شيئا فإنّما فعلوه لأنّهم مجبرون على فعلهم ذلك وهو الواجب وإن لم يفعلوه فإنّما امتنعوا من فعله
14
لأنّه ممتنع أن يفعلوه وكلّ شيء يكون فكونه واجب والذي لا يكون فهو ممتنع أن يكون وليس
15
يدلّ النجوم إلّا عليهما وإنّه لا ممكن البتّة
16
|I.5.10a| فنقض الفيلسوف قولهم وثبّت الممكن بحجج كثيرة ثمّ ذكر بعد ذلك أنّ الممكن يؤول إلى
17
الواجب أو إلى الممتنع فالحجّة الأولى في تثبيته للممكن أنّه قال إنّ الواجبة والممتنعة معروفة في
114
1
الأوقات الثلاثة بالموجوب أو الامتناع بطبيعتها فأمّا أفاعيلنا فهي خلاف ذلك لأنّها ممكنة وذلك
2
كمعرفتنا بالشمس إنّها كانت مضيئة في الزمان الماضي وهي مضيئة الآن وتكون مضيئة فيما
3
يستقبل وكمعرفتنا بالنار إنّها كانت حارّة وهي حارّة الآن ويكون حارّة|I.5.10b| وكذلك إن قلنا إنّ النار
4
والهواء والماء والأرض كما هي الآن كذلك كانت وكذلك تكون فقد يعلم أنّه صدق في الأوقات
5
الثلاثة وهذا هو العنصر الواجب فأمّا العنصر الممتنع فكقولنا الإنسان كان طائراوالإنسان يطير
6
الآن وممكن أن يطير فيما يستقبل وكذلك إن قلنا إنّ النار كانت باردة وهي باردة وتكون باردة
7
فإنّ ذلك معروف أنّه ممتنع في الأوقات الثلاثةوهو كذب|I.5.10c| فقد صار الواجب والممتنع معروفين
8
في الأوقات الثلاثة بالوجوب أو الامتناع بطبيعتها فأمّا أفاعيلنا فإنّها ليست كذلك لأنّ الإنسان
9
إن قال كنت فيما سلف فاعلا للخير وأنا الآن فاعل للخير فإنّه لا يقدر أن يقول أنا فيما استقبل
10
أفعل الخير لا محالة لأنّه لا يدري يمكنه ذلك أم لا فإذا لا يعلم الإنسان ما يريد أن يفعله علما لا
11
شكّ فيه فليست هذه اضطرارا بل هي ممكنة فالممكن موجود
12
|I.5.11a| والحجّة الثانية أنّه قال إنّ الواجب والممتنع كلّ واحد منهما في جميع النوع بالسوية والممكن
13
ليس بمستو فيه وذلك أنّ الحياة موجودة في جميع الناس بالاستواء والحرارة مستوية في كلّ
14
النار لا يقبل شيء منها الزيادة والنقصان وكذلك جميع الممتنعة بعدها مستو عن جميع أهل النوع
15
لأنّ جميع الناس يقال فيهم بالسوية إنّهم لا يطيرون وإنّ النار غير باردة|I.5.11b| فأمّا الأفاعيل فليست
16
كذلك لأنّ في نوع الإنسان من يعمل الخير ومنهم من يعمل الشرّ ومنهم من يكون عمله للخير أو
17
للشرّ أكثر من عمله للآخر فإن كانت جميع الواجبة لاحقة بأهل النوع كلّهم بالاستواء والممتنعة
18
بعيدة من جميع أهل النوع كلّهم على الاستواء وهما لا يتغيّران وأفاعيلنا ليست بمستوية في النوع
19
بل هي متغيّرة من الخير إلى الشرّ ومن الشرّ إلى الخير في وقت بعد وقت ومن القلّة إلى الكثرة
20
ومن الكثرة إلى القلّة وهي تقبل الزيادة والنقصان فهي إذا ممكنة فالممكن موجود
116
1
|I.5.12| والحجّة الثالثة في وجود الإمكان إنّ الإنسان إنّما يتفكّر ويستشير فيما فيه الإمكان كالرجل إذا
2
أراد أن يبني بنيانا تفكّر في كيفية ما يريد أن يبنيه واستشار فيه فإذا صحّت عزيمته على البناء تفكّر
3
واختار أيّ يوم يبتدئ فيه وإذا أراد أن يسافر استشار أيسافر أم لا وهل السفر في البرّ خير له أو
4
في البحر فإذا صحّت عزيمته على السفر فكر واستشار في أيّ يوم يسافر ثمّ يسافر في اليوم الذي يريده
5
وإذا أراد أن يزرع تفكّر واستشار فيما يريد من الزراعة وفي الموضع الذي يزرع فيه ثمّ يختار ما يريد
6
ممّا تفكّر فيه وأشير به عليه وإذا أراد صحبة إنسان تفكّر واستشار أيّ الناس خير له ثمّ اختار الذي
7
يريد
8
|I.5.13a| وكذلك يفعل في الأشياء الجزئية كالإنسان الذي يتفكّر ويقول أيّ شيء آكل اليوم أو أيّ
9
شيء أشرب أو أيّ ثوب ألبس أو في أيّ مجلس أقعد وإذا كان صحيح الجوارح والحواسّ يقول
10
أنظر إلى فلان أو لا أو أكلّم فلانا أو لا فهذا وأشياء من هذا الجنس يمكن فيه الاختيار وكلّ هذه
11
الممكنات أوّلها يقوم في الفكرة وآخرها يؤول إلى فعله أو تركه|I.5.13b| فأمّا الواجب والممتنع فإنّهما يوجدان
12
في الأشياء وجودا طبيعيا بالفكرة فقط لأنّ الإنسان بالفكر يعلم أنّ الحياة واجبة للإنسان الحيّ
13
وأنّه ممتنع أن يطير ولو كانت الأشياء ئمّا [*]ئمّا corrupt for إمّا واجبة أو ممتنعة فقط والواجب والممتنع من الاضطرار
14
لم يحتج الناس إلى فكر ولا إلى مشورة|I.5.13c| وكانت تكون الفكرة والمشورة في اختيار شيء من شيء
15
آخر باطلا لأنّه لا يمكن الإنسان أن يتفكّر فكرة صواب أو يستشير غيره في النار أتحرق أو لا تحرق
16
لأنّها محرقة بالاضطرار ولا يتفكّر فكرة صواب ويقول أيطير الإنسان أو لا لأنّه ممتنع أن يطير
118
1
|I.5.14| والحجّة الرابعة أنّ الأشياء الواجبة فيها قوّة واحدة أي أنّها تكون اضطرارا أو الأشياء الممتنعة
2
فيها أيضا قوّة واحدة أي أنّها لا تكون البتّة وقد نرى أشياء كثيرة فيها قوّتان أن يكون الشيء كما
3
هو وأن لا يكون مثل الثوب الصحيح الذي إن ترك على حاله بقي حتّى يبلى على الأيّام وإن قطع
4
قبل التقطيع وكالحديد والرصاص وسائر ما كان مثلهما إن تركا بقيا جامدين وإن أذيبا قبلا
5
الإذابة ويقبلان إذابة أقلّ أو أكثر من غيرها وكذلك الهواء قد يقبل الحرّ أو البرد القليل والكثير
6
|I.5.15a| فقد تبيّن أنّ الممكن موجود وهو على ثلاث جهات إحداهنّ طبيعي وهو يسير وذلك كرجاء
7
المطر عند استواء السحاب المخيّل في الشتاء فإنّ هذا إمكانه أن يكون منه مطر أكثر من أن لا
8
يكون|I.5.15b| والأخرى بالأمنية وهو عسير وذلك كطمع بعض السفل والمساكين من الناس في إصابة
9
الملك والشرف فمثل هذا إمكانه أن لا يكون ملكا أكثر من أن يكون فإن كان ملكا فإنّما يكون
10
بعرض قوي|I.5.15c| والثالثة الممكن المستوي وهو ما يكون بالفكر وذلك كرجاء المرأة الحبلى أن تلد
11
ذكرا فإنّه ليس رجاؤها لذلك بأقوى من خوفها أن تلد أنثى والممكنات منها ما يظهر في الأجسام
12
لقبولها للشيء وخلافه وذلك كالماء الذي يمكن أن يكون باردا ثمّ يسخن ويقبل بردا أقلّ أو أكثر
13
من برد وسخونة أقلّ أو أكثر من سخونة|I.5.15d| ومنها ما يكون بالفكرة واختيار شيء من شيء آخر وذلك
14
كالإنسان الصحيح الجوارح فإنّه يمكنه أن يتفكّر في أن يقوم وأن لا يقوم وأن يتكلّم وأن لا يتكلّم
15
وأن يلتفت وأن لا يلتفت ثمّ يختار أحدهما ويفعله لما في النفس من قوّة الفكرة فيه والاختيار
16
لأحدهما ولما في الجسم من الإمكان لقبول الفعل
17
|I.5.16| فلمّا فرغ الفيلسوف من تثبيت الممكن أخبر أنّ الممكن يؤول إلى الواجب أو إلى الممتنع وذلك
18
كقائل يقول أمشي غدا أو لا أمشي لأنّ المشي وخلافه ممكن له فإذا مشى فقد صار مشيه واجبا
120
1
لأنّه قبل أن يمشي كان المشي ممكنا له فلمّا مشى ارتفع عنه الإمكان وصار في حدّ الواجب فإن لم
2
يمش في غد صار في حدّ الممتنع لأنّه لم يكن المشي متهيّأ له
3
|I.5.17a| فإذا بيّنّا حالات الإمكان فنبيّن أنّ الكواكب هي الدالّة على العناصر الثلاثة التي هي الواجب
4
والممكن والممتنع ونقول إنّ كلّ شخص في هذا العالم من أشخاص الحيوان والنبات والمعادن
5
مركّب من الأركان الأربعة التي هي النار والهواء والماء والأرض لأنّها موجودة في كلّ شخص
6
من الأشخاص وكلّ ركن منها يقبل الزيادة والنقصان والاستحالة من بعضها إلى بعض لأنّه
7
قد تكون حرارة دون حرارة وهواء أرطب من هواء وماء أ برد من ماء وأرض أيبس من
8
أرض وقد يستحيل بعضها إلى بعض|I.5.17b| فإذا كان كلّ ركن منها على الانفراد فيه قوّة يقبل بها
9
التغيير والأشخاص مركّبة من هذه الأركان الأربعة فالأشخاص المركّبة إذا فيها قوّة لقبول الزيادة
10
والنقصان والاستحالة من بعضها إلى بعض وبحركة البروج والكواكب عليها تكون حركتها
11
وقبولها للتغييرات والتركيبات فالبروج والكواكب إذا هي الدالّة على حالات الأركان الأربعة
12
وتغييرها وتركيبها في الأشخاص بإذن اللّه
13
|I.5.18a| فأمّا الإنسان الحيّ فإنّه مركّب من النفس الحيوانية والناطقة والطبائع الأربعة وقد ذكر
14
الفيلسوف أنّ الكواكب حيّة ولها أنفس ناطقة فهي بالنفس الناطقة التي لها وبأنّها حيّة وبحركاتها
15
الطبيعية تدلّ على اتّفاق النفس الناطقة والحيوانية في البدن بإذن اللّه كما ذكرنا فيما تقدّم وللنفس
16
الناطقة قوّة الفكرة والاختيار وللبدن قوّة قبول الممكنات|I.5.18b| فإذا دلّت الكواكب على اتّفاق النفس
17
الحيوانية والناطقة والبدن فقد دلّت على الواجبة والممتنعة والممكنة لأنّ الإنسان الحيّ له الحياة
18
التي هي واجبة له والامتناع من الطيران والإمكان لأن يقبل المرض أو الصحّة والحرارة
122
1
والبرودة والرطوبة واليبوسة وفيه أن يتفكّر في أشياء كثيرة ويختار أحدها|I.5.18c| والقوّة التي بها يختار
2
الشيء من شيء آخر بالفكرة فيه إنّما هي للإنسان دون الحيوان كلّه وإمكان قبول الشيء وخلافه
3
إنّما هو للأجسام وأفاعيلنا إنّما تكون بتقدمة فكرتنا في الشيء الذي نريد فعله فإذا تقدّم في النفس
4
أنّ فعل الشيء وخلافه ممكن فعلنا أحدهما أو استشرنا فيه
5
|I.5.19a| والمنجّم إنّما ينظر إلى الأشياء التي فيها قوّة الإمكان لقبول الشيء وخلافه إلى ما يؤول الأمر
6
فيه ولا ينظر إلى خاصّيتها لأنّه لا ينظر المنجّم في صناعة النجوم هل النار محرقة أم لا لأنّه يعلم أنّها
7
محرقة ولا ينظر في دلالات الكواكب هل الثلج بارد أو لا لأنّه يعلم أنّه بارد|I.5.19b| ولكنّه ينظر هل
8
تحرق النار غدا جسما من الأجسام القابلة للإحراق أم لا وهل يبرّد الثلج غدا شيئا من الأشياء
9
القابلة للتبريد أم لا وهل يكون غدا مطر أم لا وهل يختار الإنسان أن يكلّم غدا فلانا أم لا أم يمشي
10
غدا أم لا وإنّما ينظر في هذه الأشياء لأنّ هذه الأشياء ممكن أن يكون وأن لا يكون|I.5.19c| فإذا دلّت
11
الكواكب بحركاتها الطبيعية على أنّ شيئا من الأشياء لا يكون فهو ممتنع أن يكون وإذا دلّت على
12
كون شيء من الأشياء في وقت الدلالة معا سواء بسواء فكونه من الواجب وإن كانت تدلّ أنّه
13
يكون في زمان مستقبل فدلالتها على كون ذلك الشيء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما هي بالقوّة إلى الوقت الذي يكون|I.5.19d|
14
فإذا كان الشيء صار كونه من الواجب وكذلك الإنسان الذي لا يمنعه من الكلام آفة فإنّ الكلام
15
فيه بالقوّة إلى الوقت الذي يتكلّم فإذا تكلّم صار ذلك الكلام في ذلك الوقت من الواجب والنار
16
أيضا فإنّها وإن كانت محرقة فالإحراق فيها قبل أن تفعل بالقوّة فإذا أحرقت صار الإحراق من
17
الواجب
18
|I.5.20a| فقد تبيّن لنا الآن أنّ الكواكب قد دلّت على الممكن وعلى الاختيار وذلك في شيئين أحدهما
19
في التركيب فالممكن الذي في شخص الإنسان لقبول الشيء وخلافه والاختيار الذي لنفسه والثاني
124
1
في الأشياء التي تدلّ على كونها في الزمان المستقبل كما ذكرنا|I.5.20b| والكواكب كما دلّت على الممكن
2
والاختيار الذي للإنسان فكذلك تدلّ على أنّ الإنسان لا يختار إلّا ما يدلّ عليه الكواكب
3
لأنّ اختياره للشيء أو خلافه يكون بالنفس الناطقة التي مازجت النفس الحيوانية في الأشخاص
4
بدلالات الكواكب|I.5.20c| وذلك كالإنسان الذي في جسمه قبول الإمكان للحركة ولتركها ولأن
5
يقوم وأن لا يقوم وفي قوّة النفس اختيار أحدهما فإذا اختار فعل أحدهما أو تركه فقد صار إلى
6
حدّ الواجب أو الممتنع لأنّ الممكنات والاختيار يصير إلى أحدهما لا محالة إلّا أنّ الإنسان لا
7
يختار إلّا ما يدلّ عليه الكواكب من الواجب أو الممتنع
8
|I.5.21a| فأمّا قبول الممكنات فإنّما يوجد في هذه الأركان الأربعة التي دون فلك القمر وفي الأجسام
9
المركّبة منها فأمّا الكواكب فليس لها ذلك لأنّها أجرام بسيطة فأمّا الاختيار الذي يكون بالفكرة
10
في الأشياء فإنّما هو للإنسان دون الحيوان كلّه لأنّ له النفس الناطقة التي بها يتفكّر في الشيء أو
11
خلافه ثمّ يختار أحدهما ليدفع عن نفسه بقدر معرفته المكاره والآفات بذلك الاختيار|I.5.21b| فأمّا
12
سائر الحيوان فإنّما يكون أفاعيله بطبيعته لأنّه ليست له النفس الناطقة التي بها تكون الفكرة فأمّا
13
الكواكب وإن كانت لها أنفس ناطقة فإنّها لا تحتاج إليه لبعدها من الآفات
14
|I.5.22a| الصنف الرابع وأمّا الصنف الرابع ممّن ردّ دلالات الكواكب فهم قوم نظروا في علم الكلّ
15
أعني في علم الأفلاك وحالاتها فقالوا إنّ الكواكب لا دلالة لها على الأشياء التي تكون وتحدث
16
في هذا العالم من أشخاص الحيوان والنبات والمعادن وإنّما دلالتها على تغيير الأزمنة فقط|I.5.22b| ولم يقدر
17
هؤلاء القوم الذين نظروا في علم الكلّ أن يجحدوا هذا القدر من قوّة فعل الكواكب لأنّ هذا من
18
فعلها موجود ظاهر ودفعه بهت مكشوف على أنّه لم يدفع علم الأحكام وثبّت دلالة الكواكب
19
على تغيير الأزمنة إلّا من كان قليل المعرفة بطبائع الأشياء وبما يتولّد من انتقال بعضها إلى بعض|I.5.22c|
126
1
لأنّ العالم بما ذكرنا يعلم أنّ تغيير الطبائع واختلاف حالاتها إنّما يكون بتغيير الأزمنة وتغيير الأزمنة
2
إنّما يكون بقوّة حركة الكواكب والأشياء التي تحدث في هذا العالم إنّما هي بتغيير الطبائع وبانتقال
3
الأزمنة من حال إلى حال آخر فالكواكب إذا بقوّة حركاتها وبتغييرها للأزمنة ونقل بعضها إلى
4
بعض فذلك على ما يحدث في هذا العالم
5
|I.5.23a| وقد زعمت كلّ الفلاسفة أنّ للكواكب دلالات على الأشياء الكائنة في هذا العالم وكانت
6
كلّها تستعمل هذا النوع الثاني من علم النجوم في كلّ شيء من حالاتهم وحركاتهم من أمور
7
الدينية والدنياوية وذلك ظاهر من أفاعيلهم عند من عرف مذهبهم وإنّما فعلوا ذلك لأنّها أعلى
8
الأجسام وأشرفها|I.5.23b| وهو غير مشكوك فيه عند الفلاسفة أنّه بقوّة حركاتها يكون الكون والفساد
9
في هذا العالم بإذن اللّه ويقولون إنّ الواجب على من نظر في النوع الأوّل من علم النجوم أن ينظر
10
بعده في النوع الثاني منه لأنّهما علمان متّصلان بعضها ببعض أحدهما بالآخر|I.5.23c| والعلم الثاني ثمرة
11
العلم الأوّل لأنّ العالم إذا عرف كيفية حركات الأفلاك والكواكب وكمّيتها فإنّما ثمرة ذلك أن
12
يعرف ما تدلّ عليه قوى تلك الحركات والحالات على الأشياء الكائنة في هذا العالم وإذا لم يعلم
13
ما تدلّ عليه الكواكب بحركاتها فلا ثمرة إذا للنوع الأوّل من علم النجوم|I.5.23d| وما حال هؤلاء القوم
14
الذين نظروا في العلم الأوّل ولم يعرفوا هذا العلم المتّصل به إلّا كحال القوم الذين يكون عندهم
15
العقاقير والأدوية المعجونة وهم لا يعرفون كيف يستعملونها ولا لأيّ شيء تصلح تلك العقاقير
16
والأدوية من العلاجات ودفع الأمراض
17
|I.5.24| فكذلك هؤلاء أيضا يعرفون حالات الكواكب ومواضعها من البروج فلا يعلمون على أيّ شيء
18
يدلّ كلّ كوكب في برجه وفي حاله وما أتى هؤلاء في دفعهم هذا النوع الثاني من علم النجوم
19
إلّا أنّهم قوم لا يستعملون أنفسهم فيه فدفعوه لأنّهم إذا أثبتوه عابهم الناس بتركهم معرفته ويقال
20
لهم إنّ نوعين من العلم أحدهما متّصل بالآخر يحسنون أحدهما ولا يحسنون الآخر
128
1
|I.5.25a| الصنف الخامس وأمّا الصنف الخامس فهم قوم نظروا في علم الكلّ أيضا وأبطلوا علم أحكام
2
النجوم من جهة التجارب وقالوا إنّ الأحكام على الكواكب لا تصحّ لأنّ الأشياء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما تدرك
3
بالتجارب وأقلّ ما يمكن إدراك حقيقة الشيء بالتجربة إذا وجد بحال واحدة مرّتين|I.5.25b|
4
والكواكب لا يمكن فيها ذلك لأنّ الكوكب إذا كان في موضع من البرج وكانت سائر
5
الكواكب ناظرة إليه أو مقارنة له فإنّها لا تعود إلى تلك الحال من تلك الدرج [*]الدرج corrupt for البرج التي كانت فيها
6
إلّا بعد ألوف سنين ولا يبلغ عمر الإنسان الواحد هذا القدر من السنين فكيف يمكن الإنسان أن
7
يجد الكواكب مرّتين على حال واحدة حتّى يجرّب من رجوعها إلى مكانها ما يدلّ عليه
8
|I.5.26| فقلنا إنّ الأوائل إنّما عرفوا طبائع الكواكب ودلالاتها من أشياء مختلفة بعضها جزئية ظاهرة
9
وبعضها كلّية فأمّا الجزئية الظاهرة فكما يوجد من آثار الشمس في التسخين والقمر في الترطيب
10
والتعفين ومن آثار الكواكب في تغيير الهواء في كلّ يوم وليلة وأمّا الكلّية فكما يوجد من دلالاتها
11
في تحاو يل سني العالم والمواليد من اختلاف الحال في الحرّ والبرد والاعتدال والصحّة والمرض
12
والموت والأسفار وسائر الحالات الكلّية والجزئية
13
|I.5.27a| وهذه أشياء ظاهرة يدركها الفيلسوف من الناس في زمان قليل إذا قاس كواكب عدّة سنين
14
وحالاتها إلى كواكب سنين غيرها من حلولها في البروج النارية أو الأرضية أو الهوائية أو
15
المائية في أيّ موضع يكون من البرج بعد أن يعرف طبيعة البرج وأدلّته وكذلك فعل الأوّلون
16
الذين رصدوا الكواكب فإنّ الرجل منهم لم يرصد الكواكب ألف سنة ولا خمس مائة سنة ولا
17
كان بلغ عمر الرجل العالم منهم هذه السنين|I.5.27b| ولكن كان الرجل العالم بالقياس يقيس الكواكب
18
زمانا من عمره فيعرف المواضع التي يجدها فيها في أوقاته تلك ويكتب مواضعها من البروج وتأريخ
19
قياساته فإذا أتى على ذلك القياس سنون كثيرة انتدب بعض حكماء أهل ذلك الزمان فقاس
130
1
الكواكب واعتبر بين مكانها عند قياسه لها وبين مكانها في وقت قياس من كان قبله ممّن كان
2
يوثق بقياسه ليعرف صواب ذلك
3
|I.5.28| وبمثل هذا العمل أدرك بطلميوس الحكيم حقيقة مواضع الكواكب لأنّه نظر إلى قياسات
4
الكواكب التي كان قاسها من كان قبله بزمان كثير كإ برخيس وغيره من الحكماء الموثوق بقياسهم
5
فعرفها ثمّ قاس هو في زمانه مواضع الكواكب سنين كثيرة ونظر ما بين قياسه وقياس أولائك
6
الأوّلين من الاختلاف فعرفه وبحث عنه بحثا شافيا حتّى عرف عللها وصحّ له مواضعها بما تقدّم
7
من قياس الأوّلين لها
8
|I.5.29| ولو كان بطلميوس وكلّ المتقدّمين الذين عنوا بحقيقة مواضع الكواكب إنّما كانوا يرصدونها
9
إذا كانت في ذروة أفلاك تداو يرها أو في موضع معلوم منها ثمّ وافق موضع الكوكب من فلك
10
تدو يره مثل موضعه من فلكه الخارج المركز ثمّ يتركونها إلى أن يعود الكوكب إلى ذلك الموضع من
11
فلك تدو يره وفلكه الخارج المركز ثمّ يقيسونه مرّة أخرى لكان حقيقة موضع الكوكب لا يوجد
12
البتّة وكان لا يعرف عدد أفلاك الكواكب ولا ذروة كلّ فلك ولا حضيضه ولا سائر مواضعه
13
لأنّهم بالرصد الكثير في مرار كثيرة في سنين مختلفة في زمان بعد زمان عرفوا مواضع الكواكب
14
وسيرها في سنة سنة وأدوارها وعدد أفلاكها وغاية علوّ كلّ فلك وهبوطه وسائر مواضعه وحالاته
15
|I.5.30| وكذلك عرفت الحكماء ما اشتبه عليهم من طبائع الكواكب ودلالاتها فإنّهم نظروا إلى
16
مواضعها وحالاتها في بعض البروج في زمان من الأزمنة فوجدوا لها الدلالات على أشياء معلومة
17
فعرفوا تلك الدلالات وكتبوها وجعلوا مواضعها وحالاتها مثالا يقيسون عليه ثمّ فتّش عن تلك
132
1
الدلالات قوم من الحكماء بعد سنين كثيرة واعتبروا مواضع الكواكب في زمانهم ذلك بما كان
2
وجده المتقدّمون فوجدوا لها الدلالات على أشياء مشاكلة للدلالة الأولى فجعلوا تلك الدلالات
3
أمثلة واعتبارات ثمّ نظرت الفلاسفة إلى تلك الأشياء التي كانت الكواكب دلّت عليها مرّة بعد
4
مرّة فقاست عليها ما كان خفي عليها من دلالاتها فصحّ لهم ما أرادوا من دلالات الكواكب
5
|I.5.31| ولو كانوا فتّشوا عن دلالاتها عند رجوعها إلى مواضعها بعد ألوف سنين فلم يكن يتبيّن لهم
6
شيء البتّة وإنّما يتبيّن لهم ما أرادوا من الدلالات حين عرفوا في وقت بعد وقت في سنين كثيرة
7
مختلفة مواضع الكواكب ودلالاتها فقاسوا على ما وجدوه ما كان غائبا عنهم حتّى علموا دلالاتها
8
على الأشياء وكذلك العلماء فإنّهم إنّما وجدوا الأشياء الخفية لأنّهم قاسوا عليها بما كان ظاهرا
9
عندهم من ذلك الجنس لأنّ الأخبار الصادقة عن شيء من الأشياء مرّة بعد مرّة في أوقات
10
مختلفة والدلالات الواضحة عليه تقوم مقام المعاينة والوجود الحاضر
11
|I.5.32a| الصنف السادس وأمّا الصنف السادس فهم قوم من أصحاب الحساب عجزوا أن ينظروا في
12
حساب النجوم وتقويم الكواكب من الكتاب الذي فيه علم الكلّ أعني كتاب المجسطي فحسبوا
13
مواضع الكواكب بالزيجات الجزئية المختلفة فوجدوا كلّ كوكب إذا حسبوه ببعض الزيجات
14
في درج معلومة من بعض البروج فإذا حسبوا ذلك الكوكب بزيج آخر وجدوه في غير تلك الدرجة
15
من البروج فذكر هؤلاء القوم أنّ الأحكام لا تصحّ|I.5.32b| واحتجّوا على قولهم بحجّتين إحداهما أنّهم
16
قالوا إنّ الإنسان إذا أراد أن يقوّم الكواكب ببعض الزيجات فإنّ في الحساب الذي به يقوّم
17
الكواكب من أوساطها وتعاديلها جبرا كالثواني والثوالث فيقع على طول الأيّام في موضع درجة
134
1
الكوكب خطاء|I.5.32c| والحجّة الثانية أنّهم قالوا إنّ الأحكام إنّما تكون على حقيقة درجة الكوكب
2
وليس شيء من الكواكب يوفّق على حقيقة درجته من برجه لأنّه إذا وجد بعض الكواكب
3
من بعض البروج في درجة معلومة ببعض الزيجات وجد موضعه بالزيج الآخر مخالفا لتلك الدرجة
4
ولا يدري أيّهما أصوب|I.5.32d| فإذا لم يوقّف على حقيقة درجة الكوكب من برجه فإنّه لا يصحّ الحكم
5
عليه وهؤلاء قوم غلطوا ولم يقعوا من صواب الزيجات على شيء فسبق إلى أوهامهم أنّ غلطهم
6
ممّا يدخل على صاحب صناعة الأحكام
7
|I.5.33a| فرددنا عليهم قولهم بحجّتين إحداهما أنّا قلنا إنّ المنجّم إذا أراد أن يحكم على شيء فإنّما يعتمد
8
فيه على النظر إلى طبيعة الكواكب وخاصّيتها وربّ برج كلّ واحد منها وشرفه وأر باب مثلّثاته
9
وموضعه من الوتد وما يليه والساقط وحلوله من بيت المال وبيت الإخوة وسائر بيوت الفلك
10
ودلالاتها على الأقاليم وسائر الأدلّة الكلّية التي لها ثمّ يحكم على قدر ما يدلّ عليه فأمّا درجة
11
الكوكب فإنّ لها دلالة جزئية إنّما يستعملها أصحاب النجوم في أشياء خواصّ فإن كان في موضع
12
الكوكب خطاء دقائق أو درجة لم يضرّ صاحب الحكم ذلك|I.5.33b| والحجّة الثانية أنّ على المستعمل
13
لصناعة الأحكام إذا أعطاه الحاسب مواضع الكواكب من البروج لبعض الأوقات أن يخبر
14
أنّ تلك المواضع التي فيها الكواكب تدلّ على كذا وكذا فأمّا تصحيح درج الكواكب وفي أيّ
15
موضع هي من بروجها على الحقيقة فإنّما ذلك على أصحاب الحساب|I.5.33c| وقياس ذلك المتطبّب فإنّما
16
عليه أن يخبر عن طبيعة كلّ دواء لأيّ شيء يصلح ولأيّ الأمراض ينفع فأمّا طلب العقاقير في
17
البلدان ودقّها ونخلها فليس ذلك على الطبيب وإنّما هو على أصحاب العقاقير وكذلك المحتجّ لصناعة
18
الأحكام المثبت لها الحاكم على ما يدلّ عليه الكواكب إنّما عليه أن يبيّن أنّ للكواكب فعلا في
136
1
هذا العالم بالحجج ويخبر بعللها وبما يدلّ عليه من طبائعها وخاصّيتها ومسامتتها للمواضع وبمواضعها
2
في كلّ برج وعلى الحسّاب أن يصحّحوا درجها|I.5.33d| فإن جهل أحد منهم حقيقة ذلك كان عيب
3
ذلك الجهل راجعا على ذلك الحاسب لأنّه جهل ما يجب عليه أن يتعلّمه من صناعته على أنّ
4
القوم الذين اقتصروا من علم الكلّ على التقويم بالزيجات الجزئية اقتصروا من علم الكلّ على شيء
5
ضعيف الأصل لأنّهم إذا فتّشوا عن أصولها وجدوا فيها من الفساد والاختلاف ما لا يقفون
6
معه على حقيقة شيء منها|I.5.33e| وإذا قوّموا الكواكب بكلّ واحد منها ثمّ تفقّدوا مواضعها من البروج
7
ومقارنة بعضها لبعض وجدوا بين ما يخرج لهم من الحساب بها وبين ما يرونه بالبصر أو يخرج لهم
8
من القياس بالآلات الصحيحة شيآ بعيدا من الخلاف ولهم فيما هم فيه من الدهش والحيرة
9
بسبب اختلافها شغل عن عيب علم أحكام النجوم
10
|I.5.34a| وما منعنا أن نذكر ما في كلّ واحد من الزيجات من الفساد إلّا الإ بقاء على مودّة كثير من
11
إخواننا ممّن يستعملها ويكسب بها والتي ينبغي أن يعتمد عليه أصحاب الأحكام وكلّ المستعملين
12
بحساب الكواكب السريعة والبطيئة السير إنّما هي مواضعها التي توجد بالقياسات الصحيحة
13
في كلّ زمان بالحلق والآلات الموصوفة في كتاب المجسطي لأنّه بتلك الآلات توجد مواضعها
14
بالعيان وجودا لا يشكّ في صوابه|I.5.34b| ومن ذلك الكتاب ينبغي للناظر في علم أحكام النجوم أن يتقدّم
15
في علم كلّ شيء يحتاج إليه من كيفية علم الأفلاك والكواكب وكمّية حركاتها وسائر حالاتها
138
1
|I.5.35| الصنف السابع وأمّا الصنف السابع فإنّهم دفعوا هذا العلم لأنّهم نظروا فيه فلم يمكنهم أن يبلغوا
2
منه ما يريدون فهم يحسدون أصحاب هذه الصناعة على معرفتهم بها فيدفعون علم صناعة الأحكام
3
لحسدهم لأهلها ولعجزهم عن معرفتها فهؤلاء لا يتولّون بحجّة تلزم إذ كان جحدهم لهذه الصناعة
4
على غير معرفة والجاحد لا يتكلّم إلّا بما يقصّره ويردّه إلى الحقّ اللازم
5
|I.5.36a| الصنف الثامن وأمّا الصنف الثامن فهم الأطبّاء الحذّاق العلماء بصناعة الطبّ الذين قد
6
قرؤوا كتب الأوائل في علم الطبّ وعرفوا أصول صناعتهم واختلاف الطبائع والأزمنة وتغييرها
7
وسائر ما يحتاجون إليه في صناعتهم من الأشياء المفردة والمركّبة|I.5.36b| فهم يعرفون فضيلة علم أحكام
8
النجوم ويعلمون أنّ علم النجوم هو أوّلية علم الطبّ ويستعملون صناعة أحكام النجوم مع صناعة
9
الطبّ استعمالا دائما في معرفة الأوجاع وزيادتها ونقصانها وفي أوقات العلاجات فيكثر صوابهم
10
في صناعتهم ويسلّم المرضى عليهم ويبرؤون على أيديهم ويكثر منفعة الناس بهم|I.5.36c| فأمّا قوم من أطبّاء
11
العدد ممّن كثر جهلهم وقصرت عقولهم عن معرفة ما يحتاجون إليه وإنّما قصدهم في صناعتهم
12
تقدمة الكسب وتأخير المعرفة فردّوا صناعة أحكام النجوم وقالوا إنّ الكواكب لا قوّة لحركاتها
13
في هذا العالم فإنّ صناعة الطبّ موجودة ثابتة فأبطلوا صناعة الأحكام بزعمهم وأثبتوا صناعة الطبّ
14
|I.5.37a| وهؤلاء قوم من الأطبّاء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما ينظر أحدهم من الطبّ في العلم الجزئي كالكحل والجبر وظاهر
15
علاج المرضى وإنّما استفاد هذا القدر اليسير من العلم بظاهر المعرفة وقليل الزمان فهو غير عالم بما
16
يتعاطى من ذلك أيضا لأنّه لم يتبحّر قرائة كتب الأوائل في صناعة الطبّ وفي تقاسيمه ولا عرف
140
1
طبائع الأشياء ولا طبائع الزمان واتّفاقها واختلافها ولا عرف اختلاف العلاجات ولعلّه إنّما قرأ
2
طرفا قليلا من بعض الكتب|I.5.37b| فمن كان منهم مثل هؤلاء من الأطبّاء فهم يثبتون صناعة الطبّ
3
لأنّهم يكسبون بسببها ويدفعون علم أحكام النجوم لقلّة علمهم بها وليس هذا العلم وحده يدفعون
4
بل يدفعون كلّ علم يحتاجون في معرفته إلى الفكرة ولو كان هؤلاء قرؤوا كتب الطبّ لعرفوا أنّ
5
معرفة أحكام النجوم نافعة لهم في صناعتهم وأنّهم يحتاجون إليها
6
|I.5.38| وقد قال إ بقراط الحكيم في كتاب الأهوية حين ذكر اختلاف الأهوية والطبائع إنّ الأشياء
7
التي ذكرنا من تغيير الأهوية هي من علم النجوم فإنّ علم النجوم ليس بجزء صغير من علم الطبّ وإنّما
8
قال هذا المرء الحكيم هذا القول لأنّ الأطبّاء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما يستدلّون على الأشياء باختلاف الأزمنة وتغيير
9
الطبائع وإنّما يكون هذا الاختلاف والتغيير بقوّة حركة الشمس والكواكب وهذا هو من علم
10
النجوم فالأطبّاء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا مضطرّون إلى معرفة علم النجوم ليعرفوا بها أصول صناعتهم على الحقيقة
11
|I.5.39a| وأيضا فإنّ المتطبّب إنّما ينبغي له أن يعالج المريض الذي قد رأى له المنجّم من دلالات النجوم
12
أنّ عمره لم ينفذ وأنّه ينتفع بالعلاج ويبرأ من علّته وإذا لم ير المنجّم له عمرا ولا برءا من علّته فلا معنى
13
لعلاج المتطبّب لذلك المريض|I.5.39b| فأمّا الأيّام المعلومة أعني أيّام البحران التي تحتاج إليها الأطبّاء في
14
معرفة حال المريض في قوّته أو ضعفه وزيادته أو نقصانه فإنّما يعرفونها من مسير القمر وممازجة
15
الكواكب له وقد ذكر ذلك إ بقراط وجالينوس الحكيمان في كتبهم وقد ذكر كلّ المتقدّمين من
142
1
علماء الطبّ أنّ علم النجوم هو علّة علم الطبّ|I.5.39c| فهؤلاء الصنف من الأطبّاء الذين لم يعرفوا أنّ
2
أصل صناعتهم إنّما هو من علم صناعة النجوم عابوا صناعة الأحكام وإذا عابوا صناعة الأحكام فقد
3
عابوا صناعتهم لأنّ صناعة الأحكام هي علّة صناعة الطبّ إلّا أنّ هذا الصنف من الأطبّاء
4
جهلوا هذا القياس وغلطت أفهامهم عن معرفته
5
|I.5.40a| الصنف التاسع وأمّا الصنف التاسع وهم العامّة فهم في ردّ علم الأحكام على صنفين أمّا أحد
6
الصنفين فإنّهم لا يعرفون فضيلة علم الأحكام ولا فضيلة سائر العلوم ولا فضيلة تقدمة المعرفة
7
بالأشياء وأفضل الناس عندهم من كان أكثرهم مالا ويكون حظّ المال عندهم أكثر من حظّ
8
العلم ويقولون إنّ الإنسان إذا كان غنيا ذا مال فإنّه لا يضرّه إن يكون جاهلا بعلم النجوم والطبّ
9
وبسائر العلوم|I.5.40b| فقاسوا قياسا فاسدا لأنّهم قاسوا العلم بالمال وهذا قياس خطاء لأنّ الشيء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما
10
يقاس بجنسه كالعلم بالعلم والمال بالمال ولا يقاس الشيء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى غير جنسه ولا يقاس إذا المال بالعلم
11
ولولا أنّ هذا شيء يسمعه من العامّة كثيرا يغيّرون به أصحاب العلوم لكان ينبغي لنا أن لا نشغل
12
أنفسنا بالفكرة في قولهم إلّا أنّا قد تلطّفنا في ردّ قولهم|I.5.40c| بأن قلنا إنّ المال والجدة قد يتهيّأ للجاهل
13
وللعاقل وللقوي وللضعيف وليس الإنسان بمحمود على ما تهيّأ له من ذلك لأنّ هذا لم يتهيّأ له بعلمه
14
ولا بجهله ولا بقوّته ولا بضعفه وإنّما يحمد الإنسان على التمييز والعلم لأنّ فضل الإنسان على سائر
15
الحيوان إنّما هو بالتمييز الذي فيه بآلة العقل ومعرفته بالأشياء التي كانت والتي تكون|I.5.40d| فكلّما ازداد
16
الإنسان معرفة بما ذكرنا ازداد من البهيمة تباعدا بما فيه من المعرفة وتقدمة العلم بالأشياء الكائنة
144
1
وكلّما قلّت معرفته ازداد من البهيمة قربا بما فيه من قلّة التمييز ولولا فضيلة العلم والتمييز لما كان
2
للإنسان فضل على البهائم لأنّها كلّها تشترك في الأكل والشرب والتناسل فإنّما فضل الإنسان
3
على سائر الحيوان بالعقل والتمييز|I.5.40e| فمن كان من الناس أوفر عقلا وأكثر علما فهو أفضل في الإنسانية
4
من غيره فحظّ العلم والتمييز في معنى الإنسانية أفضل من حظّ المال وأفضل ما في الإنسان معرفته
5
بالأشياء الكائنة وأكثر ما يكون هذا في علم صناعة أحكام النجوم فحظّ علم النجوم وسائر العلوم
6
في معنى الإنسانية أفضل من حظّ المال
7
|I.5.41a| الصنف العاشر وأمّا الصنف العاشر وهم العامّة أيضا فإنّهم دفعوا علم هذه الصناعة لما رأوا
8
من كثرة خطاء من قد يدّعيها وذلك لأنّ العامّة إنّما يقبلون الأشياء على التمييز الظاهر فلمّا رأوا
9
كثرة خطاء من يدّعي من هذه الصناعة فيما يسألون عنه من أحكام النجوم كذّبوا بها ودفعوها
10
ونسبوا أهلها إلى الجهل وقالوا هي صناعة باطلة ولو كانت صادقة لما كثّر خطاء المدّعين لها فيما
11
يسألون عنه|I.5.41b| وهؤلاء غير ملومين في ردّهم علم هذه الصناعة لأنّ أكثر من يدّعيها إنّما هم قوم
12
من جهلة الناس وسقّاط الأمم ينسبون أنفسهم إلى العلم بها وهم بها جهّال ويضعون أنفسهم
13
من معرفتها بحيث لا يحسنونه غلطوا عن الفهم والتمييز ورفعوا أنفسهم عن الاختلاف إلى العلماء
14
والتعلّم منهم وإنّما يقرؤون بعض الكتب المستغلقة المعنى التي لا يفهمونها أو الكتب التي لا
15
يوثق بعلم من ألّفها|I.5.41c| فيجدون في معنى واحد شيئين مختلفين لا يدرون أيّهما أصوب فإذا سألوا
16
عن جنس ذلك المعنى مرّة بعد مرّة استعملوا في النظر فيه في كلّ مرّة أصلا خلاف الأصل
17
الأوّل لقلّة علمهم بطبائع الكواكب وحالاتها ودلالاتها ويستعملون باسم هذه الصناعة ألوان
146
1
التمو يه والخدع ويخدعون ضعفاء العقول من النساء والقوم المنكوبين والمغتمّين من ذوي الأقدار
2
والراغبين الراجين الآملين لأنواع السعادات من الملك والقدر والزيادة فيهما|I.5.41d| وربّما تهيّأ لأحدهم
3
صواب واحد عند بعض هؤلاء باتّفاق القول عن غير معرفة منهم بمعنى ذلك القول فيذكرونه
4
ويفتخرون به ويستأكلون به صاحبه ويتناسون ما سلف من كثير خطائهم وكذبهم في سالف
5
الأيّام|I.5.41e| وهؤلاء قوم إنّما قصدهم الكسب والنيل لا العلم والحكمة والتبحّر في علم هذه الصناعة لأنّ
6
من أراد أن يتبحّر في علم أحكام النجوم فإنّه يحتاج إلى معرفة الأشياء التي ذكرناها قبل لتكون
7
تلك الأشياء سببا إلى علم هذه الصناعة وهي اختلاف حالات الكواكب ومعرفة الطبائع واتّفاقها
8
واختلافها واختلاف الأقاليم وحالاتها واختلاف أحوال الحيوان والنبات والمعادن وما يحدث
9
في كلّ واحد منها عند انتقال الأزمنة في الأقاليم وسائر ما ذكرنا فيما تقدّم وما نذكره فيما يتأخّر
10
ومعرفة هذه العلوم إنّما يمكن في زمان كثير وبتعب شديد يعجز هؤلاء عن معرفة بعضه
11
|I.5.42a| فهم يؤتون في خطائهم من جهتين أمّا إحداهما فقلّة علمهم بهذه الصناعة وأمّا الثانية فإنّ
12
غرضهم المنفعة فإذا سألهم السائل الذي له القدر عن شيء قصدوا في الجواب عنه إلى الشيء
13
الذي يفرح به ويقع بموافقته فيخبرونه أنّ النجوم تدلّ على ذلك الشيء توخّيا منهم بمسرّته وطمعا
14
في ماله ويوقّتون له الأوقات الكاذبة فيتعلّق قلب السائل بها فيتعجّلون منه بذلك المنفعة وحسن
15
الرأي والزيادة في الجاه والقدر ويكون معاملتهم لأصناف الناس كلّهم على مثل هذه الحال التي
16
وصفنا|I.5.42b| فتذمّ العامّة أهل هذه الصناعة كلّهم ويذكرونهم بالمكروه ويكذّبونهم فيبتلى العلماء بها من
17
ذكر العامّة إ يّاهم بالمكروه بسبب القوم الجهّال الذين يدّعون علمها ممّن تقدّمت صفتنا لهم وليس
148
1
تلائم العامّة على ذمّهم أهل هذه الصناعة وفيهم من يعلم مثل هذه الأشياء وإنّما يتعجّب من كان
2
له تمييز ومعرفة فظهرت له هذه الحالات من الكذب والتمو يه من بعضهم|I.5.42c| فسمع منه وقبل قوله
3
ووثق بما يخبره به أو ظنّ أنّ لقوله حقيقة وقد كان حقيقا على المدّعين لهذه الصناعة أن يستعملوا
4
أنفسهم فيما يجب عليهم تعليمه قبل النظر فيها ثمّ يترقّون بعلمهم بتلك الأشياء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى هذه الصناعة
5
الشريفة الجليلة السارّة للنفس
150
1
|I.6.1|
الفصل السادس في منفعة علم الأحكام وإنّ تقدمة المعرفة بالأشياء
2
الكائنة في هذا العالم من قوّة حركات الكواكب نافعة جدّا
3
|I.6.2a| إنّ قوما قالوا إن كان علم النجوم حقّا كما زعمتم فهو علم لا منفعة فيه لأنّ الذي يدلّ عليه النجوم
4
إنّما هي الأشياء التي تكون وهذا شيء لا حاجة بالإنسان إليه لأنّه إن كان ذلك الشيء خيرا أو
5
سرورا فإنّه سيناله في وقته وتقدمة العلم به لا منفعة فيه وإن كان ذلك مكروها فإنّه بتقدمة معرفته
6
به يتعجّل الاغتمام ثمّ يعقب تلك المعرفة الاغتمام بها والفكرة في الخوف منها إلى وقت حلوله به
7
ولا يقدر العالم بصناعة علم النجوم على دفع ما هو كائن من المكاره|I.6.2b| وقد غلط هؤلاء وتركوا سبيل
8
التمييز والمعرفة ولم يعرفوا فضيلة هذا العلم ولا منفعته وإنّما يعلم منفعة هذا العلم من يعلم منفعة
9
تقدمة العلم بالأشياء الكائنة على أنّ هؤلاء الذين دفعوا المنفعة بهذا العلم إنّما دفعوا اسم هذا الشيء
10
فقط لأنّهم لم يعرفوه فأمّا معنى الشيء فهم يستعملونه لأنّ كلّ الناس من العامّة وذوي التمييز قد
11
يستعملون تقدمة المعرفة في الأشياء التي يمكنهم معرفتها والتحرّز من مكروه ما يخافون منها وإن
12
لم يقدروا على دفع ذلك الشيء بعينه فإنّهم يدفعون على أنفسهم كثيرا من الأذى والمكروه الذي
13
يصيبهم من ذلك الشيء بقدر الطاقة
14
|I.6.3a| فأمّا بعض الناس فإنّما تكون تقدمة معرفته بالأشياء بالتجربة فيدفع عن نفسه مكروه ما
15
تقدّمت معرفته له وهم العامّة وبعضهم تكون تقدمة معرفته بالأشياء بانتقال الأزمنة وحالات
16
الطبائع فيتقدّم في دفع المكاره بما تقدّمت له معرفته وهم الأطبّاء وأمّا بعضهم فإنّ تقدمة معرفته
152
1
تكون بقوّة أفاعيل الكواكب في هذا العالم فيتقدّم في دفع المكاره على قدر ما تقدّم من معرفته به
2
وهم المنجّمون|I.6.3b| فأمّا الذين تكون تقدمة معرفتهم بالتجربة فكالعامّة فإنّها لمّا تقدّم علمها بالتجربة
3
بوقت الحرّ أو بوقت البرد تقدّمت هي أيضا في التوقّي والاحتراس منهما قبل هجومهما عليهم فأعدّت
4
للحرّ التبريد والمواضع الباردة وللبرد التسخين والمواضع الكنينة والأشياء الحارّة ليدفع أذاهما عنهم
5
بما يعدّون لهما من ذلك|I.6.3c| وقد يرون في بعض الأوقات في السماء غيما مخيّلا للمطر على قدر ما
6
جرّ بوا وهم في السفر أو في الحضر فيتقدّمون قبل مجيء المطر إلى المواضع التي تكنّهم من المطر
7
عند مجيئه أو يتقدّمون في حمل لباس يكنّهم من المطر عند كونه وإذا تقدّم علم الإنسان أنّ عدوّه
8
يريد الهجوم عليه تقدّم قبل ذلك الوقت في الاستعداد له بما يدفع عنه شرّ ذلك العدوّ عند هجومه
9
عليه
10
|I.6.4a| فكلّ العامّة لم يدفع ذات الشيء وحدوثه ولكنّها حين عرفت بالتجربة على طول الأيّام أو
11
علمت ببعض الأسباب أوقات الأشياء التي تؤذيهم تحرّزوا منها بما دفعوا به أذاها عن أنفسهم
12
حتّى لم ينلهم مكروهها لأنّ الذي علم أنّه يكون الحرّ أو البرد أو المطر في وقت كذا وكذا فتحرّز
13
بالتقدّم فيما يدفع مكروهه عنه قبل هجومه عليه فهو لم يدفع كون الحرّ ولا كون البرد ولا مجيء
14
المطر ولكنّه لمّا تقدّمت معرفته به وبأوقاته بالتجربة احتال لدفع مكروهة ذلك الشيء عن نفسه|I.6.4b|
15
فهذا وكثير مثله من هذا الجنس الذي يتقدّم فيه معرفة العامّة بالتجربة وقد يستعدّون له قبل
16
حدوثه وهجومه وقد يستعمل تقدمة المعرفة بالتجارب جميع الصنّاع في صناعتهم كأصحاب الزروع
17
والغروس والرعاء والنساء القوابل ويتقدّمون في التحرّز من المكاره الذي يتخوّفونها قبل هجومها
18
عليهم
154
1
|I.6.5a| فأمّا الأطبّاء فإنّهم يستعملون تقدمة العلم بالأشياء من جهة اختلاف أحوال الزمان وتغيير
2
الطبائع والأخلاط ويعرفون من هذا ما لا يعرفه غيرهم من جميع الصنّاع الذين ذكرناهم أوّلا
3
لأنّ الأطبّاء قد يتقدّم علمهم بمنفعة العلاج في وقت انتقال الأزمنة من حال إلى حال وقد تتقدّم
4
العامّة أيضا في ذلك الوقت في إحراز الأبدان من العلل والأمراض لأنّه إذا كان في وقت الفصل
5
الربيعي تقدّمت العامّة بما وجدت بطول تجاربها من تغيير مزاج أبدانها عند انتقال الفصول
6
في إحراز الأبدان من الأمراض والعلل بالعلاجات|I.6.5b| وتقدّمت الأطبّاء بتقدمة علمها بتغيير تلك
7
الأبدان عند اختلاف الزمان عليهم فيما يستقبلون بسقي الأدوية والفصد وسائر العلاجات
8
خوفا من أن يهجم عليهم الفصل الصيفي بحرارته فيجد في أبدانهم الأخلاط الرديئة العفنة
9
الحادّة فتجتمع حدّة تلك الأخلاط مع حرارة الهواء فيغلب على مزاجهم الحرارات المفسدة
10
للأبدان فيمرضون وكذلك يتقدّمون في العلاجات والتحرّز من الأمراض في كلّ أوقات السنة
11
وأيّامها فيتحرّزون في وقتهم ذلك ممّا يخافونه في الأوقات التي تستقبلهم عند اختلافها عليهم|I.6.5c|
12
فقد طلبت العامّة التحرّز للأبدان من الأمراض بعلاج الأطبّاء لها وذلك لما تقدّم عندهم من
13
العلم بالتجارب أنّ كثيرا من الأبدان تعتلّ وتمرض عند اختلاف الزمان والطبائع عليها وأيضا
14
فقد يكون بالإنسان العلّة من فساد بعض الأخلاط فيهيج به في وقت معلوم من السنة أو من
15
اليوم فيتقدّم قبل هيجانها بالتحرّز من ذلك المرض في استعمال الأدوية التي تخرجها أو تنقصها
16
أو تسكّنها فيدفع عنه أذى ذلك الخلط الرديء كلّه أو بعضه على ما يمكن في مثله
156
1
|I.6.6a| وقد يستدلّ أيضا الطبيب ببعض أسبابه لتقدمة معرفته إذا رأى أنّ بعض الأخلاط الرديئة
2
قد ابتدء في الغلبة على بدن الإنسان ممّا يعلم أنّ مثله يدفعه العلاج أو يسكّنه فيتقدّم في التحرّز به
3
من قوّة ذلك الخلط الرديء أو الزيادة فيه بالعلاجات التي تسكّن أو تضعف قوّته لأن لا تهيج
4
عليه ويهيج معه بعض الأخلاط الرديئة فتعسر الحيلة في إخراجها أو في تسكينها|I.6.6b| فلولا تقدمة
5
علم الطبيب بأنّ ذلك الخلط الرديء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا تركه على حاله هاج وثار بالإنسان فأوجعه لم يتقدّم في
6
إخراجه أو في تسكينه بتقدمة العلاج له فقد يسكّن الطبيب الحاذق بتقدمة المعرفة قوّة الأخلاط
7
الرديئة ويدفع عن الإنسان الأمراض والوجع والسهر بما يتقدّم فيه من العلم بعلاجه إ يّاه وقد
8
ينقص الفضول الرديئة من البدن أو يخرجها منه حتّى لا يتأذّى بها الإنسان|I.6.6c| فإذا علم الطبيب
9
ببعض ما يستدلّ به من الدلالات الصادقة أنّ ذلك المرض لا يذهب وأنّ صاحبه لا يبرأ وإنّه
10
يموت في مرضه ذلك أخبر المريض بأنّه يتلف فيقدّم المريض فيما يحتاج إليه في إصلاح أموره
11
فتقدمة معرفة المتطبّب بالأمراض والعلاجات نافعة جدّا|I.6.6d| وهذا الذي ذكرنا من تقدمة معرفة
12
العامّة والأطبّاء بالأشياء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما أردنا بها القياس على صناعة النجوم لأنّ المنجّم العالم إذا رأى في
13
تقدمة العلم من قوّة حركات الكواكب أنّ بعض الناس يصيبه مكروه فإنّه يتقدّم إليه بالقول في
14
ذلك لأنّ تقدمة العلم من صناعة النجوم بما يصيب الإنسان من المكروه في الزمان المستقبل نافعة
15
جدّا وهي على خمس جهات واحدة منها عامّية وأربع خاصّية|I.6.6e| فأمّا الأولى فهي المكروه الذي
16
إذا عرفه الإنسان فربّما أمكنه دفعه وربّما لم يمكنه وهي عامّية وأمّا الثانية فهي المكروه الذي إذا
158
1
تقدّمت معرفة الإنسان به قدر أن يدفعه عن نفسه بكنهه وأمّا الثالثة فهي المكروه الذي إذا تقدّمت
2
معرفته به قدر أن يدفع عن نفسه بتقدمة العلم به بعضه وأمّا الرابعة فهي المكروه الذي يعلم بتقدمة
3
علمه أنّه يصيبه ثمّ يزول عنه بعد وقت معلوم وأمّا الخامسة فهي المكروه الذي إذا تقدّمت معرفته
4
به لا يقدر على دفعه على نفسه البتّة
5
|I.6.7a| فأمّا الأولى العامّية التي تقدّمت معرفته بها من علم النجوم فربّما أمكنه دفعها وربّما لم يمكنه فإنّما
6
يعرف ذلك من تحاو يل سني العالم وهو كالوباء العامّي وكالطاعون والزلازل والحروب والقتل
7
والقتال والقحط وهلاك البهائم والثمار التي تعمّ أهل إقليم أو مدينة فتقدمة العلم بهذا وشبهه نافعة
8
لأنّه إذا تقدّمت معرفة الإنسان بذلك تقدّم في التحرّز منه لنفسه ولغيره بما يمكنه التحرّز به من
9
مثله قبل حدوثه بالانتقال والتحو يل من ذلك الموضع وبما أشبه هذا|I.6.7b| فإنّه ربّما أمكنه أن يدفع
10
عن نفسه مثل هذا المكروه بمثل هذه الحيلة وإذا لم يتقدّم علمه في حدوث ذلك الشيء ثمّ حدث
11
اشتدّ جزعه عند حلول ذلك المكروه ولم تمكنه الحيلة في دفعه عنه فربّما تهوّر فيه أو كالقوم
12
الذين عرفوا بتقدمة علمهم بالنجوم أنّ عدوّا لهم يهجم عليهم فربّما أمكنهم دفعه عنهم بالحيلة
13
وربّما لم يمكنهم وأشياء أُ خر من هذا الجنس
14
|I.6.8a| وأمّا الثانية فهي المكروه الذي إذا تقدّمت معرفة الإنسان به يقدر أن يدفعه عن نفسه بكنهه
15
وإنّما يعرف ذلك من مولود الإنسان أو من تحو يل سنيه أو من مسئلة عن حاله وهو كالمرض أو
16
ظفر بعض الأعداء به أو الأخبار المكروهة أو سائر أنواع الشرّ والمكروه|I.6.8b| فتقدمة المعرفة به
160
1
نافعة جدّا كما تقدّم قولنا فيها لأنّه إذا رأى المنجّم بتقدمة علمه أنّه يهيج ببعض الناس علّة من العلل
2
في وقت معلوم من السنة أو من اليوم يمكن دفع مثله بالعلاج أخبره المنجّم بذلك فتقدّم ذلك
3
الإنسان في العلاج والأدوية بإخراج تلك العلّة عن بدنه أو تسكينها فلا تهيج به تلك العلّة في
4
ذلك الوقت|I.6.8c| فقد دفع المنجّم عن ذلك الإنسان مكروه تلك العلّة بكنهه بإخباره إ يّاه أو مثل عدوّ
5
يخافه الإنسان فيرى بتقدمة معرفته من الصناعة النجومية أنّه يريد الهجوم عليه فيتقدّم في التحرّز
6
قبل هجومه فإذا هجم عليه لم يتأذّ به ودفع عنه مكروهه بكنهه
7
|I.6.9| وأمّا الثالثة من المكروه الذي إذا تقدّمت معرفته به قدر أن يدفع عن نفسه بتقدمة العلم به
8
بعضه فهو كالإنسان الذي يخاف بتقدمة علمه النجومي أنّه يهيج به علّة من علل في بعض الأوقات
9
فيتقدّم في العلاج قبل ذلك الوقت فيدفع عن نفسه عند هيجانه أكثر تلك العلّة بتقدمة العلاج له
10
وكالإنسان الذي قد علم بتقدمة علمه بالنجوم أنّ إنسانا ظاهر العداوة له فيتحرّز منه بعض التحرّز
11
فيدفع بذلك التحرّز القليل عن نفسه بعض أذى العدوّ
12
|I.6.10| وأمّا الرابعة من المكروه الذي يعلم بتقدمة علمه أنّه يكون ثمّ يزول عنه بعد وقت معلوم فهو
13
كالإنسان الذي يعلم بتقدمة علمه النجومي أنّه يمرض أيّاما معلومة ثمّ يبرأ أو كالعدوّ الذي يعلم أنّه
14
يظفر به أيّاما ثمّ يسلم منه أو كالحبس الذي يصيبه أيّاما ثمّ ينجو منه
162
1
|I.6.11a| وأمّا الخامسة من المكروه الذي إذا تقدّمت معرفته به لا يقدر على دفعه عن نفسه البتّة فهو
2
كالإنسان الذي يعلم بتقدمة علمه النجومي أنّه ميّت في وقت كذا وكذا فتقدمة العلم به نافعة له
3
لأنّه إذا تقدّم علمه به فإنّه يتقدّم فيما أراد من تهيئة أموره وإصلاحها أو مصلحة الأمور فيما بينه
4
وبين الناس بمثل ما يحتاج إليه في هذا المعنى|I.6.11b| فيأتيه الموت وهو عالم به وقد تقدّم بإصلاح ما
5
يريد من أموره وإن لم يتقدّم علمه في ذلك حلّ به الموت وهو مختلف الحال متشتّت الأمر فيرجع
6
ضرر ذلك على من يخلفه من ورثته وأهله ويذكر هو وعقبه بالمكروه على الأيّام المستقبلة
7
|I.6.12a| فهذه القياسات التي ذكرنا تدلّ على أنّ تقدمة معرفة العلم بالأشياء من صناعة أحكام النجوم
8
نافعة في جميع الأشياء وأقول أيضا إنّ تقدمة المعرفة بالأشياء المكروهة نافعة جدّا لأنّه إذا ورد
9
على الإنسان الشرّ بغتة اشتدّ جزعه وأدهشه واختلس عقله ولم تمكنه الحيلة فيه وربّما هاج عليه
10
من شدّة الجزع عند حلول ذلك المكروه به مكروه آخر وربّما كان تركه التحرّز من ذلك المكروه
11
تكسبه الزيادة في المكروه وربّما مات فجأة من شدّة الغمّ|I.6.12b| فإذا تقدّم علمه بذلك المكروه قبل
12
حلوله ورد عليه وقد يردّ جلده وفطّن نفسه عليه وعرف سببه وقدّم ما احتاج إلى تقديمه من
13
التدبير بسببه وعمل في دفع ما يمكنه في ذلك عن نفسه فكان أكسر وأقلّ لذلك الشرّ فالمنجّم
164
1
الحاذق بتقدمة علمه بالمكروه وإن لم يمكن دفع ذلك المكروه كلّه فقد احتال بتقدمة العلم به لدفع
2
ما أمكن من ذلك المكروه والكواكب كما دلّت على المكاره التي ذكرناها فإنّها دلّت على التحرّز
3
والمنفعة بسببه أيضا وإنّ المنجّم بتقدمة علمه وإخباره للإنسان بوقوع المكروه به هو سبب التحرّز
4
له
5
|I.6.13a| فأمّا الحجّة التي تقرب من فهم العامّة في الردّ على الذين قالوا إنّه ينبغي للإنسان أن لا ينظر في
6
علم النجوم لأنّه ربّما رأى في دلالات النجوم أنّ مكروها يناله إلى وقت من الأوقات فيتعجّل
7
الاغتمام بعلمه في ذلك ثمّ يعقبه ذلك الاغتمام به والفكرة فيه إلى وقت حلوله به|I.6.13b| فهي أن أقول
8
لو كان الإنسان يجتنب استعمال كلّ شيء يتعجّل الاغتمام بسببه لكان ينبغي له أن لا يسافر
9
في طلب الفوائد والعزّ والسلطان لأنّه قبل أن يسافر يتعجّل الاغتمام بإخراج المال والنفقة بسبب
10
ذلك السفر ثمّ في سفره يتعجّل الغربة عن المنزل والتعب والأذى والمكاره والخوف على البدن
11
والمال والجسم وربّما ناله في عاجل سفره بعض ما ذكرنا من المكروه قبل الظفر بشيء من الأشياء
12
التي بسببها سافر|I.6.13c| وكان ينبغي له أن لا يصحب إنسانا لطلب الخير والفوائد والزيادة في الجاه
13
والقدر لأنّه يتعجّل بذلك الوجه بطلب الوسائل لصحبته لذلك الإنسان ثمّ يتعجّل الذلّ والهوان
14
بسبب خدمته له قبل انتفاعه به وكان ينبغي أن لا يأمل شيئا ولا يرجوه لأنّه إذا أمل شيئا ورجاه
15
تعجّل الاغتمام بالفكرة والسعي فيه إلى وقت ظفره به فكلّ هذه الأشياء التي ذكرنا وغيرها ممّا هو
16
من هذا الجنس قد يتعجّل الناس بسبب طلبهم إ يّاه المكروه والاغتمام وربّما تلف أحدهم قبل
17
الظفر بشيء ممّا طلب|I.6.13d| فإن سلم أحد منهم ببدنه وظفر بما طلب فقد تعجّل الغمّ والتعب الشديد
166
1
والنفقة والخوف على المال والبدن وبذل الوجه والذلّ وكثيرا من المكاره والأذى فإن فاته ذلك
2
مع ما قد تعجّل من هذه المكاره التي وصفنا أعقبه الأسف والحسرة والندامة على ما أنفق من
3
ماله وأتعب من بدنه وبذل من جاهه وناله من أنواع المكاره ثمّ لا حيلة له في ردّ ما أنفق من
4
المال ولا في دفع ما تعجّل من الغموم والمكاره ولا ينفعه الأسف والندامة على ما فات|I.6.13e| وأمّا
5
الاغتمام الذي يتعجّله الإنسان بتقدمة العلم من دلالات النجوم بالمكاره التي يرى فيها أنّه يصيبه
6
في وقت آخر والاغتمام الذي يعقبه بسبب فكرة فيها إلى وقت حلولها به فإنّه ينتفع بهما لأنّه إذا
7
تقدّمت معرفته من دلالات النجوم بالمكروه الذي يناله تفكّر في الحيلة في دفعه وفي إصلاح أموره
8
كما ذكرنا فيعقب تقدمة معرفته بها وفكرته فيها دفع ما أمكن من ذلك المكروه
9
|I.6.14| وأيضا فإنّ هؤلاء القوم لو تقدّمت معرفتهم من دلالات الكواكب أنّ الأشياء التي يطلبونها
10
لا تتمّ لهم ولا يظفرون بها تركوا طلبها والحركة والسعي فيها فلم يتعجّلوا المكروه والاغتمام ولا
11
أعقبتهم الحركة فيها والفكرة والندامة والأسف فمعرفة الإنسان بالمكاره التي تصيبه ممّا يدلّ
12
عليه النجوم نافعة جدّا
13
|I.6.15a| وأقول أيضا قولا يقرب من فهم العامّة في الردّ على القوم الذين زعموا أنّه ينبغي للإنسان أن
14
لا ينظر في علم النجوم لأنّه بسبب معرفة ما يرى فيها من المكاره التي تصيبه يعقبه الاغتمام إلى
15
وقت حلولها به لو كان الإنسان يجتنب الاستعمال كلّ شيء يعقبه بسببه الاغتمام لكان ينبغي
16
له أن لا يسمع الغناء لأنّه عند سكوت المغنّي الحاذق يعقبه الغمّ لانقطاع السرور الذي كان فيه
168
1
في وقت سماعه للغناء|I.6.15b| وكان لا ينبغي له أن يجامع النساء الذوات الصباحة والجمال وأن لا يأكل
2
أطيب الأطعمة ولا يشرب أصفى الأشربة وأجودها لأنّه في وقت فراغه من الجماع أو في وقت
3
انقطاعه من الأكل والشرب يعقبه الاغتمام لعجزه عن دوام لذّة الجماع والأكل والشرب
4
وعلى قدر اغتباطه بصباحة الجارية وجمالها والإفراط في طيب الطعام والشراب كذلك يكون
5
إفراط اغتمامه بانقطاع ذلك وعجزه عنه|I.6.15c| وينبغي أن لا يقتني المال الكثير لأنّه يعقب كثرة
6
المال الاغتمام بحفظه ويكسبه الأعداء والحسّاد والخوف منهم وينبغي أن لا يفرح بكثرة المال
7
والجواري عند كبر السنّ لأنّه لا يقدر في ذلك الوقت أن يتمتّع بالجواري ولا يفرح بالمال فيعقبه
8
بسبب عجزه عن الالتذاذ والفرح به الاغتمام
9
|I.6.16a| فإن ترك استعمال علم النجوم لأنّه لا يأمن أن يرى فيه مكروها فيعقب نظره فيه وعلمه به
10
الاغتمام فينبغي أن لا يستعمل شيئا من هذه السعادات لأنّه يعقبه الغمّ والأسف والحزن
11
والندامة بسبب انقطاعها وعجزه عنها وينبغي أن يعمل نفسه في أكل أردأ الأطعمة وشرب أردأ
12
الأشربة وترك الجماع وإن جامع كان جماعه لأقبح النساء وأسمجهنّ وعند كبر السنّ يعمل نفسه في
13
الفقر وفي عدم كلّ شيء كما ذكرنا قبل من السعادات حتّى لا يعقبه الاغتمام لعجزه عن الالتذاذ
14
والسرور بها فأمّا|I.6.16b| الخير والسرور فإنّ تقدمة المعرفة بهما نافعة جدّا لأنّه ربّما ورد على الإنسان
15
الشيء السارّ بغتة فيدهش ويتحيّر وربّما مات من ساعته من شدّة الفرح لأنّ من إفراط السرور
170
1
أو الغمّ ربّما مات الإنسان بغتة فإذا حدث للإنسان السرور وقد تقدّم علمه به لم يدهش ولم يتحيّر
2
لذلك ولا خيف عليه من شدّة الفرح التلف ويتقدّم فكره فيما يريد من التدبير فيه
3
|I.6.17a| ولنبيّن ما ذكرنا من الغمّ والسرور بقياس مفهوم طبيعي في جميع الحيوان نقول إنّ الحيوان كلّه
4
في طبعه يفرح ويغتمّ فإذا لم يفرح الحيوان بما يفرح بمثله ولم يغتمّ بما يغتمّ بمثله كان بعيدا من الحيوانية
5
وكان في طبع الأشياء الجامدة كالحجر والخشب وما أشبههما فأمّا الحيوان كلّه غير الإنسان فإنّما يفرح
6
ويغتمّ عند مباشرته للأشياء السارّة والغامّة|I.6.17b| وإنّما تقدمة معرفة السرور والغمّ للإنسان وحده من
7
بين الحيوان فتقدمة المعرفة بالأشياء النافعة والضارّة يحتاج إليها الإنسان في كلّ الحالات لأنّه إن
8
كان ذلك الشيء مكروها فتقدمة العلم به خير له من تأخيره للعلل التي ذكرناها قبل وإن كان خيرا
9
أو سرورا فإنّه لا يجهل إنسان فضيلته|I.6.17c| وإنّ تقدمة معرفته وتعجيل السرور بالإخبار فيه قبل كونه
10
أفضل من تأخيرها لأنّ كلّ الناس إنّما يسعون في هذا العالم ليسرّوا وغرضهم في السرور واحدة
11
من ثلاث خصال إمّا رجل مغتمّ فهو يسعى في دفع ذلك الغمّ عنه واجتلاب السرور وإمّا إنسان
12
ناقص السرور فهو يسعى في تمام ذلك السرور وإمّا إنسان مسرور فهو يسعى في دوام سروره ولناتئ
13
على السرور بقياس من جنس الموسيقي أعني الغناء
14
|I.6.18a| أقول إنّ لتقدمة معرفة الأخبار السارّة التي تدلّ عليها صناعة أحكام النجوم في النفس فعلا عجيبا
15
لأنّه يظهر محمود أفاعيلها كما يظهره سماع الغناء وضرب الأوتار من مغنّ حاذق بالنغم عالم بتأليف
16
الأوتار واستعمالها لأنّ النفس كما تسرّ وترتاح وتفرح بأصوات الأوتار المؤلّفة على الاستواء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا
17
سمعتها ويغيّر طبعها حتّى يزيد ذلك في الشجاعة والسخاء وحسن الخلق فكذلك تقدمة المعرفة من
18
صناعة النجوم بالأخبار السارّة التي يتوقّعها الإنسان كالولاية والظفر بالأعداء وقنية المال وكون
172
1
الولد قد يحدث فيه من السرور أكثر ممّا يحدث فيه من سماع الغناء ونقر الأوتار|I.6.18b| وكما أنّ تكرير
2
صوت الأوتاريزيد في سرور الإنسان فكذلك تكرير سماعه للأخبار السارّة التي يتوقّعها وفكرته فيها
3
يزيد في سروره وكما أنّ الإنسان إذا سرّ ببعض الأصوات يشتهي أن يسمعه مرارا كثيرة فكذلك
4
يشتهي أن يسمع الأخبار السارّة في كلّ وقت وكما أنّه يشتهي أن يسمع في كلّ وقت أغانيا مختلفة
5
بعضها أحسن من بعض فكذلك يشتهي أن يسمع في كلّ وقت أخبارا مختلفة سارّة ممّا يستقبل
6
يكون سروره بها أكثر من سروره بالذي سمعه قبل ذلك|I.6.18c| إلّا أنّ لتقدمة معرفة الأخبار السارّة
7
التي تكون في الزمان المستقبل من دلالة النجوم فضيلة ليست في الموسيقي أعني الغناء وذلك أنّ
8
أصوات الأوتار المؤلّفة على الاستواء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما يسرّ بها السامع ما دام يسمعها فإذا سكن الموسيقي أعني
9
المغنّي انقطع ذلك السرور مع سكونه وتركه ضرب الوتر والخبر السارّ الذي يخبر به المنجّم عن
10
تقدمة معرفة صناعة النجوم فإنّ صاحبه يسرّ به من حين يسمعه إلى أن يأتيه ذلك السرور فلذلك
11
يرغب الناس كلّهم في تقدمة معرفة الأخبار السارّة من صناعة النجوم
12
|I.6.19| وأيضا فإنّ من منفعة الناس بتقدمة المعرفة من علم النجوم بالأشياء أن يسأل السائل المنجّم
13
الحاذق بالصناعة من حال إنسان غائب أو هارب فيخبره بحاله فيستريح إلى ذلك أو يسأله عن
14
مفقود قد فقد منذ زمان ويخبر أهله بذلك فلا يدرون أحيّ هو أو ميّت فيخبرهم بما يرى من حاله
15
فيعملون على حسب ذلك أو يسأل عن مسافر أو آبق لا يدري أيّ ناحية توجّه فيخبرهم بناحيته
16
فيطلبونه هناك أو يسأل عن إنسان هل هو له على المودّة أو على العداوة فيخبره بما يرى فيعامله على
17
حسب ذلك وممّا ينتفع به في تقدمة المعرفة من علم النجوم أنّه إذا ولد للإنسان مولود فإن علم أنّه
18
لا يتربّى لم يزوّجه في صغره وإن لم يتقدّم معرفته في ذلك فإنّه ربّما زوّجه ويموت المولود قبل بلوغ
19
التربية فيقعون في تخليط
20
|I.6.20a| فهذا وما كان مثله من هذا الجنس كثير جدّا ينتفع بتقدمة معرفته من دلالات النجوم كلّ
21
الناس وقد ذكرنا فيما تقدّم منفعة العامّة بتقدمة معرفتهم بالأشياء بالتجارب ومنفعتهم بتقدمة
22
معرفة العلماء الأطبّاء باختلاف الزمان وتغيير الطبائع والعلاجات وكذلك ذكرنا منفعتهم بتقدمة
174
1
معرفة علماء أصحاب النجوم بما يظهر لهم من قوّة حالات الكواكب في هذا العالم|I.6.20b| فقد بان وظهر
2
أنّ تقدمة العلم بالأشياء نافعة جدّا لكلّ الناس إلّا أنّه في علم النجوم أنفع وأفضل وأشرف منه في
3
صناعة الطبّ وفي جميع الصناعات فأمّا فضلها على سائر الصناعات فقد بيّنّاها قبل وأمّا فضلها
4
على صناعة الطبّ فالعلّة فيها أنّ الأطبّاء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما يستدلّون على الأشياء بطبيعة الزمان وتغييره من حال
5
إلى حال وبالأشياء الزائلة المتغيّرة الملموسة|I.6.20c| فأمّا المنجّمون فإنّما يستدلّون على الكائنات بالأجرام
6
العلوية وبما يحدث من قوّة حركاتها في الزمان والطبائع وأيضا فإنّ المنجّم يستدلّ بما يكون إلى زمان
7
طو يل وما كان منذ زمان قديم والطبيب إنّما يستدلّ على ما يكون في فصل واحد من فصول السنة
8
أو في ساعة واحدة من اليوم فأمّا ما كان ومضى فإنّه قلّ ما يمكنه معرفته
9
|I.6.21| وأقول أيضا إنّ النفس أفضل شيء في الإنسان وهي تفرح بمعرفة الأشياء التي تكون والتي
10
كانت وليس في جميع الصناعات من المعرفة والعلم بالأشياء الماضية والكائنة مثل ما في صناعة
11
النجوم فصناعة النجوم إذا أفضل وتقدمة المعرفة بالأشياء الكائنة منها أنفع منه في جميع الصناعات
12
|I.6.22| تمّ القول الأوّل بحمد اللّه ومنّه
176
1
|II.1.1|
القول الثاني من كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم وفيه تسعة فصول
2
|II.1.2a| الفصل الأوّل في عدد كواكب الفلك السريعة والبطيئة السير التي قاسها الأوائل ومعرفة أقدارها
3
الستّة وكم كوكبا هي في كلّ قدر وعدد صور الفلك واسم كلّ صورة والفصل الثاني يذكر فيه
4
لم جعلت الصور الاثنتا عشرة أولى بالدلالة من سائر صور الفلك والفصل الثالث في علّة عدد
5
البروج وإنّها اثنا عشر لا أقلّ ولا أكثر والفصل الرابع في ترتيب طبائع البروج|II.1.2b| والفصل الخامس
6
يذكر فيه لم بدئ بالحمل دون سائر البروج والفصل السادس في علّة البروج المنقلبة والثابتة وذي
7
الجسدين والفصل السابع في معرفة أرباع الفلك وفي علّة البروج المنقلبة والثابتة وذي الجسدين
8
والعلّة في عدد البروج وإنّها اثنا عشر ولم بدئ بالحمل في ترتيب طبائعها ومعرفة مثلّثاتها على ما حكى
9
هرمس عن غاثيذيمون والفصل الثامن في معرفة البروج المذكّرة والمؤنّثة والفصل التاسع في البروج
10
النهارية والليلية
11
|II.1.3|
الفصل الأوّل في عدد كواكب الفلك السريعة والبطيئة السير التي قاسها الأوائل
12
ومعرفة أقدارها الستّة وكم كوكبا هي في كلّ قدر وعدد صور الفلك واسم كلّ صورة
178
1
|II.1.4| إنّ الحكماء المتقدّمين وبطلميوس ومن كان بعده ممّن عنى بكيفية الفلك الأعلى بحثوا عنه بحثا
2
شافيا ليعرفوا إحاطته وقدره فوجدوه محيطا بالأرض من جميع الجهات ووجدوا قدر الأرض
3
عنده كقدر النقطة عند الدائرة فمن أراد معرفة ذلك فلينظر في كتاب المجسطي فإنّه يبيّن ذلك
4
فيه ويحيط هذا الفلك بعدّة أفلاك فيها كواكب كثيرة والذي قاست الحكماء منها ألف وتسعة
5
وعشرون كوكبا سبعة منها أسرعها حركة وهي زحل والمشتري والمرّيخ والشمس والزهرة وعطارد
6
والقمر
7
|II.1.5| وهذه السبعة هي مختلفة السير ولكلّ واحد منها فلك خلاف فلك صاحبه وألف واثنان
8
وعشرون كوكبا بطيئة الحركة وتسمّى الكواكب الثابتة وهذه الألف والاثنان والعشرون
9
الكوكب التي قاسها الحكماء هي في فلك واحد وحركة كلّ كوكب منها مثل حركة صاحبه وهي
10
في كلّ مائة سنة درجة بالتقريب
11
|II.1.6a| وجعلوا هذه الكواكب على ستّ مراتب فأكثرها ضوءا جعلوه في المرتبة الأولى وهي خمسة
12
عشر كوكبا والتي دون هذه في الضوء في المرتبة الثانية وهي خمسة وأربعون كوكبا والتي دون هذه
13
في الضوء في المرتبة الثالثة وهي مائتان وثمانية كواكب والتي دون هذه في الضوء في المرتبة الرابعة
14
وهي أربعمائة وأربعة وسبعون كوكبا والتي دون هذه في الضوء في المرتبة الخامسة وهي مائتان
15
وسبعة عشر كوكبا والتي دون هذه في الضوء في المرتبة السادسة وهي تسعة وأربعون كوكبا|II.1.6b|
16
وخمسة منها تشبه الغيم ويقال لها السحابية وتسعة منها يقال لها المظلمة وكوكب واحد يقال له
17
كوكب الذؤابة فذلك ألف واثنان وعشرون كوكبا ثمّ جعلوا هذه الألف والاثنين والعشرين
18
الكوكب في ثمانية وأربعين صورة وسمّوا كلّ صورة منها باسم متّفق عليه عند الأوائل
180
1
|II.1.7a| ومن هذه الكواكب ثلاثمائة وستّون كوكبا في إحدى وعشرين صورة مائلة عن طريقة
2
الشمس إلى ناحية الشمال وأوّل هذه الصور الدبّ الأصغر والثاني الدبّ الأكبر والثالث التنّين
3
والرابع الملتهب والخامس العوّاء والسادس الإكليل الشمالي والسابع الجاثي على ركبته والثامن
4
اللوزا وهو النسر الواقع|II.1.7b| والتاسع الدجاجة والعاشر ذات الكرسي والحادي عشر حامل رأس
5
الغول والثاني عشر ممسك العنان والثالث عشر الحوّاء الذي يمسك الحيّة والرابع عشر حيّة
6
الحوّاء والخامس عشر النول والسادس عشر العقاب وهو النسر الطائر والسابع عشر الدلفين
7
والثامن عشر الفرس الأوّل والتاسع عشر الفرس الثاني والعشرون المرأة التي لم تربعلا والحادي
8
والعشرون المثلّثة وهذه تسمّى الصور الشمالية
9
|II.1.8| وثلاثمائة وستّة وأربعون كوكبا في اثنتي عشرة صورة في طريقة الشمس وأوّل هذه الصور
10
الحمل والثاني الثور والثالث الجوزاء والرابع السرطان والخامس الأسد والسادس السنبلة والسابع
11
الميزان والثامن العقرب والتاسع القوس والعاشر الجدي والحادي عشر الدلو والثاني عشر الحوت
12
وهذه تسمّى صور البروج
182
1
|II.1.9| وثلاثمائة وستّة عشر كوكبا في خمس عشرة صورة مائلة عن طريقة الشمس إلى ناحية الجنوب
2
أوّلها قيطس والثاني الجبّار والثالث النهر والرابع الأرنب والخامس الكلب الأكبر والسادس
3
الكلب الأصغر والسابع السفينة والثامن الشجاع والتاسع الكأس والعاشر الغراب والحادي عشر
4
قنطورس والثاني عشر السبع والثالث عشر المجمرة والرابع عشر الإكليل الجنوبي والخامس عشر
5
الحوت الجنوبي وهذه تسمّى الصور الجنوبية
6
|II.1.10| فذلك ثمان وأربعون صورة وهذه الصور كلّها تقوّم في الوهم والفكرة فقط وسنخبر عند وصفنا
7
خاصّية صفات البروج وحالاتها وما يطلع في وجوهها من كلّ واحدة من أجزاء هذه الصور
8
فأمّا دلالاتها على الأشياء فإنّما يوجد ذلك في غير هذا الكتاب
184
1
|II.2.1|
الفصل الثاني يذكر فيه لم جعلت الصور الاثنتا عشرة أولى بالدلالة من سائر صور الفلك
2
|II.2.2| لمّا كانت الصور التي في الفلك ثمانيا وأربعين وكانت اثنتا عشرة منها في منطقة فلك البروج صيّروا
3
هذه الاثنتي عشرة صورة المستعملة وجعلوها مكانا لكلّ شيء في الفلك ونسبوا إليها سائر
4
الصور الستّ والثلاثين وسائر الكواكب التي في الفلك من السريعة والبطيئة السير وجعلوها
5
أولى بالدلالة من غيرها
6
|II.2.3| وقد ردّ ذلك قوم وقالوا إذا كانت صور الفلك ثمانيا وأربعين فلم نسبوا إلى هذه الاثنتي عشرة
7
سائر الصور الستّ والثلاثين وسائر الكواكب التي في الفلك وجعلوا هذه الاثنتي عشرة مكانا
8
لغيرها وجعلوها أولى بالدلالة من غيرها فقلنا لهم إنّهم قد جعلوا لكلّ صورة من هذه الصور
9
الثماني والأربعين الدلالة على حالات العالم إلّا أنّهم جعلوا الدلالة الكلّية لهذه الاثنتي عشرة
10
وجعلوا لهذه الستّ والثلاثين الدلالة الخاصّية وإنّما فعلوا ذلك لعلل كثيرة
11
|II.2.4a| أمّا إحداها فإنّه لمّا كان فلك البروج محيطا بهذا العالم يدور عليه في اليوم الواحد دورة واحدة
12
وكان دور هذا الفلك على وسطه وهذا الوسط يدور على مركز العالم الذي هو الأرض والكون
13
والفساد موجودان في هذا العالم من دور هذا الفلك عليه وهذه الصور الاثنتا عشرة في وسط هذا
14
الفلك وسائر الصور متنحّية عن وسطه في الشمال والجنوب جعلوا هذه الصور الاثنتي عشرة أولى
15
بالدلالة الكلّية على الكون والفساد الذي يكون في هذا العالم من سائر الصور الستّ والثلاثين
16
وجعلوا لسائر الصور الدلالة الخاصّية فأمّا الدلالة الكلّية فهي دلالة البرج الواحد على أشياء
17
كثيرة مختلفة بالنوع كالإنسان والفرس والحمار وغيرها|II.2.4b| وأمّا الدلالة الخاصّية فكالذي يدلّ على
18
الصورة الواحدة على الإنسان وحده أو على الحمار وحده أو على صفة شيء وحده
186
1
|II.2.5| والعلّة الثانية أنّه لمّا كان بحركة الشمس وبطلوعها وغرو بها يحدث فينا من الأفاعيل والكون
2
والفساد ما لا يجهله العلماء على ما قد تقدّم من قولنا وهي أظهر الكواكب فعلا في هذا العالم
3
وكانت تدور في هذه الاثنتي عشرة صورة وهذه الاثنتا عشرة صورة مكان لها جعلوا هذه
4
الصور التي مكان الشمس أولى بالدلالة الكلّية من سائر الصور التي في الفلك وجعلوها مكانا
5
لغيرها ونسبوا إليها سائر الصور والكواكب
6
|II.2.6| والعلّة الثالثة أنّهم لمّا وجدوا الشمس تجري في هذه الاثنتي عشرة صورة وبقطعها هذه الصور
7
الاثنتي عشرة يكون تمام السنة بفصولها التي هي الربيع والصيف والخريف والشتاء وبكونها في كلّ
8
واحدة من هذه الصور الاثنتي عشرة يعرف ابتداء كلّ زمان من هذه الأزمنة الأربعة ووسطه
9
ونهايته وبانتقالها في كلّ واحدة منها تدلّ على كون أشياء وفساد أشياء أُ خر جعلوا لهذه
10
الصور الاثنتي عشرة الدلالة العامّية على الكون والفساد في هذا العالم وجعلوا لسائر الصور الدلالة
11
الخاصّية
12
|II.2.7| والعلّة الرابعة أنّهم لمّا وجدوا كلّ كوكب من هذه الكواكب الستّة السريعة السير يمرّ في مدار
13
الشمس وطريقتها إلّا أن يكون لها عرض فإذا كان لها عرض مالت عن طريقة الشمس بمقدار
14
عرضها فإذا حلّ كلّ كوكب من هذه الكواكب الستّة السريعة السير صورة من هذه الصور
15
الاثنتي عشرة يحدث في هذا العالم التغييرات والكون والفساد على قدر ما يدلّ عليه طبيعة تلك
16
الصور وذلك الكوكب جعلوا لهذه الصور الاثنتي عشرة الدلالة الكلّية ولسائر الصور الدلالة
17
الخاصّية
18
|II.2.8| والعلّة الخامسة أنّهم لمّا وجدوا كلّ كوكب من هذه الكواكب البطيئة السير التي هي في
19
إحدى الصور الستّة والثلاثين يظهر من دلالة طبيعة تلك الصور التي هي من الاثنتي عشرة
20
أكثر ممّا يظهر من دلالة طبيعة تلك الصور التي هي فيها من الستّ والثلاثين جعلوا هذه الصور
21
الاثنتا عشرة هي الدلالة على حالات العالم الكلّية وجعلوا لسائر الصور الستّ والثلاثين الدلالة
188
1
الخاصّية وجعلوها تبعا لهذه الاثنتي عشرة في الدلالة ونسبوا هذه الصور الستّ والثلاثين وسائر
2
كواكب الفلك السريعة السير منها والبطيئة إلى هذه الاثنتي عشرة وجعلوا هذه الاثنتي عشرة
3
مكانا لما في الفلك من الصور والكواكب وسمّيت هذه الصور الاثنتا عشرة بروجا وسمّي وسط
4
هذا الفلك منطقة فلك البروج
5
|II.2.9| وقسمت هذه المنطقة بثلاثمائة وستّين درجة فأصاب كلّ برج ثلاثين درجة وجعلوا كلّ
6
درجة ستّين دقيقة وكلّ دقيقة ستّين ثانية وكلّ ثانية ستّين ثالثة وكذلك قسمت الروابع
7
والخوامس والسوادس والسوابع والثوامن والتواسع والعواشر والحوادي عشر والثواني عشر
8
إلى ما يتبع ذلك وإنّما قسموا هذه المنطقة بثلاثمائة وستّين درجة لأنّ لهذا العدد عامّة الأجزاء
9
كالنصف والثلث والربع والخمس والسدس والسبع والثمن والتسع والعشر وهو قريب من أيّام
10
سنة الشمس
190
1
|II.3.1|
الفصل الثالث في علّة عدد البروج وإنّها اثنا عشر لا أقلّ ولا أكثر
2
|II.3.2| إنّ ناسا ممّن خالفنا ردّوا ما ذكرت الأوائل من عدد البروج وقالوا لم زعموا أنّ البروج اثنا عشر
3
لا أقلّ ولا أكثر فقلنا إنّ أراطيس الحكيم هو الذي أبان عن هذه الصور الثماني والأربعين التي
4
في الفلك وعن أسمائها وصوّب رأيه كلّ الحكماء المتقدّمين ووافقوه على ذلك للعلل التي ذكرها
5
في بعض كتبه يطول الإخبار عنها هاهنا فصارت اثنا عشر منها في منطقة فلك البروج فلهذه العلّة
6
قالوا إنّ البروج اثنا عشر
7
|II.3.3| فأمّا العلّة الفلسفية التي من أجلها قالت الأوائل إنّ البروج اثنا عشر لا أقلّ ولا أكثر فإنّها
8
وجدت الأشياء التي تكون وتفسد في هذا العالم من أربعة أركان مركّبة وهي النار والأرض
9
والهواء والماء وكلّ شخص يكوّن من هذه الأركان الأربعة ويفسد فله ثلاث حالات ابتداء
10
ووسط ونهاية وهذه الأربعة الأركان في عدد حالاتها الثلاث يكون اثني عشر وهذه الاثنا عشر
11
حالا إنّما يكون بدلالة البروج وعددها فلمّا كانت البروج بعددها هي الدالّة على الأركان الأربعة
12
وعلى عدد حالاتها الثلاثة وكان عدد هذه الأركان الأربعة في عدد حالاتها الثلاثة اثني عشر علموا
13
أنّ البروج اثنا عشر
14
|II.3.4a| وإنّما صارت البروج الدالّة على الأركان وحالاتها الثلاث لأنّ البروج هي مكان للكواكب
15
ولا تدلّ على التغيير بذاتها وإنّما تدلّ على التغيير والكون والفساد باختلاف حالاتها
16
كطلوعها وغرو بها وبحلول بعض الكواكب فيها وبغلبته عليها وكذلك هذه الأركان إنّما هي
192
1
أركان للكون والفساد ولا تقبل التغيير من ذاتها وإنّما تقبل التغيير باختلاف الزمان عليها
2
ولممازجة بعضها لبعض ولغلبة بعضها على بعض|II.3.4b| فلهذه العلّة علموا أنّ البروج هي الدالّة على
3
الأركان الأربعة وأنّ عددها على عدد حالات الأركان في ابتداء كون الأشخاص ووسطها ونهايتها
4
وذلك على ما أنا موضحه لمّا كانت الأركان الأربعة المركّبة وهي النار والأرض والهواء والماء وما
5
يتولّد من حالاتها الثلاث التي هي الابتداء والوسط والنهاية يكون اثني عشر وكان الدالّ على
6
الأركان الأربعة وما يتولّد من حالاتها الثلاث البروج الاثنى عشر وهي الحمل والثور والجوزاء
7
والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت صار للحمل
8
الدلالة على النار وصار للثور الدلالة على الأرض وصار للجوزاء الدلالة على الهواء وصار للسرطان
9
الدلالة على الماء حتّى تمّت دلالة أربعة بروج لأربعة أركان
10
|II.3.5a| ثمّ ابتدؤا في المرّة الثانية في الدلالة فجعلوها مثل الأولى فصار للأسد الدلالة على النار وللسنبلة
11
الدلالة على الأرض وللميزان الدلالة على الهواء وللعقرب الدلالة على الماء حتّى تمّت في المرّة الثانية
12
دلالة أربعة بروج أربعة أركان ثمّ ابتدؤا في المرّة الثالثة فجعلوها مثل الأولى فصارت للقوس
13
الدلالة على النار وللجدي الدلالة على الأرض وللدلو الدلالة على الهواء وللحوت الدلالة على الماء
14
فصارت البروج الأربعة وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان هي الدالّة على حالات الأركان
15
الأربعة التي هي الابتداء وصارت البروج الأربعة وهي الأسد والسنبلة والميزان والعقرب هي
16
الدالّة على حالات الأركان الأربعة التي هي الوسط وصارت البروج الأربعة وهي القوس
17
والجدي والدلو والحوت هي الدالّة على حالات الأركان الأربعة التي هي النهاية|II.3.5b| فصارت
18
ثلاثة منها نارية وهي الحمل والأسد والقوس وثلاثة أرضية وهي الثور والسنبلة والجدي وثلاثة
19
هوائية وهي الجوزاء والميزان والدلو وثلاثة مائية وهي السرطان والعقرب والحوت فصارت دلالة
194
1
كلّ واحد من البروج على الأشياء الموجودة في هذا العالم على ما أنا موضحه صار للحمل الذي
2
هو أوّل البروج الدلالة على حال الحرارة واليبوسة النارية الطبيعية المعتدلة التي بها يكون ابتداء
3
الحركة وكون الحيوان والنموّ وصارت للأسد الدلالة على حال الحرارة واليبوسة النارية الضارّة
4
الناقصة القوّة عن الاعتدال وصارت للقوس الدلالة على حال الحرارة واليبوسة النارية
5
المفسدة المهلكة للحيوان والنبات
6
|II.3.6a| وصارت دلالة الثور على حال البرودة واليبوسة الأرضية المعتدلة الدالّة على الكون وعلى كلّ
7
طين حرّ يكوّن فيه النبات وصارت دلالة السنبلة على حال البرودة واليبوسة الأرضية الناقصة
8
عن الاعتدال وعلى كلّ طين سبخ ينبت بعض الأصناف ولا ينبت بعضا وصارت للجدي
9
الدلالة على حال البرودة واليبوسة الأرضية المفسدة وعلى الحمأة وكلّ طين لا ينبت|II.3.6b| وصارت
10
للجوزاء الدلالة على حال الحرارة والرطوبة المعتدلة الدالّة على الكون وعلى كلّ نسيم وهواء طيّب
11
معتدل يقوّي أشخاص الحيوان والنبات وصارت للميزان الدلالة على حال الحرارة والرطوبة
12
الناقصة عن الاعتدال وعلى كلّ هواء غليظ ضارّ مختلط وعلى الرياح والبخارات الغليظة الضارّة
13
للحيوان وصارت للدلو الدلالة على حال الحرارة والرطوبة المفسدة وعلى كلّ هواء مفسد مهلك
14
للحيوان وعلى كلّ بخار ورياح يكون منه الفساد والرجفة والهدم وما شاكل هذا
196
1
|II.3.7| وصارت للسرطان الدلالة على حال البرودة والرطوبة المعتدلة الدالّة على الكون وعلى كلّ
2
ماء عذب يكوّن منه غذاء وحياة الحيوان والنبات وصارت للعقرب الدلالة على حال البرودة
3
والرطوبة الناقصة عن الاعتدال وعلى كلّ ماء متغيّر فيه ملوحة وتغيير طعم قليل ممّا يغذّي
4
وينتفع به بعض الحيوان ولا يغتذي ولا ينتفع به بعضه وصارت للسمكة الدلالة على حال البرودة
5
والرطوبة المفسدة المهلكة للحيوان والنبات وعلى كلّ ماء مرّ منتّن ممّا لا يغذّي ولا ينتفع به
6
|II.3.8| فصارت للبروج الأربعة الأولى الدلالة على حال كلّ شيء معتدل يكون فيه ابتداء
7
الكون وصارت للبروج الأربعة الثانية الدلالة على حال كلّ شيء متوسّط دون الاعتدال
8
قابل لبعض الكون وغير قابل لبعضه وصارت للأربعة الأُ خر الدلالة على كلّ شيء مفسد مهلك
9
وصارت لكلّ واحد من هذه الاثني عشر دلالة على طبيعة وخاصّية شيء من الأشياء خلاف
10
ما لغيره
11
|II.3.9| ولهذه العلّة صارت كلّ ثلاثة منها مثلّثات مصالحات موافقات فانظر إلى هذه الطبائع ما أعجب
12
اتّفاقها إنّ منها اثنين خفيفين عاليين وهما الهواء والنار وهما على مرتبتين خفيف وأخفّ من
13
الخفيف فالهوائية خفيفة والنارية أخفّ من الخفيف وطبيعتين ثقيلتين غليظتين سفليتين وهما
14
الماء والأرض وهما على مرتبتين غليظ وأغلظ من الغليظ فالغليظ الماء وأغلظ من الغليظ
15
الأرض فصارت كلّ المائيات الغليظة السفلية مقابلة للأرضيات التي هي أغلظ من الغليظ
16
وصارت كلّ الهوائيات الخفيفة العلوية مقابلة للناريات التي هي أخفّ من الخفيف
198
1
|II.4.1|
الفصل الرابع في ترتيب طبائع البروج
2
|II.4.2a| إنّ ناسا ممّن نظر في العلوم الطبيعية ردّوا هذا الترتيب وقالوا لم بدؤوا في ترتيب دلالة البروج
3
بالنار ثمّ بالأرض ثمّ بالهواء ثمّ بالماء ولأيّ شيء لم يجعلوا النار ثمّ الهواء ثمّ الماء ثمّ الأرض على ما
4
هو عليه في الترتيب الطبيعي فقلنا إنّ من الأركان ما هو مفرد وهي الحرارة والبرودة واليبوسة
5
والرطوبة ومنها ما هو مركّب وهو النار والأرض والهواء والماء وهذه الأركان الأربعة وإن كانت
6
مركّبة فإنّ كلّ واحد منها ينسب إلى الركن المبسوط الذي هو عليه أغلب وذلك أنّ الحرارة
7
على النار أغلب واليبوسة على الأرض أغلب والرطوبة على الهواء أغلب والبرودة على الماء أغلب|II.4.2b|
8
فنسب كلّ واحد من هذه الأركان المركّبة إلى الركن المبسوط الذي هو عليه أغلب ومن
9
هذه الأركان الأربعة المفردة اثنان فاعلان متضادّان وهما الحرارة والبرودة واثنان منفعلان
10
متضادّان وهما اليبوسة والرطوبة فأمّا الفاعلان فأحدهما به يكون حركة الحيوان وهي الحرارة
11
والآخربه يكون فساده وهو البرودة والمنفعلان هما اليبوسة والرطوبة وأحد المنفعلين وهو اليبوسة
12
يقبل الانفعال أكثر ممّا يقبله الآخر فأمّا الرطوبة فإنّها دون اليبوسة في قبول الانفعال
13
|II.4.3| فلمّا كانت الأربعة الأركان المفردة على هذه الحال بدؤوا بالنار لعلل أمّا إحداها فلأنّ الغالب
14
على النار الحرارة ولأنّه لا يحدث حركة ولا كون حيوان إلّا بالحرارة الغريزية التي تحدث في
15
ذلك الشيء جعلوه في الطرف الأوّل وجعلوا الماء الذي عليه قوّة البرودة أغلب في الطرف
16
الآخر لأنّه إذا كانت الحرارة تفعل الكون بالحرارة الغريزية التي تحدث في الحيوان فالبرودة إذ
17
هي ضدّ الحرارة تفعل فساد ذلك الكون
200
1
|II.4.4| والعلّة الثانية التي من أجلها بدؤوا بالحرارة أنّ الحرارة عنصر الكون والبرودة عنصر الفساد
2
وإنّما يكون الشيء أوّلا ثمّ يفسد بعد ذلك فلذلك بدؤوا بالحرارة عنصر الكون وجعلوها في
3
الطرف الأوّل وجعلوا البرد عنصر الفساد في الطرف الآخر
4
|II.4.5| والعلّة الثالثة أنّ الحالات التي تضاف إلى الحيوان إنّما هي فيما بين كونه إلى فساده فجعلوا
5
الركنين الفاعلين للكون والفساد في الطرفين وهما الحرارة والبرودة وجعلوا الركنين القابلين
6
للانفعال في الوسط وهما اليبوسة والرطوبة
7
|II.4.6| والعلّة الرابعة أنّ كلّ كون وفساد يحدث في هذا العالم الذي دون فلك القمر إنّما يكون حدوثه
8
بدلالات الأجرام العلوية والنار أعلى وألطف هذه الأركان الأربعة وأقرب إلى الأجرام العلوية
9
وإلى فلك القمر الدالّ على حالاتنا العامّية فلهذه العلل جعلوا النار التي عليها قوّة الحرارة أغلب
10
في الطرف الأوّل حين رتّبوا طبائع البروج وجعلوا الماء الذي عليه قوّة البرودة أغلب في الطرف
11
الآخر
12
|II.4.7a| فلمّا جعل الفاعلان في الطرفين وهما الحرارة والبرودة بقي المفعولان بهما في الوسط وهما
13
اليبوسة والرطوبة فلمّا كان الغالب على الأرض اليبس وعلى الهواء الرطوبة جعلت الأرض
14
في الترتيب تحت النار وجعل الهواء تحت الأرض وإنّما فعلوا ذلك لعلّتين أمّا إحداهما فلمجانسة
15
الأركان بعضها لبعض لأنّ يبس الأرض مجانس لحرارة النار ورطوبة الهواء مجانسة لبرودة الماء|II.4.7b|
16
والعلّة الثانية أنّ الحرارة لمّا كانت أقوى الفاعلين واليبس أقوى المنفعلين وكان الغالب على النار
17
الحرارة وعلى الأرض اليبوسة بدؤوا بأقوى الفاعلين وهو النار فجعلوه في الطرف الأوّل ثمّ وضعوا
18
تحته أقوى المنفعلين وهو الأرض لأنّ اليبس دون الحرارة في القوّة فأمّا الهواء فجعلوه تحت
202
1
الأرض لأنّ اليبس على الأرض أغلب والرطوبة على الهواء أغلب والرطوبة دون اليبس في القوّة
2
فصار الهواء دون الأرض وفوق الماء في الترتيب وإنّما صار الهواء فوق الماء ليصير الفاعلان
3
اللذان هما الحرارة والبرودة في الطرفين والمنفعلان اللذان هما اليبوسة والرطوبة في الوسط
4
|II.4.8| فلهذه العلل بدؤوا في ترتيب طبائع البروج بالنار ثمّ بالأرض ثمّ بالهواء ثمّ بالماء وقالوا الحمل
5
يدلّ على النار والثور يدلّ على الأرض والجوزاء يدلّ على الهواء والسرطان يدلّ على الماء وكذلك
6
سائر البروج في الدلالة على هذا الترتيب
204
1
|II.5.1|
الفصل الخامس يذكر فيه لم بدؤوا بالحمل من سائر البروج
2
|II.5.2a| قال قوم إذ كان الدور لا رأس له فلم بدؤوا بالحمل وجعلوه أوّل البروج فقلنا لمّا كانت الأركان
3
المفردة أربعة وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فإذا تركّبت هذه الأربعة المفردة فإنّ
4
بعضها يدلّ على الكون وبعضها يدلّ على الفساد وكان بعض أوقات السنة يتكوّن ويحدث فيه
5
الأشياء وبعضها يفسد فيه جعلوا الابتداء من البرج الذي إذا حلّته الشمس كانت طبيعة
6
ذلك الزمان موافقة لطبيعة الركن المركّب الدالّ على ابتداء الكون والنشوء والحداثة والصبا فأمّا
7
هذه الأركان الأربعة المفردة فإنّ اثنين منها فاعلان وهما الحرارة والبرودة واثنان منفعلان وهما
8
اليبوسة والرطوبة|II.5.2b| وكلّ واحد من الفاعلين إنّما يظهر فعله في الكون والفساد في أحد المنفعلين
9
فالحرارة متى فعلت في الرطوبة كان منهما الحركة والكون والنموّ والحياة وهذا موافق لطبيعة الهواء
10
وأيضا فإنّ الحرارة متى فعلت في اليبوسة كان منهما الجماد والسكون والموت وهذا موافق لطبيعة
11
النار وأيضا فإنّ البرودة متى فعلت في الرطوبة كان منهما البقاء والاعتدال وهذا موافق لطبيعة الماء
12
وأيضا فإنّ البرودة متى فعلت في اليبوسة كان منهما الفناء والإفراط في الردائة[*]الردائة corrupt for الرداءة وهذا موافق لطبيعة
13
الأرض فالذي يدلّ من هذه الأربع المركّبة على الحركة والكون والنموّ والحياة إنّما هو تركيب
14
الحرارة والرطوبة
15
|II.5.3a| ثمّ نظروا إلى أحوال الزمان فوجدوا الشمس إذا حلّت أوّل نقطة من الحمل يتغيّر الزمان بالحرارة
16
والرطوبة المعتدلة وترتفع عليهم ويبتدئ النهار في الزيادة إلى أن تقطع الشمس ثلاثة بروج وهي
17
الحمل والثور والجوزاء فإذا صارت الشمس في آخر الجوزاء ينتهي النهار في الزيادة منتهاه وينتهي
206
1
الليل في النقصان منتهاه فإذا حلّت الشمس أوّل نقطة من السرطان يتغيّر الزمان بالحرّ واليبس|II.5.3b|
2
ويبتدئ النهار في النقصان والليل في الزيادة إلى أن تقطع الشمس ثلاثة بروج وهي السرطان
3
والأسد والسنبلة وينقص النهار في كون الشمس في السرطان مثل ما كان زاد والشمس في
4
الجوزاء وينقص النهار والشمس في الأسد مثل ما كان زاد والشمس في الثور وينقص النهار
5
والشمس في السنبلة مثل ما كان زاد والشمس في الحمل فإذا صارت الشمس في آخر السنبلة
6
ينتهي الحرّ منتهاه ويستوي الليل والنهار
7
|II.5.4a| فإذا صارت الشمس في أوّل نقطة من الميزان يتغيّر الهواء بالبرد واليبس ويبتدئ النهار في
8
النقصان والليل في الزيادة إلى أن تقطع الشمس ثلاثة بروج وهي الميزان والعقرب والقوس
9
وينقص النهار والشمس في الميزان مثل ما كان زاد والشمس في الحمل وينقص النهار والشمس
10
في العقرب مثل ما كان زاد والشمس في الثور وينقص النهار والشمس في القوس مثل ما كان
11
زاد والشمس في الجوزاء|II.5.4b| فإذا صارت الشمس في آخر القوس انتهى الليل منتهاه في الطول
12
وينتهي النهار منتهاه في القصر ويكون طول الليل والشمس في آخر القوس مثل ما كان طول
13
النهار والشمس في آخر الجوزاء ويكون قصر النهار والشمس في آخر القوس مثل ما كان قصر
14
الليل والشمس في آخر الجوزاء
15
|II.5.5a| فإذا حلّت الشمس أوّل نقطة من الجدي يتغيّر الهواء بالبرد والرطوبة ويبتدئ النهار في الزيادة
16
والليل في النقصان إلى أن تقطع الشمس ثلاثة بروج وهي الجدي والدلو والحوت ويزيد النهار
17
والشمس في الجدي مثل ما كان زاد والشمس في الجوزاء ويزيد النهار والشمس في الدلو مثل
18
ما كان زاد والشمس في الثور ويزيد النهار والشمس في الحوت مثل ما كان زاد والشمس في
19
الحمل|II.5.5b| فإذا صارت الشمس إلى آخر الحوت استوى الليل والنهار وتنتهي الشمس إلى الموضع
20
الذي كانت منه بدأت وتكون قد قطعت منطقة فلك البروج وهي ثلاثمائة وستّون درجة التي
21
هي اثنا عشر برجا في ثلاثمائة وخمسة وستّين يوما وربع يوم غير جزء من ثلاثمائة جزء من يوم على
208
1
ما زعم بطلميوس وهذا هو مقدار سنة الشمس وتصير السنة اثني عشر شهرا على عدد البروج
2
وتصير أيّام كلّ شهر مثل عدد الأيّام التي تقطع الشمس فيها برجا من الأ براج
3
|II.5.6| فوجدوا أحوال السنة أربعا أوّلهنّ حارّ رطب على طبيعة الهواء وفيه يبتدئ كون الأشياء
4
وينشؤ النبات وتخرج الأرض زهرتها وتورّق الشجر وهو شبيه بطبيعة الصبى والحداثة وأوّل
5
الكون وهو الذي يسمّى الربيع والثاني حارّ يابس محرق مفسد مثل طبيعة النار وهو الذي يسمّى
6
الصيف والثالث بارد يابس مثل طبيعة الأرض وفيه تفسد عامّة حمل الشجر والثمر والنبات وهو
7
الذي يسمّى الخريف والرابع بارد رطب ممسك مثل طبيعة الماء وهو الذي يسمّى الشتاء
8
|II.5.7a| ولكلّ واحد من هذه الأزمان الأربعة ابتداء ووسط ونهاية وابتداء كلّ وقت هو البرج الذي
9
إذا صارت فيه الشمس انتقل الزمان من طبيعة إلى طبيعة ووسطه هو البرج الثاني الذي يتلو
10
ذلك البرج ونهايته هو البرج الثالث منه فجعلوا الابتداء في عدد البروج من أوّل البرج الذي إذا
11
حلّته الشمس كان فيه ابتداء الزمان الحارّ الرطب بطبيعته وتركيبه الدالّ على الكون|II.5.7b| ويكون
12
طبيعة البرج في ذاته دالّة على الحرارة الغريزية التي بها يكون ابتدأ نشوء الحيوان وحركته على ما
13
أخبرنا في مزاجات الأركان وفي مثل طبيعة ذلك الوقت من الزمان يبتدئ تكوّن الأشياء والنشوء
14
والنبات ويخرج الشجر ثمره وفي حلول الشمس في أوّل هذا البرج يبتدئ النهار بالزيادة على الليل
15
وهو البرج الذي يقال له الحمل
210
1
|II.6.1|
الفصل السادس في علّة البروج المنقلبة والثابتة وذي الجسدين
2
|II.6.2| لمّا كانت أحوال السنة أربعا وهي الربيع والصيف والخريف والشتاء وفي كلّ زمان من هذه
3
الأزمنة الأربع تقطع الشمس ثلاثة بروج ولكلّ زمان منها ابتداء ووسط ونهاية وابتداؤه إنّما
4
يكون بحلول الشمس في أوّل ربع من بعض أرباع الفلك فالبرج الذي إذا حلّته الشمس
5
يكون في أوّل بعض الأرباع وينتقل فيه الزمان إلى طبيعة غير التي كان عليها سمّي منقلبا والبرج
6
الذي يتلوه هو الثابت لأنّ الشمس إذا صارت فيه ثبتت طبيعة ذلك الزمان والبرج ذو الجسدين
7
هو الذي إذا صارت الشمس فيه تمتزج طبيعة ذلك الزمان الذي هو فيه مع طبيعة الزمان الذي
8
تنتقل إليه
9
|II.6.3| فلهذه العلّة سمّي الحمل منقلبا لأنّ الشمس إذا صارت فيه انتقل الزمان من الشتاء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى طبيعة
10
الربيع وسمّي الثور ثابتا لأنّ الشمس إذا صارت فيه ثبتت طبيعة زمان الربيع وسمّيت الجوزاء
11
ذا جسدين لأنّ إذا صارت الشمس فيها تمتزج طبيعة آخر زمان الربيع بطبيعة أوّل زمان
12
الصيف وسمّي السرطان منقلبا لأنّه إذا صارت الشمس فيه انتقل الزمان من طبيعة الربيع إلى
13
طبيعة الصيف وسمّي الأسد ثابتا والسنبلة ذا جسدين والميزان منقلبا والعقرب ثابتا والقوس ذا
14
جسدين والجدي منقلبا والدلو ثابتا والحوت ذا جسدين للعلل التي ذكرناها
212
1
|II.7.1|
الفصل السابع في معرفة أرباع الفلك وفي علّة البروج المنقلبة والثابتة وذي
2
الجسدين والعلّة في عدد البروج وإنّها اثنا عشر ولم بدئ بالحمل في
3
ترتيب طبائعها ومعرفة مثلّثاتها على ما حكى هرمس عن غاثيذيمون
4
|II.7.2a| قال هرمس عن غاثيذيمون إنّا لمّا علمنا أنّ القسمة الكلّية أقدم بالمرتبة من الجزئية وأنّ كلّ ابتداء
5
يكون مقبلا زائدا وكلّ انقضاء يكون مدبرا ناقصا وأردنا معرفة عدد البروج وحالاتها وطبائعها
6
ومن أ ين ابتداؤها وجب علينا أن نعلم أرباعها وحالاتها قبل كلّ شيء لنعلم منه سائر ما يحتاج
7
إليه وإنّا لمّا نظرنا في حالات أرباع الفلك وجدنا الاستوائين يكونان إذا كانت الشمس في آخر
8
السنبلة وآخر الحوت|II.7.2b| وعند حلولها في أوّل الحمل يزيد النهار على الليل وتتصاعد الشمس وعند
9
حلولها في أوّل الميزان ينقص النهار عن الليل وتنخفض الشمس ووجدنا جميع الأشياء من
10
الحيوان والنبات والمعادن يقبل ويزيد مع زيادة النهار وصعود الشمس وتنقص وتدبر مع
11
نقصان النهار وانخفاض الشمس|II.7.2c| فعلمنا أنّ الابتداء في عدد البروج من الحمل لأنّ زيادة
12
النهار تبتدئ عند حلول الشمس في أوّل الحمل ويكون منتهاه إذا صارت الشمس في أوّل
13
السرطان وهذا آخر زمان الربيع وأوّل الصيف ونقصان النهار الذي يبتدئ والشمس في أوّل
214
1
الميزان يكون منتهاه والشمس في أوّل الجدي وهذا آخر زمان الخريف وأوّل الشتاء وسمّي
2
الحمل والسرطان ذوي الزيادة والقوّة والميزان والجدي ذوي النقصان والضعف
3
|II.7.3a| فتبيّن لنا الآن أنّ الفلك أربعة فصول الربيع والصيف والخريف والشتاء فأمّا زمان الربيع
4
فهو حارّ رطب وزمان الصيف حارّ يابس وزمان الخريف بارد يابس وزمان الشتاء بارد رطب
5
ووجدنا لكلّ ربع من هذه الأرباع ثلاثة اجتماعات وثلاث صور كلّ صورة منها يخالف الأخرى
6
وثلاث حالات متباينة الاختلاف وهو تغيير النهار وتغيير الميل وتغيير الزمان فأمّا تغيير النهار
7
فمن زيادة إلى نقصان أو من نقصان إلى زيادة وأمّا تغيير الميل فمن ارتفاع إلى انخفاض أو من
8
انخفاض إلى ارتفاع وأمّا تغيير الزمان فمن ابتداء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى وسط أو من وسط إلى نهاية|II.7.3b| فالصور التي
9
إذا صارت الشمس فيها كان انتقال الزمان والنهار من طبيعة إلى أخرى تسمّى منقلبة والصور
10
التي إذا صارت الشمس فيها تبيّن قوّة الزمان وثباته تسمّى ثابتة والصور الثالثة تسمّى ذا
11
جسدين لأنّ الشمس إذا كانت في النصف الأوّل منها يكون الزمان مشاكلا للربع الماضي
12
وإذا كانت في النصف الأخير يكون الزمان مشاكلا للربع المستقبل|II.7.3c| ويتغيّر هناك قوّة الزمان
13
إلى الزيادة أو إلى النقصان والزيادة في الحوت والجوزاء والنقصان في السنبلة والقوس فلمّا وجدنا
14
في كلّ ربع من أرباع الفلك ثلاثة اجتماعات وثلاث صور وثلاث حالات متباينة الاختلاف
15
صيّرنا كلّ ربع منها ثلاثة أنحاء ثمّ ضربنا الأنحاء الثلاثة في الأرباع الأربعة فصارت اثنا عشر
16
كلّ واحد منها برج من الأ براج فصار عدد البروج اثني عشر أربعة منها منقلبة وأربعة ثابتة
17
وأربعة ذو جسدين
216
1
|II.7.4| فلمّا صحّ لنا عدد البروج أردنا معرفة طبائعها فرجعنا إلى طبيعة أرباع الفلك فوجدنا الزمان عند
2
كون الشمس في الربع الأوّل حارّا رطبا وفي الربع الثاني حارّا يابسا وفي الربع الثالث باردا يابسا
3
وفي الربع الرابع باردا رطبا فتبيّن لنا أنّ الربع الثاني وهو السرطان والأسد والسنبلة أحرّ هذه
4
الأرباع وأيبسها ونصف هذا الربع وهو عند كون الشمس في خمس عشرة درجة من الأسد
5
أقوى ما يكون الحرارة واليبس فلمّا علمنا أنّ الأسد أحرّ البروج وأيبسها والقوس والحمل منه على
6
مثلّثة واحدة جعلا موافقين له بالحرارة واليبس ولأنّه ليس شيء أحرّ ولا أيبس من النار جعلوا
7
الحمل والأسد والقوس نارية
8
|II.7.5a| وقد أوجدنا فيما تقدّم أنّ أوّل أرباع الزمان حارّ رطب وآخره بارد رطب فلمّا صار الحمل
9
ومثلّثاته حارّا يابسا وهو أوّل المثلّثات علمنا أنّ آخر المثلّثات بارد رطب وهو السرطان والعقرب
10
والحوت فقد علمنا الآن طبيعة الحمل والسرطان ومثلّثتيهما وبقيت مثلّثة الثور والجوزاء وقد
11
علمنا أنّه لا يكون باردين حارّ ين ولا حارّ ين باردين ولا برجان متتابعان على طبيعة واحدة فلا
12
يكون إذا أن يتبع الحمل الذي هو حارّ يابس طبيعة حارّة رطبة ولكن تتبعه طبيعة باردة يابسة
13
لمشاكلة زمان أحدهما للآخر لأنّ الزمان البارد اليابس بعد الزمان الحارّ اليابس لمجانسة اليبس
14
للحرارة|II.7.5b| فصار الثور ومثلّثاته باردا يابسا وبقي لتمام قسمة الطبائع الأربع الطبيعة الحارّة الرطبة
15
فصارت طبيعة الجوزاء ومثلّثاتها حارّة رطبة فقد تبيّن لنا الآن أنّ الحمل ومثلّثاته حارّ يابس ناري
16
والثور ومثلّثاته بارد يابس أرضي والجوزاء ومثلّثاتها حارّة رطبة هوائية والسرطان ومثلّثاته بارد
17
رطب مائي
218
1
|II.7.6a| وقد ادّعى قوم من أصحاب النجوم أنّ الحمل حارّ رطب واحتجّوا على ذلك بأن قالوا إنّ آخر
2
المثلّثات بارد رطب على طبيعة آخر فصول السنة وعلى طبيعة آخر أرباع النهار وكذلك الحمل
3
هو أوّل البروج فطبيعته حارّة رطبة على طبيعة أوّل فصول السنة وعلى طبيعة الربع الأوّل من
4
النهار فرددنا عليهم قولهم بحجّتين|II.7.6b| إحداهما أنّا قلنا إنّ قسمة طبائع البروج لو كان بدئ بها من
5
طبيعة أوّل فصول السنة ومن طبيعة أوّل أرباع النهار لكان يجب ما قلتم ولكنّ إنّما بدئ بطبائع
6
أوّل البروج ومثلّثاتها من طبيعة وسط الزمان الصيفي ومن طبيعة نصف النهار الموافق لطبيعة
7
الصيف ومن طبيعة ممرّ البروج في وسط السماء لأنّ ممرّها في ذلك الموضع يكون على الأقاليم
8
بالاستواء وإنّما جعل الابتداء من النهار دون الليل لأنّ النهار هو الدالّ على الكون والحركة
9
|II.7.7| والحجّة الثانية أنّا قلنا إنّ الرطوبة على زمان الفصل الأوّل من السنة أغلب من الحرارة والأشياء
10
ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما تنسب إلى الطبيعة التي هي عليها أغلب فلو كانت طبيعة الحمل تنسب إلى طبيعة ذلك
11
الزمان لكان ينبغي أن تنسب طبيعته إلى الرطوبة لا إلى الحرارة فقد تبيّن لنا الآن أرباع الفلك
12
والبروج المنقلبة والثابتة وذوات الجسدين وعددها وابتداؤها وترتيب طبائعها ومثلّثاتها
220
1
|II.8.1|
الفصل الثامن في معرفة البروج المذكّرة والمؤنّثة
2
|II.8.2| إنّه باتّفاق الذكر والأنثى يحدث الكون والفاعل حارّ ذكر والأنثى باردة مفعول بها وكلّ ذكر
3
فهو متقدّم في المرتبة والوضع ثمّ تتبعه الأنثى فللحمل الذي له الدلالة على الحرارة والفعل
4
طبيعة التذكير وللثور الذي له الدلالة على البرودة وقبول الانفعال التأنيث ثمّ للجوزاء التذكير
5
وللسرطان التأنيث وكذلك سائر البروج الاثني عشر على هذا المثال ذكر ثمّ أنثى وقد جعل قوم
6
قسمة البروج الذكورة والإناث على خلاف هذا وذلك أنّهم قالوا المشرق حارّ والحرارة دالّة على
7
التذكير والبرج الذي يطلع من المشرق حارّ ذكر ولمّا كانت الأنثى تتبع الذكر بالمرتبة كان البرج
8
الثاني من الطالع أنثى والبرج الثالث منه ذكرا وكذلك سائر البروج
9
|II.8.3| فقلنا إنّ الترتيب الأوّل طبيعي ثابت الدلالة في التذكير والتأنيث وأمّا هذا الثاني فترتيبه
10
عرضي لأنّه سريع التغيير والانتقال من حاله إلى حاله والترتيب الطبيعي أصحّ دلالة من الترتيب
11
العرضي فإن اتّفقا في الدلالة على التذكير أو التأنيث كان ذلك أصحّ وإن اختلفا كان البرج الدالّ
12
على التذكير والتأنيث الطبيعي أولى بالدلالة من العرضي على أنّ الأوائل كانت ربّما استعملت
13
الترتيب العرضي في الدلالة على التذكير والتأنيث في خواصّ من الأشياء
222
1
|II.9.1|
الفصل التاسع في البروج النهارية والليلية
2
|II.9.2| لمّا كانت هذه البروج الاثنا عشر تدور علينا في كلّ يوم وليلة مرّة واحدة وكان النهار إنّما هو
3
من طلوع الشمس من الأفق إلى غيبوبتها عن الأفق والليل من غيبوبتها من الأفق إلى طلوعها
4
من الأفق وطبيعة النهار حارّة وطبيعة الليل باردة والليل يتبع النهار جعلوا أوّل البروج الحارّ
5
الذي هو الحمل نهاريا والثور البارد الذي يتلوه ليليا ثمّ الجوزاء نهاري والسرطان ليلي وكذلك سائر
6
البروج نهاري ثمّ ليلي
7
|II.9.3| فأمّا قوم ممّن لم يعرفوا الأشياء الطبيعة وترتيبها فإنّهم جعلوا أربعة منها نهارية وهي الحمل
8
والسرطان والأسد والقوس وأربعة ليلية وهي الجوزاء والميزان والجدي والدلو وأربعة ممتزجة
9
مع النهارية والليلية وهي الثور والسنبلة والعقرب والسمكة فجعلوا السرطان وهو برج أنثى على ما
10
كنّا ذكرناه في الترتيب الطبيعي للنهار وجعلوا الجوزاء والميزان والدلو وهي بروج ذكورة في الترتيب
11
الطبيعي ليلية وجعلوا الثور والسنبلة والعقرب والحوت وهي بروج إناث في الترتيب الطبيعي ممتزجة
12
مع النهار والليل وقالوا هي بالنهار نهارية وبالليل ليلية ولم يحتجّوا على ذلك بشيء غير أنّهم ذكروا
13
ذلك في كتبهم ذكرا مرسلا وهذا غير موافق لما ذكرته الأوائل من الترتيب الطبيعي للبروج النهارية
14
والليلية
15
|II.9.4| تمّ القول الثاني
224
1
|III.1.1|
القول الثالث من كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم وفيه تسعة فصول
2
|III.1.2| الفصل الأوّل في العلّة في استعمال أصحاب النجوم الكواكب السبعة في الدلالة على الأشياء
3
العامّية دون سائر كواكب الفلك وخاصّية فعل كلّ واحد منها في حالات الأركان الأربعة
4
الفصل الثاني في تحديد أحكام النجوم والمنجّم الفصل الثالث في خاصّية دلالة الشمس على
5
اعتدال الأهوية والطبائع والتركيبات ومشاركة الكواكب لها الفصل الرابع في خاصّية دلالة
6
القمر على المدّ والجزر الفصل الخامس في علّة المدّ والجزر الفصل السادس في قوّة المدّ وضعفه
7
وكثرة مائه وقلّته الفصل السابع في أنّ القمر هو علّة المدّ والجزر والردّ على من خالف ذلك
8
الفصل الثامن في اختلاف حالات البحار وفي صفة البحار التي يتبيّن فيها المدّ والجزر والتي لا
9
يتبيّن فيها ذلك وفي خاصّية فعل الشمس في البحار الفصل التاسع في دلالة القمر على الحيوان
10
والنبات والمعادن بزيادة ضوئه ونقصانه
11
|III.1.3|
الفصل الأوّل في العلّة في استعمال أصحاب النجوم الكواكب السبعة في الدلالة على الأشياء
12
العامّية دون سائر كواكب الفلك وخاصّية فعل كلّ واحد منها في حالات الأركان الأربعة
13
|III.1.4| إنّ قوما قالوا لم صارت الكواكب السبعة السريعة السير أولى بالدلالة العامّية من سائر
14
الكواكب البطيئة السير وهذه البطيئة السير تشارك السريعة السير في انتقالها في البروج وفي
226
1
طلوعها علينا وغرو بها عنّا وفي التشريق والتغريب وفي أشياء كثيرة من حالاتها وطبائعها وفي
2
الدلالة على الكون والفساد
3
|III.1.5a| فقلنا إنّ الأوائل كلّهم قد ذكروا أنّ كلّ شيء يحدث في هذا العالم إنّما هو بقوّة حركات البروج
4
والكواكب علينا والبروج هي الدالّة على الأركان الأربعة على ما تقدّم من قولنا في المقالة الثانية
5
والكواكب إذن كلّها السريعة السير والبطيئة السير بحركاتها المستديرة علينا هي الدالّة على ما
6
يتولّد ويحدث من هذه الأركان الأربعة إلّا أنّهم وجدوا من هذه الكواكب سبعة هي أسرعها
7
حركة وأكثرها اختلاف حالات علينا فلكثرة اختلاف حالاتها وسرعة حركاتها صار ما ينفعل
8
عنها من التغييرات في هذا العالم أكثر ممّا ينفعل من سائر الكواكب البطيئة السير|III.1.5b| فمن هذه الجهة
9
صارت لهذه الكواكب السبعة الدلالة العامّية على اختلاف الحالات وعلى أسباب التغيير وعلى
10
التغيير الذي يحدث في هذا العالم وكلّ ما كان منها أسرع سيرا وانتقالا في البروج وأكثر اختلافا
11
في حالاتها وتغييرا في أنفسها وهو أكثر دلالة على الأشياء السريعة التغيير والكون والفساد ولأنّ
12
القمر أكثر الكواكب تغييرا واختلافا في حالاته صار أدلّ على الأشياء العامّية السريعة الحركة
13
والانتقال وعلى ابتداء الأعمال من غيره من الكواكب السبعة وأمّا الكواكب الثابتة فإنّ لها
14
الدلالة على كلّ شيء خاصّي بطيء الكون والفساد
15
|III.1.6a| والعلّة الثانية أنّه لمّا كان الفلك وما فيه من الكواكب دائم الحركة على هذا العالم وكانت هذه
16
الكواكب الثابتة في فلك واحد وحركة كلّ واحد منها مثل حركة صاحبه وبعد كلّ كوكب من
17
صاحبه على حالة واحدة لا يزداد قربا ولا بعدا على ما كان وما لم يزل عليه وهي بطيئة الحركة قليلة
228
1
اختلاف الحالات وهذه الكواكب السبعة كثيرة اختلاف الحال وهي أسرع كواكب الفلك
2
حركة ولكلّ كوكب منها فلك خلاف فلك صاحبه وسير في غير طريقة صاحبه وعلى خلاف
3
سيره|III.1.6b| وحالات كلّ كوكب خلاف حالات صاحبه في جرمه وحركته وهي سريعة التغييرات
4
والانتقال من موضع إلى موضع ومن حال إلى حال كالاستقامة والمقام والرجوع والصعود
5
والهبوط والتشريق والتغريب وهذه الكواكب السبعة لا تسكن عن الحركة واختلاف
6
الحالات على هذا العالم وكان هذا العالم لا يسكن عن الكون والفساد والتغييرات من حركات
7
الفلك والكواكب له علموا بكثرة حركات هذه الكواكب السبعة السريعة السير واختلاف
8
حالاتها أنّ لها الدلالة العامّية على كلّ شيء في هذا العالم من الأشياء السريعة التغييرات والكون
9
والفساد وأنّ للكواكب الثابتة البطيئة الحركة القليلة التغييرات الدلالة على الأشياء الخاصّية
10
البطيئة الكون والفساد
11
|III.1.7a| ولأنّ البروج هي الدالّة على الأركان الأربعة والكواكب هي علّة تغييرها وإحالتها من شيء
12
ئلى [*]ئلى corrupt for إلى شيء على ما ذكرنا في القول الأوّل والثاني من كتابنا هذا وهذه السبعة فيها أكثر فعلا ولها
13
أكثر تغييرا وإحالة من غيرها وهي مختلفة الذات والطبيعة والحال صار لكلّ واحد منها في
14
بعض الأركان من خاصّية الفعل في التغيير والإحالة والكون والفساد خلاف ما لغيره وإنّما
15
يكون أكثر فعل كلّ واحد منها في الركن الذي يشاكل طبيعته المنسوبة إليه|III.1.7b| فالشمس
16
والمرّيخ أكثر تغييرهما وإحالتهما وفعلهما في ركن الحرارة واليبوسة النارية التي تشاكل طبيعتهما
17
وعطارد وزحل أكثر تغييرهما وإحالتهما وفعلهما في ركن البرودة واليبوسة الأرضية التي تشاكل
18
طبيعتهما والزهرة والقمر والذنب أكثر تغييرها وإحالتها وفعلها في البرودة والرطوبة المائية التي
230
1
تشاكل طبيعتها والمشتري والرأس أكثر تغييرهما وإحالتهما وفعلهما في طبيعة الحرارة والرطوبة
2
الهوائية التي تشاكل طبيعتهما
3
|III.1.8| فأمّا الشمس فإنّ أكثر فعلها في ركن الحرارة النارية الدالّة على الكون والمرّيخ أكثر فعله في
4
ركن الحرارة النارية المفسدة وأمّا عطارد فإنّ أكثر فعله في ركن البرودة واليبوسة الأرضية
5
الدالّة على الكون وزحل أكثر فعله في ركن البرودة واليبوسة الأرضية المفسدة التي لا ينبت
6
ولا يتكوّن منها شيء والزهرة والقمر أكثر فعلهما في البرودة والرطوبة المائية المنشئة للحيوان
7
والنبات والذنب أكثر فعله في البرودات المفسدة والمشتري أكثر فعله في الحرارة والرطوبة الهوائية
8
المكوّنة المقوّية للحيوان والنبات والرأس أكثر فعله في الحرارة والرطوبة الهوائية التي فيها بعض
9
الفساد
232
1
|III.2.1|
الفصل الثاني في تحديد أحكام النجوم والمنجّم
2
|III.2.2| قد ذكرنا فيما تقدّم أنّ لقوّة حركات الكواكب فعلا في هذا العالم وذكرنا كيفية وجود تلك
3
الأفاعيل التي تكون من قوى حركاتها فأمّا علم تلك القوى فإنّه يقال له علم أحكام النجوم فأمّا
4
اسم الإنسان العالم بقواها فإنّه يقال له المنجّم فلنحدّ كلّ واحد من هذا الذي ذكرنا بحدّ
5
حقيقي ليظهر لنا معناه
6
|III.2.3| فأقول إنّ حدّ علم أحكام النجوم هو معرفة ما يدلّ عليه قوّة حركات الكواكب من زمان
7
معلوم على زمانه ذلك وعلى الزمان الآتي المحدود فأمّا المعرفة التي ذكرنا في الحدّ فهي كالجنس
8
وأمّا سائر ما يتبعه فهو كالفصول
9
|III.2.4| وأمّا قولنا في الحدّ ما يدلّ عليه قوّة حركات الكواكب فإنّما قلنا ذلك لأنّ لقوّة حركاتها فعلا
10
في هذا العالم وقد أنكر كثير من الناس أن يكون شيء من الأشياء يدلّ على شيء وهو غير ذلك
11
الشيء فقلنا إنّ المتّفق عليه عند الأوائل أنّ الدالّ على الشيء هو غير الشيء وذلك كما نرى في
12
الأشياء الموجودة كالرعد والبرق اللذان يدلّان على المطر وهما غير المطر والدخان قد يدلّ على النار
13
والدخان غير النار والحائط المبني قد يدلّ على الباني الذي بناه والحائط غير الباني وأشياء كثيرة قد
14
تدلّ على شيء من الأشياء وهي غير ذلك الشيء وهذا ظاهر بين العلماء
15
|III.2.5| وكذلك الكواكب قد تدلّ بقوّة حركاتها على ما يحدث في هذا العالم وهي غير ذلك المحدث
16
الذي تدلّ عليه وأمّا قولنا في حدّ الزمان المعلوم وسائر ما يتبعه فإنّما نعني به الوقت الذي
17
يستدلّ فيه بقوّة حركات الكواكب على ما تدلّ عليه في وقته ذلك من حالات الأشياء وما
18
يدلّ عليه ممّا يكون بعد زمان من الأزمنة المستقبلة وذلك لأنّ المنجّم العالم بأحكام النجوم ينظر
19
في بعض الأوقات المعلومة في شيء من الأشياء فيقول إنّ حركة الكواكب في هذا الوقت
234
1
تدلّ على أنّ هذا الشيء في وقت الدلالة بعينه حاله كذا وكذا وبعد هذا بسنة أو بوقت آخر محدود
2
يكون حاله كذا وكذا فقد استدلّ من زمان معلوم على شيء في وقته ذلك وفي زمان مستقبل
3
|III.2.6| فأمّا المنجّم فهو العالم بحالات الكواكب ودلائلها والمخبر بما يكون عنها من وقت معلوم
4
في وقته ذلك وفي الوقت الآتي المحدود فأمّا العالم فهو كالجنس وأمّا سائر ما يتبعه فهو
5
كالفصول
6
|III.2.7| والنجوم وإن دلّت على كلّ شيء في هذا العالم فإنّه لا يمكننا أن نعلمه بكنهه لعجزنا عنه لأنّ
7
دلالة النجوم على الأشياء التي في هذا العالم على ثلاثة أوجه أوّلها الحال التي تلطف وتغمض
8
دلالات الكواكب فيها حتّى لا نحيط بها ولا بالأشياء التي تدلّ عليها بحالاتها من الأنواع
9
والأشخاص علما والثاني ما نعلم حالات الكواكب في الدلالة عليه ونعجز عن معرفة كمّية
10
وكيفية الأشياء المدلولة عليها لضعفنا عنه وصعو بته علينا والثالث ما نعلم دلالاتها عليه ونعلم من
11
كمّية وكيفية الأشياء المدلول عليها
12
|III.2.8a| فأمّا الأوّل الذي لا يمكننا الإحاطة بعلمه من دلالات الكواكب ولا نعرف الأشياء
13
التي هي تدلّ عليه أيضا بتلك الحالات فهي دلالات الكواكب على تفصيل الأنواع من
14
الأجناس وتفصيل الأشخاص من الأنواع ومعرفة كلّ نوع من أنواع الحيوان التي في البرّ والبحر
15
وكلّ نوع من النبات والمعادن التي في هذا العالم وكلّ شخص من أشخاص هذه الأنواع وكلّ رمل
16
وحصى في الصحارى أو قدر ما ينمو ويزيد كلّ شخص من الأشخاص في كلّ يوم فإنّ هذه كلّها
17
لها كمّيات وكيفيات والكواكب هي الدالّة على كمّياتها وكيفياتها إلّا أنّا لا نحيط علما بها ولا
18
بتلك الدلالات التي للكواكب على هذه الأشياء|III.2.8b| وللأشخاص المفردة الموجودة أشياء
236
1
ظاهرة من الأفاعيل والكيفيات لا يمكننا معرفة دلائل النجوم عليها ولا فصل ما بينها من
2
الكيفية أيضا وذلك كالإشارة والانتصاب أو الانحناء والاتّكاء أو الاضطجاع والقيام أو
3
القعود وما كان من مثل هذه الأفاعيل الجزئيات اللطيفة أو فصل ما بين الكيفيتين إذا كانتا
4
من جنس واحد وهما في شخصين مختلفين وكان الفصل الذي بينهما من تلك الكيفية خفية|III.2.8c|
5
وذلك كالشخصين اللذين يشتركان في البياض أو في السواد أو في الحمرة أو في الشقرة أو في كبر
6
العينين أو في صغرهما أو في سعة الفم أو في الطول أو في القصر أو في اللين أو في الخشونة أو في
7
الحلاوة أو في المرارة أو في الطيب أو في النتن أو في بعض الكيفيات التي تكون من جنس واحد
8
وهما في شخصين مختلفين وكلّ واحد من تلك الكيفيات يحدّ بمثل ما يحدّ به صاحبه ويكون
9
الفصل الذي بينهما إنّما يوجد بلطيف الحسّ فإنّ هذا وما كان مثله وإن كانت الكواكب
10
دالّة عليها وعلى فصل ما بينهما فإنّه من لطيف دلالاتها وغامضة التي لا نعرفها بكنهها ولا حاجة
11
بنا إليه في صناعة الأحكام لأنّ غرض صاحب هذه الصناعة في علمه غير هذا
12
|III.2.9| وأمّا الثاني فدلالات الكواكب على نوع واحد أو على عدد ناس أهل مدينة من المدن أو
13
على عدد رمل في موضع معلوم أو على كيل ماء في نهر مفرد أو على عدد حنطة أو شعير في
14
بعض الصحارى أو على مساحة بعض المفاوز الطو يلة العريضة أو كلّ شيء لها من الكيفيات
15
فهذا وما كان مثله من الأشياء المحدودة الذات والمكان فإنّا وإن كنّا نعلم الجهة التي منها تدلّ
16
الكواكب على كمّياتها وكيفياتها ونعرف عددها أو كيلها أو مساحتها من دلالاتها فإنّا لا
17
نقدر أن نعدّها ولا نكيلها ولا نمسحها لصعو بتها علينا وليس لصاحب صناعة علم الأحكام
18
حاجة إلى معرفة هذا وشبهه
238
1
|III.2.10| وأمّا الثالث الذي يحيط علما بدلالات النجوم عليه ويعلم كمّية وكيفية الشيء المدلول عليه
2
فهو دلالاتها على معرفة الأجناس والأنواع الموجودة وعلى حالات الأركان الأربعة التي هي
3
النار والهواء والماء والأرض وتغييرها وعلى ابتداء كون كلّ شخص وفساده وحالاته وكيفياته
4
التي يمكن معرفة مثلها من ظاهر قوى حركات الكواكب فهذا قصد صاحب هذه الصناعة
5
|III.2.11a| ولاختصر قولي أقول إنّ للكواكب حالات وحركات وقوى مختلفة ولكلّ حال منها دلالة
6
على شيء من الأشياء ئلّا [*]ئلّا corrupt for إلّا أنّ بعض دلائلها تكون ظاهرة على أشياء يمكن وجودها والإحاطة
7
بها وبعضها تكون لطيفة بعيدة على أشياء غامضة لا يمكننا معرفتها ولا الإخبار عنها فما كان من
8
دلائل الكواكب لطيفة بعيدة على أشياء غامضة لا يمكننا معرفتها للطافتها وغموضها فليست
9
بنا حاجة إلى معرفتها في هذه الصناعة|III.2.11b| وإنّما يستعمل في هذه الصناعة من دلالات الكواكب
10
ما يمكننا معرفتها ووجودها والإخبار عنها وعن الأشياء المدلول عليها وقياس ذلك أنّا نعلم أنّ
11
بتحو يل الشمس في أرباع الفلك يكون انتقال الزمان من طبيعة إلى أخرى وأنّ بسيرها في كلّ
12
برج وفي كلّ درجة يتغيّر الزمان من حال إلى حال وكيفية ذلك التغيير في الزمان ظاهر وعلم
13
دلالاتها على ما ذكرنا من تغيير الزمان معلوم موجود
14
|III.2.12| فأمّا الذي نعلم دلالته إلّا أنّه يعسر معرفة ما يدلّ عليه فإنّا نعلم أنّ الشمس إذا سارت في
15
برجها ثانية أو ثالثة أو عاشرة أو أقلّ من ذلك إنّه يتغيّر الهواء بعض التغيير وقد نعلم أيضا أنّه إذا
240
1
حرّك الفلك الأعلى الشمس رابعة أو خامسة أو ما كان من الحركة صاعدا أو هابطا إنّه يحدث
2
من تغيير الهواء بالحرّ أو بالبرد أو يغيّر ذلك من اختلاف حالاته حال خلاف الحال التي كان
3
عليها في الوقت الآخر ويحدث في الحيوان والنبات والمعادن تغييرات الكون والفساد
4
|III.2.13| وكذلك يحدث فيها كلّها من التغيير من قوى حركات سائر الكواكب إلّا أنّه لا يمكننا أن
5
نعلم كمّية ولا كيفية ذلك التغيير والاختلاف وهذه الأشياء وما أشبهها من دلالات الكواكب
6
والأشياء المدلول عليها فإنّ صاحب صناعة الأحكام وإن جهل حقيقة كمّيتها وكيفيتها فإنّ ذلك
7
لا يضرّه في صناعته لأنّ غرض صاحب صناعة الأحكام في علمه الاستدلال من قوى حركات
8
الكواكب على الأشياء الكائنة في هذا العالم من الأجناس والأنواع الموجودة وحالات الأركان
9
الأربعة وانتقال بعضها إلى بعض وابتداء كون الأشخاص وفسادها وحالاتها التي يمكن معرفة
10
مثلها من ظاهر دلائل الكواكب وموجودها فهذا غرض صاحب هذه الصناعة
11
|III.2.14a| فإذا ذكرنا حدّ أحكام النجوم والمنجّم وفي أيّ شيء ينبغي أن ينظر صاحب صناعة الأحكام
12
فإنّا نذكر الأشياء الستّة التي تتبع ذلك فأقول إنّ لأحكام النجوم ابتداء وأصلا وفرعا وبرهانا
13
وثمرة وتماما فابتداء الأحكام المعشوقة معرفة فضيلة العلم بالأشياء الكائنات والعناية بها وأصلها
14
معرفة كيفية وكمّية حركات الأجرام العلوية وفرع هذه المعرفة أن يحكم بها على الأمور الكائنات
242
1
في هذا العالم المتغيّر وبرهان الأحكام الصواب الذي يكون بتقدمة العلم بحالات الكواكب
2
واستعمالها في الشيء الذي يراد علمه من الأشياء التي تكون|III.2.14b| واستفادة هذا العلم إنّما يكون
3
بالعناء والتعب وقد يتهيّأ لخواصّ من الناس في بعض الأوقات الصواب في الأشياء الكائنات
4
بالرأي والتخمين فمن هاهنا رأينا أن نبدأ بمعرفة حالات الكواكب ثمّ نجعل الحكم له
5
تبعا لكيلا يظنّ أنّ الحكم على النجوم إنّما هو اعتساف بالحدس والرأي من غير معرفة مواضع
6
الكواكب وحالاتها ودلالاتها وثمرة الصواب والمنفعة والفائدة بسببه من عند ذوي المعرفة
7
بفضيلة الصواب والمنفعة بالصواب هو التمام وكلّ ما لا تمام له فمنقوص والأشياء لا تقوم إلّا
8
بالتمام
244
1
|III.3.1|
الفصل الثالث في خاصّية دلالة الشمس على اعتدال
2
الأهوية والطبائع والتركيبات ومشاركة الكواكب لها
3
|III.3.2| إنّ قوما ممّن خالفنا زعموا أنّ اعتدال الطبائع وثباتها وقوامها وتركيب الحيوان والنبات والجواهر
4
ليست من أجل الشمس والكواكب ولكنّها تنطبع بذاتها من غير علّة وقال آخرون إنّ
5
للتركيبات علّة هي غير الكواكب
6
|III.3.3a| فكان من ردّنا على من زعم أنّ اعتدال الطبائع وثباتها ليس من أجل الشمس والكواكب
7
ولكنّ فيها قوّة تنطبع بذاتها من غير علّة أنّه لا يكون تركيب إلّا بمركّب وأنّه ممتنع أن يكون
8
المركّب هو ركّب ذاته أو يكون مطبوع هو علّة طبع ذاته لأنّه لو كان ذلك كذلك لكان
9
المركّب إنّما يركّب مثل ذاته والمطبوع إنّما يطبع مثل ذاته وكان لا يكون لهذه الأركان استحالة
10
من بعضها إلى بعض بل كانت تكون على حالها وقد نراها تستحيل وتتغيّر ونجدها في الأشياء
11
الطبيعية التي تكون وتفسد|III.3.3b| فمن هاهنا علمنا أنّها لم تتغيّر ولم تستحيل من ذاتها وأنّ ذلك من
12
فعل شيء آخر فيها فلذلك تغيّرت واستحالت وأيضا فلو كانت الأشياء تتكوّن من ذاتها من غير
13
علّة لكان الشيء ئذا [*]ئذا corrupt for إذا كان موجودا في وقت من الأوقات لم يكن يتغيّر ولا يفسد بل كان يبقى
246
1
على حاله لأنّ الشيء لا يفسد ذاته ولا يغيّرها فإذا وجدناه مكوّنا بعد أن لم يكن ووجدناه يفسد
2
بعد الكون علمنا أنّ علّة الكون والفساد شيء آخر غيره فقد استبان الآن أنّ علّة كون الشيء
3
غير الشيء وأنّه لا يتكوّن الشيء من ذاته بل من طبع فيه يقبل التكو ين من غيره
4
|III.3.4a| فنقول الآن إنّ الشمس بمشاركة الكواكب لها هي علّة اعتدال الطبائع وتركيب الأشخاص
5
الطبيعية بما جعل لها الخالق البارئ من القوى الطبيعية على ما ذكرنا وذلك كما جعل للنار
6
الإحراق بطبيعتها فهي علّة كلّ شيء يحترق بها وبرد الماء علّة كلّ شيء يبرّد به وأشياء كثيرة
7
طبيعية الفعل على هذا النحو فكذلك جعل النيّر النهاري أعني الشمس علّة الضياء والنهار والحرارة
8
الكلّية التي في هذا العالم وعلّة التركيبات الطبيعية لأنّ المواضع التي يفرط فيها البرد لبعد الشمس
9
عنها أو يفرط فيها الحرّ لقربها منها لا يتركّب فيها حيوان|III.3.4b| وإنّما يتركّب الحيوان في المواضع التي
10
لا تبعد من مدارها ولا تقرب منها جدّا وذلك أنّ الموضع الذي بعده من مدار الشمس الصيفي
11
الذي هو رأس السرطان في الشمال ستّة وستّون جزءا وإذا زدت عليه الميل كلّه وهو أربعة
12
وعشرون جزءا بالتقريب يكون ذلك تسعين جزءا فهذا الموضع لا يتركّب فيه حيوان ولا ينبت
13
فيه نبات لبعده من مدار الشمس ومن شدّة برده لأنّها إذا صارت إلى البروج الجنوبية لا تطلع
14
عليهم ستّة أشهر فتنعقد البخارات هناك ولا ترتفع وتهبّ في ذلك الموضع في الشتاء والصيف
15
رياح عاصفة فلا يتركّب هناك شيء من الحيوان والنبات
248
1
|III.3.5a| ويستدلّ على ذلك بالبحر الأرمني فإنّ بعده في الشمال من مدار أوّل السرطان أحد وعشرون
2
جزءا فيشتدّ فيه الرياح العواصف ويشتدّ ظلمته حتّى لا يركبه الناس فإذا كان هذا الموضع هو
3
أقرب إلى مدار الشمس الصيفي من الموضع الذي ذكرناه قبل لا يمكن ركو به ولا الكون فيه
4
لشدّة البرد والظلمة فكيف يمكن أن يتركّب في المكان الذي هو في غاية البعد من الشمس
5
حيوان أو نبات مع ما فيه من البرد والظلمة وعصوف الرياح|III.3.5b| وقد يستدلّ أيضا على ما ذكرنا
6
بمن في الشمال في أقاصي أرمينية فإنّهم لا يستطيعون أن يظهروا من الثلوج ستّة أشهر وإنّما
7
يكون ذلك إذا صارت الشمس في البروج الجنوبية وإنّ كثيرا من الحيوان الذي عندهم
8
يموت في تلك الستّة أشهر وكثيرا من طيرهم يمكث في وكره أربعة أشهر لا ينتشر ولا يعتلف
9
وإنّما بعد ذلك المكان في الشمال من خطّ الاستواء خمسة وأربعون جزءا
10
|III.3.6| ويستدلّ أيضا بالبحر الشامي فإنّه إذا صارت الشمس في أوّل العقرب إلى أن تصير إلى
11
أوّل الحوت في هذه الأربعة الأشهر لا يستطيع الناس ركو به وذلك لأنّ الشمس تتباعد عنه
12
وتحدث فيه رياح عاصفة وهذه المواضع التي ذكرناها في ناحية الشمال فأمّا المواضع الجنوبية
13
المحترقة من شدّة الحرّ فإنّ الموضع الذي عرضه عن خطّ الاستواء تسع عشرة درجة لا يتركّب
14
فيه حيوان ولا نبات وذلك لشدّة حرارة الشمس فيه لأنّ الشمس إذا صارت في السنبلة في
15
خمس درجات إلى أن تبلغ إلى الحوت خمس درجات تقرب منهم فتحرق كلّ شيء هناك
250
1
|III.3.7| والبحيرتان اللتان هما مادّتا النيل هما في هذه البلاد المحترقة وفي هذا الموضع المحترق الذي
2
ذكرنا البحر الزنجي وهو بحر لا يكون فيه شيء من الحيوان لشدّة حرارة مائه وغلظه وذلك لأنّ
3
الشمس إذا طلعت على هذا البحريجذب إليها بحرارتها الماء اللطيف الذي فيه فيغلظ ماء ذلك
4
البحر ويصير مالحا ويسخن سخونة شديدة فلغلظ الماء وملوحته تبقى تلك السخونة فيه الليل
5
كلّه فلهذه العلّة يكون ماء هذا البحر غليظا مالحا لا يركبه الناس ولا يكون في عامّته شيء من
6
الحيوان وفي تلك الناحية مواضع كثيرة لا يتركّب فيها الحيوان لشدّة الحرّ فيها
7
|III.3.8| فقد استدللنا بما وصفنا أنّ المواضع التي تبعد الشمس عنها فيشتدّ بردها أو تقرب منها فيشتدّ
8
حرّها إنّها تفرط في الحرّ والبرد وإنّه لا يتركّب فيها حيوان ولا نبات وإنّ باعتدالها يكون قوام
9
الطبائع والمطبوع ولو أنّ الشمس صارت إلى فلك الكواكب الثابتة لفسدت الطبائع والمطبوع
10
ولو أنّها انحدرت إلى فلك القمر لفسدت وذلك لأنّ في بعدها وقربها فساد للطبائع والمطبوع
11
فلهذه العلّة جعل البارئ الشمس وسط الكواكب السبعة لتكون بحركتها الطبيعية على هذا
12
العالم الأرضي اعتدال الطبائع والمطبوع
13
|III.3.9a| وقد نجد كلّ المواضع والبلدان أيضا تختلف حالاتها وحالات أهلها وما يحدث فيها وإنّما
14
يكون ذلك على قدر قرب الشمس منهم أو بعدها عنهم وبيان ذلك الترك فإنّه من أجل
252
1
بعدهم من مدار الشمس عند صعودها وهبوطها كثرت الثلوج فيهم وغلبت البرودة والرطوبة
2
على أرضهم فاسترخت لذلك أجسام أهلها وغلظت وصارت مفاصلهم غائرة لا ترى لكثرة
3
لحومهم واستدارت وجوههم وصغرت أعينهم وطالت وصارت شعورهم سبطة وألوانهم بيضا
4
حمرا|III.3.9b| وغلب على طبائعهم البرد وذلك لبرد أهو يتهم ولأنّ المزاج البارد يولّد لحما كثيرا فأمّا
5
حمرة ألوانهم فإنّ البرودة تجمع الحرارة وتظهرها حتّى يرى ويستدلّ على ذلك بما يرى في القوم
6
الذين لأبدانهم لحم كثير وألوانهم بيض إذا أصابهم البرد تحمرّ وجوههم وشفاههم وأصابعهم
7
وأرجلهم لأنّ الحرارة والدم الذي يكون فيها منتشرا يجمعه البرد ومن أخلاق أهل هذه الناحية
8
الجفاء وقطيعة الرحم وقلّة اليقين وقلّة العلم وكثرة النسيان
9
|III.3.10a| فأمّا السودان والحبش فإنّهم يسكنون في البلاد التي تحاذيها من البروج ما بين مدار الحمل إلى
10
السرطان فلأنّ الشمس في صعودها وهبوطها إذا كانت في تلك البروج وتوسّطت السماء تكون
11
على سمت رؤوسهم فتسخن أهو يتهم وتحرقهم وتكثر الحرارة واليبس فيهم فلهذه العلّة صارت
12
ألوانهم سوداء وشعورهم قططة وأبدانهم يابسة نحيفة وطبائعهم حارّة وكذلك يكون دوابّهم
13
وأشجارهم ومن أخلاق أهل هذه الناحية الخفّة وقلّة الذكاء|III.3.10b| وأمّا القوم الذين هم متباعدون
14
عن مدار رأس السرطان إلى الشمال وذلك مثل بابل ونحوه من البلدان فلأنّ الشمس لا تبعد من
254
1
سمت رؤوسهم ولا تقرب منهم ولكنّ ممرّها يعتدل عليهم فإنّ هوائهم حسن المزاج وموضعهم
2
معتدل ليس فيه حرّ شديد ولا برد شديد وألوانهم وأبدانهم وطبائعهم معتدلة وعقولهم وأخلاقهم
3
حسنة وكثر فيهم العلم والذكاء وتقدمة المعرفة بالأشياء ومحاسن الأخلاق وهذه أرض العلماء
4
والنبيين
5
|III.3.11a| والاختلاف فيما بين كلّ موضع من هذه المواضع التي ذكرناها بالأجسام والصور والألوان
6
والعلوم والعقول والأخلاق متبا ين متباعد الشبه لاختلاف مواضعهم من مدار الشمس
7
ولاختلاف أزمان السنة وتغييرها عليهم وكما اختلفت هذه المواضع التي ذكرناها وصار لكلّ
8
موضع منها خاصّية ليست لغيرها فكذلك كلّ مدينة من المدن وكلّ موضع من المواضع التي لم
9
نذكرها لها ولأهلها خاصّية وطبيعة في اختلاف صور الناس وما يكون فيها من الحيوان والنبات
10
والمعادن والحرّ والبرد والمياه والعيون والملل والسنن والزيّ والأخلاق وسائر الأشياء ليس
11
لغيرها من المدن|III.3.11b| وذلك موجود ظاهر في المواضع والأمصار حتّى أنّه ليوجد الاختلاف في
12
المواضع القريبة بعضها من بعض وإنّما يكون ذلك على قدر قرب الشمس أو بعدها عنهم في
13
مدارها ومن مدار الكواكب الثابتة على سمت رؤوسهم إلّا أنّ هذه الخاصّيات الموجودة التي
14
ذكرنا إنّها لكلّ مدينة وموضع في شيء من الأشياء فإنّها وإن كانت دائمة الوجود بجواهرها فإنّا قد
15
نجدها تتغيّر في كلّ سنة إلى الزيادة والنقصان فعلمنا أنّ ذلك التغيير ليس من خاصّية مدار
16
الشمس ولا من مسامتة الكواكب الثابتة لتلك المواضع ولكنّه من مقارنة الشمس في مسيرها
17
للكواكب الثابتة والمتحيّرة ومن ممازجة الكواكب المتحيّرة في انتقالها في البروج للكواكب الثابتة
18
المسامتة لتلك المواضع
19
|III.3.12| فمن هذه الجهة علمنا أنّ لسائر الكواكب شركة مع الشمس في الدلالات على الأهوية
20
وتفصيل الأشخاص من الأنواع وتركيب كلّ شخص وكونه وعلى طبائع المدن وحالات أهلها وما
256
1
يكون فيها من الأشياء ئلّا [*]ئلّا corrupt for إلّا أنّ الشمس أعمّ دلالتها على الأهوية وتركيب الأشخاص والنفوس
2
الحيوانية وامتزاجها مع البدن والخلق والأخلاق والملل والديانات والمعادن والنبات والنشوء
3
بإذن اللّه فأمّا الكواكب فإنّ أعمّ دلالاتها على زيّ أهلها وسائر حالاتهم
4
|III.3.13a| ومن فعلها في الأهوية أيضا أنّ الهواء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما يضيء بالشمس والقمر ويظلم بغيبو بتهما عنه وإذا
5
تباعدت الشمس منه يبرد وإذا قربت منه يسخن وكذلك نجد فعل القمر والكواكب في
6
تسخين الهواء وترقيقه|III.3.13b| ولذلك قال إ بقراط الحكيم في كتاب الأسابيع إنّ نور الكواكب يسحّق
7
صفاقة الليل فإنّ الليل صفيق جدّا لا تنفذه الأبصار فضوء الكواكب يسحّق تلك الصفاقة
8
فتنفذ فيها الأبصار ولو لم يكن ذلك كذلك لفسد كلّ بدن حيّ من شدّة كثافة الليل فأمّا
9
النهار فإنّ الشمس بحرارتها تسخن الهواء وتسحّقه وتلطّفه فلذلك خلق الخالق البارئ عزّ وجلّ
10
الكواكب متحرّكة نيّرة يتسحّق الهواء بنورها وتحميه وترقّه بحركتها ليقبل طبيعة الكون
11
والفساد
12
|III.3.14| وقد نجد الأشياء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما تكون وتفسد في المكان والمكان إنّما يقبل التغيير من الأركان الأربعة
13
بتغيير الزمان وانتقاله عليه والأزمنة إنّما يكون تغييرها وانتقالها من حال إلى حال بحركة الشمس
258
1
في البروج الاثني عشر فيجب إذن أن يكون ويفسد الأشياء بعلّة مسير الشمس في البروج
2
الاثني عشر لأنّ بسيرها في البروج يكون اختلاف الأزمان وباختلاف الأزمان يكون
3
اختلاف الطبائع وباختلاف الطبائع يكون الكون والفساد بإذن اللّه
4
|III.3.15a| والأشياء التي تكون وتحدث في هذا العالم منها أشياء تكون في وقت معلوم من أوقات السنة
5
ومنها ما تكون في كلّ أوقات السنة وأيّامها فالأشياء التي تكون وتحدث في وقت معلوم من
6
السنة فكما نجد زمان الربيع يحدث فيه من حال الهواء وكون كثير من الحيوان والشجر
7
والأعشاب وولادة كثير من البهائم شيء لا يحدث في غيره من أرباع السنة وكذلك الصيف
8
نجد فيه من الحرّ وتغيير الهواء والأبدان ونضج الثمار وكون أشياء وفساد أشياء لا نجده في
9
غيره من الأرباع السنة|III.3.15b| وكذلك الخريف والشتاء نجد لكلّ ربع كونا وفسادا لشيء لا يكون
10
في غيره من أرباع السنة وذلك كما نرى الفواكه والثمار والأعشاب وكثير من النبات الذي
11
يكون في الربيع يفسد في الخريف والذي يكون في الصيف يفسد في الشتاء ونجد كلّ فصل
12
من فصول السنة الأربعة إنّما يكون إذا كانت الشمس في ربع من أرباع الفلك فظاهر بيّن أنّ
13
تلك الأشياء التي تكون وتفسد في أرباع السنة إنّما هي لعلّة كون الشمس في تلك الأرباع|III.3.15c| ولأنّا
14
نجد الشمس في كلّ سنة من السنين إذا كانت في ذلك الربع لا يكون حال الهواء والحرّ
15
والبرد والنبات وسائر الأشياء على مثل ما كان عليه قبلها من السنين ولا يكون على ما بعدها من
16
السنين المستقبلة بل يكون مختلفا إلى الزيادة والنقصان فعلمنا أنّ ذلك الاختلاف إنّما هو لمقارنة
17
الكواكب للشمس ولو كانت الشمس وحدها علّة الهواء والأزمنة لكان كلّ ربيع مثل غيره
18
من الربيع وكان كلّ شيء مثل غيره وكان يكون فصول كلّ سنة مثل فصول غيرها من
19
السنين فإذن للكواكب شركة مع الشمس في الدلالة على الكون والفساد
260
1
|III.3.16| فأمّا الأشياء التي تكون في أوقات السنة وأيّامها كلّها فهي كتناسل الناس وتلفهم وتصرّف
2
حالاتهم التي لا يخلون منها يوما واحدا في السنة أجمع وهذا الكون والفساد إنّما يكون بالحركة
3
الكلّية أعني حركة الأفلاك والكواكب وكما أنّ تحريك الأفلاك وما فيها من الكواكب لهذه
4
الأجسام الأرضية تحريك دائم فكذلك الكون والفساد دائم في هذا العالم إلى الوقت الذي يشاء
5
اللّه إ بطاله فيبطله كيف يشاء
262
1
|III.4.1|
الفصل الرابع في خاصّية دلالة القمر على المدّ والجزر
2
|III.4.2| قد ذكرنا فيما تقدّم من دلالة الشمس والكواكب على الأشياء التي تحدث في هذا العالم فإنّه
3
لا يكون في هذا العالم تركيب طبيعة من الطبائع إلّا بعلّة الشمس ومشاركة الكواكب لها بإذن
4
اللّه
5
|III.4.3a| ونحن نريد الآن أن نذكر خاصّية دلالة القمر على المدّ والجزر وغيرهما من الأشياء وذلك أنّ
6
الفيلسوف قال إنّ أعمّ دلالة الشمس على النار والهواء وأعمّ دلالة القمر على الماء والأرض
7
وإنّما صارت دلالة الشمس والقمر في هذا العالم أقوى وأظهر من دلالة سائر الكواكب لعلّتين
8
إحداهما أنّ الشمس أكبر الكواكب قدرا وهي متوسّطة البعد منّا والقمر أقرب الكواكب
9
إلينا فأمّا سائر الكواكب فإنّ بعضها وإن كان فيه كبر فإنّه بعيد عنّا وبعضها وإن كان قريبا منّا
10
فإنّه صغير القدر والقمر أقرب إلينا منه|III.4.3b| والعلّة الثانية أنّ الكواكب نيّرة مضيئة لا شعاع لها
11
فالذي يظهر من فعلها في هذا العالم إنّما هو بقوّة حركاتها وضوئها فأمّا النيّران فإنّ لهما شعاعا
12
قوي الفعل في هذا العالم فهما يفعلان فينا بحركاتهما وشعاعهما وهما يؤدّيان طبائع الكواكب إلى
13
هذا العالم في الأركان الأربعة وقد زعم بقراط في كتاب الأسابيع أنّ القمر هو المتوسّط بين
14
الأجرام السماوية والأرضية وهو المؤدّي من الأجرام العلوية إلى الأجرام الأرضية وهو المغيّر
264
1
للهواء فلهاتين العلّتين صارت قوّة حركة النيّرين أظهر في هذا العالم من قوّة حركة غيرهما من
2
الكواكب
3
|III.4.4| فأمّا الشمس فقد ذكرنا قوّتها في اعتدال الهواء والتركيبات وسائر الأشياء وأمّا القمر فإنّ
4
أقوى دلالته على المياه والبحار والأرضين وحال الحيوانات وتغيير الأبدان والصحّة والأمراض
5
وأيّام المرضى التي هي في البحرانات والحالات المختلفة والتوالد والأشجار والنبات والفواكه
6
والرياحين وأشياء سنذكرها فأمّا دلالته على البحار فكما نرى المدّ والجزر متّصلين بالقمر لأنّ القمر
7
هو علّة المدّ والجزر الذي يكون في البحار وقد ذكر القوم الذين نظروا في الأشياء الطبيعية أنّ
8
من البحار ما يزيد من حين يفارق القمر الشمس إلى نصف الشهر الذي هو الامتلاء ثمّ ينقص
9
من بعد الامتلاء عند نقصان القمر إلى آخر الشهر الذي هو المحاق ومنها ما يمدّ ويجزر في كلّ يوم
10
وليلة مع طلوع القمر وبلوغه إلى وسط السماء ومغيبه
11
|III.4.5a| وذلك موجود في بحر فارس وبحر الهند كما يذهب إلى الصين وفي بحر الصين وفي كلّ
12
جزيرة فيما بين هذه المواضع وفي البحر الذي بين قسطنطينية وإفرنجة وفي جزائره فأمّا أوقات
13
المدّ والجزر في كلّ يوم وليلة فإنّه إذا بلغ القمر أفقا من آفاق البحر أعني مشرقا من مشارق
266
1
البحر وعلاه حرّك بطبعه ولقربه منّا ماء البحر فابتدأ الماء مقبلا مع القمر زائدا فلا يزال كذلك
2
إلى أن يصير القمر إلى وسط سماء ذلك الموضع فعند ذلك ينتهي المدّ منتهاه|III.4.5b| فإذا انحطّ القمر
3
من وسط سمائه جزر الماء ورجع إلى البحر فلا يزال كذلك راجعا إلى أن يبلغ مغربه فعند ذلك
4
ينتهي الجزر منتهاه فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع ابتدأ المدّ هناك في المرّة الثانية فلا يزال
5
مقبلا زائدا إلى أن يصير القمر إلى وتد الأرض فحينئذ ينتهي المدّ منتهاه في المرّة الثانية في ذلك
6
الموضع ثمّ يبتدئ في الجزر والرجوع في المرّة الثانية فلا يزال يجزر ويرجع الماء إلى البحر حتّى
7
يبلغ القمر أفق مشرق ذلك الموضع فيعود المدّ إلى مثل ما كان عليه أوّلا|III.4.5c| فيكون في كلّ يوم وليلة
8
ومقدار مسير القمر فيهما في كلّ موضع من مواضع البحر مدّان وجزران لأنّ القمر إذا كان
9
في يوم من الأيّام في درجة من درج الفلك ثمّ طلع على موضع من البحر ابتدأ المدّ في ذلك
10
الموضع من البحر فإذا صارت تلك الدرجة في أفق ذلك الموضع بعد ذلك بيوم فإنّ القمر
11
يكون قد زال عن تلك الدرجة بمقدار مسيره المعدّل في اليوم والليلة فيطلع عليهم بعد طلوع تلك
12
الدرجة بمقدار سيره في ذلك اليوم والليلة
13
|III.4.6| ولأنّ الأرض مستديرة والبحر محيط بها على استدارتها والقمر يطلع عليها كلّها في مقدار
14
اليوم والليلة وفي مقدار سيره فيهما فإذن كلّما تحرّك الفلك درجة صار موضع القمر أفقا
15
لموضع من مواضع البحر وصار ذلك الموضع أيضا وسط سماء لموضع آخر ومغربا لموضع آخر ووتد
16
أرض لموضع آخر وفيما بين كلّ وتد من هذه الأوتاد على حالة أخرى لبعض المواضع فيكون
17
إذن في البحر في وقت واحد في بعض المواضع ابتداء المدّ وفي غيره من المواضع ابتداء الجزر وفي
18
موضع آخر حالة أخرى للمدّ والجزر
268
1
|III.4.7a| فأمّا ابتداء المدّ فإنّه ليست تكون حاله عند جميع أصحاب البحر والشطوط والجزائر وأرجل
2
البحار حالا واحدة لأنّ القوم الذين يكونون في لجّة البحر يجدون في وقت ابتداء المدّ للماء حركة من
3
أسفل البحر إلى أعلاه ويرون له انتفاخا ويهيج فيه رياح عاصفة وأمواج فيعلمون بذلك أنّه ابتداء
4
المدّ فإذا كان وقت الجزر نقصت تلك الرياح والأمواج وذهب الانتفاخ من الماء فيعلمون أنّه قد
5
جزر الماء|III.4.7b| فأمّا أصحاب الشطوط والسواحل والجزائر وأرجل البحار أو من يكون بالقرب منها
6
فإنّهم يجدون عندهم في وقت المدّ للماء حركة وجرية من أسفله إلى أعلاه ثمّ يجري بعد ذلك الماء
7
الذي يكون على وجوه هذه المواضع وأعلاها وتشتدّ جرية الماء من البحر إليهم وينتفخ ويرتفع
8
فيعلو على أرضهم ولا يزال كذلك إلى أن يجزر فيرجع الماء عند ذلك إلى البحر ويخرج من تلك
9
الأرجل والجزائر وينقص وإنّما يتبيّن تردّد الماء وجريته ومجيئه وذهابه في الشطوط وأرجل البحار
10
فأمّا في لجّة البحر فإنّه لا يوجد ذلك
11
|III.4.8a| فأمّا الرياح التي تكون في الماء وتخرج منه مع ابتداء المدّ فإنّما يكون ذلك في المواضع التي
12
يكون فيها ابتداء المدّ والمواضع القريبة منها فأمّا في الشطوط وأرجل البحار والمواضع النائية من
13
لجّة البحر فإنّه قلّ ما يكون فيه هبوب الرياح وليس الوقت الذي يتبيّن فيه أوّل المدّ والجزر لأهل
14
الشطوط والسواحل وأرجل البحار هو وقت ابتداء المدّ والجزر الذي يكون في البحر بل يختلف
15
اختلافا كثيرا حتّى يظنّ كثير من الناس لما يرون من كثرة اختلاف ابتدائه في المواضع المختلفة
16
أنّ القمر ليس بعلّة المدّ والجزر لأنّ ابتداء قوّة المدّ في البحار إنّما يكون في كلّ موضع عميق
17
واسع كثير المياه وغليظها ويكون الغالب على أرضه الصلابة أو كثرة الجبال ويكون موضع
270
1
القمر أفقا لهم وتقرب تلك المواضع من مسامتة القمر وطريقه|III.4.8b| فإذا ابتدأ المدّ في هذه المواضع
2
في وقت من الأوقات فإنّه يتّصل بسائر مياه البحر إلّا أنّه لا يصير المدّ إلى الشطوط وأرجل
3
البحار إلّا وقد مضى من ابتداء المدّ في البحر في المواضع التي ذكرنا زمان من الأزمنة على قدر
4
قرب وبعد الشطوط وأرجل البحار من تلك المواضع لأنّ الشطوط والجزائر وأرجل البحار التي
5
تقرب من المواضع التي تكون فيها ابتداء قوّة المدّ يتبيّن فيها المدّ قبل أن يتبيّن في المواضع التي
6
تبعد عنها|III.4.8c| فإذا بعدت شطوط البحر وأرجله ومغائضه من المواضع التي تكون فيها ابتداء المدّ
7
فإنّما يبلغ إليه المدّ عند قرب انتهائه في البحر وكذلك الجزر فيتهيّأ أن يكون المدّ في بعض الجزائر
8
والشطوط البعيدة من المواضع التي يبتدئ فيها المدّ في وقت الجزر في البحر ويتهيّأ وقت جزرهم
9
في وقت ابتداء مدّ البحر فإنّما يكون ذلك لبعد تلك المواضع من المواضع التي يكون فيها ابتداء
10
قوّة المدّ والجزر
272
1
|III.5.1|
الفصل الخامس في علّة المدّ والجزر
2
|III.5.2| قد أكثر المتقدّمون في علّة المدّ والجزر واختلفوا في ذلك فندع الآن ذكر اختلافهم فيهما إذ لا
3
منفعة فيه وأذكر ما يوافق قول الفلاسفة فيهما فأقول إنّ المدّ والجزر إنّما يكونان باجتماع ثلاثة
4
أشياء أحدها حال مكان الماء والثاني حال الماء والثالث تحريك القمر للماء
5
|III.5.3| فأمّا الأوّل فهو أن يجتمع الماء في مواضع عميقة عريضة طو يلة يكون مسيره زمان
6
من الأزمنة ويكون فيها جبال في مواضع كثيرة مختلفة ويكون الغالب على مواضع كثيرة من
7
أرضه صلابة وكثافة الأجزاء المجتمع فيها الرياح الكثيرة لأنّ الأرضين الصلبة المتكاثفة الأجزاء
8
ومواضع الجبال يجتمع فيها الرياح أكثر من اجتماعها في الأرضين الرخوة
9
|III.5.4a| والثاني هو أن تجتمع مياه كثيرة في مثل هذه المواضع وتقف زمانا طو يلا ولا يتبيّن فيها
10
ما ينصبّ فيه من الأودية والأنهار ولا ما يخرج منها لأنّ المياه إذا وقفت زمانا طو يلا تصير
11
غليظة مالحة الطعم مرّة وغير ذلك من الطعوم ويتولّد فيها البخار الغليظة والرياح لملوحة
12
الماء ومرارته ولما يصعد إليه من بخار الأرضين فأمّا البخار فإنّه يزيد في ذلك الماء وأمّا
13
الرياح فإنّها إذا اجتمعت وكثرت في ذلك الماء ثمّ علّاه القمر حرّك بطبعه وحركته وصعوده
14
من الأفق ذلك الماء فتحرّك الماء كلّه وفتر وحمي لغلظه وتحلّل وأقبل متحرّكا مقبلا مع
274
1
القمر|III.5.4b| فإذا تحرّك الماء بتحريك القمر له وحمي وتحلّل تنفّس واحتاج إلى مكان أكثر من المكان
2
الأوّل وزاد ذلك التنفّس في حركة الماء وتحرّكت الرياح التي في أعلى ماء البحر إلى أسفله
3
واتّصلت تلك الحركة بالرياح التي في أرض البحر فترتفع الرياح التي فيها وفي أسفل الماء
4
لتخرج من بعض المواضع فيرتفع الريح بحركتها وارتفاعها الماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى فوق فيتنفّس الماء ويعلو
5
ويفيض فيكون منه المدّ فلا يزال الماء صاعدا متحرّكا متنفّسا بتحريك القمر له وبصعوده|III.5.4c|
6
والريح تحرّك الماء أيضا وترفعه وتخرج تلك الريح أوّلا فأوّلا ويتحلّل ويتنفّس ما دام القمر
7
صاعدا ذاهبا إلى وسط السماء فعند ذلك ينتهي المدّ منتهاه فلهذه العلّة تكون في البحر في
8
ابتداء المدّ رياح عاصفة شديدة فإذا انحدر القمر من وسط السماء رجع الماء بطبعه إلى موضعه
9
فكان الجزر فإذا بلغ القمر وتد المغرب ابتدأ المدّ مقبلا حتّى يبلغ القمر إلى وتد الأرض ثمّ يجزر
10
الماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى أن يبلغ القمر إلى أفق المشرق فإذا ظهر القمر من الأفق عاد المدّ إلى مثل ما كان عليه
11
|III.5.5a| فأمّا الذي ذكرنا من حالات أرض البحر والمياه فإنّما قلنا ذلك لأنّ أرض البحر ومياهها
12
مختلفة الحال والمواضع التي تكون غير عميقة ولا صلبة ولا يكون فيها جبال يكون بخارها ورياحها
13
ليست بالكثيرة والمواضع التي تكون عميقة عريضة طو يلة ويكون مياهها غليظة مالحة ومرّة
14
فإنّها تكثر البخارات والرياح في تلك المواضع فلهذه العلّة صار ابتداء قوّة المدّ وغلبة الماء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما
15
يكون من كلّ موضع عميق واسع يكون الغالب على أرضه كثافة الأجزاء أو كثرة الجبال|III.5.5b| فإذا
16
ابتدأت قوّة المدّ من مثل هذه المواضع لكثرة البخار والرياح اللذين فيه اتّصل ذلك بماء
17
البحر فصار فيه كلّه المدّ لما فيه من البخار والرياح التي تولّدت من ملوحته ومرارته ويبسه ولما
18
في القمر من الطبع المحرّك لذلك الماء بكنهه ولما ينال من البحر كلّه من قوّة حركة المياه التي في
276
1
تلك المواضع التي يكون فيها ابتداء قوّة المدّ|III.5.5c| وإذا كانت أرض البحر قليلة الجبال أو كانت
2
متخلخلة ينفذ الماء منها إلى غيرها من البحار والمواضع أو كان ذلك الماء يتبيّن فيه ما ينصب
3
فيه من المياه أو ما يخرج منه أو كان الماء متحرّكا لطيفا منتقلا كالأودية والأنهار والعيون فإنّه
4
لا يكثر اجتماع الرياح فيها لأنّه يتحلّل ويتنفّس الريح التي في الماء وتخرج جزءا بعد جزء أوّلا
5
فأوّلا مع حركة الماء وانتقاله ويتفرّق ولا يجتمع في ذلك الماء من الريح ما يرفعه فإذا علاه القمر
6
وحرّكه لا يكون فيه المدّ والجزر ولكن تكون فيه رياح وأمواج فلهذه العلّة لا يتبيّن في كثير
7
من البحار ولا في شيء من الأودية والأنهار والعيون المدّ والجزر
8
|III.5.6| وأيضا فإنّ المياه الجارية لطيفة رقيقة فإذا حرّكها القمر وفترت لم يبق فيها تلك الفتورة لرقّتها
9
وإذا تحلّلت لم يزد ذلك التحلّل فيها إلّا شيئا قليلا ولا يكون فيها الأرياح قليلة جدّا فأمّا المياه
10
الغليظة المالحة فإنّها لملوحتها ومرارتها يكون فيها يبس ورياح كثيرة فإذا تحرّكت وفترت
11
وحميت بقيت تلك الفتورة فيها لغلظها وتحلّلت وزاد ذلك التحلّل في مائيتها زيادة كثيرة فكان
12
ذلك سببا لقوّة المدّ كما ذكرنا
13
|III.5.7| فأمّا العلّة في ابتداء المدّ إذا صار القمر إلى المغرب ودوامه إلى أن يبلغ القمر إلى وتد الأرض
14
فذلك لثلاث جهات إحداها أنّ خطّ المشرق مواز لخطّ المغرب وكلّ درجة يتباعد القمر
15
من المشرق صاعدا إلى وسط السماء موازية لكلّ درجة يتباعد القمر منها من المغرب إلى وتد
16
الأرض ويكون بعد تلك الدرجة من المغرب مثل بعد الدرجة الموازية لها من المشرق وكلّ
17
الربع الذي من المشرق إلى وسط السماء مواز مشاكل لكلّ الربع الذي من المغرب إلى وتد
18
الأرض فلاتّفاق الربع الذي من الطالع إلى وسط السماء والربع الذي من المغرب إلى وتد
19
الأرض يتّفق أن يكون في أحدهما من المدّ وإقبال الماء من المشرق مثل ما في الآخر
278
1
|III.5.8| والجهة الثانية أنّه يكون مطالع البروج في كلّ بلد في وسط السماء ووتد الأرض مثل مطالعها
2
في الفلك المستقيم فأمّا خطّ درجة وسط السماء فإنّه مواز لخطّ درجة الوتد الرابع وخطّ درجة
3
الطالع مواز لخطّ درجة الغارب فإذا طلع البرج في المشرق ببعض الدرج فإنّه إذن صار إلى
4
المغرب يرجع عند غرو به إلى حال البرج الذي يطلع من المشرق لأنّه يغيب بمثل مطالع البرج
5
الذي يطلع ويفعل في المغرب مثل ما فعل البرج الذي يطلع من المشرق ويصير إلى وسط السماء
6
ووتد الأرض بمثل مطالعه في الفلك المستقيم فلذلك صار القمر إذا بلغ درجة المغرب يبتدئ
7
المدّ كما كان ابتدأ حين صار إلى درجة المشرق فلا يزال المدّ دائما ما دام القمر يتباعد من المغرب
8
إلى أن يبلغ وتد الأرض كما كان دام حيث تباعد من المشرق إلى أن يبلغ إلى وسط السماء ثمّ
9
ينتهي المدّ إذا بلغ إلى وتد الأرض كما كان انتهى حين بلغ إلى درجة وسط السماء لأنّ هذين
10
الوتدين هما المعدّلان للمطالع في كلّ بلد
11
|III.5.9| والجهة الثالثة أنّ القمر إذا كان في المشرق والمغرب فهو منّا على بعد واحد فإذا أقبل من
12
المشرق أقبل المدّ معه فكلّما ارتفع القمر قرب من وسط سمائنا وكان المدّ مقبلا إلى أن يبلغ
13
إلى وسط السماء فكذلك إذا أقبل إلينا من المغرب يكون ابتداء المدّ أيضا فلا يزال كذلك إلى أن
14
يصير إلى موازاة خطّ وسط السماء وهو وتد الأرض فينتهي المدّ منتهاه فأمّا الجزر فإنّه يكون في
15
الربع الثاني والرابع المقابلين لأنّ أحدهما مواز للآخر فإذا كان في أحدهما جزر كان في الربع
16
الآخر الموازي له مثله
280
1
|III.5.10| وقد زعم قوم أنّ المدّ والجزر قد يكونان في المياه العذبة مثل مياه مدينة البصرة ومدينة الصين
2
ومواضع كثيرة من أرجل البحار والجزائر التي تكون مياهها عذبة ويكون فيها المدّ والجزر
3
فقلنا إنّ مياه البصرة والصين وسائر المواضع التي حالها كحالهما ومياهها عذبة فإنّها مغائض
4
الأنهار وأودية عذبة تجري إليها من مواضع ونواحي أخر غير البحر وهي متّصلة بماء البحر المالح
5
فيوجد في هذه المياه وما كان مثلها من المياه العذبة المدّ والجزر لاتّصالها بماء البحر ولو لم يتّصل
6
هذه المياه العذبة بماء البحر لم يوجد فيها المدّ والجزر
7
|III.5.11| فأمّا المدّ فإنّ مائه يكون فا ترا وأمّا الجزر فإنّ مائه يكون باردا وذلك لأنّ في وقت المدّ يخرج
8
الماء من عمق البحر وهو فا تر وتزيده حركته وتحريك القمر له فتورا فلهذه العلّة يكون ماء
9
المدّ فا ترا وكلّما كان المدّ أغلب وأكثر كان أفتر وإنّما ذلك لكثرة حركته وكثرة خروج المياه
10
التي في قعر البحر فإذا صار ذلك الماء في المواضع البعيدة من عمق البحر كالشطوط والجزائر
11
والأودية والمغائض والبطائح يبرد فيرجع بذلك البرد إلى البحر فلذلك صار ماء الجزر باردا
12
|III.5.12| والذي يفعله القمر بطبيعته في ماء البحر إنّما هو المدّ فأمّا الجزر فليس هو من فعل القمر
13
وإنّما ذلك فعل طبيعة الماء لأنّ القمر إذا بلغ إلى موضع من المواضع الدالّة على المدّ كان هناك
14
ابتداء المدّ إلى أن يبلغ القمر إلى نهاية دلالته على المدّ في ذلك الموضع فهناك ينتهي المدّ فإذا انتهت
15
قوّة المدّ منتهاه في ذلك الوقت رجع الماء بطبيعته إلى مكانه الذي كان خرج منه وهو الجزر
282
1
|III.5.13| واعلم أنّ في الترتيب الطبيعي إنّ القمر إذا كان فوق الأرض فإنّه يكون المدّ والجزر كلّ واحد
2
منهما مرّة واحدة ويكون زمان أحدهما مساو يا لزمان الآخر وإذا كان القمر تحت الأرض فإنّه
3
يكون المدّ والجزر كلّ واحد منهما مرّة أخرى ويكون زمان أحدهما مساو يا لزمان الآخر فأمّا
4
لبث القمر فوق الأرض وتحتها فإنّهما لا يكاد أن يستو يان فإذا كان لبثه فوق الأرض أكثر منه
5
تحتها كان زمان المدّ والجزر والقمر فوق الأرض أطول منه وهو تحتها وإذا كان لبث القمر تحت
6
الأرض أكثر منه فوقها كان زمان المدّ والجزر الذي يكون وهو تحت الأرض أطول منه وهو
7
فوقها
8
|III.5.14a| فإذا أردت أن تعرف عدد ساعات المدّ والجزر والقمر فوق الأرض فاعرف الدرجة التي
9
يطلع معها القمر والدرجة التي يغيب معها وصحّح ذلك لأنّ القمر ربّما تقدّم أو تأخّر في الطلوع
10
والغروب الدرجة التي هو فيها بالطول لعلّة عرضه فاعرف تلك الدرجة وخذ ما بين درجة طلوعه
11
إلى درجة غرو به بدرج المطالع فاحفظه ثمّ اجعل كلّ خمس عشرة درجة منه ساعة مستوية وما
12
لم يتمّ خمس عشرة درجة فاجعله أجزاء من ساعة فما بلغ فهو ساعات المدّ والجزر الطبيعي ما
13
دام القمر فوق الأرض فإذا أردت أن تعرف ساعات المدّ وحده أو ساعات الجزر وحده فخذ
14
نصف هذه الساعات فهي ساعات المدّ أو الجزر الطبيعي أيّهما أردت معرفته|III.5.14b| فإذا كانت
15
أدلّاء المدّ قوية زادت ساعات المدّ على هذا النصف بمقدار قوّة حركة الماء وإن كانت أدلّاء
16
المدّ ضعيفة نقصت ساعات المدّ عن هذا النصف بمقدار ضعف حركة الماء وما بقي إلى تمام
17
الساعات المحفوظة فهي ساعات الجزر فإذا أردت أن تعرف مقدار المدّ والجزر والقمر تحت
18
الأرض فخذ من الدرجة التي يغيب معها القمر إلى الدرجة التي يطلع معها بدرج المطالع فاعمل
19
به كما عملت بالقمر وهو فوق الأرض
284
1
|III.5.15| واعلم أنّ مواضع البحر مختلفة العروض لاختلاف عروض البلدان فإذا أردت معرفة ساعات
2
المدّ والجزر في موضع من مواضع البحر فاعرف عرض ذلك الموضع ومطالعه ثمّ اعلم طلوع القمر
3
بمطالع ذلك الموضع فأمّا قوّة المدّ والجزر وضعفهما وكثرة مائهما وقلّته وزيادتهما ونقصانهما
4
وأيّهما يكون أطول وأدوم زمانا ففي معرفة ذلك وعلمه وجوه كثيرة سنأتي على ذكرها إن شاء
5
اللّه
286
1
|III.6.1|
الفصل السادس في كثرة ماء المدّ وقلّته
2
|III.6.2a| قد ذكرنا قبل هذا أنّ زمان المدّ الذي يكون والقمر فوق الأرض مثل زمان الجزر الذي يكون
3
بعده وزمان المدّ الذي يكون والقمر تحت الأرض مثل زمان الجزر الذي يكون بعده إلّا أنّه
4
ربّما عرض أن يكون زمان المدّ والقمر فوق الأرض أطول من زمان الجزر الذي بعده أو يكون
5
زمان المدّ والقمر تحت الأرض أطول من زمان الجزر الذي بعده وإذا زاد زمان المدّ على القدر
6
الذي كنّا حددناه من بلوغ القمر بعض المواضع الدالّة على المدّة فإنّه ينقص من زمان الجزر
7
الذي بعده مثل ما زاد في زمان المدّ بالتقريب وإذا نقص من زمان المدّ شيء فإنّه يزيد مثل ذلك
8
في زمان الجزر الذي بعده حتّى يكون جميعهما مثل ما ذكرنا|III.6.2b| فأمّا الذي ذكرنا أنّه يعرض من طول
9
زمان المدّ أو قصره أو طول زمان الجزر أو قصره فانظر فإذا كانت أدلّاء كثرة ماء المدّ وقوّته
10
وغلبته كثيرة فإنّه يدوم المدّ إلى أن يزول القمر عن درجة الوتد المحدود للمدّ بنحو من ساعة
11
أو أكثر أو أقلّ قليلا وإنّما يكون ذلك لقوّة حركة الماء وشدّة جريته لا من دلالة القمر
12
فيكون زمان المدّ طو يلا لهذه العلّة وإذا كان أدلّة المدّ ضعيفة فإنّه يجزر الماء قبل بلوغ القمر
13
إلى الموضع المحدود للمدّ بنحو من ساعة أو أكثر أو أقلّ وإنّما يكون ذلك لضعف حركة الماء
14
وقلّة جريته فتقصّر زمان المدّ لهذا السبب لا لعلّة دلالة القمر
15
|III.6.3| فأمّا معرفة قوّة المدّ أو ضعفه وكثرة مائه أو قلّته فإنّه ينظر فيه من ثمانية أشياء الأوّل
16
بعد القمر من الشمس وزيادته في الضوء ونقصانه منه والثاني زيادة تعديل القمر على وسطه
288
1
أو نقصانه منه والثالث موضع القمر من فلك الأوج وبعده أو قربه من الأرض والرابع صعوده
2
أو هبوطه في الفلك المائل وجهة عرضه والخامس كون القمر في البروج الشمالية أو الجنوبية
3
والسادس الأيّام التي تسمّيها البحريون الذين في المغرب وأهل مصر وما يليها أيّام زيادة الماء
4
ونقصانه وهذه الجهات الستّة هي من خاصّية دلالة القمر والجهة السابعة معرفة قوّة المدّ
5
وضعفه من طول النهار والليل وقصرهما من خاصّية دلالة الشمس والثامنة معرفة الرياح
6
المقوّية للمدّ والجزر
7
|III.6.4| فأمّا الجهة الأولى في معرفة كثرة ماء المدّ أو قلّته فأن تنظر في حالات القمر فإنّ له
8
أربعة مواضع تختلف فيها حالاته ودلالته على كثرة ماء المدّ وقلّته ويكون ذلك على قدر حاله
9
من الشمس أوّلها اجتماع القمر مع الشمس والثاني إذا كان بين القمر وبين الشمس تسعون
10
درجة ويكون في جرم القمر نصف الضوء وهو زائد في الضوء وهو التربيع الأوّل والثالث إذا كان
11
القمر في مقابلة الشمس والرابع إذا كان بين القمر وبين الشمس تسعون درجة وهو حيث يبقى
12
في جرمه نصف الضوء وهو ناقص وهو التربيع الثاني
13
|III.6.5| فإذا كان القمر مجامعا للشمس فإنّه يكون ماء المدّ كثيرا قو يا طو يل الزمان ويكون زمان الجزر
14
أقلّ منه لأنّ القمر إذا جامع الشمس زاد اجتماعه معها في قوّة القمر لأنّ للشمس في قوّة المدّ
15
فعلا أيضا فإذا اجتمعا قو يت دلالة القمر فيكون تحريكه للماء في ذلك الوقت أكثر منه في غير
16
ذلك الوقت وكذلك القمر كلّما جامع كوكبا من الكواكب الدالّة على قوّة المدّ زاد ذلك في قوّته
290
1
فتقوى حركة ذلك المدّ لقوّة القمر ويكون ماء المدّ زائدا إلّا أنّ القمر إذا قارن الشمس
2
فإنّه يكون في ذلك الوقت أقوى وأظهر فعلا في المدّ منه إذا قارنه غيرها للعلّة التي ذكرنا
3
|III.6.6| ولأنّ للشمس في القمر من الفعل ما ليس بشيء من الكواكب فيه مثله لأنّ زيادته في
4
الضوء ونقصانه منه وكثيرا من حركاته إنّما هو على قدر بعده أو قربه منها فلذلك كلّما كان من
5
الشمس على بعد معلوم فإنّه يحدث في ذلك الوقت في المدّ تغيير في قوّته أو ضعفه لأنّه إذا
6
كان بعد الاجتماع وتباعد منها فإنّه على قدر تباعده تنقص قوّة المدّ عن القدر الذي كان عليه
7
في الاجتماع وينقص زمانه ويزيد في زمان الجزر إلى أن يبلغ القمر إلى تربيع الشمس الأوّل
8
وهو حيث يكون بين القمر وبين الشمس تسعون درجة ويكون في جرم القمر نصف الضوء
9
فعند ذلك ينتهي نقصان المدّ منتهاه من هذه الدلالة
10
|III.6.7a| فإذا جاز القمر تربيع الشمس يكون في جرم القمر من الضوء أكثر من نصفه وهناك يبتدئ
11
المدّ يزيد في كثرة مائه وقوّته وطول زمانه فلا يزال كلّما زاد الضوء في جرم القمر يزيد المدّ قوّة
12
حتّى ينتهي القمر إلى الامتلاء فعند ذلك يكون ماء المدّ قو يا غالبا كثيرا ويكون لبثه زمانا طو يلا
13
وينتهي المدّ منتهاه ويكون زمان الجزر قليلا|III.6.7b| فإذا جاز القمر استقبال الشمس ونقص من ضوئه
14
نقصت قوّة المدّ وازداد ضعفا وقلّ زمان لبثه فلا يزال ماء المدّ كذلك ينقص ويضعف إلى أن
15
يبلغ القمر إلى تربيع الشمس الثاني وهو حيث يكون بينه وبين الشمس تسعون درجة وهو ذاهب
16
إلى الشمس فحينئذ ينتهي نقصان المدّ منتهاه من هذه الدلالة إلّا أنّ المدّ يكون إذا كان القمر في
17
هذا التربيع الثاني أضعف منه حيث كان في التربيع الأوّل لأنّ القمر في هذا الوقت ينقص من
18
ضوئه
292
1
|III.6.8| فإذا جاز القمر هذا الموضع وقرب من الشمس وكان بينه وبينها أقلّ من تسعين درجة زاد
2
ماء المدّ وقوى وكثر وطال زمانه فلا يزال ماء المدّ زائدا قو يا كثيرا ما دام القمريذهب إلى
3
الشمس إلى أن يقارنها فهناك تنتهي زيادة المدّ منتهاه ويقوى ويكون كثيرا ثمّ يبتدئ في المرّة
4
الثانية في نقصان المدّ كما ذكرنا أوّلا فيكون إذن على ما وصفنا وقت الاجتماع والاستقبال
5
وقت كثرة الماء وغلبة المدّ وطول زمانه إلّا أنّ المدّ الذي يكون في الاستقبال يكون أقوى
6
وأكثر ماء وأطول زمانا من المدّ الذي يكون في الاجتماع ويكون نهاية نقصان المدّ في التربيعين
7
إلّا أنّ التربيع الأوّل يكون ماء المدّ فيه أقوى وأطول زمانا من التربيع الثاني
8
|III.6.9| وهذا الترتيب الطبيعي الذي ذكرنا أنّه يكون في الشهر الواحد هو شبيه بما نراه من ترتيب المدّ
9
والجزر الذي يكون في اليوم والليلة الواحدة ومقدار مسير القمر فيهما يكون مدّان وجزران فأمّا
10
وقت المدّ فإنّه يكون فيه حركة الماء زائدة غالبة وأمّا وقت الجزر فإنّ حركة الماء فيه ضعيفة
11
ناقصة وكذلك في الشهر الواحد وقتان يكون ماء المدّ فيهما غالبا قو يا طو يل الزمان وهما الاجتماع
12
والاستقبال ووقتان ينتهي ماء المدّ فيهما منتهاه ويكون ضعيفا ناقصا قليل الزمان وهما التربيعان
13
|III.6.10a| والجهة الثانية أن يقوّم القمر فإن كان ما يخرج من التعديل يزاد على وسطه فإنّ المدّ في تلك
14
الأيّام يكون قو يا زائدا ولا يزال المدّ زائدا ما دام يزاد تعديل القمر على وسطه فإذا نقص تعديل
15
القمر من وسطه فإنّه ينقص ماء المدّ وإذا لم يخرج من تعديله ما يزيده عليه ولا ما ينقصه منه
16
فإنّه يكون ماء المدّ غير زائد ولا ناقص عن الحدّ المعلوم من هذه الدلالة وإن كان التعديل الذي
17
يزيده أو ينقصه من وسط القمر قليلا كان زيادة ماء المدّ أو نقصانه قليلا وإن كان كثيرا
294
1
كان ذلك كثيرا|III.6.10b| وبمثل هذا العمل الذي عملناه من تعديل القمر يعرف أيضا زيادة المياه
2
والمدود أو نقصانها في الأودية والأنهار الجارية لأنّه إذا كان تعديل القمر يزاد على وسطه
3
وكان ذلك في أيّام مدود الأودية والأنهار فإنّها تمدّ في تلك الأيّام وإذا نقص تعديل القمر
4
من وسطه تنقص مياهها وإذا لم يخرج ما يزاد على وسطه أو ينقص منه يكون ماء الأنهار
5
والأودية غير زائد ولا ناقص
6
|III.6.11| الجهة الثالثة موضع القمر من فلك الأوج وبعده أو قربه من الأرض وهو أن ينظر إلى القمر
7
فإن كان قد جاز رأس أوجه تسعين درجة إلى أن يبلغ مائتين وسبعين درجة فإنّه هابط في
8
فلك أوجه وكان ماء المدّ في هذه الأيّام قو يا غالبا وإن كان خلاف ذلك كان القمر صاعدا
9
في فلك أوجه وكان ماء المدّ ضعيفا قليلا من هذه الجهة
10
|III.6.12| والجهة الرابعة أن ينظر إلى صعود القمر وهبوطه في الفلك المائل وجهة عرضه فإن كان القمر
11
هابطا كان ماء المدّ كثيرا قو يا وإن كان صاعدا كان ماء المدّ قليلا ضعيفا
12
|III.6.13a| والجهة الخامسة أن ينظر إلى القمر فإن كان في البروج الشمالية وهي من أوّل الحمل إلى آخر
13
السنبلة فإنّ المدّ في البحار الشمالية يكون قو يا غالبا وذلك لأنّ القمر يكون مسامتا لها وإن
14
كان القمر في البروج الجنوبية كان المدّ في البحار الشمالية ضعيفا وذلك لبعد القمر عن مسامتتها
15
فأمّا البحار الجنوبية فإنّها تخالف ما ذكرنا لأنّ القمر إذا كان في البروج الجنوبية وهي من أوّل
16
الميزان إلى آخر الحوت فإنّ البحار الجنوبية تكون قوية المدّ كثيرة الماء وإذا كان القمر في
17
البروج الشمالية كان ضعف المدّ وقلّة مائه في البحار الجنوبية|III.6.13b| وهذه حكومة كلّية وهي أن ينظر
296
1
إلى القمر فإن سامت موضعا من البحر في الشمال أو في الجنوب كان المدّ هناك قو يا كثيرا
2
ولا سيّما إن كان القمر زائدا في ضوئه قد جاوز التربيع الأوّل وكان هابطا والمدّ الذي يكون
3
والقمر في أفق موضع من مواضع البحر إلى أن ينتهي إلى وسط سماء ذلك الموضع يكون أقوى
4
من المدّ الذي يكون والقمر فيما بين المغرب إلى الرابع وكون القمر في البروج المائية الرطبة أو مع
5
الكواكب المائية أو مع الكواكب الهابطة واتّصاله بها قد يزيد في قوّة المدّ وفي ماء الأنهار والعيون
6
ومقارنة القمر للكواكب الصاعدة واتّصاله بها قد يقلّل ماء المدّ وماء الأنهار والعيون
7
|III.6.14| والجهة السادسة الأيّام التي يسمّيها البحريون الذين في ناحية المغرب وأهل مصر وما يليها
8
أيّام زيادة الماء ونقصانه وذلك أنّهم كانوا ينظرون إلى أيّام الشهر العربي وهي تسعة وعشرون يوما
9
وأجزاء من يوم فيقسمونها بأربعة أقسام فيكون كلّ قسم قريبا من سبعة أيّام ونصف فيسمّون
10
كلّ قسم منها باسم فمن أوّل يوم السابع والعشرين من أيّام شهر القمر إلى ثلاثة أيّام ونصف
11
تخلو من الشهر الذي يتلوه يسمّونها أيّام نقصان الماء ومن بعد ثلاثة أيّام ونصف من أوّل
12
الشهر إلى تمام أحد عشريوما من الشهر القمري يسمّونها أيّام زيادة الماء ومن أوّل اثني عشر
13
يوما إلى تمام ثمانية عشريوما ونصف يسمّونها أيّام نقصان الماء ومن بعد ثمانية عشريوما ونصف
14
إلى تمام ستّة وعشرين يوما يسمّونها أيّام زيادة الماء
298
1
|III.6.15| فزعم أصحاب البحر من المصريين ومن يليهم أنّ هذه الأيّام التي يسمّونها أيّام نقصان الماء
2
يكون المدّ فيها ضعيفا قليلا ويكون الجزر أقوى وأنّ الأيّام التي يسمّونها أيّام زيادة الماء يكون
3
ماء مدّ البحر فيها قو يا كثيرا وأنّ الجزر يكون أضعف فسألنا عدّة من البحريين الذين بناحية
4
المشرق والعلماء بحالات البحر عن هذه الأيّام فزعموا أنّهم لم يجدوا هذه الأيّام التي سمّاها
5
هؤلاء أيّام زيادة الماء يكون الماء فيها كلّها زائدا ولا وجدوا الأيّام التي سمّوها أيّام نقصان
6
الماء يكون الماء فيها كلّها ناقصا إلّا أنّهم ذكروا أنّه قد يكون في أيّام زيادة الماء اليوم واليومين
7
يزيد فيه الماء وفي أيّام نقصان الماء يكون كذلك أيضا من النقصان
8
|III.6.16| والذي وجدناه يكون من زيادة الماء ونقصانه في هذه الأيّام التي ذكرها المصريون الزيادة في
9
مياه الأودية والأنهار التي تكون مياهها من العيون فإنّه إذا كانت هذه الأيّام التي سمّوها أيّام
10
زيادة الماء تنفّس الماء وارتفع وزاد فيها في هذه المواضع وفي الأيّام التي يسمّونها أيّام نقصان
11
الماء يغور الماء في العيون وينقص وزعم بعض البحريين الذين بناحية المشرق أنّه يضعف ويقلّ
12
ماء مدّ البحر لعشر تخلو من الشهر ولعشر تبقى منه والعشر الباقي يكون ماء المدّ فيه أضعف من
13
العشر الأوّل وذلك لنقصان ضوء القمر
14
|III.6.17| والجهة السابعة في خاصّية دلالة الشمس على كثرة ماء مدّ البحر أو قلّته وقوّته أو ضعفه
15
لمعونتها للقمر لأنّ القمر وإن كان مخصوصا بدلالة المدّ والجزر فإنّ حالاته من الكواكب الستّة
300
1
وحلوله في البروج الرطبة ومقارنته لبعض الكواكب المائية ربّما قوّت دلالته عليها وقد ذكرنا ذلك
2
فيما تقدّم
3
|III.6.18a| فأمّا الآن فأقول إنّ الموجود في البحر المشرقي وفي غيره من البحار التي يتبيّن فيه
4
المدّ والجزر أنّ في بعض الأوقات يكون مدّ النهار أقوى من مدّ الليل وفي بعض الأوقات يكون
5
مدّ الليل أقوى من مدّ النهار وإنّما يكون ذلك من قبل كون الشمس في البروج الشمالية أو في
6
البروج الجنوبية لأنّه إذا كانت الشمس فيما بين أوّل الحمل إلى آخر السنبلة كان النهار أطول
7
من الليل وكان مدّ النهار أقوى من مدّ الليل وإذا كانت الشمس فيما بين أوّل الميزان إلى آخر
8
الحوت كان الليل أطول من النهار وكان مدّ الليل أقوى من مدّ النهار وأطول ما يكون الليل إذا
9
كانت الشمس في القوس|III.6.18b| فإذا صارت الشمس إلى أوّل الجدي وابتدأ النهار بالزيادة فإنّ
10
ماء مدّ البحر الذي يكون بالنهار يبتدئ بالقوّة والكثرة وطول الزمان فلا يزال كذلك إلى
11
أن تبلغ الشمس إلى آخر الحوت وهو وقت الاستواء الربيعي فإذا كان في ذلك الوقت كان المدّ
12
الذي يكون بالنهار قريب القوّة من المدّ الذي يكون بالليل من هذه الدلالة ويكون طول زمانهما
13
قريبا من السواء فإذا كانت الشمس فيما بين أوّل الحمل إلى آخر السنبلة فإنّ المدّ الذي يكون
14
بالنهار أقوى من المدّ الذي يكون بالليل في ذلك الوقت|III.6.18c| وأقوى ما يكون مدّ النهار من هذه الدلالة
15
إذا كانت الشمس في آخر الجوزاء وانتهى النهار منتهاه في الطول فإذا صارت الشمس في آخر
16
السنبلة وهو وقت الاستواء الخريفي كان مدّ النهار قريب القوّة من مدّ الليل في كثرة الماء وطول
17
الزمان فإذا صارت الشمس في الثلاثة البروج الجنوبية وهي من أوّل الميزان إلى آخر القوس
18
كان مدّ الليل أقوى من مدّ النهار وأقوى ما يكون مدّ الليل وأطوله زمانا من هذه الجهة إذا
19
كانت الشمس في آخر القوس حيث ينتهي الليل منتهاه في الطول
20
|III.6.19| فأمّا الذي ذكرنا أنّ مدّ النهار يكون أقوى من مدّ الليل إذا كان النهار أطول من
21
الليل وأنّ مدّ الليل يكون أقوى من مدّ النهار إذا كان الليل أطول من النهار فإنّ ذلك
302
1
لعلّتين إحداهما من معونة الشمس للقمر وهو طول لبث الشمس فوق الأرض والثانية طول
2
مكث القمر فوق الأرض
3
|III.6.20| فالعلّة الأولى التي هي من معونة الشمس للقمر أنّ النهار إذا كان أطول من الليل فإنّه يكون
4
مكث الشمس بالنهار فوق الأرض أكثر من مكثها تحت الأرض فلطول مكثها بالنهار فوق
5
الأرض تزيد في تحليل المياه التي تكون في أعلى البحر وفي عمقه فإذا كان وقت المدّ والماء متحلّل
6
الأجزاء كان لفعل القمر أقبل وكان ماء المدّ أكثر وحركته أقوى فلهذه العلّة يكون ماء المدّ في
7
النهار الطو يل أقوى وأكثر من ماء المدّ في تلك الليالي فأمّا المدّ الذي يكون في الوقت الذي نهاره
8
أطول من الليل والقمر فيما بين وتد المغرب إلى وتد الأرض فإنّه يكون أضعف من المدّ الذي
9
يكون في ذلك الوقت والقمر فيما بين المشرق إلى وسط السماء
10
|III.6.21a| والعلّة الثانية التي تكون من علّة طول مكث القمر فوق الأرض أنّ الليل إذا كان أطول من
11
النهار فإنّ القمر إذن طلع بالليل وخاصّة ما بين أوّل الليل إلى نصفه فإنّه يكون في البروج الطو يلة
12
المطالع فيكون لبثه فوق الأرض في الربع الشرقي فتدوم لذلك حركة الماء فلدوام حركته يكثر
13
تحليل أجزائه وارتفاعه من عمق البحر إلى أعلاه فيكون ماء المدّ بالليل في زيادة الليل على النهار
14
أقوى وأكثر من ماء مدّ النهار فأمّا إذا كان المدّ في هذا الوقت بالليل والقمر في الربع الثالث
15
فيما بين المغرب إلى الرابع فإنّه لا تكون قوّة ماء المدّ فيه كقوّة المدّ الذي يكون والقمر فيه
16
فوق الأرض|III.6.21b| وكلّما كان القمر في وقت المدّ في بروج طو يلة المطالع يطول فيها بقاؤه وكان ماء
17
المدّ في ذلك الوقت أكثر وأغلب وأطول زمانا فصار الآن أقوى ما يكون ماء المدّ وأغلبه من
18
هاتين العلّتين اللتين ذكرناهما إذا كانت الشمس في القوس والجوزاء ئلّا [*]ئلّا corrupt for إلّا أنّ الشمس إذا كانت
304
1
في الجوزاء فإنّه يكون ماء المدّ بالنهار أغلب وأقوى من مدّ الليل وإذا كانت الشمس في القوس
2
فإنّه يكون ماء المدّ بالليل أغلب وأقوى من ماء مدّ النهار وإذا كانت الشمس في أوّل الحمل وأوّل
3
الميزان كان مدّ الليل والنهار متساو يين في القوّة
4
|III.6.22| فيتّفق من هذه الجهة أن يكون حال قوّة المدّ وضعفه واعتداله في السنة الواحدة التي تقطع
5
فيها الشمس البروج الاثني عشر شبيه بما كنّا ذكرناه من حال المدّ في كلّ شهر لأنّ قوّة المدّ الذي
6
يكون بالليل والشمس في القوس والقمر فوق الأرض هي شبيهة بقوّة المدّ الذي يكون عند
7
اجتماع الشمس والقمر وقوّة المدّ الذي يكون بالنهار والشمس في الجوزاء والقمر فوق الأرض
8
هي شبيهة بقوّة المدّ الذي يكون والقمر في الامتلاء في مقابلة الشمس والمدّ الذي يكون
9
والشمس في أوّل الحمل وأوّل الميزان هو شبيه بقوّة المدّ الذي يكون في كلّ شهر والقمر في تربيعي
10
الشمس أعني التربيع الأوّل والثاني
11
|III.6.23| وكلّ شيء تقدّم قولنا فيه من ذكر زيادة ماء المدّ من وقت إلى وقت أو نقصانه فليست تلك
12
الزيادة ولا ذلك النقصان بمستوي القدر والكمّية بل مختلف لأنّه ربّما زاد في بعض الأيّام ماء
13
المدّ شيئا من الأشياء ويزيد بعده أو قبله أكثر منه أو أقلّ وكذلك النقصان فاعلم ذلك
14
|III.6.24| فهذه الدلالات السبعة الطبيعية المفردة التي ذكرناها فإنّ لكلّ واحدة منها دلالة على حدة
15
على كثرة ماء المدّ وقلّته وقوّته وضعفه واعتداله فاعرف هذه الدلالة فإنّه إذا اجتمعت كلّ
16
هذه الشهادات التي تدلّ على كثرة ماء المدّ في وقت من الأوقات فإنّه يكون ماء المدّ قو يا كثيرا
306
1
غالبا طو يل الزمان وإن اجتمع بعضها كان دون الأوّل وكلّما قلّت شهادات أدلّاء المدّ كان
2
المدّ أضعف فإن اجتمعت دلالات اعتدال ماء المدّ في وقت كان ماء المدّ معتدلا وإن كان
3
بعض الأدلّاء تدلّ على زيادة ماء المدّ وبعضها تدلّ على النقصان فإنّه يكون ماء المدّ معتدلا
4
أيضا وإن اجتمعت شهادات قلّة ماء المدّ في وقت فإنّه يدلّ على غاية قلّة ماء المدّ وضعفه
5
|III.6.25| والجهة الثامنة في قوّة ماء المدّ والجزر من الدلالة العرضية فأمّا الجهات السبع الطبيعية فقد
6
ذكرناها فيما تقدّم وإنّ ستّا منها من خاصّية دلالة القمر والسابعة من تقوية الشمس له ونحن
7
نذكر الآن الدلالة التي تعرض لتقوية المدّ والجزر وكثرة مائهما أو قلّته من الرياح العارضة في
8
الجوّ
9
|III.6.26| فاعلم أنّ للبحر ريحين فإحداهما الريح الخاصّية التي تكون في جوف الماء وهي المقوّية للمدّ
10
وقد ذكرنا هذه الريح عند ذكرنا علّة المدّ والجزر والثانية الريح التي تكون في الجوّ وهي الريح العامّية
11
التي يشترك فيها أهل البحر والبرّ في المواضع كلّها وهي تهبّ من نواحي مختلفة كالمشرق والمغرب
12
والشمال والجنوب وفيما بين هذه المواضع التي ذكرنا فاعرف هذه الرياح ونواحيها التي منها تهبّ
13
واعرف الريح التي تهبّ من الناحية التي منها تكون جهة جرية المدّ والريح التي تهبّ من الناحية
14
التي منها تكون جهة جرية الجزر
15
|III.6.27| واعلم أنّ القمر إنّما يكون طلوعه وحركة الفلك له من المشرق إلى المغرب وأنّ جرية ماء المدّ
16
إنّما تكون على جهة حركة الفلك للقمر وأنّ الجزر يكون على جهة جريته من المغرب إلى
308
1
المشرق فالرياح التي تهبّ من الناحية التي يطلع منها القمر هي مقوّية لجرية ماء المدّ والرياح
2
التي تهبّ من الناحية التي يغرب فيها القمر هي مقوّية لجرية ماء الجزر وقد ذكرنا فيما تقدّم أنّ
3
المدّ والجزر اللذين يكونان والقمر في نصف الفلك الأعلى إنّ زمان أحدهما مثل زمان الآخر
4
وكذلك يكون إذا كان القمر في نصف الفلك الأسفل يكون زمان أحدهما مثل زمان الآخر من
5
جهة دلالة القمر الطبيعية إلّا أنّه يعرض لهما في بعض الأوقات أعراض فيكون القمر في
6
نصف الفلك الأعلى أو في نصف الفلك الأسفل ويكون زمان أحدهما أطول أو أقصر من زمان
7
الآخر
8
|III.6.28| والذي يعرض للمدّ في طول زمانه من جهتين فالجهة الأولى التي بسببها يكون زمان المدّ
9
طو يلا أن تكون أدلّاء كثرة ماء المدّ وقوّته كثيرة فتدوم حركة ماء المدّ وشدّة جريته
10
وغلبته وحميته إلى أن يجوز الوقت الطبيعي الذي دلّ عليه القمر فيطول لذلك زمان المدّ وقد ذكرنا
11
هذه الأدلّاء فيما تقدّم والجهة الثانية أن يكون في وقت المدّ رياح قوية عاصفة مقوّية لجرية
12
ماء المدّ فيطول لذلك زمان المدّ أيضا فإذا اجتمعت هاتان الدلالتان أفرطتا في طول زمان
13
المدّ
14
|III.6.29| وأمّا قصر زمان المدّ فإنّما يكون من جهتين إحداهما أن تكون أدلّة قوّة ماء المدّ قليلة
15
فيكون ماء المدّ قليل الحركة ضعيف الجرية فلضعف حركته تكون نهاية المدّ عند أوّل الدلالة
310
1
الطبيعية الدالّة على نهاية المدّ أو قبله بزمان من الأزمنة والجهة الثانية أن تكون رياح عاصفة
2
تستقبل جرية ماء المدّ فتردّه فينقص زمان المدّ عن الدلالة الطبيعية فإذا اجتمعت الدلالتان
3
أفرطتا في قصر زمان المدّ
4
|III.6.30| فأمّا الجزر فإنّما يكون طول زمانه من جهتين إحداهما أن يكون زمان المدّ الذي كان قبله
5
قصيرا فيزيد في طول زمان الجزر قريبا ممّا نقص من زمان المدّ الطبيعي فيطول لذلك زمان
6
الجزر والجهة الثانية أن يكون في وقت الجزر رياح عاصفة مع جهة جرية الجزر فيقوّي ذلك جريته
7
فيطول زمان الجزر فإذا اجتمعت الدلالتان أفرطتا في طول زمان الجزر وأمّا قصر زمان الجزر
8
فإنّما يكون ذلك من جهتين إحداهما أن يكون زمان المدّ الذي كان قبله طو يلا فينقص
9
زمان الجزر عن القدر الطبيعي والثاني أن يكون في وقت الجزر رياح عاصفة تستقبل جريته
10
فيكون زمان الجزر قصيرا
11
|III.6.31| فهذه ثماني جهات في طول زمان المدّ والجزر وقصرهما وهذه حكومة كلّية وهي أن أقول إنّ
12
المدّ هو الابتداء وهو الذي يفعله القمر بطبيعته وإنّ الجزر بعد المدّ وهو رجوع الماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى البحر
13
بطبعه فإذا طال زمان المدّ فإنّه يقصر زمان الجزر الذي يكون بعده وإذا قصر زمان المدّ طال
14
زمان الجزر الذي بعده والرياح التي يوافق هبو بها جرية المدّ والجزر أيّهما وافق ذلك فإنّ تلك
15
الريح تزيد في قوّته وفي طول زمانه والرياح التي تستقبل جريته أيّهما كان فإنّها تضعفه
16
|III.6.32| واعلم أنّ ماء المدّ إذا بلغ إلى بعض المغائض أو الجزائر أو أرجل البحار فربّما رجع عند
17
الجزر ماء المدّ كلّه إلى البحر وربّما رجع بعض ذلك وربّما رجع إلى البحر عند الجزر أكثر
312
1
من ماء المدّ الذي كان خرج من البحر لأنّ المدّ إذا بلغ إلى بعض المغائض أو إلى بعض أرجل
2
البحار ولم يحتبس ماء البحر في المواضع التي يصير فيها رجع ماء المدّ كما هو إلى البحر فإن
3
احتبس في بعض المواضع منه شيء رجع إلى البحر بعض ماء المدّ وإذا كانت تلك المغائض أو
4
أرجل البحار التي يبلغها ماء مدّ البحر تنصبّ إليها مياه من أودية وأنهار مختلفة من غير ماء
5
البحر فإنّه يحدث الجزر معه من تلك المياه التي انصبّت في تلك المواضع فيكون ماء الجزر في
6
ذلك الوقت أكثر وأقوى وأغلب من ماء المدّ
314
1
|III.7.1|
الفصل السابع في أنّ القمر هو علّة المدّ والجزر والردّ على من خالف ذلك
2
|III.7.2| إنّ قوما أنكروا أن يكون القمر وطلوعه ومغيبه وبلوغه المواضع التي ذكرنا هو علّة المدّ والجزر وقالوا
3
إنّ من طبع البحر أن يتنفّس من ذاته فإذا تنفّس البحر كان المدّ وإذا لم يتنفّس كان الجزر
4
وسواء في ذلك طلوع القمر ومغيبه وليس القمر علّة لهما وقالوا أيضا لو كان القمر علّة المدّ والجزر
5
لكان يجب أن تكون الأودية والأنهار والعيون تمدّ وتجزر
6
|III.7.3a| فاحتججنا على من زعم ذلك بأربع حجج إحداها أنّا قلنا لو كان المدّ والجزر إنّما يكون بطبع
7
البحر وتنفّسه لكان ماء المدّ أبدا على حالة واحدة معلومة لا يزيد ولا ينقص ولا يكون في وقت
8
أقوى ولا أغلب من وقت آخر ولا تختلف أوقات ابتدائهما وانتهائهما لأنّ فعل الأشياء الطبيعية
9
لا تختلف ولا يتغيّر عن حاله التي تكون عليها ونحن نرى خلاف ذلك كلّه لأنّا ربّما نرى ماء
10
المدّ في وقت أقوى وأغلب منه في وقت آخر وربّما رأيناه أضعف|III.7.3b| وإنّما يكون اختلاف حالات
11
المدّ على قدر اختلاف حالات القمر كما وصفنا وقد نرى المدّ أيضا في بعض الأوقات يبتدئ
12
في أوّل النهار وفي وقت آخر على ساعة تمضي من النهار ثمّ تختلف حالات ابتداء المدّ والجزر
13
ونهايتهما على قدر اختلاف طلوع القمر ومغيبه وسائر حالاته فعلمنا أنّ القمر هو علّة المدّ والجزر
14
وعلّة سائر حالاتهما
15
|III.7.4| والحجّة الثانية أنّ الأشياء التي تتنفّس من ذاتها فإنّها تحتاج إلى مكان أكثر من مكانها الذي
16
هي فيه فإن كان ماء البحر يتنفّس من ذاته من غير علّة القمر فإنّه عند تنفّسه يحتاج إلى مكان
316
1
أكثر من مكانه الذي كان فيه فكيف يمكن أن يرجع ذلك الماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى البحر في وقت الجزر وليس
2
له هناك مكان أو لم صار ذلك التنفّس الذي يكون للبحر ورجوع الماء ئليه [*]ئليه corrupt for إليه يكون مع ارتفاع
3
القمر وانحطاطه ومغيبه وليس ذلك في طبع حركة الماء فإذا كان هذا هكذا فالقمر إذن علّة المدّ
4
والجزر
5
|III.7.5| والحجّة الثالثة أنّا قلنا إنّ طبيعة الماء ئن [*]ئن corrupt for إن يذهب سفلا إلى عمق البحر ونحن نراه في وقت المدّ
6
يتحرّك علوّا لأنّه يرتفع من عمق البحر إلى أعلاه ثمّ يصير إلى الشاطئ ثمّ يدفع بعضه بعضا بحفز
7
شديد حتّى يرتفع وليس في طبع الماء أن يتحرّك علوّا فإذا رأيناه يتحرّك علوّا وليست تلك الحركة
8
من طبعه علمنا أنّ له محرّكا وذلك المحرّك هو علّة حركته فإن لم يكن القمر علّة تلك الحركة فلا
9
بدّ له من علّة أخرى غير القمر وذلك ما لا يوجد فليس إذن لحركة ماء المدّ علّة غير القمر كما قد
10
ذكرنا فيما تقدّم بالحجج المقنعة
11
|III.7.6| والحجّة الرابعة في الردّ على الذين زعموا أنّ القمر لو كان علّة المدّ والجزر لكان يجب أن تكون
12
الأودية والأنهار والعيون تمدّ وتجزر فنقول إنّ الخاصّية التي في الجزء لا توجد في الكلّ
13
والأودية والأنهار والعيون كالجزء والبحار كالكلّ فيوجد في الأودية والأنهار والعيون التي
14
هي كالجزء من الخاصّية ما لا يوجد في البحار التي هي كالكلّ لأنّ مياه البحار واقفة غليظة مالحة
15
ومياه الأودية والأنهار والعيون متحرّكة جارية لطيفة عذبة فكما أنّ خاصّية الأودية والأنهار
16
خلاف خاصّية البحار فكذلك حال أحدهما خلاف حال الآخر وقد ذكرنا فيما تقدّم لأيّة علّة
17
لا تكون في المياه الجارية كالأودية والأنهار والعيون المدّ والجزر
318
1
|III.8.1|
الفصل الثامن في اختلاف حالات البحار وفي صفة البحار التي يتبيّن فيها
2
المدّ والجزر والتي لا يتبيّن فيها ذلك وفي خاصّية فعل الشمس في البحار
3
|III.8.2| قد وصفنا المدّ والجزر وحالاتهما وسنصف الآن البحار بصفة كلّية كما وصفه بعض الطبيعيين
4
فإنّهم قالوا إنّ القمر يؤثّر في البحار كلّها آثارا مختلفة وإنّما يتبيّن في بعض دون بعض لاختلاف
5
حالاتها وحالات مياهها فأمّا البحار فهي على ثلاثة أصناف أحدها الذي لا يكون فيه مدّ
6
ولا جزر والثاني ما لا يتبيّن فيه المدّ والجزر والثالث ما يكون فيه المدّ والجزر
7
|III.8.3a| فأمّا البحار التي لا يكون فيها المدّ والجزر فهي على ثلاثة أصناف فأمّا الصنف الأوّل فهي
8
المياه التي لا تقف زمانا طو يلا ولا يغلظ ماؤها ولا يصير مالحا ولا يتكاثف فيها الرياح لأنّه
9
ربّما صار الماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى بعض المواضع ببعض الأسباب فيصير كالبحيرة وينقص الماء منه في الصيف
10
ويزيد فيه في الشتاء أو يتبيّن فيه زيادة ما يصبّ فيه من ماء الأنهار والعيون ونقصان ما يخرج
11
منه فذلك الماء وما كان مثله من المياه لا يكون فيه مدّ ولا جزر لأنّه بتلك الحركات التي تكون
12
من زيادة الماء ونقصانه لا تجتمع ولا تتكاثف فيه الرياح|III.8.3b| والصنف الثاني البحار التي تبعد
13
عن مدار القمر ومسامتته بعدا كثيرا فإنّه لا يكون فيها مدّ ولا جزر والصنف الثالث المياه التي
320
1
يكون الغالب على أرضها التخلخل لأنّه إذا كانت أرضها متخلخلة ينفذ الماء منها إلى غيرها من
2
البحار وتتنفّس وتتخلخل الرياح التي تكون في أرضها أوّلا فأوّلا فلا يكون فيها مدّ ولا جزر
3
ويكون الغالب عليها الرياح وأكثر ما يكون هذا في أرجل البحار والجزائر
4
|III.8.4a| فأمّا البحار التي لا يتبيّن فيها المدّ والجزر فهي على ثلاثة أصناف فالصنف الأوّل البحر
5
الذي يكون القمر موازيا لأحد شاطئه ولا يوازي الشطّ الآخر لبعد مسافة ما بين الشطّين
6
ويكون الشطّ الآخر الذي لا يوازيه القمر يلي من الأرض المواضع التي هي غير مسكونة
7
فلا يوجد فيها المدّ والجزر وذلك كأوقيانس البحر فإنّه لا يتبيّن فيه المدّ والجزر لاتّساعه
8
ولبعد أحد الشطّين من مدار القمر ومن العمران ومن مشاهدة الناس له لأنّ البحر الذي يلي
9
شاطئه العمران يجد الناس فيه المدّ والجزر وإذا كان شاطئاه لا يليان العمران لا يجدونهما فيه|III.8.4b|
10
والصنف الثاني الماء الذي يكون شاطئاه معلومين ينتهيان إلى العمران ويكون القمر موازيا له أو
11
قريبا من موازاته ولا يكون له أرجل وجزائر ينبسط فيها الماء فإذا صار القمر إلى الربعين الدالّين
12
على المدّ وحرّك مائه فتحرّك وتنفّس لم يتبيّن مدّ ذلك الماء ولا جزره ولكن تكون فيه أمواج
13
ورياح عواصف فإنّما يكون ذلك في البحيرات وفي الجزائر وفي أرجل البحار المنقطعة من البحر
322
1
والصنف الثالث المياه التي ينصبّ بعضها إلى بعض فإذا كان وقت المدّ وتنفّس الماء العلوي
2
انصبّ إلى أسفل ولم تتبيّن زيادته
3
|III.8.5| فأمّا البحار التي يكون ويوجد فيها المدّ والجزر فهي البحار التي تكون قريبة من موازاة القمر
4
ويكون مسيرها زمانا من الأزمنة ويكون شاطئاها يليان العمران ويكون لها أرجل وجزائر
5
ينبسط فيها الماء عند المدّ ويكون الغالب على أرضها الصلابة وكثرة الجبال فإذا كان وقت المدّ
6
وتنفّس ماؤها وفاض وانتشر على شاطئها وبلغ إلى أرجلها وجزائرها فمدّت وجزرت كما يمدّ
7
ويجزر بحر فارس وبحر الهند وبحر الصين والبحر الذي بين القسطنطينية وإفرنجة وغيرها من
8
البحار التي هذه صفتها
9
|III.8.6| فبهذه الأشياء يكون اختلاف حالات البحار في المدّ والجزر على ما ذكره القدماء ممّن نظر
10
في العلوم الطبيعية فقد تبيّن لنا صفة المياه التي لا تمدّ ولا تجزر والتي لا يتبيّن فيها المدّ والجزر
11
ويتبيّن لنا أنّ البحر لا يتنفّس من ذاته وأنّ القمر علّة ذلك التنفّس وهو المحرّك لماء البحر
12
بطبعه
13
|III.8.7a| وقد ذكرنا مرارا كثيرة أنّ حركة الأجسام الأرضية إنّما تكون بتحريك الأجرام السماوية لها
14
ويتبيّن لنا قياس ذلك من أشياء كثيرة طبيعية موجودة تحرّك بطبيعتها غيرها من الأجسام على
15
بعد كثير منها من غير ملامسة كما نرى حجر المغناطيس يحرّك الحديد ويجذبه إليه بطبعه وكما
16
نرى النفط الأبيض يجذب النار إليه من بعد كثير ومثل الحجر الزيتوني الذي يجذبه الزيت
324
1
ومثل حجر الخلّ الذي يجذبه الخلّ|III.8.7b| فهذه الأجسام التي ذكرناها نراها تفعل بطبعها في غيرها
2
من الأجسام على بعد كثير الجذب والحركة علوّا وسفلا ويمنة ويسرة فكذلك القمر في طبيعته أن
3
يحرّك ماء البحر المالح على بعده منه ومن طبيعة ذلك الماء أن يقبل الحركة من القمر أكثر من
4
قبول المياه العذبة ثمّ يتحرّك في وقت المدّ علوّا من أسفل البحر إلى أعلاه
5
|III.8.8| وقد يوجد أيضا للشمس أفاعيل مختلفة في كلّية حالات البحار كلّها في شدّة أمواجها وكثرتها
6
وهيجانها في بعض أوقات السنة وفي لين ذلك وسكونه في وقت آخر على قدر قرب مدارها منها
7
أو بعدها عنها
8
|III.8.9a| وقد ذكر عدّة من البحريين العلماء بحالاتها من اختلاف حالات بحر فارس والهند أشياء
9
سنذكرها أمّا بحر فارس والهند فهما في الجملة بحر واحد لاتّصال أحدهما بالآخر إلّا أنّهما
10
متضادّان بحالاتهما لأنّ بحر فارس تكثر أمواجه وتشتدّ ويصعب مركبه عند لين ظهر بحر
11
الهند وسهولة مركبه وقلّة أمواجه ويلين بحر فارس وتقلّ أمواجه ويسهل مركبه عند ارتجاج
12
بحر الهند وتقاذف مياهه واضطراب أمواجه وظلمته وصعوبة مركبه|III.8.9b| فأوّل ما تبتدئ صعوبة
13
بحر فارس عند دخول الشمس السنبلة وقربها من الاستواء الخريفي ولا يزال في كلّ يوم
14
تكثر أمواجه وتتقاذف مياهه ويصعب ظهره إلى أن تصير الشمس إلى الحوت وأشدّ ما
15
تكون صعوبة ظهره وكثرة أمواجه وشدّتها في آخر زمان الخريف عند كون الشمس في
326
1
القوس فإذا كان قرب الاستواء الربيعي يبتدئ في قلّة الأمواج ولين الظهر وسهولة المركب إلى
2
أن تعود الشمس إلى السنبلة وألين ما يكون ظهورا وأسهل مركبا في آخر زمان الربيع وهو عند
3
كون الشمس في الجوزاء
4
|III.8.10| فأمّا بحر الهند فهو خلافه بعينه لأنّه عند كون الشمس في الحوت وقربها من الاستواء
5
الربيعي يبتدئ في الظلمة ويغلظ مائه ويكثّر أمواجه حتّى لا يركبه الناس لظلمته ولصعو بته فلا
6
يزال كذلك إلى قرب الاستواء الخريفي وأشدّ ما يكون ظلمته وصعوبة ظهره عند كون الشمس
7
في الجوزاء فإذا صارت الشمس في السنبلة يقلّ ظلمته وتنقص أمواجه ويلين ظهره ويسهل
8
مركبه إلى أن تصير الشمس إلى الحوت فألين ما يكون ظهرا عند كون الشمس في القوس
9
إلّا أنّ بحر فارس قد يركب في كلّ أوقات السنة فأمّا بحر الهند فإنّه لا يركبه الناس عند هيجانه
10
لظلمته وصعوبة مركبه
11
|III.8.11| ولاختلاف حاليهما وهيجان كلّ واحد منهما في وقت خلاف وقت صاحبه يسمّيان
12
بطبيعة الزمان الذي يهيجان فيه فأمّا بحر فارس فيسمّى بطبيعة المرّة السوداء لابتداء هيجانه في
13
أوّل زمان الخريف وصعو بته وشدّة قوّته في آخر هذا الزمان وبقائه على حالة تلك إلى آخر
14
زمان الشتاء وأمّا بحر الهند فيسمّى بطبيعة المرّة الصفراء لابتداء هيجانه في أوّل زمان الربيع
15
وشدّة قوّته في آخر هذا الزمان ودوامه على حالة إلى آخر زمان الصيف
16
|III.8.12| وقد يحدّ علماء البحريين كلّ واحد من هذين البحرين بحدّ معلوم عندهم ويقولون إنّ
17
أوّل حدّ بحر فارس ممّا يلي المشرق وهو من فوهة دجلة العوراء وآخره ينتهي إلى جزيرة يقال لها
328
1
تيز مكران ومن هناك يعدّ أوّل حدّ الهند وحدّه ممّا يلي المغرب من فوهة دجلة العوراء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى أن
2
ينتهي إلى بحر عدن وفي شرقي بحر فارس من المدن بلاد فارس ومكران وكرمان وفي غربيه
3
بلاد العرب وهي البحرين وعمان والمسقط وسقوطراء إلى أن يبلغ غبّ عدن وهو آخر جزيرة
4
العرب وهناك الموضع الذي يقال له الدوارع وهو طريق في البحر يؤخذ منه إلى بحر جدّة
5
والشام ومصر والروم وممّا يلي شاطئ العرب من البحر الفارسي يوجد فيه حبّ اللؤلؤ والفطري
6
الجيّد
7
|III.8.13a| فأمّا بحر الهند فإنّ حدّه ممّا يلي المشرق جزيرة تيز مكران وآخره بلاد الصين وحدّه ممّا يلي
8
المغرب أوّل غبّ عدن وآخره بلاد الزنج وفي شرقي بحر الهند من المدن بلاد الهند والقمار
9
والزنج والزانج وأمم كثيرة مختلفة من الهند وكلّهم يمطرون في الصيف خلا أعالي بلدانهم التي
330
1
بعدت عن البحر كبلاد تفت وكابل وغيرهما من المدن ومواضع هناك من البراري والصحارى
2
والخرابات الموصوفة بالطول والعرض غير مسكونة فهؤلاء لا يمطرون في الصيف ولكنّهم
3
يثلجون في الشتاء لبرد هوائهم|III.8.13b| فأمّا غربي بحر الهند فإنّه إذا قطع ركّاب البحر غبّ عدن فإنّ
4
أوّل أرض يصير إليها جزيرة يقال لها بلاد البربر وهي مسكونة وفيها جنس من الزنج متّصلين
5
ببلاد السودان وفي تلك الناحية الغربية بلاد الزنج والزانج وكلّ هؤلاء الذين ذكرنا وغيرهم ممّن
6
في تلك الناحية الغربية هم في جزائر وليس منهم خلق ينتهي إلى أرض يعلم أنّها متّصلة بالأرضين
7
ولم يحدّ لنا هؤلاء القوم شمال وجنوب هذين البحرين ولا من يسكن في هاتين الناحيتين من الأمم
8
|III.8.14| فمن أراد الصين فإنّه يقطع شرقي بحر الهند ويدور عليه حتّى يصير إلى الصين ومن أراد الزنج
9
فإنّه يصير في غربيه إلى أن يصير إلى الموضع الذي يريد من الزنج ومن أراد الزانج فإنّه يميل إلى
10
شرقيه حتّى يصير إلى كله ثمّ يعبر إلى بلاد الزانج وإنّما يأخذون في هذا الطريق لأنّهم إذا قطعوا
11
بلاد الزنج يريدون بلاد الزانج يصيرون إلى ظلمة لا يتبيّن لهم ضوء النهار إلّا قدر ستّ ساعات
332
1
في كلّ يوم فلذلك يأخذون ناحية شرقي بحر الهند إلى كله ثمّ يصيرون إلى ناحية مغرب هذا
2
البحر حتّى يبلغوا بلاد الزانج
3
|III.8.15| فهذا جمل ما ذكر لنا علماء البحريين من حال هذين البحرين ولكلّ بحر من البحار حال
4
خلاف حال البحر الآخر في كلّ أوقات السنة على قدر إقليمه وعرضه وبعده من مدار الشمس
5
في ذلك الوقت إلّا أنّه ليس قصدنا هاهنا أن نصف حالات البحار كلّها وإنّما أردنا بذكر اختلاف
6
حال هذين البحرين أن نخبر أنّه كما صار للشمس في كلّ واحد من بحر فارس والهند خاصّية
7
فعل خلاف فعلها في الآخر فكذلك لها في كلّ بحر من البحار في كلّ وقت من أوقات السنة من
8
خاصّية الفعل شيء ليس لها في غيرها من البحار
334
1
|III.9.1|
الفصل التاسع في دلالة القمر على الحيوان والنبات
2
والمعادن في زيادته في ضوئه ونقصانه منه
3
|III.9.2a| قد ذكرنا فيما تقدّم خاصّية دلالة القمر على المدّ والجزر وعلى سائر حالاتهما وأنّ القمر هو علّة
4
تنفّس ماء البحر وليس هذا الماء البحري المالح هو وحده الذي يعلو أو ينخفض مع ارتفاع القمر
5
وانخفاضه ويزيد وينقص بزيادته في ضوئه ونقصانه بل أصناف كثيرة من سائر الأجناس لأنّا قد
6
نجد أشياء كثيرة ما دام القمر زائدا في الضوء ومسامتا لموضع من المواضع فإنّه يزيد فيها زيادة
7
كثيرة وما دام القمر ناقصا في ضوئه أو هابطا عن سمت رؤوسهم لم يزد إلّا زيادة قليلة|III.9.2b| وهذا
8
موجود في أصناف كثيرة من الحيوان والأشجار والأعشاب والمعادن فأمّا أبدان الحيوان فإنّها
9
في وقت زيادة القمر في ضوئه تكون أقوى وتكون السخونة والرطوبة والكون والنموّ عليها
10
أغلب وبعد الامتلاء تكون الأبدان أضعف والبرد عليها أغلب وتكون الأخلاط في بدن
11
الإنسان كالدم والبلغم وغير ذلك ما دام القمر زائدا في ضوئه فإنّها تكون في ظاهر الأبدان
12
والعروق ويزيد ظاهر البدن بلّة ورطوبة وحسنا وإذا نقص ضوء القمر صارت هذه الأخلاط في
13
غور البدن والعروق وزاد ظاهر البدن يبسا
14
|III.9.3| وذلك ظاهر عند العلماء بالطبّ فأمّا المرضى فإنّما يعرف كثير من حالاتهم من زيادة القمر
15
في ضوئه ونقصانه منه لأنّ الذين يمرضون في أوّل الشهر فإنّ أبدانهم تكون على دفع الأمراض
16
والعلل أقوى والذين يمرضون في آخر الشهر فإنّ أبدانهم تكون على العلل أضعف فلاختلاف
17
حالات الأبدان في وقت زيادة القمر في ضوئه ونقصانه منه تختلف العلل أيضا فأمّا حالات
18
المرضى يوما بيوم فإنّما تعرف من مسير القمر في كلّ يوم ومن بلوغه إلى تسديس وتربيع ومقابلة
336
1
مكانه يمنة ويسرة والأيّام التي يكون فيها القمر في هذه المواضع تسمّى الأيّام المعلومة فمن حال
2
القمر في هذه الأيّام يعرف حال المريض
3
|III.9.4| فأمّا أصحاب البحر والذين يريدون معرفة الأنواء فإنّهم ينظرون إلى الاجتماع والامتلاء
4
فيجعلونه كالأصل ثمّ ينظرون إلى بلوغ القمر من ذلك الوقت إلى هذه الأيّام والمواضع المعلومة
5
التي سمّيناها فيعرفون منها حال الرياح والغيوم والأمطار والحرّ والبرد فأمّا شعر الحيوان فإنّه ما
6
دام القمر زائدا في ضوئه فإنّه يسرع نباته ويغلظ ويكثر فإذا نقص القمر أبطأ نباته ولم يكثر ولم
7
يغلظ
8
|III.9.5| وللقمر فعل في الإنسان الحيّ أيضا لأنّه إذا أطال الإنسان القعود أو النوم في القمر بالليل
9
تولّد في بدنه الكسل والاسترخاء وهيّج عليه الزكام والصداع وأيضا فإذا كانت لحوم الحيوان له
10
ظاهرة بالليل فإنّه يغيّر رائحتها وطعمها فأمّا ما كان من الأشياء الحيوانية باردا رطبا أبيض
11
كاللبن والدماغ وبياض البيض وغير ذلك من الأشياء الباردة الرطبة فللقمر فيها آثار بيّنة لأنّ
12
الحيوانات تكثر ألبانها في الضروع وتغزر من أوّل الشهر إلى نصفه ما دام القمر زائدا في الضوء
13
فإذا نقص ضوء القمر نقصت غزارتها ولم تكثر
14
|III.9.6| وكذلك أدمغة رؤوس الحيوان يزيد فيها ويتكوّن في أوّل الشهر أكثر ممّا يتكوّن في آخر الشهر
15
وكذلك بياض البيض فإنّ البيض الذي ينعقد في أجواف الطير في وقت زيادة القمر في ضوئه
16
يكون أوفر بياضا وأكثر من الذي يحدث في جوفه في آخر الشهر
338
1
|III.9.7| فأمّا في اليوم والليلة فإنّ القمر إذا كان فوق الأرض في الربع الشرقي أو في سمت موضع
2
من المواضع فإنّه يغزر ألبان ضروع أغنامهم ويزيد فيها وفي أدمغة حيواناتهم وإن حدث في
3
أجواف الطير بيض في ذلك الوقت كان بياضه أوفر من بياض البيض الذي يحدث في أجوافها
4
في غير ذلك الوقت من اليوم والليلة فإذا زال وغاب القمر عنهم نقص من كلّ ما ذكرنا وإن
5
تفقّد ذلك إنسان وجد ما ذكرنا ظاهرا
6
|III.9.8a| وقد يوجد السمك في البحار والآجام والمياه الجارية إذا كان من أوّل الشهر إلى الامتلاء
7
يخرج من أجحرته ومن غور الآجام والبحار ويزيد في سمنه وكبره وإذا كان من بعد الامتلاء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى
8
الاجتماع فإنّه يدخل في أجحرته وفي غور البحار والمياه ولا يسمن فأمّا في اليوم والليلة فما دام القمر
9
مقبلا من المشرق إلى وسط السماء فإنّه يكون ظاهرا خارجا من أجحرته ويزيد في سمنه وإذا
10
زال القمر غاب في أجحرته ولا يزيد في أبدانه ولا يسمن إلّا سمنا قليلا|III.9.8b| وكذلك خرشة الأرض
11
فإنّ خروجها من أجحرتها في النصف الأوّل من الشهر يكون أكثر من خروجها منها في النصف
12
الآخر وكلّ شيء ممّا يلسع أو يعضّ فإنّه في النصف الأوّل من الشهر يكون أقوى فعلا في العضّ
13
واللسع والطلب له والحرص عليه ويكون سمّها أقوى منه في النصف الآخر والسباع أيضا فإنّها في
14
النصف الأوّل من الشهر يكون أكثر طلبا للصيد منها في النصف الآخر|III.9.8c| فأمّا الأشجار والغروس
15
فإنّها إن غرست والقمر زائد في ضوئه أو مقبل إلى وسط السماء علقت وكبرت ونشأت
16
وحملت وأسرعت النبات والنشوء والحمل وإن كان القمر ناقصا في الضوء أو زائلا عن وسط
340
1
السماء لم تسرع النبات وأبطأت في الحمل وربّما يبست وقد يفسد أيضا كثير من النبات الذي
2
يلبس كالكتّان فإنّه يحرقه ويقطعه إذا كان ظاهرا للقمر بالليل
3
|III.9.9a| فأمّا خاصّية دلالة القمر على الفواكه والرياحين والزروع والبقول والأعشاب فإنّ القمر
4
ما دام زائدا في ضوئه إلى أن يمتلئ فإنّ نموّها وزيادتها يكون أكثر من نموّها وزيادتها في
5
النصف الأخير من الشهر وهذا ظاهر عند الفلّاحين وأصحاب الزراعة وليس ذلك عند العلماء
6
وذوي المعرفة منهم بل عند عامّتهم فإنّهم يجدون ذلك في أنواع الفواكه والبقول كالخوخ والبطّيخ
7
والمشمش والقثّاء والخيار والقرع وأنواع البقول والفواكه ويحسّون حسّا ظاهرا أيضا من أوّل
8
الشهر إلى نصفه ينمو ويزيد ويتكوّن أكثر ممّا يزيد وينمو من عند نقصان القمر إلى آخر الشهر|III.9.9b| وفي
9
الوقت الذي يطلع القمر ويسامتهم من اليوم والليلة ينمو ويزيد أكثر ممّا ينمو ويزيد في سائر أوقات
10
اليوم والليلة فأمّا المعادن فإنّها من أوّل الشهر إلى الامتلاء تتكوّن وتزيد في ذات جواهرها وفي
11
بصيصها وصفائها ونقائها أكثر ممّا تتكوّن وتزيد فيها من عند نقصان القمر إلى الاجتماع وأكثر
12
فعله وأظهره في الجواهر الرخوة وذلك ظاهر معروف عند أصحاب المعادن
342
1
|III.9.10| وللقمر خاصّيات كثيرة في تغيير أجسام الحيوان والنبات والمعادن موجودة عند من يتفقّدها
2
لم نذكرها لأنّه ليس قصدنا أن نخبر عن كلّ خاصّية للقمر في الأشياء في كتابنا هذا وإنّما قصدنا
3
في هذا الموضع أن نخبر أنّ للقمر في تغيير الأشياء خاصّية ليست لغيره من الكواكب
4
|III.9.11| تمّ القول الثالث من كتاب المدخل
344
1
|IV.1.1|
القول الرابع من كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم وفيه تسعة فصول
2
|IV.1.2| الفصل الأوّل في طبائع الكواكب السبعة السريعة السير على ما ذكر بطلميوس الفصل الثاني
3
في طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها على ما ذكر عامّة أصحاب النجوم الفصل الثالث في ردّنا
4
على من زعم أنّه إنّما عرف طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها من ألوانها الفصل الرابع في تثبيتنا
5
وجود السعود والنحوس على مذهب الفلاسفة الفصل الخامس في معرفة أيّ الكواكب سعد
6
وأيّها نحس الفصل السادس في اختلاف حالات السعود والنحوس وانتقال أحدهما إلى طبيعة
7
الآخر الفصل السابع في طبائع الكواكب وانتقالها من طبيعة إلى طبيعة وقوّة طبيعتها اللازمة
8
لها أو ضعفها الفصل الثامن في تذكير الكواكب وتأنيثها الفصل التاسع في الكواكب النهارية
9
والليلية
346
1
|IV.1.3|
الفصل الأوّل في طبائع الكواكب السبعة السريعة السير على ما ذكر بطلميوس
2
|IV.1.4a| إنّ عدّة من الملوك اليونانيين كانوا على أ ثر ذي القرنين الإسكندر بن فليفس يقال لكلّ
3
واحد منهم بطلميوس وهم عشرة أناس تسعة رجال وامرأة وكانوا ينزلون مصر وكان سنو
4
ملكهم مائتين وخمسة وسبعين سنة وكان عامّتهم حكماء ومنهم بطلميوس الحكيم الذي ألّف
5
كتاب المجسطي في علل حركة الفلك وما فيها من الكواكب وبعضهم ألّف كتابا في أحكام
6
النجوم ونسبه إلى بطلميوس صاحب كتاب المجسطي وقد يقال إنّ الذي ألّف كتاب الأحكام
7
هو الذي ألّف كتاب المجسطي|IV.1.4b| ولا يدري صواب ذلك من خطائه إلّا أنّ الواضع منهم
8
لكتاب الأحكام ذكر في كتابه طبائع الكواكب وعللها وبدأ بأن قال إنّ الشمس تسخن وتيبس
9
في أناة وتؤدة فإنّها في ذلك أظهر وأعلن فعلا من سائر الكواكب لعظمها ولأنّها كلّما ارتفعت
10
إلى سمت رؤوسنا ازددنا سخونة وزعم أنّ طبيعة القمر الرطوبة من أجل دنوّ فلكه من الأرض
11
وقبوله للبخارات التي ترتفع منها وزعم أنّ طبيعة زحل البرد واليبس من أجل بعد فلكه من
348
1
حرارة الشمس وبعده من رطوبة بخار الأرض وزعم أنّ المرّيخ طبيعته الحرارة واليبس من أجل
2
شبه لونه بالنار ولقربه من الشمس|IV.1.4c| ولأنّها تحته فيرتفع حرّها إليه فيسخنه وزعم أنّ المشتري
3
معتدل المزاج من أجل أنّ فلكه بين فلك زحل والمرّيخ وإنّه لهذه العلّة صارت طبيعته الحرارة
4
والرطوبة المعتدلة وزعم أنّ الزهرة طبيعتها السخونة والرطوبة المعتدلة فأمّا سخونتها فمن أجل قرب
5
فلكها من الشمس وأمّا رطو بتها فمن أجل ما يصيبها من البخار الرطب الذي يحيط بالأرض
6
وزعم أنّ عطارد طبيعته في بعض الأوقات اليبوسة وفي بعضها الرطوبة فأمّا يبسه فلقربه من
7
الشمس وإنّه لا يتباعد عنها تباعدا كثيرا وأمّا رطو بته فلقرب فلكه من فلك القمر فهذا ما
8
زعم بطلميوس في طبائع الكواكب وما احتجّ على ذلك
9
|IV.1.5a| فنذكر الآن ما في قوله من الطعن فأمّا ما زعم من الشمس وتسخينها للأشياء في أناة وتؤدة
10
فذلك موجود من فعلها وأمّا قوله إنّ طبيعة القمر الرطوبة من أجل دنوّ فلكه من الأرض
11
وقبوله للبخارات التي ترتفع منها فذلك مدفوع عند الحكماء لأنّ مسافة ما بين وجه الأرض إلى
12
أقرب موضع يكون فيه القمر مائة ألف ميل وثمانية وعشرون ألف ميل وأربعة وتسعون ميلا
13
بالتقريب على أنّ الميل ثلاثة آلاف ذراع وهذا بيّن في الكتاب الذي ذكر فيه أبعاد الأجرام
14
العلوية بعضها عن بعض|IV.1.5b| وأكثر ما يكون ارتفاع البخارات عن وجه الأرض في الجوّ
15
على ما زعم الفيلسوف ستّة عشر سطاديا والبسطادي أربع مائة ذراع يكون ذلك ميلين
350
1
وعشر وثلث عشر ميل فإذا كانت البخارات التي تصعد من الأرض أكثر ما يكون ارتفاعها في
2
الجوّ ميلين وعشر وثلث عشر ميل وبعد القمر أقرب ما يكون من وجه الأرض مائة ألف ميل
3
وثمانية وعشرون ألف ميل وأربعة وتسعون ميلا بالتقريب فمن أ ين يبلغ بخار الأرض إلى القمر
4
حتّى يغيّر طبيعته وأيضا فإنّ القمر لو كان يقبل البخارات لغيّرت البخارات طبيعته وإذا غيّرت
5
البخارات طبيعته لزمه ما يلزم الأجسام السفلية التي تقبل البخارات من الاستحالة والتغيير
6
والفساد فالقمر إذن لا تبلغه البخارات ولا يقبل شيآ منها
7
|IV.1.6a| وأمّا المرّيخ فإنّه ذكر أنّ طبيعته حارّة يابسة محرقة لأنّ لونه شبيه بلون النار ولأنّ حرارة
8
الشمس تناله لأنّه فوق الشمس فجعل طبيعة الشمس مثل طبيعة النار لأنّها تتحرّك علوّا
9
وأنّها تسخن بطبيعتها كلّ شيء يقرب منها أو يناله حرّها كفعل النار وهذا قول فاسد عند من نظر
10
في العلوم الطبيعية لأنّهم يزعمون أنّ الحرارة التي نجدها من الشمس إنّما تنفعل من حركتها
11
علينا فالشمس ليس فعلها في الفلك وفي الكواكب كفعل النار في هذه الأشياء الموجودة|IV.1.6b| وهي
12
والكواكب كلّها ليس منها شيء يضاف بطبيعته إلى الحرارة ولا إلى البرودة ولا إلى الرطوبة ولا
13
إلى اليبوسة لأنّها ليست بمركّبة من واحدة من هذه ولذلك أيضا لا تقبل واحدة منها لأنّه لا
14
يقبل جسم من الأجسام شيئا من هذه الطبائع إلّا ما كان مركّبا منها والكواكب كلّها على
15
خلاف هذا لأنّها أجرام بسيطة فالكواكب إذن لا تقبل شيئا من هذه الأركان الأربعة ولا
16
ذلك في طبيعتها ولو كانت الكواكب تقبل الحرارة من الشمس وتسخن كالأجسام التي نراها
17
عندنا لكانت قد تغيّرت ألوانها إلى الاحتراق أو كانت قد احترقت على الأيّام والسنين الكثيرة
352
1
|IV.1.7a| وذكر الزهرة فزعم أنّها معتدلة المزاج وأنّ طبيعتها الحرارة والرطوبة فأمّا الحرارة فذكر أنّها
2
من قبل قربها من الشمس وأمّا الرطوبة فمن أجل ما يصيبها من البخار الرطب الذي يرتفع من
3
الأرض فأمّا ما زعم أنّه ينالها من البخار الرطب الذي يرتفع من الأرض فإنّا نعلم أنّ فلك
4
الزهرة فوق فلك القمر وقد بيّنّا أنّ البخار الذي يرتفع من الأرض لا يبلغ فلك القمر فمن أ ين يبلغ
5
فلك الزهرة|IV.1.7b| وأمّا قوله أنّه ينالها حرارة قليلة من الشمس وأنّها بطبيعتها حارّة لقربها من الشمس
6
فإن كانت الشمس طبيعتها مثل طبيعة النار إنّها تسخن كلّ شيء يقرب منها وإن المرّيخ إنّما
7
صار حارّا يابسا لقربه من الشمس فقد كان ينبغي أن يكون الحرارة واليبس على طبيعة الزهرة
8
أغلب وأن لا يكون في طبيعتها رطوبة البتّة لأنّ الشمس كانت تنشف رطو بتها لقربها منها
9
|IV.1.8| ثمّ ذكر زحل فزعم أنّه بارد يابس وزعم أنّ برده لبعده من حرارة الشمس وأنّ يبسه لبعده
10
من رطوبة بخار الأرض وقد أبطلنا فيما تقدّم أن يكون الشمس لها فعل في أجرام الكواكب
11
من التسخين وأن يكون الكوكب إذا بعد من الشمس يبرد في ذاته وإذا قرب منها يسخن
12
في ذاته وأن ينال بخار الأرض الكواكب حتّى ترطب لقربه منها أو تيبس لبعده عنها فليس
13
إذن برد زحل لبعده من الشمس ولا يبسه لبعده من بخار الأرض
14
|IV.1.9| وذكر المشتري فزعم أنّه معتدل المزاج لأنّ فلكه بين زحل البارد والمرّيخ الحارّ وأنّهما اشتركا
15
وتمازجا في طبيعته فصار معتدلا فجعل طبيعة المشتري قابلة للحرّ والبرد وقد أبطلنا فيما تقدّم
16
أن يكون المرّيخ حارّا بذاته أو زحل باردا بذاته وأن يكون كوكب من الكواكب يقبل طبيعة
354
1
من هذه الطبائع الأربع فالمشتري إذن ليس يقبل طبيعة الحرّ ولا البرد ولا شيئا منها بذاته
2
حارّا ولا باردا ولا رطبا ولا يابسا كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة الموجودة عندنا
3
|IV.1.10| وأمّا عطارد فذكر أنّه يابس في وقت ورطب في وقت فأمّا يبسه فلقربه من الشمس وأمّا
4
رطو بته فلقرب فلكه من فلك القمر وإنّه يناله بخار الأرض فيرطّبه فأمّا ما ذكر من يبسه لقرب
5
فلكه من الشمس فلو كان هذا هكذا لكان يجب أن يكون الزهرة أيبس من عطارد لأنّ فلكها
6
أقرب إلى الشمس من فلك عطارد وقد أبطلنا مرارا أن تكون الشمس تسخن أجرام
7
الكواكب أو تيبّسها وأمّا قوله أنّ رطو بته إنّما هي لقرب فلكه من القمر ولأنّ بخار الأرض
8
يناله فيرطّبه فقد أبطلنا أن يكون الكواكب يرطّب بعضها بعضا وأن تكون البخارات التي ترتفع
9
من الأرض تبلغ إلى فلك القمر فكيف يجوزه حتّى يبلغ إلى فلك عطارد فيرطّبه
356
1
|IV.2.1|
الفصل الثاني في طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها
2
والممتزج منها على ما زعم عامّة أصحاب النجوم
3
|IV.2.2| إنّا لمّا أردنا ذكر طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها والممتزج منها على ما زعم عامّة أصحاب
4
النجوم بدأنا بذكر الأركان الأربعة والأخلاط المركّبة وطبائعها وخاصّيتها ذكرا مرسلا وإنّما فعلنا
5
ذلك لأنّهم زعموا أنّهم عرفوا سعود الكواكب ونحوسها والممتزج منها حين قاسوا طبائعها إلى
6
طبائع الأركان الأربعة والأخلاط المركّبة فأمّا ما ذكروا من طبائع الأركان الأربعة والأخلاط
7
المركّبة فقد أصابوا فيها فأمّا قياسهم عليها فإنّه قياس فاسد لأنّهم غلطوا في قياسهم وضلّوا عن
8
سبيل الصواب
9
|IV.2.3| وكان أوّل ما بدؤوا به أن قالوا إنّ العلماء الأوّلين مجمعون على أنّ الأشياء الموجودة التي دون
10
فلك القمر إنّما هي الأركان الأربعة وما يحدث منها من الأخلاط المركّبة والأشخاص المفردة
11
فأمّا الأركان الأربعة فهي النار والهواء والماء والأرض وأمّا الأخلاط المركّبة فهي المرّة الصفراء
12
والدم والبلغم والمرّة السوداء
13
|IV.2.4a| وعامّة الأوائل مجمعون على أنّ للأركان الأربعة طبيعة وخاصّية وإنّها لا ألوان لها ولا طعوم
14
وأنّ الألوان والطعوم إنّما هي لكلّ شيء يحدث منها لأنّهم زعموا أنّ النار لا لون لها على الحقيقة
15
والذي نرى لها من اللون إنّما هو على قدر الجسم الذي يقبل فعل النار وأنّ خاصّيتها الحرارة وفعلها
16
الإحراق وأمّا الهواء فهو جسم لا لون له إلّا أنّه قابل للألوان وإنّ خاصّيته الرطوبة وفعله إنّه
358
1
منبت منشئ للأشياء|IV.2.4b| وأمّا الماء فإنّه ليس له لون بالحقيقة وإنّما يرى لونه على قدر الشيء الذي
2
يكون فيه الماء وإنّ خاصّيته البرودة وفعله غذاء الأشياء وأمّا الأرض فليس لها لون بالحقيقة
3
والذي يرى من لونها إنّما هو على قدر ما يكون فيها من البخارات وتغييرها لها وخاصّيتها اليبوسة
4
وفعلها أن تبقي الأشياء|IV.2.4c| فأمّا الطعوم فإنّ النار والهواء لا طعم لهما وأمّا الأرض والماء فمختلفا
5
الطعم لأنّ لكلّ موضع من الأرض طعما خلاف طعم الموضع الآخر وذلك على قدر اختلاف
6
البخارات التي تكون فيها وأمّا الماء فإنّما يوجد طعمه على قدر طبيعة الموضع الذي يكون فيه الماء
7
لأنّه إن كان ذلك الموضع طيّبا كان طعم الماء الذي يكون فيه عذبا وإن كان ذلك الموضع مالحا
8
كان طعم ذلك الماء مالحا فإذن ليس لهذه الأركان الأربعة لون ولا طعم على الحقيقة وإنّما لها
9
طبيعة وخاصّية على ما ذكرنا قبل
10
|IV.2.5a| فأمّا قوم من الأوائل فوافقوهم فيما ذكروا من طبائع هذه الأركان وخاصّيتها وخالفوهم في
11
الألوان والطعوم وزعموا أنّ بعض هذه الأركان له لون وطعم وبعضها له لون ولا طعم
12
وبعضها لا لون له ولا طعم إلّا أنّه قابل للألوان والطعوم فأمّا الركنان اللذان لهما لونان وطعمان
13
فهما الماء والأرض وإنّ لون الماء البياض وطعمه العذوبة ولون الأرض الغبرة والكمودة
14
وطعمها المرارة وقال قوم إنّ طعم الأرض العذوبة واحتجّوا على ذلك بأن قالوا إنّ الأرض
15
منبتة للأشياء ولو كان طعمها المرارة لما أنبتت شيئا فهذه حجّتهم|IV.2.5b| وأمّا الذي له لون ولا طعم
16
له فهي النار ولونها الحمرة واحتجّوا على ذلك بالنار التي تجذب من قرع جسمين أو من البرق
17
وقالوا إن كان يختلف لون تلك النار التي نراها في الجوّ عن حدّ الحمرة الحقيقي التي تكون للنار
18
بزيادة قليلة أو نقصان قليل على قدر الجسم الذي رئي فيه لون النار فالحمرة أقرب الألوان
360
1
إليها وأمّا الذي لا طعم له ولا لون وهو قابل للألوان والطعوم فهو الهواء لأنّه يقبل من الألوان
2
الأضداد كالبياض والسواد وما بينهما وبتوسّطه بين الشيء الذي له طعم وبين الذوق يعرف
3
الطعم
4
|IV.2.6| فتركنا الإخبار عن هذه الأركان وحالاتها لأنّا لم نقصد في هذا الموضع للاستقصاء عنها
5
ولولا حاجتنا إلى ذكر هذا فيما يستقبل لم نذكره
6
|IV.2.7| فأمّا الأخلاط الأربعة المركّبة فهي المرّة الصفراء والدم والبلغم والمرّة السوداء وكلّ الأوائل
7
مجمعون على أنّ لكلّ واحد من هذه الأخلاط الأربعة طبيعة وخاصّية ولون وطعم فأمّا ألوانها
8
فإنّها تدرك بالبصر وأمّا طعومها فإنّما تدرك بالذوق وأمّا طبائعها التي هي الحرارة والبرودة والرطوبة
9
واليبوسة فإنّهم زعموا أنّها تدرك باللون أو بالطعم أو بالمماسّة فأمّا خاصّية الأشياء فإنّما تدرك
10
بأفاعيلها التي تظهر في الوقت الذي يقرب فيه بعض الأشياء من بعض أو يماسّ بعضها بعضا
11
|IV.2.8| فأمّا المرّة الصفراء فلونها لون النار وطعمها المرارة وطبيعتها الحرارة واليبوسة وخاصّيتها
12
الحرارة وفعلها الإحراق وهذا موافق لطبيعة النار وخاصّيتها وأمّا الدم فلونه الحمرة ومذاقته
13
حلوة وطبيعته الحرارة والرطوبة وخاصّيته الرطوبة وفعله أنّه منبت منشئ للأشياء وهذا موافق
14
لطبيعة الهواء وخاصّيته وأمّا البلغم فلونه البياض وطعمه الملوحة وطبيعته البرودة والرطوبة
15
وخاصّيته البرودة وفعله أنّه يغذّي الأشياء وهذا موافق لطبيعة الماء وخاصّيته وأمّا المرّة
16
السوداء فلونها الغبرة والكمودة وطعمها الحموضة وطبيعتها البرودة واليبوسة وخاصّيتها اليبوسة
17
وفعلها إمساك الأشياء وهذا موافق لطبيعة الأرض وخاصّيتها فهذا ما ذكروا من طبائع الأركان
18
والأخلاط
362
1
|IV.2.9| ثمّ قاسوا على هذه الأشياء قياسا فاسدا غلطوا فيه وذلك لأنّهم قالوا إنّ الكواكب كلّها قابلة
2
للألوان فإذا أردنا معرفة طبائعها فإنّما نعرف ذلك من ألوانها لأنّها أجرام بسيطة لا طعوم لها
3
لأنّ الطعوم إنّما تكون لكلّ جسم مركّب من هذه الأركان فإذا لا يحتاج في معرفة طبائعها
4
إلى الذوق وهي بعيدة منّا فلا يمكننا أن نستدلّ على طبائعها باللمس وإنّما تدرك طبائعها
5
الحارّة أو الباردة أو الرطبة أو اليابسة على قدر قبولها للألوان على ما تقدّم من قولهم أنّ طبائع
6
الأشياء قد تدرك باللون
7
|IV.2.10| وقالوا إنّما يدرك بعض الأشياء ببعض ونستدلّ بما شاهدناه وقرب منّا على ما غاب عنّا وبعد
8
وهذه الأخلاط والأركان قريبة منّا والكواكب بعيدة عنّا فنستدلّ بطبيعة الأركان والأخلاط
9
وألوانها على طبيعة الكواكب لأنّ هذه الأخلاط وسائر الأشخاص التي تحدث من الأركان
10
بألوانها وسائر كيفياتها إنّما تكون عن قوى الكواكب على قدر طبائعها وألوانها فإنّما
11
يستدلّ على طبائعها بموافقة لونها للون هذه الأخلاط والأركان فإذا رأينا لون كوكب من
12
الكواكب موافقا للون خلط من الأخلاط الأربعة علمنا أنّ طبيعة ذلك الكوكب موافقة
13
لطبيعة ذلك الخلط ولطبيعة الركن الموافق له بالطبيعة والخاصّية وإذا كان لون الكوكب مخالفا
14
للون الأخلاط الأربعة مزجنا لونه وجعلنا طبيعته على قدر ما يشاكل لونه عند الامتزاج
15
|IV.2.11| قالوا فلمّا كان لون المرّة السوداء الغبرة والكمودة وطبيعتها وطبيعة الأرض باردة يابسة ولون
16
زحل الغبرة والكمودة علمنا أنّه موافق لهما بطبيعة البرد واليبس وخاصّيتهما وفعلهما وقالوا إنّا
364
1
لمّا رأينا لون المرّة الصفراء شبيه بلون الحمرة والنار وطبيعتهما حارّة يابسة ولون المرّيخ شبيه
2
بلونها علمنا أنّه موافق لهما بطبيعة الحرارة واليبس وبخاصّيتهما وفعلهما
3
|IV.2.12| وأمّا الشمس فقالوا إنّ طبيعتها الحرارة واليبس وذلك لجهتين إحداهما لأنّ لونها يشبه لون
4
الجمر المستحكم الاحتراق فنحكم على طبيعتها بالحرارة واليبس كما حكمنا على المرّيخ والثانية لأنّ
5
الحرارة ظاهرة من فعلها لتسخينها للأجسام ونشفها للرطو بات التي فيها
6
|IV.2.13| وأمّا الزهرة فقالوا إنّا لمّا رأينا لونها بين البياض وصفرة وكان هذا اللون مخالفا لألوان هذه
7
الطبائع المركّبة مزجنا لونها ونسبنا طبيعتها إلى ما يشاكل لونها عند الممازجة فأمّا للصفرة التي فيها
8
ولشبه لونها بلون المرّة الصفراء نسبناها إلى الحرارة وللبياض الذي فيها ولشبه لونها بلون البلغم
9
نسبناها إلى الرطوبة ولمّا اعتدل فيها البياض والصفرة نسبنا طبيعتها إلى الحرارة والرطوبة المعتدلة
10
وهذا موافق لطبيعة الدم والهواء ولخاصّيتهما وفعلهما
11
|IV.2.14| وأمّا المشتري فقالوا إنّا لمّا رأينا لونه شبيها بالبياض متغيّرا إلى صفرة قليلة مزجنا كما مزجنا
12
طبيعة الزهرة وقلنا إنّ طبيعة المشتري الرطوبة والحرارة المعتدلة وهذا موافق لطبيعة الدم والهواء
13
ولخاصّيتهما وفعلهما
14
|IV.2.15| وأمّا القمر فقالوا إنّا لمّا رأينا لونه شبيها بالبياض ورأينا فيه كمودة قليلة نسبنا طبيعته للبياض
15
الذي فيه إلى الرطوبة وللكمودة التي فيه إلى البرودة وقلنا إنّ طبيعة القمر الرطوبة والبرودة
16
وهذا موافق لطبيعة البلغم والماء
366
1
|IV.2.16| وأمّا عطارد فقالوا إنّا لمّا رأيناه قابلا للألوان لأنّا ربّما رأيناه أخضر وربّما رأيناه أغبر وربّما
2
كان على خلاف هذين اللونين وهذا كلّه في أوقات مختلفة من الزمان وهو من الأفق على ارتفاع
3
واحد فقلنا إنّ عطارد لقبوله للألوان المختلفة مختلف الطبيعة إلّا أنّا وجدنا هذه الألوان إلى
4
الغبرة التي هي لون الأرض أقرب منها إلى سائر الألوان فقلنا إنّ طبيعة عطارد إلى طبيعة
5
الأرض التي هي اليبس أقرب منها إلى سائر الطبائع
6
|IV.2.17| فلمّا جعل عامّة أصحاب صناعة النجوم طبائع الكواكب على هذه الحال من قبل الألوان نظروا
7
إلى طبيعة كلّ كوكب فلمّا رأوا طبيعته الحرارة والرطوبة أو البرودة والرطوبة فقالوا إنّ هذا
8
طبيعة الكون والنشوء والحياة فسمّوه سعدا ونظروا إلى كلّ كوكب طبيعته الحرارة واليبوسة
9
أو البرودة واليبوسة فقالوا هذا طبيعة الفساد والموت فسمّوه نحسا وكلّ كوكب مختلف الطبيعة
10
سمّوه سعدا مع السعود ونحسا مع النحوس
11
|IV.2.18| فلمّا كانت طبيعة زحل على ما زعموا باردة يابسة وطبيعة المرّيخ حارّة يابسة جعلوهما
12
نحسين ولمّا كانت طبيعة الزهرة والمشتري الحرارة والرطوبة وطبيعة القمر البرودة والرطوبة سمّوها
13
سعودا فأمّا عطارد فإنّه لمّا كان مختلف الطبيعة جعلوه مع السعود سعدا ومع النحوس نحسا فأمّا
14
الشمس فإنّهم وجدوا طبيعتها موافقة لطبيعة المرّيخ بالحرارة واليبس إلّا أنّهم وجدوها كوكب
15
النهار وطبيعة النهار السعادة فجعلوها نحسا في بعض الأوقات سعدا في وقت آخر
16
|IV.2.19| فهذا ما زعم عامّة أصحاب صناعة النجوم في طبائع الكواكب وعللها والسعود منها والنحوس
17
والممتزج
368
1
|IV.3.1|
الفصل الثالث في ردّنا على من زعم أنّه إنّما عرف
2
طبائع الكواكب وسعودها ونحوسها من ألوانها
3
|IV.3.2| قد ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا ما زعم عامّة أصحاب النجوم من طبائع الكواكب وسعودها
4
ونحوسها والممتزج منها وإنّهم إنّما عرفوا ذلك من قبل ألوان الكواكب حين قاسوا إلى ألوان
5
الأخلاط والأركان الأربعة فرددنا عليهم قولهم بأربع حجج
6
|IV.3.3a| أوّلها أنّا قلنا إنّ لون زحل مخالف للون المرّة السوداء وللون الأرض لأنّ زحل رصاصي اللون
7
وهذا مخالف للونين اللذين شبّهتم بهما لون زحل فأمّا المشتري فإن كان في لونه صفرة فلا ينسب
8
لونه إلى البياض لأنّ اللون الأبيض إذا مازجه بعض الألوان فإنّه يتغيّر عن حدّ البياض إلى
9
ذلك اللون الذي خالطه وأمّا الزهرة خاصّة فإنّ الزرقة ظاهرة في لونها فلم نسبتم لونها إلى البياض|IV.3.3b|
10
وأمّا المرّيخ فإن كان إنّما صارت طبيعته حارّة لشبه لونه بالنار فقد نعلم أنّ الشمس أشدّ حرارة
11
من المرّيخ فقد كان ينبغي أن يكون لون الشمس أشدّ حمرة من لون المرّيخ ولسنا نرى ذلك كذلك
12
وأمّا عطارد فإنّا وإن كنّا نراه مختلف اللون فليس ذلك لأنّه مختلف الطبيعة وإنّما ذلك لأنّا إذا
13
نظرنا إليه يكون قريبا من الأفق فيتهيّأ بيننا وبينه في وقت رؤيتنا إ يّاه بخارات مختلفة وأمّا
14
القمر فإنّه لا ينسب لونه إلى البياض إلّا من عدم حسّ البصر
15
|IV.3.4| وأمّا الحجّة الثانية فإنّا قلنا إنّه ينبغي أن يقاس الشيء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى ما هو من جنسه ولا يقاس إلى خلاف
16
جنسه لأنّ الأجسام الأرضية مركّبة من الأركان الأربعة وأجرام الكواكب ليست بمركّبة منها
17
بل هي أجرام بسيطة فينبغي أن لا يقاس أحدهما بالآخر وأن لا يجعل طبيعة الأجرام العلوية
18
بالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة مثل طبيعة الأجسام الأرضية باتّفاق اللون
19
|IV.3.5a| والحجّة الثالثة أنّا قلنا إنّا لا ندرك طبيعة جسم من الأجسام التي دون فلك القمر أو من أجرام
20
الكواكب بلونه وأتينا على ذلك بقياس من الأشياء الموجودة التي دون فلك القمر وقلنا إنّا
370
1
قد نرى أجساما موافقة بعضها لبعض باللون كالجسمين اللذين يكون لونهما البياض أو السواد أو
2
الحمرة أو سائر الألوان ونرى بعضها مخالفا لبعض بالطبيعة والخاصّية|IV.3.5b| وذلك أنّا نرى الثلج والنورة
3
لونهما البياض وطبيعة الثلج باردة وطبيعة النورة حارّة وقد نرى الصبر والجلّنار أحمرين وطبيعة
4
الجلّنار باردة وطبيعة الصبر حارّة وأشياء كثيرة موجودة على مثل ما ذكرنا فكما اختلف طبائع هذه
5
الأشياء بعضها عن بعض فكذلك يختلف خاصّيتها ولو كانت الأشياء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما تدرك بألوانها ثمّ رأينا
6
جسمين على لون واحد كان ينبغي أن لا تختلف طبائعها ولا خاصّيتها فيبطل من هذه الجهة
7
أن يدرك طبيعة شيء من الأشياء الموجودة التي هي دون فلك القمر أو خاصّيته أو طبائع
8
الكواكب أو خاصّيتها بألوانها
9
|IV.3.6| والحجّة الرابعة أنّا قلنا لم زعمتم أنّ زحل والمرّيخ نحسان وهما بطبيعتهما فيما زعمتم موافقين
10
لطبيعة ركنين من الأركان الأربعة وهما النار والأرض ولطبيعة خلطين من الأخلاط المركّبة
11
وهما المرّة الصفراء والمرّة السوداء وهذان الركنان والخلطان بهما يكون الكون والحياة والنشوء
12
وكلّما كان عندكم من طبيعة الكون والحياة فهو سعد فلم زعمتم أن زحل والمرّيخ نحسان فأنكرنا أن
13
تكون العلّة في نحوسة زحل والمرّيخ ما ذكروا وسنذكر العلّة في السعود والنحوس وطبائعها
14
إن شاء اللّه
372
1
|IV.4.1|
الفصل الرابع في تثبيتنا وجود السعود والنحوس على مذهب الفلاسفة
2
|IV.4.2| إنّ الحكماء الأوّلين كانوا يوجبون لكلّ شيء من الأشياء الموجودة الطبيعية التي دون فلك
3
القمر السعادة والنحوسة ويسمّونهما بذلك فأمّا ما كان منها من الاتّفاق والكون والاعتدال
4
والملائمة والمشاكلة وممازجة الأركان وتركيبها في الأشخاص الطبيعية وبقاء الأشخاص وسلامتها
5
وحسنها وقوّتها والإنسية والفهم والتمييز والمعرفة وفوائد المال والجاه والعزّ والخير والسرور والنعمة
6
واللذّة وسائر ما كان من هذا الجنس فإنّهم كانوا يسمّونه سعادة وأمّا ما كان من فساد التأليف
7
والتركيب والإفراط والتلف والقبح والضعف والأمراض والزمانات والفقر والضعة والذلّ
8
والغموم والبهيمية والكدّ والتعب وكلّ شيء من هذا الجنس فإنّهم كانوا يسمّونه منحسة
9
|IV.4.3a| وقد كنّا ذكرنا فيما تقدّم كيفية فعل الكواكب بحركاتها في هذا العالم الأرضي المتّصلة بها
10
بالطبيعة فأقول الآن إنّا نجد لكلّ كوكب من الكواكب السبعة في نفسه حركات مختلفة وإنّما
11
ذلك لكثرة أفلاكه واختلاف حالات تلك الأفلاك فأمّا كلّ كوكب فحركته في ذاته
12
حركة طبيعية مستوية لا تزيد حركته في وقت من الأوقات على حركته في وقت آخر إلّا أنّ
13
كلّ واحد منها وإن كانت حركته في نفسه حركة مستوية فإنّ حركته في فلك تدو يره وحركة فلك
14
تدو يره في فلك خارج مركزه وحركة الفلك الخارج المركز في فلك البروج مخالفة لحركة غيره من
15
الكواكب السبعة|IV.4.3b| وهي تخالف بعضها بعضا في كبر أجرامها وصغرها واختلاف ألوانها وفي بعد
374
1
أفلاك بعضها من بعض وفي قربها أو بعدها منّا فلمخالفة حالات بعضها لبعض علمنا أنّ لكلّ
2
كوكب طبيعة وخاصّية خلاف طبيعة وخاصّية غيره من الكواكب
3
|IV.4.4a| فأمّا طبائع الكواكب فإنّ الفلاسفة ذكرت أنّها أجرام كرية بسيطة طبيعية الحركة مستديرتها
4
وأمّا خاصّية كلّ واحد منها فإنّما عرفوها بما ينفعل من قوى حركاتها في تفصيل الأنواع المختلفة
5
من الأجناس وفي تركيب الأشخاص المفردة الطبيعية المخالفة بعضها لبعض وكونها وفسادها
6
فسمّوا بعض هذه الانفعالات سعادة وبعضها نحوسة على نحو ما تقدّم ذكرنا لها فالسعادة
7
والنحوسة الموجودة عندنا إذن هي عن خاصّية حركات الكواكب لا من طبيعتها لأنّها كلّها
8
بطبيعتها ليست بسعدة ولا نحسة وإنّما تسمّى بالسعادة والنحوسة بما يظهر من خاصّية حركة
9
كلّ واحد منها في هذه الأركان الأربعة المتّصلة بها بالطبيعة|IV.4.4b| ولذلك قالت الحكماء أنّ المطبوع
10
غير الطبائع وبالمطبوع استدللنا على الطبائع وكانت أشخاص أنواع الحيوان والنبات والمعادن
11
في الطبائع بالقوّة إذ لا مطبوع وإنّ تفصيل الأنواع المختلفة من الأجناس وتركيب الطبائع
12
الأربعة في أشخاص الأنواع إنّما يكون بقوى حركات الكواكب بإذن اللّه فإذا كانت بقوّة
13
حركاتها تدلّ على تفصيل الأنواع من الأجناس واتّفاق الطبائع وتركيبها في الأشخاص الطبيعية
376
1
المفردة فقد أسعدت وأنحست|IV.4.4c| لأنّ الإنسية والبهيمية كانا في الجنس والطبائع بالقوّة سواءً ليس
2
لأحدهما على الآخر في ذلك فضل ولم يكن بينهما فيه فرق فتطبّعت وتركّبت وتفرق بين صورها
3
وأشخاصها عن قوى حركاتها فصارت الإنسية للنعمة واللذّة والفهم والفكرة ومعرفة الأشياء
4
التي كانت والتي تكون وصارت البهيمية للكدّ والشقاء والجفاء والذبح
5
|IV.4.5| فلهذه العلّة أسعدت وأنحست ولأنّه عن قواها كان تفصيل أشخاص الأنواع المختلفة باختلاف
6
حالاتها كما هو موجود في مخالفة كلّ شخص من أشخاص الحيوان والنبات والمعادن بعض لبعض
7
في الحسن أو القبح أو القوّة أو الضعف أو الجودة أو الردائة أو الطيب أو النتن أو الضارّ للحيوان
8
أو النافع له وسائر الحالات المختلفة فقد أسعدت وأنحست
9
|IV.4.6| فأمّا مخالفة كيفيات الأشخاص الأرضية بعضها لبعض فإنّما يكون ذلك بواحدة من ثلاث
10
أولاها بما يوجد عندنا من مخالفة حركة الكواكب وحاله في نفسه في بعض الأوقات لحركة
11
نفسه وحاله في وقت آخر والثانية بمخالفة حركة الكواكب وحاله في كلّ وقت لحركة غيره من
12
الكواكب وحاله والثالثة على قدر قبول الأركان الأربعة المنفعلات منها في ذلك الوقت لأنّ
378
1
الأشياء ئنّما [*]ئنّما corrupt for إنّما تنفعل عن حركة الكوكب في هذه الأركان على قدر حاله وحركته في وقته ذلك
2
وعلى قدر قبول هذه المنفعلات منه
3
|IV.4.7| فالوقت الذي تقبل هذه المنفعلات من الكواكب الحركة والحال التامّة المتّفقة يقال
4
لذلك الكوكب في ذلك الوقت سعد ولهذه الأشياء المنفعلة من حركته وحاله سعيدة والوقت
5
الذي تقبل هذه منه خلاف التمام والاتّفاق يقال للكوكب نحس ولتلك الأشياء منحوسة
6
|IV.4.8| فقد بان لنا وظهر أنّ من كواكب الفلك سعودا ومنها نحوسا وأنّ السعادة والنحوسة منها
7
ما يكون في تفصيل الأنواع المختلفة من الجنس الواحد ومنها ما يكون في تركيب كلّ شخص
8
من أشخاص النوع الواحد وما فيه من الكيفيات المخالفة لغيره كما هو موجود في فضل بعض
9
الأشخاص على بعض ببعض الخاصّيات والحالات التي تنسب إلى ذلك الشخص ممّا ليس في
10
غيره من شخص ذلك النوع
380
1
|IV.5.1|
الفصل الخامس في معرفة أيّ الكواكب سعد وأيّها نحس
2
|IV.5.2a| قد ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا أنّ في الفلك سعودا ونحوسا فنريد أن نبيّن أيّها السعود
3
وأيّها النحوس فأقول إنّ تركيب الأشخاص إنّما يكون باعتدال الطبائع واعتدال الطبائع إنّما يكون
4
باعتدال الزمان واعتدال الزمان إنّما يكون بما ينفعل عن قوّة حركات بعض الكواكب فيه
5
ذلك الاعتدال فما كان من الكواكب ممّا يستدلّ به على اعتدال الزمان والكون والحياة في هذا
6
العالم فهو سعد وما كان منها ممّا يستدلّ به على إفراط الزمان بالحرّ أو بالبرد وعلى الفساد والتلف
7
وشبهها فهو نحس|IV.5.2b| ومن هذه الجهة عرفت الأوائل أيّ الكواكب السعد وأيّها النحس وأيّها
8
الممتزج وأيّها الحارّ وأيّها البارد وأيّها الرطب وأيّها اليابس وأيّها الذكر وأيّها الأنثى وأيّها الليلي
9
وأيّها النهاري وسائر ما ينسب إليها وتسمّى بها الكواكب بما وجدوا من قوى حركاتها في هذا
10
العالم في حالات الأزمنة بالاعتدال والصلاح أو بالإفراط والفساد لا لأنّها في أنفسها حارّة أو
11
باردة أو رطبة أو يابسة أو نهارية أو ليلية أو شيء من هذه الأشياء الموجودة التي هي دون فلك
12
القمر
13
|IV.5.3| فأمّا ما يظهر من أفاعيلها في الأزمنة في البلدان فهو على جهتين إحداهما ما ينفرد به الكوكب
14
والثاني ما يشارك فيه الشمس في فعله فأمّا الجهة التي ينفرد بها الكوكب فهو كزحل إذا استولى
15
بالدلالة على السنة من غير نظر المرّيخ أو غيره من الكواكب إليه فإنّه يفرط برد الشتاء في الترك
16
وفي عامّة المدن الباردة الشمالية فيهلك ما فيها من الحيوان والنبات وأوكد في البرد واليبس لأهل
382
1
هذه الناحية إذا كان صاعدا من وسط فلك أوجه فأمّا البلدان المفرطة في الحرّ فإنّ في السنة
2
التي يستولي عليها زحل بالدلالة ينقص حرارة هوائهم ويبرّد ويطيّب ويقوى أشخاص الحيوان
3
والنبات ويعتدل مزاجها وأوكد لطيب هواؤهم واعتداله إذا كان زحل هابطا
4
|IV.5.4| فأمّا المرّيخ إذا استولى على السنة من غير نظر زحل أو غيره من الكواكب إليه فإنّه في فصل
5
الشتاء يقلّل البرد في البلدان الباردة الشمالية ويسخن هواؤهم بزيادة الحرّ ويعتدل مزاج الحيوان
6
والنبات فيها وقد يفعل بعض ذلك إذا كان المرّيخ وحده في فصل الشتاء في البروج الشمالية فأمّا
7
البلدان الجنوبية فإنّها في تلك السنة في الفصل الصيفي يفرط فيها الحرّ فيفسد مزاج الحيوان والنبات
8
فيهلك من شدّة الحرّ وقد يتغيّر هواؤهم بالحرّ إذا كان المرّيخ في الفصل الصيفي في البروج الجنوبية
9
|IV.5.5| ولأنّا ذكرنا فيما تقدّم أنّ بانتقال الشمس في أرباع الفلك يكون انتقال الزمان وأنّ فصول
10
السنة إنّما تختلف عن فصول السنة الأخرى بمشاركة الكواكب للشمس فزحل إذا كان منها في
11
الشتاء في بعض المزاجات من غير نظر المرّيخ أو غيره من الكواكب إليهما زاد في برد الشتاء
12
وطوله وربّما كثر فيه هبوب الرياح الشمالية المفرطة في البرد وكان فيه فساد الحيوان والنبات
13
وخاصّة في الناحية الشمالية وأوكد لذلك إذا كان زحل صاعدا وإذا كان كذلك من الشمس
14
في الصيف نقص حرّ الهواء وزاد في برده وكان الصيف قصيرا وسيّما إن كان زحل هابطا
384
1
|IV.5.6| وأمّا المرّيخ فإنّه إذا كان من الشمس في فصل الصيف في بعض المزاجات من غير نظر زحل أو
2
غيره إليهما كان الصيف مفرطا في الحرّ طو يلا مفسدا وخاصّة في النواحي التي فيما بين مدار الحمل
3
إلى السرطان وأوكد ذلك إذا كان المرّيخ صاعدا وإذا كان المرّيخ كذلك من الشمس في فصل
4
الشتاء من غير نظر الكواكب إليهما كان ذلك الشتاء سخنا قصيرا ويكثر فيه هبوب الجنائب
5
|IV.5.7| وأمّا المشتري فإنّه إذا مازج الشمس في بعض فصول السنة ولم ينظر إليهما شيء من
6
الكواكب اعتدل هواء ذلك الفصل بالحرارة والرطوبة المنشئة المكوّنة وكثر فيه هبوب الرياح
7
الشمالية المعتدلة المقوّية للحيوان والنبات وكذلك يكون فعله في السنة إذا استولى عليها
8
|IV.5.8| وأمّا الزهرة فإنّها إذا مازجت الشمس في بعض فصول السنة ولم ينظر إليهما كوكب فإن كان
9
ذلك في الشتاء والربيع فإنّها تعدّلهما وترطّبهما فأمّا في الصيف والخريف فإنّها تقلّل يبسهما وكذلك
10
يكون فعلها في السنة إذا كانت هي المستولية عليها
11
|IV.5.9| وأمّا عطارد فإنّه إذا مازج الشمس في بعض فصول السنة ولم ينظر إليهما كوكب فإنّه يكون
12
هواء ذلك الفصل كثير الاختلاف والتغيير بالرياح وبطرف من اليبس الذي من جنس الريح
13
إلّا أنّه لا ينقص طبيعة اعتدال ذلك الفصل وكذلك يكون فعله في السنة إذا كان هو المستولي
14
عليها
15
|IV.5.10| وأمّا القمر فإنّه في ربع الشهر الأوّل يكون حارّا رطبا وفي الربع الثاني يكون حارّا يابسا وفي الربع
16
الثالث يكون باردا يابسا وفي الربع الرابع يكون باردا رطبا وهو بمسيره في الشهر الواحد في البروج
17
كلّها يحرّك طبع فصول السنة الشمسية ويمزج بعضها ببعض ويقوّ يها ويعدّل الطبائع لكي يبقي
18
الحيوان والنبات وإذا كان هو المستولي على السنة أو مازج الشمس في بعض الفصول كان حال
19
أرباع السنة في الحرارة والرطوبة والحرارة واليبوسة والبرودة واليبوسة والبرودة والرطوبة كما
20
ذكرنا من حاله في أرباع الشهر الواحد
386
1
|IV.5.11| وقال قوم إنّ القمر من أوّل الشهر إلى الاستقبال طبيعتة السخونة والرطوبة ومن بعد الامتلاء
2
ئلى [*]ئلى corrupt for إلى آخر الشهر طبيعته البرودة والرطوبة وقالوا أيضا إذا استولى القمر على السنة فإنّه يكون نصف
3
السنة الأوّل حارّا رطبا ويكون النصف الثاني باردا رطبا والقول الأوّل أصوب لأنّ دلالة
4
القمر على تغيير أرباع الشهور والسنين موجودة إذا كان هو المستولي على أحدهما أو مازج الشمس
5
|IV.5.12| فلمّا كان زحل والمرّيخ إنّما يوجد من أفاعيلهما في الأزمنة إذا استوليا عليهما البرد المفرط
6
والحرّ المفرط ومتى ما أفرط هذان الركنان كان مع إفراطهما هلاك الحيوان فلهذه العلّة جعلوهما
7
نحسين لأنّه وإن حدث في بعض المواضع من فعل بردهما أو حرّهما الاعتدال فليس ذلك
8
الاعتدال من خاصّية فعلهما الحقيقي فأمّا زحل فإنّه أشدّ نحوسة من المرّيخ لأنّه بارد يابس
9
والبرد واليبس يضادّان الحياة والمرّيخ وإن كان مفرطا في الحرارة واليبوسة فإنّ مضرّته دون
10
مضرّة زحل لأنّ قوام الحيوان إنّما هو بالحرارة والرطوبة فزحل إذن أنحس من المرّيخ
11
|IV.5.13| وأمّا الشمس فإنّ خاصّيتها فعل الأزمنة والتركيبات والدلالة على الحياة العامّية التي هي
12
الجنس فجعلوها سعدة لهذه العلل الثلاث وأمّا القمر فلأنّه في الشهر الواحد يدور البروج
13
كلّها ويحرّك فصول السنة الأربعة ويعدّل الطبائع ويقوّ يها ويفعل فيها ما تفعله الشمس في
14
السنة الواحدة فجعلوه سعدا والشمس أقوى وأظهر سعادة من القمر ومن سائر كواكب الفلك
15
للعلل التي ذكرنا قبل
388
1
|IV.5.14a| وأمّا المشتري فإنّ خاصّية فعله في الأزمنة الاعتدال وهبوب الرياح الشمالية المعدّلة للطبائع
2
وأمّا الزهرة فإنّ خاصّية فعلها في الأزمنة الاعتدال والترطيب فجعلوهما سعدين وأمّا عطارد
3
فلأنّ خاصّية فعله في الأزمنة أن يغيّرها تغييرا قليلا إلى الرياح واليبس ولا ينقله عن طبيعة
4
الاعتدال فجعلوه سعدا إلّا أنّه لكثرة اختلاف حاله في الرجوع والاستقامة وسرعة الحركة وإن
5
فعله في الأزمنة تغييرها إلى الرياح واليبس القليل والرياح سريعة الحركة والتغيير من حال إلى
6
حال واليبس ركن مفعول به يقبل اختلاف التغييرات من الركنين الفاعلين كما ذكرنا في القول
7
الثاني جعلوه ممازجا لمّا يخالطه من البروج والكواكب متغيّرا إلى طبيعتها منتقلا إليها قابلا مقوّ يا
8
لها|IV.5.14b| وقالوا إنّ عطارد مع السعود سعد ومع النحوس نحس ومع الذكران ذكر ومع الإناث أنثى
9
ومع النهارية نهاري ومع الليلية ليلي وهو في كلّ برج ومع كلّ كوكب مثل طبيعة ذلك البرج
10
والكوكب ويفعل فعله فأمّا إذا كان عطارد في البروج وحده ولم ينظر إليه شيء من الكواكب
11
فإنّه يظهر خاصّيته ويصير سعدا إلّا أنّه قد يقبل طبيعة البرج الذي يكون فيه من الحرارة
12
والبرودة واليبوسة والرطوبة
13
|IV.5.15a| فإذا أردنا أن نعلم أسعد هذه الثلاثة وأقواها فوجدنا الزهرة وعطارد أسفلين وأكثر ما يكون
14
بعد الزهرة عن الشمس سبعة وأربعون درجة ودقائق وبعد عطارد سبعة وعشرون درجة ودقائق
15
ووجدنا عطارد أكثرها احتراقا ووجدنا المشتري علو يا يبعد عن الشمس مائة وثمانين درجة
16
ووجدنا للمشتري خاصّيتين قو يتين ليستا للزهرة ولا لعطارد فأمّا الخاصّية الأولى فإنّه علوي وأمّا
17
الخاصّية الثانية فإنّه يتباعد عن الشمس مائة وثمانين درجة فلمّا وجدنا له هاتين الفضيلتين علمنا
18
أنّه أسعد الثلاثة|IV.5.15b| وأمّا الزهرة فإنّها فوق عطارد وبعدها من الشمس أكثر من بعده وهي أقلّ
390
1
احتراقا ورجوعا منه فصارت الزهرة بعد المشتري في السعادة وفوق عطارد فمن هذه الجهة علموا
2
أيّ كوكب منها السعد وأيّها النحس وأيّها الممتزج وإنّ الشمس أسعد الكواكب ثمّ بعدها
3
القمر ثمّ المشتري ثمّ الزهرة ثمّ عطارد وإنّ زحل أنحس من المرّيخ وإنّ لكلّ واحد منها خاصّية
4
في الدلالة على السعادة والنحوسة ليست لغيره من الكواكب
5
|IV.5.16| فأمّا كثير من الأوائل فزعموا أنّهم إنّما عرفوا السعود والنحوس بالتجارب وهذه السعودة
6
والنحوسة التي للكواكب قد تختلف لأنّ زحل والمرّيخ وإن كانا نحسين لفعلهما الحرّ المفرط
7
والبرد المفرط في بعض المواضع فإنّه يحدث من فعلهما في غير ذلك الموضع الاعتدال فيصيران
8
في طبع السعود للقوم الذين يعتدل هواؤهم والسعود وإن فعلت الاعتدال في فصول السنة فصارت
9
سعودا بسببها فإنّها ربّما صارت لها حالات مختلفة فتصير في طبع النحوس بحالاتها تلك لأنّ
10
الكوكب في وقت واحد قد يتحرّك وينتقل بحركته من موضع إلى موضع ويسامت موضعا من
11
المواضع ويصعد في بعض أفلاكه ويهبط في آخر وتختلف حالاته اختلافا كثيرا طبيعيا كنحو
12
ما ذكرناه وما نذكره
13
|IV.5.17a| فالسعود والنحوس ربّما فعل كلّ واحد منها في وقت واحد أفاعيل مختلفة من السعادة
14
والنحوسة لاختلاف حالاته الطبيعية التي تكون له في وقت واحد وربّما فعلت السعود فعل
15
النحوس والنحوس فعل السعود في الأشخاص بانتقالها من حالها إلى خلاف تلك الحال والذي
392
1
يظهر من أفاعيلها من السعادة والنحوسة فإنّما هو من خاصّية دلالة الكوكب لا من طبيعته|IV.5.17b|
2
ولو كان الكوكب إنّما يسعد وينحس بطبيعته لكانت دلالة الشمس على الأشياء مثل دلالة المرّيخ
3
وذلك لأنّهما بطبيعتهما المنسوبة إليهما حارّ ين يابسين ولكان يكون الكوكب السعد سعدا أبدا
4
ويكون النحس نحسا أبدا ولم يكن يتحوّل السعد إلى النحوسة ولا النحس إلى السعودة
5
وليس ذلك كذلك لأنّ الشمس سعدة والمرّيخ نحس والسعد قد يتحوّل إلى النحوسة والنحس
6
قد يتحوّل إلى السعادة والكواكب لا تفعل السعودة والنحوسة بطبيعتها ولكنّها تفعله بخاصّيتها
7
فلذلك صار الكوكب السعد ربّما فعل فعل النحس والنحس ربّما فعل فعل السعد وربّما
8
فعل الكوكب الواحد في وقت واحد أشياء مختلفة من السعادة والنحوسة
9
|IV.5.18a| وقياس ذلك أنّ النار بطبيعتها حارّة يابسة وخاصّيتها الإحراق فإذا ابتدأت تظهر خاصّيتها فإنّه
10
يحدث مع إظهارها تلك الخاصّية أفاعيل كثيرة خلاف الإحراق ولو فعلت الإحراق بطبيعتها
11
لكان كلّ حارّ يابس محرقا ولكان لا يوجد لها أفاعيل كثيرة ونحن نجد خلاف ذلك لأنّ النار
12
في وقت واحد قد ترطّب وتذيب وتسخن وتحلّل وتجمع وتعقّد وتفرق والترطيب والتذويب
13
والجمع والتعقيد خلاف الإحراق وهذه الأشياء ربّما فعلتها النار في وقت واحد في أشخاص
14
مختلفة على قدر قبول تلك الأشخاص لفعلها وعلى قربها أو بعدها منها وربّما فعلت ذلك في شخص
15
واحد في وقت بعد وقت|IV.5.18b| وكذلك الثلج فإنّ خاصّيته الحقيقية التبريد وربّما ظهر من فعله
16
التسخين لأنّه إذا وضع الثلج على بعض أعضاء الحيوان فإنّه يبرّده ويحبس القشر أن يخرج
17
منها الحرارة إلى خارج البدن فتتكاثف الحرارة في ذلك العضو فيسخنه فقد ظهر من فعل
18
الثلج شيئان متضادّان وهما التبريد والتسخين معا في وقت واحد أحدهما من الخاصّية الحقيقية
394
1
والثاني من فعل تلك الخاصّية وقد يوجد مثل هذه الخاصّيات لأجسام كثيرة فكذلك السعودة
2
والنحوسة إنّما هي من خاصّية فعل الكوكب لا من طبيعته فلذلك صار الكوكب الواحد يفعل
3
بخاصّيته في وقت واحد أشياء مختلفة من السعودية والنحوسية وربّما فعل ذلك في وقت ووقت
4
|IV.5.19a| وهذه الخاصّيات التي للكواكب في السعادة والنحوسة هي على جهتين إحداهما
5
الخاصّية الحقيقية التي لا تتغيّر دلالة الكواكب عمّا تدلّ عليه باختلاف حالاتها ولا
6
يستعمل المنجّمون هذه الخاصّية وهي فعل السعود السعودية وفعل النحوس النحوسية في تفصيل
7
الأنواع من الأجناس وتفصيل الأشخاص من الأنواع وكيفية تركيبها|IV.5.19b| فتلك الأفاعيل والسعادة
8
والنحوسة التي للكواكب في هذه الأشياء لا تتغيّر أبدا لأنّ حالات الكواكب المختلفة التي لها
9
في كلّ وقت وإن كانت سببا لتغيير مزاج النطف والنبات والمعادن من حال إلى حال فإنّه
10
ليس في قوى تلك الاختلافات تبديل الأنواع إلى غيرها حتّى يكون بها من نطفة الإنسان غير
11
الإنسان ولا من نطفة الفرس غير الفرس وكذلك سائر الحيوان والنبات لا ينتقل من نوع
12
إلى نوع باختلاف حالات الكواكب ولكنّها إنّما تتغيّر حالاتها في أنفسها إلى صلاح التأليف
13
والمزاج والتركيب أو إلى فسادها أو إلى القوّة أو إلى الضعف أو إلى سائر الكيفيات
396
1
|IV.5.20| والأخرى الخاصّية المختلفة الثابتة المستعملة في صناعة أحكام النجوم وهذا الذي يدلّ عليه
2
الكوكب من السعادة أو النحوسة باختلاف حالاته عن الكيفيات المختلفة للأشخاص
3
المفردة على الكون أو الفساد والقبح أو السماحة والطول أو القصر والسمن أو الهزال
4
والبياض أو السواد والغناء أو الفقر والجاه والسلطان والعزّ فقد يدلّ الكوكب السعد في بعض
5
الأوقات على النحوسة في هذا المعنى ويدلّ الكوكب النحس في بعض الأوقات على السعادة فيه
6
على قدر اختلاف حالات الكواكب في البروج التي تكون فيها كالتشريق والتغريب والتذكير
7
والتأنيث وسائر الحالات المختلفة التي لها وهذه الحالات التي هي سبب انتقالها من السعادة إلى
8
النحوسة أو من النحوسة إلى السعادة
9
|IV.5.21a| فتلك الدلالة التي تكون لها بتلك الحال ثابتة لها أبدا ومثال ذلك أنّ زحل خاصّيته النحوسة
10
إلّا أنّه إذا كان بالنهار فوق الأرض مشرّقا صالح الحال في ذاته وفي مكانه من برجه فإنّه يتحوّل إلى
11
طبع السعود فيدلّ على السعادة ومتى كان بالنهار على هذه الحال التي ذكرنا فإنّ دلالة السعادة ثابتة
12
له وكذلك السعود إذا تحوّلت إلى طبع النحوس فدلّت على شيء من المكروه فإنّها متى كانت
13
بتلك الحال التي انتقلت إليها فإنّ تلك الخاصّية النحوسة ثابتة لها فقد صارت خاصّيتا الكوكب
14
ثابتتين له|IV.5.21b| وهكذا حدّ وجود الخاصّيات أن يقال متى كان الشيء موجودا كانت خاصّيته
15
موجودة معه فإذا كانت الكواكب موجودة بطبائعها فإنّ خاصّيتها في الدلالة على السعادة
16
والنحوسة موجودتان معها أبدا وكلّ شيء نذكره فيما يستقبل ويقول إنّ الكوكب بطبيعته
17
يدلّ على السعادة أو على النحوسة فإنّما نعني بذلك ما يدلّ عليه بخاصّية فعله
398
1
|IV.5.22a| فأمّا أفاعيل الكواكب في الأشياء السعادة والنحوسة فإنّها على خمس جهات فالأولى أنّه
2
ينفعل عن قواها في وقت واحد في شيء واحد السعادة والنحوسة معا كتفصيلها أنواعا كثيرة
3
مختلفة من جنس واحد في وقت واحد ويكون بعض النوع أفضل من غيره أو كتفصيلها أشخاصا
4
كثيرة من نوع واحد في وقت واحد ويكون بعضها أفضل من بعض|IV.5.22b| والثاني أن يظهر للكوكب
5
الواحد في وقت واحد السعادة والنحوسة في شيئين مختلفين كما هو موجود من فعل زحل إذا
6
استولى على السنة في بعض النواحي البرد المفرط المهلك وفي الناحية الأخرى الاعتدال وقد يفعل
7
مثل ذلك في اليوم الواحد والليلة الواحدة لأنّه إذا كان في بعض المواضع من الفلك فهو لقوم
8
في مكان نهارهم ولآخرين في مكان ليلهم فيدلّ للقوم الذين هم في مكان النهار من السعادة على
9
شيء ويدلّ للقوم الذين هم في مكان الليل من النحوسة على شيء من الأشياء فقد دلّ في
10
وقت واحد لأحدهما من السعادة والنحوسة على شيء خلاف ما دلّ عليه للآخر|IV.5.22c| والثالث أن
11
ينفعل عن قوّة الكوكب السعادة والنحوسة في وقتين مختلفين بحالين مختلفين كما يظهر من فعل
12
الشمس والكواكب لأنّها إذا مالت إلى ناحية من النواحي أو سامتتها في بعض أوقات السنة
13
فإنّها تظهر أفاعيلها في ذلك الموضع فإذا مالت عنه أو تنحّت عن مسامتته فإنّه يزول فعلها عنه
14
ويكون فعلها في الناحية الأخرى التي يسامتها أو يقرب منها|IV.5.22d| والرابع أنّ الكوكب السعد
15
ربّما فعل بخاصّيته فعل النحوس وأنّ النحس بخاصّيته ربّما فعل فعل السعود وذلك على وجهين
16
أحدهما كما ذكرنا ممّا يحدث منها في الأزمنة في بعض المواضع الحرّ المفرط وفي بعضها الاعتدال
17
والثاني باختلاف حالاتها في ذاتها أو في بروجها|IV.5.22e| والخامس أنّ اختلاف تكو ين الأشياء إنّما
18
يكون باختلاف حركاتها التي توجد عندنا ولأنّ حركاتها طبيعية فالأشياء التي تنفعل عن قوى
400
1
حركاتها طبيعية فأمّا السعودية والنحوسية التي تحدث في تلك الأشياء فهي من خاصّيتها فمن هذه
2
الجهة صار لكلّ كوكب خمس خواصّ فقد ظهر لنا الآن عدد خاصّيات الكواكب وأيّها
3
السعد وأيّها النحس وأيّها الممتزج وأنّ السعود ربّما ظهر لها مثل فعل النحوس والنحوس ربّما
4
ظهر لها مثل فعل السعود وأنّ السعودة والنحوسة من خاصّيتها وأنّ الأشياء التي تنفعل من
5
قوى حركاتها في هذا العالم طبيعية
402
1
|IV.6.1|
الفصل السادس في اختلاف حالات السعود والنحوس وانتقال طبيعة أحدهما إلى الآخر
2
|IV.6.2a| قد ذكرنا فيما تقدّم أيّ الكواكب السعد وأيّها النحس وأيّها الممتزج وأنّ السعادة الاعتدال
3
والمشاكلة وأنّ النحوسة الإفراط والمخالفة وأنّها في السعودة والنحوسة مختلفة الحالات لأنّ كلّ
4
واحد منها قد ينتقل عن تلك الدلالة إلى غيرها باختلاف حالاتها التي تكون لها في ذاتها وفي
5
مواضعها من البروج ومن دور الفلك إلّا أنّها وإن انتقلت من حال إلى حال فإنّ منها ما نحوسته
6
أكثر من سعادته ومنها ما سعادته أكثر من نحوسته|IV.6.2b| فأمّا اعتدال الكواكب فإنّما يكون بحاله في
7
نفسه كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والتشريق والتغريب والنهاري والليلي وسائر الحالات
8
التي تكون له في ذاته وأمّا المشاكلة الدالّة على الكون فإنّما يكون بمكانه في برجه الذي يكون
9
له فيه حظّ موافق كالبيت والشرف والحدّ والمثلّثة وسائر الحظوظ الصالحة التي للكوكب في
10
البروج ممّا سنذكرها فيما نستقبل
11
|IV.6.3a| فالكوكب النحس إذا كان في الحال التي يعتدل فيها مزاجه أو يشاكله مكانه تحوّل إلى
12
السعادة وإذا كان في خلاف ما ذكرنا أظهر طبيعة النحوسة فأمّا السعد فإنّه إذا كان في الحالات
13
الصالحة أو في المواضع المشاكلة له بالصلاح أظهر سعادته وإذا كان في خلاف ذلك صار في طبع
14
النحوس وذلك كما نرى أنّ زحل مع قوّته في النحوسية إذا كان ربّ مثلّثة الطالع في المواليد
15
وكان في الوتد صالح الحال والمكان فإنّه يدلّ على تربية المولود وبقائه وإذا كان رديء الحال
16
والمكان فإنّه يدلّ على أنّ المولود لا يتربّى فإن كان دليل المال أو العقار وكان رديء الحال
404
1
والمكان فإنّه يدلّ على تلف المال وخراب العقار والمكروه بسببهما|IV.6.3b| وكذلك المشتري فإنّه إذا كان
2
دليل التربية وهو صالح الحال جيّد المكان دلّ على التربية والبقاء وإذا كان رديء الحال والمكان
3
فإنّه يدلّ على التلف والفساد وإذا كان دليل المال وهو صالح الحال فإنّه يدلّ على فوائد المال
4
وإذا كان رديء الحال فإنّه يدلّ على الغرامة والخسران
5
|IV.6.4| فقد دلّ السعد والنحس كلّ واحد على حدته على الحياة والبقاء وفوائد المال والعقار ببعض
6
الحالات ودلّا في وقت آخر على الموت وتلف المال والوضيعة والخسران فقد صارت لهما الدلالة
7
على الشرّ في وقت كما دلّا على الخير في وقت آخر باختلاف حاليهما
8
|IV.6.5| فلنذكر الآن حالاتهما التي بها ينتقل من حال إلى أخرى فأقول إنّ طبيعة النهار الحرارة المعتدلة
9
وطبيعة الليل البرودة والرطوبة وطبيعة الكوكب المشرّق الحرارة والرطوبة المعتدلة وطبيعة
10
الكوكب المغرّب البرودة المفرطة إلّا القمر وحده فإنّه يخالف طبيعته في التشريق والتغريب
11
كما ذكرنا
12
|IV.6.6a| فلمّا كان زحل مع قوّته في النحوسية لفعله في الأزمنة البرد المفرط قد يوجد من فعله الاعتدال
13
في المواضع الحارّة فيكون لأهلها في طبع السعود فكذلك اعتداله وسعادته إنّما تكون بالنهار
14
لحرارته وفي البروج النهارية الذكورة وإذا كان في نفسه مشرّقا أو إذا كان في بعض البروج
15
المشاكلة له كالبيت أو الشرف أو الحدّ أو بعض حظوظه الموافقة له فإذا كان كذلك دلّ على
16
السعادة وعلى قدر ما يجتمع له من هذه الحالات الجيّدة تكون دلالته على كثرة السعادة وقوّتها|IV.6.6b|
17
وإذا نقص من هذه الحالات شيء نقص من دلالة سعادته وإن كان في مكان الليل أو مغرّ با
406
1
أو في البروج الليلية الإناث أو في هبوطه أو في وباله أو في المواضع الرديئة له فإنّه يظهر طبيعته
2
التي هي الفساد والنحوسة وكلّما كانت هذه الحالات الرديئة أكثر كانت دلالته على النحوسة
3
أقوى وهذا الكوكب دلالته على النحوسة أكثر وأقوى منها على السعادة وهو أنحس كواكب
4
الفلك
5
|IV.6.7| فأمّا المرّيخ فإنّه نحس بطبيعته لدلالته على الحرّ المفرط إلّا أنّه قد يتهيّأ من فعله الاعتدال
6
في المواضع الباردة وذلك لأنّ المواضع الباردة إذا استولى المرّيخ عليها بالدلالة يسخن هواؤها
7
فاعتدل هناك مزاج أهلها فمتى كان المرّيخ في مكان الليل أو كان مغرّ با أو كان في البروج
8
الليلية الإناث أو في البروج الرطبة الباردة أو في المواضع المشاكلة له كالبيت والشرف والمواضع
9
الجيّدة دلّ على الاعتدال وحسن المزاج وصار في طبع السعود وكلّما كثرت هذه الحالات
10
الممازجة له كانت دلالته على السعادة أقوى ومتى كان في مكان النهار أو في البروج الذكورة أو
11
في الغربة والهبوط أظهر طبيعة النحوسة وكلّما كثرت هذه الحالات المخالفة لاعتداله ومشاكلته
12
كان فساده ونحوسته أشدّ وهذا الكوكب دلالته على النحوسة أكثر منها على السعادة
13
|IV.6.8a| وأمّا المشتري فلأنّ طبيعته الحرارة المعتدلة الدالّة على الكون فهو سعد وكذلك النهار فإنّه
14
أحرّ وأعدل وأسعد من الليل لأنّ النهار للحركة والحياة والليل للهدوء والسكون والمشتري بحرارته
15
المعتدلة يلائم الوقت الحارّ المعتدل فصار النهار أوفق وأظهر لفعل المشتري من الليل فهو بالنهار
16
وفي البروج النهارية وعند التشريق وفي البروج التي له فيها حظوظ صالحة أظهر للسعادة وكلّما
17
كانت هذه الشهادات أكثر كانت دلالته على السعادة أقوى وأظهر|IV.6.8b| فأمّا إذا كان في موضع الليل
408
1
أو في البروج المؤنّثة أو في المواضع التي لا توافقه نقص من سعادته وربّما أعطى سعادات فاسدة
2
زائلة وسعادات يصيبه بسببها المكروه فإذا اجتمعت له مع هذه الحالات الرديئة إن يكون له
3
شهادة في بعض بيوت الفلك الدالّة على الفساد كالبيت الثامن أو السادس أو الثاني عشر ودلّ
4
بحالاته ومكانه على الردائة صار لفساد حاله ولشهادته في تلك البيوت الرديئة في طبع النحوس
5
وهذا الكوكب سعادته قوية وانتقاله إلى طبع النحوس قليل
6
|IV.6.9a| وأمّا الشمس فإنّها بفعلها للأزمنة ولأنّ التركيبات لا تكون إلّا في المواضع التي يعتدل
7
ممرّها عليها ولها الدلالة على الحياة العامّية فجعلوها سعدة لهذه العلل الثلاث إلّا أنّها قد
8
تفعل في بعض الأوقات بإفراط الحرّ والبرد فعل النحوس لأنّها إذا سامتت بعض المواضع
9
أحرقتهم وأفسدت حيوانهم ونباتهم كما يوجد من فعلها في مواضع كثيرة من ناحية الجنوب
10
إذا سامتتهم وقد يفسد كثير من المواضع بالبرد إذا تنحّت عنهم ولم تنلهم قوّة حرّها فيهلك
11
هناك حيوانهم ونباتهم من شدّة البرد وذلك موجود في كثير من المواضع في ناحية الشمال|IV.6.9b|
12
وربّما كانت لبعض المواضع من البعد أو القرب على حال تهلك لقر بها منهم أو لبعدها
13
عنهم بعض الأشياء في بعض أوقات السنة ولا يفعل ذلك في وقت آخر منها وإذا كان ممرّها
14
في موضع من المواضع على الاعتدال كان هواؤهم حسن المزاج وكان صيفهم غير مفرط في
15
الحرّ وشتاؤهم غير مفرط في البرد|IV.6.9c| فجعلوها نحسا بالمقارنة والمقابلة سعدا بالنظر من التثليث
16
والتسديس وممتزجة الحال في السعادة والنحوسة من التربيع وشبّهوا مقارنتها للكواكب
17
بمسامتتها للمواضع التي تهلك حيوانها ونباتها من شدّة الحرّ وشبّهوا مقابلتها بغاية بعدها عن
18
المواضع التي تتلف حيوانها ونباتها من شدّة البرد|IV.6.9d| وشبّهوا تربيعها لها بالمواضع التي يفسد
410
1
بعض حيوانها في وقت من السنة ولا يفسد في وقت آخر منها وشبّهوا اعتدال ممرّها في المواضع
2
التي لا يفرط حرّها ولا بردها بالتسديس والتثليث ولأنّ الشمس كوكب نهاري فهي بالنهار أو
3
في البروج الذكورة أو في البروج التي لها فيها شهادة أو في المواضع التي يعتدل نظرها إليها تدلّ
4
على السعادة وإذا كانت في خلاف هذه الحالات والبروج التي ذكرنا أو كانت في المواضع الرديئة
5
دلّت على الفساد والمنحسة وهذا الكوكب سعادته أكثر وأقوى وأعمّ وأشهر من نحوسته
6
|IV.6.10| وأمّا الزهرة فإنّها سعدة رطبة معتدلة توافق الرطو بات فإذا كانت في البروج الليلية المؤنّثة
7
أو في البروج الرطبة أو في بعض البروج المشاكلة لها أظهرت سعادتها وإذا كانت بالنهار أو
8
في البروج النهارية أو في البروج المذكّرة أو في المواضع التي لا حظّ لها فيها نقصت من سعادتها
9
فإن كان لها في بعض بيوت الفلك الرديئة شهادة دلّت على الفساد والموت وحالها في انتقالها من
10
طبيعتها إلى النحوسية مثل حال المشتري وهذا الكوكب دلالته على السعادة وعلى النعمة والتلذّذ
11
أقوى منها على النحوسية
12
|IV.6.11| وأمّا عطارد فإنّا ذكرنا طبيعته وإنّه سعد وهو يقبل من كلّ كوكب ومن كلّ برج طبيعته
13
|IV.6.12a| وأمّا القمر فإنّه رطب سعد وإنّما صار سعدا بتحريكه فصول السنة في الشهر الواحد وتقو يته
14
للطبائع وهو برطو بته يوافق الليل فإذا كان في البروج الرطبة أو في البروج المؤنّثة الليلية أو في
15
البروج التي له فيها حظّ صالح فإنّه يظهر سعادته وكلّما كثرت مشاكلته للحالات الموافقة له كان
16
أكثر لسعادته وكلّما قلّ ذلك كان أقلّ لسعادته فإن كان في مكان النهار أو في البروج الذكورة
17
النهارية أو في هبوطه أو في وباله فإنّه ينقص من سعادته وربّما أعطى سعادات فاسدة إذا كان على
18
مثل هذه الحال|IV.6.12b| وإن كان مع هذه الدلالات الفاسدة له في بعض بيوت الفلك الرديئة مزاعمة
19
فإنّه يتحوّل عن سعادته إلى طبع النحوس ولأنّه أكثر كواكب الفلك رطوبة والرطوبة وإن كانت
412
1
من طبع الحياة والبقاء فإنّ الكثرة والإفراط في كلّ شيء هو من جنس الفساد ونظر التربيع
2
والمقابلة خلاف فإذا اجتمع الخلاف والإفراط في بعض الكواكب في وقت واحد فعل فعل
3
النحوس فالقمر بكثرة رطو بته ربّما فعل من التربيع والمقابلة فعل النحوس من الفساد والتلف
4
وهذا الكوكب دلالته على السعادة أكثر منها على النحوسة
5
|IV.6.13| فهذه حالات الكواكب في ذاتها ومكانها التي به تثبت على دلالاتها أو تضعف
6
عنها أو تزيد فيها أو تنتقل منها إلى غيرها وربّما تهيّأ للكوكب الزيادة في السعادة والنحوسة
7
لممازجته لبعض الكواكب لأنّ منها ما يسرع قبول طبائع السعود والنحوس الممازجة له
8
ومنها ما يكون عسر القبول لها
9
|IV.6.14| فأمّا زحل فإنّه بارد الطبع غليظ بطيء الحركة والركن البارد هو فاعل فإذا دلّ على شيء
10
من الخير أو الشرّ ببعض حالاته في أصل المولد أو في وقت بعض الابتدائات وكان قو يا كان
11
ذلك الشيء دائما ثابتا فإذا مازجه بعض الكواكب في غير ذلك الوقت ممّا يدلّ ممازجته على تغيير
12
تلك الدلالة فإنّه لا يتغيّر من دلالة الأصل إلّا شيء يسير
13
|IV.6.15| وأمّا المشتري فإنّ طبيعته الحرارة المعتدلة وهو بطيء الحركة والحرارة ركن فاعل فإذا دلّ
14
على شيء من الأشياء في بعض الابتدائات وهو قوي فإنّه يكون ثابتا دائما فإن مازجه بعد ذلك
15
كوكب ممّا يدلّ على خلاف تلك الدلالة فإنّه لا يقبل منه إلّا تغييرا قليلا
16
|IV.6.16| وأمّا المرّيخ فإنّه سريع الحركة حارّ يابس والحرارة ركن فاعل واليبس ركن مفعول به فإذا
17
دلّ على شيء من الأشياء في بعض الأوقات وهو قوي ثمّ مازجه بعد ذلك بعض السعود
18
أو النحوس فإنّه يقبل من ذلك الكوكب بعض التغيير وهو أسرع وأكثر قبولا للتغييرات من
19
الكوكبين اللذين فوقه
414
1
|IV.6.17| فأمّا الشمس فإنّها ليبسها وسرعة حركتها واختلاف حالاتها في الأزمنة تقبل التغييرات
2
من كلّ كوكب يمازجها وتؤدّيها إلى هذا العالم وأمّا الزهرة فإنّها معتدلة رطبة والرطوبة ركن
3
مفعول به فهي سريعة القبول للتغييرات من السعود والنحوس وتقبل عامّة مزاجات الكواكب
4
التي تمازجها وأمّا عطارد فإنّ طبيعته اليبوسة واليبوسة ركن مفعول به وهو قابل للتغييرات كلّها
5
تنتقل طبيعته إلى ما خالطه وأمّا القمر فإنّه أدلّ كوكب في الفلك على الرطوبة فهو لرطو بته
6
أسرعها قبولا للتغييرات وإذا مازج كوكبا من الكواكب قبل طبيعة الكوكب
7
|IV.6.18| فانظر في هذا الترتيب الطبيعي العجيب الذي للكواكب في قبول التغييرات أنّ زحل لمّا
8
كان أعلى الكواكب وأبطأها حركة وأ بردها صار لا يقبل التغييرات من الكواكب الممازجة له
9
إلّا شيئا يسيرا وكلّ ما كان من الكواكب أسفل منه فهو أكثر وأسرع قبولا للتغييرات والقمر
10
الذي هو أسفل الكواكب وأسرعها حركة وأرطبها فهو أكثر الكواكب قبولا للتغييرات وأسرعها
11
لقبول طبائعها
12
|IV.6.19| فأمّا النحوس فإنّها وإن دلّت على السعادة فإنّها لا يقال لها سعود ولكن يقال لها في
13
طبع السعود في الشيء الذي دلّت على السعادة به ويكون الظفر بتلك السعادة بالعسر والنكد
14
ويكون صاحبه مبغضا بها كثير التعب بسببها وربّما لم ينتفع من سعادته بشيء ولم يسرّ بها
15
ويكون مهنّؤها لغيره أو يورثها غيره أو يصيبه بسببها الآفات والنكبات الكثيرة وأمّا السعود فإنّها
16
وإن ظهر من فعلها الفساد كما يظهر من فعل النحوس فإنّها لا يقال لها في ذلك الوقت نحوس
17
ولكن يقال لها في طبع النحوس في ذلك الشيء الذي دلّت على النحوسة به ويكون مع تلك
18
المنحسة الصبر والتحمّل والقناعة والرضاء والتعزّي ويشو به طرف من السعادة في وقت بعد
19
وقت
416
1
|IV.6.20| فأمّا رأس جوزهر القمر فإنّه له الدلالة على الرياسة وعلى سعادة قليلة لأنّ القمر منه يبتدئ
2
في الصعود في فلكه المائل والصعود والارتفاع سعادة وأمّا الذنب فإنّ طبيعته النحوسة لأنّ
3
القمر منه يبتدئ في الهبوط في فلكه المائل والهبوط نحوسة والرأس قد يفعل في بعض الأوقات
4
فعل النحوس والذنب يفعل فعل السعود ببعض العلل التي سنذكرها وكذلك رؤوس جوزهرات
5
الكواكب وأذنابها في السعادة والنحوسة
418
1
|IV.7.1|
الفصل السابع في طبائع الكواكب وانتقالها من
2
طبيعة إلى طبيعة وقوّة طبيعتها اللازمة لها وضعفها
3
|IV.7.2| إنّ الكواكب كلّها ليست في ذاتها بحارّة ولا باردة ولا رطبة ولا يابسة وإنّما تنسب هذه
4
الأشياء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى الكواكب لما يوجد من فعلها في هذا العالم وكلّ كوكب فله دلالة على ركنين فأحدهما
5
هو الركن الثابت الذي لا ينتقل عنه ولكنّه يتغيّر فيزيد في قوّته أو في ضعفه على قدر مكانه من
6
فلكه ومن برجه ومن أرباع الفلك وسائر حالاته
7
|IV.7.3| وأمّا الركن الآخر الذي للكوكب فربّما كان ثابتا له وربّما انتقل من طبيعته تلك إلى غيرها
8
وإنّما يكون ذلك لصعوده أو هبوطه في فلك أوجه أو لكثرة قبوله للتغييرات أو لقلّة قبوله لها
9
فينسب الكوكب إلى الطبيعة التي يقبلها عند اختلاف حاله
10
|IV.7.4a| فأمّا زحل فقد ذكرنا أنّ الذي يوجد من دلالته في هذا العالم إنّما هو البرد المفرط وإنّما
11
يكون إفراط البرد باليبس فزحل بطبيعته بارد يابس فأمّا طبيعة البرد فهي لازمة له لا ينتقل عنها
12
لأنّه ركن فاعل إلّا أنّه ربّما تغيّر فزاد فيه أو نقص منه فأمّا طبيعة اليبس فربّما انتقل منها إلى
13
غيرها لأنّه ركن مفعول به وربّما تغيّر بالزيادة فيه أو بالنقصان منه فإذا كثر ذلك التغيير انتقل
14
إلى طبيعة أخرى|IV.7.4b| فزحل إذا كان صاعدا من وسط فلك أوجه كانت طبيعته ثابتة على البرد
15
واليبس وكذلك يكون إذا كان في البرج أو في الربع البارد اليابس أو في سائر المواضع الباردة
16
اليابسة فإن اجتمعت هذه الحالات أفرط في البرد واليبس وإن نقصت كان أقلّ فإذا كان في
17
البروج الحارّة اليابسة ضعفت دلالة برده وقوي يبسه وإن كان صاعدا كما ذكرنا وهو في البروج
18
الرطبة نقص من طبيعة يبسه وإن كان مع هذا في حدّ كوكب رطب أو في ربع رطب وهو من
420
1
الشمس في أفق رطب نقص من يبسه فإن اجتمعت له هذه الحالات كلّها في وقت واحد وهو
2
صاعد انتقل إلى الرطوبة فصار باردا رطبا|IV.7.4c| وإن كان زحل هابطا من وسط فلك أوجه كان
3
باردا رطبا فإن كان مع ذلك في برج رطب أو في حدّ كوكب رطب أو في ربع رطب أو يكون
4
أفقه من الشمس كذلك فإنّه يزيد في رطو بته وإن اجتمعت هذه كلّها في وقت واحد صار مفرطا
5
في الرطوبة وإن كان في وقت هبوطه من فلك أوجه في البروج الحارّة اليابسة ضعفت دلالة برده
6
ونقصت قوّة رطو بته فإن كان مع هذا في ربع حارّ يابس أو في حدّ كوكب حارّ يابس أو يكون
7
أفقه من الشمس في مثل هذه الحال نقص من رطو بته وقوي يبسه وضعف برده فإن اجتمعت
8
هذه الحالات كلّها وهو هابط صار باردا يابسا
9
|IV.7.5a| وأمّا المرّيخ فإنّ الذي يوجد من فعله في الزمان الحرّ المفرط وإنّما يكون إفراط الحرّ باليبس
10
فطبيعة المرّيخ حارّة يابسة وأمّا الحرارة فهي طبيعة ثابتة له وأمّا اليبوسة فربّما انتقل منها فإذا
11
كان المرّيخ صاعدا في فلك أوجه كانت طبيعته ثابتة على الحرارة واليبوسة وكذلك يكون إذا
12
كان في البرج أو في الربع الحارّ اليابس فإن كثرت هذه الحالات أفرط في الحرارة واليبس فإن
13
كان في البروج الباردة اليابسة نقص من حرارته وقو يت طبيعة يبسه|IV.7.5b| وإن كان صاعدا في برج
14
رطب أو في حدّ كوكب رطب أو في ربع رطب أو كان من الشمس في أفق رطب نقص
15
من يبسه وإن اجتمعت هذه الحالات في الرطوبة للمرّيخ وهو صاعد انتقل إلى الرطوبة فصار
16
حارّا رطبا فإن كان هابطا من فلك أوجه كان حارّا رطبا فإن كثرت حالات الرطوبة فيه وهو
17
هابط أفرط في الرطوبة وإن كان هابطا وغلبت عليه حالات الحرارة واليبس كان حارّا يابسا
18
|IV.7.6| وأمّا المشتري فإنّه حارّ رطب معتدل كما ذكرنا من فعله في الزمان فإن كان صاعدا في فلك
19
أوجه كانت دلالته على الحرارة المعتدلة أقوى وإن كان هابطا قو يت دلالته على الرطوبة المعتدلة
20
فأمّا البروج الحارّة أو الرطبة المشاكلة له فإنّها قد تقوّي حرارته ورطو بته المعتدلة والبروج التي
21
لا تشاكله تضعف وتنقص اعتداله في الحرارة والرطوبة
422
1
|IV.7.7| وأمّا الشمس فإنّها حارّة يابسة فإذا كانت صاعدة من وسط فلك أوجها كانت طبيعتها ثابتة
2
على الحرارة واليبس وإن كانت هابطة كانت طبيعتها حارّة رطبة وطبيعة البروج وأرباع الفلك قد
3
تغيّر طبيعتها كما ذكرنا من تغيّر طبيعة غيرها من الكواكب
4
|IV.7.8| وأمّا الزهرة فهي حارّة رطبة معتدلة كما ذكرنا من فعلها في الأزمنة وحالها في قوّة حرارتها أو
5
ضعفها مثل حال المشتري
6
|IV.7.9| وأمّا عطارد فالغالب على طبيعته اليبس ويخالطها شيء قليل من البرد فإذا كان صاعدا
7
في فلك أوجه كان يابسا شديد اليبس ويمازجه طرف قليل من الحرارة وإذا كان هابطا كانت
8
طبيعته الرطوبة مع طرف قليل من البرد فقد قبل عطارد الطبائع الأربع باختلاف حالاته
9
وكذلك عطارد بطبيعته يقبل كلّ شيء يمازجه من طبائع الكواكب والبروج
10
|IV.7.10a| وأمّا القمر فإنّه مختلف الطبيعة على قدر اختلاف فصول السنة لأنّه في الربع الأوّل من الشهر
11
تكون طبيعته حارّة رطبة والطبيعة اللازمة له في هذا الربع هي الرطوبة فإذا كان في هذا الربع
12
صاعدا في فلك أوجه كانت طبيعته قوية الحرارة ضعيفة الرطوبة وإن كان هابطا فيه كانت طبيعة
13
الرطوبة المفرطة عليه أغلب فأمّا في الربع الثاني من الشهر فإنّ طبيعته تكون حارّة يابسة والطبيعة
14
اللازمة له في هذا الربع هي الحرارة فإذا كان صاعدا في فلك أوجه في هذا الربع فإنّه يكون
15
الغالب على طبيعته الحرارة واليبس الشبيهة بالمفرطة وإن كان هابطا كانت طبيعته حارّة رطبة
16
معتدلة|IV.7.10b| وأمّا في الربع الثالث من الشهر فإنّ طبيعته تكون باردة يابسة والطبيعة اللازمة له في هذا
17
الربع هي اليبس فإذا كان في هذا الربع صاعدا قو يت طبيعة اليبس عليه وكان قليل البرد وإذا
424
1
كان هابطا كانت طبيعة البرد عليه أغلب ويكون فيه طرف من اليبس وفي الربع الرابع من الشهر
2
تكون طبيعته باردة رطبة والطبيعة اللازمة له في هذا الربع البرد فإذا كان صاعدا كانت طبيعة
3
البرد عليه أغلب ويكون فيه طرف قليل من الرطوبة وإذا كان هابطا كان الغالب على طبيعته
4
الرطوبة المفرطة مع طرف قليل من البرد وحال القمر في مكانه من البروج وسائر الحالات في
5
تغيير طبيعته كحال غيره من الكواكب
6
|IV.7.11| وأمّا الكواكب الثلاثة العلوية فإنّها من وقت تشريقها من الشمس إلى المقام الأوّل طبيعتها
7
الرطوبة ومن المقام الأوّل إلى استقبالها الشمس طبيعتها الحرارة ومن ذلك الوقت إلى المقام
8
الثاني طبيعتها اليبس ومن المقام الثاني إلى دخولها تحت الشعاع طبيعتها البرودة
9
|IV.7.12| وأمّا عطارد والزهرة فإنّهما من وقت تشريقهما وهما راجعان إلى أن يستقيما طبيعتهما الرطوبة
10
ومن وقت استقامتهما إلى أن يقارنا الشمس طبيعتهما الحرارة ومن مقارنتهما الشمس وتغريبهما
11
إلى أن يقيما طبيعتهما اليبس ومن وقت رجوعهما إلى أن يقارنا الشمس طبيعتهما البرد
12
|IV.7.13| وأمّا الرأس فإنّ طبيعته الحرارة وأمّا الذنب فإنّ طبيعته البرودة وقد يحدث للكواكب
13
حالات أُ خر فتزيد أو تنقص في دلالة حرّها أو بردها أو يبسها أو رطو بتها فاعمل في قوّة طبعها
14
أو ضعفها كما ذكرنا
426
1
|IV.8.1|
الفصل الثامن في تذكير الكواكب وتأنيثها
2
|IV.8.2| إنّ التوالد يكون باجتماع الذكر والأنثى فأمّا الذكر فطبيعته الحرارة وهو فاعل وأمّا الأنثى
3
فطبيعتها الرطوبة وهي مفعول بها وللكواكب دلالة على التذكير والتأنيث فالكواكب الحارّة
4
دالّة على التذكير والكواكب الرطبة دالّة على التأنيث فالمشتري والمرّيخ والشمس لأنّ طبيعتها
5
الحرارة فهي ذكورة فأمّا زحل فإنّ طبيعته اللازمة له البرد والبرد ركن فاعل وطبيعته المختلفة
6
اليبس واليبس مجانس للحرارة فزحل دالّ على التذكير لهاتين العلّتين ولأنّ طبيعته لا حرارة فيها
7
تكون دلالته على التذكير أضعف من دلالة الكواكب الثلاثة التي ذكرنا فلهذه العلّة ربّما دلّ في
8
معنى التذكير على الخصيان والمخنّثين والذكور الذين لا ينكحون ولا يولد لهم ولا يكون لهم زرع
9
|IV.8.3| وأمّا عطارد فإنّ اليبس عليه أغلب واليبس مجانس للحرارة فعطارد ذكر ولأنّ طبيعته لا حرارة
10
فيها يدلّ على الغلمان الذين لم يحتلموا وعلى الخصيان ولأنّ اليبس ركن مفعول به يدلّ على أنّه
11
يقبل طبيعة الكواكب من التذكير والتأنيث وأمّا الزهرة فلدلالتها على الرطوبة المعتدلة صارت
12
مؤنّثة وأمّا القمر فلكثرة رطو بته صار مؤنّثا وأمّا الرأس فإنّ طبيعته الحرارة والتذكير وأمّا الذنب
13
فإنّ طبيعته البرودة والتأنيث
428
1
|IV.8.4| وهذه التي ذكرنا من تذكير الكواكب وتأنيثها هي الأشياء التي تنسب إليها الكواكب إلّا
2
أنّها ربّما اختلفت حالاتها فدلّت الذكورة على التأنيث والإناث على التذكير لاختلاف حالاتهما
3
وذلك لأنّ الكواكب المشرّقة الظاهرة وهي التي تطلع قبل الشمس دالّة على التذكير والمغرّ بة وهي
4
التي تغيب بعد الشمس دالّة على التأنيث وإذا كانت الكواكب من الطالع إلى وسط السماء أو
5
من الغارب إلى وتد الأرض في هذين الربعين الشرقيين دللن على التذكير وفي الربعين الباقيين
6
الغربيين يدللن على التأنيث وقد يختلف حالاتها في التذكير والتأنيث في مواضعها من البروج
7
وبيوت الفلك وسنذكرها فيما يستقبل
430
1
|IV.9.1|
الفصل التاسع في الكواكب النهارية والليلية
2
|IV.9.2| إنّ من الكواكب نهارية ومنها ليلية وإنّما جعلوا لها هذه الدلالات لأنّهم نظروا إلى الكواكب
3
التي تكون طبيعتها بالنهار أعدل منها بالليل فجعلوها نهارية والكواكب التي تكون طبيعتها بالليل
4
أعدل منها بالنهار فجعلوها ليلية
5
|IV.9.3| وأمّا زحل فقد ذكرنا أنّ طبيعته معتدل بالنهار فهو نهاري وأمّا المشتري فلاعتدال طبيعته
6
صار نهاريا وذلك لأنّ النهار أعدل من الليل وأمّا المرّيخ فإنّ طبيعته حارّة يابسة مفرطة وإنّما
7
يعتدل إفراط حرارته ويبسه بالليل لبرد الليل ورطو بته فالمرّيخ ليلي وأمّا الشمس فإنّها كوكب
8
نهاري وأمّا الزهرة فإنّها كوكب فيه رطوبة وطبيعة الرطوبة موافقة لطبيعة الليل فالزهرة ليلية
9
وإذا كانت مغرّ بة فإنّها تكون أقوى دلالة وأظهر سعادة لأنّ طبيعة التغريب مشاكل لطبيعة
10
الليل والتأنيث وإن كانت مشرّقة وكانت بالنهار فوق الأرض في البروج الذكورة نقص من
11
سعادتها واعتدالها لأنّها تميل إلى طبيعة الكواكب النهارية وإلى التذكير بعض الميل
12
|IV.9.4| وأمّا عطارد فإنّ اليبس عليه أغلب واليبس مجانس للحرارة والنهار حارّ فعطارد إذا انفرد وحده
13
كانت دلالته النهارية عليه أغلب وهو إذا شرق كان نهاريا وإذا غرب كان ليليا ويكون عند
14
التغريب أظهر فعلا وأقوى منه عند التشريق لأنّه عند التغريب يكون مستقيما وفي أوّل التشريق
15
يكون راجعا وهو يمازج الكواكب النهارية والليلية وينتقل إلى طبيعتها إذا قارنها أو اتّصل بها
16
|IV.9.5| وأمّا القمر فإنّه نيّر الليل وفيه رطوبة وهو ليلي بهاتين العلّتين وأمّا الرأس فإنّه نهاري وأمّا
17
الذنب فإنّه ليلي وكذلك رؤوس جوزهرات الكواكب وأذنابها
432
1
|IV.9.6| وهذه الطبائع التي للكواكب من النهارية والليلية هي لازمة لها لا تتحوّل عنها إلّا أنّ تشريق
2
الكواكب يقوّي دلالة الكواكب النهارية ويضعف دلالة الكواكب الليلية إلّا عطارد فإنّا
3
ذكرنا أنّه إذا كان مغرّ با كان أقوى لطبيعته وأدلّ على السعادة وتغريب الكواكب يقوّي دلالة
4
الكواكب الليلية ويضعف دلالة الكواكب النهارية
5
|IV.9.7| تمّ القول الرابع من المدخل
434
1
|V.1.1|
القول الخامس من كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم وفيه اثنان وعشرون فصلا
2
|V.1.2a| الفصل الأوّل في حظوظ الكواكب في البروج الفصل الثاني في علّة بيوت الكواكب على ما
3
زعم بعض أصحاب النجوم الفصل الثالث في علّة بيوت الكواكب على ما يوافق قول بطلميوس
4
الفصل الرابع في علّة بيوت الكواكب على ما يوافق قول هرمس عن غاثيذيمون الفصل
5
الخامس في علّة أشراف الكواكب على ما زعم بعض المنجّمين الفصل السادس في علّة أشراف
6
الكواكب على ما زعم بطلميوس الفصل السابع في علّة أشراف الكواكب على ما يوافق قول
7
هرمس الفصل الثامن في اختلاف حدود الكواكب وحالاتها الفصل التاسع في حدود أهل
8
مصر الفصل العاشر في حدود بطلميوس|V.1.2b| الفصل الحادي عشر في حدود الكلدانيين الفصل
9
الثاني عشر في حدود اسطراطو الفصل الثالث عشر في حدود الهند الفصل الرابع عشر في أرباب
10
المثلّثات الفصل الخامس عشر في الوجوه وأربابها على ما يوافق قول علماء فارس وبابل ومصر
11
الفصل السادس عشر في الوجوه وأربابها على ما قالت الهند ويسمّونه الدريجان الفصل السابع
436
1
عشر في نو بهر البروج وهو التسع على ما يوافق قول الهند الفصل الثامن عشر في اثني عشريات
2
البروج وأرباب كلّ درجة من كلّ برج الفصل التاسع عشر في الدرجات الذكور والإناث
3
الفصل العشرون في الدرجات النيّرة والمظلمة والقتمة والخالية الفصل الحادي والعشرون في آبار
4
الكواكب في البروج الفصل الثاني والعشرون في الدرجات الزائدة في السعادة
438
1
|V.1.3|
الفصل الأوّل في حظوظ الكواكب في البروج
2
|V.1.4| لمّا كانت البروج الاثنا عشر والكواكب السبعة هي المستعملة في الدلالة على الأشياء العامّية
3
السريعة التغيير والكون والفساد وكنّا قد ذكرنا فيما تقدّم حال كلّ واحد منها على الانفراد
4
ذكرا مرسلا فنبتدئ الآن فنذكر اشتراك الكواكب في البروج وحظوظها فيها كالبيت والشرف
5
والمثلّثات والحدود والوجوه والفرح والهبوط والو بال والدرجات الدالّة على الجودة والردائة
6
|V.1.5a| وإنّما جعل لها في البروج هذه الحظوظ على قدر مزاج طبائع المواضع لطبائع الكواكب وسائر
7
حالاتها من الصعود والهبوط وتغييرها من حال إلى حال وإظهارها طبيعتها وقوّتها في بعض
8
المواضع وضعفها في موضع آخر وكينونتها في بعض المواضع التي تشاكل طبيعتها والتي لا
9
تشاكله من الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة والتذكير والتأنيث والنهاري والليلي والسعادة
10
والنحوسة ومسامتتها لبعض الأقاليم أو بعدها منها وسائر حالات البروج والكواكب على ما
11
يستحقّ كلّ موضع من المواضع بحال ذلك الكوكب|V.1.5b| ثمّ جعلوا ترتيبه على حالات مختلفة لأنّهم
12
جعلوا بعضه على ترتيب أفلاك الكواكب بعضها فوق بعض على ما هو عليه في الطبيعة وبعضه
13
على قدر موافقة طبائع تلك المواضع لطبائع الكواكب وحالاتها كموافقة البروج المائية للكواكب
14
المائية بالطبيعة وموافقة البروج النهارية للكواكب النهارية وبعضها على قدر مضادّة بعضها لبعض
15
كمضادّة البروج والكواكب الحارّة النارية للكواكب والبروج الباردة المائية وسائر ما يشبه
16
ما ذكرنا
440
1
|V.1.6| وإنّما صيّروها كذلك ليكون لكلّ كوكب في كلّ حال من أحواله حظّ في كلّ برج من
2
البروج الاثني عشر لتمتزج دلالة الكواكب بدلالة البروج على الكون والفساد والخير والشرّ
3
فلهذه العلل صارت حظوظ الكواكب السبعة في البروج الاثني عشر
442
1
|V.2.1| الفصل الثاني في علّة بيوت الكواكب على ما زعم بعض أصحاب النجوم
2
|V.2.2| إنّ الأوائل كلّهم متّفقون على أنّ الحمل والعقرب بيتا المرّيخ والثور والميزان بيتا الزهرة والجوزاء
3
والسنبلة بيتا عطارد والقوس والحوت بيتا المشتري والجدي والدلوبيتا زحل والأسد بيت
4
الشمس والسرطان بيت القمر
5
|V.2.3| فأمّا لأيّة علّة صيّروا هذه البروج بيوتا لهذه الكواكب فإنّهم قد اختلفوا في ذلك فقال قوم
6
جهلوا كيفية الفلك والأشياء الطبيعية وحالاتها إنّ الكواكب كانت تسير في كلّ يوم على قدر
7
سيرها الوسط ليوم ولم يكن لها إ بطاء ولا رجوع حتّى ربطت إلى الشمس والقمر وكانت الشمس
8
في ذلك الوقت في خمس عشرة درجة من الأسد والقمر في خمس عشرة درجة من السرطان ثمّ
9
قبلت النجوم المتحيّرة البيوت على قدر رباطها من ناحية الشمس والقمر
10
|V.2.4| وكان رباط عطارد إحدى وعشرين درجة وثلاثين دقيقة وإنّ هذه الدرج إذا زيدت على
11
أجزاء الشمس من الأسد بلغ ستّ درجات وثلاثين دقيقة من السنبلة وإذا نقصت من أجزاء
12
القمر من السرطان إلى وراء بلغ إلى ثلاث وعشرين درجة وثلاثين دقيقة من الجوزاء
13
|V.2.5| فأمّا الزهرة فإنّ طول رباطها سبع وأربعون درجة وإحدى عشرة دقيقة وإنّه إذا زيدت
14
هذه الدرج على أجزاء الشمس ونقصت من أجزاء القمر إلى وراء بلغ الثور والميزان وطول رباط
15
المرّيخ ثمان وسبعون درجة وإنّه إذا زيدت هذه الدرج على أجزاء الشمس ونقصت من أجزاء
16
القمر بلغ الحمل والعقرب وطول رباط المشتري مائة وعشرون درجة وإنّه إن زيدت هذه الدرج
17
على أجزاء الشمس ونقصت من مكان القمر بلغ الحوت والقوس وطول رباط زحل مائة
18
وستّ وثلاثون درجة وإنّ هذه الدرج إذا زيدت على أجزاء الشمس ونقصت من أجزاء القمر
444
1
بلغ الجدي والدلو وقالوا إنّما زدناه على أجزاء الشمس ونقصناه من مكان القمر لأنّ الشمس
2
نهارية والقمر ليلي فزعم هؤلاء القوم أنّه لهذه العلّة جعلت هذه البروج بيوتا لهذه الكواكب
3
|V.2.6| وهذا قول فاسد لأنّهم إن كانوا عنوا بهذا الرباط درج تعاديلها فموجود أنّ تعاديل الكواكب
4
العلوية إنّما هي درج قليلة ورباطها فيما ذكر هؤلاء درج كثيرة متباينة التفاوت لدرج تعاديلها
5
وإن كانوا إنّما عنوا بها الدرج التي إذا كان مثلها بين الشمس والكواكب الخمسة تغيّرت
6
أشكالها إلى الرجوع أو الاستقامة فقد كان ينبغي أن يكون ذلك على قدر أوسط الدرج التي
7
ترجع فيها الكواكب إذا كانت من الشمس على قدر ذلك البعد
8
|V.2.7| ونحن نجد خلاف ذلك لأنّ زحل لا يرجع ولا يستقيم إلّا إذا كان بينه وبينها أقلّ من
9
تلك الدرج التي ذكروا بشيء كثير والمرّيخ لا يرجع ولا يستقيم إلّا إذا كان بينه وبينها أكثر
10
من تلك الدرج والمشتري والزهرة وعطارد ربّما رجعوا واستقاموا وبينها وبين الشمس دون
11
تلك الدرج وإن كان جعل الرباط على قدر غاية بعدها من الشمس فقد كان ينبغي أن يجعل
12
رباط الكواكب العلوية كلّها مائة وثمانين درجة وأيضا فكما جعلوا رباط الكوكبين السفليين على
13
قدر درج تعاديلها فكذلك كان ينبغي أن يجعل رباط الكواكب العلوية على قدر درج تعاديلها
14
ولكنّهم إنّما جعلوا هذه الدرج على قدر ما علموا إنّه يقع في بعض المواضع من بيوتها فليست إذن
15
علّة بيوت الكواكب ما ذكروا
446
1
|V.2.8| وأمّا قوم آخرون فإنّهم اعتلّوا في بيوت الكواكب بعلل آخر لم يمنعنا من ذكر أقاو يلهم إلّا أنّه
2
هذيان وخرافة وقد جهل كلّ هؤلاء حالات الكواكب والأشياء الطبيعية لأنّ الفلك وما فيه
3
من الكواكب لم تختلف حركتها ولا حالها عمّا كانت عليه وهي كلّها تتحرّك حركة طبيعية مستوية
4
لا يزيد سيرها في ذاتها في يوم من الأيّام على سيرها في غير ذلك اليوم والذي يوجد عندنا من
5
اختلاف سيرها إنّما هو لكثرة أفلاكها ولمخالفة حركة كلّ فلك لصاحبه وذلك ظاهر بيّن عند
6
من نظر في العلوم العلوية
7
|V.2.9| فأمّا هرمس وبطلميوس صاحب كتاب الأحكام فإنّهما بيّنا علّة بيوت الكواكب وسنذكر
8
ذلك إن شاء اللّه
448
1
|V.3.1|
الفصل الثالث في علّة بيوت الكواكب على ما يوافق قول بطلميوس
2
|V.3.2| إنّ الكواكب السبعة لها الدلالة على الأشياء السريعة الكون والفساد في هذا العالم والنيّران هما
3
أعمّ دلالة على الأشياء الكائنة والفاسدة من غيرهما
4
|V.3.3| فأمّا القمر فهو أقرب الكواكب إلينا وأسرعها حركة وأكثرها انتقالا في البروج واختلاف
5
حال فلذلك صارت حالاته أشبه بحالات الأشياء السريعة الكون والفساد والكواكب أظهر
6
ما يكون فعلا عند المسامتة وأقرب الأ براج إلينا مسامتة الجوزاء والسرطان فأمّا الجوزاء فهو
7
برج ذكر وهو البرج الذي إذا كانت الشمس فيه كانت نهاية الزمان الربيعي فهو بالتذكير وبأنّه البرج
8
الذي ما دامت الشمس فيه كان آخر الفصل غير موافق لطبيعة القمر فأمّا السرطان فإنّه برج أنثى
9
وهو البرج الذي إذا دخلته الشمس كان ابتداء الزمان الصيفي وهو رطب الطبيعة مؤنّث
10
والقمر كوكب أنثى رطب دالّ على الابتدائات والسرطان أقرب البروج المؤنّثة لنا مسامتة
11
والقمر أقرب الكواكب إلينا فالسرطان والقمر متّفقان بالرطوبة وبالتأنيث وبالدلالة على الابتداء
12
وبالقرب منّا فلهذه العلل الأربعة جعل السرطان بيت القمر
13
|V.3.4| فأمّا الشمس فبطلوعها يسخن ويحرّ الهواء وبكينونتها في السرطان والأسد والسنبلة يكون
14
الصيف إلّا أنّه أظهر ما تكون طبيعة الصيف والحرّ واليبس وأشدّه إذا كانت الشمس في
15
الأسد وهو برج ذكر حارّ يابس والشمس دالّة بطبيعتها على الحرارة واليبس والتذكير والأسد
16
وسط زمان الصيف والشمس وسط الكواكب السبعة فالشمس والأسد متّفقان بالحرارة
17
واليبس وبالتذكير وبتوسّط الأفلاك وزمان الصيف فلهذه العلّة صار الأسد بيت الشمس
450
1
|V.3.5| وعلّة أخرى أيضا أنّ الشمس لمّا كانت نيّرة النهار والقمر نيّر الليل وهما يتعاقبان في الدلالة
2
على الكون والحياة والابتدائات ومن اجتماعهما يستدلّ على ما يكون في العالم إلى استقبالهما
3
وكذلك يستدلّ من استقبالهما إلى اجتماعهما والاجتماع والاستقبال إنّما يكونان بسرعة حركة
4
القمر وسيره إلى الشمس وأظهر ما يكون فعلهما وطبيعتهما في الدلالات على ما يحدث في هذا
5
العالم إذا صارا في هذين البرجين المسامتين لنا جعل السرطان البرج المنقلب الرطب المؤنّث
6
المسامت لرؤوسنا الدالّ على ابتداء الزمان للكوكب الموافق له بطبيعة الرطوبة والتأنيث وسرعة
7
الانتقال من برج إلى برج وبالدلالة على الابتداء وهو القمر وجعل البرج الحارّ اليابس الذكر
8
النهاري الذي يتلو السرطان وهو الأسد للكوكب الحارّ اليابس الذكر النهاري الموافق له بطبيعته
9
وهي الشمس
10
|V.3.6| فلمّا جعل السرطان والأسد بيتي النيّرين الدالّين على الكون والنشوء وهذين البرجين لزمان
11
الصيف جعل الجدي والدلوبيتي زحل لأنّ هذين البرجين لزمان الشتاء والبرد وزحل بارد يابس
12
وطبيعته مخالفة لطبيعة النيّرين مضادّة لهما وفلكه أعلى الأفلاك فلذلك بدئ بعد النيّرين به وجعل
13
بيتاه مضادّين لبيتي النيّرين
14
|V.3.7| فأمّا المشتري فإنّه دالّ على الاعتدال وفلكه يلي فلك زحل فجعل البرجان اللذان يليان بيتي
15
زحل للمشتري وهما القوس والحوت وصارا من بيتي النيّرين في مكان تثليث ومودّة
452
1
|V.3.8| وأمّا المرّيخ فإنّه نحس حارّ وفلكه يلي فلك المشتري فجعل بيتاه يليان بيتي المشتري وهما
2
العقرب والحمل وصارا من بيتي النيّرين في مكان تربيع ونحوسة
3
|V.3.9| فأمّا الزهرة فإنّ طبيعتها الاعتدال وفلكها يلي فلك الشمس فجعل بيتاها يليان بيتي المرّيخ وهما
4
الميزان والثور وصارا من بيتي النيّرين في مكان تسديس ومودّة
5
|V.3.10| وأعطي البرجان الباقيان عطارد وهما الجوزاء والسنبلة
6
|V.3.11| ولأنّ النيّرين أظهر الكواكب فعلا في هذا العالم جعلوا نصف الفلك للشمس وهو من
7
الأسد إلى آخر الجدي والنصف الآخر للقمر وهو من أوّل الدلو إلى آخر السرطان ليكون لكلّ
8
واحد من النيّرين شركة مع كلّ كوكب في أحد بيتيه الذي في نصف الفلك المنسوب إلى
9
ذلك النيّر
454
1
|V.4.1|
الفصل الرابع في علّة بيوت الكواكب على ما يوافق قول هرمس عن غاثيذيمون
2
|V.4.2a| إنّا لمّا أردنا أن نعلم بيوت الكواكب السبعة من البروج الاثني عشر نظرنا فوجدنا لكلّ كوكب
3
من الكواكب الخمسة شكلين وبعدين مختلفين كالتشريق والتغريب والرجوع والاستقامة ولم
4
نجد لكلّ واحد من النيّرين إلّا شكلا واحدا لأنّ الشمس لا تشريق لها ولا تغريب والقمر لا
5
رجوع له فاستدللنا بما وجدنا من حالات الكواكب الخمسة أنّ لكلّ واحد منها بيتين كلّ بيت
6
منهما موافق لأحد شكليه وأنّ لكلّ واحد من النيّرين بيتا واحدا موافقا لشكله وأنّهما أقوى
7
الكواكب لأنّ كلّ ما ثبت وبقي على شكل واحد كان أقوى له وأثبت لصورته وكلّ ما داخله
8
التغيير وتبديل الأشكال كان أضعف له|V.4.2b| إلّا أنّ الأوائل كانت تسمّى القمر كوكب الشمس
9
لأنّ كلّ كوكب من هذه الكواكب الخمسة غير محتاج إلى نور غيره لأنّ له تشريقا وتغريبا بنور
10
نفسه والقمر لا نور له عند تشريقه وتغريبه وسائر حالاته إلّا بالشمس وهو المستمدّ منها نورها ولا
11
قوام للمادّة بلا صورة ولا تظهر الصورة شيئا بلا مادّة والمادّة مضطرّة إلى الصورة والصورة هي
456
1
التي تترأ ّ س على الطبيعة والقمر هو المادّة والشمس هي الصورة ولا يظهر فعل القمر إلّا بالشمس
2
فلذلك سمّوه كوكب الشمس فحيث ما كان للشمس من حصّة فحصّة القمر تتبعها فبيت القمر
3
مقرون إلى بيت الشمس وشرف القمر بعد شرف الشمس ويوم القمر بعد يوم الشمس وقسمة
4
القمر بعد قسمة الشمس
5
|V.4.3a| فإذا تقدّمت لنا هذه الأشياء ابتدأنا في قسمة بيوت الفلك على الكواكب من اتّفاق الجواهر
6
لأنّ كلّ جوهر مقوّ لجوهريته موافق ممازج له ومفسد لضدّه والدليل على ذلك أنّه لا قوام للنار
7
بمجاورة الماء لأنّ كلّ واحد منهما مفسد لصاحبه فأمّا النار فهي مقوّية ملائمة للنار والحرارة
8
الكلّية التي في هذا العالم إنّما هي من الشمس|V.4.3b| وقد ذكرنا في القول الثاني من كتابنا هذا أنّه عند
9
كونها في خمس عشرة درجة من الأسد أقوى ما تكون الحرارة واليبس في هذا العالم فأولى
10
بيوت الفلك بها الأسد لملائمة أحدهما للآخر بالطبيعة وأقوى ما يكون في خمس عشرة درجة
11
منه فلمّا عرفنا بيت الشمس ومكان قوّتها منه بدأنا ببيت القمر الذي هو مقرون بالشمس
12
وسمّينا كلّ ثلاثين درجة التي هي مقدار البرج الواحد سهما من السهام ثمّ ألقينا ثلاثين درجة من
13
خمس عشرة درجة من الأسد إلى الجانب الأيمن والأيسر فوقع أحد السهمين في خمس عشرة
14
درجة من السرطان والآخر في خمس عشرة درجة من السنبلة فعلمنا أنّ أولى المواضع بالقمر
15
البرج الملائم لطبيعته المقوّي لها البارد الرطب فصار السرطان بيت القمر وصارت قوّته في خمس
16
عشرة درجة منه
458
1
|V.4.4a| فلمّا أن فرغنا من بيتي الشمس والقمر نظرنا إلى الفلك الذي يتلو فلك القمر فوجدناه فلك
2
عطارد فألقينا السهمين من خمس عشرة درجة من الأسد وخمس عشرة درجة من السرطان إلى
3
وراء فوقع أحدهما في خمس عشرة درجة من الجوزاء وهو الجانب الأيمن ووقع الآخر في خمس
4
عشرة درجة من السنبلة وهو الجانب الأيسر فصارت الجوزاء والسنبلة بيتي عطارد ثمّ وجدنا فلك
5
الزهرة يتلو فلك عطارد فألقينا السهمين من بيتي عطارد يمنة ويسرة فوقعا في خمس عشرة درجة
6
من الثور وفي مثلها من الميزان فصارا بيتي الزهرة|V.4.4b| ثمّ وجدنا فلك الشمس يتلو فلك الزهرة وقد
7
بيّنّا موضعها وبيتها ووجدنا فلك المرّيخ يتلو فلك الشمس فألقينا السهمين من بيتي الزهرة يمنة
8
ويسرة فوقعا في خمس عشرة درجة من العقرب وفي مثلها من الحمل فصارا بيتي المرّيخ ووجدنا
9
فلك المشتري يتلو فلك المرّيخ فألقينا السهمين من بيتي المرّيخ يمنة ويسرة فوقع أحدهما في خمس
10
عشرة درجة من القوس والآخر في مثلها من الحوت فصارا بيتي المشتري ووجدنا فلك زحل
11
يتلو فلك المشتري فألقينا السهمين من الجانب الأيمن والأيسر من بيتي المشتري فوقع أحدهما في
12
خمس عشرة درجة من الجدي والآخر في مثلها من الدلو فصارا بيتي زحل فعلى هذه الجهة قسم
13
غاثيذيمون بيوت الفلك
14
|V.4.5| ومن قوّة هذه القسمة وحقيقتها أنّه صار بيتا زحل الذي هو أنحس كواكب الفلك وأدلّها
15
على الفساد في استقبال بيتي النيّرين الدالّين على الكون والنشوء وصار بيتا المرّيخ الذي دونه في
16
النحوسة على تربيع بيتيهما لأنّ نحوسة التربيع دون المقابلة ولأنّ التثليث والتسديس من قسمة
17
السعود والتثليث أقوى من التسديس والمشتري أسعد من الزهرة صار بيتا المشتري على تثليث
460
1
بيتي النيّرين وبيتا الزهرة على تسديس بيتيهما ووجدنا وتر عطارد يبلغ قريبا من ثلاثين جزئا وهو
2
في السعادة دون الزهرة فصار بيتا عطارد يليان بيتي النيّرين على قدر نصف التسديس بالتقريب
3
|V.4.6| وقد جعل قوم بيوت الكواكب على قدر تضادّ طبائع بعضها لبعض وذلك لأنّ الشمس
4
والقمر موصوفان بأنّهما نيّرا العالم وزحل موصوف بالظلمة والظلمة في كلّ حين ضدّ النور والنور
5
ضدّ الظلمة فلذلك جعل بيتا زحل في استقبال بيتي النيّرين
6
|V.4.7| فأمّا المشتري فإنّه دليل المال والعقار وعطارد دليل العلم والبيان والحكمة وطالب العلم
7
مستخفّ مستهين بالمال وطالب المال مستهين بالعلم لأنّ شهوة المال والغناء ضدّ شهوة العلم والبيان
8
فجعل بيتا أحدهما ضدّ بيتي الآخر وأمّا المرّيخ فإنّه دليل الحرب والقتال والفزع والخوف والزهرة
9
دليلة الدعة والشهوات واللذّات والفرح في كلّ حين ضدّ للفزع والقتال والخوف فلذلك جعل
10
بيتا أحدهما في مقابلة بيتي الآخر
11
|V.4.8| فكلّ الأوائل إنّما قسمت البيوت على واحدة من هذه الجهات الأربع اللواتي ذكرنا لأنّ
12
بعضهم بدأ في قسمة البيوت بالنيّرين ثمّ بالفلك الذي يلي فلك القمر ثمّ صاعدا حتّى انتهى
13
إلى فلك زحل كما حكى هرمس عن غاثيذيمون وبعضهم بدأ بالنيّرين ثمّ بزحل كما عمله بطلميوس
14
وبعضهم جعل للنحوس استقبال بيتي النيّرين وتربيعهما وللسعود التثليث والتسديس وجعل
15
بيتي عطارد عن جانبي النيّرين وبعضهم جعله على قدر تضادّ طبائع بعضها لبعض وكلّ هذه
16
القسمة تؤول إلى شيء واحد
462
1
|V.4.9| ولتضادّ طبائع تلك الكواكب التي ذكرنا صار سابع بيت كلّ كوكب وباله ولأنّ قسمة
2
بيوت الكواكب إنّما يبدأ بها من بيوت النيّرين لأنّهما أقوى كواكب الفلك صار للشمس
3
حصّة في كلّ برج ذكر وللقمر حصّة في كلّ برج أنثى وليست الكواكب الخمسة كذلك لأنّه إنّما
4
يكون للكوكب الواحد حصّة في كلّ بيتيه الذكر والأنثى
5
|V.4.10a| ولقوّة النيّرين وإنّ لكلّ واحد منهما شكلا واحدا وبيتا واحدا صار كلّ واحد منهما في
6
بيته يدلّ على شكل الاعتدال والتركيب والنشوء فأمّا الكواكب الخمسة فإنّها خلاف ذلك
7
لأنّ لكلّ واحد منها شكلين وبعدين فهو في أحد بيتيه يدلّ على شكل الاستقامة والتشريق
8
والصلاح والاعتدال وفي البيت الآخر يدلّ على شكل الرجوع والتغريب ونقصان الاعتدال
9
فزحل في الجدي يدلّ على شكل الرجوع والتغريب لاتّفاق بردهما ويبسهما وفي الدلو يدلّ على
10
شكل الاستقامة والتشريق لحرارة الدلو ورطو بته|V.4.10b| والمشتري في القوس يدلّ على شكل الاستقامة
11
والتشريق وفي الحوت يدلّ على شكل الرجوع والتغريب والمرّيخ في العقرب يدلّ على شكل
12
الاستقامة لممازجة رطوبة العقرب وبردها ولحرارة المرّيخ ويبسه وفي الحمل يدلّ على شكل
13
الرجوع لاجتماع حرارتيهما ويبسيهما والزهرة في الثور تدلّ على شكل الصلاح والاستقامة
14
والتغريب لأنّ التغريب أوفق لها وفي الميزان تدلّ على شكل الرجوع وأوّل التشريق وعطارد
15
في السنبلة يدلّ على شكل الاستقامة والتغريب وفي الجوزاء يدلّ على شكل الرجوع والتشريق
16
|V.4.11| وقد استخرجت الأوائل لبيوت الكواكب سهما من النيّرين ومن بيتيهما وسمّوه سهم
17
طبيعة الكواكب وهو أن تحسب في أيّ وقت شئت من درجة الشمس إلى خمس عشرة
464
1
درجة من الأسد بالدرج المستوية فما بلغ فزد عليه ما سار القمر في برجه وألقه من برج القمر
2
فحيث نفذ العدد فهناك هذا السهم ثمّ خذ في ذلك الوقت من درجة القمر إلى خمس عشرة
3
درجة من السرطان فما بلغ فزد عليه ما سارت الشمس في برجها وألقه من برج الشمس فحيث
4
انتهى حسابك فهناك هذا السهم الآخر واعلم أنّه لا يتّفق واحد منهما في أحد بيتي كوكب إلّا
5
وقع الآخر في بيته الآخر وإن وقع أحد السهمين في بيت أحد النيّرين وقع السهم الثاني في بيت
6
النيّر الآخر
466
1
|V.5.1|
الفصل الخامس في علّة أشراف الكواكب على ما زعم بعض المنجّمين
2
|V.5.2| إنّ للكواكب السبعة شرفا وهبوطا في البروج الاثني عشر وكلّ العلماء بصناعة النجوم متّفقون
3
على أنّ شرف الشمس في الدرجة التاسعة عشرة من الحمل وشرف القمر في الدرجة الثالثة من
4
الثور وشرف المشتري في الدرجة الخامسة عشرة من السرطان وشرف عطارد في الدرجة الخامسة
5
عشرة من السنبلة وشرف زحل في الدرجة الحادية والعشرين من الميزان وشرف المرّيخ في الدرجة
6
الثامنة والعشرين من الجدي وشرف الزهرة في الدرجة السابعة والعشرين من الحوت وشرف
7
الرأس في ثلاث درجات من الجوزاء وشرف الذنب في ثلاث درجات من القوس ودرجة
8
هبوط كلّ كوكب في مقابلة برج شرفه في مثل درجة الشرف
9
|V.5.3| فأمّا لأيّة علّة خصّت هذه البروج وهذه الدرج المسمّاة منها بشرف كلّ كوكب دون
10
غيرها من درج ذلك البرج فذلك شيء قد اعتاص علمه على عامّة المتقدّمين والمتأخّرين وقد
11
ذكر بطلميوس علّة شرف الكواكب في البروج ذكرا مرسلا ولم يذكر علّة درجها من أ براجها
12
فأمّا هرمس فإنّه ذكر علّة شرف الكواكب في البروج وحقيقة درجها على الاستقصاء وسنذكر
13
قولهما فيما يستقبل
14
|V.5.4| فأمّا قوم من المدّعين لعلل علم صناعة الأحكام ممّن عمي عليهم معرفة طبائع الأجرام العلوية
15
وحركاتها وعلل الكون والفساد فإنّهم اعتلّوا في ذلك بأن قالوا إنّ هذه الكواكب السبعة
468
1
جعلت في بروج أشرافها في الدرجة المنسوبة إليه بالشرف ومن تلك الدرجة ابتدأت بالحركة في
2
أوّل ما سارت وكان كلّ كوكب يسير في كلّ يوم على قدر سيره الوسط ليوم فمكثت زمانا طو يلا
3
تسير على تلك الحال ثمّ ربطت إلى النيّرين وهما في الأسد والسرطان وكان طول رباطهما
4
على قدر الدرج التي ذكرنا فيما تقدّم فصارت درجة شرف الكواكب هي الموضع الذي ابتدأت
5
منه بالحركة في أوّل كونها وصارت بيوتها على قدر طول رباطها من الشمس والقمر
6
|V.5.5| فأمّا ما ذكروا من أنّ علّة بيوت الكواكب إنّما صارت على قدر طول رباطها من النيّرين فقد
7
ذكرنا فساده في الفصل الثاني من هذا القول
8
|V.5.6a| وأمّا ما ذكروا من أنّها كوّنت في درج أشرافها وابتدأت بالحركة من تلك الدرج وكانت تسير
9
في كلّ يوم بسير أوساطها ثمّ ربطت إلى الشمس والقمر فاختلف سيرها وصار لها رجوع فإن
10
كان الصانع البارئ تبارك وتعالى أنشأ هذه الكواكب السبعة في ابتداء كونها في درج أشرافها
11
من بروجها على الحال والحركة التي زعموا ثمّ أراد أن يغيّر حركاتها عمّا كانت عليه فربط هذه
12
الخمسة بالنيّرين فلم خصّت هذه الخمسة بالرجوع والاستقامة لسبب ذلك الرباط ولم يكن للشمس
13
والقمر رجوع وهما مربوطان بها أيضا|V.5.6b| وكما أنّ الكواكب أجرام لها ألوان وهي ترى بألوانها فكذلك
14
ينبغي أن يكون رباطها أجساما لها ألوان مرئية أو لأيّة علّة لم يجعل الصانع عزّ وجلّ لها
470
1
هذه الحركات المختلفة من غير أن يربطها بهما لأنّه كما أمكن أن ينشئها في الابتداء فكذلك كان
2
يمكنه أن يغيّر من حركاتها ما شاء أيّ وقت شاء من غير أن يربطها بغيرها فإن كان لم يمكنه
3
ذلك إلّا بالرباط فهو عاجز عنها وهذا قول لا يعتقده إلّا جاهل لا يعرف قدرة اللّه على الأشياء
4
جلّ وتعالى عمّا يقول المبطلون
5
|V.5.7a| وأيضا فإن كانت هذه الكواكب الخمسة إنّما اختلفت سيرها وصار لها رجوع لأنّها ربطت
6
بالشمس والقمر فقد كان ينبغي أن يكون سير الشمس والقمر في كلّ يوم مثل سير الوسط لأنّه
7
لا رجوع لهما ونحن قد نجد لهما اختلاف مسير وكلّ ما ذكرنا دليل على بطلان قولهم وتكذيبهم
8
وقد يكذب هؤلاء أيضا فيما ادّعوا من علّة درجة شرف الكواكب وبيوتها واختلاف سيرها
9
ورجوعها كلّ الفلاسفة والعلماء بصناعة النجوم من أهل فارس والهند واليونانيين|V.5.7b| وبعضهم
10
يقول إنّ الكواكب السبعة ابتدأت بالحركة من أوّل الحمل فسارت على حالها التي هي عليها الآن
11
وعلى ذلك يقومون الكواكب وكلّهم متّفقون على أنّ سيرها لم يتغيّر عمّا كانت عليه وإنّها لم
12
تختلف عن حالها ولا عن حركتها التي لم تزل عليها وإنّ لكلّ واحد منها على حدته خاصّية في ذاته
472
1
ولونه وحركته والعلّة التي لها خصّ كلّ واحد منها بحال لا يزول عنه وهو مخالف بها صاحبه
2
هي أن ينفعل عن حركته التي خصّ بها من الكون والفساد في هذا العالم خلاف ما ينفعل عن
3
حركة غيره
474
1
|V.6.1|
الفصل السادس في علّة أشراف الكواكب على ما زعم بطلميوس
2
|V.6.2| قال بطلميوس صاحب كتاب الأحكام إنّا لمّا وجدنا الشمس إذا كانت في الحمل ابتدأت بالصعود
3
إلى الشمال وإلى سمت رؤوسنا وزاد طول النهار على الليل وزادت طبيعة الحرّ وإذا صارت في
4
الميزان نقص النهار عن الليل وانحطّت إلى الجنوب فلذلك جعل الحمل شرف الشمس والميزان
5
الذي هو خلاف الحمل ونظيره جعل هبوطها
6
|V.6.3a| وأمّا زحل فإنّ طبيعته باردة فلبرد طبيعته يضادّ طبيعة الشمس الحارّة لأنّ الحرّ إذا زاد
7
نقص البرد والبرد إذا زاد نقص الحرّ فجعل الميزان شرف زحل والحمل هبوطه خلاف ما جعلوه
8
للشمس وجعل الثور شرف القمر لأنّ الشمس إذا كانت في الحمل وكان القمر في الثور كان
9
أوّل ما يظهر ضوئه وهو أيضا أوّل تثليث القمر وجعلوا هبوطه العقرب لأنّه نظير شرفه وجعلوا
10
السرطان شرف المشتري لأنّ المشتري بطبيعته دالّ على رياح الشمال المعتدلة فإذا كان في
11
السرطان تنشؤ رياح الشمال المنشئة المنبتة بإذن اللّه وتقوى طبيعة المشتري وجعلوا الجدي
12
هبوطه لأنّه نظير شرفه|V.6.3b| وجعلوا الجدي شرف المرّيخ لأنّ الجدي جنوبي وهو نظير شرف المشتري
13
ولأنّ طبيعة المرّيخ محرقة جنوبية فإذا صار فيه قو يت حرارته وجعلوا السرطان هبوطه لأنّه نظير
14
شرفه وجعلوا الحوت شرف الزهرة لأنّ طبيعة الحوت الرطوبة وفيه تبتدئ رطوبة زمان الربيع
476
1
والزهرة رطبة وإذا صارت فيه قو يت رطو بتها وجعلوا السنبلة هبوطها لأنّها نظير شرفها وجعلوا
2
السنبلة شرف عطارد لأنّ السنبلة برج فيها يبتدئ يبس زمان الخريف وطبيعة عطارد إلى اليبس
3
ما هي فإذا صار فيها قوي يبسه وجعلوا الحوت هبوطه لأنّه نظير شرفه
478
1
|V.7.1|
الفصل السابع في علّة أشراف الكواكب على ما يوافق قول هرمس
2
|V.7.2| إنّ الأشياء التي لها ابتداء هي في أوّل ابتدائها في إقبال وزيادة وفي وسطها أقوى وأشدّ ما تكون
3
وفي آخرها تكون مدبرة ضعيفة والدليل على ذلك أنّ كلّ مطبوع من حيوان أو نبات فإنّه في
4
حداثته يكون مقبلا زائدا وفي وسطه أقوى ما يكون وفي آخره يكون مدبرا ضعيفا فلذلك يقال
5
إنّ كلّ كوكب في ابتداء البروج يكون مقبلا زائدا وفي وسطها أقوى ما يكون وفي آخرها يكون
6
مدبرا ضعيفا وكذلك هي في أوّل تشريقها واستقامتها ووسطها وآخرها
7
|V.7.3a| فقد تبيّن لنا بهذه الصفة أنّ قوّة الكواكب في أنصاف البروج وقد كنّا ذكرنا في القول
8
الثاني أنّ الحمل والسرطان هما البرجان المقبلان الزائدان لزيادة النهار فيهما وارتفاع الشمس
9
علينا وأنّ الميزان والجدي هما المدبران الناقصان لنقصان النهار فيهما وانخفاض الشمس عنّا
10
فعلمنا أنّ أولى الأماكن بشرف السعود البرجان الزائدان المقبلان وإنّ أولى الأماكن
11
بشرف النحوس البرجان الناقصان المدبران لأنّه لا يكون شرف كوكبين في برج واحد
480
1
كما أنّه لا يكون برج واحد بيتا لكوكبين|V.7.3b| فلمّا وجدنا الشمس إذا صارت في الحمل ابتدأت
2
بالصعود وزيادة النهار على الليل علمنا أنّ أولى الأماكن بشرف الشمس الحمل وفي خمس عشرة
3
درجة منه أقوى ما يكون وقد بيّنّا في الفصل الرابع من هذا القول أنّ القمر مقرون بالشمس
4
وحصّة القمر بعد حصّة الشمس فعلمنا أنّ برج شرف القمر الثور لأنّه يتلو برج شرف الشمس
5
|V.7.4| ووجدنا ضدّ الضياء الظلمة والشمس لها الضياء والنور وزحل له الدلالة على الظلمة فأولى
6
الأماكن بشرف زحل ضدّ الموضع الذي يشرف فيه الشمس وهو الميزان وأقوى ما يكون في
7
خمس عشرة درجة منه ووجدنا الموضع الذي ينتهي فيه النقصان الجدي فعلمنا أنّ شرف
8
النحس الثاني فيه وقوّته في خمس عشرة درجة منه وقد علمنا أنّه ليس بعد النيّرين كوكب
9
أسعد من المشتري ولا مكان أقوى بعد الحمل من السرطان فقد تبيّن لنا أنّ شرف المشتري فيه
10
وقوّته في خمس عشرة درجة منه
11
|V.7.5a| فلمّا عرفنا أشراف هذه الكواكب الخمسة ومكان قوّتها من تلك البروج أردنا أن نعلم شرف
12
الكوكبين الباقيين وقوّتهما وقد تقدّم قولنا أنّه لا يكون برج واحد شرفا لكوكبين ووجدنا الزهرة
13
لا تتباعد عن الشمس أكثر من سبع وأربعين درجة ودقائق وهي كوكب رطب مؤنّث وقد
14
علمنا أنّ الثور شرف القمر وأنّ الحوت لرطو بته وتأنيثه أولى بالزهرة من الجوزاء فصارت قوّة
15
الزهرة في خمس عشرة درجة من الحوت وصارت قوّة عطارد في خمس عشرة درجة من السنبلة
482
1
على مثلّثة الثور|V.7.5b| وإنّما جعلناه على مثلّثة الثور لأنّ عطارد لا يتباعد عن الشمس أكثر من
2
سبع وعشرين درجة ودقائق وهو كوكب فيه يبس على طبيعة أوّل زمان الخريف والثور برج
3
مشاكل لعطارد بطبيعة اليبس وبقربه من شرف الشمس إلّا أنّ الثور قد صار شرف القمر
4
فأولى البروج بشرف عطارد السنبلة وأقوى ما يكون في خمس عشرة درجة منها لأنّها تشاكله
5
باليبس وبطبيعة أوّل زمان الخريف وأنّ طول نهارها وطر يقتها في الفلك مثل طول نهار
6
الحمل وطريقته فلاتّفاق طريقتها للحمل الذي هو شرف الشمس وأنّ ممرّها في الفلك في طول
7
النهار ممرّ واحد صارت السنبلة بطبيعتها أقرب إلى الحمل من الثور|V.7.5c| وأيضا كما جعلنا شرف زحل
8
في البرج الذي هو ضدّ شرف الشمس لمخالفة أحدهما لصاحبه فكذلك جعلنا شرف عطارد في
9
خلاف شرف الزهرة لأنّ الموضع الذي يتّضع فيه الزهرة هناك شرف عطارد لمضادّة الحكمة للهو
10
والطرب
11
|V.7.6| فلمّا عرفنا البيوت التي تشرف فيها هذه الكواكب وقوّة كلّ كوكب منها من ذلك البرج
12
أردنا معرفة حدّ درجة الشرف في برج برج لكلّ كوكب فعدنا إلى ما كنّا ذكرناه في القول
13
الثاني أنّ الابتداء بالقسمة من الشمس ومن نصف النهار ومن أوّل الحمل ومن خطّ الاستواء
14
ومن وسط السماء لأنّ الشمس تتصاعد عند دخولها الحمل ويبتدئ النهار بالزيادة والنهار علّة
15
الليل ونصف النهار هو أقوى أزمان النهار وأيضا فإنّ مطالع طوالع العالم يختلف عليهم
484
1
|V.7.7| فأمّا موضع خطّ الاستواء فإنّ مطالع البروج في طالعهم ووسط سمائهم يكون ممرّا واحدا وبمثل
2
تلك البرج يكون ممرّ البروج في وسط سماء العالم كلّها وكذلك درجة شرف الكواكب إنّما هي
3
للعالم كلّهم بحال واحدة فلهذه العلل صار الابتداء بالقسمة من موضع الفلك المستقيم ومن
4
وسط السماء وقد علمنا أنّه إذا كان أوّل دقيقة من الحمل في وسط السماء على خطّ الاستواء
5
كانت أوّل دقيقة من السرطان طالعة فلذلك قال الأوّلون إنّ السرطان طالع العالم وأولى البروج
6
أن يكون طالعا في ابتداء نشوء العالم الدرجة التي فيها شرف المشتري من السرطان
7
|V.7.8| فإذا كانت الدرجة الخامسة عشرة من السرطان طالعة على خطّ الاستواء كانت الدرجة
8
الثامنة عشرة من الحمل في وسط السماء وإذا كانت الشمس في خمس عشرة درجة من الحمل
9
كانت زائلة وإذا كانت هي والمشتري في الأوتاد كانت الشمس في تسع عشرة درجة من الحمل
10
فأولى الدرج والمواضع بشرف الشمس الدرجة التاسعة عشر من الحمل وقد علمنا أنّه ليس من
11
علل الفلك شيء ئلّا [*]ئلّا corrupt for إلّا وهو بأحكام وتدبير ومن أحكام التدبير أن يكون المشتري في طالع العالم
12
|V.7.9a| وإذا كان كذلك كان موازيا لدرجة المرّيخ وكان كلّ واحد منهما مفسدا لطبيعة صاحبه
13
ناقصا عن نهاية دلالته وإنّما معنى درجة شرف الكوكب موضع غاية إظهار طبيعته من ذلك
14
البرج وبلوغه نهاية دلالته على السعادة فإذا أردنا أن نجعل لبعد ما بينهما درجا معلومة
486
1
فاستدللنا عليه من قدر بعد الكواكب من الشمس لأنّه على قدر بعدها منها يضاف إليها كثير
2
من حالاتها|V.7.9b| فوجدنا كلّ كوكب يكون بينه وبينها أقلّ من اثنتي عشرة درجة يكون ضعيفا
3
وبعضها ربّما لم ير حتّى يتباعد عنها اثنتي عشرة درجة فسمّينا هذه الدرج قدر البعد ثمّ زدناه
4
على مكان المرّيخ بمطالع الفلك المستقيم فوقع في الدرجة السابعة والعشرين ولو نقصناه لوقع في
5
الدرجة الرابعة منه في موضع الزوال والضعف وكان مع ذلك يكون بطبيعته النحسة ذاهبا إلى
6
موازاة السعد مفسدا له فزدناه عليه ليكون درجة الشرف في الموضع الذي يكون الكوكب فيه
7
في الوتد مقبلا قو يّا مظهرا لطبيعته
8
|V.7.10| وأمّا الزهرة فلتضادّ برج شرفها لبرج شرف عطارد بطبيعة الزمان ومخالفتها له بالدلالة
9
وإفساد أحدهما دلالة الآخر إذا كانا متوازيين عملنا بها كعملنا بالمرّيخ في زيادة قدر البعد على
10
مكانها في نصف الحوت فوقع في ثمان وعشرين درجة منه وإذا كانت النحوس أقلّ درجا
11
من السعود كانت ذاهبة إليها مضرّة بها ناقصة عن قواها فأولى الدرج بشرف المرّيخ الدرجة
12
الثامنة والعشرون من الجدي وأولى الدرج بشرف الزهرة الدرجة السابعة والعشرون من الحوت
13
وإذا كانت الزهرة كذلك كانت قريبة من وتد العاشر وذلك الموضع لدلالتها على السعادة
488
1
موافق لطبيعتها السعدة ولو نقصنا من مكانها قدر تلك الدرج لصارت في قسمة بيت التلف والموت
2
في الموضع المخالف لطبيعتها
3
|V.7.11| وأمّا عطارد فإنّ شرفه في الدرجة الخامسة عشرة من السنبلة لأنّ بيته وشرفه في برج واحد
4
وإذا كان شرف الكوكب في بيته ففي نصفه أقوى ما يكون وأظهر فعلا كما ذكرنا قبل ولا
5
سيّما وهو مقبل فيما يلي الوتد والمشتري غير مفسد له بل هما متّفقان ممتزجان لقبول عطارد طبيعة
6
سعادته لأنّ كلّ واحد منهما في برج شرفه في مثل درجة صاحبه ولو زدنا على مكانه شيئا من
7
الدرج لقرب من موازاة الزهرة وصار في مكان الزوال
8
|V.7.12| وأمّا زحل فإنّه في تربيع درجة المشتري مفسد لطبيعته والتربيع نصف المقابلة فزدنا ستّ
9
درجات وهي نصف مقدار البعد على موضع زحل فبلغ إلى الدرجة الحادية والعشرين من
10
الميزان فهناك درجة شرف زحل فصارت درجة شرفه في الوتد الرابع متمكّنة متنحّية عن
11
درجة تربيع المشتري وعن موازاة درجة شرف الشمس ولو نقصناه منه لصار في موضع الزوال
12
ذاهبا إلى درجتهما مفسدا لهما ولو كان المشتري موازيا لزحل لزدنا على نصف الميزان مقدار
13
البعد كلّه كما فعلنا بغيره
14
|V.7.13a| وأمّا القمر فإنّما صارت درجة شرفه على قدر بعده من الشمس ورؤيته لأنّه ربّما رئي إذا تباعد
15
عنها دون اثنتي عشرة درجة بدقائق وربّما رئي إذا تمّت له هذه الدرج وصار في حدّ الدرجة
16
الثالثة عشرة فصارت درجة شرفه في الموضع الذي إذا كان فيه وكانت الشمس في درجة
17
شرفها كان في أوّل حدّ رؤيته على عمل الرؤية بمطالع الفلك المستقيم في موضع خطّ الاستواء
490
1
وهي الدرجة الثالثة من الثور وإذا كان في الدرجة الثانية منه كان مقصّرا عن حدّ درجة أوّل
2
الرؤية وإذا كان في الدرجة الرابعة منه كان قد جازه|V.7.13b| وإنّما تكون رؤيته كذلك إذا كان له نصف
3
العرض في الجنوب لأنّ الكواكب إذا كان لها نصف عروضها فهي أعدل ما يكون حالا في
4
العرض ولو عملت رؤيته على قدر هذا العرض من جهة الشمال لكان أوّل حدّ رؤيته في آخر
5
الحمل وقد تقدّم قولنا أنّ الثور شرف القمر وأنّه لا يكون برج واحد شرفا لكوكبين وكان أيضا
6
مع هذا يكون شرف الرأس في البروج المتطامنة التي هي غير مشاكلة له
7
|V.7.14| وأمّا الرأس فإنّه موضع صعود القمر والجوزاء موضع الصعود فلاتّفاقهما بالصعود صار
8
شرفه فيها وإنّما صار شرفه في الدرجة الثالثة منها لأنّه إذا كان من القمر على هذا البعد كان
9
بينهما مقدار برج واحد وكان له نصف عرضه الذي يرى به في درجة شرفه
10
|V.7.15| وأمّا الذنب فإنّه موضع انحطاط القمر والقوس موضع السفال فلاتّفاقهما بشيء واحد صار
11
شرفه في الدرجة الثالثة منه
12
|V.7.16| فلهذه العلل صارت درج أشراف الكواكب في هذه المواضع ومن صواب هذا العمل
13
وحقيقته أنّ درج شرف الكواكب العلوية وقعت في الأوتاد ودرج شرف الكواكب السفلية
14
صارت في المواضع الموافقة لها ليكون كلّ واحد منها إذا كان في تلك الدرجة كان في غاية إظهار
492
1
طبيعته وصارت درج السعود قبل درج النحوس المخالفة لها لأنّ ابتدائات الكون للسعود ثمّ
2
يتعقّبها الفساد التي هي من دلالات النحوس
3
|V.7.17| فأمّا قوم فاعتلّوا في بعد تلك الدرج في المرّيخ والزهرة بأن قالوا إذا كان المشتري في درجة
4
طالع العالم فهو مواز لدرجة المرّيخ وقد علمنا أنّ النحوس تضرّ بالسعود فأردنا أن نجعل لبعد
5
ما بينهما حدّا معلوما فاستدللنا عليه من بعد القمر من الشمس ورؤيته لأنّ دلالتهما على ما
6
يحدث في هذا العالم أظهر من دلالة سائر الكواكب وعلى قدر بعده منها يكون كثرة التغييرات
7
في الأشياء ووجدنا القمر إنّما يكون عامّة رؤيته إذا تباعد عنها اثنتي عشرة درجة وصار في
8
الدرجة الثالثة عشر فزدنا على النصف من الجدي ثلاث عشرة درجة بالفلك المستقيم فوقع في
9
الدرجة الثامنة والعشرين منه
10
|V.7.18| وأمّا الزهرة فإنّا عملنا بها كعملنا بالمرّيخ إلّا أنّا زدنا على مكانها إحدى عشرة درجة لأنّها ترى
11
إذا كان بعدها من الشمس أقلّ من بعد المرّيخ ومقدار جرمها أقلّ من مقدار جرم المرّيخ بدرجة
12
واحدة فنقصنا تلك الدرجة الواحدة من اثنتي عشرة درجة فبقيت إحدى عشرة درجة فزدناه
13
على خمس عشرة درجة من الحوت فبلغ إلى الدرجة السابعة والعشرين فهناك درجة شرفها
494
1
|V.8.1|
الفصل الثامن في اختلاف حدود الكواكب
2
|V.8.2| إنّا وجدنا الحدود على خمسة أصناف فأمّا أحدها فهو حدود أهل مصر والثاني حدود بطلميوس
3
والثالث حدود الكلدانيين وهم أهل بابل والرابع حدود اسطراطو والخامس حدود الهند
4
|V.8.3| فأمّا اسطراطو فإنّه قسم كلّ برج بين سبعة كواكب وجعل للنيّرين حظّا في الحدود واحتجّ
5
على ذلك بأن قال إنّه ليس في الفلك حظّ للكواكب إلّا وللشمس والقمر مثله
6
|V.8.4| فأمّا سائر من ذكرنا فإنّهم قسموا البرج الواحد بين الكواكب الخمسة المتحيّرة ولم يجعلوا للنيّرين
7
فيه حظّا وإنّما طرحوا قسمة النيّرين من حدود البروج لأنّهما يشاركان الكواكب في بيوتها
8
|V.8.5| فأمّا بعض الأوائل فزعم أنّ للشمس شركة مع أربابها في البروج التي في نصف الفلك وهو
9
من أوّل الأسد إلى آخر الجدي وللقمر شركة في البروج التي في النصف الآخر مع أصحابها وهو من
10
أوّل الدلو إلى آخر السرطان
11
|V.8.6| وبعضهم زعم أنّ للشمس شركة في النصف الأوّل من البروج الذكورة مع أصحابها وللقمر
12
شركة في النصف الآخر منه فأمّا البروج المؤنّثة فإنّ من أوّلها إلى أنصافها الشركة للقمر مع
13
أصحابها والنصف الأخير الشركة للشمس مع أصحابها فلمّا كان النيّران يشاركان الكواكب في
14
هذه البروج على النحو ين اللذين ذكرنا استغنوا بهذا الحظّ الذي لهما في البروج عن أن يجعلوا لهما
15
في الحدود حظّا
16
|V.8.7| وأمّا قوم فقالوا إنّما لم يجعل كلّ الأوائل للنيّرين حظّا في الحدود لأنّ الطبائع خمسة حارّ
17
يابس على طبيعة المرّيخ وحارّ رطب على طبيعة المشتري وبارد يابس على طبيعة زحل وبارد
496
1
رطب على طبيعة الزهرة وممزوج منها على طبيعة عطارد فطبيعة الزهرة موافقة لطبيعة القمر
2
بالرطوبة والتأنيث وطبيعة المرّيخ موافقة لطبيعة الشمس بالحرارة والتذكير فلاتّفاق طبيعتهما
3
لطبيعة النيّرين استغنى بحظّهما في الحدود عن أن يجعل للنيّرين فيها حظّا وقالوا إنّ كلّ واحد
4
من النيّرين يفعل في حدّ الكوكب الموافق له بطبيعته مثل فعل الكوكب
5
|V.8.8| وأصحّ القسم قسمة هؤلاء الذين لم يجعلوا للنيّرين حظّا في حدود البروج وهو الذي اتّفق عليه
6
الأوائل كلّهم إلّا أنّ كلّ واحد من هؤلاء وإن كان قسّم كلّ برج منها بين الكواكب الخمسة
7
فقد خالف صاحبه في ترتيب كواكبه وكمّية درج حدّ كلّ كوكب إلّا أنّ عامّتهم جعلوا آخر
8
البروج حدود النحوس لأنّ آخر البروج من حظّ الإدبار والضعف كما ذكرنا فيما تقدّم والإدبار
9
والضعف منحسة والنحوس أولى بها
10
|V.8.9| فأمّا بطلميوس فإنّه عاب ترتيب حدود مصر والكلدانيين وكمّية درج حدّ كلّ كوكب وزعم
11
أنّ أصحّ الحدود ما وجده هو في كتاب عتيق دارس لا يعرف صاحبه وإنّما كره أن ينسبه إلى نفسه
12
لأنّه يلزم العيب للمؤلّف لتلك الحدود مثل الذي عاب به بطلميوس لحدود غيره ووجدنا كلّ
13
الأوّلين من علماء أصحاب النجوم إنّما استعملوا في الأحكام حدود أهل مصر لأنّه أصو بها
14
ودرج حدود كلّ كوكب موافقة لسنيه الكبرى وسنذكر حدود كلّ واحد من هؤلاء على
15
الانفراد
498
1
|V.9.1|
الفصل التاسع في حدود أهل مصر
2
|V.9.2| الحمل المشتري والزهرة وعطارد ح المرّيخ ه زحل ه
3
الثور الزهرة ح عطارد والمشتري ح زحل ه المرّيخ ج
4
الجوزاء عطارد والمشتري والزهرة ه المرّيخ ز زحل و
5
السرطان المرّيخ ز الزهرة وعطارد والمشتري ز زحل د
6
الأسد المشتري والزهرة ه زحل ز عطارد والمرّيخ و
7
السنبلة عطارد ز الزهرة ے المشتري د المرّيخ ز زحل ب
8
الميزان زحل وعطارد ح المشتري ز الزهرة ز المرّيخ ب
9
العقرب المرّيخ ز الزهرة د عطارد ح المشتري ه زحل و
10
القوس المشتري يب الزهرة ه عطارد د زحل ه المرّيخ د
11
الجدي عطارد ز المشتري ز الزهرة ح زحل د المرّيخ د
12
الدلو عطارد ز الزهرة والمشتري ز المرّيخ ه زحل ه
13
الحوت الزهرة يب المشتري د عطارد ج المرّيخ ط زحل ب
500
1
|V.10.1|
الفصل العاشر في حدود بطلميوس
2
|V.10.2| الحمل المشتري والزهرة ح عطارد ز المرّيخ ه زحل د
3
الثور الزهرة ح عطارد ز المشتري ز زحل والمرّيخ ب
4
الجوزاء عطارد ز المشتري والزهرة ز المرّيخ ز زحل ج
5
السرطان المرّيخ والمشتري ز عطارد ز الزهرة وزحل د
6
الأسد زحل وعطارد ز الزهرة والمرّيخ والمشتري ه
7
السنبلة عطارد ز الزهرة والمشتري ه زحل والمرّيخ و
8
الميزان زحل والزهرة ه المشتري ح عطارد ه المرّيخ و
9
العقرب المرّيخ والمشتري ح الزهرة وعطارد وزحل د
10
القوس المشتري ح الزهرة وعطارد ه زحل والمرّيخ ه
11
الجدي الزهرة وعطارد والمشتري ز زحل والمرّيخ ه
12
الدلو زحل وعطارد والزهرة ح المشتري ه المرّيخ ه
13
الحوت الزهرة ح المشتري وعطارد والمرّيخ ه زحل ه
502
1
|V.11.1|
الفصل الحادي عشر في حدود الكلدانيين
2
|V.11.2a| إنّ الكلدانيين هم القوم الذين كانوا ينزلون بابل في الزمان الأوّل وقد يقال في الأحاديث السائرة
3
بين الأمم أنّ أوّل من كان سكنها وعمرها نوح النبيّ صلّى اللّه عليه وذلك أنّه لمّا كان يعقب
4
الطوفان صار هو ومن كان معه إلى بابل لطلب الدفأ والحرّ فأقاموا بها فتناسلوا وكثر جمعهم من بعد
5
نوح وملكوا عليهم وابتنوا هناك البنيان فاتّصلت مساكنهم بدجلة والفرات فسكنوا على جوانبها
6
إلى أن بلغوا من دجلة إلى أسفل كسكر ومن الفرات إلى وراء الكوفة|V.11.2b| وموضعهم هو الذي يقال
7
له اليوم السواد وكانت ملوكهم تنزل بابل وكان اسم أوّلهم تغلث بليس وكان الكلدانيون جنود
8
ملوكهم فلم يزالوا هم وملوكهم مجتمعين على حالهم تلك إلى أن قتلهم وأبادهم دارا الأوّل
9
وكلّ الكلدانيين كانوا علماء بحساب النجوم والأحكام عليها مستعملين لها لا يؤثرون عليها علما
10
من العلوم وكان الناس يستأتون علمائهم من جميع الأقاليم في تعليم حساب النجوم وأحكامها
11
ويقال إنّ أوّل من كان علّمهم النجوم أباطر بن سام بن نوح
12
|V.11.3| فذكر بطلميوس وغيره أنّهم كانوا يستعملون في أحكام النجوم حدودا خلاف حدود المصريين
13
وخلاف حدود غيرهم وكانوا يجعلون قسم حدود بروج كلّ مثلّثة على معنى واحد ويجعلون قسم
14
حدود بعض المثلّثات بالنهار شيئا من الدرج وبالليل يجعلونه خلاف ذلك وقد ذكرها بطلميوس
504
1
في كتبه الأربعة ثمّ ذكر بعد ذلك أنّه لم يوجد ذكر تلك الحدود في كتب أوائلهم ولا ذكر ذلك
2
قدماء أسلافهم الموثوقون بعلمهم فتركنا ذكره في كتابنا هذا لأنّها حدود غير متّفق عليها عند القدماء
3
من علماء النجوم لما فيها من الاختلاف والتخليط
506
1
|V.12.1|
الفصل الثاني عشر في حدود اسطراطو
2
|V.12.2| الحمل المرّيخ والشمس د الزهرة د عطارد ه القمر ج زحل ب المشتري و
3
الثور الزهرة د عطارد ز القمر ه زحل ه المشتري ج المرّيخ ج الشمس ج
4
الجوزاء عطارد ج القمر د زحل ه المشتري ه المرّيخ والشمس د الزهرة ج
5
السرطان القمر ح زحل ب المشتري ب المرّيخ والشمس ج الزهرة ه عطارد د
6
الأسد الشمس ا الزهرة ز عطارد والقمر د زحل والمشتري ج المرّيخ ج
7
السنبلة عطارد ط القمر د زحل ب المشتري ب المرّيخ ج الشمس ه الزهرة ه
8
الميزان الزهرة ح عطارد ج القمر ب زحل ه المشتري ه المرّيخ ب الشمس ه
9
العقرب المرّيخ والشمس والزهرة وعطارد د القمر ب زحل ج المشتري ج
10
القوس المشتري ط المرّيخ ه الشمس ه الزهرة د عطارد ج القمر ب زحل ب
11
الجدي زحل ز المشتري ز المرّيخ ج الشمس ب الزهرة وعطارد ب القمر ج
12
الدلو زحل ح المشتري والمرّيخ والشمس د الزهرة ب عطارد ب القمر ب
13
السمكة المشتري د المرّيخ د الشمس والزهرة وعطارد ج القمر ه زحل ب
508
1
|V.13.1|
الفصل الثالث عشر في حدود الهند
2
|V.13.2| أمّا الهند فإنّهم جعلوا حدود البروج الذكورة على معنى واحد وحدود البروج الإناث على معنى
3
واحد
4
|V.13.3| فالحمل من أوّله إلى تكملة خمس درجات للمرّيخ وما بعد ذلك إلى تكملة عشر درجات لزحل
5
وما بعد ذلك إلى تكملة ثماني عشرة درجة للمشتري وما بعد ذلك إلى تكملة خمس وعشرين درجة
6
لعطارد وما بعد ذلك إلى ثلاثين درجة للزهرة والثور إلى تكملة خمس درجات للزهرة وما بعد
7
ذلك إلى تكملة اثنتي عشرة درجة لعطارد وما بعد ذلك إلى تكملة عشرين درجة للمشتري وما بعد
8
ذلك إلى تكملة خمس وعشرين درجة لزحل وما بعد ذلك إلى تكملة ثلاثين درجة للمرّيخ والجوزاء
9
والأسد والميزان والقوس والدلو مثل الحمل والسرطان والسنبلة والعقرب والجدي والحوت مثل
10
الثور
11
|V.13.4| فهذه قسمة الحدود على ما ذكر هؤلاء وأصوب هذه الحدود حدود أهل مصر
510
1
|V.14.1|
الفصل الرابع عشر في أرباب المثلّثات
2
|V.14.2| إنّ التثليث قدر موافق حسن المزاج من أجل قدره على خطوط مستوية من الفلك لأنّ
3
فلك البروج على ثلاث دوائر وهي دائرة الحمل ودائرة السرطان ودائرة الجدي فلذلك قسم
4
تدو ير البروج الاثني عشر للمثلّثات كلّ مثلّثة منها ثلاثة بروج وقد ذكرنا أيضا علّة أخرى لتثليث
5
البروج في القول الثاني ولهذه البروج التي بعضها مثلّثة لبعض أرباب فأرباب تثليث البروج
6
الذكور الكواكب الذكور وأرباب تثليث البروج الإناث الكواكب الإناث
7
|V.14.3| ونبدأ بأكثر الكواكب شهادة في المثلّثة وأقواها حيّزا فأوّل المثلّثات بروج ذكورة وهي
8
الحمل والأسد والقوس وأربابها بالنهار الشمس ثمّ المشتري وبالليل المشتري ثمّ الشمس وشر يكهما
9
بالنهار والليل زحل
10
|V.14.4| والمثلّثة الثانية الثور والسنبلة والجدي وهي بروج مؤنّثة وأربابها بالنهار الزهرة ثمّ القمر وبالليل
11
القمر ثمّ الزهرة وشر يكهما بالنهار والليل المرّيخ إلّا أنّ عطارد يشاركهما في السنبلة خاصّة
12
|V.14.5| والمثلّثة الثالثة الجوزاء والميزان والدلو وهي بروج ذكورة وأربابها بالنهار زحل ثمّ عطارد وبالليل
13
عطارد ثمّ زحل وشر يكهما بالنهار والليل المشتري
14
|V.14.6| والمثلّثة الرابعة السرطان والعقرب والحوت وهي بروج إناث وأربابها بالنهار الزهرة ثمّ المرّيخ
15
وبالليل المرّيخ ثمّ الزهرة وشر يكهما بالنهار والليل القمر
512
1
|V.15.1|
الفصل الخامس عشر في الوجوه وأربابها على ما يوافق قول علماء فارس وبابل ومصر
2
|V.15.2| إنّ كلّ برج من البروج الاثني عشر مقسوم بثلاثة أقسام كلّ قسم منها عشر درجات ويسمّى
3
وجها وهو منسوب إلى كوكب
4
|V.15.3| فأوّل وجه من الحمل للمرّيخ الذي هو صاحبه والوجه الثاني منه للكوكب الذي يتبع المرّيخ في
5
فلكه والوجه الثالث للكوكب الثالث من فلك المرّيخ والوجه الأوّل من البرج الثاني للكوكب
6
الرابع من فلك المرّيخ وكذلك جعلوا أرباب وجوه البروج على توالي أفلاك الكواكب بعضها على
7
أثر بعض وكلّما بلغ إلى القمر رجع إلى زحل
8
|V.15.4| ومثال ذلك أنّ من أوّل الحمل إلى عشر درجات منه وجه المرّيخ الذي هو صاحب الحمل
9
والوجه الثاني وهو من إحدى عشرة درجة من الحمل إلى تكملة عشرين درجة وجه الشمس
10
والوجه الثالث وهو من الدرجة الحادية والعشرين إلى تكملة ثلاثين درجة وجه الزهرة ومن أوّل
11
الثور إلى تمام عشر درجات وجه عطارد والوجه الثاني من الثور وجه القمر والوجه الثالث وجه
12
زحل وأوّل وجه من الجوزاء للمشتري والوجه الثاني منه للمرّيخ وكذلك وجوه البروج وأربابها
514
1
|V.16.1|
الفصل السادس عشر في الوجوه وأربابها على ما قالت الهند ويسمّونه الدريجان
2
|V.16.2| إنّ الهند يوافقون غيرهم في قسمة كلّ برج بثلاثة أقسام على معنى الوجوه ويسمّون كلّ قسم منه
3
دريجان ويسمّون أربابها أرباب الدريجان إلّا أنّهم يخالفون غيرهم في أربابها ويجعلون ربّ
4
الدريجان الأوّل من البرج أعني ربّ الوجه الأوّل لصاحب ذلك البرج وربّ الدريجان الثاني
5
لصاحب البرج الخامس وربّ الدريجان الثالث لصاحب البرج التاسع منه
6
|V.16.3| وذلك كالحمل فإنّ العشر درجات الأولى منه دريجان المرّيخ صاحب الحمل والعشر الثاني
7
دريجان الشمس صاحبة الأسد والعشر الثالث منه دريجان المشتري صاحب القوس والثور
8
ربّ أوّل دريجان منه الزهرة صاحبته وربّ الدريجان الثاني منه عطارد صاحب السنبلة
9
وربّ الدريجان الثالث منه زحل صاحب الجدي والجوزاء ربّ أوّل دريجان منه عطارد
10
صاحبها وربّ الدريجان الثاني الزهرة صاحبة الميزان وربّ الدريجان الثالث زحل صاحب الدلو
11
وربّ الدريجان الأوّل من السرطان القمر صاحبه وربّ الدريجان الثاني المرّيخ صاحب
12
العقرب وربّ الدريجان الثالث المشتري صاحب الحوت وربّ الدريجان الأوّل من الأسد
13
الشمس صاحبة البرج وربّ الدريجان الثاني المشتري صاحب القوس وربّ الدريجان الثالث
14
المرّيخ صاحب الحمل
15
|V.16.4| وكذلك دريجان كلّ برج الأوّل منه لصاحبه والثاني لصاحب برج المثلّثة الذي يليه وهو
16
صاحب البرج الخامس منه والثالث لصاحب برج المثلّثة الذي بعد ذلك وهو صاحب البرج
17
التاسع وإنّما جعلوه على هذا المثال لأنّهم زعموا أنّ كلّ برج ثلاثة وجوه وكلّ مثلّثة ثلاثة بروج
18
فأرباب هذه المثلّثات هي أولى بكلّ وجه منها من غيرها وقسمة غيرهم ممّن تقدّم ذكرنا لهم في
19
أرباب الوجوه أصحّ
516
1
|V.17.1|
الفصل السابع عشر في نو بهر البروج وهي التسع على ما يوافق قول الهند
2
|V.17.2| إنّ الهند لمّا قسمت البروج بثلاثة وجوه وجعلت الوجه الثالث من كلّ برج لصاحب البرج التاسع
3
منه كما ذكرنا قبل هذا قسمت بعد ذلك كلّ برج بتسعة أتساع وجعلت ربّ التسع التاسع من
4
كلّ برج لربّ البرج التاسع منه وهو الذي يسمّى النو بهر فصار كلّ تسع ثلاث درجات وثلث
5
درجة وهو مائتا دقيقة وإنّما قسموا كلّ برج بتسعة أقسام لأنّ البرج التاسع من كلّ برج هو
6
آخر مثلّثته ونهاية طبيعته فجعلوا قسمة كلّ برج على عدد البروج التي بينهما على تواليها وهي تسعة
7
كلّ تسع منها على طبيعة برج من الأ براج وربّ كلّ تسع هو ربّ ذلك البرج
8
|V.17.3| فأوّل تسع من الحمل للمرّيخ صاحب الحمل والتسع الثاني للزهرة صاحبة الثور والتسع الثالث
9
لعطارد صاحب الجوزاء فيصير التسع التاسع من الحمل للمشتري صاحب القوس ويصير أوّل
10
تسع من الثور لزحل صاحب الجدي والتسع الثاني لزحل صاحب الدلو والتسع الثالث للمشتري
11
صاحب الحوت والتسع الرابع للمرّيخ صاحب الحمل وكذلك جعلوا أرباب الأتساع على توالي
12
أرباب البروج
13
|V.17.4| وله وجه مختصر يعرف منه أرباب أتساع كلّ برج وهو أن تنظر البرج المنقلب الذي في كلّ
14
مثلّثة فصاحبه هو صاحب التسع الأوّل لبروج تلك المثلّثة وصاحب البرج الثاني منه هو ربّ
15
التسع الثاني لذلك البرج وكذلك سائر أرباب أتساع تلك المثلّثة
518
1
|V.7.5| فالحمل والأسد والقوس ربّ التسع الأوّل لكلّ واحد منها المرّيخ صاحب الحمل وربّ التسع
2
الثاني الزهرة صاحبة الثور وربّ التسع الثالث عطارد صاحب الجوزاء
3
|V.17.6| والثور والسنبلة والجدي مثلّثات فربّ التسع الأوّل لكلّ واحد منها زحل صاحب الجدي
4
وربّ التسع الثاني زحل صاحب الدلو
5
|V.17.7| والجوزاء والميزان والدلو مثلّثات فربّ التسع الأوّل لكلّ واحد منها الزهرة صاحبة الميزان
6
وربّ التسع الثاني المرّيخ صاحب العقرب
7
|V.17.8| والسرطان والعقرب والحوت مثلّثات فربّ التسع الأوّل لكلّ واحد منها القمر وربّ التسع
8
الثاني الشمس وكذلك يعرف أرباب الأتساع على توالي أرباب البروج
9
|V.17.9| وقد تجعل أيضا أرباب النو بهر بنحو آخر وهو أن تقسم البرج بتسعة أقسام على العمل
10
الأوّل ثمّ تجعل أرباب الأتساع على توالي أفلاك الكواكب ويجعل أوّل تسع من الحمل للمرّيخ
11
والثاني منه للشمس والثالث للزهرة والرابع لعطارد والخامس للقمر والسادس لزحل والسابع
12
للمشتري والثامن للمرّيخ والتاسع للشمس فأمّا الثور فيجعل أوّل نو بهر منه للزهرة والثاني لعطارد
13
والثالث للقمر حتّى تنقضي نو بهراته التسعة ثمّ يجعل الجوزاء أوّلها للقمر والسرطان أوّله للمشتري
14
والأسد أوّله للشمس والسنبلة أوّلها لعطارد والميزان أوّله لزحل والعقرب أوّله للمرّيخ والقوس
15
أوّله للزهرة والجدي أوّله للقمر والدلو أوّله للمشتري والسمكة أوّلها للشمس وليس هذا بمتّفق
16
عليه والأوّل هو الصواب
520
1
|V.18.1|
الفصل الثامن عشر في اثني عشريات البروج وأرباب كلّ درجة من كلّ برج
2
|V.18.2| إنّ كلّ القدماء من العلماء بالنجوم قسموا كلّ برج باثني عشر قسما فيكون كلّ قسم درجتين
3
ونصفا ويسمّى الاثني عشرية وإنّما فعلوا ذلك ليكون في البرج الواحد طبيعة البروج الاثني
4
عشر فطبيعة أوّل قسم منه مثل طبيعة البرج نفسه وطبيعة القسمة الثانية مثل طبيعة البرج الثاني
5
منه وطبيعة القسمة الثالثة مثل طبيعة البرج الثالث وكذلك سائر القسم الاثني عشر ولحسابه وجه
6
مختصر وهو أن تنظر كم من أوّل البرج إلى الدرجة والدقيقة التي تريد معرفة اثني عشريتها
7
فتضر به في اثني عشر فما اجتمع معك فاطرحه من أوّل ذلك البرج لكلّ برج ثلاثين فحيث ما انتهى
8
بك العدد ففي ذلك البرج طبيعة تلك الدرجة واثني عشريتها
9
|V.18.3| وقد كان هرمس وكلّ الأوائل يقسمون كلّ برج أيضا بقسمة غير هذه وهو أن يجعلوا كلّ
10
درجة من البرج على طبيعة برج من الأ براج فأوّل درجة من البرج يكون على طبيعة نفسه
11
والدرجة الثانية على طبيعة البرج الثاني منه والدرجة الثالثة على طبيعة البرج الثالث منه حتّى
12
تكون الدرجة الثانية عشرة من البرج على طبيعة البرج الثاني عشر منه والدرجة الثالثة عشرة من
13
ذلك البرج على طبيعة ذلك البرج نفسه والدرجة الرابعة عشرة منه على طبيعة البرج الثاني
14
وكذلك كانوا يجعلون كلّ درجة من الدرج الثلاثين على طبيعة برج من الأ براج وقد ذكر هرمس
15
في كتبه أحكاما كثيرة على درجة درجة من كلّ برج في أصناف مختلفة من أبواب المواليد
16
والمسائل
522
1
|V.18.4| وأمّا قوم آخرون فقد كانوا يجعلون أرباب هذه الدرج على خلاف هذا والذي ذكره هرمس
2
أصوب
524
1
|V.19.1|
الفصل التاسع عشر في الدرجات الذكورة والإناث
2
|V.19.2| إنّ في البروج الاثني عشر درجات ذكورة وإناث فإذا كان الميلاد والمسئلة عن الذكورة ووقعت
3
الكواكب ودرج الطالع في درج ذكور كان أقوى لها وإذا كان الميلاد والمسئلة عن الإناث
4
ووقعت النجوم في درج إناث كان أقوى لها
5
|V.19.3a| فالحمل من الدرجة الأولى إلى تكملة الدرجة السابعة ذكر وإلى تكملة الدرجة التاسعة أنثى
6
وستّ درجات ذكر وسبع درجات أنثى وثمان ذكر الثور إلى سبع درجات ذكر وثمان أنثى
7
وخمس عشرة ذكر الجوزاء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى ستّ درجات أنثى وإحدى عشرة درجة ذكر وستّ درجات
8
أنثى وأربع درجات ذكر وثلاث درجات أنثى السرطان إلى درجتين ذكر وخمس درجات
9
أنثى وثلاث درجات ذكر ودرجتين أنثى وإحدى عشرة درجة ذكر وأربع درجات أنثى وثلاث
10
درجات ذكر الأسد إلى خمس درجات ذكر ودرجتين أنثى وستّ درجات ذكر وعشر درجات
11
أنثى وسبع درجات ذكر السنبلة إلى سبع درجات أنثى وخمس درجات ذكر وثماني درجات أنثى
12
وعشر درجات ذكر|V.19.3b| الميزان إلى خمس درجات ذكر خمس درجات أنثى وإحدى عشرة درجة
13
ذكر وسبع درجات أنثى ودرجتين ذكر العقرب إلى أربع درجات ذكر وستّ درجات أنثى
14
وأربع درجات ذكر وخمس درجات أنثى وثماني درجات ذكر وثلاث درجات أنثى
15
القوس إلى درجتين ذكر وثلاث درجات أنثى وسبع درجات ذكر واثنتي عشرة درجة أنثى وستّ
16
درجات ذكر الجدي إلى إحدى عشرة درجة ذكر وثماني درجات أنثى وإحدى عشرة درجة
17
ذكر الدلو إلى خمس درجات ذكر وسبع درجات أنثى وستّ درجات ذكر وسبع درجات أنثى
18
وخمس درجات ذكر الحوت إلى عشر درجات ذكر وعشر درجات أنثى وثلاث درجات
19
ذكر وخمس درجات أنثى درجتين ذكر
526
1
|V.19.4| فأمّا بعض الأوائل فإنّه كان ينظر إلى البروج الذكورة فيجعل من أوّلها إلى اثنتي عشرة
2
درجة ونصفا ذكر واثنتي عشرة درجة ونصفا أنثى ثمّ درجتين ونصفا ذكر ودرجتين ونصفا
3
أنثى فأمّا البروج الإناث فإنّهم كانوا يجعلون إلى اثنتي عشرة درجة ونصفا أنثى ثمّ اثنتي عشرة
4
درجة ونصفا ذكر ثمّ درجتين ونصفا أنثى ثمّ درجتين ونصفا ذكر
5
|V.19.5| وقد جعل قوم درج كلّ برج في التذكير والتأنيث على طبيعة اثني عشريات البروج وقالوا
6
أمّا البروج الذكورة فكلّ واحد منها إلى درجتين ونصف من أوّلها ذكر على طبيعة البرج نفسه ثمّ
7
درجتين ونصف أنثى على طبيعة البرج الثاني منه ثمّ درجتين ونصف ذكر على طبيعة البرج الثالث
8
منه ثمّ مثلها أنثى على هذه الحال إلى تمام البرج وأمّا البروج الإناث فكلّ واحدة منها إلى
9
درجتين ونصف من أوّلها أنثى ثمّ درجتين ونصف ذكر ثمّ مثلها أنثى
10
|V.19.6| فعلى هذه الأنحاء الثلاثة ذكروا تذكير درج البروج وتأنيثها ومتى ما اجتمع من هذه
11
الدلالات اثنتان أو ثلاث في التذكير والتأنيث لموضع واحد كان أقوى له
528
1
|V.20.1|
الفصل العشرون في الدرجات النيّرة والمظلمة والقتمة والخالية
2
|V.20.2| إنّ درجات البروج في هذا المعنى على أربع مراتب أوّلها الدرجات النيّرة والثانية الدرجات القتمة
3
ويقال لها أيضا ذوات ظلّ ومتدخّنة والثالثة يقال لها الفارغة أعني الصفر الخالية والرابعة يقال
4
لها المظلمة
5
|V.20.3| فإذا وقعت الكواكب في الدرجات النيّرة كان أقوى لها في الدلالة على الخير ودلّت على
6
البهاء والضياء والسعادة
7
|V.20.4| وإذا وقعت في الدرجات المظلمة دلّت على العسر والمكروه والأمر المظلم الرديء
8
|V.20.5| وإذا وقعت في الدرجات القتمة أعني ذوات الظلّ أو في الدرجات الفارغة دلّت على مكروه
9
قليل
10
|V.20.6a| الحمل من درجة إلى ثلاث درجات قتمة ثمّ خمس مظلمة ثمّ ثمان قتمة ثمّ أربع نيّرة ثمّ أربع
11
مظلمة ثمّ خمس نيّرة درجة واحدة مظلمة الثور ثلاث درجات قتمة سبع مظلمة درجتان
12
خاليتان ثمان نيّرة خمس درجات خالية ثلاث نيّرة درجتان قتمتان الجوزاء سبع درجات نيّرة
13
ثلاث درجات قتمة خمس درجات نيّرة درجتان خاليتان ستّ درجات نيّرة سبع درجات قتمة
14
السرطان سبع درجات قتمة خمس درجات نيّرة درجتان قتمتان أربع درجات مضيئة درجتان
15
مظلمتان ثماني درجات نيّرة درجتان مظلمتان الأسد سبع درجات نيّرة ثلاث درجات قتمة
16
ستّ درجات مظلمة خمس درجات صفر خالية تسع درجات نيّرة السنبلة خمس درجات قتمة
17
أربع درجات مضيئة درجتان خاليتان ستّ درجات نيّرة أربع درجات مظلمة سبع درجات
18
نيّرة درجتان خاليتان|V.20.6b| الميزان خمس درجات نيّرة خمس درجات قتمة ثماني درجات مضيئة
19
ثلاث درجات قتمة سبع درجات نيّرة درجتان خاليتان العقرب ثلاث درجات قتمة خمس
20
مضيئة ستّ فارغة ستّ مضيئة درجتان مظلمتان خمس مضيئة ثلاث قتمة القوس تسع
21
درجات نيّرة ثلاث درجات قتمة سبع نيّرة أربع درجات مظلمة سبع درجات قتمة الجدي
530
1
سبع درجات قتمة ثلاث درجات نيّرة خمس مظلمة أربع نيّرة درجتان قتمتان أربع صفر خمس
2
نيّرة الدلو أربع درجات مظلمة خمس درجات نيّرة أربع درجات قتمة ثماني درجات نيّرة أربع
3
خالية خمس درجات مضيئة الحوت ستّ درجات قتمة ستّ نيّرة ستّ قتمة أربع نيّرة ثلاث
4
خالية ثلاث مضيئة درجتان قتمتان
532
1
|V.21.1|
الفصل الحادي والعشرون في آبار الكواكب في البروج
2
|V.21.2| إنّ في البروج درجا يقال لها الآبار فإذا وقع كوكب من الكواكب في تلك الدرج من البروج
3
بعينها غير متقدّم ولا متأخّر عنها ذهب بهاؤه وضعف عن دلالته فالسعود إذا وقعت فيها كان
4
حالها كما ذكرنا من الضعف
5
|V.21.3| وأمّا النحوس فإنّها إذا وقعت فيها ضعفت دلالتها فربّما دلّت على السعادة العرضية لضعفها
6
عن النحوسة وربّما قو يت طبيعة نحوستها وقد ذكرت الأوائل أماكنها التي تدلّ فيها على الصلاح
7
أو الفساد وسنذكر ذلك في مواضعه
8
|V.21.4| فأمّا حقيقة درجة الآبار من بروجها فقد اختلفوا فيها فتركنا ذكر اختلافهم فيها وذكرنا درجها
9
من بروجها على ما اتّفق عليه عامّة متقدّمي علماء أهل فارس ومصر
10
|V.21.5a| آبار الحمل في الدرجة السادسة والحادية عشرة والسابعة عشرة والثالثة والعشرين والتاسعة
11
والعشرين آبار الثور في الدرجة الخامسة والثالثة عشرة والثامنة عشرة والرابعة والعشرين
12
والخامسة والعشرين والسادسة والعشرين آبار الجوزاء في الدرجة الثانية والثانية عشرة والسابعة
13
عشرة والسادسة والعشرين والثلاثين آبار السرطان في الدرجة الثانية عشرة والسابعة عشرة
14
والثالثة والعشرين والسادسة والعشرين والثلاثين آبار الأسد في الدرجة السادسة والثالثة عشرة
15
والخامسة عشرة والثانية والعشرين والثالثة والعشرين والثامنة والعشرين آبار السنبلة في الدرجة
16
الثامنة والثالثة عشرة والسادسة عشرة والحادية والعشرين والخامسة والعشرين|V.21.5b| آبار الميزان
17
في الدرجة الأولى والدرجة السابعة والدرجة العشرين والدرجة الثلاثين آبار العقرب في
18
الدرجة التاسعة والدرجة العاشرة والدرجة السابعة عشرة والدرجة الثانية والعشرين والدرجة
19
الثالثة والعشرين والدرجة السابعة والعشرين آبار القوس في الدرجة السابعة والدرجة الثانية
20
عشرة والدرجة الخامسة عشرة والدرجة الرابعة والعشرين والدرجة السابعة والعشرين
534
1
والدرجة الثلاثين آبار الجدي في الدرجة الثانية والدرجة السابعة والدرجة السابعة عشرة والدرجة
2
الثانية والعشرين والدرجة الرابعة والعشرين والدرجة الثامنة والعشرين آبار الدلو في الدرجة
3
الأولى والدرجة الثانية عشرة والدرجة السابعة عشرة والدرجة الثالثة والعشرين والدرجة التاسعة
4
والعشرين آبار الحوت في الدرجة الرابعة والدرجة التاسعة والدرجة الرابعة والعشرين والدرجة
5
السابعة والعشرين والدرجة الثامنة والعشرين
6
|V.21.6| فهذه الدرجات من هذه البروج التي ذكرناها إذا كانت الكواكب فيها فهي في الآبار
536
1
|V.22.1|
الفصل الثاني والعشرون في الدرجات الزائدة في السعادة
2
|V.22.2| إنّ الأوائل زعمت أنّ في الفلك درجات تزيد في السعادة وقالوا إنّ الكواكب إذا دلّت بمواضعها
3
على سعادة المولود وكان القمر أو سهم السعادة في هذه الدرجات أو كانت هي بعينها درجة الطالع
4
فإنّها تزيد في سعادة المولود وإن دلّت على السقوط فإنّ هذه تحرّكها إلى الرفعة والقدر بعض الحركة
5
وهي الدرجة الخامسة عشرة من الثور والدرجة السابعة والعشرون منه والدرجة الثلاثون
6
أيضا وفي الأسد الدرجة الثالثة والدرجة الخامسة وفي العقرب الدرجة السابعة وفي الدلو الدرجة
7
العشرون
8
|V.22.3| وقد ذكر قوم أنّه إذا كان الطالع بعض هذه الدرج التي سنذكرها أو كانت الشمس بالنهار أو
9
القمر بالليل في بعضها وكانا في موضع جيّد من الفلك ودلّت كواكب أصل المولد على السعادة
10
فإنّها تبلغ بالمولود الشرف ومنازل الملوك ويغلب على أرضين ومدن ويملك أموالا كثيرة
11
|V.22.4| وهو الحمل الدرجة التاسعة عشرة والثور الدرجة الثالثة منه والجوزاء الدرجة الحادية عشرة
12
والسرطان الدرجة الأولى والثانية والدرجة الثالثة والرابعة عشرة والخامسة عشرة والأسد الدرجة
13
الخامسة والسابعة والدرجة السابعة عشرة السنبلة الدرجة الثانية والدرجة الثانية عشرة والدرجة
14
العشرون الميزان الدرجة الثالثة والخامسة والحادية والعشرون العقرب الدرجة الثانية عشرة
15
والدرجة العشرون القوس الدرجة الثالثة عشرة والدرجة العشرون الجدي الدرجة الثانية عشرة
16
والدرجة الثالثة عشرة والدرجة الرابعة عشرة والدرجة العشرون الدلو الدرجة السابعة والدرجة
17
السادسة عشرة والدرجة السابعة عشرة والدرجة العشرون السمكة الدرجة الثانية عشرة والدرجة
18
العشرون
19
|V.22.5| فهذه الأشياء التي تقدّم ذكرنا لها هي اشتراكات الكواكب مع البروج وهي عامّية قد اتّفق
20
عليها كلّ الأوائل من علماء النجوم ولها معها اشتراكات جزئيات من خاصّية امتزاج بعضها ببعض
21
سنذكرها في مواضعها في كلّ كتاب
538
1
|V.22.6| وقد جعل بعض الهند وخواصّ من أصحاب النجوم للكواكب مع البروج اشتراكات غير ما
2
ذكرنا فتركنا ذكرها لأنّا إنّما ذكرنا في هذا القول كلّ شيء يشاكل امتزاج طبائع الكواكب مع
3
البروج بالترتيب الطبيعي ممّا اتّفق عليه كلّ العلماء بصناعة النجوم
4
|V.22.7| تمّت المقالة الخامسة بحمد اللّه
540
1
|VI.1.1|
القول السادس من كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم وفيه ثلاثة وثلاثون فصلا
2
|VI.1.2a| الفصل الأوّل في طبائع البروج وحالاتها وما يطلع في وجوهها من الصور الفصل الثاني في
3
مطالع البروج في خطّ الاستواء وفي الأقاليم السبعة على ما زعم ثيون الفصل الثالث في تناظر
4
درج الفلك الفصل الرابع في البروج المتحابّة والمتباغضة والمتعادية والمستوية والمعوجّة الطلوع
5
والمطيعة بعضها لبعض وغير المطيعة الفصل الخامس في البروج المتّفقة في المنطقة والمطالع
6
والمتّفقة في القوّة والمتّفقة في الطريقة الفصل السادس في البروج التي يوافق بعضها بعضا في
7
الاستقبال والتسديس الطبيعيين ولا ينظر بعضها إلى بعض الفصل السابع في البروج التي يوافق
8
بعضها بعضا من التربيع الفصل الثامن في سني البروج وشهورها وأيّامها وساعاتها الفصل التاسع
9
في دلالات البروج على جمل البلدان وبقاع الأرضين الفصل العاشر في البروج الدالّة على الحركة
10
والسكون الفصل الحادي عشر في البروج الناطقة التي تدلّ على نوع الناس وحالاتهم|VI.1.2b| الفصل
11
الثاني عشر في قسمة ما لكلّ برج من أعضاء بدن الإنسان الفصل الثالث عشر في البروج الدالّة على
12
الصباحة والجمال والبروج الدالّة على السخاء والجود والبروج التي تجمع وتمتلئ والتي تعطي اليسار
13
والتي تصبّ والتي تقبض وتأخذ الفصل الرابع عشر في البروج الدالّة على الشبق والأمراض
14
الفصل الخامس عشر في البروج الدالّة على حصانة النساء وعفّتهنّ الفصل السادس عشر في
15
البروج الكثيرة الأولاد والتوئم والقليلة الأولاد والعقم الفصل السابع عشر في البروج المقطوعة
542
1
الأعضاء وفي البروج الكثيرة الحدّة والغضب الفصل الثامن عشر في البروج الدالّة على حالات
2
الأصوات الفصل التاسع عشر في البروج الدالّة على الجرب والبرص والبرش والحكّة والحزاز
3
والصمم والخرس والصلع وخفّة اللحية والسناطة والأثطّ الذي لا لحية له الفصل العشرون
4
في البروج الدالّة على العيوب في العين الفصل الحادي والعشرون في البروج الدالّة على الأدب
5
والخلب والخداع والمكر وبروج الهمّ والبروج المظلمة الفصل الثاني والعشرون في البروج الدالّة
6
على نوع الطير وعلى كلّ ذي أربع قوائم وعلى السباع والهوامّ وخرشة الأرض وحيوان الماء|VI.1.2c|
7
الفصل الثالث والعشرون في البروج الدالّة على الشجر والنبات الفصل الرابع والعشرون في البروج
8
الدالّة على أنواع المياه والبروج الدالّة على ما يعمل بالنار الفصل الخامس والعشرون في جهات
9
البروج الفصل السادس والعشرون في أوتاد الفلك وأرباعها والبيوت الاثني عشر وجمل دلالاتها
10
والعلّة في ذلك الفصل السابع والعشرون في أرباع الفلك المنسوبة إلى الجسمانية والروحانية وغير
11
ذلك الفصل الثامن والعشرون في امتزاج طبائع أوتاد الفلك الفصل التاسع والعشرون في ألوان
12
أرباع الفلك والبيوت الاثني عشر الفصل الثلاثون في أرباع الفلك الصاعدة والهابطة والطو يلة
13
والقصيرة الفصل الحادي والثلاثون في قسمة الطبائع الأربع للأشياء الفصل الثاني والثلاثون في
14
علّة أرباع اليوم الواحد والليلة الواحدة وساعاتها الأربع والعشرين الفصل الثالث والثلاثون في
15
أرباب الأيّام والساعات
544
1
|VI.1.3|
الفصل الأوّل في طبائع البروج وحالاتها وما يطلع في وجوهها من الصور
2
|VI.1.4| قد ذكرنا في القول الثاني طبائع البروج المفردة وذكرنا في القول الخامس اشتراك الكواكب مع
3
البروج ونحن نريد أن نذكر في هذا القول من خاصّية دلالة كلّية البروج ودرجها ما يوافق هذا
4
الكتاب فأمّا في هذا الفصل فنذكر ما يطلع في وجوهها من الصور وقد كان عامّة أصحاب النجوم
5
إذا قرأوا في بعض كتب الأوائل ذكرهم ما يطلع من الصور في كلّ وجه من وجوه البروج
6
يظنّون أنّه شيء لا معنى له لأنّهم كانوا لا يجدون لدلالتها ذكرا في عامّة الكتب ولا يعلمون ما تدلّ
7
عليه كلّ صورة منها
8
|VI.1.5| وقد ذكر هرمس وبطلميوس وذورثيوس وتينكلوس وأنطيقوس وغيرهم من علماء نواحيهم
9
وعلماء الهند في خواصّ كتبهم خاصّية دلالات تلك الصور والأشياء على ما يحدث في هذا العالم
10
فأمّا بعض دلالاتها فإنّها شبيهة بخلقتها أو باسمها أو بحالها وأمّا بعضها فإنّ دلالاتها بعيدة من
11
ذلك وإنّما يعرفها العلماء بصناعة النجوم وبمعرفة طبائع الأشياء العلوية والأرضية
12
|VI.1.6a| وسنذكر تلك الدلالات في الكتب التي يحتاج إلى ذكرها فيها ولم يكن قصد الأوائل في
13
ذكرهم هذه الصور على الحال التي ذكروها عليه إنّ في الفلك صورا مثلها في التخطيط والشكل
14
والجسم حتّى يطلع كلّ صورة منها بتلك الهيئة في كلّ وجه من وجوه البروج ولكنّهم وجدوا
15
لكلّ موضع من مواضع الفلك ولكلّ وجه من وجوه البروج خاصّية في الدلالة على الأشياء
16
الكائنة في هذا العالم ووجدوا عامّة الناس يظنّون أنّه ليس لشيء من درج الفلك بذاته خاصّية
546
1
في الدلالة على شيء من الأشياء ئلّا [*]ئلّا corrupt for إلّا أن تكون فيها صور فتدلّ تلك الصور بخاصّيتها على
2
تلك الأشياء|VI.1.6b| فنسبت الأوائل دلالات مواضع الفلك ووجوه البروج إلى صور وأشياء زعموا أنّها
3
تطلع في وجوه البروج لتكون أقرب إلى فهم الناظر فيها وسمّوا تلك الصور بأسماء مختلفة وجعلوا
4
لكلّ واحدة منها حالا خلاف حال الأخرى فأمّا بعض تلك الصور وحاله فإنّها قريبة الاسم
5
والحال من الأشياء الموجودة عندنا وبعضها بعيدة عنها عجيبة الاسم والخلقة والحال إذا تفكّر فيها
6
المتفكّر وإنّما جعلوا لها تلك الأسماء والحالات العجيبة ليكون بين أسماء صور الفلك وحالاتها
7
وبين أسماء هذه الأشياء الموجودة عندنا وحالاتها فصل
8
|VI.1.7| وقد خالف بعض علماء أهل الناحية الواحدة غيرهم من علماء أهل الناحية الأخرى في خلق
9
تلك الصور وأشكالها وحالاتها ووجدنا ذلك على ثلاثة أصناف وقد ذكرناها في كتابنا هذا وقد
10
ذكر خواصّ من الأوائل أنّ في الفلك صورا وأشياء أُ خر خلاف ما وصفنا وتكلّموا عليها بكلام
11
كثير على معنى الرمز فتركنا ذلك لأنّه غير مشاكل لكتابنا هذا وإنّما ذكرنا هاهنا من خلق الصور
12
والأشياء التي تطلع في وجوه البروج ما يشاكل هذا الكتاب ممّا اتّفق عليه علماء أحكام النجوم
13
في كلّ زمان
14
|VI.1.8| وأوّل ما بدأنا بذكر الصور التي اتّفق عليها أوائل أهل فارس والبابليين ومصر ثمّ ذكرنا بعده ما
15
اجتمع عليه أهل الهند ثمّ من بعد ذلك الصور الثماني والأربعين التي ذكرها أراطس وبطلميوس
548
1
الحكيمان وكلّ صورة ممّا ذكراه تحيط بعدّة كواكب ووجدنا الكواكب منذ زمان بطلميوس
2
إلى زماننا هذا قد سارت درجا كثيرة وبزوال الكواكب عن مواضعها زالت الصور عن محاذاة
3
الوجوه التي كانت فيها في زمان بطلميوس فذكرنا من الصور ما وافق طلوعها مع وجوه البروج في
4
زماننا هذا وهي ألف ومائة وستّون للإسكندر وكلّما أتت عليها سنون كثيرة ينبغي أن يصحّ
5
طلوع الصور التي ذكرها بطلميوس في وجوه البروج لذلك الزمان
6
|VI.1.9| فأمّا الصور التي ذكرها أهل الهند وأهل فارس ومصر وغيرهم أنّها تطلع في وجوه البروج فإنّها
7
لا تزول عن مواضعها لأنّهم زعموا أنّ دلالات تلك الصور والأشياء هي من خاصّية دلالة
8
تلك الوجوه وإنّما أسماء تلك الصور والأشياء فيها على معنى الاستعارة فأمّا بعض هذه الصور
9
التي ذكروها فإنّها تطلع في الوجه الواحد تامّا وبعضها تطلع في وجهين أو في وجوه كثيرة
10
|VI.1.10| الحمل فأمّا الحمل فإنّ طبيعته نارية مرّة صفراء ومذاقته مرّة منتصب الخلقة ذو لونين
11
ووجهين زائد النهار على اثنتي عشرة ساعة ناقص المطالع من ثلاثين
12
|VI.1.11a| ويطلع في الوجه الأوّل منه امرأة يقال لها أتينا المضيئة النيّرة وذنب سمكة بحرية يقال لها
550
1
الأقار ويقال لها أيضا قيطس وأوّل المثلّث ورأس التأمور وهو ثور أيّل وصورة رأسها رأس
2
كلب في يده اليسرى سراج وفي يده اليمنى مفتاح
3
|VI.1.11b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل أسود أحمر العينين عظيم الجثّة قوي الجأش عظيم
4
في نفسه عليه كساء أبيض كبير قد أوثقه في وسطه بحبل وهو غضبان قائم على رجليه وهو
5
حارس حافظ
6
|VI.1.11c| ويطلع في هذا الوجه من إحدى الصور الثماني والأربعين على ما يوافق قول بطلميوس ظهر
7
ذات الكرسي وعجزها وركبتها ويدها اليسرى ويطلع وسط ظهر المرأة التي لم تر بعلا إلى العجز
8
والأفخاذ وأطراف الذيل وتطلع السمكة الثانية وبعض خيط الكتّان ومؤخّر بطن قيطس
9
|VI.1.12a| ويطلع في الوجه الثاني من الحمل أندروميطا ووسط تلك السمكة البحرية وهو الأقار ووسط
10
المثلّث ووسط التأمور وهو ثور أيّل ونصف حيّة وحقل زرع وسفينة بحرية وفارس بيده حربة
11
وامرأة تمشط رأسها ودرع من حديد ورأس الغول وإرفاء برساوس أي سيف برساوس
12
وبرساوس هو حامل رأس الغول يسمّى بالعربية النمس وبالفارسية فيلسوس
552
1
|VI.1.12b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة عليها كساء وثياب حمر لها رجل واحدة تشبه
2
صورتها صورة الفرس في نفسها أن تذهب فتطلب الثياب والحلى والولد
3
|VI.1.12c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس فخذ ذات الكرسي وساقيها وقدماها ورأس
4
برساوس وطرف كفّه اليمنى وبقية ذيل المرأة التي لم تربعلا وقدميها والمثلّث ورأس الحمل وقرنيه
5
وبقية خيط الكتّان الذي في العطف وصدر قيطس
6
|VI.1.13a| ويطلع في الوجه الثالث من الحمل رجل شابّ يقال له قاسيوس وهو جالس على كرسي عليه
7
فرش معه تمثالين ويطلع خلف الكرسي برساوس أي فيلسوس منكّس يدعو اللّه ويطلع صدر
8
السمكة ورأسها وهو الأقار ومؤخّر ذلك المثلّث وذنب التأمور وهو ثور أيّل والنصف الثاني من
9
الحيّة
10
|VI.1.13b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل أصهب اللون أحمر الشعر وهو غضبان بحوج في
11
يده سوار من خشب وقضيب وعليه ثياب حمر دقيق بصناعات الحديد يريد عمل الخير فلا
12
يستطيعه وإنّما يريد الخير لأنّه وجه المشتري على ما زعمت الهند ولا يستطيعه لأنّه بيت المرّيخ
13
|VI.1.13c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس صدر برساوس وكفّه اليسرى التي فيها
14
الرأس والذؤابة التي في رأس الحمل وبدن الحمل ورأس قيطس ويداه
554
1
|VI.1.14| الثور وأمّا الثور فإنّ طبيعته أرضية مرّة سوداء ومذاقته حامضة زائد النهار على ساعات
2
الاستواء ناقص الخلقة نيمجرد يعني شبه نصف أرض مدوّرة بناتأ[*]بناتأ corrupt for بناتئ
3
|VI.1.15a| ويطلع في الوجه الأوّل منه الجبّار السيّاف بيده اليسرى سيف وبيده اليمنى غمده وعصاه وقد
4
يقلّد سيف وعلى كتفه مصباحان يكلّمانه ويدعوانه باسمه ويطلع سفينة عظيمة فوقها سبع
5
وفيها رجل عريان جالس وتحت السفينة نصف جسد امرأة ميّتة ويطلع رجل منكّس ورأس
6
كلب وهي صورة يقال لها بالفارسية سكسر ومعناه أنّها صورة رأسها رأس كلب فيطلع رأس
7
تلك الصورة
8
|VI.1.15b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة كثيرة شعر الرأس حسنة جعدة شبيهة بالحرّة لها
9
ولد وعليها ثياب قد أصاب بعضها حرق النار وهي تهمّ بطلب الكسوة والحلى لولدها
10
|VI.1.15c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس وسط برساوس وعجزه والرأس الذي في
11
كفّه اليسرى وعجز الحمل وأليته والموضع الذي في قطع الثور وفكّا قيطس والعطف الذي في
12
النهر ومصبّ الماء الذي في آخر النهر
556
1
|VI.1.16a| ويطلع في الوجه الثاني من الثور سفينة ورجل عريان منطلق إلى تلك السفينة رافع يديه
2
بيده مفتاح والنصف الباقي من جسد تلك المرأة الميّتة ووسط الجسد الذي يشبه رأسه رأس
3
كلب وفي يده اليمنى عصا وصنم عار ومنديل وفي يده اليسرى مفتاح وهو يشير بيده اليمنى
4
واليسرى
5
|VI.1.16b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل يشبه وجهه وجسده بالحمل وله امرأة مثل خلقة
6
الثور وأصابعه شبيهة بأظلاف المعزى وذلك الرجل قوي في بدنه كثير حرارة المعدة والبدن
7
أكول لا يفتر عن الأكل عليه كساء خلق يهمّ بعمارة المنزل والأرضين والبناء وإخراج البقر إلى
8
الحرث والزراعة ويطلع صورة روحانية منكّسة بيدها اليمنى قضيب رافعة اليد اليسرى
9
|VI.1.16c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس ركبتا برساوس وساقاه والقدم المؤخّر وظهر
10
الثور وسنامه وأصل يده ومراقّ بطنه وقدمه اليمنى وأوّل النهر وبعض وسطه إلى قريب من آخره
11
|VI.1.17a| ويطلع في الوجه الثالث من الثور مؤخّر الجسد الذي يشبه رأسه رأس الكلب ورجل نائم
12
ممسك حيّة وعجلتان عليهما رجل شابّ جالس يجرّهما فرسان وسائس وتيس قد أمسكه
13
السائس بيده اليسرى
558
1
|VI.1.17b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل شديد بياض الأسنان والرجلين طو يلهما قد
2
بدّت أسنانه من شفتيه أحمر اللون والشعريشبه جسده بجثّة الفيل والأسد مختلط العقل يتفكّر
3
في الشرّ جالس على طنفسة عليه قطيفة ملتحف بسمّور أسود ويطلع فرس شمالي وكلب وعجل
4
رابض
5
|VI.1.17c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس قدم برساوس اليمنى ومنكب ممسك العنان
6
ويده اليسرى وطرف ذيله ورجله اليسرى وقفا الثور ورأسه وركبتاه ويده اليسرى وأصل قرنه
7
وطرف الثوب الذي في يد الجبّار وأوائل النهر والعطف الذي في النهر
8
|VI.1.18| الجوزاء وأمّا الجوزاء فإنّ طبيعتها طبيعة الدم ومذاقتها حلوة وهي على لون السماء منتصبة
9
الخلقة كثيرة الوجوه
10
|VI.1.19a| ويطلع في الوجه الأوّل من الجوزاء ذنب الصورة التي تشبه رأسها رأس الكلب ورجل بيده
11
قضيب ويطلع معه من ناحية الجنوب عجلتان على فرسين عليهما رجل جالس يسوسهما ورأس
12
حيّة ذات قرن
13
|VI.1.19b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة جميلة صالحة قائمة في الهواء تهمّ بطلب الحلى والولد
14
عالمة بالخياطة وأشباهها من الصناعات المعجبة ويطلع معها مرآة الصياقلة
560
1
|VI.1.19c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس رأس ممسك العنان والذي على المرفق والذي
2
في ركبته اليمنى وقدمه اليمنى وهو المشارك لطرف قرن الثور والقرن الآخر الجنوبي من الثور ومنكب
3
الجبّار الأيسر وقدمه اليسرى ورأس الأرنب ويداه
4
|VI.1.20a| ويطلع في الوجه الثاني من الجوزاء رجل معه مزمار من ذهب يزمر به وإيرقلاس وقد يسمّيه
5
قوم هرقليس وهو جاثي على ركبته وحيّة تصعد على شجرة تهرب من إ يرقلاس ووسط الحيّة
6
ذات القرن وذئب في يده علامة
7
|VI.1.20b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل على صورة الزنج ولون العنقاء وقد عصب رأسه
8
بعصابة من رصاص وقد لبس السلاح وعلى رأسه بيضة من حديد وعلى تلك البيضة تاج من
9
ديباج وفي يده قوس ونشّاب وهو يحبّ اللهو والمزاح ويطلع معه بستان كثير الريحان وكنّار وهو
10
صنج يضرب به وهو يتغنّى ويأخذ الريحان من البستان
562
1
|VI.1.20c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس كفّ ممسك العنان اليمنى وإحدى قدمي
2
الثور المؤخّرة ويد الجبّار ومنكبه ورأسه وصدره ومنطقته وركبته وقدمه وصدر الأرنب وعجزه
3
|VI.1.21a| ويطلع في الوجه الثالث من الجوزاء أفلّون وعلى رأسه إ يجانة ومعه كنّار وهو صنج وأوتار
4
ومزمار من ذهب ويطلع كلب ينبح ودلفين وهي دابّة من دوابّ البحر وفهد وجلمي خيّاط
5
والنصف الأوّل من الدبّ الأصغر وذنب الحيّة ذات القرن ملتوى على أصل سنبلة
6
|VI.1.21b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل يطلب السلاح ليلبسه ومعه قوس وجعبة وفي يده
7
نشّابة وثياب وحلى كثيرة وفي نفسه تأليف الغناء ووضعه والطرب واللهو واللعب بأنواع
8
شتّى
9
|VI.1.21c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس منكب التوئم المؤخّر ويده وعجزه وقدمه اليمنى
10
وأفخاذ التوئم المقدّم وقدميه وذنب الأرنب وفم الكلب ويديه ورجله اليمنى ومجذاف السفينة
11
الأوّل وطرف المجذاف الثاني
564
1
|VI.1.22| السرطان وأمّا السرطان فإنّ طبيعته مائية بلغمية ومذاقته مالحة
2
|VI.1.23a| ويطلع في الوجه الأوّل منه النصف الأخير من الدبّ الأصغر وصورة تامّة يقال لها
3
ساطيروس ملتفت إلى خلفه وهي قريبة من أي موسي الذي يضرب بالكنّار وهو الصنج
4
ويزمر وحرز من حديد رأسه من صفر والجارية الأولى من الجواري الثلاث العذارى ورأس
5
خنفساء وذنب سامّ أ برص
6
|VI.1.23b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل شابّ جميل الصورة عليه ثياب وحلى وفي وجهه
7
وأصابعه شيء من عوج جسمه يشبه جسم الفرس والفيل وهو أبيض الرجلين قد علق على
8
جسده أنواع الفاكهة وورق الشجر ومنزله في غيضة ينبت فيها الصندل
9
|VI.1.23c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس وجه الدبّ الأكبر ورأس التوئمين المؤخّر
10
والمقدّم وعجز التوئم المقدّم ويده والكلب الأصغر وبقية الكلب الأكبر وكوثل السفينة وأصل
11
المجذاف
566
1
|VI.1.24a| ويطلع في الوجه الثاني من السرطان الجارية الثانية من العذارى وشبه السحاب ونصف مقدّم
2
كلب ونصف أذني حمار والحمار الشمالي ووسط الخنفساء ووسط السامّ أ برص
3
|VI.1.24b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه جارية حسنة المنظر على رأسها إكليل من نيلوفر وريحان
4
أحمر وفي يدها قضيب خشب وهي تصيح من حبّها للشرب والغناء والسجود في بيوت العبادة
5
|VI.1.24c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس رأس الدبّ الأكبر وشقّ السرطان المؤخّر
6
وكوثل السفينة
7
|VI.1.25a| ويطلع في الوجه الثالث من السرطان الجارية الثالثة من العذارى وهي تختلف مقبلة ومدبرة
8
ونصف مؤخّر الكلب والنصف الثاني من أذني الحمار والحمار الثاني الجنوبي وآخر الخنفساء
9
ورأس السامّ أ برص
10
|VI.1.25b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل يشبه قدمه قدم السلحفاة ولون قدمه مثل لون
11
الكشوت قد بسط على جسده جبّة عليه حلى من ذهب وفي نفسه إتيان السفينة وركوب البحر
12
ليجلب الذهب والفضّة يتّخذ منها للنساء الحلى
568
1
|VI.1.25c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس أصل عنق الدبّ الأكبر ويده اليمنى المقدّمة
2
وز بانى السرطان ومعلفه ورأس الشجاع وشراع السفينة وما يلي ذلك من بدنها
3
|VI.1.26| الأسد وأمّا الأسد فإنّ طبيعته نارية مرّة صفراء ومذاقته مرّة
4
|VI.1.27a| ويطلع في الوجه الأوّل منه ذنب وكلب يرمي بقوس وصورة أسد ونصف سفينة فيها ملّاحها
5
ورأس إدرس وهو حيّة سوداء مائية ورأس فرس ورأس حمار
6
|VI.1.27b| وزعمت الهند أنّه يطلع فيه شجرة عظيمة الأصل على أغصانها كلب وا بن آوى ورخمة
7
ورجل عليه ثياب مرتفعة دنسة وهو يهمّ بالحزن على أبو يه ويطلع معه صاحب الفرس الناظر نحو
8
الشمال شبيه صورته بصورة الذئب ويطلع معه نصل ونشّابه ورأس كلب وشيء يشبه الكلب
9
|VI.1.27c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس عنق الدبّ الأكبر ويده اليسرى المؤخّرة
10
وهامة الأسد ويديه وعنق الشجاع ووسط السفينة
570
1
|VI.1.28a| ويطلع في الوجه الثاني من الأسد صنم رافع يده إلى فوق يصيح بأعلى صوته ومعه صنوج
2
الرقّاصين المعمولة من نحاس وأغان مختلفة ويطلع تغار من شراب وكأس وزجاج ومزمار
3
من قرون الظباء وبطّة وخنزير ودبّ منتصب اليد والنصف الباقي من السفينة وعنق إدرس
4
أعني الحيّة السوداء المائية ووسط الفرس ووسط الحمار
5
|VI.1.28b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل أنفه إلى الدقّة ما هو على رأسه إكليل من ريحان
6
أبيض وبيده قوس يخاصم عن اللصوص خبيث غضوب يشبه في شدّة غضبه الأسد قد اشتمل
7
بكساء على لون الأسد
8
|VI.1.28c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس منكبي الدبّ الأكبر وقدمه اليمنى المقدّمة
9
وعنق الأسد وأصل يده ووسط الشجاع وأوّل السفينة
10
|VI.1.29a| ويطلع في الوجه الثالث من الأسد رجل شابّ سائس دوابّ وبيده سوط ويسمّى تينكلوس
11
السوط مطراق وهو يجرّ عجلة فيها إنسان جالس وغلام صغير يتبعه في يده اليسرى ثوب وتغار
12
ويطلع غراب ووسط الحيّة السوداء المائية ومؤخّر الفرس ومؤخّر الحمار
572
1
|VI.1.29b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل صورته مثل صورة الزنج قبيح سمج كثير التعب
2
شديد الهمّ في فيه فاكهة ولحم وفي يده إ بريق
3
|VI.1.29c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس صدر الدبّ الأكبر ووسط الأسد وبعض
4
الشجاع
5
|VI.1.30| السنبلة وأمّا السنبلة فإنّها ذات جسدين ولها ثلاث صور
6
|VI.1.31a| ويطلع في الوجه الأوّل منها جارية يسمّيها تينكلوس دوشيبه وهي عذراء مليحة نظيفة طو يلة
7
الشعر حسنة الوجه في يدها سنبلتان وهي جالسة على كرسي عليه فرش وهي تربّي صبيا صغيرا
8
وتطعمه المرق في موضع يقال له أ تريا ويسمّى ذلك الصبيّ بعض الأمم إ يسوع ومعناه عيسى
9
ويطلع معه رجل جالس على ذلك الكرسي ويطلع معها كوكب السنبلة ومؤخّر الحيّة المائية
10
ورأس غداف ورأس أسد
11
|VI.1.31b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه جارية عذراء عليها كساء وثياب عتيقة بيدها وجوه
12
ويدها معلّقة وهي قائمة في وسط ريحان حسن تريد إتيان منازل آبائها وأصدقائها لطلب الكسوة
13
والحلى
574
1
|VI.1.31c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس طرف ذنب التنّين ومؤخّر ذنب الدبّ
2
ورجله المؤخّرة وعجز الأسد ورجلاه وذنبه والكأس الذي في الشجاع وبعض بدن الشجاع
3
|VI.1.32a| ويطلع في الوجه الثاني من السنبلة وأي موسي وهو يضرب بالكنّار وهو الصنج ويزمر ويطلع
4
إنسان صاحب ذؤابة ونصف صورة يقال لها بالرومية باطس وبالفارسية النابينا وهو إنسان
5
رأسه كأنّه رأس ثور يطلع منه نصفه وفي يده نصف إنسان عريان ويطلع نصف خشبة في
6
رأسها حديدة يحرث بها الأرض وذنب الحيّة المائية السوداء ووسط الغداف ووسط الأسد
7
|VI.1.32b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل أسود قد نبت في جميع جسده الشعر وعليه ثلاثة
8
أثواب أحدها جلود والثاني حرير والثالث كساء أحمر وبيده دواة وهو يحبّ النظر في المحاسبات
9
والنفقات وكلّما يرجع ويردّ من الأموال
10
|VI.1.32c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس بعض ذنب التنّين وعجز الدبّ
11
الأكبر وطرف الذؤابة ورأس العذراء ومنكبها الأيسر ورأس الغراب ومنقاره وجناحه وذنب
12
قنطورس
576
1
|VI.1.33a| ويطلع في الوجه الثالث من السنبلة النصف الآخر من باطس أي النابينا والنصف الباقي من
2
الإنسان العريان والنصف الآخر من الخشبة التي في رأسها حديدة وذنب الغداف وذنب الأسد
3
وسنبلة وثوران ونصف رجل راع
4
|VI.1.33b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة صمّاء نظيفة بيضاء عظيمة في نفسها قد لبست كساء
5
مصبوغا مغسولا لم يجفّ بها برص في بدنها وهي تهمّ بإتيان بيوت العبادة للصلوة فيها
6
|VI.1.33c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس بعض ذنب التنّين وأصل ذنب الدبّ الأكبر
7
وبقية الذؤابة ومنكب العذراء الأيمن وبعض صدرها وصدر الغراب وشقّ الجناح المؤخّر وعجز
8
قنطورس وفخذ رجله المؤخّرة
9
|VI.1.34| الميزان وأمّا الميزان فإنّه برج هوائي دموي معتدل ناقص النهار زائد المطالع ذو لونين ووجهين
10
منتصب الخلقة
11
|VI.1.35a| ويطلع في الوجه الأوّل منه رجل يشبه الغضبان بيده اليسرى ميزان وفي يده اليمنى حمل
12
ويطلع كتب مكتوبة وثلاثة غلمة يسمّون كلّهم قرطوما ويطلع على أ ثرهم أي موسي وهو
578
1
جالس على فرس يضرب بالكنّار وهو الصنج ويتغنّى ويزمر ويطلع رأس تنّين وأوّل جزء من
2
بحيرة يقال لها بالرومية بحيرة أخروسيا يعني الذهبي ويسمّيه بعض الفرس الزاب الأكبر ويطلع
3
طائفة من سفينة
4
|VI.1.35b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل بيده قفيز وميزان وهو يجلس في السوق في
5
حانوت ويهمّ بالكيل والوزن والشرى والبيع عالم بذلك
6
|VI.1.35c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس وسط ذنب الدبّ الأكبر ووسط بطن
7
العذراء وكفّها اليسرى الذي فيه السنبلة وذنب الغراب وبعض ذنب الشجاع ومنكب قنطورس
8
اليمنى وبعض بدن الفرس من مؤخّر عجزه ومراقّ بطنه
9
|VI.1.36a| ويطلع في الوجه الثاني من الميزان رجل سائس يسمّيه الفرس بوداسف ويسمّيه الروم إنيخس
10
وعجلة فيها رجل جالس بيده سوط وسفط أحمر لرجل تاجر فيه فرند وديباج وجراب وخريطة
11
صيدلاني وصفّ خيّاطين وفسطاط فيه أصحاب عطر ورجل جالس على سرير حوله شرط ويطلع
580
1
صبيّ صغير ووسط السفينة ومقدّم قنطورس فوق السفينة ووسط التنّين ووسط بحيرة أخروسيا
2
يعني الذهبي ويسمّيه الفرس الزاب الأكبر ويطلع عين ماء
3
|VI.1.36b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل صورته كصورة التنّين على لون الرخم عريان عطشان
4
ضعيف اليدين يريد الطيران إلى الهواء همّته النساء والأولاد
5
|VI.1.36c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس بعض ذنب التنّين وطرف ذنب الدبّ
6
الأكبر والساق اليسرى من بدن العوّاء وذيل العذراء ورأس قنطورس ومنكباه وصدره
7
|VI.1.37a| ويطلع في الوجه الثالث من الميزان مؤخّر التنّين وتمام السفينة وآخر قنطورس وتمام بحيرة
8
الذهب ودماغ رأس وهامة ناحية من الدماغ ورجل عريان يقال له وارتدي متّكأ واضع يده
9
اليسرى على رأسه ويده اليمنى في عنقه بها ويطلع إكليل وارتدي وهو فوق رأس إنسانين
10
لرأسهما قرنان ملتويان أحدهما على الآخر يسمّيان بالسطا وأدونيس ويطلع شيء آخر يسمّونه
11
السماء
582
1
|VI.1.37b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل يشبه وجهه وجه الفرس عليه جراب وبيده قوس
2
ونشّاب قد نزع في القوس وهو في أجمة يريد أن يتصيّد ويجلس وحده ويتفكّر في الأشياء
3
|VI.1.37c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس بعض ذنب التنّين ويده وذراعه وركبته اليمنى
4
وشقّه الأيمن وطرف ذيل العذراء وقدميها ويد قنطورس اليسرى ورجل السبع
5
|VI.1.38| العقرب وأمّا العقرب فإنّ طبيعتها مائية بلغمية
6
|VI.1.39a| ويطلع في الوجه الأوّل منها مؤخّر فرس ذكر يقال له قنطورس ويقال له أيضا بوداسف
7
ويطلع مؤخّر ثور وأسوار رام في يده عصا وشيء يقال له الصنجة
8
|VI.1.39b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة حسنة القدّ حمراء الجسد موافقة في جميع أمورها
9
تهمّ بأكل الطعام وقلّة الخبز وطلب المال والمنازعة في الأرض حتّى تبقى عليها
10
|VI.1.39c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس أصل يد الدبّ الأصغر وبعض ذنب
11
الشجاع ورأس العوّاء وذراعه الأيمن وصدر الميزان ومنكباه وطرف الفكّة اليسرى الشمالية
12
ويد السبع وعجزه وذنبه وقدم قنطورس المقدّم
584
1
|VI.1.40a| ويطلع في الوجه الثاني من العقرب أسفلينوس وهو رجل عريان ووسط قنطورس وهو
2
الفرس الذكر ووسط الثور
3
|VI.1.40b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة غريبة عن بلدها حسنة الوجه عريانة لا كسوة
4
لها ولا حلى ولا مال ولا شيء من الأشياء موثقة رجلها بحيّة وهي في البحر تريد أن تأتي
5
الأرض
6
|VI.1.40c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس أصل يد الدبّ الأصغر وبعض ذنب التنّين
7
وعصا العوّاء والإكليل الشمالي ورأس حيّة الحوّاء وأفخاذ الميزان وقدماه وإكليل العقرب
8
وظهر السبع
9
|VI.1.41a| ويطلع في الوجه الثالث من العقرب مقدّم الفرس الذكر وهو قنطورس وهو عظيم الخلقة
10
حامل أرنب قد عضّ عليه ومقدّم ثور ومقدّم كلبة صارف ولها ساجور تجرّه وإنيخس يعني ممسك
11
العنان وفي يده حيّتان
12
|VI.1.41b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه كلب وا بن آوى وخنزير برّي ونمر عظيم قد ابيضّ شعره
13
وضروب من الصيد مسكنها كلّها أجمة الصندل يتناظرون ويفرق كلّ واحد منهم الآخر
14
|VI.1.41c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس صدر الدبّ الأصغر والعطف الذي في
15
بدن التنّين ورجل الجاثي على ركبته المعطوفة ومنكبه وذراعه اليمنى وذراع الحوّاء اليمنى
16
وبطن العقرب وعقد جسمها ورأس المجمرة التي فيها النار
586
1
|VI.1.42| القوس وأمّا القوس فإنّه ذو جسدين وذو طبيعتين غير تامّ نيمجرد يعني أنّه مقطوع بنصفين
2
|VI.1.43a| ويطلع في الوجه الأوّل منه صورة رجل روحاني عريان منكّس الرأس يدعى الشقي على
3
رأسه غداف ينقّر بمنقاره رأس الشقي ويطلع بدن الكلبة الصارف وهو منكّس رأسه عند ذنبه
4
ورأس باز
5
|VI.1.43b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل عريان من رأسه إلى وسط ظهره صورة إنسان
6
ومؤخّره على صورة الفرس وفي يده قوس ونشّاب ينزع في القوس وهو يصيح يريد أن يذهب إلى
7
موضع الزمزمة ويأخذ متاع الزمزمة ليدّخرها لنفسه
8
|VI.1.43c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس عنق الدبّ الأصغر وبعض بدن التنّين
9
وعجز الجاثي على ركبته وفقار ظهره ورأسه ويديه ومنكب الحوّاء الأيمن وعجزه وفخذه الأيسر
10
وقدمه اليسرى وشوكة العقرب وما يليها من العقد وبدن المجمرة
11
|VI.1.44a| ويطلع في الوجه الثاني من القوس كيافيوس أي قيفاوس قائلا بيده اليسرى على فيه
12
قابضا بيمينه على قرن جدي وقد مدّ يمينه إلى سبع يعني بالسبع كلب ويطلع رأس ذلك السبع
13
ونصف أرونس يعني نصف أرنب ورأس أسد ووسط جسد الشقي ونصف أرعوا وهي السفينة
14
والنصف الأوّل من الدلفين ووسط البازي
588
1
|VI.1.44b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة جالسة مقتدرة الجمال كثيرة الشعر عليها ثياب
2
وقرطان وبين يديها سفط مفتوح فيه حلى
3
|VI.1.44c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس صدر الدبّ الأصغر وبعض بدن التنّين
4
وبعض رأسه وركبة الجاثي اليسرى وقدمه وذراعه الأيسر ورأس الحوّاء ومنكبه الأيسر وكفّه
5
اليسرى وبعض بدن الحيّة وطرف سية القوس العليا وموضع مقبض الكفّ والنشّابة ونصل
6
السهم والسية السفلي وبعض الإكليل الجنوبي
7
|VI.1.45a| ويطلع في الوجه الثالث من القوس كلب في فيه يد قيفاوس وتمام جسد أرونس أي الأرنب
8
وسائر جسد الأسد وسائر جسد الشقي المنكوس والنصف الباقي من السفينة وما بقي من
9
الدلفين وذنب البازي ونصف أرقطس الأكبر أي الدبّ الأكبر وهي بنات نعش الكبرى
10
وتنّين وحيّة فظيعا المنظر ملتويين جدّا
11
|VI.1.45b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل يشبه لونه لون الذهب عليه قرطان وفي يده
12
سواران من خشب قد التحف بكساء من لحاء الشجر جالس على سرير حسن
590
1
|VI.1.45c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس وسط بدن الدبّ الأصغر وبعض بدن
2
التنّين وهامته وبعض بدن اللوزا وهي السلحفاة ويقال لها النسر الواقع أيضا وأصل ذنب حيّة
3
الحوّاء ورأس الرامي ومنكبه ورجله المقدّمة والإكليل الجنوبي
4
|VI.1.46| الجدي فأمّا الجدي فإنّه أرضي ترابي حراثي نيمجرد يعني مدوّر الخلقة غير تامّ منتصب ذو
5
جوهرين وطبيعتين
6
|VI.1.47a| ويطلع في الوجه الأوّل منه النصف الثاني من الدبّ الأكبر وامرأة مائية يقال لها نارايس
7
وهي شبه إنسان ممّن يسكن البحر ويطلع لوزا وهو صنج يضرب به تلك المرأة ورأس سمكة
8
كبيرة ومقدّم عين ماء رديء ومقدّم سبع خبيث يشبه جسده جسد قرد ورأسه رأس كلب
9
يقال له بالفارسية سكسر
10
|VI.1.47b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل أسود اللون غضبان جسده مثل جسد الخنزير
11
البرّي في جميع جسده شعر طو يل الأسنان حديدها مثل طول الخشب وحدّة الشوك ومعه وثاق
12
للبقر والدوابّ وشصّ يصاد به السمك
13
|VI.1.47c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس وسط بدن الدبّ الأصغر وبعض بدن
14
التنّين وعنقه وتمام بدن اللوزا وهي السلحفاة وهي التي تسمّى النسر الواقع وطرف ذنبه وبعض
15
جناحه والذي في ذؤابة الرامي وفي بدن فرسه
592
1
|VI.1.48a| ويطلع في الوجه الثاني من الجدي امرأة يقال لها بالرومية باوانو وبالفارسية إ يزد ويقال لها
2
أيضا هيلانيات وهي جالسة على سرير ويطلع شجرة كرم ووسط السمكة الكبرى ووسط العين
3
الرديئة ووسط السبع الخبيث أعني الذي يقال له بالفارسية سكسر ويطلع نصف عجلة
4
|VI.1.48b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة عليها ثياب سود وكساء ومتاع من متاع العجل
5
محرق بالنار وهي تعمل آلة الحديد ويطلع ا بن عرس وبرذون
6
|VI.1.48c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس مؤخّر الدبّ الأصغر وبعض بدن التنّين ممّا
7
يلي وسطه وبعض بدنه ممّا يلي صدره وجناح الدجاجة الأيمن وعنقها ورأسها ومنقارها وبدن
8
السهم الذي يسمّى النول وبدن النسر الطائر وقرن الجدي وهامته وطرف ذؤابة الرامي الذي
9
يسمّى الطرّادة
10
|VI.1.49a| ويطلع في الوجه الثالث من الجدي ذنب السمكة الكبرى ومؤخّر العين الرديئة ومؤخّر السبع
11
الخبيث أعني القرد الذي رأسه رأس كلب والنصف الباقي من العجلة ويطلع شيء روحاني
12
يقال له شيطان مستوي القامة لا رأس له وقد حمل رأسه بيده
13
|VI.1.49b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة حسنة المنظر والعين سوداء رقيقة اليد تعمل
14
أعمالا كثيرة تهمّ بأن تتّخذ لنفسها ألوان الحلى من الحديد
15
|VI.1.49c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس عجز الدبّ الأصغر والعطف الذي في بدن
16
التنّين ومؤخّر بدن الدجاجة ورجلها اليمنى وركبتها والجناح الأيسر والدلفين وذراع الدالي
17
ووسط بدن الجدي وذنب الحوت الجنوبي
594
1
|VI.1.50| الدلو وأمّا الدلو فإنّه برج هوائي دموي
2
|VI.1.51a| ويطلع في الوجه الأوّل منه إيريدونس وهو النهر الذي يمسك الجرّة ورأس ممسك الفرس
3
ويسمّيه تينكلوس الماهيجير ورأس أبي قنطورس ويقال له أسفيار وهو رافع يده اليسرى إلى
4
فوق ورأس إ يفس وهو طير أسود الرأس يصيد السمك من الماء
5
|VI.1.51b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل صورته صورة الزنج على هيئة الرخم معه قطيفة
6
وطنفسة وهو يهمّ بإصلاح إناء من صفر وخشب ليصبّ فيه الدهن والخمر والماء
7
|VI.1.51c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس أصل ذنب الدبّ الأصغر ورجل قيفاوس
8
ويده اليمنى ورجل الدجاجة اليسرى وطرف جناحها الأيسر ورأس الفرس الأوّل ورأس
9
الدالي ومنكبه الأيمن وعجز الجدي وذنبه ومؤخّر بدن الحوت الجنوبي
10
|VI.1.52a| ويطلع في الوجه الثاني من الدلو وسط بدن الذي يمسك الفرس قد أخذ فرسه بشماله وبيمينه
11
خنزير برّي قد وطئه برجله وفي كفّه حيّتان ووسط أبي قنطورس وجناح طير إ يفس الذي
12
يصيد السمك من الماء ويطلع التنّين
596
1
|VI.1.52b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل طو يل اللحية رأسه وصورته مثل الزنج شبيه بالفارس
2
وبيده قوس ونشّاب ومخلاة فيها ياقوت ولؤلؤ وذهب وز برجد وسائر الجواهر المرتفعة
3
|VI.1.52c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس وسط ذنب الدبّ الأصغر وفخذ قيفاوس
4
وعجزه ومنكبه الأيمن وبدن الفرس الثاني ورأسه والوعاء الذي في يد الدالي وهو أوّل دلو الدالي
5
وعجز الدالي وأفخاذه ووسط بدن الحوت الجنوبي
6
|VI.1.53a| ويطلع في الوجه الثالث من الدلو الطائر الكبير وهي الدجاجة الكبرى وهي تسمّى ذنب
7
الدجاجة ويسمّى أيضا ققنس ومؤخّر ممسك الفرس ومؤخّر أبي قنطورس ويطلع ذئب
8
قابض على يد أبي قنطورس وهو يعضّه ويطلع عند يد أبي قنطورس العين الرديئة ويطلع
9
تمام الطير الذي يقال له إ يفس
10
|VI.1.53b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل أسود اللون غضبان خبيث في أذنه شعر وعلى
11
رأسه إكليل من ورق الشجر والفواكه والصبغ وهو يعالج صنوف أمتعة الحديد يحوّلها من موضع
12
إلى موضع آخر
13
|VI.1.53c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس وسط ذنب الدبّ الأصغر وفخذ قيفاوس
14
ومنكبه الأيسر ورأسه وأصل يد الفرس ومنسجه وبعض بدن دلو الدالي وساق الدالي اليمنى
15
وقدمه اليسرى وآخر دلو الدالي ومصبّ الماء الذي هو رأس الحوت الجنوبي
598
1
|VI.1.54| الحوت وأمّا الحوت فإنّه برج مائي
2
|VI.1.55a| ويطلع في الوجه الأوّل منه نصف فرس له جناحان يسمّى بالرومية بغياسس ويسمّيه
3
تينكلوس البراق ويطلع رأس ثور أيّل ويقال له التأمور في منخريه حيّتان وزعم تينكلوس أنّه
4
رأس عقرب في فيها حيّتان وأوّل الوادي الذي يسمّى نيلوس وذنب قرقوديلوس وهو التمساح
5
ويقال له الطريق المحترق
6
|VI.1.55b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل عليه كسوة حسنة ومعه إسطام من حديد يعمل به
7
في النار وبيده ثلاث سمكات قد وضعهنّ بين يديه ومعه حلى وهو يمشي إلى منزله
8
|VI.1.55c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس طرف ذنب الدبّ الأصغر وذراع قيفاوس
9
الأيسر وبطن الفرس الثاني وأوّل السمكة الأولى وبعض دلو الدالي
10
|VI.1.56a| ويطلع في الوجه الثاني من الحوت وسط الثور الأيّل الذي في أنفه حيّتان وزعم تينكلوس
11
أنّه وسط العقرب التي في فيها حيّتان ووسط نهر نيلوس ووسط قرقوديلوس وهو التمساح ويقال
12
له الطريق المحترق والنصف الأوّل من الجاثي على ركبته
13
|VI.1.56b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه امرأة حسنة الوجه بيضاء الجسد في سفينة في البحر
14
مشدود صدرها إلى ذنبها ومعها أهلها ومعارفها وهي تريد الخروج إلى الأرض
600
1
|VI.1.56c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس طرف ذنب الدبّ الأصغر وساق قيفاوس
2
وقدمه ويد ذات الكرسي الممسكة الكرسي وكتف المرأة التي لم تربعلا ورأس المرأة المشارك
3
لمؤخّر الفرس ومؤخّر الحوت الأوّل وذنب قيطس
4
|VI.1.57a| ويطلع في الوجه الثالث من الحوت مؤخّر التأمور أي ثور أيّل وزعم تينكلوس أنّه مؤخّر
5
العقرب وآخر نهر نيلوس ورأس قرقوديلوس ملتفت برأسه إلى خلفه يقاتل نظرائه ويقودهم بين
6
يديه والنصف الثاني من الجاثي على ركبته
7
|VI.1.57b| وزعمت الهند أنّه يطلع في هذا الوجه رجل عريان قد مدّ رجله وركز في بطنه رمحا وهو قاعد
8
في الصحراء يصيح خوفا من اللصوص والنار
9
|VI.1.57c| ويطلع في هذا الوجه على ما يوافق قول بطلميوس طرف ذنب الدبّ الأصغر ووسط ظهر
10
ذات الكرسي وصدر المرأة التي لم تربعلا وبعض خيط الكتّان ومؤخّر قيطس
602
1
|VI.2.1|
الفصل الثاني في مطالع البروج في خطّ الاستواء وفي الأقاليم السبعة
2
|VI.2.2| إنّ البروج الاثني عشر يكون طلوعها من المشرق في خطّ الاستواء وتوسّطها السماء على حالة
3
واحدة وكلّ أربعة بروج فإنّ عدد درج مطالع كلّ واحد منها هناك يكون مثل الآخر
4
|VI.2.3a| فأمّا سائر الأقاليم السبعة فإنّ طلوع كلّ برجين منها من المشرق يكون بعدد درج واحد
5
ويتوسّط كلّ البروج السماء في جميع الأقاليم بمثل مطالعها في الفلك المستقيم وبين وسط كلّ
6
إقليمين من البعد نصف ساعة مستوية وسنذكر الآن مطالع الفلك المستقيم والأقاليم السبعة وقد
7
كان ذكر قوم من الأوائل مطالع الأقاليم على خلاف ما ذكرناه|VI.2.3b| فتركنا ذكره لأنّه كان غير صواب
8
وذكرنا هاهنا مطالع الأقاليم السبعة على نحو ما ذكره ثيون فأمّا الحمل والحوت والسنبلة والميزان
9
فإنّه يطلع كلّ واحد منها في خطّ الاستواء بسبع وعشرين درجة وخمسين دقيقة وأمّا الثور
10
والدلو والأسد والعقرب فإنّه يطلع كلّ واحد منها في خطّ الاستواء بتسع وعشرين درجة
11
وأربع وخمسين دقيقة وأمّا الجوزاء والسرطان والجدي والقوس فإنّه يطلع كلّ واحد منها في خطّ
12
الاستواء باثنتين وثلاثين درجة وستّ عشرة دقيقة
13
|VI.2.4| الإقليم الأوّل الحبشة وعرضه من درجة إلى عشرين درجة وثلاث عشرة دقيقة ومطالعه
14
معمولة لعرض ستّ عشرة درجة وسبع وعشرين دقيقة وأطول ساعات نهار المكان الذي
15
هذا مطالعه ثلاث عشرة ساعة وهذا الإقليم لزحل والحمل والحوت يطلع كلّ واحد منهما بأربع
16
وعشرين درجة وعشرين دقيقة الثور والدلو يطلع كلّ واحد منهما بسبع وعشرين درجة وأربع
17
دقائق الجوزاء والجدي يطلع كلّ واحد منهما بإحدى وثلاثين درجة وستّ دقائق السرطان
18
والقوس يطلع كلّ واحد منهما بثلاث وثلاثين درجة وستّ وعشرين دقيقة الأسد والعقرب
19
يطلع كلّ واحد منهما باثنتين وثلاثين درجة وأربع وأربعين دقيقة السنبلة والميزان يطلع كلّ واحد
20
منهما بإحدى وثلاثين درجة وعشرين دقيقة
604
1
|VI.2.5| الإقليم الثاني سوان وعرضه ما بين عشرين درجة وثلاث عشرة دقيقة إلى سبع وعشرين
2
درجة واثنتي عشرة دقيقة ومطالعه معمولة لعرض ثلاث وعشرين درجة وستّ وخمسين دقيقة
3
وأطول ساعات نهار المكان الذي هذا مطالعه ثلاث عشرة ساعة ونصف وزعمت الفرس أنّ
4
هذا الإقليم للمشتري وزعمت الروم أنّه للشمس الحمل والحوت يطلع كلّ واحد منهما باثنتين
5
وعشرين درجة وسبع وثلاثين دقيقة الثور والدلو يطلع كلّ واحد منهما بخمس وعشرين درجة
6
وثمان وثلاثين دقيقة الجوزاء والجدي يطلع كلّ واحد منهما بثلاثين درجة وثلاثين دقيقة
7
السرطان والقوس يطلع كلّ واحد منهما بأربع وثلاثين درجة ودقيقتين الأسد والعقرب
8
يطلع كلّ واحد منهما بأربع وثلاثين درجة وعشر دقائق السنبلة والميزان يطلع كلّ واحد منهما
9
بثلاث وثلاثين درجة وثلاث دقائق
10
|VI.2.6| الإقليم الثالث الإسكندرية وعرضه فيما بين سبع وعشرين درجة واثنتي عشرة دقيقة إلى
11
ثلاث وثلاثين درجة وتسع وأربعين دقيقة ومطالعه معمولة لعرض ثلاثين درجة واثنتين وعشرين
12
دقيقة وأطول ساعات نهار المكان الذي هذا مطالعه أربع عشرة ساعة وزعمت الفرس أنّ هذا
13
الإقليم للمرّيخ وزعمت الروم أنّه لعطارد الحمل والحوت يطلع كلّ واحد منهما بعشرين درجة
14
وثلاث عشرة دقيقة الثور والدلو يطلع كلّ واحد منهما بأربع وعشرين درجة واثنتي عشرة
15
دقيقة الجوزاء والجدي يطلع كلّ واحد منهما بتسع وعشرين درجة وخمس وخمسين دقيقة
16
السرطان والقوس يطلع كلّ واحد منهما بأربع وثلاثين درجة وسبع وثلاثين دقيقة الأسد
17
والعقرب يطلع كلّ واحد منهما بخمس وثلاثين درجة وستّ وثلاثين دقيقة السنبلة والميزان
18
يطلع كلّ واحد منهما بأربع وثلاثين درجة وسبع وأربعين دقيقة
19
|VI.2.7| الإقليم الرابع عرضه فيما بين ثلاث وثلاثين درجة وتسع وأربعين دقيقة إلى عرض ثمان
20
وثلاثين درجة وثلاث وعشرين دقيقة ومطالعه معمولة لعرض ستّ وثلاثين درجة وستّ
606
1
دقائق وأطول ساعات نهار المكان الذي هذا مطالعه أربع عشرة ساعة ونصف وزعمت الفرس
2
أنّ هذا الإقليم للشمس وزعمت الروم أنّه للمشتري الحمل والحوت يطلع كلّ واحد منهما بتسع
3
عشرة درجة واثنتي عشرة دقيقة الثور والدلو يطلع كلّ واحد منهما باثنتين وعشرين درجة
4
وستّ وأربعين دقيقة الجوزاء والجدي يطلع كلّ واحد منهما بتسع وعشرين درجة وسبع
5
عشرة دقيقة السرطان والقوس يطلع كلّ واحد منهما بخمس وثلاثين درجة وخمس عشرة
6
دقيقة الأسد والعقرب يطلع كلّ واحد منهما بسبع وثلاثين درجة وثلاث دقائق السنبلة
7
والميزان يطلع كلّ واحد منهما بستّ وثلاثين درجة وسبع وعشرين دقيقة
8
|VI.2.8| الإقليم الخامس عرضه فيما بين ثمان وثلاثين درجة وثلاث وعشرين دقيقة إلى اثنتين
9
وأربعين درجة وثمان وخمسين دقيقة ومطالعه معمولة لعرض أربعين درجة وستّ وخمسين
10
دقيقة وأطول ساعات نهار المكان الذي هذا مطالعه خمس عشرة ساعة وزعمت الفرس
11
والروم أنّ هذا الإقليم للزهرة الحمل والحوت يطلع كلّ واحد منهما بسبع عشرة درجة واثنتين
12
وثلاثين دقيقة الثور والدلو يطلع كلّ واحد منهما بإحدى وعشرين درجة وتسع عشرة دقيقة
13
الجوزاء والجدي يطلع كلّ واحد منهما بثمان وعشرين درجة وتسع وثلاثين دقيقة السرطان
14
والقوس يطلع كلّ واحد منهما بخمس وثلاثين درجة وثلاث وخمسين دقيقة الأسد والعقرب
15
يطلع كلّ واحد منهما بثمان وثلاثين درجة وإحدى وثلاثين دقيقة السنبلة والميزان يطلع كلّ
16
واحد منهما بثمان وثلاثين درجة وستّ دقائق
17
|VI.2.9| الإقليم السادس عرضه فيما بين اثنتين وأربعين درجة وثمان وخمسين دقيقة إلى سبع وأربعين
18
درجة ودقيقتين ومطالعه معمولة لعرض خمس وأربعين درجة ودقيقة وأطول ساعات نهار
19
المكان الذي هذا مطالعه خمس عشرة ساعة ونصف وزعمت الفرس أنّ هذا الإقليم لعطارد
20
وزعمت الروم أنّه للقمر الحمل والحوت يطلع كلّ واحد منهما بخمس عشرة درجة وخمس وخمسين
608
1
دقيقة الثور والدلو يطلع كلّ واحد منهما بتسع عشرة درجة واثنتين وخمسين دقيقة الجوزاء
2
والجدي يطلع كلّ واحد منهما بسبع وعشرين درجة وثمان وخمسين دقيقة السرطان والقوس
3
يطلع كلّ واحد منهما بستّ وثلاثين درجة وأربع وثلاثين دقيقة الأسد والعقرب يطلع كلّ
4
واحد منهما بتسع وثلاثين درجة وسبع وخمسين دقيقة السنبلة والميزان يطلع كلّ واحد منهما
5
بتسع وثلاثين درجة وتسع وأربعين دقيقة
6
|VI.2.10| الإقليم السابع عرضه فيما بين سبع وأربعين درجة ودقيقتين إلى ثلاث وستّين درجة
7
ومطالعه معمولة لعرض ثمان وأربعين درجة واثنين وثلاثين دقيقة وأطول ساعات نهار
8
المكان الذي هذا مطالعه ستّ عشرة ساعة وزعمت الفرس أنّ هذا الإقليم للمرّيخ وزعمت الروم
9
أنّه للقمر الحمل والحوت يطلع كلّ واحد منهما بأربع عشرة درجة وعشرين دقيقة الثور والدلو
10
يطلع كلّ واحد منهما بثماني عشرة درجة وثلاث وعشرين دقيقة الجوزاء والجدي يطلع كلّ
11
واحد منهما بسبع وعشرين درجة وسبع عشرة دقيقة السرطان والقوس يطلع كلّ واحد
12
منهما بسبع وثلاثين درجة وخمس عشرة دقيقة الأسد والعقرب يطلع كلّ واحد منهما بإحدى
13
وأربعين درجة وخمس عشرين دقيقة السنبلة والميزان يطلع كلّ واحد منهما بإحدى وأربعين
14
درجة وعشرين دقيقة
610
1
|VI.3.1|
الفصل الثالث في تناظر درج الفلك
2
|VI.3.2| إنّ تناظر درج البروج إنّما هي على قدر نسب الأشكال والعدد بعضها لبعض والمناسبة
3
الهندسية وهي كمناسبة بعض الأشكال لبعض أو كمناسبة طائفة من الشكل لكلّ ذلك الشكل
4
والمناسبة العددية هي أن تعدّ بعض أجزاء عدد من الأعداد إلى كلّ ذلك العدد كما أنّ الثلاثة
5
هي جزء من تسعة وهي تعدّ تسعة ثلاث مرّات فثلاثة وتسعة كلّ واحد منهما مناسب لصاحبه
6
|VI.3.3| والأوائل إنّما قصدت بدرج مناظرات البروج مناسبة بعضها لبعض بثلاثة أشياء متّفقات
7
أحدها أن يكون بعض عدد درج الفلك يعدّ كلّ درج الفلك والثاني أن يكون عدد تلك
8
الدرج موافقا لعدد بروج ويكون عدد تلك البروج يعدّ كلّ البروج والثالث أن يكون ذلك
9
العدد من درج الفلك يحيط من دائرة فلك البروج بقسي تكون الأشكال التي تعمل على
10
تلك القسي مساوية الأضلاع والزوايا متناسبة ويكون لكلّ شكل منها نسبة متساوية إلى كلّ
11
الدائرة فباتّفاق هذه الأشياء الثلاثة تكون لبعض درج الفلك نسبة إلى الآخر أعني النظر إليه
12
وذلك على سبع جهات المقابلة والتثليثين والتربيعين والتسديسين
13
|VI.3.4| فأمّا المقابلة فهي إذا كان بعد بعض الدرج من الأخرى مائة وثمانين درجة وأمّا التثليث
14
فهو إذا كان بعد بعض الدرج من الأخرى مائة وعشرين درجة وأمّا التربيع فهو إذا كان
15
بعد بعض الدرج من الأخرى تسعين درجة وأمّا التسديس فهو إذا كان بعد بعض الدرج من
16
الأخرى ستّين درجة وكلّ واحد من هذه الأعداد التي هي قدر المناظرة تجتمع فيها النسب
17
الثلاث التي ذكرنا لأنّ مائة وثمانين يعدّ ثلاثمائة وستّين مرّتين ولها من البروج ستّة والستّة تعدّ
18
البروج الاثني عشر مرّتين ويحيط بزاو يتين متساو يتين ويقسم الفلك بشكلين متساو يين الأضلاع
19
والزوايا مناسبين لكلّ الدائرة
612
1
|VI.3.5| وأمّا المائة والعشرون فإنّها تعدّ درج الفلك ثلاث مرّات ولها من البروج أربعة والأربعة تعدّ
2
كلّ البروج ثلاث مرّات وتقسم دائرة الفلك بثلاثة أشكال متساوية متناسبة كلّ شكل منها
3
مناسب لكلّ الدائرة وزاو يته التي على المركز زاوية قائمة وثلث وأمّا التسعون فإنّها تعدّ درج
4
الفلك أربع مرّات ولها من البروج ثلاثة والثلاثة تعدّ كلّ البروج أربع مرّات وتقسم دائرة
5
الفلك بأربعة أشكال متساوية متناسبة كلّ شكل منها مناسب لكلّ الدائرة وزاو يته التي على
6
المركز قائمة وأمّا الستّون فإنّها تعدّ كلّ درج الفلك ستّ مرّات ولها من البروج اثنان والاثنان
7
يعدّان كلّ البروج ستّ مرّات ويقسمان دائرة الفلك بستّة أشكال متساوية متناسبة كلّ شكل
8
منها مناسب لكلّ الدائرة وتحيط زاو يته التي على المركز بثلثي قائمة
9
|VI.3.6a| وأمّا الفلاسفة العدديين فإنّهم كانوا يسمّون النصف والثلث الحسابين العظيمين وقالوا إنّ
10
منهما ومن تضعيف بعضهما ومن نسبة أحدهما إلى الآخر على قدر النصف والثلث تكون
11
مناسبة درج الفلك التي هي المناظرة وقالوا إنّ نظر المقابلة هو من زاو يتين متساو يتين وإذا لزم
12
أحد عدد نصفي الفلك شيآ من النسبة لزم النصف الآخر مثله ثمّ قسموا كلّ واحد منهما بنصفين
13
فصار كلّ قسم تسعين درجة وهو نظر التربيع|VI.3.6b| ثمّ قسموا النصف بثلاثة أقسام فصار كلّ ثلث ستّين
14
درجة وهو نظر التسديس ثمّ أضعفوا درج التسديس فكان عشرين ومائة وهو نظر التثليث فالثمانون
15
والمائة الجزء فيها المائة والعشرون ونصفها والمائة والعشرون فيها التسعون وثلثها والتسعون منها
16
الستّون ونصفها فقد صار عند نسبة أحدها إلى الآخر يوجد في العدد الأكثر المتقدّم لصاحبه
17
مثل الأوّل ومثل نصفه أو مثله ومثل ثلثه فلذلك اتّخذوا هذه الأقدار مناظرات
614
1
|VI.3.7| وأمّا قوم آخرون فقالوا إنّ النظر إنّما عرفته الأوائل من حالات الكواكب فأمّا المقابلة
2
فإنّما صارت من تمام النور في جرم القمر لأنّ القمر لا يزال زائدا في النور حتّى يصير في مقابلة
3
الشمس فإذا زال من ذلك المكان نقص من ضوئه وأمّا التربيع فإنّما عرفوه من حال الكواكب
4
من أوجاتها لأنّه عند كلّ تسعين درجة يتباعدها الكوكب من رأس أوجه يتغيّر حاله في سيره
5
فأمّا التثليث فإنّما عرفوه من الكوكبين السفليين لأنّه إذا كان بين أحدهما وبين الشمس مائة
6
وعشرون درجة بالتقريب رجعا إن كانا مستقيمين واستقاما إن كانا راجعين فأمّا التسديس
7
فهو قدر موافق لنصف قطر الفلك ولقدر بعد بيتي الزهرة من بيتي النيّران
8
|VI.3.8| فللعلل التي ذكرنا علموا نظر الكواكب وإنّه إذا طلع من برج من البروج شيء من الأشياء
9
تكون مناسبة تلك الدرجة الطالعة ونظرها في عدد البروج زائلة عن الدرج التي كنّا ذكرناها
10
وذلك لأنّ الطالع إذا كان في أوّل درجة من الحمل وقع تسديسه في أوّل الجوزاء وتربيعه في
11
أوّل السرطان وتثليثه في أوّل الأسد وكذلك يكون نظره في الجهة الأخرى وكلّما زاد درج طلوع
12
الحمل على ما ذكرنا زاد في درج نظره إلى البروج التي ينظر إليها فالحمل ينظر إلى الجوزاء والدلو نظر
13
تسديس وإلى السرطان والجدي نظر تربيع وإلى الأسد والقوس نظر تثليث وإلى الميزان نظر
14
مقابلة وعلى هذه الحال يكون قدر مناظرة كلّ برج إلى غيره من البروج
15
|VI.3.9| وكلّ الأوائل يسمّون نظر التثليث والتسديس أحسن الأقدار وأدلّها على الاتّفاق والمودّة من
16
أجل أنّهما يبتدئان من بروج متّفقة وينتهيان إلى مثلها لأنّهم إن بدؤوا بمذكّر ختموا بمذكّر وإن
17
بدؤوا بمؤنّث ختموا بمثله وأمّا التربيع والمقابلة فيسمّيان استواء الأقدار من أجل اختلاف
616
1
أ برجتهم في الابتداء والنهاية وأقوى تناظر درج الفلك المقابلة ثمّ بعده التربيع ثمّ التثليث وأمّا
2
التسديس فهو دونها كلّها في القوّة
3
|VI.3.10a| وقد ردّ قوم ما ذكرنا أوّل شيء من أقدار نظر درج البروج وقالوا إن كانت الأوائل إنّما قصدت
4
بدرج المناظرات التي تعدّ كلّ درج الفلك فإنّه يجب أن يكون في المناظرات التخميس
5
والتثمين والتتسيع والتعشير وغير ذلك لأنّ خمس درج الفلك اثنان وسبعون وهي تعدّ كلّ
6
درج الفلك خمس مرّات وثمن كلّ درج الفلك وتسعه وعشره كلّ واحد منها أيضا يعدّ
7
كلّ درج الفلك مرّات مختلفة على قدر نسبة كلّ واحد منهما لصاحبه فقلنا إنّهم لم يقصدوا
8
بالمناظرات قدر الدرج التي تعدّ كلّ درج الفلك فقط ولكنّهم إنّما جعلوا ذلك باتّفاق تلك
9
الأشياء الثلاثة لموضع واحد|VI.3.10b| فإذا كان بعض النسب موجودا في بعضها ولم يوجد مثله في الاثنين
10
الباقيين لم يجعل له من درج الفلك نسبة فخمس تلك الدرج وسائر ما ذكرتموه من الأجزاء
11
وإن كانت تعدّ كلّ درج الفلك عدّة مرّات فإنّ عدد اثني عشر ليس له أجزاء مثله يعدّه
12
لأنّه إذا جزّئ عدد من الأعداد ببعض الأجزاء فوقع فيه عند التجربة كسر فإنّ الفلاسفة
13
وأصحاب العدد لا يعدّونه جزءا لكلّ ذلك العدد وإنّما يعدّ أجزاؤه العدد الذي لا يقع فيه كسر
14
عند التجربة فلهذه العلّة لم يجعل نسبة درج الفلك إلّا قدر الأعداد والجهات التي ذكرناها قبل
618
1
|VI.4.1|
الفصل الرابع في البروج المتحابّة والمتباغضة والمتعادية والمستوية
2
الطلوع والمعوجّة الطلوع والمطيعة بعضها لبعض وغير المطيعة
3
|VI.4.2| إنّ من البروج متحابّة ومنها متباغضة ومنها متعادية ومنها ما هو مستقيم الطلوع ومنها ما هو معوجّ
4
الطلوع ومنها ما يطيع بعضها لبعض ومنها غير ذلك
5
|VI.4.3| فأمّا البروج المتحابّة فهي التي ينظر بعضها إلى بعض من التثليث والتسديس
6
|VI.4.4| وأمّا البروج المتباغضة فهي التي ينظر بعضها إلى بعض من التربيع
7
|VI.4.5| وأمّا المتعادية فهي التي ينظر بعضها إلى بعض من المقابلة
8
|VI.4.6| وأمّا المستقيمة الطلوع فهي التي تطلع منتصبة ويكون مطالع كلّ واحد منها أكثر من ثلاثين
9
درجة وهي من أوّل السرطان إلى آخر القوس
10
|VI.4.7| وأمّا البروج المعوجّة الطلوع فهي التي تطلع مضطجعة ويكون مطالع كلّ واحد منها أقلّ
11
من ثلاثين درجة وهي من أوّل الجدي إلى آخر الجوزاء فالبروج المعوجّة الطلوع تكون مطيعة
12
للمستوية الطلوع ويدلّ على الاتّفاق والمحبّة وأدلّها على ذلك إذا كانا يتناظران نظر مودّة وذلك
13
كالجوزاء فإنّها مطيعة للأسد والأسد للجوزاء والثور للسرطان والسرطان للثور والثور والجدي
14
للسنبلة والسنبلة لهما والعقرب للحوت والحوت للعقرب والقوس للدلو والدلو للقوس والجدي
15
للعقرب والعقرب للجدي
620
1
|VI.4.8| فأمّا الحمل للميزان والجدي للسرطان فعلى خلاف المودّة لأنّ أحدهما وإن كان مطيعا لصاحبه
2
فإنّهما يتناظران من المقابلة وقد تسمّى البروج المطيعة بنحو آخر أيضا وهي البروج المقتدرة المتّفقة
3
في القوّة التي تكون ساعات نهار أحدهما مثل ساعات نهار الآخر وسنذكر ذلك إن شاء اللّه
622
1
|VI.5.1|
الفصل الخامس في البروج المتّفقة في المنطقة والمطالع والمتّفقة في القوّة والمتّفقة في الطريقة
2
|VI.5.2| قد ذكرنا نظر البروج بعضها إلى بعض وقد يوجد لبعض البروج من بعض مناسبات أُ خر من غير
3
نظر تدلّ كلّها على الاتّفاق والمودّة وهو على ثلاث جهات
4
|VI.5.3a| أمّا أحدها فهو أن يكون البرجان متّفقين مشتركين في المنطقة وهو أن يكون بعد كلّ واحد
5
منهما في جهته من منطقة فلك الاستواء بعدا مستو يا ويكون مطالع أحد البرجين مثل مطالع
6
الآخر وذلك كالحمل مع الحوت والثور مع الدلو والجوزاء مع الجدي والسرطان مع القوس والأسد
7
مع العقرب والسنبلة مع الميزان فهذه البروج موافق بعضها لبعض بالمطالع فأمّا أحد البرجين منها
8
فيبدأ باتّفاق مطالعه للآخر من أوّل البرج وأمّا الثاني فيبدأ به من آخر البرج|VI.5.3b| لأنّ مطالع أوّل
9
درجة من الحمل موافقة لمطالع آخر درجة من الحوت ومطالع عشر درجات من الحمل موافقة
10
لمطالع عشرين درجة من الحوت ومطالع آخر الحمل مثل مطالع أوّل الحوت ومطالع أوّل الثور
11
مثل مطالع آخر الدلو ومطالع آخر الثور مثل مطالع أوّل الدلو وعلى هذا المثال حتّى يكون مطالع
12
أوّل السنبلة مثل مطالع آخر الميزان ومطالع عشر درجات من السنبلة مثل مطالع عشرين درجة
13
من الميزان ومطالع آخر درجة من السنبلة مثل مطالع أوّل درجة من الميزان
14
|VI.5.4a| وأمّا الثانية فهي البروج المتّفقة في القوّة ويسمّى أهل فارس كلّ برجين منها مقتدرين ويقال
15
لها أيضا المطيع بعضها لبعض وهي البروج التي إذا كانت الشمس في أحدها تكون ساعات
16
نهاره المستوية مثل ساعات نهار البرج الآخر وذلك كالسرطان والجوزاء والثور والأسد والحمل
17
والسنبلة والحوت والميزان والدلو والعقرب والجدي والقوس فساعات نهار أحد البرجين مساو
18
لساعات نهار البرج الآخر ويبدأ بأحدهما من آخر البرج وبالثاني من أوّل البرج|VI.5.4b| وذلك كساعات
19
نهار الدرجة الثلاثين من الجوزاء فإنّها مثل ساعات نهار أوّل درجة من السرطان وساعات نهار
20
الدرجة التاسعة والعشرين من الجوزاء مثل ساعات نهار الدرجة الثانية من السرطان وساعات
21
عشر درجات من الجوزاء مثل ساعات عشرين درجة من السرطان وساعات نهار أوّل الجوزاء
624
1
مثل ساعات نهار آخر السرطان وساعات نهار آخر درجة من الثور مثل ساعات نهار أوّل
2
درجة من الأسد وعلى هذه الحال حتّى يكون ساعات نهار الدرجة الثلاثين من السنبلة مثل
3
ساعات الدرجة الأولى من الحمل وساعات عشرين درجة من الميزان مثل ساعات عشر درجات
4
من الحوت وساعات آخر الميزان مثل ساعات أوّل الحوت وساعات أوّل العقرب مثل ساعات
5
آخر الدلو وساعات أوّل القوس مثل ساعات آخر الجدي وساعات آخر القوس مثل ساعات أوّل
6
الجدي
7
|VI.5.5| وأمّا الثالثة فهي البروج المتّفقة في الطريقة وهو أن يكون برجان لكوكب واحد وذلك
8
كالحمل والعقرب بيتا المرّيخ وكالثور والميزان بيتا الزهرة والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد والقوس
9
والحوت بيتا المشتري والجدي والدلوبيتا زحل فكلّ واحد من كلّ برجين من هذه البروج في
10
طريقة صاحبه والسرطان والأسد بيتا النيّرين وهما أيضا في طريقة واحدة لأنّ كلّ واحد منهما
11
ينوب عن صاحبه
626
1
|VI.6.1|
الفصل السادس في البروج التي يوافق بعضها بعضا في
2
الاستقبال والتسديس الطبيعيين ولا ينظر بعضها إلى بعض
3
|VI.6.2| قد ذكرنا قبل هذا أنّ نظر المقابلة مضادّة وعداوة وإنّما ينبغي أن يقال تلك المضادّة والعداوة في
4
بعض الاستقبال لا في كلّه لأنّه ربّما كان بعض البروج بعيدا من الآخر وهما لا يتناظران ويقال
5
لأحدهما إنّه في استقبال الآخر بالطبيعة لاتّفاقهما في المطالع أو في القوّة أو في الطريقة وهي تدلّ
6
على الموافقة والمودّة لاتّفاقهما فيما ذكرنا قبل ويوجد منها بروج لا يتناظر أيضا لقرب بعضها
7
لبعض ويقال له التسديس الطبيعي وهي تدلّ على الموافقة أيضا
8
|VI.6.3| فأمّا البروج التي لا ينظر أحدها إلى صاحبه لبعد ما بينهما ويقال إنّ بعضها من بعض في
9
استقبال طبيعي وهو يدلّ على الاتّفاق والمودّة فهي بعض البروج المتّفقة في المطالع البعيد أحدهما
10
من صاحبه كالجوزاء والجدي وكالسرطان والقوس أو بعض المتّفقة في القوّة البعيد بعضها من
11
بعض كالحمل والسنبلة وكالميزان والحوت أو بعض المتّفقة في الطريقة البعيد ما بينهما كالحمل
12
والعقرب وكالثور والميزان
13
|VI.6.4| وأمّا البروج التي لا ينظر بعضها إلى بعض لتقار بها وتسمّى التسديس الطبيعي وهي تدلّ على
14
المودّة والموافقة فهي بعض البروج المتّفقة في المطالع القريب بعضها من بعض كالحمل والحوت
15
وكالسنبلة والميزان أو البروج المتّفقة في القوّة القريب أحدهما من صاحبه كالجوزاء والسرطان
16
وكالقوس والجدي أو المتّفقة في الطريقة القريب أحدهما من صاحبه كالجدي والدلو
628
1
|VI.7.1|
الفصل السابع في البروج التي يوافق بعضها بعضا من التربيع
2
|VI.7.2| قد بيّنّا فيما تقدّم أنّ تربيعات البروج تدلّ على المخالفة والعداوة وليس ينبغي أن يقال هذا في
3
كلّ التربيعات لأنّ من التربيعات ما يدلّ على الموافقة والمودّة وإنّما يكون ذلك باتّفاقهما في
4
المطالع كالثور والدلو وكالأسد والعقرب أو باتّفاقهما في طول ساعات النهار ونقصانه كالثور
5
والأسد والدلو والعقرب أو باتّفاقهما في الطريقة كالجوزاء والسنبلة وكالقوس والحوت
6
|VI.7.3| فهذه التربيعات الدالّة على الموافقة فأمّا سائرها فهي دالّة على المخالفة والعداوة
630
1
|VI.8.1|
الفصل الثامن في سني البروج وشهورها وأيّامها وساعاتها
2
|VI.8.2| إنّ سني البروج وشهورها وأيّامها وساعاتها يستخرج على جهتين فالجهة الأولى أن تجعل درج
3
مطالع البروج في الإقليم الذي تريد كلّ درجة سنة وكلّ خمس دقائق شهرا إلى ما أردت من
4
الأيّام والساعات والجهة الثانية أن تجعل سني كلّ برج وشهوره مثل سني صاحبه الصغرى
5
|VI.8.3| فأمّا أيّامه وساعاته فإنّه يستخرج لكلّ برج بنوعين مختلفين فأمّا النوع الأوّل فأن تضرب
6
سني ربّ ذلك البرج الصغرى في اثني عشر حتّى يصير شهورا ثمّ تضعف تلك الشهور ثمّ يزاد
7
عليها بعد ذلك مثل عدد سني ذلك الكوكب الصغرى فما اجتمع قسم على عشرة فما خرج فهو
8
أيّام وما بقي فهو أجزاء من عشرة من يوم فما اجتمع فهو أيّام ذلك البرج وأجزاء من يوم
9
وأمّا النوع الثاني فأن يؤخذ سنو الكوكب الصغرى فيجعل شهورا ثمّ يلقى نصفه ثمّ يلقى من
10
النصف الباقي مثل سني الكوكب الصغرى ثمّ يقسم الباقي على أربع وعشرين ساعة فما خرج
11
فأيّام وما بقي فساعات فما اجتمع فأيّام وساعات ذلك البرج بالنوع الثاني وسنذكر ذلك إن شاء
12
اللّه
13
|VI.8.4| الحمل السنون خمس عشرة سنة الشهور خمسة عشر شهرا الأيّام سبعة وثلاثون يوما ونصف
14
أيضا الأيّام ثلاثة أيّام وثلاث ساعات
15
|VI.8.5| الثور السنون ثماني سنين الشهور ثمانية أشهر الأيّام عشرون يوما أيضا الأيّام يوم وستّ عشرة
16
ساعة
17
|VI.8.6| الجوزاء السنون عشرون سنة الشهور عشرون شهرا الأيّام خمسون يوما أيضا الأيّام أربعة أيّام
18
وأربع ساعات
19
|VI.8.7| السرطان السنون خمس وعشرون سنة الشهور خمسة وعشرون شهرا الأيّام اثنان وستّون يوما
20
ونصف أيضا الأيّام خمس أيّام وخمس ساعات
21
|VI.8.8| الأسد السنون تسع عشرة سنة الشهور تسعة عشر شهرا الأيّام سبعة وأربعون يوما ونصف
22
أيضا الأيّام ثلاثة أيّام وثلاث وعشرون ساعة
632
1
|VI.8.9| السنبلة السنون عشرون سنة الشهور عشرون شهرا الأيّام خمسون يوما أيضا الأيّام أربعة أيّام
2
وأربع ساعات
3
|VI.8.10| الميزان السنون ثماني سنين الشهور ثمانية أشهر الأيّام عشرون يوما أيضا الأيّام يوم وستّ عشرة
4
ساعة
5
|VI.8.11| العقرب السنون خمس عشرة سنة الشهور خمسة عشر شهرا الأيّام سبعة وثلاثون يوما ونصف
6
أيضا الأيّام ثلاثة أيّام وثلاث ساعات
7
|VI.8.12| القوس السنون اثنتا عشرة سنة الشهور اثنا عشر شهرا الأيّام ثلاثون يوما أيضا الأيّام يومان
8
واثنتا عشرة ساعة
9
|VI.8.13| الجدي السنون سبع وعشرون سنة الشهور سبعة وعشرون شهرا الأيّام سبعة وستّون يوما
10
ونصف أيضا الأيّام خمسة أيّام وخمس عشرة ساعة
11
|VI.8.14| الدلو السنون ثلاثون سنة الشهور ثلاثون شهرا الأيّام خمسة وسبعون يوما أيضا الأيّام ستّة أيّام
12
وستّ ساعات
13
|VI.8.15| السمكة السنون اثنتا عشرة سنة الشهور اثنا عشر شهرا الأيّام ثلاثون يوما أيضا الأيّام يومان
14
واثنتا عشرة ساعة
634
1
|VI.9.1|
الفصل التاسع في دلالات البروج على جمل البلدان وبقاع الأرضين
2
|VI.9.2| نريد أن نذكر في هذا الفصل ما يدلّ عليه البروج من جمل البلدان وبقاع الأرضين فأمّا ما يدلّ
3
عليه البروج من الأقاليم وبلدانها وكلّ موضع من الأرض على الاستقصاء فسنذكره في غير هذا
4
الكتاب
5
|VI.9.3| الحمل له من البلدان بابل وفارس وآذر بيجان وفلسطين وله من البقاع الصحارى ومراعي
6
الأغنام والكور والأمكنة التي يعمل فيها بالنار ومأوى اللصوص والبيوت المسقّفة بالخشب
7
|VI.9.4| الثور له من البلدان السواد والماهين وهمذان والأكراد الذين في الجبال وله من البقاع
8
الأرضون القليلة المياه التي يزرع فيها وكلّ حرث عذي وكلّ موضع يقرب الجبال والبساتين
9
والباغات والأشجار والمياه وأماكن الفيلة والبقر
10
|VI.9.5| الجوزاء لها من البلدان جرجان وأرمينية وآذر بيجان وجيلان وبرجان وموقان ومصر وبلاد
11
برقة ولها شركة في إصبهان وكرمان ولها من البقاع الجبال وما يحرث من الأرضين والدكادك
12
والتلال وأماكن الصيّادين واللعّابين بالنرد والملهين والمغنّين
636
1
|VI.9.6| السرطان له من البلدان أرمينية الصغرى وما وراء موقان ونوميدية وهي بعض إفريقية
2
وشرقي خراسان والصين ومرو الروذ وله شركة في بلخ وآذر بيجان وله من البقاع الآجام
3
والغياض والسواحل وشطوط الأنهار والأجراف ومواضع الأشجار
4
|VI.9.7| الأسد له من البلدان الترك إلى نهاية العمران الذي يليها والسغد وأ برشهر وطوس وله من
5
البقاع المفاوز والأودية الصعبة المسلك والأرضين ذوات الرضراض وكلّ أرض مسبعة
6
ومنازل الملوك والقصور والجبال والتلال والمرتفع من الأماكن والقلاع والحصون المنيعة
7
|VI.9.8| السنبلة لها من البلدان الجرامقة والشام والفرات والجزيرة ومن بلاد فارس ما يلي كرمان ولها
8
من البقاع كلّ أرض يزرع فيها ومنازل النساء والملهين والمغنّين والمتنزّهات
9
|VI.9.9| الميزان له من البلدان الروم وما بين تخومه إلى إفريقية وما حولها وصعيد مصر إلى تخوم الحبشة
10
وبرقة وكرمان وسجستان وكابل وطخارستان وبلخ وهراة وله من البقاع ما يزرع فيه في رؤوس
638
1
الجبال وكلّ أرض فيها نخل ومكان الصيد والبزاة وكلّ مرصد وطريق ومكان مشرف مرتفع
2
وله الفضاء والصحارى
3
|VI.9.10| والعقرب لها من البلدان أرض الحجاز وبادية العرب ونواحيها إلى اليمن ولها طنجة وقومس
4
والريّ ولها شركة في السغد ولها من البقاع مواضع الكروم والتوت وما أشبه ذلك ممّا يكون
5
في البساتين وكلّ موضع منتن قذر والسجون ومنازل الهمّ والحزن والخرابات وأجحرة العقارب
6
|VI.9.11| القوس لها من البلدان الجبال والريّ وإصبهان ولها من البقاع البساتين وكلّ موضع يسقى في
7
وقت بعد وقت ويدلّ على أماكن الهرابذة والزمزمة وعلى مكان سائر الأديان والصحراء الملساء
8
وأماكن الدوابّ والثيران والعجل
9
|VI.9.12| الجدي له من البلدان الحبشة ومكران والسند ونهر مكران وشطّ البحر الذي يلي تلك
10
النواحي وعمان والبحرين إلى الهند وتخومها إلى الصين وله الأهواز وتخوم أرض الروم الشرقي
11
وله من بقاع الأرضين القصور والأبواب والبساتين وكلّ موضع يسقى وله الأودية ودوّارات
12
الماء والأنهار والسواقي والصهاريج العتيقة وكلّ جرف نهر عليه أشجار والشطّ الذي فيه منبت السفن
640
1
وأماكن الكلاب والثعالب والوحش والسباع ومنازل الغرباء والسكّان والعبيد والأماكن
2
التي قد أوقد فيها النار
3
|VI.9.13| الدلو له من البلدان السواد إلى ناحية الجبل والكوفة وناحيتها وظهر الحجاز وأرض القبط من
4
مصر وغربي أرض السند وله شركة في أرض فارس وله من البقاع مواضع المياه والأنهار الجارية
5
والبحار والقنى وما فيها وكلّ شيء يحفر بالمعاول وكلّ موضع يسقى الماء والمواضع التي فيها طير
6
الماء وغيرها من الطير وكلّ موضع فيه كرم أو يباع فيه الخمر أو تسكنه الزواني وكلّ أرض
7
جبلية برّية
8
|VI.9.14| السمكة لها من البلدان طبرستان وناحية الشمال من أرض جرجان ولها شركة في أرض
9
الروم إلى أرض الشام والجزيرة ومصر والإسكندرية وما حول مصر والبحر الأحمر أعني بحر اليمن
10
وشرقي أرض الهند ولها من البقاع ما يقرب من البحار وشطوطها والبحيرات والآجام وسواحل
11
البحار والسمك وأماكن الملائكة والعبّاد ومكان البكاء والحزن
642
1
|VI.10.1|
الفصل العاشر في البروج الدالّة على الحركة والسكون
2
|VI.10.2| إنّ الحمل والثور والجوزاء متى وافقت أربابها فيها وهي المرّيخ والزهرة وعطارد فإنّها متحرّكات
3
|VI.10.3| والسرطان والأسد والسنبلة متى وافقت أربابها فيها وهي القمر والشمس وعطارد فإنّها
4
ساكنات
5
|VI.10.4| والميزان والعقرب والقوس متى وافقت أربابها فيها وهي الزهرة والمرّيخ المشتري فإنّها
6
متحرّكات
7
|VI.10.5| والجدي والدلو والحوت متى وافقت أربابها فيها وهي زحل والمشتري فإنّها ساكنات
644
1
|VI.11.1|
الفصل الحادي عشر في البروج الناطقة التي تدلّ على نوع الناس وحالاتهم
2
|VI.11.2| إنّ البروج الناطقة التي تدلّ على نوع الناس وحالاتهم هي الجوزاء والسنبلة والميزان والدلو
3
والنصف الأوّل من القوس
4
|VI.11.3| فأمّا الجوزاء فللعظماء والسنبلة والميزان والقوس للأوساط والدلو للسفلة وقد تدلّ البروج
5
على حالات الناس بنحو آخر وذلك لأنّ الحمل ومثلّثاته من بروج الملوك والجوزاء ومثلّثاتها من بروج
6
الأشراف والعظماء والثور ومثلّثاته من بروج الأوساط والسرطان ومثلّثاته من بروج السفلة
646
1
|VI.12.1|
الفصل الثاني عشر في قسمة ما لكلّ برج من أعضاء بدن الإنسان
2
|VI.12.2| الحمل له الرأس والوجه وحدقة العين والمصارين وما يعرض فيها وفي العينين والأذنين من
3
العلل
4
|VI.12.3| الثور له العنق وخرزته والحلقوم وما يعرض فيها من العلل وأمراضه كالخنازير والخراج ونتن
5
الخياشيم وحدبة الظهر ووجع العين
6
|VI.12.4| الجوزاء لها المنكبان والعضدان واليدان والكتفان
7
|VI.12.5| السرطان له الصدر والثديان والقلب والمعدة والأضلاع والطحال والرأة وأمراضه كلّ ما
8
يعرض في العين من الثقل والكمنة وفي الأماكن الخفية من الصدر
9
|VI.12.6| الأسد له المعدة العليا والقلب والعصب والجنب والعظم والمتنان والظهر وما يعرض فيها من
10
العلل
11
|VI.12.7| السنبلة لها البطن وما فيه من الأماكن الخفية كالأمعاء والمصارين والحجاب وغيرها
12
|VI.12.8| الميزان له أسفل البطن والسرّة وأسفل منها إلى العورة والصلب والوركان والأليتان والخاصرة
13
|VI.12.9| العقرب له المذاكير والخصيتان والدبر والمثانة والأنثيان والعجان وفروج النساء والمخّ
14
وأمراضها مثل عسر البول والأدرة والبواسير وسيلان الدم منه والسرطان والغشاوة في
15
العينين
648
1
|VI.12.10| القوس لها الفخذان والشامات والعلامات والزوائد في الأعضاء كالأصابع والعضو الزائد
2
وأمراضه مثل العمى والعور ويدلّ على الصلع والسقوط من الأماكن المرتفعة والآفات من
3
الدوابّ والسباع والإقعاد والخلع والقطع وما أشبه ذلك
4
|VI.12.11| الجدي له الركبتان وعصبهما وأمراضه مثل الكمنة في العينين
5
|VI.12.12| الدلو له الساقان إلى أسفل الكعبين وعصبهما وأمراضه مثل اليرقان والمرّة السوداء والكسر
6
والقطع ووجع العروق
7
|VI.12.13| السمكة لها القدمان وأطرافهما وعصبهما وأمراضها مثل وجع العصب والنقرس والخدر
650
1
|VI.13.1|
الفصل الثالث عشر في البروج الدالّة على الصباحة والجمال والبروج الدالّة على السخاء
2
والجود والبروج التي تجمع وتمتلئ والتي تعطي اليسار والتي تصبّ والتي تقبض وتأخذ
3
|VI.13.2| إنّ البروج الدالّة على الصباحة والجمال والنظافة إذا كانت طالعة أو كان فيها صاحب الطالع أو
4
القمر أو المبتزّ على الطالع هي الجوزاء والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والحوت وهذه
5
البروج التي ذكرنا قد تدلّ أيضا على سخاء النفس وجودها والسعة في النفقة
6
|VI.13.3| فأمّا البروج التي تجمع وتمتلئ فهي الحمل ومثلّثاته والبروج التي تعطي اليسار الكثير هي الثور
7
ومثلّثاته والبروج التي تصبّ وتستفرغ هي الجوزاء ومثلّثاته والتي تقبض وتأخذ هي السرطان
8
ومثلّثاته
9
|VI.13.4a| والبروج المنصبّة المستفرغة إذا كانت رديئة المكان من دور الفلك وكان فيها النحوس دلّت
10
على كثرة النفقة وفساد المعيشة وضيقها وعلى ذهاب المال عنه إذا هو أصابه وربّما لم يرزق السعادة
11
والمال البتّة وإن كانت صالحة الحال من دور الفلك إلّا أنّ فيها النحوس دلّت على أنّه يكون
12
حاله في السعة واليسار أكثر من الأولى وإن كانت صالحة الحال من دور الفلك مسعودة
13
دلّت على القصد والتوسّع في المعيشة وأمر القوام في اليسار|VI.13.4b| والبروج المعطية لليسار إذا
14
كانت صالحة الحال من دور الفلك ومن حلول السعود فيها دلّت على فوائد المال الكثير وإذا
15
كانت خلاف ذلك دلّت على النكبات بسبب المال فأمّا البروج التي تأخذ فإذا كانت فاسدة
16
دلّت على الفقر والشقاء وأمّا البروج التي تجمع وتمتلئ إذا كانت صالحة الحال مسعودة فإنّها تدلّ
652
1
على خفض العيش واليسار والسعادة وإن كان فيها نحس وهو في موضع رديء من الفلك دلّ
2
على الفقر فإن كان مع كون النحس فيها في موضع جيّد وكان للنحس مزاعمة دلّ على النفع
3
والفوائد التي ليست بالكثير
654
1
|VI.14.1|
الفصل الرابع عشر في البروج الدالّة على الشبق والأمراض
2
|VI.14.2| إنّ البروج التي تدلّ على الشبق والأمراض هي الحمل والثور والأسد والجدي والحوت
3
|VI.14.3| فأمّا الميزان والقوس فإنّهما قد يدلّان على ذلك إلّا أنّهما دونها في القوّة وفي البروج درجات
4
أيضا تدلّ على الشبق وإفراط النكاح والأمراض بممازجة الكواكب لها سنذكرها في غير هذا
5
الكتاب
656
1
|VI.5.1|
الفصل الخامس عشر في البروج الدالّة على حصانة النساء وعفّتهنّ
2
|VI.15.2| إنّ البروج الدالّة على حصانة النساء وعفّتهنّ هي الثور والأسد والعقرب والدلو
3
|VI.15.3| والبروج الدالّة على استرخائهنّ وفسادهنّ هي الحمل والسرطان والميزان والجدي
4
|VI.15.4| والبروج الدالّة على الوسط والاعتدال في عفّتهنّ هي الجوزاء والسنبلة والقوس والحوت
658
1
|VI.16.1|
الفصل السادس عشر في البروج الكثيرة الأولاد والتوئم والقليلة الأولاد والعقم
2
|VI.16.2| إنّ البروج الكثيرة الأولاد هي السرطان والعقرب والحوت والنصف الأخير من الجدي
3
|VI.16.3| وبروج التوئم النصف الأخير من الجدي وذوات الجسدين فأمّا ذوات اللونين والوجهين
4
كالحمل والميزان فربّما دلّا على التوئم أيضا
5
|VI.16.4| والبروج القليلة الأولاد الحمل والثور والميزان والقوس والدلو
6
|VI.16.5| والبروج العقم الجوزاء والأسد والسنبلة وأوّل الثور وربّما دلّ الدلو وأوّل الجدي على العقم
7
أيضا
660
1
|VI.17.1|
الفصل السابع عشر في البروج المقطوعة الأعضاء وفي البروج الكثيرة الحدّة والغضب
2
|VI.17.2| إنّ البروج المقطوعة الأعضاء هي الحمل والثور والأسد والحوت
3
|VI.17.3| والبروج الكثيرة الغضب هي الحمل والأسد والعقرب
662
1
|VI.18.1|
الفصل الثامن عشر في البروج الدالّة على حالات الأصوات
2
|VI.18.2| إنّ البروج المصوّتة الشديدة الصوت هي الجوزاء والسنبلة والميزان والمعتدلة الصوت أعني التي
3
لها نصف صوت هي الحمل والثور والأسد والقوس والضعيفة الصوت الجدي والدلو والتي لا
4
صوت لها هي السرطان ومثلّثاته
5
|VI.18.3| فإذا كان عطارد في برج ليس له صوت ولا ينظر إليه نظرا صالحا وهو منحوس فإنّ المولود
6
يفسد لسانه أو سمعه وربّما كان أصمّ أخرس
664
1
|VI.9.1|
الفصل التاسع عشر في البروج الدالّة على الجرب والبرص والبرش والحكّة والحزاز
2
والصمم والخرس والصلع وخفّة اللحية والسناطة والأثطّ الذي لا لحية له
3
|VI.19.2| إنّ البروج الدالّة على هذه الأشياء التي ذكرنا إنّما هي خمسة وهي الحمل والسرطان والعقرب
4
والجدي والسمكة
5
|VI.19.3| فهذه البروج إذا كان القمر أو سهم السعادة أو سهم الغيب في أحدها منحوس فإنّه يدلّ
6
على أنّ المولود يصيبه بعض هذه العلل
7
|VI.19.4| ونعلم أنّ ذلك يصيبه من الكتاب الذي فيه ذكر المواليد ومتى كان بعض هذه الأدلّاء في هذه
8
البروج وكان المشتري في الثاني عشر من الطالع فإنّ المولود يكون أصلع وكذلك إن كان القمر فيها
9
وهو تحت الشعاع
666
1
|VI.20.1| الفصل العشرون في مواضع البروج الدالّة على العيوب في العين
2
|VI.20.2| إنّ مواضع البروج التي تدلّ على وجع العينين موضع الثريّا من الثور وموضع السحابية من
3
السرطان والعقرب موضع زندها وموضع حمتها والقوس موضع النشّاب والجدي موضع الشوك
4
وقد يدلّ أيضا موضع مصبّ الماء من الدلو على الخراج في العينين فأمّا الميزان والأسد فإنّهما ربّما
5
أفسد البصر أيضا
6
|VI.20.3| فأمّا الثريّا فهي من ثلاث عشرة درجة وستّ وثلاثين دقيقة من الثور إلى أربع عشرة درجة
7
وثلاثين دقيقة عرضها في الشمال من ثلاث درجات إلى خمس
8
|VI.20.4| وأمّا السحابي الذي في السرطان فإنّه فيه إحدى وعشرون درجة وثماني دقائق عرضه في
9
الشمال أربعون دقيقة
10
|VI.20.5| وأمّا زند العقرب فهما اثنان وكلاهما في العقرب أحدهما فيها في عشرين درجة والآخر فيها
11
في إحدى وعشرين درجة وعشر دقائق عرضهما في الشمال ستّ درجات
12
|VI.20.6| مكان النشّاب في القوس خمس عشرة درجة وعشرين دقيقة عرضه في الجنوب ستّ
13
درجات وعشرون دقيقة
14
|VI.20.7| شوك الجدي فيه اثنان وعشرون درجة عرضه في الشمال تسع وثلاثون درجة وخمس
15
عشرة دقيقة
16
|VI.20.8| مصبّ ماء الدلو أربعة كواكب وهي من عشرين درجة وعشر دقائق من الدلو إلى أربع
17
وعشرين درجة وعشرين دقيقة منها عرضه في الشمال من ثماني درجات وعشر دقائق إلى
18
عشر درجات وعشرين دقيقة
668
1
|VI.20.9| فهذه المواضع التي ذكرنا هي درجها في الطول والعرض في زماننا هذا وينبغي أن تتفقّد
2
وتقاس مواضعها في كلّ زمان لأنّها تسير وتزول عن هذه الدرج التي ذكرنا وفي البروج مواضع
3
ودرج دالّة على الأمراض وفساد العين والنكبات سنذكرها في مواضعها إن شاء اللّه
670
1
|VI.21.1|
الفصل الحادي والعشرون في البروج الدالّة على الأدب
2
والخلب والخداع والمكر وبروج الهمّ والبروج المظلمة
3
|VI.21.2| إنّ البروج الدالّة على الأدب والخداع والخلب والمكر الأسد والقوس والجدي والحوت
4
|VI.21.3| وبروج الهمّ هي الأسد والعقرب والجدي وبروج الهمّ هي أيضا البروج المظلمة وفي السنبلة
5
والميزان ظلمة قليلة
672
1
|VI.22.1|
الفصل الثاني والعشرون في البروج الدالّة على نوع الطير وعلى كلّ
2
ذي أربع قوائم وعلى السباع والهوامّ وخرشة الأرض وحيوان الماء
3
|VI.22.2| أمّا الجوزاء والسنبلة والقوس والحوت فإنّها تدلّ على نوع الطير والوجه الثاني والثالث من الجدي
4
قد يدلّ على نوع الطير أيضا لأنّ هناك النسر الطائر وذنب الدجاجة
5
|VI.22.3| والحمل والثور والأسد والنصف الأخير من القوس هي بروج ذوات أربع قوائم والنصف
6
الأوّل من الجدي ربّما دلّ على مثل ذلك فالحمل والثور لكلّ ذي ظلف والأسد لكلّ ذي
7
ناب ومخلب والنصف الأخير من القوس لكلّ ذي حافر
8
|VI.22.4| وأمّا الأسد والعقرب والقوس والحوت فهي بروج السباع
9
|VI.22.5| فأمّا السرطان والعقرب والقوس والجدي فإنّها بروج الهوامّ والحيّات والعقارب وخرشة
10
الأرض
11
|VI.22.6| فأمّا البروج المائية فإنّها تدلّ على حيوان الماء
674
1
|VI.23.1|
الفصل الثالث والعشرون في البروج الدالّة على الشجر والنبات
2
|VI.23.2| أمّا بروج الشجر الطوال فهي الجوزاء والأسد والميزان والدلو وبروج الشجر التي دون ذلك
3
السرطان والعقرب والنصف الأخير من السمكة
4
|VI.23.3| وبروج النبات الثور ومثلّثاته فالثور للغرس والسنبلة للبذر والجدي للكلأ
676
1
|VI.24.1|
الفصل الرابع والعشرون في البروج الدالّة على أنواع المياه والبروج الدالّة على ما يعمل بالنار
2
|VI.24.2| إنّ البروج المائية السرطان ومثلّثاته فأمّا السرطان فللمطر والعقرب للماء الجاري والدلو قد يدلّ
3
على مثل ذلك أيضا للنهر الذي فيه والسمكة للماء الراكد
4
|VI.24.3| وأمّا البروج التي تدلّ على كلّ شيء يعمل بالنار فهي الحمل والأسد والعقرب والدلو
678
1
|VI.25.1|
الفصل الخامس والعشرون في جهات البروج
2
|VI.25.2| إنّ الحمل والأسد والقوس شرقيات فالحمل قلب المشرق وريحه الصبا والأسد ميسرة المشرق
3
وريحه نكباء بين المشرق والشمال والقوس ميمنة المشرق وريحه نكباء بين المشرق والجنوب
4
|VI.25.3| والثور والسنبلة والجدي جنوبية فالجدي قلب الجنوب وريحه الجنوب والثور ميسرة الجنوب
5
وريحه نكباء بين الجنوب والمشرق والسنبلة ميمنة الجنوب وريحها نكباء بين الجنوب والمغرب
6
|VI.25.4| الجوزاء والميزان والدلو مغربية فالميزان قلب المغرب وريحه الدبور والدلو ميسرة المغرب
7
وريحه نكباء بين المغرب والجنوب والجوزاء ميمنة المغرب وريحها نكباء بين المغرب والشمال
8
|VI.25.5| السرطان والعقرب والحوت شمالية فالسرطان قلب الشمال وريحه الشمال والعقرب
9
ميسرة الشمال وريحه نكباء بين الشمال والمغرب والحوت ميمنة الشمال وريحه نكباء بين
10
الشمال والمشرق
680
1
|VI.26.1|
الفصل السادس والعشرون في أوتاد الفلك وأرباعها والبيوت الاثني
2
عشر وجمل دلالاتها والعلّة في ذلك وبيوت أفراح الكواكب
3
|VI.26.2| لمّا فرغنا من ذكر طبائع البروج وحالاتها وخاصّية دلالاتها على جوامع الأشياء بدأنا بذكر أوتاد
4
الفلك وأرباعها والبيوت الاثني عشر لأنّ الفلك الأعلى يدير فلك البروج وسائر الأفلاك من
5
المشرق إلى المغرب في اليوم والليلة دورة واحدة وفي كلّ وقت من الأوقات يكون بعض درج
6
فلك البروج في أفق المشرق وبعضها في حقيقة درجة وسط السماء وبعضها في حقيقة درجة
7
الغارب وبعضها في حقيقة درجة الرابع ومن كلّ موضع إلى الآخر يكون ربع الفلك وكلّ ربع
8
منه يقسم بثلاثة أقسام كلّ قسم منها يسمّى بيتا فيكون الفلك في كلّ وقت بأربعة أرباع على
9
قدر فصول السنة واثنا عشر بيتا على عدد البروج
10
|VI.26.3| فالربعان اللذان من الطالع إلى وسط السماء ومن الغارب إلى الرابع يسمّيان مقبلين ذكرين
11
شرقيين متيامنين والربعان اللذان من العاشر إلى الغارب ومن الرابع إلى الطالع يسمّيان زائلين
12
مؤنّثين غربيين متياسرين وقد يقال أيضا إنّ فوق الأرض يمنة وأسفل الأرض يسرة والبيت
13
الذي في أوّل الربع يقال له الوتد والبيت الذي يليه يقال له ما يلي الوتد والبيت الثالث منه يقال
14
له زائل من الوتد
15
|VI.26.4| وأوّل بيوت الفلك هو البيت الذي يطلع أوّله من أفق المشرق والذي بعده هو الثاني ثمّ
16
الثالث ثمّ الرابع وكذلك سائر بيوت الفلك يسمّى كلّ بيت منها باسم العدد الذي يليه إلى
17
البيت الثاني عشر وكلّ بيت من هذه البيوت الاثني عشر يسمّى باسم مخصوص به وينسب إلى
18
أشياء موجودة
682
1
|VI.26.5| فالبيت الأوّل يقال له الطالع وهو يدلّ على الأبدان والحياة وعلى حالات كلّ ابتداء وحركة
2
|VI.6.6| والبيت الثاني يقال له بيت المال وهو يدلّ على جمع المال واكتنازه وأسباب المعاش وحالاتها
3
والأخذ والإعطاء
4
|VI.26.7| والبيت الثالث يقال له بيت الإخوة وهو يدلّ على حالات الإخوة والأخوات والأقرباء
5
والأصهار والحلم والرأي والدين والفقه والخصومات في الأديان والكتب والأخبار والرسل
6
والسفر والنساء والأحلام
7
|VI.26.8| والرابع يقال له بيت الآباء وهو يدلّ على حالات الآباء والأصل والجنس والأرضين والقرى
8
والمدائن والبناء والمياه وعلى كلّ شيء مستور خفيّ وما كان تحت الأرض وعلى الكنوز والعاقبة
9
والموت وما بعد الموت ممّا يصير إليه حالات الإنسان الميّت من الدفن أو النبش أو السلب أو
10
الحرق أو الرمي به في بعض المواضع وغير ذلك من حالاته
11
|VI.26.9| الخامس يقال له بيت الولد وهو يدلّ على الولد والرسل والهدايا والبرّ والرجاء وطلب النساء
12
والمصادقة والأصدقاء والمدن وحالات أهلها وعلى غلّات الضياع
13
|VI.26.10| السادس يقال له بيت المرض وهو يدلّ على الأمراض وأشباهها والزمانة والعبيد والإماء
14
والوضيعة والظلم والنقلة من مكان إلى مكان
684
1
|VI.26.11| السابع يقال له بيت النساء وهو يدلّ على النساء والتزويج وأسبابه والخصومات والأضداد
2
والسفر والتلف وسببه
3
|VI.26.12| الثامن يقال له بيت الموت وهو يدلّ على الموت والقتل والمواريث والسموم القاتلة والخوف
4
على كلّ شيء قد هلك وضلّ وعلى الودائع والبطالة والكسل والخبل
5
|VI.26.13| التاسع يقال له بيت السفر وهو يدلّ على الأسفار والطرق والغربة وأمر الربوبية والنبوّة
6
والدين وبيوت العبادة كلّها والفلسفة وتقدمة المعرفة وعلم النجوم والكهانة والكتب والرسل
7
والأخبار والرؤيا
8
|VI.26.14| العاشر يقال له بيت السلطان وهو يدلّ على الرفعة والملك والسلطان والوالي والقاضي والشرف
9
والذكر والصوت والصناعات والأعمال والأمّهات
10
|VI.26.15| الحادي عشر يقال له بيت السعادة وهو يدلّ على الرجاء والسعادة والأصدقاء والمحمدة
11
والثناء والولد والأعوان
686
1
|VI.26.16| الثاني عشر يقال له بيت الأعداء وهو يدلّ على الأعداء والشقاء والحزن والغموم والحسد
2
والنميمة والمكر والحيل والعناء والتعب والدوابّ
3
|VI.26.17| فهذه أسماء هذه البيوت الاثني عشر وهذه الأشياء منسوبة إليها فأمّا لم نسبت إلى هذه
4
الأشياء ولم سمّيت بهذا فقد ذكر أصحاب هذه الصناعة أنّها إنّما نسبت إليها هذه الأشياء وسمّيت
5
بها على قدر ترتيب أفلاك الكواكب وعلى قدر دلالاتها وطبائعها وحالاتها
6
|VI.26.18| فأمّا أوّل البيوت فسمّوه طالعا لطلوعه من أفق المشرق وإنّما صارت له تلك الدلالات التي
7
ذكرنا لأنّهم شبّهوا دلالاته بدلالة زحل لأنّه أعلى الكواكب السبعة وأوّلها وله الدلالة على الظلمة
8
والغيبة وابتداء مسقط النطفة وعلى الأبدان ما دامت في الرحم والطالع هو أوّل البيوت الاثني
9
عشر ودرجاته كلّها تحت الأرض في الموضع الذي ينسب إلى الظلمة والغيبة ولاتّفاق أحدهما
10
لصاحبه بالدلالة على الأوّلية وسائر ما ذكرنا جعلوا للطالع الدلالة على ابتداء مسقط النطفة وعلى
11
الأبدان وحالاتها ولأنّ الدرجة الطالعة قد خرجت من تحت الأرض والغيبة إلى أفق المشرق
12
والظهور والمولود قد ظهر وخرج من بطن أمّه إلى هذا العالم صارت حالات درجة الطالع أشبه
13
بحالات المولود وأولى بالدلالة على الأبدان وحالاتها من سائر درج بيت الطالع ومواضع الفلك
14
|VI.26.19| ولأنّ خروج المولود من بطن أمّه إلى هذا العالم هي الحال الثانية وبقاء صورته بحاله تلك إنّما
15
يكون بالغذاء والمعاش والمال وأنّ المشتري في الفلك الثاني من زحل صارت للمشتري الدلالة
16
على الغذاء والمعاش والمال الذي به يكون البقاء في الحال الثانية وصارت للبيت الثاني الدلالة
688
1
على هذه الأشياء ولأنّ بالمال تجتمع هذه الأشياء جعل هذا الاسم أولى به فلذلك سمّي البيت
2
الثاني بيت المال
3
|VI.26.20| فأمّا المرّيخ فهو في الفلك الثالث وهو وزحل متشاكلان متشابهان متجانسان بالنحوسة وكذلك
4
الإخوة والأخوات والأقرباء والأصهار فإنّها متجانسة بالأب والأمّ فصار للمرّيخ الدلالة على
5
الإخوة والأخوات والأقرباء والأصهار وصار للبيت الثالث الدلالة على مثل هذه الأشياء
6
أيضا ولأنّ الإخوة والأخوات أقرب في جنس الأبوّة من سائر ما ذكرنا سمّي البيت الثالث
7
بيت الإخوة والأخوات
8
|VI.26.21| وأمّا الشمس فإنّها في الفلك الرابع وهي تخالط القمر وتلابسه في كلّ شهر فشبّهوا ذلك بمخالطة
9
الرجل المرأة عند ابتداء الحمل بالولد ولأنّ الشمس ذكر والقمر أنثى صارت للشمس الدلالة على
10
الآباء والأجداد والأجناس والأصول وللقمر الدلالة على الأمّهات والنساء وصارت للبيت الرابع
11
الدلالة على مثل ما دلّت عليه الشمس ولأنّ الأبوّة تجمع كلّ ما ذكرنا سمّي البيت الرابع بيت
12
الآباء
13
|VI.26.22| وأمّا الزهرة فإنّها في الفلك الخامس وهي شريكة المشتري وقسيمته في السعادة والمشتري له
14
دلالة الغذاء والمعاش والمال والذي يتبع هذا من السعادة النساء والنكاح والأولاد والسرور
15
واللهو فصار لها الدلالة على النساء والنكاح والأولاد وصارت للبيت الخامس الدلالة على مثل
16
ذلك ولأنّ الولد يكون باجتماع كلّ شيء ذكرنا سمّي البيت الخامس بيت الولد
17
|VI.26.23| وأمّا عطارد فإنّه في الفلك السادس وهو قصير الوتر قريب من الشمس كثير الرجوع
18
والاحتراق والاختفاء فشبّه في كثرة احتراقه ورجوعه وقربه من الشمس بالمرضى وضعفاء
690
1
الأبدان الذين لا قوّة لهم ويشبّه في كثرة حركته واختلافحالاته بالخدم والأشقياء فصارت
2
له الدلالة على العلّة والمرض والشقاء والعبودية وصارت للبيت السادس الدلالة على مثله
3
|VI.26.24| وأمّا القمر فإنّه في الفلك السابع وهو كثير الاجتماع مع الشمس والاستقبال لها فصارت له
4
الدلالة على النساء والتزويج والمصادقة والمطالبة وصارت للبيت السابع الدلالة على مثل ذلك
5
|VI.26.25| وأمّا البيت الثامن فإنّه ينسب دلالته إلى دلالة التي كانت لزحل قبل خروج المولود من بطن
6
أمّه وإلى طبيعته النحسة المفسدة المتلفة المميتة فسمّي البيت الثامن بيت الموت
7
|VI.26.26a| وأمّا البيت التاسع فسمّي بيت السفر والنقلة والدين وأعمال البرّ لرجوعه إلى المشتري الدالّ
8
على الحالة الثانية لأنّ المولود عند خروجه من بطن أمّه ينتقل من مكان إلى مكان ومن حال
9
إلى حال ومن طبيعة زحل إلى طبيعة المشتري فلذلك دلّ على السفر وكما أنّ المشتري سعد ودلّ
10
من سعادة الدنيا على المال والغناء والثروة كما ذكرنا قبل وسعادة الآخرة تكون بالدين فلذلك دلّ
11
على الدين وصار لهذا البيت مثل دلالته|VI.26.26b| وأيضا فلأنّ المشتري والزهرة سعدان والسعادات على
12
نوعين أحدهما سعادة الدنيا والثاني سعادة الآخرة وسعادة الآخرة أفضل من سعادة الدنيا وإنّما
13
يطلب ذلك بالدين والمشتري أسعد من الزهرة فلذلك صارت له الدلالة على الدين الذي به
14
تطلب سعادات الآخرة التي هي أفضل وصارت للزهرة الدلالة على سعادات الدنيا من اللهو
15
والسرور والفرح
16
|VI.26.27| وأمّا البيت العاشر فسمّي بيت السلطان لرجوعه إلى المرّيخ الدالّ على طلب التسليط والرياسة [*]والرياسة Middle Arabic for والرئاسة
17
والقهر والعزّ والحروب والقتال
692
1
|VI.26.28| وأمّا البيت الحادي عشر فسمّي بيت السعادة لرجوعه إلى الشمس الدالّة على السعادة والبهاء
2
والرجاء
3
|VI.26.29| وأمّا البيت الثاني عشر فسمّي بيت الأعداء لأنّه زائل من الطالع ولا يناظره ولأنّ وتد
4
الطالع إذا دلّ على شيء فالزائل منه يدلّ على خلافه
5
|VI.26.30a| فزعم أصحاب النجوم أنّه لهذه العلل نسبت إلى هذه البيوت هذه الأشياء وسمّيت بهذه الأسماء
6
وقد ينسب إلى كلّ بيت منها أشياء أخرى من دلالات الكوكب الذي جعل ذلك
7
البيت على طبيعته وذلك كالبيت الثامن فإنّه يدلّ على المواريث والأشياء القديمة والغموم والهموم
8
والكسل وذهاب العقل وغير ذلك مثل ما يدلّ عليه زحل وكالبيت التاسع فإنّه يدلّ على أشياء
9
كثيرة ممّا يدلّ عليه المشتري من أمر الديانات والتقى والبرّ والعفّة وربّما كانت دلالة بعض البيوت
10
على قدر حاله من الفلك وخاصّته وربّما دلّ بعضها على مثل ما يدلّ عليه سابعه وذلك|VI.26.30b| كالبيت
11
الثالث فإنّه يدلّ على السفر والأخبار والرسل والدين والعلوم والعفّة لزواله ولأنّه في مقابلة التاسع
12
ومثل البيت الرابع فإنّه يدلّ على العقار والأرضين والمدن بخاصّته وبحاله من أوتاد الفلك
13
ومثل البيت الخامس فإنّه يدلّ على الرسل والبيت السادس ربّما دلّ على الدوابّ والبيت الثاني
14
عشر ربّما دلّ على المرض وكذلك كلّ واحد منها فإنّ لها دلالات على أشياء كثيرة مختلفة الأنواع
15
|VI.26.31| فأمّا قوم آخرون فقالوا إنّه ليس لهذه العلل التي ذكرها هؤلاء صارت لهذه البيوت هذه
16
الدلالات ولكنّ خاصّية كلّ بيت منها أن يدلّ على هذه الأشياء كما أنّ خاصّية كلّ كوكب
17
الدلالة على أشياء مختلفة وكلّ ما ذكروا يؤول إلى معنى واحد
18
|VI.26.32a| ولكلّ كوكب فرح في بعض هذه البيوت على قدر موافقة دلالاتها لدلالات الكواكب
19
فعطارد يفرح في الطالع لأنّ الطالع يدلّ على الابتدائات والحداثة والحركة وعطارد يدلّ على
20
النفس
694
1
الناطقة والنطق والكلام والأولاد والحداثة والقمر يفرح في الثالث لأنّ البيت الثالث يدلّ على
2
السفر والتحو يل والبرد والرسل والأخبار وكذلك القمريدلّ بجوهريته على مثل ذلك|VI.26.32b| والزهرة
3
تفرح في الخامس لأنّ البيت الخامس يدلّ على الولد والنساء والزهرة بجوهريتها تدلّ على
4
مثل ذلك والمرّيخ يفرح في السادس لأنّ السادس يدلّ على المرض والعبيد والشرّ والمرّيخ يدلّ على
5
مثل ذلك والشمس تفرح في التاسع لأنّ البيت التاسع يدلّ على الربوبية والأديان والعبادة
6
والخير والشمس تدلّ على مثل ذلك والمشتري يفرح في الحادي عشر لأنّ الحادي عشر يدلّ
7
على الخير والسعادة والغناء والرجاء والأصدقاء والمشتري يدلّ على مثل ذلك وزحل يفرح في
8
البيت الثاني عشر لأنّه بيت الشقاء والهمّ والغمّ والأعداء وزحل يدلّ على مثل ذلك
696
1
|VI.27.1|
الفصل السابع والعشرون في أرباع الفلك المنسوبة إلى الجسمانية والروحانية وغير ذلك
2
|VI.27.2| إنّ من البروج ما هو جسم بلا روح ومنها ما هو روح بلا جسم ومنها ما هو روح وجسم ومنها ما
3
ليس له روح ولا جسم فإنّما يعرف ذلك من حالها من أرباع الفلك لأنّ ما بين الطالع إلى وسط
4
السماء روح بلا جسم وإنّما صار كذلك لأنّه قد ظهر من الأرض إلى موضع النور والإقبال
5
والزيادة والسرعة وما بين وسط السماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى السابع لا روح له ولا جسم ثمّ جعل هناك بيت
6
السفر والموت لأنّ السفر والموت وحدّ الغارب إنّما هو الذهاب والانتقال وخلاء المكان وما بين
7
الطالع إلى وتد الأرض جسم بلا روح لأنّه في ظلمة وفي مقابلة التاسع والثامن والغارب وما بين
8
وتد الأرض إلى الغارب جسم وروح لمقابلته للربع الشرقي
698
1
|VI.28.1|
الفصل الثامن والعشرون في امتزاج طبائع أوتاد الفلك
2
|VI.28.2| إنّ البروج الاثني عشر موصوفة بالطبائع الأربعة وإنّما وصفت بذلك لأنّ كلّ الأشخاص مكوّنة
3
من هذه الطبائع الأربع بدلالات البروج فإذا كان طالع المولود برجا من الأ براج وجدت
4
البروج الدالّة على الطبائع الأربع في أوتاده لكنّ يمازج بعضها بعضا وذلك كالحمل الناري
5
إذا كان طالعا كان الجدي الأرضي في وسط السماء والميزان الهوائي في وتد السابع والسرطان
6
المائي في وتد الأرض وكذلك تجد أوتاد كلّ برج إذا عددتها
700
1
|VI.29.1|
الفصل التاسع والعشرون في ألوان أرباع الفلك والبيوت الاثني عشر
2
|VI.29.2| كلّ طالع فمن درجته إلى وتد الأرض أحمر اللون ومن وتد الأرض إلى المغرب أسود اللون ومن
3
وتد المغرب إلى وسط السماء أخضر اللون ومن وسط السماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى الطالع أبيض اللون
4
|VI.29.3| والطالع من البروج أغبر قليلا والثاني والثاني عشر أخضران والثالث والحادي عشر أصفران
5
والرابع والعاشر أحمران والخامس والتاسع أبيضان والسادس والثامن أسودان والسابع مظلم
6
على لون الساعة التي تغرب فيها الشمس
702
1
|VI.30.1|
الفصل الثلاثون في أرباع الفلك الصاعدة والهابطة والطو يلة والقصيرة
2
|VI.30.2| إنّ نصف الفلك الذي من وسط السماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى الطالع إلى آخر البيت الثالث يقال له صاعد
3
والنصف الآخر الذي من التاسع إلى الغارب إلى أوّل البيت الرابع يقال له هابط ومن الطالع إلى
4
ما يلي وتد الأرض إلى الغارب يدلّ على القصر ومن السابع إلى وسط السماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى الطالع يدلّ على
5
الطول
704
1
|VI.31.1|
الفصل الحادي والثلاثون في قسمة الطبائع الأربع للأشياء
2
|VI.31.2| إنّ الطبائع أربع والجهات أربع والرياح أربع والأزمنة أربعة والبروج مقسومة على أربعة أقسام
3
والفلك مقسوم على أربعة أقسام والنهار والليل كلّ واحد منهما أربعة أرباع وأسنان الإنسان
4
أربعة أحوال
5
|VI.31.3| فأوّل الطبائع طبيعة الدم وهو حارّ رطب وله من الجهات المشرق ومن الرياح الصبا وهي
6
القبول ومن الأزمنة الربيع ومن البروج الحمل والثور والجوزاء ومن أرباع الفلك من الطالع إلى
7
وسط السماء ومن النهار والليل الربع الأوّل ومن أسنان الإنسان الحداثة
8
|VI.31.4| ثمّ الطبيعة الثانية وهي المرّة الصفراء وهي حارّة يابسة ولها من الجهات التيمن ومن الرياح
9
الجنوب ومن الأزمنة الصيف ومن البروج السرطان والأسد والسنبلة ومن أرباع الفلك من
10
وسط السماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى درجة الغارب ومن النهار والليل الربع الثاني ومن أسنان الإنسان الشباب
11
|VI.31.5| ثمّ الطبيعة الثالثة وهي المرّة السوداء وهي باردة يابسة ولها من الجهات المغرب ومن الرياح
12
الدبور ومن الأزمنة الخريف ومن البروج الميزان والعقرب والقوس ومن أرباع الفلك من الغالب
13
إلى درجة وتد الأرض ومن النهار والليل الربع الثالث ومن أسنان الإنسان الكهولة
14
|VI.31.6| ثمّ الطبيعة الرابعة البلغم وهي بارد رطب وله من الجهات الشمال ومن الرياح الشمال ومن
15
الأزمنة الشتاء ومن البروج الجدي والدلو والحوت ومن أرباع الفلك من وتد الأرض إلى الطالع
16
ومن النهار والليل الربع الرابع ومن أسنان الإنسان الشيخوخة
706
1
|VI.32.1|
الفصل الثاني والثلاثون في علّة أرباع اليوم الواحد والليلة الواحدة وساعاتها الأربع والعشرين
2
|VI.32.2| إنّا لمّا أردنا معرفة فصول اليوم والليلة الواحدة احتجنا أن نحدّهما ونحدّ السنة الواحدة أيضا
3
لأنّ الأيّام والليالي هي أجزاء السنة فإذا عرفنا حدّ السنة وفصولها تبيّن لنا فصول اليوم الواحد
4
والليلة الواحدة لأنّه إذا لزم الكلّ شيئا من الأشياء لزم الجزء مثله
5
|VI.32.3| فأمّا اليوم الواحد والليلة الواحدة فإنّما هو من وقت طلوع الشمس علينا من الأفق المشرقي
6
وإدارة الفلك الأعلى لها إلى أن يعيدها إليه والسنة الواحدة إنّما هي من ابتداء حركة الشمس من
7
بعض مواضع الفلك وقطعها للبروج الاثني عشر وعودها إلى موضعها الذي كانت فيه وهو على
8
طبيعة الأركان الأربعة التي هي الهواء والنار والأرض والماء
9
|VI.32.4| فكما أنّ الأركان أربعة فكذلك فصول السنة الواحدة أربعة وهي الربيع والصيف
10
والخريف والشتاء فالربيع حارّ رطب على طبيعة الهواء والصيف حارّ يابس على طبيعة النار
11
والخريف بارد يابس على طبيعة الأرض والشتاء بارد رطب على طبيعة الماء
12
|VI.32.5| وكما أنّ كلّ ركن من هذه الأركان الأربعة له ابتداء ووسط ونهاية فكذلك كلّ فصل من
13
فصول السنة الواحدة له ابتداء ووسط ونهاية فيكون لكلّ فصل من فصول السنة ثلاثة أحوال
14
والفصول أربعة فإذا ضربنا أحوال زمان الفصل الواحد وهي ثلاثة في فصول السنة الأربعة
15
كان ذلك اثني عشر كلّ واحد منها يسمّى شهرا فتصير السنة الواحدة اثني عشر شهرا كلّ ثلاثة
16
أشهر منها على طبيعة فصل من الفصول السنة
17
|VI.32.6| وكما أنّ الأيّام والليالي أجزاء السنة والسنة أربعة فصول فكذلك اليوم الواحد والليلة الواحدة
18
أربعة فصول وطبيعة كلّ فصل من فصول اليوم والليلة مثل طبيعة كلّ فصل من فصول السنة
19
وكما أنّ لكلّ فصل من فصول السنة ثلاثة أحوال فكذلك لكلّ فصل من فصول اليوم والليلة ثلاثة
20
أحوال وكما أنّ كلّ حال من أحوال فصول السنة يقال له شهر فكذلك كلّ حال من أحوال
21
فصول اليوم الواحد والليلة الواحدة يقال له ساعة وكما أنّ أحوال فصول السنة الواحدة اثنا عشر
708
1
شهرا فكذلك أحوال فصول اليوم الواحد والليلة الواحدة اثنتا عشرة ساعة فيكون جميع ساعات
2
النهار والليل أربعا وعشرين ساعة كلّ ثلاث ساعات منها على طبيعة فصل من الفصول
3
|VI.2.7| فالربع الأوّل من النهار والليل وهو ثلاث ساعات موافق لطبيعة الهواء والربيع وهو حارّ
4
رطب والربع الثاني من النهار والليل موافق لطبيعة النار والصيف وهو حارّ يابس والربع الثالث
5
من النهار والليل موافق لطبيعة الأرض والخريف وهو بارد يابس والربع الرابع من النهار والليل
6
موافق لطبيعة الماء والشتاء وهو بارد رطب
710
1
|VI.33.1|
الفصل الثالث والثلاثون في أرباب الأيّام والساعات
2
|VI.33.2| قد ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا فصول اليوم الواحد والليلة الواحدة ولأيّة علّة جعلوا اليوم
3
والليلة أربعا وعشرين ساعة ونحن نذكر الآن أرباب الأيّام والساعات
4
|VI.33.3a| أمّا أرباب الأيّام والساعات فإنّه بدئ بها من يوم الأحد فجعلوه للكوكب النهاري الذي هو
5
الشمس وذلك لأنّ الشمس هي الكوكب الذي بطلوعه يكون النهار وبغيبته يكون الليل فبدؤوا
6
به فجعلوه ربّ اليوم الذي يسمّى باسم الواحد وهو الأحد وجعلوه ربّ الساعة الأولى منه ثمّ
7
جعلوا الساعة الثانية منه للزهرة لأنّ فلكها يتلو فلك الشمس وكذلك جعلوا أرباب الساعات
8
على هذا النحو من توالي الكواكب في أفلاكها حتّى عادوا إلى الشمس|VI.33.3b| فكلّما انتهى العدد إليها
9
ابتدؤوا منها وفعلوا به مثل المرّة الأولى حتّى تمّ أرباب أربع وعشرين ساعة مقدار اليوم الواحد
10
والليلة الواحدة ثمّ نظروا إلى الكوكب الذي انتهى إليه العدد عند المرّة الخامسة والعشرين
11
فجعلوه ربّ اليوم الذي يتلوه وجعلوه ربّ الساعة الأولى من ذلك اليوم أيضا ثمّ الكوكب الذي
12
يتلوه في الفلك جعلوه ربّ الساعة الثانية وكذلك فعلوا بالأيّام كلّها
13
|VI.33.4a| فتكون الساعة الأولى من يوم الأحد للشمس التي هي ربّة اليوم والساعة الثانية للزهرة
14
والثالثة لعطارد والرابعة للقمر والخامسة لزحل والسادسة للمشتري والسابعة للمرّيخ والثامنة للشمس
15
والتاسعة للزهرة والعاشرة لعطارد والحادية عشر للقمر والثانية عشر لزحل والساعة الأولى من
16
الليل للمشتري والثانية للمرّيخ والثالثة للشمس وكذلك يفعل في الساعات الأربع والعشرين فيكون
17
الساعة الرابعة والعشرون من يوم الأحد لعطارد وينتهي العدد في المرّة الخامسة والعشرين إلى
18
القمر فجعلوه ربّ يوم الاثنين وربّ الساعة الأولى منه أيضا|VI.33.4b| وجعلوا الساعة الثانية لزحل وكذلك
19
الساعات كلّها فيكون الساعة الرابعة والعشرين من يوم الاثنين للمشتري وينتهي العدد بعده إلى
20
المرّيخ فصيّروه ربّ يوم الثلاثاء وربّ الساعة الأولى منه وكذلك يعرف أرباب الأيّام فيكون
21
ربّ يوم الأربعاء عطارد وربّ يوم الخميس المشتري وربّ يوم الجمعة الزهرة وربّ يوم السبت
22
زحل ويكون آخر ساعات يوم السبت عند تمام أربع وعشرين ساعة للمرّيخ ثمّ يبتدئ ساعات
712
1
أوّل يوم الأحد من الشمس كما فعلت أوّلا فأمّا عدد ساعات الأيّام السبعة فإنّها تكون مائة
2
وثمانيا وستّين ساعة ويكون لكلّ كوكب من الكواكب السبعة في كلّ أسبوع أربع وعشرون
3
ساعة مقدار عدد ساعات يوم وليلة
4
|VI.33.5| واعلم أنّ ابتداء ساعات النهار إنّما هو من ابتداء طلوع الشمس من الأفق المشرقي وابتداء
5
ساعات الليل إنّما هو من عند غيبوبة جرم الشمس من أفق المغرب فأمّا ابتداؤهم بالأيّام من
6
يوم الأحد فإنّما جعلوا ذلك لعلّتين إحداهما لأنّ أيّام العالم التي يستعملها أصحاب صناعة النجوم
7
من الفرس والهند إنّما ابتدؤوها من يوم الأحد وكانت الشمس في أوّل تلك الأيّام طلعت في
8
أوّل دقيقة من الحمل من أفق المشرق المسكون من الأرض وهو الموضع الذي يقال له كنكرز
9
ومن ذلك الوقت واليوم يحسبون أوساط الكواكب ومنه يعدّون تأريخات سنيهم القديمة ونعدّ
10
كنكرز عن وسط الأرض ستّ ساعات ومن بابل العراق القديمة الذي عند مصبّ الفرات
11
مائة وثماني درجات وهي سبع ساعات وخمس ساعة مستوية
12
|VI.33.6| والعلّة الثانية أنّ الأمم كلّها على اختلاف ألسنتها ومباينة مللها سمّوا يوم الأحد باسم الواحد
13
الذي هو ابتداء الأعداد والذي بعده سمّوه باسم العدد الثاني وهو يوم الاثنين وكذلك سائر الأيّام
14
سمّوها على تأليف الأعداد الطبيعية التي هي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس فلهذه
15
العلل بدؤوا بأرباب الأيّام وساعاتها من يوم الأحد تمّ القول السادس بحمد اللّه وفضله وقوّته
16
|VI.33.7| دائما بُدئ بيوم الأحد لأنّ اللّه تعالى بدأ فيه الخلق
714
1
|VII.1.1|
القول السابع من كتاب المدخل إلى علم أحكام النجوم وفيه تسعة فصول
2
|VII.1.2| الفصل الأوّل في حالات الكواكب في ذاتها الفصل الثاني في حالات الكواكب من الشمس
3
أمامها وخلفها الفصل الثالث في حالات الكواكب من أرباع الفلك وبيوتها ومقدار قوّة أجرامها
4
الفصل الرابع في مقارنة الكواكب بعضها بعضا وممازجة كيفياتها وأيّها أقوى وأضعف الفصل
5
الخامس في نظر الكواكب بعضها إلى بعض واتّصالها وانصرافها وسائر حالاتها التي تتبع ذلك
6
ممّا يشاكلها الفصل السادس في سعادة الكواكب وقوّتها وضعفها ونحوستها وفساد القمر
7
الفصل السابع في مطرح شعاعات الكواكب على عمل بطلميوس الفصل الثامن في معرفة سني
8
أفردارات الكواكب وسنيها العظمى والكبرى والوسطى والصغرى الفصل التاسع في طبائع
9
الكواكب السبعة وخاصّية دلالاتها على الأشياء الموجودة
716
1
|VII.1.3|
الفصل الأوّل في حالات الكواكب في ذاتها
2
|VII.1.4| قد ذكرنا فيما تقدّم طبائع الكواكب الحارّة والباردة والرطبة واليابسة وخاصّيتها في السعودة
3
والنحوسة والذكورة والأنوثة والنهارية والليلية وأشياء أُ خر غير هذا فأمّا في هذا القول فإنّا
4
نذكر حالاتها وخاصّية دلالاتها على الأشياء لأنّ لكلّ واحد منها في ذاته حالات مختلفة وهو أن
5
يكون صاعدا في أوجه أو هابطا فيه أو يكون في وسط منطقة هذا الفلك أو يكون زائدا في السير
6
والنور والعظم أو ناقصا منه أو معتدل السير والنور والعظم أو يكون زائدا في العدد أو
7
ناقصا منه أو يكون زائدا في الحساب أو ناقصا منه أو يكون في طريقته الوسطى أو يكون زائدا
8
في المسير أو ناقصا منه أو يكون في سيره الوسط أو يكون شماليا صاعدا أو هابطا أو جنوبيا
9
صاعدا أو هابطا أو يكون كثير العرض أو قليل العرض أو لا يكون له عرض أو يكون في حيّزه
10
أو يكون في خلاف حيّزه
11
|VII.1.5| فأمّا صعود الكوكب في الأوج فهو إذا كان الكوكب المقوّم في رأس أوجه أو كان بينه
12
وبينه أقلّ من تسعين درجة يمنة أو يسرة فهو صاعد من منطقة فلك أوجه ناقص السير وأقلّ ما
13
يكون سيرا إذا كان عند رأس أوجه سواء وإذا كان بينه وبين رأس أوجه تسعون درجة سواء
14
من الجهتين جميعا فهو في وسط منطقة فلك الأوج وهو معتدل المسير وإذا جاز رأس أوجه
15
تسعين درجة إلى أن يبلغ مائتين وسبعين درجة سواء فهو هابط من وسط فلك أوجه زائد في
16
السير وأكثر ما يكون سيرا إذا كان في مقابلة أوجه وعند كونه في حقيقة ذروة فلك الأوج
17
أو في مقابلته بعينه لا يكون للكوكب تعديل من فلك أوجه
718
1
|VII.1.6a| فأمّا زيادة الكواكب في النور والعظم فإنّما قيل ذلك لأنّ الكوكب ربّما رئي صغيرا في
2
جرمه وربّما رئي كبيرا وربّما رئي معتدل الجرم وإنّما يرى على هذه الحال على قدر قربه أو بعده
3
من الأرض لا أنّه في ذاته يصغر أو يكبر فإذا كان الكوكب في وسط منطقة فلك الأوج
4
كان معتدلا في النور والعظم وأعدل ما يكون في جرمه إذا كان مع ما ذكرنا في وسط منطقة
5
فلك تدو يره أيضا وإذا كان صاعدا من وسط منطقة فلك الأوج كان ناقص النور قليل العظم|VII.1.6b|
6
وأقلّ ما يكون نورا وعظما وبعدا من الأرض إذا كان في غاية علوّ فلك أوجه ووافق أن يكون
7
ذلك وهو في ذروة فلك تدو يره أيضا وإذا كان هابطا من وسط منطقة فلك الأوج كان زائدا في
8
النور والعظم وإذا كان في مقابلة ذروة فلك أوجه كان أزيد ما يكون في النور والعظم وأكثر ما
9
يكون نورا وأعظمه جرما وأقربه من الأرض إذا كان مع هذا في حضيض فلك تدو يره
10
|VII.1.7| وقد يقال أيضا للكواكب الثلاثة العلوية زائدة في النور ناقصة منه على نحو ما يقال للقمر
11
لأنّها إذا جازت الشمس إلى أن تقابلها يقال لها زائدة في النور ومن بعد ذلك إلى اجتماعها
12
معها يقال لها ناقصة في النور إلّا أنّ الأوّل الذي ذكرناه آنفا هو المجمع عليه
13
|VII.1.8| فأمّا الزائد في العدد والناقص منه أو لا زائد ولا ناقص فإنّما يعرف ذلك من شطري عدد
14
تعديل الكواكب في الزيجات المحلولة فأوّل الشطرين هو من درجة واحدة زائد إلى مائة
15
وثمانين والآخر ينقص من ثلاثمائة وستّين إلى مائة وثمانين فإذا كان العدد المطلوب عند التعديل
16
إنّما يوجد في الشطر الأوّل يقال له زائد في العدد وإذا كان في الشطر الثاني يقال له ناقص في
17
العدد وإذا كان مائة وثمانين سواء فإنّه لا زائد ولا ناقص
720
1
|VII.1.9| وأمّا الزائد في الحساب فهو أن يزاد ما يخرج من تعديله على وسطه في آخر العمل والناقص
2
هو الذي ينقص منه وأمّا كونه في الطريقة الوسطى فهو إذا لم يكن له تعديل يزاد على وسطه أو
3
ينقص منه وإذا كان كذلك فالكوكب في الفلك المائل في طريقة الشمس معها دقيقة بدقيقة
4
أو في دقيقة مقابلتها سواء فأمّا الزهرة فإذا نقص تقويم الشمس من وسطها فلم يبق شيء أو
5
بقي مائة وثمانون درجة سواء فإنّها مع الشمس في دقيقة واحدة ولا تعديل لها
6
|VII.1.10| وأمّا الزائد في مسيره من الكواكب الخمسة فهو أن يسير أكثر من سيره الوسط والناقص في
7
مسيره هو أن يسير أقلّ من سيره الوسط ويكون في سيره الوسط إذا كان سيره مثل وسط
8
مسيره وأمّا الزهرة وعطارد فإنّه لا يكون سيرهما المعدّل في يوم واحد في وقت من الأوقات مثل
9
وسط مسيرهما لليوم وإنّما يعرف حالات سير كلّ واحد منهما بأن ينظر فإن كان سير أحدهما
10
في بعض الأيّام أكثر من سير الشمس في ذلك اليوم فهو سريع المسير زائد فيه وإن كان أقلّ من
11
سيرها فهو بطيء السير ناقص منه وإن كان مثل سير الشمس سواء فهو في وسط مسيره
12
|VII.1.11| واعلم أنّ الكواكب الخمسة إذا قوّمت بزيج فارس والهند فكان أحدهما في المنطقة الأولى أو
13
الرابعة كان بطيء السير وعمل له في الكردجات السريعة وإذا كان في المنطقة الثانية أو الثالثة
14
كان سريع السير وعمل له في الكردجات البطيئة
15
|VII.1.12| وأمّا الكوكب الشمالي فهو إذا جاز رأس جوزهره إلى أن يبلغ إلى ذنبه وأمّا الجنوبي
16
فإذا جاز ذنب جوزهره إلى أن يبلغ إلى رأسه وإذا كان من رأس جوزهره أو ذنبه على تسعين
722
1
درجة سواء فهو أكثر ما يكون عرضا في جهته وكلّما قرب من أحدهما كان أقلّ لعرضه وإذا كان
2
معهما لم يكن له عرض
3
|VII.1.13| وأمّا الحيّز فأن يكون الكوكب الذكر بالنهار فوق الأرض وبالليل تحت الأرض في برج ذكر
4
وإن كان أنثى يكون بالنهار تحت الأرض وبالليل فوق الأرض في برج أنثى إلّا المرّيخ وحده
5
فإنّه يخالف ما ذكرنا فإذا كان الكوكب على هذه الحال كان في حيّزه وكان قوي الطبيعة دالّا
6
على الاعتدال والصلاح فإن نقص بعض ما ذكرنا نقص عن طبيعة الاعتدال وإن خالف هذا
7
كلّه كان في خلاف حيّزه ودلّ على الفساد وعلى خلاف الاعتدال
724
1
|VII.2.1|
الفصل الثاني في حالات الكواكب من الشمس أمامها وخلفها
2
|VII.2.2| إنّ للكواكب من الشمس حالات مختلفة على قدر قربها منها أو بعدها عنها فأمّا زحل
3
والمشتري والمرّيخ فمن وقت مفارقتها الشمس إلى أن يقابلها دقيقة بدقيقة فهي متيامنة منها ومن
4
وقت مقابلتها إلى أن يقارنها هي متياسرة عنها وأمّا الزهرة وعطارد فمن عند مفارقتهما الشمس
5
وهما راجعان في ناحية المشرق إلى أن يستقيما ويسرعا ويلحقا الشمس ويقارناها فهما
6
متيامنان منها ومن بعد مفارقتهما إ يّاها وهما مستقيمان إلى ناحية المغرب إلى أن يقيما في
7
المغرب ويرجعا وتلحقهما الشمس ويجتمعا معها فهما متياسران عنها وأمّا القمر فمن وقت
8
مفارقته لها إلى أن يقابلها هو متياسر منها فإذا جاز استقبالها إلى أن يقارنها هو متيامن عنها إلّا
9
أنّ لها منها حالات مختلفة
10
|VII.2.3| فأمّا الثلاثة العلوية فإنّ لها منها سبع عشرة حالا فأمّا الأولى فهي اجتماع الكواكب مع
11
الشمس في دقيقة واحدة وإذا كان الكوكب قبل حقيقة الاجتماع أو بعدها بستّ عشرة دقيقة
12
فإنّه يقال له صميمي وإنّما جعل لها هذه الدقائق لأنّ مقدار فلك الشمس اثنتان وثلاثون دقيقة
13
بالتقريب فجعل ذلك نصفين وأكثر ما يبلغ مقدار فلك الشمس قريب من أربع وثلاثين دقيقة
14
فإذا كان بين الكواكب والشمس من الدقائق دون مقدار نصف فلكها أو مثله في وقته ذلك
15
في إحدى الناحيتين كانت صميمة دالّة على السعادة
726
1
|VII.2.4a| وإذا تباعدت الشمس عنها أكثر من نصف تلك الدقائق في الناحية التي تكون فيها صارت
2
الكواكب إلى الحال الثانية ويقال لها تحت شعاع الشمس محترقة في المشرق فأمّا زحل
3
والمشتري فيكونان محترقين إلى أن تتباعد الشمس منهما دون ستّ درجات ويكون المرّيخ
4
كذلك إلى أن تتباعد الشمس منه دون عشر درجات فإذا صارت هذه الكواكب الثلاثة
5
إلى تمام هذه الدرجات فقد جازت الاحتراق وانتقلت إلى الحال الثالثة ويقال لها تحت الشعاع
6
فقط ومن هناك تبتدئ في النهوض للتشريق وتصلح لأنّها تعطي سنيها الكبرى والدستورية
7
فلا تزال على حالها إلى أن يصير بين زحل والمشتري وبين الشمس خمس عشرة درجة
8
وبين المرّيخ وبينها ثماني عشرة درجة فإذا بلغت تمام هذه الدرجات فقد تمّت حالاتها الثلاثة|VII.2.4b|
9
ومن بعد ذلك تسمّى مشرّقة قوية التشريق ومن وقت مفارقتها الشمس إلى أن يصير لها هذه
10
الدرجات في هذه الحالات الثلاث يقال لها بالفارسية كنارروزية وهذه الكواكب الثلاثة
11
وإن كنّا نسمّيها في هذا الوقت مشرّقة فلسنا نعني بذلك أنّها ترى في المشرق لأنّ بعضها ربّما
12
رئي في بعض الأقاليم قبل أن يتباعد من الشمس مقدار هذه الدرج وبعضها ربّما رئي في
13
هذا الوقت وبعضها ربّما رئي بعد ذلك ولكنّا إنّما نعني بتشريقها أنّها قد فارقت قوّة جرم
14
الشمس فإذا صارت إلى الدرج التي ذكرنا تنتقل إلى الحال الرابعة ويقال له نفس التشريق
15
القوي والظهور والرؤية|VII.2.4c| فلا تزال على حالها تلك إلى أن يكون بينها وبين الشمس ستّين
16
درجة وهو قدر درج التسديس وإلى الوقت الذي يكون بينهما مقدار هذه الدرج أقوى ما
17
تكون في التشريق والدستورية والتيامن من الشمس فإذا جازت هذه الدرج تنتقل إلى الحال
728
1
الخامسة وتسمّى ضعيفة التشريق ويضعف تيامنها للشمس ودستوريتها ولا تزال كذلك إلى
2
أن يصير بينها وبين الشمس تسعون درجة قدر درج التربيع ثمّ لا يقال لها بعد ذلك مشرّقة
3
لأنّ الشمس إذا طلعت وبينها وبين هذه الكواكب أكثر من قدر هذه الدرج زالت إلى الربع
4
المغربي
5
|VII.2.5a| وإذا جازت هذه الدرج انتقلت إلى الحال السادسة ويقال لها بعد التشريق إلى أن تقيم فما
6
دامت في المقام الأوّل فهي في الحال السابعة فإذا رجعت فهي في الحال الثامنة إلى الاستقبال
7
فإذا قابلت الشمس فهي في الحال التاسعة ويسمّى أهل فارس الكواكب الثلاثة العلوية إذا
8
كنّ في مقابلة الشمس كنارشبي المقابلة ثمّ بعد ذلك ما دام راجعا فهو في الحال العاشرة فإذا
9
أقام للاستقامة فهو في الحال الحادية عشرة فإذا استقام فهو في الحال الثانية عشرة إلى أن
10
يكون بينه وبينها تسعون درجة فإذا صار منها على قدر هذه الدرج انتقل إلى الحال الثالثة عشرة
11
ويسمّى مائلا إلى التغريب لأنّه عند غيبوبة الشمس يزول عن وسط السماء ئلى [*]ئلى corrupt for إلى ناحية المغرب
12
فلا يزال على حاله إلى أن يكون بينه وبينها ستّون درجة|VII.2.5b| ثمّ بعد ذلك ينتقل إلى الحال الرابعة
13
عشرة ويسمّى مغرّ با فلا يزال كذلك إلى أن يكون بين زحل والمشتري وبينها في المغرب اثنتان
14
وعشرون درجة وبين المرّيخ وبينها ثماني عشرة درجة فإذا صار لها هذه الدرج انتقلت إلى الحال
15
الخامسة عشرة ويقال إنّها في درج الغروب إلى أن يصير بين الشمس وبينها خمس عشرة درجة
16
فإذا صارت إلى هذه الدرج انتقلت إلى الحال السادسة عشرة وتسمّى تحت الشعاع ولا تصلح
17
لأنّ تعطي سنيها الكبرى وتسمّى بالفارسية من هذه الحال إلى مقارنتها الشمس كنارشبي
18
التغريب فلا تزال يقال لها تحت الشعاع فقط إلى أن يكون بين زحل والمشتري وبينها ستّ
730
1
درجات وبين المرّيخ وبينها عشر درجات فهناك تنتقل إلى الحال السابعة عشرة وتسمّى تحت
2
الشعاع محترقة فلا تزال على حالها إلى أن تصير إلى الحدّ الذي يقال لها صميمة
3
|VII.2.6a| وأمّا الزهرة وعطارد فإنّ لهما من الشمس ستّ عشرة حالا فالأولى أن يكونا مع الشمس
4
ويكون بينهما من الدقائق في الناحية التي يكونان فيها قدر ما يسمّيان صميمين فإذا جازا تلك
5
الدقائق إلى المشرق انتقلا إلى الحال الثانية ويسمّيان محترقين إلى أن يصير بينهما وبين الشمس
6
دون سبع درجات فأمّا الزهرة خاصّة فإنّها ربّما رئيت في المشرق أو في المغرب وهي مع
7
الشمس في دقيقة واحدة وإنّما يكون كذلك إذا كانت في غاية عرضها وذلك لأنّ أكثر
8
عرضها ثماني درجات وستّ وخمسين دقيقة على ما زعم بطلميوس فإذا كانت الزهرة على هذه
9
الحال من كثرة العرض والرؤية فإنّها لا تسمّى محترقة بل تسمّى ظاهرة حتّى يكون عرضها
10
دون سبع درجات وتقرب من الشمس بالعرض قربا لا ترى فتسمّى حينئذ محترقة
11
فإذا تباعدا عنها تمام الدرجات السبع في الطول فقد جازا الاحتراق ويقال لهما تحت الشعاع
12
وصارا إلى أوّل نهوضهما للتشريق وصلحا أن يعطيا السنين الكبرى والدستورية إلى
13
أن يكون بينهما وبين الشمس دون اثنتي عشرة درجة|VII.2.6b| فإذا تمّت لهما هذه الدرجات انتقلا
14
إلى الحال الرابعة وهي حال التشريق القوي فلا يزالا على حالهما إلى أن يقيما فإذا أقاما فهما
15
في الحال الخامسة فإذا استقاما في المشرق فهما في الحال السادسة إلى أن يسرعا ويقاربا من
16
الشمس فإذا كان بينهما وبينها في المشرق اثنتا عشرة درجة انتقلا إلى الحال السابعة ويقال
17
لهما تحت الشعاع فقط إلى أن يكون بينهما وبينها ستّ درجات ثمّ هناك ينتقلان إلى الحال
18
الثامنة ويسمّيان تحت الشعاع محترقين إلى أن يصيرا صميمين|VII.2.6c| فإذا صمّما الشمس انتقلا
19
إلى الحال التاسعة فإذا جازا تلك الدقائق المعلومة إلى المغرب انتقلا إلى الحال العاشرة ويقال
732
1
لهما في تلك الحال محترقين إلى أن يصير بينهما وبين الشمس في المغرب سبع درجات ثمّ عند
2
ذلك ينتقلان إلى الحال الحادية عشرة ويقال لهما تحت الشعاع إلى أن يصير بينهما وبينها خمس
3
عشرة درجة فإذا جازا هذه الدرج انتقلا إلى الحال الثانية عشرة ما داما مستقيمين في المغرب
4
فإذا أقاما صارا في الحال الثالثة عشرة فإذا رجعا صارا في الحال الرابعة عشرة إلى أن يقربا
5
من الشمس ويكون بينهما وبينها خمس عشرة درجة ثمّ هناك ينتقلان إلى الحال الخامسة عشرة
6
ويقال لهما تحت الشعاع إلى أن يصير بينهما وبينها سبع درجات|VII.2.6d| ثمّ هناك ينتقلان إلى الحال
7
السادسة عشرة ويقال لهما محترقين إلى أن يصيرا إلى الحال الأولى من الصميمة وهذان الكوكبان
8
من بعد ما يفارقان الشمس وهما مشرّقان راجعان يقال لهما كنارروزية التشريق والرجوع إلى
9
أن يتباعدا منها اثنتي عشرة درجة فإذا استقاما وقربا من الشمس من هذه الجهة وهما أسرع
10
سيرا منها وصار بينهما وبينها اثنتا عشرة درجة فما دون ذلك إلى أن يقارناها وهما مستقيمان
11
يقال لهما كنارروزية التشريق والاستقامة|VII.2.6e| وإذا جازا الشمس إلى المغرب وهما مستقيمان
12
يقال لهما كنارشبية التغريب والاستقامة إلى أن يصير بينهما وبينها خمس عشرة درجة فإذا أقاما
13
ورجعا في المغرب ولحقتهما الشمس وكان بينهما وبينها خمس عشرة درجة فما دون ذلك إلى
14
أن يقارناها يقال لهما كنارشبية التغريب والرجوع
15
|VII.2.7a| وأمّا القمر فإنّ له من الشمس ستّ عشرة حالا فأمّا الأولى فهو إذا كان معها متقدّما لها أو
16
متأخّرا عنها بمقدار تلك الدقائق التي ذكرنا أنّ الكوكب إذا كان بينه وبينها مثلها يقال له صميمي
734
1
فإذا جازها إلى المغرب انتقل إلى الحال الثانية ويقال له محترق فيكون على حاله إلى أن يصير
2
بينه وبينها ستّ درجات لأنّه أقرب ما يكون من الشمس حين يرى في خطّ الاستواء في أطول
3
البروج مطالعا هناك إذا كان بينه وبينها تمام هذه الدرجات ولا يرى عندهم فيما دون هذه
4
الدرج|VII.2.7b| فإذا جاز هذه الدرج انتقل إلى الحال الثالثة ويقال له تحت الشعاع حتّى يتباعد منها في
5
المغرب اثنتي عشرة درجة فإذا جاز هذه الدرج انتقل إلى الحال الرابعة ويكون على حاله إلى أن
6
يتباعد منها خمسا وأربعين درجة وهو حيث يصير في جرمه ربع الضوء فإذا جاز هذه الدرج انتقل
7
إلى الحال الخامسة إلى أن يصير بينه وبينها تسعون درجة فإذا جاز هذه الدرج انتقل إلى الحال
8
السادسة إلى أن يصير بينه وبينها مائة وخمس وثلاثون درجة وهو حيث يكون في جرمه ثلاثة
9
أرباع الضوء فإذا جاز هذه الدرج انتقل إلى الحال السابعة إلى أن يكون دون الاستقبال باثنتي
10
عشرة درجة فإذا كان بينه وبين استقبالها هذه الدرج انتقل إلى الحال الثامنة إلى أن يقابلها|VII.2.7c| فإذا
11
قابلها انتقل إلى الحال التاسعة فإذا جاز استقبالها انتقل إلى الحال العاشرة فيكون على حاله إلى
12
أن يتباعد من استقبالها اثنتي عشرة درجة فإذا جازها انتقل إلى الحال الحادية عشرة فيكون
13
على حاله إلى أن ينقص من جرمه ربع الضوء وهو حيث يبعد عن استقبالها خمسا وأربعين
14
درجة فإذا جازها انتقل إلى الحال الثانية عشرة حتّى يتباعد من استقبالها تسعين درجة ويبقى
15
في جرمه نصف الضوء فإذا جازها انتقل إلى الحال الثالثة عشرة إلى أن يكون بينه وبينها خمس
16
وأربعون درجة ويبقى في جرمه ربع الضوء|VII.2.7d| فإذا جازها انتقل إلى الحال الرابعة عشرة فلا يزال
17
على حاله إلى أن يكون بينه وبينها في المشرق اثنتا عشرة درجة فإذا كان منها على مثل هذه الدرج
18
انتقل إلى الحال الخامسة عشرة وصار تحت الشعاع فلا يزال على حاله إلى أن يكون بينه وبينها
736
1
ستّ درجات فإذا كان بينهما هذه الدرج انتقل إلى الحال السادسة عشرة ويقال له محترق
2
فلا يزال على حاله إلى أن يكون بينه وبينها قدر تلك الدقائق التي يقال لها صميمي ولكلّ واحد
3
من هذه الحالات دلالات على أشياء سنذكرها في كتابنا هذا في المواضع التي يحتاج إلى ذكرها
4
فيها
738
1
|VII.3.1|
الفصل الثالث في حالات الكواكب من أرباع الفلك وبيوتها ومقدار قوّة أجرامها
2
|VII.3.2| إنّ للكواكب من أرباع الفلك ومن البيوت الاثني عشر أربع حالات الأولى أن يكون في
3
أرباع الفلك المقبلة والزائلة والثانية أن يكون في بعض بيوت الفلك التي هي الأوتاد والثالثة أن
4
يكون في البيت الذي يلي الوتد والرابعة أن يكون في البيوت الزائلة وكلّ كوكب إذا كان في
5
موضع من البروج فإنّ لجرمه قوّة عدد درج معلومة متقدّمة له ومتأخّرة عنه فقوّة جرم الشمس
6
خمس عشرة درجة أمامها ومثلها خلفها وقوّة جرم القمر اثنتا عشرة درجة أمامه ومثلها خلفه وقوّة
7
جرم زحل والمشتري كلّ واحد منهما تسع درجات أمامه ومثلها خلفه وقوّة جرم المرّيخ ثماني
8
درجات أمامه ومثلها خلفه وقوّة جرم الزهرة وعطارد كلّ واحد منهما سبع درجات أمامه
9
ومثلها خلفه
740
1
|VII.4.1|
الفصل الرابع في مقارنة الكواكب بعضها بعضا وممازجة كيفياتها وأيّها أقوى وأضعف
2
|VII.4.2a| إنّ كلّ كوكب من الكواكب السبعة له مقارنة مع غيره في بعض الأوقات وله نظر إلى
3
بروج معلومة بعيدة منه فأمّا مقارنتها فإنّما يكون بعضها مع بعض في برجها الذي هي فيه
4
وربّما قارنت أيضا بعض الكواكب الثابتة أو بعض السحابيات أو رأس أو ذنب جوزهر نفسه
5
أو رأس أو ذنب جوزهر غيره أو تقارن شعاع بعض الكواكب أو بعض السهام أو الاثني
6
عشريات وإنّما يقال للكوكب إنّه مقارن لبعض ما ذكرنا إذا كانا في برج واحد وأقوى لدلالة
7
مقارنتهما إذا كان بين أحدهما وبين الآخر خمس عشرة درجة فما دونها أمامها أو خلفها|VII.4.2b|
8
ولأجرام الكواكب السبعة مقدار من القوّة في مكانها قد ذكرناها في الفصل الذي قبل هذا فإذا
9
كان عند مقارنة الكوكبين بين أحدهما وبين الآخر من الدرج مقدار نصف جرم كلّ واحد
10
منهما أو أقلّ من ذلك متقدّما له أو متأخّرا عنه كان أظهر لدلالة مقارنة بعضها لبعض وإن
11
كان أحدهما في درج قوّة جرم الآخر والآخر غير مخالط لدرج قوّة جرم ذلك الكوكب المقارن
12
له كان أضعف لدلالتهما
13
|VII.4.3a| وذلك كزحل والقمر إذا كانا في برج واحد وكان بعد ما بينهما دون اثنتي عشرة درجة أمامها
14
أو خلفها كان زحل في قوّة جرم القمر والقمر لا يكون في قوّة جرم زحل حتّى يكون بينهما دون
15
تسع درجات بشيء فإذا كان كلّ واحد منهما في قوّة جرم صاحبه قو يت دلالة مقارنتهما وإذا
16
كانا مع ذلك في حدّ واحد كانا أقوى في الدلالة وكلّما تقارب أحدهما من صاحبه كانا أزيد
17
قوّة في دلالة ما يدلّان عليه فإذا التقيا بجرميهما صارا في نهاية دلالتهما على الخير أو الشرّ|VII.4.3b| فإذا
18
فارق أحدهما صاحبه ضعفت دلالتهما وكلّما تباعدا كانا كذلك في ضعف الدلالة إلى أن يخرج
19
أحدهما من البرج الذي فيه الآخر وإذا كان بينهما مقدار نصف جرم كلّ واحد منهما وأحدهما
742
1
ذاهب إلى الآخر فهو أقوى لدلالتهما منه إذا كان بينهما ذلك القدر من الدرج وأحدهما قد
2
فارق الآخر وإذا كانا الكوكبان في برجين مختلفين وكان كلّ واحد منهما في قوّة جرم الآخر
3
بعدد الدرج فإنّه لا يقال لهما مقترنان لاختلاف برجيهما بل يقال إنّ أحدهما في قوّة جرم الآخر
4
ولمخالطة قوّة جرميهما يكون لهما الدلالة على الشيء القليل ممّا يدلّان عليه عند المقارنة
5
|VII.4.4| فأمّا الكواكب الثابتة فإنّ الأوائل لم تجعل لها مقدار أجرام فإذا قارن بعض الكواكب
6
السبعة كوكبا من الكواكب الثابتة وكان بينهما مقدار نصف جرم ذلك الكوكب الذي هو من
7
السبعة أو أقلّ فالكوكب الثابت في قوّة جرمه وعلى هذا النحو يكون حالها في قوّة أجرامها إذا
8
قارنت بعض السحابيات أو رؤوس الجوزهرات أو أذنابها أو سائر ما ذكرنا
9
|VII.4.5| وقد ظنّ قوم أنّ الكوكبين إذا اقترنا إنّهما يجتمعان بجرميهما في موضع واحد من الفلك
10
وليس ذلك كذلك وإنّما معنى اقترانهما مسامتة أحدهما الآخر لأنّ أحدهما أعلى من صاحبه
11
وفلكه خلاف فلك الآخر فيسامت أحدهما صاحبه فيحاذيان موضعا واحدا من فلك البروج
12
ويتحرّكان على سمت واحد فيراهما الناظر إليهما مقترنين لبعدهما من الأرض وبين أحدهما وصاحبه
13
بعد كثير في العلوّ فلهذه العلّة قلنا إنّ معنى الاقتران إنّما هو المسامتة
14
|VII.4.6| وقد زعم قوم أنّ الكوكبين إذا اقترنا إنّه يبطل دلالتهما الطبيعية التي يدلّ عليها كلّ واحد
15
منهما على الانفراد وتحدث من اقترانهما الدلالة على شيء آخر خلاف طبيعتيهما واحتجّوا
16
على ذلك بأن قالوا إنّ كلّ شيئين من الأشياء الموجودة عندنا إذا اجتمعا وتمازجا فإنّه يحدث
744
1
من امتزاجهما شيء ثالث غيرهما ويفعلان بطبيعتهما عند الامتزاج لا عند الانفراد وذلك كالماء
2
والخمر فإنّهما عند اجتماعهما وممازجتهما تفسد طبيعتهما وذاتهما ويحدث شيء ثالث ممتزج
3
منهما خلافهما بالذات والطبيعة وأشياء كثيرة موجودة على هذه الحال
4
|VII.4.7a| فقلنا إنّ الشيئين وإن تمازجا وأفسد أحدهما ذات الآخر عند الامتزاج فإنّه يوجد فيهما كيفية
5
كلّ واحد منهما عند امتزاجهما على نحو ما يوجد ذلك فيهما على الانفراد وذلك لأنّ الماء والخمر
6
الممتزجين إذا شربهما إنسان فإنّه يسكره الخمر بطبيعته الحارّة وبخاصّيته والماء الممازج له يرطّب
7
البدن وقد يوجد مثل ذلك في العقاقير المختلطة بعضها ببعض أيضا كالترياق فإنّه يحلّ القولنج لما
8
فيه من الأدوية الحارّة المحلّلة ويمسك الاختلاف لما فيه من الأدوية المخدّرة الممسكة وقلنا أيضا
9
إنّ ممازجة الأجسام بعضها بعضا إنّما يكون لهذه الأجسام السفلية السيّالة لأنّهما إذا اجتمعا
10
وتمازجا أفسد أحدهما الآخر فبطل ذات كلّ واحد منهما وحدث منهما شيء ثالث غيرهما|VII.4.7b|
11
فأمّا الأجرام العلوية فإنّها خلاف ذلك لأنّهما إذا اقترنا لا يتمازجان بذاتهما ولا يفسد أحدهما
12
الآخربل هما في أجرامهما وطبيعتهما على حالهما وإنّما تتمازج كيفياتهما عند محاذاة أحدهما
13
الآخر وتحرّكهما على سمت واحد فلبقائهما بطبائعهما على حالهما يظهر دلالة كلّ واحد منهما
14
عند المقارنة كما يظهر عند الانفراد ولممازجة كيفياتهما وتحرّكهما على سمتنا يحدث لهما شيء
15
ثالث من الدلالة|VII.4.7c| وعلى قدر قرب أحدهما من الآخر أو بعده عنه ومكانهما من طبيعة برجهما
16
وحالهما من بيوت الفلك ونظر الكواكب إليهما يحدث في كلّ وقت من دلالة مقارنتهما في
17
هذا العالم أشياء كثيرة مختلفة خلاف ما يحدث في الوقت الآخر وكلّما كانت الكواكب التي
746
1
تتقارن أكثر عددا كان ما ينفعل عنها من الأشياء أكثر وقد بيّنت الأوائل دلالات مقارنة
2
الكواكب بعضها لبعض في كتبهم
3
|VII.4.8a| وللكواكب عند مقارنة بعضها لبعض حالان أحدهما ممازجة كيفيات بعضها لبعض والثاني
4
قوّة بعضها على بعض فأمّا ممازجتها بكيفياتها فإنّها تكون بما ينسب إلى طبائعها من الحرارة
5
والبرودة واليبوسة والرطوبة وإنّما تعرف هذه بخمسة أشياء أوّلها بخاصّية طبائعها والثاني
6
بصعودها أو هبوطها في فلك الأوج والثالث بمكانها من طبيعة برجها والرابع بحالها من الشمس
7
والخامس بحالها من أرباع الفلك وقد ذكرنا ذلك في القول الرابع من كتابنا هذا وفي غيره من
8
المواضع|VII.4.8b| وأمّا قوّتها عند المقارنة فإنّما يكون بحالات كلّ واحد منهما من فلك الأوج والفلك
9
المائل عند صعوده أو هبوطه فيهما لأنّ الأقرب منهما إلى ذروة فلك أوجه هو الأقوى على
10
الأبعد منه من الذروة والشمالي الصاعد الكثير العرض أقوى من الشمالي الصاعد الذي هو
11
أقلّ عرضا منه والشمالي الصاعد أقوى من الشمالي الهابط والشمالي أقوى من الجنوبي والجنوبي
12
الصاعد أقوى من الجنوبي الهابط والجنوبي الأقلّ عرضا أقوى من الجنوبي الأكثر عرضا|VII.4.8c|
13
وهذه القوّة والضعف إنّما هي للكواكب السبعة بعضها على بعض فأمّا إذا قارن أحدهما بعض
14
الكواكب الثابتة أو بعض السحابيات أو السهام أو سائر ما ذكرنا قبل فإنّما ينظر إلى حال ذلك
15
الكوكب الذي من السبعة في نفسه وقوّته أو ضعفه وما يدلّ عليه بمقارنته لذلك الشيء لأنّ
16
الكواكب الثابتة والسهام وسائر ما ذكرنا ليس لها فلك أوج ولا فلك مائل
748
1
|VII.4.9a| وقد ذكرت الأوائل أنّ زحل والمرّيخ إذا اقترنا دلّا على السعادة لأنّ كلّ واحد منهما يعدل
2
طبيعة صاحبه وقولهم هذا صواب إلّا أنّه يحتاج إلى بيان وذلك لأنّ لكلّ واحد منهما طبيعتين
3
فأمّا أحد الطبيعتين فهي لازمة له وأمّا الطبيعة الأخرى فربّما انتقل منها إلى خلافها فطبيعة
4
زحل باردة يابسة وربّما انتقل من اليبس فصار باردا رطبا وطبيعة المرّيخ حارّة يابسة وربّما انتقل
5
من اليبس فصار حارّا رطبا|VII.4.9b| وقد ذكرنا في القول الرابع من كتابنا هذا متى يقوى أو يضعف
6
طبيعة كلّ واحد منهما ومتى ينتقلان من طبيعة إلى طبيعة وإنّ ذلك يكون من حالهما
7
من فلك أوجهما ومن مواضعهما من البروج ومن أفقهما من الشمس ومن موضعهما من أرباع
8
الفلك فإذا كان اقترانهما في البروج النارية وهي الحمل ومثلّثاته فإنّه يقوّي حرارة المرّيخ وينقص
9
رطو بته وينقص أيضا برد زحل ورطو بته ويزيد في يبسه فأمّا اقترانهما في البروج الأرضية وهي
10
الثور ومثلّثاته فإنّه يقوّي يبس المرّيخ وينقص رطو بته ويقوّي برد زحل ويبسه فأمّا اجتماعهما في
11
البروج الهوائية وهي الجوزاء ومثلّثاتها فإنّه يقوّي اعتدالهما وممازجتهما ورطو بتهما وأمّا اقترانهما
12
في البروج المائية وهي السرطان ومثلّثاته فإنّه ينقص حرارة المرّيخ ويبسه ويغيّره إلى الرطوبة ويزيد
13
في برد زحل ورطو بته|VII.4.9c| وكذلك حالتهما من الشمس فإنّه يقوّي أو يضعف طبيعتهما لأنّه من
14
وقت مفارقة الشمس إ يّاهما إلى مقامهما الأوّل تتغيّر طبيعتهما إلى الرطوبة كما يتغيّران إذا كانا
15
في الجوزاء ومثلّثاتها ومن مقامهما الأوّل إلى استقبالهما الشمس تتغيّر طبيعتهما إلى الحرارة
16
كما يتغيّران إذا كانا في الحمل ومثلّثاته ومن بعد استقبالهما لها إلى المقام الثاني تتغيّر طبيعتهما
17
إلى اليبس كما يتغيّران إذا كانا في الثور ومثلّثاته ومن بعد المقام الثاني إلى اجتماعهما معها
18
تتغيّر طبيعتهما إلى البرد كما يتغيّران إذا كانا في السرطان ومثلّثاته
750
1
|VII.4.10a| وقد يتغيّر أيضا أحد طبيعتهما من حال إلى حال على قدر طبيعة برجهما وحالهما من أرباع
2
الفلك بسائر الأنواع التي ذكرنا آنفا فتفقّد ذلك منهما عند اقترانهما لأنّهما إذا اقترنا وتمازجا
3
بكيفيتين واعتدلت قوّتهما دلّا على نهاية دلالتهما على السعادة وإذا كان عند اقترانهما يتمازجان
4
بكيفية واحدة تنقص دلالة سعادتهما على القدر الأوّل|VII.4.10b| فأمّا ممازجتهما بكيفيتين فهي على
5
ثلاث جهات الأولى أن يكون المرّيخ حارّا رطبا وزحل باردا يابسا والثانية أن يكون المرّيخ حارّا
6
يابسا وزحل باردا رطبا والثالثة أن يكون المرّيخ حارّا رطبا وزحل باردا رطبا فإذا كانا على
7
واحدة من هذه الحالات الثلاثة فإنّهما يتمازجان بكيفيتين ويدلّان على الموافقة والخير والسعادة
8
لأنّهما إذا صارا رطبين نقصت تلك الرطوبة من حرارة المرّيخ وبرد زحل ويصيران في طبيعة
9
الاعتدال ويدلّان على السعادة وعلى هذا النحو تكون ممازجة كيفية النوعين الآخرين|VII.4.10c| فأمّا
10
ممازجتهما بكيفية واحدة فهو أن يكون المرّيخ حارّا يابسا وزحل باردا يابسا فإذا تقارنا على هذه
11
الحال كانت ممازجتهما بكيفية واحدة وكانا أقلّ اعتدالا وممازجة لأنّهما إذا صارا يابسين زاد
12
ذلك اليبس في حرارة المرّيخ وقوي برد زحل ونقص اعتدالهما ودلّا على الخير القليل وكلّ
13
شيء يدلّ عليه زحل والمرّيخ باجتماعهما من السعادة والخير في ابتداء الأعمال والحوائج والمواليد
14
وتحاو يل السنين فإنّه بطبيعتهما النحسة يدلّان على أنّه يكون في تعب ونصب ومشقّة ويشو بان
15
ذلك بالأذى والمكروه ويحملان النفس والبدن على الأهوال المحرقة فإن أعانتهما السعود في
752
1
وقت الدلالة تخلص منهما بعد ذلك وإلّا كان عطبه فيه ومع معرفة امتزاج كيفياتهما عند
2
اقترانهما ينبغي أن يعرف الأقوى منهما من الجهة التي ذكرنا لأنّ طبيعته وفعله يكون أقوى
3
وأظهر
4
|VII.4.11| فأمّا الشمس فإنّ لها عند مقارنتها للكواكب حالا خلاف حال مقارنة الكواكب
5
بعضها بعضا لأنّها كلّها إذا صارت تحت شعاعها أحرقتها وضعفت قواها وأشدّ الكواكب ضررا
6
بالاحتراق القمر والزهرة لأنّهما باردان رطبان فإذا دخلا الاحتراق حلّلتهما الشمس بحرارتها
7
ويبّست رطو بتهما وأضرّت بهما على قدر معاداة جوهر الشمس لجوهرهما فأمّا زحل
8
والمشتري فإنّ الاحتراق لهما أقلّ ضررا لأنّهما يوافقان الشمس في بعض طبعهما أمّا المشتري
9
فيوافقها بالحرارة وأمّا زحل فباليبس وضرر بهرام وعطارد إذا كانا مستقيمين بالاحتراق
10
دون ضررها كلّها لأنّهما من جوهر الشمس والجوه